لبنان
إطلالة للسيد نصر الله اليوم في ذكرى القادة الشهداء.. ومجزرة النبطية ترفع مستوى المواجهة
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على الجبهة الجنوبية حيث أعلن الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية، بعد مجازر استهداف المدنيين في النبطية وعدشيت والصوانة، أنّ قوات المقاومة استهدفت مستعمرة "كريات شمونة" بعشرات الصواريخ، وكان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قد أكد "لن نترك عدوانًا على مدنيين إلَّا وسنردّ عليه بالطرق المناسبة، وسنعلن ذلك وسنُعرِّف أننا رددنا من أجل المدنيين، حتّى ولو كانت قواعدنا الآن التي نعمل عليها باختيارنا وبقرارنا أن تكون المواجهة محدودة في دائرة الجنوب بما يؤدي إلى فائدة غزَّة من دون استخدام كلّ القوّة التي لدينا لندخرها إلى الوقت المناسب".
وشدّد على أنه "إذا جاء هذا الوقت المناسب بغير إرادتنا، وفي أي وقت من الأوقات سنكون جاهزين تمامًا لكل مواجهة مهما كانت كبيرة، وسنلقِّن الإسرائيلي دروسًا لن ينساها أبدًا"، بينما ينتظر أن يرسم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته اليوم في ذكرى القادة الشهداء معادلات المعركة الإقليمية الدائرة بأبعادها السياسية والعسكرية.
"الأخبار"| العدوّ يوسّع استهدافاته: لا مصلحة لنا بالحرب
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أنّ "التصعيد الإسرائيلي سيطر على المشهد الجنوبي خلال اليومين الأخيرين، مع توسيع العدوّ مروحة استهدافاته وتسجيل مزيد من الشهداء في صفوف المدنيين، كما حصل في النبطية والصوانة وغيرهما. وفي ما ربط العدوّ تصعيده بالضربة القاسية التي تلقّاها في صفد، حيث سقط له قتيل و8 إصابات بصواريخ استهدفت منطقة قاعدة القيادة الشمالية، ولم يعلن حزب الله مسؤوليته عنها، لم تغب الاعتبارات المتعلّقة بالعدوان المرتقب على رفح عن حسابات العدوّ، وخصوصًا لناحية إرساله رسائل بالدم والنار للمقاومة في لبنان لثنيها عن أيّ تصعيد مرتبط بالعملية المرتقبة في رفح. في ما أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن "إسرائيل ليس لها مصلحة في الحرب مع لبنان، لكن عليها أن تستعد".
في هذا السياق، أشارت صحيفة "هآرتس" إلى أن "وحدة ساحتَي غزّة ولبنان تمتد من المجال العسكري إلى المجال الديبلوماسي أيضًا"، في إشارة إلى الرسائل الديبلوماسية التي تصل إلى لبنان في إطار الضغط على المقاومة لتحييدها عمّا تحضّره "إسرائيل" لرفح. في ما عبّرت صحيفة "إسرائيل اليوم" عن التشاؤم الذي يسود في "إسرائيل" إزاء إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن لبنان قبل انتهاء الحرب في غزّة. بدورها، لفتت صحيفة "معاريف" إلى أن خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الثلاثاء، "أكد مجددًا تمسك حزب الله بالسياسة القائلة بأنه طالما أن "إسرائيل" تعمل ضدّ حماس في قطاع غزّة، فإن حزب الله سيعمل ضدّ "إسرائيل" على الحدود الشمالية، بغضّ النظر عن طبيعة النشاط الإسرائيلي ضدّ لبنان".
وفي سياق المواءمة بين الضغوط الديبلوماسية والتصعيد العسكري، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت "سنصعّد ضدّ حزب الله بمستوى عُشر ما نستطيع. طائرات سلاح الجو التي تحلّق الآن في سماء لبنان تحمل قنابل ثقيلة لأهداف بعيدة". لكن ردّ حزب الله أتى سريعًا على لسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، الذي قال في احتفال تأبيني أمس، إن "هذه المواجهة المسانِدة لا يمكن أن تتوقف إذا لم تتوقف الحرب بشكل كامل على غزَّة".
وأضاف: "ليكن واضحًا أن لدينا لاءات ثلاثًا: لا تراجع عن مساندة غزّة ما دام العدوان قائمًا مهما كان الثمن، ولا نخضع للتهديدات وللتهويلات الإسرائيلية أو الغربية لأنَّنا نعتبر أنَّ الدفاع واجب، وبغيره لا استقرار ولا وجود لنا في هذه المنطقة، ولا نقاش لدينا حول مستقبل الجنوب اللبناني على ضفتَيه من جهة فلسطين ومن جهة لبنان إلَّا بعد وقف العدوان الكامل على غزّة، وعندها تجري النقاشات. أما النقاشات التي تجري الآن، فهي نوع من إضاعة الوقت ولسنا معنيّين بها لا من قريب ولا من بعيد".
وكان المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي قد تحدّث عن تعرّض قاعدة القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي لقصف صاروخي. وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى 8 عمليات إطلاق صواريخ من لبنان تجاه صفد، سقطت في منطقة قاعدة القيادة الشمالية، وقد أصاب صاروخ أحد المباني فيها بشكل مباشر. وأعلن جيش العدوّ مقتل جنديّة من الكتيبة 869 التابعة لفرقة الجليل 91، وإصابة 8 جنود بجروح خطيرة ومتوسطة. وتحدث رئيس بلدية صفد عن أضرار جسيمة لحقت بقواعد الجيش الإسرائيلي، وقال: "هناك أصول استراتيجية حساسة في منطقتنا يعرفها حزب الله، ويحاول في كلّ مرة الإضرار بها".
في غضون ذلك، واصل حزب الله ضرب مواقع وثكنات العدوّ وتجهيزاته التجسسية على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، فاستهدف أمس التجهيزات التجسسية في مواقع رويسات العلم (مزارع شبعا) والراهب والمرج والناقورة البحري. كما استهدف موقع السماقة وثكنة زبدين (مزارع شبعا). وفي ردّ أوّلي على مجزرتَي النبطية والصوانة، هاجم الحزب مستعمرة "كريات شمونة" بعشرات صواريخ الكاتيوشا. وقد تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن سماع دويّ عدة انفجارات في المستوطنة وسقوط صواريخ في وسطها، وتوجّه فرق الإسعاف إلى المكان. وقالت إنه تم إطلاق صاروخين مضادّين للدبابات على "كريات شمونة" دون إنذار، تلاه وابل من 9 صواريخ، وأعقبه قصف آخر من 3 صواريخ.
وتزامنًا مع عمليات المقاومة، قال مجلس الجليل الأعلى الاستيطاني إنه بناءً على تقييم الجيش الإسرائيلي للوضع، تم إغلاق طرق عدة أمام حركة المرور حتّى إشعار آخر. كما تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن منع الحركة داخل المستوطنات وإغلاق أبوابها في منطقة الجليل الغربي عند الحافة الحدودية مع لبنان بعد تقييم الوضع الأمني.
وتعليقًا على التطورات الميدانية في جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة، قال الناطق الرسمي باسم "اليونيفيل" أندريا تيننتي "شهدنا خلال الأيام القليلة الماضية تحوّلًا مثيرًا للقلق في تبادل إطلاق النار، بما في ذلك استهداف مناطق بعيدة عن الخط الأزرق". وأضاف أن الهجمات التي تستهدف المدنيين "تُعتبر انتهاكات للقانون الدولي وجرائم حرب". وناشد "جميع الأطراف المعنيّة وقف الأعمال العدائية على الفور لمنع المزيد من التصعيد"، داعيًا إلى "تكثيف الجهود الديبلوماسية لاستعادة الاستقرار والحفاظ على سلامة المدنيين المقيمين قرب الخط الأزرق".
إلى ذلك، أعلن حزب الله في اليومين الماضيين استشهاد المقاومين: حسن علي نجم (الطيبة)، والجريح إبراهيم علي الدبق (كونين) وإبراهيم حسين المستراح (الطيبة) وعلي محمد الدبس (بلاط)، وحسن إبراهيم عيسى (حومين التحتا)، وحسين أحمد عقيل (الجبين)، وحسين علي نور الدين (خربة سلم)، وناصر أحمد سعد (عيتا الجبل)، وعبد الكريم محمد علي سمحات (عيناثا) وعباس علي مهدي (العيشية).
"البناء": الشيخ قاسم يعد بالردّ وقصف "كريات شمونة" بعشرات الصواريخ… وكلمة للسيد نصر الله اليوم
من جهتها قالت صحيفة "البناء": "على صفيح ساخن تتأرجح المنطقة، حيث فرضيات التفاوض على الطاولة للتوصل إلى تهدئة تفتح باب إنهاء الحرب، ومقابلها مخاطر التصعيد تلوح في الأفق من جبهات غزّة ومخاطر استهداف رفح والنازحين إليها. وبالتوازي التصعيد على جبهة لبنان ومخاطر اشتعالها، في ما جبهة اليمن تواصل استهداف السفن المشمولة بقرار المنع.
وتابعت "على الجبهة اللبنانيّة بعد مجازر استهداف المدنيين في النبطية وعدشيت والصوانة، أعلن الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية أن قوات المقاومة استهدفت مستعمرة "كريات شمونة" بعشرات الصواريخ، وكان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قد أكد أننا "لن نترك عدوانًا على مدنيين إلَّا وسنردّ عليه بالطرق المناسبة، وسنعلن ذلك وسنُعرِّف أننا ردينا من أجل المدنيين، حتّى ولو كانت قواعدنا الآن التي نعمل عليها باختيارنا وبقرارنا أن تكون المواجهة محدودة في دائرة الجنوب بما يؤدي إلى فائدة غزَّة من دون استخدام كلّ القوّة التي لدينا لندخرها إلى الوقت المناسب".
وشدّد على أنه "إذا جاء هذا الوقت المناسب بغير إرادتنا، وفي أي وقت من الأوقات سنكون جاهزين تمامًا لكل مواجهة مهما كانت كبيرة، وسنلقِّن الإسرائيلي دروسًا لن ينساها أبدًا، وسيكون درس 2006 هو درس ابتدائيّ أمام الدروس التي سيراها في المواجهة المقبلة". وختم قاسم بالقول "لا نقاش لدينا حول مستقبل الجنوب اللبناني على ضفتيه من جهة فلسطين ومن جهة لبنان إلَّا بعد أن يتوقف العدوان الكامل على غزّة. عندها تجري النقاشات. وكلّ النقاشات التي تجري الآن وكلّ الاقتراحات التي تُقدَّم هي نوع من إضاعة الوقت أو التسلية أو ما شابه ذلك، لأنَّنا غيرُ معنيّين بها لا من قريب ولا من بعيد"، بينما ينتظر أن يرسم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته اليوم في ذكرى القادة الشهداء معادلات المعركة الإقليمية الدائرة بأبعادها السياسية والعسكرية.
وبينما أعلنت المقاومة العراقيّة أنها هاجمت هدفًا عسكريًا في الجولان المحتل، بالطيران المسيّر، دعمًا لغزّة وشعبها ومقاومتها، أعلن الجيش اليمني استهداف سفينة بريطانية في خليج عدن بصواريخ أرض بحر، في ما أكد قائد حركة أنصار الله في اليمن أن موقف اليمن المتميّز والمؤثر على ثلاثي الشر أسقط أهداف الأميركي وكلّ ثلاثيّ الشر وصنع تحولًا ومعادلات جديدة ومتغيرات مهمّة جدًا، مبينًا أن "ما يجري هو تحوّل استراتيجي ومعادلات جديدة طرأت على الساحة لصالح كلّ أمتنا الإسلامية".
وقدّم السيد الحوثي أرقامًا تشير إلى الخسائر الإسرائيلية الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الواردات الإسرائيلية والصادرات وفق إحصاءات العدوّ للعام 2020 تصل إلى نحو 133 مليار دولار عبر باب المندب وأن عمليات قواتنا المسلحة إلى إغلاق شبه كامل لميناء أم الرشراش باعتراف العدو، محمّلًا أميركا مسؤولية المجازر التي ارتكبها ويرتكبها جيش الاحتلال في غزّة، كاشفًا عن بعض التقارير التي تشير إلى تقديم أميركا 3 آلاف قنبلة تصل وزنها الواحدة إلى 2000 رطل إضافة إلى أنواع أخرى، مضيفًا أن جيش الاحتلال اعترف بإطلاقه أكثر من 90 ألف قذيفة وصاروخ مدفعي على غزّة خلال 50 يومًا.
وشهدت الجبهة الجنوبية تصعيدًا هو الأعنف منذ 8 تشرين الأول الماضي، إذ كثف العدوّ الإسرائيلي غاراته على قرى الجنوب مستهدفًا منازل مأهولة بالسكان في عدشيت والمنصوري وصولًا إلى النبطية ما أدى لسقوط عددٍ من الشهداء، في ما رفع المسؤولون الإسرائيليون وتيرة التهديد بتوسيع الحرب على لبنان، عشية إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. بينما ردّ حزب الله بضربات قاسية على "كريات شمونة" أحدثت أضرارًا كبيرة وهلعًا عارمًا في صفوف المستوطنين.. وهذه تطوّرات دراماتيكية على الجبهة الجنوبية تؤشر إلى الدخول في مرحلة جديدة من المواجهة أكثر قسوة وخطورة قد تنزلق إلى مستويات أعلى بحال طال أمد الحرب في غزّة ولم تتوصل الجهود الدولية والمفاوضات في القاهرة إلى نتائج إيجابية، وفق ما يشير خبراء في الشؤون العسكرية والسياسية لـ"البناء".
وأبلغ وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت، نظيره الأميركي لويد أوستن، أمس، بأن "لا تهاون في الرد على هجمات حزب الله". ونقلت قناة العربية عن غالانت زعمه أن "طائراتنا في سماء بيروت تحمل قنابل ثقيلة وقادرة على ضرب أهداف بعيدة"، مدّعيًا "أن التصعيد الراهن ضدّ حزب الله ليس سوى عُشر ما نستطيع القيام به ويمكننا الهجوم حتّى عمق 50 كلم في بيروت وأي مكان آخر".
وإذ نقلت أوساط نيابية عن دبلوماسيين أوروبيين تخوّفهم من عدوان إسرائيلي واسع على لبنان إذا لم يلتزم حزب الله بسحب قواته 10 كلم إلى شمال الليطاني، علمت "البناء" أن المسؤولين الفرنسيين الذين زاروا لبنان خلال الأسبوعين الماضيين تحدثوا مع المسؤولين في الدولة اللبنانية عن مهلة تنتهي آخر الشهر الحالي للموافقة على المقترح الفرنسي الذي يتضمن انسحاب حزب الله 10 كلم شمالًا وتعزيز قوات اليونفيل والجيش اللبناني على الحدود لتطبيق القرار 1701، وإلا سيوسّع الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية على طول القرى الأماميّة وصولًا إلى الليطاني. كما علمت "البناء" أن لا موعد محدّدًا لزيارة الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين إلى لبنان الذي جمّد زيارته إلى لبنان، بعدما زار "إسرائيل" وغادر مباشرة إلى الولايات المتحدة، وذلك بعدما أحجم لبنان عن إرسال الأجوبة على مقترح هوكشتاين. علمًا أن المقترح الفرنسي وفق المراقبين هو مقترح أميركي – إسرائيلي ويعكس المصلحة الإسرائيلية والتي سبق ونقلها هوكشتاين خلال زيارته لبنان.
ومساء أمس، عممت دوائر السرايا الحكومية معلومات عن أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التقى هوكشتاين (قد يكون التقاه ليلًا) في ميونخ لوضعه في أجواء التصعيد العسكري والتداول في ملفات على صلة بالحدود والجنوب. وأشارت مصادر إعلامية إلى أن "ميقاتي اجتمع مع وزير الخارجية عبد الله بوحبيب في ميونخ التي انتقلا إليها في الساعات الماضية للمشاركة في مؤتمر الأمن السنوي".
من جهته، كشف نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، أن "هوكشتاين ما زال يعمل على ما بدأ به، بشأن الوضع في الجنوب"، موضحًا أنّ أفكار الفرنسيين والأميركيين مختلفة.
وكشف بوصعب في تصريح تلفزيوني "أنّني بُلّغت رسميًا من حزب الله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري أن لا أجوبة على طروحات هوكشتاين قبل وقف إطلاق النار، وأعطيت جوابًا أنه في النهار الذي يحصل فيه التفاهم بين حماس و"إسرائيل" باللحظة نفسها يطبق هذا الأمر بلبنان".
ولفت إلى "أننا في حالة حرب"، مشيرًا إلى أنّ حزب الله لا يزال يلتزم بعسكر مقابل عسكر والإسرائيلي "شطح" لأنّه متوتّر، معتبرًا أنّ الإسرائيلي لن يفكّر بالدخول بريًّا إلى لبنان، وقال: "برأيي أن أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله يتصرّف بمسؤولية تجاه الرأي العام اللبناني الذي لا يريد الحرب".
ميدانيًا، ارتفعت حصيلة الشهداء والجرحى في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت منطقة سكنية في مدينة النبطية إلى 8 شهداء و7 جرحى.. الاستهداف الذي أدى إلى سقوط سبعة شهداء من عائلة برجاوي في حصيلة غير نهائية للمجزرة نفذته مسيرة إسرائيلية بصاروخ موجّه على شقة سكنية لآل برجاوي وسط المدينة. وتمكّنت فرق الإسعاف والاغاثة بعيد منتصف ليل أمس الأول من انتشال الطفل حسين علي عامر من تحت الأنقاض حيًا، بعد أكثر من 4 ساعات من البحث عن ناجين، في ما تمّ سحب 5 جثث تعود لصاحب الشقة الوالد حسين أحمد ضاهر برجاوي وابنتيه أماني حسين برجاوي وزينب حسين برجاوي، وشقيقته فاطمة أحمد برجاوي، وابن ابنته زينب الطفل محمود علي عامر، وتمّ نقلهم إلى مستشفيات النبطية. في ما استمر البحث عن جثماني زوجة برجاوي أمل محمود عودة وابنة شقيقته غدير ترحيني. كما تمّ نقل صهر برجاوي علي عامر وأكثر من 6 أشخاص جرحى إلى المستشفيات في النبطية للمعالجة.
في المقابل أعلن الإعلام الحربي في حزب الله قصف مستعمرة "كريات شمونة" بعشرات صواريخ الكاتيوشا، في ردّ أوليّ على مجزرتي النبطية والصوانة. وأعلن الإعلامي الحربي في بيان ثانٍ، أنه "وفي إطار الردّ على مجزرتي النبطية والصوانة استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية ثكنة "كريات شمونة" بعدد من صواريخ فلق وحققوا فيها إصابات مباشرة".
كما استهدفت المقاومة الإسلامية التجهيزات التجسسيّة للعدو في مواقع "المرج" و"رويسات العلم" و"الراهب" بالأسلحة المناسبة، في ما تمّ استهداف ثكنة زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بصاروخ "فلق".
وكانت صواريخ نوعية أطلقت أمس الأول، واستهدفت مركز قيادة المنطقة الشمالية الإسرائيلية في صفد ما أدّى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف جيش الاحتلال، وفق ما أعلن الإعلام الإسرائيلي الذي وصفها بالضربة القاسية. إلا أن حزب الله لم يتبنّ العملية.
في غضون ذلك، يتحدث السيد نصر الله عصر اليوم في مهرجان القادة الشهداء الذي يقيمه حزب الله، في مجمع سيد الشهداء (ع) في الضاحية الجنوبية.
ومن المتوقع وفق مصادر مطلعة لـ"البناء" أن يتطرّق السيد نصر الله بالتفصيل لآخر التطورات الميدانية والسياسية في غزّة والظروف الإنسانية المحيطة، والأبعاد الإقليمية والدولية، وآفاق المرحلة المقبلة على المستويات كافة، لا سيما في ظلّ مفاوضات القاهرة وتهديدات العدوّ الإسرائيلي بشن عدوان على رفح. كما سيردّ السيد نصر الله على تهديدات المسؤولين الإسرائيليين بتوسيع الحرب على لبنان ويعيد التذكير بمعادلات ضدّ استهداف المدنيين لردع العدوّ الإسرائيلي.
وأشار نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، خلال حفل تأبين عدد من الشهداء، إلى أن "هذه المواجهة المسانِدة لا يمكن أن تتوقف إذا لم تتوقف الحرب بشكل كامل على غزَّة.
وأكد قاسم أننا "لن نترك عدوانًا على مدنيين إلَّا وسنرُّد عليه بالطرق المناسبة، وسنعلن ذلك وسنُعرِّف أننا ردّينا من أجل المدنيين، حتّى ولو كانت قواعدنا الآن التي نعمل عليها باختيارنا وبقرارنا أن تكون المواجهة محدودة في دائرة الجنوب بما يؤدي إلى فائدة غزَّة من دون استخدام كلّ القوّة التي لدينا لندّخرها إلى الوقت المناسب". وشدّد على أنه "إذا جاء هذا الوقت المناسب بغير إرادتنا وفي أي وقت من الأوقات سنكون جاهزين تمامًا لكل مواجهة مهما كانت كبيرة، وسنلقِّن الإسرائيلي دروسًا لن ينساها أبدًا، وسيكون درس 2006 هو درس ابتدائي أمام الدروس التي سيراها في المواجهة المقبلة".
وأوضح قاسم، أننا "لدينا لاءات ثلاثة: أولًا لا تراجع عن مساندة غزّة ما دام العدوان قائمًا مهما كان الثمن ومهما كانت التطورات، ثانيًا لا نخضع للتهديدات ولا للتهويلات الإسرائيلية أو الغربية مهما كانت، لأنَّنا أهل الميدان، ولأنَّنا نعتبر أنَّ الدفاع واجب وبغيره لا استقرار ولا وجود لنا في هذه المنطقة ولا لقضية فلسطين". وأضاف قاسم: "لا نقاش لدينا حول مستقبل الجنوب اللبناني على ضفتيه من جهة فلسطين ومن جهة لبنان إلَّا بعد أن يتوقف العدوان الكامل على غزّة، عندها تجري النقاشات وكلّ النقاشات التي تجري الآن وكلّ الاقتراحات التي تُقدَّم هي نوع من إضاعة الوقت أو التسلية أو ما شابه ذلك، لأنَّنا غيرُ معنيّين بها لا من قريب ولا من بعيد".
ويستبعد خبراء عسكريون ذهاب حكومة الحرب الإسرائيلية إلى حرب شاملة مع لبنان في ظلّ موازين الردع الحالية مع حزب الله واستنزاف جيشها في غزّة، مرجّحين "تصعيدًا إسرائيليًا مضبوطًا والاكتفاء بالضربات الموجعة"، وأشار الخبراء لـ"البناء" إلى أن "تهديد السيد نصر الله بقدرة الحزب على تهجير مليوني مستوطن من الشمال سيدفع حكومة الحرب ونتنياهو للتفكير ألف مرة قبل الإقدام على حماقة تؤدي إلى حرب شاملة مع لبنان". وبرأي الخبراء فإن حكومة الحرب فشلت بالعمليات العسكرية بإعادة المستوطنين إلى الشمال، فكيف ستستعيد الأمن إلى الشمال بحال توسّعت الحرب وتهجر أغلب مستوطني الشمال؟ وأوضح الخبراء أن "كلام السيد نصر الله سيشكّل عامل ضغط كبير على نتنياهو لمنعه من شنّ حرب شاملة على لبنان أولًا، وثانيًا تسريع وتيرة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق لوقف الحرب على غزّة وتبادل الأسرى".
وفي سياق ذلك، رأى ضابط الاحتياط في جيش الاحتلال اللواء غيرشون هكوهين أن السيد حسن نصر الله يسعى للوفاء بواجبه في مساعدة حركة حماس، لكنّه في الوقت ذاته ينتهز الفرصة لصياغة مستوى جديد في هوية حزب الله كقوة إقليمية، وفق تعبيره.
وفي مقال لصحيفة "إسرائيل هيوم"، قال: "الهجوم الصاروخي على صفد، هو ارتقاء درجة في التصعيد"، ولفت إلى "وجوب تحليل الطريقة الخاصة التي تجعل من السيد نصر الله تهديدًا خطيرًا جدًا لوجود "إسرائيل" ليس فقط بسبب قوته العسكرية، مع حجم القذائف الصاروخية والصواريخ بعيدة المدى، التي يمتلكها حزبه والتي تُعدّ قوى عظمى، بل هو خطير بسبب حنكة سلوكه الاستراتيجي بشكل رئيسي"، على حدّ قوله. واعتبر أنّ السيد نصر الله نجح في "تحويل المنطقة الشمالية إلى ساحة معركة نشطة، ومستوطنات خط المواجهة إلى مهجورة، بعد اقتلاع نحو 70 ألف مستوطن من منازلهم". وخلص هاكوهين إلى أن هذا فنّ الابتزاز الذي حسّنه وأتقنه (السيد) نصر الله.
على صعيد المواقف الرسمية، أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنني "تشاورت مع وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب في الوضع، وطلبت تقديم شكوى جديدة عاجلة ضدّ "إسرائيل" إلى مجلس الأمن الدولي".
واعتبر الحزب السوري القوميّ الاجتماعي في بيان أصدره عميد الإعلام معن حمية، أن مجزرة النبطية التي أعقبت مجزرة الصوانة، استحضرت مشاهد الأطفال الشهداء الذي قضوا في مجزرة قانا وغيرها من المجازر التي يحفل بها سجل الإرهاب الصهيوني في عدوانه على لبنان. كما تسلط الضوء على المجازر اليومية وحرب الإبادة الجماعية التي ينفذها العدوّ بحق أهلنا في قطاع غزّة وفي الضفّة وكلّ فلسطين المحتلة. وهذه كلها جرائم موصوفة ضدّ الإنسانية. وأكد أنّ تمادي العدوّ الصهيوني في جرائمه الوحشية، يعكس طبيعته العنصرية المعادية للإنسانية، وأنّ صمت مؤسسات المجتمع الدولي حيال هذه الجرائم، يضعها والدول التي تسيّرها، شريكة للعدو الصهيوني في مجازره وقتله للأطفال والنساء.
وأشار رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، في دردشة مع الصحافيين في بيت الوسط، إلى "أنني لا أرى أنه حان وقت عودتي للعمل السياسي".
وذكر الحريري أنّ "رئيس تيار المردة سليمان فرنجية صديقي تمامًا كما الوزير السابق جهاد أزعور". وقال: "هناك احزاب لديها تواصل مع إيران، ولكن هذا لا يعني أن ليس لدى حزب الله هامش في العمل في الداخل اللبناني"، مضيفًا "صحيح أنني علقت العمل السياسي ولكن مش يعني الواحد ما يعطي رأيو". وقال: "إذا لمست أن سنّة لبنان يميلون نحو التطرّف ساعتها أنا بتدخّل".
وزار الحريري الرئيس بري أمس، في عين التينة.
وكانت الساحة الداخلية انشغلت بعودة الحريري إلى لبنان لإحياء ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري وسط حشود شعبية كبيرة فاضت بها شوارع بيروت من مختلف المناطق اللبنانية. وعلمت "البناء" أن الحريري سيغادر الأحد المقبل لبنان على أبعد تقدير عائدًا إلى أبو ظبي. كما لفتت مصادر سياسية لـ"البناء" إلى أن الفيتو السعودي على عودة الحريري إلى الحياة السياسية في لبنان لم يُرفع حتّى الساعة، وبالتالي لن تكون عودته النهائية إلى لبنان قريبة.
"النهار"| التصعيد الميداني بلا قواعد بعد مجزرة النبطية... الحريري: مكسبنا الاعتدال والحلّ يبدأ بالرئيس
بدورها كتبت صحيفة "النهار": "قد يصح في تداعيات اليوم التالي للمجزرة التي ارتكبتها "إسرائيل" في النبطية ليل الأربعاء الماضي، ان ما بعدها قد لا يكون ابدًا كما قبلها. إذ إن لبنان الذي شهد في يوم 14 شباط مشهدين شديدي البلاغة والتأثير، الأول في حشد كبير فاق التوقعات لاقى الرئيس سعد الحريري إلى ضريح مؤسس الحريرية في وسط بيروت، والثاني في ليل دموي استباح خلاله الثأر الإسرائيلي لضربة صفد بلدات الجنوب وانقض على النبطية متسببًا بجريمة عائلية مروعة، واجه غداة هذا اليوم السؤال الكبير المثير للقلق عن مجريات الأزمتين في الداخل وعلى الحدود. ولكن تطوّرات الجنوب ظلت ماثلة بقوة في واجهة المشهد اللبناني داخليا وخارجيا، بعدما تعاظمت المخاوف من ان تكون كلّ قواعد الاشتباك التي كانت تضبط المواجهات الميدانية بين "إسرائيل" وحزب الله منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، ولو انها كانت تضيق وتتسع تبعا لمسار “الميدان”، قد صارت قيد الانهيار الفعلي التام غداة مجزرة النبطية. وإذ برزت تهديدات إسرائيلية من نوع “متطور” جديد غير مسبوق كمثل تلويح وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت للمرة الأولى بغزو بري حتّى بيروت، سيكون بديهيا ان ترصد الكلمة التي سيلقيها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اليوم ترقبا لما سيصدر عنه من مواقف جديدة عقب تطوّرات اليومين الأخيرين.
وكان وزير الحرب الإسرائيلي ابلغ نظيره الأميركي لويد أوستن امس “بأن لا تهاون في الرد على هجمات حزب الله”. ونقل عن وزير الحرب الإسرائيلي قوله: “طائراتنا في سماء بيروت تحمل قنابل ثقيلة وقادرة على ضرب أهداف بعيدة” معتبرًا ان “التصعيد الراهن ضدّ حزب الله ليس سوى عُشر ما نستطيع القيام به”، وأضاف: “يمكننا الهجوم حتّى عمق 50 كلم في بيروت وأي مكان أخر”.
اما على الصعيد الميداني فظلّت مجزرة النبطية في الواجهة بعدما ارتفعت حصيلة الشهداء والجرحى في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت منطقة سكنية في مدينة النبطية إلى 8 شهداء بينهم سبعة من عائلة برجاوي وسبعة جرحى. وسجل تطوّر لافت تمثل في قصف الطيران الحربي الإسرائيلي قرى وبلدات جنوبية لم تتعرض للقصف منذ بداية الأحداث. وعكس الناطق الرسمي باسم “اليونيفيل” أندريا تيننتي القلق من تفلت ضوابط المواجهات إذ قال “شهدنا خلال الأيام القليلة الماضية تحولًا مثيرًا للقلق في تبادل إطلاق النار، بما في ذلك استهداف مناطق بعيدة عن الخط الأزرق. وأودى تفاقم النزاع بحياة عدد كبير جدًا من الأشخاص، بما في ذلك، وبشكل مأسوي، أرواح الأطفال. كما تسبب بأضرار جسيمة في المنازل والبنية التحتية العامة، وعرّض سبل عيش الآلاف من المدنيين للخطر”. ولفت إلى ان “الهجمات التي تستهدف المدنيين تعتبر انتهاكات للقانون الدولي وتشكّل جرائم حرب. إن الدمار والخسائر في الأرواح والإصابات التي شهدناها تثير قلقًا عميقًا، ونناشد جميع الأطراف المعنيّة وقف الأعمال العدائية على الفور لمنع المزيد من التصعيد”.
وبعدما امتنع حزب الله اول من امس عن اصدار بياناته اليومية حول العمليات التي ينفذها ضدّ القوات والمواقع والمستوطنات الإسرائيلية، اعلن امس أنه “في رد أولي على مجزرتي النبطية والصوانة، هاجم مستوطنة "كريات شمونة" بعشرات صواريخ الكاتيوشا”. كما اعلن استهداف التجهيزات التجسسية في موقع رويسات العلم في مزارع شبعا وثكنة زبدين بصاروخ “فلق” والتجهيزات التجسسية في موقع الراهب والتجهيزات التجسسية في موقع المرج وتجمعا للجنود الإسرائيليين في محيط ثكنة "زرعيت". وافيد ليل امس عن تجدد إطلاق الصواريخ من الجنوب على مستوطنة كريات شمونه. وسرعان ما اعلن حزب الله انه قصف ثكنة كريات شمونه بعدد من صواريخ “فلق”.
وقال الجيش الإسرائيلي أن طائراته المقاتلة هاجمت عشرات الأهداف التابعة لحزب الله في منطقة وادي السلوقي والبنية التحتية التابعة للحزب في منطقة اللبونة وكذلك مبنى عسكريا تابعا للحزب في منطقة الطيبة.
الحريري
في المقلب الآخر من المشهد الداخلي، ظلّ حضور الرئيس سعد الحريري في بيروت شاغلا الأوساط السياسية والديبلوماسية والإعلامية خصوصًا غداة مناسبة احياء الذكرى الـ 19 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري. وقام الحريري مساء بزيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة في لقاء اتسم بالحرارة واستكمل إلى مائدة العشاء.
وكان للحريري مساء لقاء مع صحافيين وإعلاميين تناول خلاله بعض جوانب الواقع اللبناني المأزوم فلوحظ تشديده على “أن الحل يحتاج إلى انتظام المؤسسات وعلى رأسها رئاسة الجمهورية”. وردا عن سؤال، اعتبر الحريري ان “تجربة تسوية العام 2016 فاشلة لكن ذلك لا يعني ان كلّ التجارب فاشلة”.
من جهة أخرى اعتبر الحريري ان “رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مجرم حرب ويريد ان يفتعل حربا”، سائلا: “اين هي الدول الأوروبية من موضوع حقوق الإنسان؟. وتابع: “اقول لأهالي الجنوب الله يعينهم والله يجنبهم الحرب، لأنه من الواضح أن نتنياهو يحاول الذهاب إلى الحرب مهما كلف الأمر”.
وبالعودة إلى الاستحقاق الرئاسي، قال الحريري: “اذا فعلا أراد الافرقاء رئيسا، فغدا ينتخب، لكن هناك من يريد التضحية، وآخرين غير مستعدين… فماذا ينتظرون؟ لا اعلم!”. وعن علاقة السعودية بقراره تعليق العمل السياسي قال بأنه علّق العمل السياسي بقرار شخصي و”نقطة على السطر” وكلّ ما يكتب عن علاقتي مع السعودية غير دقيق.