لبنان
جلسة الموازنة للأحد .. والإضرابات مستمرة
سلطت الصحف الصادرة صباح اليوم الضوء على مقررات الجلسة الوزارية أمس الجمعة، وعن توقف الجلسات ليوم واحد لتعود وتستأنف أعمالها يوم الأحد على وقع الإضرابات والاعتصامات وحرق الإطارات التي عادت من جديد.
رفع الضريبة على الفوائد... ومخصصات العسكريين تحسم
بداية مع "الأخبار" التي تناولت مستجدات مناقشة مشروع موازنة الـ 2019، وهو إقرار الحكومة ضريبة الـ 10% على الفوائد المصرفية، لمدة ثلاث سنوات فقط. وهي خطوة، ليست جزءاً من سياسة ضريبية. فهذه الفوائد التي ارتفعت لا تزال أدنى من ضريبة الدخل على الشركات (17%) وضريبة الأفراد (التي تصل بعد استحداث شطر جديد إلى 25%)، سيتم خفضها إلى 7% بعد ثلاث سنوات، وربما 5% كما أعلن الوزير جمال الجراح.
أما البند الخاص بالعسكريين، فلم يصل الى قرار نهائي وحاسم بعد. وأعلن وزير الإعلام جمال الوزير الجراح بعد الجلسة أنّه «جرى بحث جدي في قانون التدبير الرقم 3 والمراسيم الصادرة، والحكومة ستطبق القانون الذي ينص على أن التدبير الرقم 3 هو في مواجهة العدو الإسرائيلي. أما الباقي فيخضع للتدبير الرقم 1، ولكن ترك لقادة الأجهزة الأمنية تحديد الحالات التي يعتبرونها تخضع للتدبير الرقم 3 وتلك التي تخضع للتدبير الرقم 2 والرقم 1».
وأضافت "الأخبار" أن اجتماع رئيس الحكومة سعد الحريري مع وزيري الدفاع الياس بو صعب والداخلية ريا الحسن كان قد سبق نقاش أمس. وفيه قال وزير الدفاع إنّ الجيش يتولى حالياً الأمن على الحدود وفي محيط المخيمات الفلسطينية وعلى كامل الأراضي اللبنانية بموجب المرسوم الرقم 1 (تاريخ 1991، وأضاف إنّ قيادة الجيش على استعداد لأن تخضع تعويضات العسكريين الذين يخدمون على الحدود وفي محيط المخيمات الفلسطينية للتدبير الرقم 3، في مقابل أن يخضع بقية العسكريين والأمنيين للتدبير الرقم 1 (الذي يُعطي لكل عسكري تعويض شهر ونصف شهر عن كل سنة خدمة)، شرط أن يتم إلغاء المرسوم 1 وتنحصر مهمات الجيش على الحدود والمناطق المحيطة بالمخيمات الفلسطينية، ولا يتدخل في الداخل إلا لمؤازرة قوى الأمن الداخلي وبناءً على طلبها.
وفي السياق، تواصل التحركات المعترضة على خطة الحكومة لاقتطاع جزء من رواتب موظفي القطاع العام. لكن المشكلة الواضحة عدم قدرة المحتجين على إقامة تحالف نقابي وإشراك قوى اجتماعية جديدة.
في الجامعة اللبنانية، وبرغم ضغوط القوى السياسية، فليس وارداً التراجع عن الإضراب المفتوح حتى ضمان إقرار الحكومة للموازنة دون المس برواتب الأساتذة وتقديماتهم. ولم تفلح المكاتب التربوية في اجتماع «البريستول» قبل يومين في إعلان موقفها الحقيقي الرافض للإضراب، إنما اكتفت بمناشدة أهل الجامعة «الحفاظ على صورة الجامعة ووضع مصالح الطلاب كأولوية تتقدم على ما سواها».
بعض المعتصمين في باحة وزارة التربية أمس، أبدوا تفهمهم لموقف الطلاب من الإضراب، «فهم لديهم الحق بالتعلم والتخرّج مهما كانت الظروف، وليس جائزاً استخدامهم وقوداً في المعركة». وما لم «يبلعه» المعتصمون هو تعميم صورة نمطية عن أستاذ الجامعة اللبنانية على خلفية الإضراب المفتوح. استهجنوا أن يقال إن الأساتذة لا يعملون ويتقاضون رواتب عالية. استفزهم كلام وزير المهجرين غسان عطا الله أنّ يقول إنّ الأستاذ يتقاضى 17 مليون ليرة شهرياً.
من جهتهم، عاد العسكريون المتقاعدون الى التحرك بانتظار إعلان الحكومة سحب المواد 55 و57 و58 من قانون الموازنة والمتعلقة بالمس بمكتسباتهم، ملوحين بالتصعيد: من الاعتصام وصولاً إلى تعطيل البلد.
أما هيئة التنسيق النقابية، فأعلنت الإضراب اليوم، وتنتظر الهيئة من الجمعيات العمومية التي ستعقدها الروابط المكونة لها تفويضها بالتصعيد، وصولاً إلى الإضراب المفتوح. بينما طالب التيار النقابي المستقل وتجمع الموظفين المستقلين بالبقاء في الشارع، والتحضير لمقاطعة التصحيح في الامتحانات الرسمية وتعطيل العمل في الإدارات والمؤسسات العامة.
الموازنة تتقدّم في ملفات المصارف والعسكريين وتعويضات التعليم... والتتمة الأحد
بدورها تحدثت "البناء" عن تقدم الحكومة فيما يخص الموازنة خطوات في بعض الملفات الشائكة، فأقرت رفع الضريبة على الفوائد المصرفية، سواء الفوائد التي يتلقاها المودعون على ودائعهم، أو التي تحققها المصارف على اكتتابها بسندات الخزينة، لتصبح 10 بدلاً من 7 ، كما أقرت حصر تطبيق التدبير رقم 3 في الأسلاك العسكرية على العسكريين الذي يؤدون خدمتهم العسكرية في جبهات الجنوب وحول المخيمات الفلسطينية، ورفع مدة الخدمة التي يجب أن تسبق حق العسكريين في التقاعد، ووافقت الحكومة على تخفيض التعويضات المدرسية للموظفين بنسبة 15 باستثناء التعويضات التي تسددها تعاونية موظفي الدولة، ووسط غموض في كيفية تلقي الجهات المعنية لقرارات الحكومة يواصل مجلس الوزراء الاجتماع غداً الأحد لمتابعة البحث بباقي بنود الموازنة.
وأشارت إلى أن مجلس الوزراء سيأخذ اليوم استراحة ليعود يوم غد الأحد الى الانعقاد في جلسة مسائية على وقع الإضرابات والاعتصامات وحرق الإطارات التي عادت من جديد. أما جلسة مجلس الوزراء امس والتي اعتبرها الوزراء منتجة لجهة الإيرادات انتهت إلى إقرار رفع الضريبة على فوائد المودعين والمصارف من 7 إلى 10 لمدة 3 سنوات.
واتخذ المجلس سلسلة قرارات وإجراءات، أبرزها إلغاء التدبير رقم 3 إلا على الذين على الجبهات ورفع سن التقاعد في الأسلاك العسكرية خمس سنوات إضافية، وصولاً إلى إضافة بند جديد يقول بمعاملة العسكريين كالمدنيين في حال توفي العسكري وفاة طبيعية وهو في الخدمة لجهة استفادة العائلة من التعويضات. وبحسب الوزير أكرم شهيب فإنها أقرت تخفيض المنح المدرسية للموظفين بنسبة 15 في المئة متوقعاً ان تجني الدولة من الاملاك البحرية 100 مليار.
ولفت وزير الإعلام جمال الجراح بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء الى انه يتم البحث عن الطريقة الأمثل عن كيفية مساهمة السلطات العامة في تخفيف العجز. وعن التدبير رقم 3، قال الجراح: «الحكومة ستطبق القانون بخصوص التدبير رقم 3 وبالتالي تطبيقه بمواجهة العدو الإسرائيلي والباقي تدبير رقم 1 لكن ترك لقادة الأجهزة الأمنية تحديد الحالات لاعتماد التدبير رقم 1 أو 2 أو3».
وكان وزير الدفاع الياس بوصعب طرح خلال الجلسة، بحسب ما علمت «البناء» دراسة نصت على إلغاء المرسوم المكلف فيه الجيش على أساسه بحفظ الامن في الداخل على أن تقوم قوى الأمن بحفظ الامن في الداخل والجيش على الحدود وفي المخيمات الفلسطينية على تدبير رقم 3 بينما يخفض التدبير الى الرقم واحد للعسكريين في الثكنات، انطلاقاً من هذه الدراسة من شأنها ان تشكل خفضاً كبيراً في موازنة الجيش والرواتب التقاعدية.
وفي موازاة ذاك، اعتصم العسكريون المتقاعدون في رياض الصلح وحرقوا الإطارات رافضين المس برواتبهم او حقوقهم، وشارك في الاعتصام النائب شامل روكز مؤيداً حقوق زملائه. وأعلنت هيئة التنسيق لحراك العسكريين المتقاعدين في بيان، أن «المشكلة ليست في رواتبنا بل في منظومة الفساد حيث لا بد من إقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة ورفع الحصانة عن الفاسدين ليتمكنوا من مساءلتهم». وبعيد زيارة الوزير بو صعب لهم وتبلغهم نتائج الاجتماع السلبية عمد المعتصمون الى حرق الدواليب في الشارع مجدداً قبل ان يفضّوا الاعتصام، مهددين بتصعيد إضافي اليوم، ومتوعدين بقطع الطرق بالدواليب المشتعلة في أكثر من منطقة.
وأكدت مصادر العسكريين المتقاعدين أنهم لن ينسحبوا من الشارع طالما أن حقوقهم مستهدفة، مشددة في حديث لـ»البناء» على انهم سيتصدون لأي إجراء تعسفي بحقهم من خلال تحركاتهم التي ستتنوع اساليبها في الأيام المقبلة وستشمل المناطق اللبنانية كافة ونحن جميعنا على جهوزية تامة لمواكبة كل المستجدات.
بينما تشدد مصادر الضمان الاجتماعي لـ»البناء» على أن الامور لا يمكن أن تمر مرور الكرام خصوصاً أن الحكومة من خلال الموازنة التي وضعها وزير المال تعفي نفسها من تسديد فوائد دين الـ 2500 مليار ليرة وقيمتها نحو 400 مليار ليرة، مشددة على ان الضمان الاجتماعي له قانون خاص. ولفتت المصادر إلى انه لا يجوز المسّ بحقوق مستخدمي الضمان الذين لم يستفيدوا من قانون سلسلة الرتب والرواتب. ولفتت المصادر الى ان الإضراب لن يُعلق، بانتظار ان تقتنع الحكومة بوجهة نظرنا المحقة.
أما على خط المصارف، فأوضحت "البناء" أن الوضع ليس أفضل حالاً مع تأكيد مصادر مصرفية لـ»البناء» ان خطوة مجلس الوزراء التي قبلت بها المصارف لن تعود بالإيجابية عليها إنما ستفاقم الازمة، خصوصاً أن إجراءات من هذا النحو جربت في السابق ولم يكن لها اي وقع جيد. ولفتت المصادر الى ان المصارف لطالما قامت بدورها، وبالتالي لماذا ترمى المسؤولية عليها، مضيفة صحيح أن المصارف شريك في حل الأزمة لكنها ليست المشكلة والمشكلة في مكان آخر. واعتبرت المصادر من ناحية أخرى أن الوضع طبيعي في ما خص التحويلات والسحوبات المالية ولا صحة لما يتم التداول به عن وضع المصارف سقفاً للسحوبات.
الأحد الساخن: إقتطاع أو تجميد 20٪ من الرواتب!
من جهتها اعتبرت "اللواء" أنه من الخطأ الإعتقاد، ولو لمرة، ان مجلس الوزراء، الذي يواظب على عقد جلسات ماراتونية لإنجاز موازنة العام 2019، لم يكترث لصرخات الشارع. ومن الخطأ النظر إلى المواجهة الجارية بين الحكومة، كممثلة لكل الطبقة السياسية، وجموع المحتشدين في الشوارع وأمام المصارف وفي باحات الوزارات وبين ساحة النجمة ورياض الصلح، من عسكريين متقاعدين وموظفين مدنيين في الإدارات والجامعة وصولاً إلى القضاة، الذين ابتكروا طريقة للتعبير هي الاعتكاف، كأن لا اثر لها ولا معنى. غير ان، كما يقال، في الأقدار المرسومة ما كتب قد كتب، وما رسم قد رسم.
وأضافت الصحيفة أن الوقائع أثبتت بما لا يقبل مجالاً للشك ان توزع عبء الموازنة، لجهة تخفيض العجز ما نسبته بين 8 و9٪، لن يكون إلا بالسير بالنسبة نفسها في انقاص التقديمات 15٪ للمنح المدرسية، وإعادة النظر بالتدبير رقم 3، واستثناء الموظفين التابعين لتعاونية موظفي الدولة من التخفيض، ورفع سن التقاعد في الاسلاك العسكرية من 18 سنة إلى 23 سنة.
والبارز، على الرغم من إعطاء يوم إجازة للوزراء (اليوم السبت)، فإن الرئيس نبيه برّي، الذي استقبل الوزير جبران باسيل، قال: إذا لم يحصل الخفض إلى 9٪ (ونزول)، فالأفضل عدم إحالة الموازنة إلى المجلس النيابي. على ان مسار التخفيضات ورفع الضرائب على الفوائد كرّس واقعاًَ جديداً في ميزان عجز الموازنة، على ان يستكمل عند التاسعة والنصف من مساء غد الأحد الذي يُمكن وصفه «بالأحد الساخن» في اقتراب غير مسبوق من رواتب العاملين في القطاع العام، وفي الاسلاك المدنية والعسكرية على الرغم من ارتفاع حركة الاحتجاج في الشارع، والمنحى التصعيدي الذاهبة إليه التطورات.
وفي المعلومات أوضحت "اللواء" ان الاتجاه يدور بين افتراضين: الأوّل اقتطاع نسبة من الراتب.. والثاني تجميد جزء من الراتب، على ان يوضع كسندات خزينة على مدى ثلاث سنوات، ويعود إلى الموظف مع فائدته. وأن الاقتراح الثاني يميل إليه الرئيس سعد الحريري، في حين وزراء التيار الوطني الحر، يتجهون إلى الاقتراح الأوّل. وبالنسبة المقترحة، التي ما تزال قيد التداول تتراوح بين 15 و20٪ من أصل الراتب. أمَّا الفئات الوظيفية التي سيشملها، فلم يحسم وضعها، وان كان ثمة اقتراح بتحييد أصحاب الرواتب ما دون الثلاثة ملايين ليرة لبنانية.