لبنان
مفاوضات معقّدة لوقف العدوان على عزة.. وجلسة لـ"المنابر" في مجلس النواب
ركَّزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الخميس 25 كانون الثاني/يناير 2024 على حجم الخسائر التي يتعرض لها جيش العدو في غزة، في وقتٍ ترتفع فيه الأصوات داخل الكيان الصهيوني المُطالبة بوقف الحرب بعد أن أثبتت المقاومة الفلسطينية أن العدوان لن يُعيد أسرى الاحتلال وذلك بعد مُضي 110 أيام من الحرب الهمجية. وأشارت إلى المعلومات المتداولة حول الصفقة المحتملة لتبادل الأسرى، مؤكدةً أنَّ "إسرائيل" وحماس ما زالتا على خلاف بشأن كيفية إنهاء الحرب، فالأخيرة متشبثة بعدم المضي بأي صفقة قبل ضمان وقف العدوان.
كما تناولت الصحف اللبنانية انعقاد مجلس النواب لدرس وإقرار مشروع الموازنة العامة عن العام 2024، والتي شهدت سجالًا بين بعض النواب، في حين كانت كلمات النواب المنقولة على الهواء عبارة عن رسائل سياسية غابت عنها النقاشات الجدية لبنود الموازنة. والجدير ذكره أنَّ المجلس النيابي يستكمل مناقشة الموازنة اليوم والتصويت عليها.
الأخبار| بوادر تآكل في «شرعية» الحرب: همّ الأسرى يلاحق إسرائيل
تتضارب المعلومات المتداولة حول الصفقة المحتملة لتبادل الأسرى، بعد أن أرسلت إسرائيل عرضاً جديداً لصفقة على مراحل، تترافق مع هدنة مؤقّتة قد تمتدّ لشهرين. وقالت مصادر لوكالة «رويترز»، أمس، إن «إسرائيل وحماس أحرزتا بعض التقدّم نحو الاتفاق على وقف إطلاق نار في قطاع غزة لمدة 30 يوماً، يُطلق في خلالها سراح أسرى إسرائيليين وفلسطينيين». وأشارت المصادر إلى أن «الجانبين ما زالا على خلاف بشأن كيفية إنهاء الحرب، وأن حماس رفضت المضيّ قدماً (في الصفقة) حتى تتمّ تسوية هذا الخلاف». وفي المقابل، نفت المتحدّثة باسم الحكومة الإسرائيلية، إيلانا شتاين، التقارير التي أفادت باحتمال التوصّل إلى اتفاق جديد، وقالت: «لن تتخلّى إسرائيل عن تدمير حماس وإعادة جميع الرهائن، ولن تشكّل غزة تهديداً أمنياً لإسرائيل». وأضافت: «لن يكون هناك وقف لإطلاق النار. كانت هناك هُدن لأغراض إنسانية. انتهكت حماس هذا الاتفاق». بدورها، ذكرت قناة «كان» العبرية أن «الدوحة أبلغت تل أبيب أن حماس علّقت اتصالات صفقة التبادل»، بعدما كانت مصادر إسرائيلية أكّدت أن «الفجوات لا تزال كبيرة جداً». ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول مطّلع لم تسمّه، قوله إن «هذه الفجوات لا يمكن تجاوزها في الوقت الحالي، ولكنّ الطرفين يواصلان اتصالاتهما غير المباشرة». كما نقلت الصحيفة عن مسؤول آخر لم تسمّه أيضاً أمله في أن «تبدي حركة حماس مرونة أكبر في مواقفها، وتقرّر دفع ثمن أكبر في سبيل التوصل إلى هدنة». وبحسب مصادر مطّلعة على المفاوضات تحدّثت إلى «هآرتس»، فإن «حركة حماس تطلب عدم استئناف جيش الاحتلال الحرب بعد إبرام الصفقة»، فيما لم تفصح إسرائيل بعد عن موقفها إزاء مجموعة من الأسئلة الرئيسيّة، ومن ضمنها مصير من اعتقلتهم في غلاف غزة في 7 أكتوبر، وكذلك أسماء كبار الأسرى الفلسطينيين الذين يمكن أن تطلق سراحهم. أما «القناة 12» فنقلت عن مصدر سياسي إسرائيلي، لم تسمّه، قوله إن «التقارير مضلّلة، والعكس هو الصحيح. هناك تصعيد في المواقف، وحماس تصعّد إلى حدّ كبير. ولكن هذا لا يعني أنه لا يمكن أن يكون هناك تقدّم في الفترة القريبة»، في حين نقلت هيئة البث الإسرائيلي «كان» عن مسؤول وصفته بالمطّلع على الاتصالات، أنه «لا يوجد حتى الآن أي تقدّم في المفاوضات»، وأن «حماس تصعد أكثر فوق الشجرة». لكنّ المسؤول استدرك بأن «المفاوضات مستمرّة».
من جانبه، طالب وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، بعقد اجتماع فوري للمجلس الوزاري للشؤون الأمنية والسياسية، معتبراً، في تغريدة على «إكس»، أن «وقف الحرب في مرحلة حسّاسة كهذه سيشكّل خطورة على الحملة (في غزة) بأكملها، ويدفع إلى أثمان صعبة جداً في القطاع، وعلى جبهات إضافية. وقف الحرب في هذه المرحلة لفترة طويلة هو أمر لن نسمح به». وفي الاتجاه نفسه، قال وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، عبر «إكس» أيضاً، إنه «مع إعادة المخطوفين، وضدّ صفقة سيئة». ويأتي ذلك بينما تستمرّ تظاهرات أهالي الأسرى الإسرائيليين الذين خرجوا أمس في تل أبيب، وقاموا بإغلاق شارع أيالون الرئيسيّ، وطالبوا بإبرام صفقة تبادل.
من جهة أخرى، رأى محللون إسرائيليون، أمس، أن مقتل 24 جندياً وضابطاً في «كارثة المغازي»، من شأنه أن يدفع الجمهور في إسرائيل إلى تغيير نظرته إلى الحرب. واعتبر المحلل السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ناحوم برنياع، أن «الجمهور بدأ بإجراء حسابات الثمن مقابل الإنجازات، والتكلفة مقابل الفائدة. ولا أعتقد أن عدد الجنود القتلى، يوم الإثنين، سيغيّر شيئاً في تأييد الشارع للحرب، لكن بنظرة إلى المستقبل، ستكون هناك أهمية للثمن». وأشار إلى أن عضو «كابينت الحرب»، غادي آيزنكوت، كان السكرتير العسكري لرئيس الحكومة الأسبق، أريئيل شارون، في بداية الانتفاضة الثانية، وعندما شنّ الجيش الإسرائيلي عملية «السور الواقي» العسكرية، واجتاح خلالها الضفة الغربية، في عام 2002. ونقل برنياع عن آيزنكوت قوله عن هذه العملية، إنه «كان هناك هدفان لها: القضاء على الإرهاب وعلى السلطة الفلسطينية. واليوم، بعد 22 عاماً، يوجد إرهاب في يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية) كما أن السلطة الفلسطينية لا تزال موجودة».
ورأى برنياع أن «الاستنتاج واضح: لا توجد انتصارات مطلقة في جولات الحروب في الحلبة الفلسطينية. وما تعلمناه في حروبنا هو أن الذي يتطلّع إلى تحقيق أمور أكثر مما هو قادر على إحرازه في ميدان القتال، ستحل عليه كارثة».
ولفت إلى أن الوضع في إسرائيل حالياً، مشابه للوضع خلال احتلال جنوب لبنان، حيث «طالما أن عدد الجنود القتلى لم يتجاوز بضع عشرات في السنة، كان وجود الجيش الإسرائيلي في لبنان يحظى بتأييد شعبي واسع، لكنّ كارثة المروحيات (مقتل حوالي 72 جندياً باصطدام مروحيتين) في شباط 1997، قلبت الوضع رأساً على عقب، فتصاعدت الاحتجاجات، واضطر المرشحان لرئاسة الحكومة، إيهود باراك وبنيامين نتنياهو، للتعهد بالانسحاب إلى حدود خط وقف إطلاق النار». وأضاف برنياع أن «الأمر الذي ينبغي أن يقلقنا في هذه المرحلة من تبادل الضربات، في غزة وكذلك عند الحدود اللبنانية، هو الفجوة الآخذة في الاتساع بين مفهوم المستوى السياسي ومفهوم المستوى العسكري، وبين توقّعات الجمهور والتقدير الأميركي والواقع على الأرض». وتابع أن «نتنياهو يعدنا يومياً بأن الحرب ستستمر حتى الانتصار المطلق على حماس. وهو لا يوضح طبيعة هذا الانتصار، وأي واقع سيُنشئ. ومهمة المستوى السياسي هي تحويل إنجاز عسكري إلى اتفاق، وإلى مستقبل بالإمكان العيش فيه. ونتنياهو أعفى نفسه من المسؤولية تجاه المستقبل».
أما المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، فرأى أن «الخسائر الكثيرة، إلى جانب الشعور بأن صفقة أخرى لتحرير المخطوفين تتأخر بشكل من شأنه أن يؤدي إلى وفاة مخطوفين آخرين، يرجّحان أن تزيد الخلافات العامة الداخلية». وحذّر من أنه «إذا استمر الجيش الإسرائيلي في توجيه الضربات بشدة، فسنصل أخيراً إلى نقطة الانكسار، التي ربما تجلب معها صفقة أسرى بشروط أقل صعوبة». وتوقّع أن «يؤثر مقتل عدد كبير من الجنود في يوم واحد، سلباً في المزاج القومي. وفي المدى البعيد، يتعيّن علينا تحويل الرأي العام إلى حلول بديلة، بدلاً من استمرار الحرب بأي ثمن». ورجّح أن «الخسائر غير المألوفة من شأنها تغذية احتجاجات عائلات المخطوفين، واحتجاجات معارضي نتنياهو الذين يطالبون بالإعلان عن انتخابات الآن». وعلى الرغم من أن لا موجة شعبية حالياً تشكل خطراً على حكم نتنياهو، إلا أنه «حدث هذا في الماضي، بشكل تدريجي وبطيء، في ثلاث حروب: يوم الغفران (1973)، حرب لبنان الأولى، وحرب لبنان الثانية».
البناء: نقاش الموازنة يظهر الاستعصاء السياسي وغياب تحالفات نيابية عابرة للطوائف
على وقع التصعيد جنوباً، انعقدت الهيئة العامة لمجلس النواب أمس، برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، في جلستين صباحية ومسائية، لدرس وإقرار مشروع الموازنة العامة عن العام 2024، بعدما عدّلت لجنة المال والموازنة المشروع الحكومي جذرياً.
وتناولت التعديلات 87 مادة من أصل 133، فألغت 46 وعدّلت 73، وأقرت 14 مادة كما وردت في المشروع، أي أنّ التعديل والإلغاء شملا 90% من المشروع الذي قدّمته وزارة المالية. وتخللت الجلسة سجالات سياسية عدة، فيما حضرت الأوضاع في الجنوب في مداخلات النواب لا سيما نواب القوات اللبنانية من جهة ونواب كتلة الوفاء للمقاومة من جهة ثانية. حيث لاحظت أوساط نيابية لـ«البناء» وجود «تعليمة» لدى فريق القوات وبعض حلفائها، بإثارة موضوع مشاركة حزب الله في الحرب بغزة، واتهامه بالتفرد بقرار الحرب وتحميل لبنان التداعيات، وصوّب النواب على موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي اتخذه حيال الحرب في غزة.
من جهته، أكد ميقاتي في رده على الانتقادات، بأننا «نريد السلام والاستقرار الدائم في الجنوب وملتزمون تطبيق القرار 1701 ولكن على «إسرائيل» وقف انتهاكاتها».
وشدد في مداخلة له في نهاية الجلسة المسائية، على أن «الموازنة لا يمكن أن تقر باقتراح قانون بل بمشروع قانون من الحكومة، ولا مانع لدينا من اعتماد التحسينات التي قامت بها لجنة المال على مشروع الموازنة»، ولفت الى أن «الحكومة أوقفت الانهيار منذ تسلمت مهامها ومرحلة التعافي بدأت، ونتمنى أن تكبر بمساعدة النواب والاهم الوصول إلى الهدف».
من جهته، أشار رئيس التيار «الوطني الحر» النائب جبران باسيل، في كلمته في الجلسة، أن «المقاومة جزء من الدولة ولا تحل مكانها وأن السلاح يحمي ولكنه لا يكفي وحده»، سائلاً «ماذا نقول لأهالي الشهداء الذين سقطوا في الجنوب؟ علينا أن نلاقيهم بالسؤال عن تقرير «ألفاريز وومارسال» وعن قطعات الحسابات التي لم تصدر بعد عن ديوان المحاسبة بالاضافة الى لجنة تقصي الحقائق في موضوع الفساد وانفجار مرفأ بيروت». وسأل أنه «وفي ظل العوامل المفجّرة للوضع في لبنان من النازحين الى نهب ودائع اللبنانيين والحرب في الجنوب والحروب المتنقلة في المنطقة وانهيار هيكلة الدولة ما المقصود من عدم انتخاب رئيس والتعايش مع الفراغ؟»، معتبراً «عدم وجود رئيس للجمهورية هو تغيير غير معلن للنظام وهدم لاتفاق الطائف وضرب الشراكة الوطنية وتهديد للدولة اللبنانية».
ورد الرئيس بري على ما جاء في كلمة باسيل حول ضرورة إقرار قوانين اساسية وتشريع الضرورة من بينها قانون «الكابيتال كونترول» قائلا: «من قاطع الجلسة التي كان على جدول أعمالها الكابيتال كونترول هو تكتل لبنان القوي»، فردّ باسيل: «لان فيها 119 بنداً»، فقال بري: «لا يوجد أي جلسة فيها 119 بنداً. وتحدث باسيل عن قوانين اصلاحية مهمة لم يتم إقرارها. ورد بري «هذه القوانين لم تصل الى الهيئة العامة وأكثر هذه القوانين في لجانكم». ورد باسيل: «ملائكتك حاضرة في كل مكان».
وأشار باسيل الى أن «الموازنة ستُقرّ خلال اليومين المقبلين كما أقرتها لجنة المال ان قبلنا بها أو لم نقبل وصحيح أنه تم تصحيحها إلا أننا لا يجب أن نقبل بموازنات غير إصلاحية بعد الآن». وأعلن خروج التكتل من الجلسة وعدم المشاركة في التصويت.
وتولى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله بالرد على منتقدي مشاركة حزب الله في الحرب، وقال: «الكيان الصهيوني كان يُحضّر لضربة استباقية على لبنان قبل معركة طوفان الأقصى».. إننا أمام حرب ترسم مصائر دول، ونحن لن نسمح بقرى سبعٍ جديدة». ولفت إلى «أننا سنعمل بكل قوة حتى لا يتكرر الاحتلال كما في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وعندما نكون أقوياء وقادرين نستطيع أن نرسم مستقبل بلدنا.» ورأى أن «قرار الحرب بيد العدو الصهيوني وقرار وقف الحرب بيد الولايات المتحدة». وشدد فضل الله على: «إننا نلتزم بحق الدفاع عن النفس وحق اللبنانيين في مقاومة الاحتلال وفقًأ للبيان الوزاري للحكومات المتعاقبة، وشعبنا لا يتراجع ولا يخضع ولا يلين في مواجهة الاحتلال».
وكانت الجلسة الصباحية شهدت سجالًا إثر محاولة بعض النواب خرق «النظام العام» وتحويل جلسة إقرار الموازنة إلى جلسة مداخلات. وبدأت الجلسة بسجال بين النائب ملحم خلف والرئيس بري بعد رفض رئيس المجلس إعطاء الكلام لخلف للحديث عن استحالة التشريع بغياب رئيس».
كما وقعت مشادة في بداية الجلسة بين النائب علي حسن خليل والنائب فراس حمدان، وقد وصفه خليل بالتافه: وقال له: «إنتو قرطة مافيات»، في إشارة إلى نواب التغيير: ليعلو الصراخ والهرج والمرج في القاعة.
وشدّد رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان في بداية الجلسة على أن «لجنة المال ألغت مواد متعلّقة بتعديلات ضريبية واستحداث ضرائب ورسوم جديدة لمخالفتها الدستور وهدف الحكومة تأمين إيرادات إضافية للخزينة من دون مراعاة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وقدرة الاقتصاد على التمويل وقدرة المواطنين على التحمّل». وشرح أن «لجنة المال خصصت اعتمادًا بقيمة 10 آلاف مليار ليرة للأدوية السرطانية والمزمنة واعتمادًا بقيمة ألف مليار ليرة للانتخابات البلدية والاختيارية وعدّلت الاعتمادات الخاصة ببعض الإدارات حيث تبينت الحاجة إلى ذلك لا سيما ما خص نفقات التغذية والمحروقات السائلة لدى الأجهزة العسكرية والأمنية وسواها».ولفت إلى أن «الواردات بحسب كتاب رسمي من وزارة المال ارتفعت من ٢٧٧ الف مليار الى ٣٢٠ الف مليار أي بفارق أكثر من ٤٠ الف مليار».
بدوره، قال نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب: «إذا لم نتحاور ولم ننتخب رئيسًا، فالأفضل للمجلس النيابي أن يستقيل ونجري انتخابات نيابية مبكرة».
ورد الرئيس بري على مداخلة بو صعب التي أبدى فيها خشيته ان يأتي العام المقبل ونناقش فيها الموازنة في ظل غياب رئيس للجمهورية بالقول: «ان شاء الله لا، وان شاء الله في أسرع وقت».
ويستكمل المجلس النيابي مناقشة الموازنة اليوم والتصويت عليها، وتوقعت مصادر نيابية لـ«البناء» إقرار الموازنة مع بعض التعديلات عليها.