لبنان
دزينة جلسات للموازنة عُقدت.. جلستان اليوم.. وارتقاب ولادتها الجمعة
يبدو أن الموازنة في طريقها للخروج من غياهب مجلس الوزراء، حيث تشير الأجواء إلى أن 12 جلسة للحكومة بخصوص الموازنة حتى الآن لم تكن كافية لكي تبصر النور، وستعقد اليوم جلسة صباحية وأخرى مسائية، على أن يكون يوم الجمعة الموعد المرجح لإعلان الافراج عن ولادتها.
وكانت جلسة الأمس شهدت سجالات ونقاشات بين عدد من الوزراء، في حين دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال افطار بعبدا الحكومة لاسترجاع ثقة اللبنانيين بها.
"الجمهورية": ختام الموازنة الحكومي بعد غد
وعلى جبهة الموازنة، وبعد 12 جلسة لدرسها في مجلس الوزراء، إحتدم فيها النقاش حيناً وتعثّر حيناً آخر بسبب الخلافات السياسية المعهودة، ضرب رئيس الحكومة سعد الحريري أمس يده على الطاولة وأعلن انتهاء الجولات ودخول مرحلة التصفيات النهائية في جلسة أخيرة تعقد ظهر اليوم الاربعاء ولا تنتهي إلّا مع إنهاء النقاش، حتى ولو اضطر الأمر أن يبقى الوزراء الى وقت الافطار او يعودوا بعده حتى السحور. ليتسنّى بعدها، طَبع المسودة الأخيرة للموازنة لإقرارها في جلسة تعقد في قصر بعبدا بحضور رئيس الجمهورية والمرجّحة بعد غد الجمعة. وفي مستهلّ جلسة أمس إستمع مجلس الوزراء الى اقتراحات وزير الخارجية جبران باسيل ضمن سلة وزّعها على مجموعة ابواب هي: «حجم الدولة، الإهدار داخل الموازنة، التهرّب الضريبي والتهريب الجمركي، خدمة الدين العام، الميزان التجاري والوضع الإقتصادي ككل».
وناقش المجلس مجموعة اقتراحات قدمها بعض الوزراء، واستكمل درس موازنات الوزارات، فاحتدّت الأجواء اثناء مناقشة ارقام وزارة الدفاع، حين طلب الحريري غير مرة من الوزير الياس بو صعب ان يكشف عن أرقامه، فامتنع بحجّة أنه يريد مقارنتها مع أرقام وزارة الداخلية بعد عودة الوزيرة ريا الحسن من سفرها.
ولكن الحريري ألحّ على بوصعب غير مرة، الى أن رفع صوته مُستاءً ودارَ جدل كبير انتهى الى تقديم بو صعب أرقامه، وأعلن لدى خروجه من الجلسة عن «نسبة خفض كبيرة لكنها لا تمسّ برواتب العسكريين ولا المتقاعدين».
الالتزام الضريبي
وعلمت «الجمهورية» أنّ وزير المال علي حسن خليل وزّع على الوزراء مشروع قانون لتعزيز الالتزام الضريبي، والذي كان قد أرسله منذ 20 آذار الى الامانة العامة لمجلس الوزراء، وذلك رداً على المداخلات التي استندَت الى ضرورة اتخاذ إجراءات لوقف التهرب الضريبي.
أمّا موضوع اقتطاع نسبة من رواتب الموظفين فقد سحب من الاجراءات والتداول، كذلك بند خفض 50% من رواتب السلطات العامة، وبقي بند ضريبة الدخل على معاشات التقاعد وفقاً للشطور فتكون بنسبة 1% على الرواتب الأقل من مليونين، وترتفع الحسومات التقاعدية مع ارتفاع الرواتب، فمن يتقاضى 12 او 20 مليون ليرة سنوياً لا يعامل كمَن يتقاضى 50 مليون ليرة سنوياً.
وقال أحد الوزراء إنّ النقاش في الموازنة يفترض أن ينتهي اليوم، ولفت إلى «أنّ ما يُحكى عن خلافات جوهرية أو في العمق ليست في محلها، لا بل إن ثمة تفاهماً يمكن وصفه بالشامل حول البنود الأساسية الواردة في الموازنة، والتي يراد منها خفض العجز في المالية العامة».
"الأخبار": عقدة «التدبير رقم 3» توتّر الحكومة!
مع استمرار المداولات الحكومية في الموازنة، فتح وزير الخارجية جبران باسيل أبواباً جديدة وواسعة للنقاش، بعضها يحتاج إلى قوانين، في الوقت الذي تتسارع فيه المهل الزمنية لإقرار الموازنة قبل نهاية الشهر الحالي. لكن العقدة الرئيسية التي تواجه مجلس الوزراء اليوم تتصل بـ«التدبير رقم 3» للأسلاك العسكرية والأمنية.
وللأسبوع الثاني على التوالي، لم تنتهِ الحكومة من حسم النقاشات في موازنة عام 2019. ومع اقتراب المهل الضاغطة قبل نهاية الشهر الحالي، وضرورة إنجاز الموازنة في الحكومة ومجلس النواب قبل نهاية الشهر حتى لا يضطر المجلس إلى إصدار قانون جديد لتمديد العمل بالقاعدة الاثني عشرية، لا تزال الموازنة بحاجة إلى نقاشات معقّدة قبل اتخاذ القرار الحاسم بتصديرها، على وقع الغليان في الشارع اعتراضاً على خطط خفض الرواتب. وسيبحث مجلس الوزراء اليوم ملفاً متفجراً، هو ملف «التدبير رقم 3» للأسلاك الأمنية والعسكرية («التدبير رقم 3» يعني منح كل عسكري تعويضاً لنهاية الخدمة يبلغ رواتب وبدلات 3 أشهر عن كل عام). وزير الدفاع الياس بوصعب تقدّم باقتراح يؤدي إلى خفض سنوي للبدلات التي يتقاضاها العسكريون إلى جانب أساس الرواتب، بقيمة نحو 50 مليار ليرة في الجيش وحده، إضافة إلى نحو 20 مليار ليرة سنوياً في الأجهزة الأمنية الأخرى، من دون احتساب الوفر الذي سيتحقق نتيجة خفض تعويضات نهاية الخدمة. ويقضي هذا الاقتراح بخفض التدبير إلى «رقم 1» (منح كل عسكري تعويضاً لنهاية الخدمة يبلغ راتب شهر ونصف شهر عن كل عام) للعسكريين الذين يخدمون داخل المناطق اللبنانية، باستثناء الذين يخدمون على الحدود الجنوبية والشرقية والشمالية وفي محيط المخيمات الفلسطينية الذين يبقون خاضعين لـ«التدبير رقم 3».
ويعني هذا الأمر أن نحو 20 ألف عسكري فقط سيبقون خاضعين للتدبير الذي يشمل حالياً جميع العسكريين والأمنيين من جميع المؤسسات. واشترط بوصعب إلغاء المرسوم رقم 1 الصادر عام 1991، الذي يكلّف الجيش حفظ الأمن على كافة الأراضي اللبنانية، ويضع جميع الأجهزة الأمنية بإمرة قائد الجيش. وطلب بوصعب من وزارة الداخلية أن تتولى قوى الأمن الداخلي حفظ الأمن داخل الأراضي اللبنانية، وهو ما اعترضت عليه وزير الداخلية ريا الحسن، وآزرها رئيس الحكومة سعد الحريري. وقالت الحسن إن قوى الأمن الداخلي بحاجة لأكثر من 25 ألف عسكري إضافي لتتمكن من القيام بالمهمات التي ينفذها الجيش حالياً. ورد بوصعب باقتراح أن تتولى قوى الأمن حفظ الأمن في بيروت وجبل لبنان، فرفضت الحسن ذلك، علماً بأن جميع عناصر الجيش التابعين للواءَين 11 و8 المنتشرَين في جبل لبنان، ولفوجي التدخل الثالث والرابع المنتشرَين في بيروت، لا يتجاوز عددهم عتبة 5900 عسكري! وهذا الرقم يسهل تأمينه من عديد قوى الأمن الداخلي، في حال إعادة تنظيم توزيع العناصر على القطعات وحماية الشخصيات، علماً بأن اقتراح وزارة الدفاع يقضي بإبقاء الجيش حاضراً في المناطق لمؤازرة قوى الأمن.
وسرت شائعات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أمس، مفادها أن وزيرة الداخلية ستقترح أن يُحصر تطبيق «التدبير رقم 3» بفرع المعلومات دون غيره من القطعات. لكن مصادر في وزارة الداخلية أكد لـ«الأخبار» أن الحسن ستتقدّم باقتراحين: الأول، أن يُطبَّق التدبير رقم 2 (حصول كل عسكري وأمني على تعويض نهاية الخدمة بمعدّل راتبي شهرين عن كل سنة) على جميع عناصر المديرية. وهذا الاقتراح يرفضه وزير الدفاع وغالبية مكونات مجلس الوزراء. أما الاقتراح الثاني، فيقضي بتقسيم عناصر المديرية إلى 3 فئات: الأولى تضم غالبية عناصر فرع المعلومات والقوى السيارة (الفهود، القوة الضاربة، التدخل، مكافحة الشغب)، وتُشمل بـ«التدبير رقم 3». أما الثانية، فتضم القطعات الإقليمية (الدرك، شرطة بيروت، أمن السفارات، الشرطة القضائية...) وتُشمل بـ«التدبير رقم 2». أما الفئة الثالثة، فيشملها «التدبير رقم 1»، وتضم كافة العاملين في المكاتب.
ومن المتوقع أن يلاقي اقتراحا الحسن اعتراضاً واسعاً، لكونه يفرغ اقتراح وزارة الدفاع من مضمونه. ففي حال القبول بالاقتراح الثاني، ستكون وزارة الدفاع مضطرة إلى مساواة القطعات العسكرية العملانية (المنتشرة على الحدود وحول المخيمات) بأفواج الاحتياط (المغاوير ومغاوير البحر والمجوقل) وبالألوية والأفواج المنتشرة على الأراضي اللبنانية، أسوة بالقوة الضاربة والفهود في قوى الأمن الداخلي. ومن غير المستبعد أن يمرّ النقاش في هذه الأمور من دون سجال حاد في مجلس الوزراء اليوم.
"البناء": عون يدعو الحكومة لاستعادة ثقة اللبنانيين
من جهة أخرى، رأى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في حفل إفطار أقامه في بعبدا سبقته خلوة مع رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري أن التحدي اليوم أمام الحكومة في وضعها موازنة 2019 ليس فقط في الترشيق والتخفيض المقبول والمتوازن بل في قدرتها على توفير عنصرين لتحاكي الأزمة التي تعصف بالوطن والشعب ، مبيناً أن العنصر الأول هو تحديد مكامن الخلل والهدر والفساد والقضاء عليها، والثاني تظهير الوظيفة الاقتصادية للموازنة بعد طول إنكار وغياب، لتبدأ بعدها معالجة حقيقية للعجز في شقيّه المالي والتجاري، في ضوء اعتبار واحد مصلحة الشعب العليا .
واعتبر الرئيس عون أنه إن لم نُضحِّ اليوم جميعاً ونتخلص من بعض امتيازاتنا التي لا نملك ترف الحفاظ عليها، نفقدها كلّها، ونصبح لقمة سائغة على طاولة المؤسسات الدولية المقرضة التي سوف تفرض علينا وصفة اقتصادية ومالية قاسية وخاضعة لوصايتها وإدارتها المباشرة وفقاً لمصالحها الاقتصادية والسياسية، لا قدرة لنا على تحمّلها ، جازماً أن التضحية ستكون متوازنة ومتناسبة بين القوي والضعيف وبين الغني والفقير، فتتحقق العدالة في الموجبات وفي الالتزام وأيضاً في الألم المؤقت، ليخلص لبنان ، معلناً أن الليرة بخير، ولا خطر يتهدّدها، والصعوبة التي نمرّ بها مرحلية ومحدودة .
ومع ذلك فإن التصعيد العسكري والنقابي والقضائي لم ينته، ومستمر فيما أنجزت موازنة وحققت تخفيضاً كبيراً من دون المس برواتب العسكريين والمتقاعدين ولا بتعويضاتهم ولا بالطبابة، أعلنت لجنة المتابعة للعسكريين المتقاعدين في بيان مواصلة التصعيد حتى تحقيق كافة المطالب وإقلاع الحكومة عن سياسة استهداف العسكريين بصورة عامة والمتقاعدين خاصة عند كل استحقاق. ودعت اللجنة كافة العسكريين المتقاعدين للتعاضد والتكاتف والتعبئة لمواجهة كل محاولات ضرب أمنهم الاجتماعي، مشددة على أنها أكدت في اجتماعها مع وزير الدفاع الياس بوصعب رفضها القاطع لكل ما يشاع عن قبولها باقتطاع نسبة 3 من معاشات العسكريين التقاعدية لأي سبب كان.
وفيما أعلن تجمع المساعدين القضائيين في بيان عن اعتكاف تحذيري ينفَّذ اليوم وليوم واحد، في جميع قصور العدل في لبنان ، وبالتالي يتوقف المساعدون القضائيون عن العمل باستثناء الملفات المتعلقة بالموقوفين وبالمهل القانونية، زار رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، وبحث معه في النقاش حول مشروع موازنة 2019 وضرورة المحافظة على حقوق القضاة ومكتسباتهم، لا سيما في ما يتعلق بتمويل صندوق تعاضدهم وتكريس استقلاليته.
أما هيئة التنسيق النقابية، فشدّدت على أنها لم تعلن حتى الساعة أي خطوة، مشيرة إلى أن جلساتها واجتماعاتها مفتوحة لمواكبة جلسات مجلس الوزراء والقرارات التي ستصدر عنه وستقرر إعلان الخطوات المناسبة منذ لحظة صدور أي قرار يتعلق بالمس بالحقوق والمكتسبات.