لبنان
بين جلسة الفجر واستكمالها ظهر اليوم في السراي.. هل ستبصر الموازنة النور؟
يعيش اللبنانيون حالة من الترقب والمتابعة لما ستتمخض عنه جلسة الحكومة المخصصة للموازنة، فبعد أن استمرت جلسة الأمس حتى الثالثة فجرا دون تصاعد الدخان الأبيض، يتابع مجلس الوزراء جلسته ظهر اليوم في السراي الكبير في محاولة للخروج بنتيجة تنال رضا الشارع، الذي واكب جلسة الليل باعتصام أمام مصرف لبنان ونصب خيام من قبل العسكريين المتقاعدين في خطوة تصعيدية.
فجر الموازنة: تخفيضات قاسية في الوزارات .. والرواتب المحطّة الأخيرة
بحسب "اللواء"، في الثالثة من فجر اليوم، انتهت الجلسة العاشرة لمجلس الوزراء، والتي انعقدت في العاشرة ليلاً لمتابعة درس مشروع الموازنة، من دون ان تتمكن من حسم مسألة تخفيض الرواتب المرتفعة لكبار الموظفين، وكذلك خفض رواتب الوزراء والنواب، أو حتى التطرق إلى موضوع العسكريين، بسبب غياب وزير الدفاع الياس بوصعب بداعي السفر، فيما ارجئ البند المتعلق بفرض رسم 2 في المائة على الاستيراد.
وذكرت مصادر وزارية ان كل هذه الموضوعات طلب الرئيس الحريري تأجيلها إلى حين اتضاح ان الإيرادات التي يجري بحثها قد حققت نسبة العجز في الموازنة الى حدود 9 في المائة، وهي النسبة التي وضعتها الحكومة كأحد الشروط الأساسية لإنجاز الموازنة، وفي هذه الحالة قد يتم الاستغناء أو إسقاط بند الرواتب من احتساب الموازنة، علماً ان مجلس الوزراء سيعود إلى الاجتماع مجدداً عند الثانية عشرة من ظهر اليوم في السراي الحكومي، على ان تكون الجلسة الأخيرة لإقرار مشروع الموازنة ظهر غد الثلاثاء في قصر بعبدا، قبيل الإفطار الرئاسي الذي سيقيمه الرئيس ميشال عون غروب غد ويشارك فيه الرئيسان نبيه برّي والحريري والوزراء والنواب وكبار الشخصيات، فيما الإفطار الذي سيقيمه الرئيس الحريري في السراي سبق ان حدّد غروب الجمعة المقبل، إلا ان هذا الأمر لم يتأكد، لأن أحداً من الوزراء لم يتحدث عن موعد الانتهاء من درس الموازنة، باستثناء الوزير وائل أبو فاعور الذي توقع وضع اللمسات الأخيرة على المواد العالقة.
وكانت الجلسة قد انعقدت على إيقاع تحركات مفاجئة للعسكريين المتقاعدين وناشطين من الحراك المدني، لم تكن متوقعة، حيث كانت كل المعلومات تُشير إلى تأجيل التحركات في الشارع إلى اليوم لمواكبة مجلس الوزراء، سواء من قبل العسكريين أو من هيئة التنسيق النقابية وأساتذة الجامعة اللبنانية، وأساتذة التعليم الرسمي. وعمد العسكريون المتقاعدون إلى نصب خيم ليلاً امام مبنى مصرف لبنان في شارع الحمراء، معلنين استمرارهم في الاعتصام إلى اليوم، فيما حاول الناشطون إغلاق المداخل المؤدية إلى السراي من ساحة رياض الصلح، واعترض عدد منهم سيارة أحد الوزراء ورشقوها بعبوات المياه، ما استدعى تدخل القوى الأمنية وحصل اشكال بين الطرفين من دون تسجيل اصابات.
واكتفى وزير الإعلام جمال الجراح بعد انتهاء الجلسة بالاعلان ان الجلسة كانت طويلة لكننا بحثنا في العمق بالمواد الضريبية، واتخذت قرارات في بعض المواد منها مثلا تخفيض رسوم التسجيل للدراجات. فكما تعرفون أن أغلب الدراجات في لبنان غير مسجلة نتيجة أن الرسوم مرتفعة. جرى تخفيضها للحد الأدنى تشجيعا للناس لكي يسجلوا دراجاتهم. كذلك مساهمة الدولة في المدارس المجانية أصبحت خاضعة لرقابة التفتيش التربوي. واتخذت قرارات بخصوص الالتزام الضريبي، والغرامات على التهرب الضريبي أصبحت عالية بشكل أن نضبط جباية الدولة من الضرائب. كما رفعنا الرسوم قليلا على إجازات العمل على الأجانب، وهذه لا تطال اللبنانيين بل الأجانب الذين يستحصلون على إجازات عمل في لبنان. كما خفضنا مساهمة الدولة في المؤسسات العامة التي تستفيد من مساهمات من المالية العامة بين 10 و50 لبعض المؤسسات لكي نضبط إنفاق هذه المؤسسات. بالطبع، هناك قرارات بحاجة إلى صياغة قانونية بخصوص تشجيع الاستثمار، خاصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. رفعنا الرسوم على الطائرات التي تهبط في مطار بيروت بما يزيد الدخل والرسوم على هذه الطائرات، تساويا مع بقية المطارات في العالم أو المنطقة. هذه أهم الأمور، هناك بعض النقاط التي تحتاج إلى صياغات قانونية، غدا إن شاء الله الساعة الثانية عشرة ظهرا هناك جلسة وسنستكمل البحث.
سئل: لماذا لم يتم حتى الآن البحث في مسألة الاقتطاع من الرواتب الخاصة بالوزراء والنواب والرؤساء وموضوع القطاع العام ما زال يتم تأجيله؟
أجاب: موضوع الرواتب ككل لم نبحثه حتى نرى الإجراءات التي اتخذناها حتى الآن وما الذي ستخفضه من العجز، وإن كانت كافية أم لا. طبعا هذا الموضوع بحاجة إلى بحث في العمق أكثر لكي نتخذ قرارا بشأنه. لكن، اليوم كل الإجراءات الضريبية التي اتخذناها وتخفيض الإنفاق في الوزارات ومؤسسات الدولة هي تخفيضات مهمة، ولأول مرة نكون قساة في التخفيضات بالموازنات، لكي نرى حجم هذه التخفيضات وانعكاساتها المالية، وعلى ضوئها نتخذ القرارات.
"البناء": الحكومة تنهي موازنتها اليوم وسط الاحتجاجات
من جانبها أشارت "البناء" إلى أن الموازنة التي تتقدّم على طاولة الحكومة، مع سحور الليلة الماضية، وجلسة اليوم الصباحية المفترضة، تبدو على موعد مع سلسلة من الاعتراضات التي تحتشد في تحرّكات قطاعية تحتاج معالجتها إلى الابتعاد عن لغة التصادم والفوقية خصوصاً في ما يخصّ القطاعات التي سلبت بعض الحقوق، والتي تنتمي لذوي الدخل المحدود، المفترض أنها محصنة بوعود حاسمة بعدم المساس بمداخيلها، وقد كان كلام وزير المال علي حسن خليل أمس، تجديداً للالتزام بهذه الحصانة لمداخيل هذه الفئات وعدم المساس بها أو تعريضها لضرائب إضافية. وهذا ما يستدعي فتح حوار مباشر مع هذه القطاعات والاستماع لهواجسها والحوار الهادئ معها، للانتباه إلى أي تسرّب لمواد مؤذية في بنود الموازنة، ليتم تصحيح أي خلل أثناء المناقشات النيابية للموازنة، تفادياً لانتقال الأزمة إلى الشارع ما يعرّض الاقتصاد والسياسة، وربما الأمن للاهتزاز.
وبالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء نفذ العسكريون المتقاعدون اعتصاماً أمام مصرف لبنان مطالبين السلطة بسحب المواد التي تضرب حقوقهم من مشروع موازنة 2019 وإيداعها لجنة متخصصة ضمن وزارة الدفاع، وحمِّل العسكريُّون المتقاعدون السلطة مسؤولية أية تداعيات قد تنتج عن استمرارها بتعنُّتها وممارسة غيِّها بحق حماة الوطن ورفضها تلبية مطالبهم. كما دعا العسكريُّون المتقاعدون زملاءهم المتقاعدين كافة وعوائل الشهداء والمعوَّقين وعوائل زملائهم في الخدمة الفعليَّة إلى ملاقاتهم إلى أمام مصرف لبنان ليخوضوا سوياً معركة: «حقُّ العسكر.. خطٌ أحمر».
وعلمت البناء أن وزير الدفاع الوطني الياس بوصعب سيلتقي اليوم قبل جلسة مجلس الوزراء لجنة من المتقاعدين العسكريين شُكّلت بناءً لطلبه. علما ان مصادر العسكريين المتقاعدين اكدت لـ»البناء» ان العسكريين المتقاعدين لن يتراجعوا عن موقفهم بالإضراب ما لم تسحب الحكومة المواد 55 و57 و58 التي تمس بحقوقهم، مشددة على أن المادتين 55 و57 غير دستوريتين. واعتبرت المصادر أن التصعيد سيبقى مستمراً وسيواكب جلسات مجلس الوزراء المتبقية وجلسات مجلس النواب المرتقبة بالإضراب لعدم التطاول على حقوق العسكريين، خصوصاً ان كل الاجراءات الواردة في البنود السابقة الذكر تضرب كل الخدمات التي توفرها المؤسسة للعسكريين.
من ناحية أخرى يعقد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مؤتمراً صحافياً عند العاشرة من صباح اليوم في مقر الوزارة، يتناول فيه التطورات السياسية وما يتصل منها بما شهدته وزارة الخارجية في الأسبوع الماضي من تحقيقات أجراها أمن الدولة في الوزراء مع عدد من السفراء. وكان باسيل أكّد من زحلة يوم السبت ضرورة إقرار الموازنة معها قرارات اقتصادية. وهذا ما يُخلّص لبنان. وأشار إلى أنّ هناك عجز الموازنة والعجز التجاري والعجز السكاني، مشدّدًا على ضرورة ايجاد حلّ لهذه الأمور. وأعلن أنّه سيعرض الأسبوع المقبل رؤيته في مجلس الوزراء وخارجه. وتحدّث عن ملف الكهرباء قائلاً: «لن نأخذ موقف المتفرّج من الفرحين بتعطيل خطة الكهرباء وبتقديم الطعون أمام المجلس الدستوري».
وفي ما يتعلق بموضوع عودة النازحين، أكّد باسيل أنّه لا يمكن إنقاذ الاقتصاد في لبنان ويعيش على أرضه مليون ونصف نازح.
"الأخبار": السراي ومصرف لبنان «تحت الحصار»: الحكومة تشتري الوقت ونقاش الرواتب مستمر
صحيفة "الأخبار" قالت انه على وقع تصاعد الحركات الاحتجاجية في الشارع، عقدت الحكومة جلسة جديدة ليل أمس لمتابعة مناقشة موازنة 2019، وخطة التقشّف التي تتجّه نحوها البلاد، تحت ضغط مؤتمر سيدر والأزمات الاقتصادية المتراكمة.
امتدت الجلسة حتى الثانية فجراً، ليخرج وزير الاعلام جمال الجراح معلناً قرارات «عادية» في ما بدا كأنه محاولة لامتصاص غضب الشارع عبر إرجاء بت القرارات التي تتعلق بخفض الرواتب. الجراح أعلن فرض غرامات على التهرب الضريبي ورفع الاجور على اجازات العمل وخفض مساهمة الدولة في بعض الادارات بين 10 و50 في المئة وتشجيع الاستثمار في قطاعات منها تكنولوجيا المعلومات ورفع الرسوم على الطائرات التي تهبط في مطار بيروت. وتفادى الجراح، بالاشارة الى ما يتعلق بخفض الرواتب مرجئاً الأمر الى ما بعد تقدير كلفة الخفض الذي حققته الإجراءات الحكومية حتى الآن، معلناً عقد جلسة ظهر اليوم.
شراء الوقت جاء بعدما انعقدت الجلسة في ظل تحركات للموظفين حول السراي الحكومي وقدامى العسكريين الذين نصبوا خيماً أمام مصرف لبنان، مع التلويح بتصعيد اليوم بعدما عكست أجواء ما قبل الجلسة اتجاهاً لدى الحكومة إلى نقاش خفض الرواتب. ومع قرار عقد الجلسة ليلاً، بدا كأن الحكومة تحاول تمرير يوم الإثنين من دون إعطاء مادة دسمة للمعترضين من المتقاعدين والموظفين في محاولة لشراء الوقت، قبل انكشاف الإجراءات التي اتفقت السلطة على عناوينها العريضة. ولا تزال التفاصيل موضع نقاش وتجاذب.
وحتى الآن، يبدو أن الإجراءات التقشفية التي اتخذتها الحكومة أسهمت في تخفيض العجز، ولكن لا تزال الموازنة تحتاج إلى ما بين 500 و600 مليون دولار، ليتراجع العجز إلى الحد المطلوب، وهنا تبحث السلطة عن تأمين هذه الاموال من مصدرين: أوّلاً خفض الرواتب وثانياً رفع الرسم الجمركية على السلع المستوردة.
وكان من المفترض، بحسب أجواء ما قبل الجلسة، أن يتم بحث هاتين النقطتين، وكلتاهما تحدّان من القدرة الشرائية وتؤثران على ذوي الدخل المحدود، بمعزلٍ عن الفوائد الأخرى التي يعود بها على الاقتصاد الوطني موضوع رفع الضريبة على البضائع المستوردة.
وبما أن غالبية السلطة متفقة على هذين الإجراءين، يبقى التباين في حالة خفض الرواتب، على الطريقة التي سيتم فيها تخفيض الأجور ومن هي الشريحة المستهدفة والتي ستتأثر بهذا الإجراء، فيما في الإجراء الثاني يظهر التباين في السلع المستهدفة من رفع الضريبة، إذ إن التيار الوطني الحرّ مثلاً، اقترح رفع الضريبة 3% على كامل السلع المستوردة، فيما يقترح حزب الله رفعها على السلع الكمالية وتلك التي يمكن استبدالها بسلع محليّة للحدّ من العجز التجاري. وهذا الطرح، أي رفع الضرائب على السلع الكمالية، يسهم أيضاً في الحدّ من الحاجة إلى خفض الرواتب ونسبة هذا التخفيض، علماً بأن هذا الإجراء سيدفع الاتحاد الأوروبي إلى الاعتراض، بحجّة التزام لبنان بالسوق الأوروبية، على رغم أن نصوص الاتفاقيات واضحة لجهة حق لبنان في إيجاد آليات لفرض رسوم حمائية، عندما يكون ميزان المدفوعات في حالة عجز.
وبحسب ما رشح من الجلسة، فإن النقاش دار حول موازنات عدد من الوزارات، علماً بأن غالبية الوزارات تقدمت بموازناتها يوم الجمعة، وبقي بعضها، ومنها الخارجية والطاقة التي استمهلت حتى يومي أمس وأول من أمس.
وعلى ما نقل بعض الوزراء، فإن المتوقّع أن تستمر الجلسات حتى يوم الأربعاء قبل تحويل الموازنة إلى المجلس النيابي، ما يعني بقاء التوتر في الشارع والاعتصامات والتظاهرات، وإمكان تمددها في حال شروع الحكومة في إجراءات قاسية تطال الرواتب.
وعلمت «الأخبار» أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة استدعى أمس عدداً من الموظفين الذين يتولّون مهام مؤثّرة في عملية التبادل المالي مع المصارف الأخرى والتحويلات المالية، وطلب منهم النوم في المصرف تحسبّاً من قطع الطريق من قبل المتقاعدين، حتى لا ينعكس هذا الأمر على العمليات المالية والمصرفية في البلاد.