لبنان
الموازنة تدخل فصولها الأخيرة اليوم ..والإضرابات تعمّ لبنان
سلطت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الضوء على جلسات مجلس الوزراء من الأمس وصولاً إلى جلسة اليوم التي اعتبرتها اخر مراحل مشروع الموازنة، حيث ستناقش الحكومة بنودها الإشكالية بعد عدة تأجيلات، كما يرافق الجلسة عدد من الاعتصامات والإضرابات، من أساتذة الجامعة اللبنانية والقضاة، إلى العسكريين المتقاعدين، باتجاه للمزيد من التحركات التصعيدية.
مجلس الوزراء لم يُسقِط احتمال الاقتطاع من الأجور
بداية مع "الأخبار"، حيث قالت إن كل ما سبق من جلسات لمناقشة مشروع الموازنة كان مجرد تمرين على المناقشات الجدية التي لم تنطلق بعد. منذ اليوم يبدأ المجلس ببحث المواد الإشكالية التي أجّلت ريثما يتم التوافق بشأنها أو ريثما يتم إيجاد الطريقة المناسبة لتمريرها بـ«أقل الأضرار». وبعد هدنة قسرية، تعود التحركات النقابية اليوم إلى الواجهة في محاولة أخيرة لمواجهة الخطط الحكومية التي تصر على المس بحقوق الموظفين وذوي الدخل المحدود
وأضافت أن كل البنود الجدية في مشروع الموازنة رُحّلت إلى اليوم. ولأنها كثيرة ومتشعبة، فإن إقرار المشروع قد رُحّل بدوره. أمس، بدا واضحاً أن مجلس الوزراء تحول إلى مرحلة انتظار الاتفاق السياسي على البنود العالقة، وأبرزها الاقتطاع من رواتب وأجور وتعويضات القوى العسكرية والأمنية وموظفي القطاع العام، وزيادة الضريبة على فوائد الودائع المصرفية... أما جلسة أمس، فلم تشهد أي نقاشات جدية في القضايا العالقة، بل تركّزت على موازنات الوزارات والإجراءات المطلوبة لخفض «النفقات التشغيلية». وفي هذا السياق، قدم الفريق الاستشاري للرئيس سعد الحريري دراسة تفترض إمكان خفض ما بين ألف و1200 مليار ليرة من مشروع الموازنة. هذا المبلغ بدا خيالياً، خاصة أن المشروع المنجز من قبل وزارة المالية، سبق أن خفض هذه النفقات بنسبة كبيرة. وبنتيجة النقاش، تقرر أن يعود كل الوزير إلى جلسة اليوم حاملاً معه اقتراحاته لخفض النفقات في وزاراته. ومن الأفكار التي طُرحت أمس، اقتراح يقضي بفرض رسم على المستوردات بنسبة ثلاثة في المئة، في محاولة لحماية الإنتاج الوطني، وفي الوقت نفسه، تكون مهمته تعويض ما لا يمكن تحصيله في حال صرف النظر عن خفض الرواتب.
على خط مواز، تابعت "الأخبار" أنه بالنظر إلى الأجواء التي ترشح عن جلسات المجلس، والتي لم تطمئن الموظفين والمتقاعدين، يتوقع أن يشهد اليوم عدداً من الاعتصامات والإضرابات، التي تضاف إلى إضراب أساتذة الجامعة اللبنانية والقضاة، المستمر منذ بداية الأسبوع. وقد أعلن الإضراب الشامل اليوم وغداً في الثانويات الرسمية ودور المعلمين ومراكز الإرشاد والتوجيه، على أن تناقش رابطة أساتذة التعليم الثانوي في اجتماعها بعد ظهر اليوم، التحركات التصعيدية المناسبة والتي «لا سقف محددا لها».
كذلك دعا العسكريون المتقاعدون إلى «التعبئة العامة» لإسقاط تهديد السلطة لأمنهم الإجتماعي، متراجعين عن تعليق تحركاتهم الميدانية بانتظار جلاء المعطيات ومعرفة القرارات المستجدة. وفي ضوء ما تسرب إليهم عن استمرار استهداف العسكريّين المتقاعدين، «ولمّا كان توجه الحكومة الأساسي ما يزال بعيداً عن الوفاء و الحوار والعدالة وأقرب إلى منطق الصدام والتحدّي»، أعلنوا «استئناف وتفعيل تحركاتهم بالسرعة القصوى، ودعوة كافة المحاربين القدامى وعائلات كافة العسكريين والشهداء والجرحى، من مختلف الرتب والمناطق، إلى النزول الفوري اليوم، الساعة 11 قبل الظهر، إلى ساحة رياض الصلح، وإلى حين سحب كافة المشاريع المشبوهة».
الموازنة في مراحلها الأخيرة
بدورها تناولت "البناء" استكمال مجلس الوزراء دراسة مشروع قانون الموازنة العامة تحت ضغط المساءلة المالية الدولية وعلى وقع عودة الإضرابات وتحرّكات الشارع بدءاً من اليوم، موضحة أن المجلس قد غاص في جلسته السابعة أمس، في أبواب النفقات وحدد «نسب التخفيضات على أن تبلغ 1200 مليار عن الموازنة السابقة أي تخفيض العجز بحدود 8 في المئة»، وسط توقعات بالانتهاء من الموازنة في جلسة اليوم بحسب وزير المال علي حسن خليل الذي أكد أنّ الأجواء إيجابية، على أن يعقد المجلس جلستين السبت والأحد للتقييم النهائي للموازنة، بحسب ما أشار وزير الإعلام جمال الجراح على أن تعقد الجلسة الأخيرة في بعبدا لإقرارها وإرسالها الى المجلس النيابي.
ومن الأبواب التي ناقشها المجلس مطوّلاً المنح التعليمية في المدارس الخاصة التي تُعطى للموظفين في القطاع العام من دون التوصل الى أيّ اتفاق، فيما أشار وزير التربية أكرم شهيّب الى أنه سيتقدّم في جلسة اليوم بطرح واضح حول المنح المدرسية يؤمّن العدالة والمساواة. كما بحث بموازنات الوزارات وتمّ الاتفاق على تخفيض 20 في المئة من موازنات كلّ وزارة.
ولفتت البناء إلى التأجيل الحاصل في الجلسة للبنود الخلافيّة لا سيما بند تخفيضات رواتب الموظفين كما لم يتمّ التطرق الى بند تخفيض رواتب الرؤساء والنواب والوزراء الحاليين والسابقين بعدما أحدث انقساماً بين الوزراء في جلسة الأربعاء الماضية، بحسب مصادر وزارية علماً أنّ المعلومات تشير الى توجه حكومي لدى معظم المكوّنات وعلى رأسها الرئيس سعد الحريري لتخفيض رواتب السلطات العامة الى حدود 50 في المئة.
أما في بند الضريبة على المصارف فلم يُطرح أيضاً بعد تعذر التوصل الى اتفاق نهائي في جلسة أمس الأول وسط معارضة شديدة من فريق رئيس الحكومة لا سيما وزير الاتصالات محمد شقير ومن خلفه جمعية المصارف. وأعلن شقير بوضوح من السراي رفضه رفع الضريبة على الفوائد في المصارف. ويطرح فريق الحريري، بحسب معلومات «البناء» مقايضة بين الموافقة على رفع الضريبة على الفوائد من 7 الى 10 في المئة بشرط احتساب الضريبة على أرباح المصارف من ضمنها، مقابل إصرار فريق واسع في الحكومة على فرض هذه الضريبة يضمّ حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي، فأكد الوزير شهيّب أنّ الحزب مع رفع الفائدة على فوائد المصرفية، مشيراً الى أنه «في حال لم نزد موارد الخزينة من أصحاب رؤوس الأموال فمن أين نحصل عليها؟ من الفقراء؟» أما وزير الصناعة وائل ابو فاعور فأشار الى أنّ الموازنة في مراحلها الاخيرة، مشيراً الى أنّ «هناك قضايا جذرية يجب ان تبتّ لمصلحة الخزينة العامة أبرزها رفع الضريبة على الدخل في شطرها الأعلى الى 30 في المئة بدلاً من 25 في المئة وإعادة النظر بالمنح المدرسية التي تكلّف الخزينة كثيراً. وأوضح أننا مع اقتطاع 50 في المئة من رواتب المسؤولين الرسميين وهناك اعتراض بعض الأطراف، لكنه لم يسقط».
تخفيضات المساهمة بالصناديق تُشعِل التحركات
من جهتها، أشارت "اللواء" إلى اقتراب المناقشات من الرواتب والتقديمات والمساعدات وصناديق التعاضد، كما يعتصم اليوم أساتذة اللبنانية في حرم وزارة التربية والتعليم العالي في الأونيسكو.. ويخرج قدامى العسكريين إلى الشارع مع اعلامهم اللبنانية، رافضين المسّ بتقاعدهم، وحجم ما يتقاضونه من رواتب أو تقديمات. وقيمت اللواء فعل مجلس الوزراء في الجلسة الثامنة، عندما وضع الرواتب والأجور جانباً، بانتظار مسار التخفيضات وحسابات الوفر في مجالات أخرى، مثل تخفيض مساهمة الدولة في كل الصناديق والمجالس كمجلس الإنماء والاعمار وصندوق المهجرين، ومجلس الجنوب، وصولاً إلى الهيئة العليا للإغاثة.
وفي ضوء ما ستسفر عنه قرارات الحكومة اليوم، التي لا تعبأ كثيراً بما يجري في الشارع، يتضح ما إذا كان ثمة قرار يتخذ بعقد جلسة بعد غد الأحد لإنجاز التخفيضات والتعديلات في الأرقام والأبواب، بما في ذلك دفع الضريبة على فوائد الودائع المصرفية إلى حدّ لا يقل عن 8٪ ولا يتجاوز الـ10٪، ويضخ مثل هذا الاجراء ما لا يقل عن مليار و200 مليون دولار أميركي لخزينة الدولة.
ولم يستبعد مصدر وزاري لـ"اللواء" أن يجتمع الرئيس سعد الحريري مع كل من وزير الدفاع الياس أبو صعب ووزيرة الداخلية والبلديات ريّا الحسن، للبحث في سلّة الاقتراحات المقدمة حول رواتب العسكريين في الأجهزة الأمنية كافة.
ووفق مصادر وزارية، فإن ملامح مشروع موازنة 2019 بدأت ترتسم مع وصول المناقشات فيه إلى الأمتار الأخيرة، قبل اقراره في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء والمتوقعة مطلع الأسبوع المقبل، ومن ثم احالته إلى المجلس النيابي لدراسته وانجازه بصيغته النهائية في قانون. موضحة ان الملف بدأ يدخل في مرحلة حسّاسة بالتوازي مع عودة تحرك العسكريين المتقاعدين.
وخلال الجلسة الثامنة التي عقدت امس في السراي الحكومي برئاسة الرئيس سعد الحريري تركز النقاش حول ارقام موازنات الوزارات حيث كان هناك تخفيض ملموس له بحدود 20%، كما وضع بند الرواتب جانبا بإنتظار اقتراحات جديدة يقدمها الوزراء يمكنها ان تزيد الدخل وتقلص النفقات لا سيما ان التوجه العام هو بضرورة اجراء تخفيضات.
وكشفت المصادر الوزارية ان المجلس لم يناقش في الجلسة موضوع تخفيض رواتب السلطات العامة مع العلم ان هناك توجها ايجابيا على رغم معارضة بعض الوزراء. واستبعد عدد من الوزراء أن تكون جلسة اليوم هي الجلسة ما قبل الاخيرة والتي من المقرر ان تعقد في قصر بعبدا، بعد ان كانت التوقعات تشير إلى أن جلسة اليوم ستكون الجلسة الحاسمة والاخيرة قبل الاقرار، مع العلم ان الرئيس الحريري يصر على الانتهاء من دراسة المشروع هذا الأسبوع، ولهذا تقرر تمديد الجلسات المفتوحة، بحيث تكون هناك جلسات يومي السبت والاحد، بحسب ما أعلن وزير الاعلام جمال الجراح.
وعلم انه تم الاتفاق على تخفيض مساهمات الدولة في كل الصناديق والمجالس كمجلس الانماء والاعمار، صندوق المهجرين، مجلس الجنوب، المجلس الاقتصادي الاجتماعي ومعهد البحوث العلمية والمجلس الاعلى للخصخصة و«اليسار» و«ايدال» و«الهيئة العليا للاغاثة»، نسبة 10 في المائة، فيما اقترح وزير الشؤون ريشار قيومجيان الغاء موازنة المجلس الاعلى اللبناني- السوري. كما اوضحت المصادر ان مجلس الوزراء وافق على وقف الخطوط الهاتفية المجانية الموضوعة تحت ادارة المؤسسات العامة وهي بحدود 5000 الاف خط.
بدء الحلقة الحاسمة للموازنة واليوم العسكر
"النهار" كما الصحف الأخرى، ركزت أيضاً على تفاصيل الجلسة الوزارية يوم أمس، حيث أمضى المجلس أكثر من خمس ساعات أمس في مناقشاته لاستكمال درس الموازنة واقرارها، أفضت واقعياً الى الخوض في العمق الجوهري لعملية خفض النفقات في مختلف المجالات والاتجاهات المتاحة، الامر الذي بدأ معه مخاض الموازنة يشارف النهايات الحاسمة. وبدا واضحاً ان تقدماً ملموساً أحرز في التوافق على الخفوضات المتصلة بموازنات الوزارات التي تعتبر الممر الاصعب لاختبار القرار السياسي لمختلف القوى السياسية والحزبية حيال الاتجاهات التقشفية المتوافق عليها مبدئياً والتي كانت تنتظر الترجمة العملية للالتزامات المقطوعة. واستناداً إلى المعلومات المتوافرة عن الجلسة، فإن طلائع الالتزامات السياسية لخفض النفقات جاءت مشجعة بدليل ان المعدل العام الذي اتفق على تخفيض نفقات الوزارات تحت سقفه بلغ 20 في المئة ولكن بنسب متدرجة ولم يثر الامر اعتراضات تذكر. ومع ذلك فثمة اختبار صعب سيواجهه مجلس الوزراء اليوم ويتصل ببت ملف موازنات الاجهزة العسكرية والامنية ويفترض ان يحمل وزير الدفاع الياس أبو صعب ووزيرة الداخلية ريا حفار الحسن الى مجلس الوزراء الجداول التفصيلية للجيش والاجهزة الامنية لكي يبنى عليها القرار الرسمي النهائي المتعلق بواقع الرواتب والتعويضات وما اليها من أمور أخرى.
وأوضحت "النهار" أن عشية الخوض في الموازنات العسكرية والامنية برز موقف لقائد الجيش العماد جوزف عون خلال احتفال في رأس بعلبك قال فيه إن "جنود المؤسسة العسكرية فخورون بشرف القسم الذي من خلاله أعلنوا الوفاء لوطنهم والتضحية من أجله"، مشيراً إلى أنه "طالما الواجب يقتضي ذلك فهم جاهزون ومستعدون لبذل الدماء، اقتناعا وإصراراً وواجباً، لا منة، لا تنال من معنوياتهم أصوات تعلو بين الحين والآخر مستهدفة عزيمتهم تحت عناوين مختلفة". وأضاف: "لربما غاب عن بال البعض أن الاستثمار في الأمن هو استثمار في الإقتصاد، لذلك أؤكد لكم اليوم أنه لن تثنينا ادعاءات واتهامات من هنا وهناك عن حفظ كرامة وطننا وأهلنا. كما أننا لن نحبط ممن أطلق المواقف المساندة لنا خلال المعارك، ليعود وينسحب عند المساس بحقوق العسكريين وعائلاتهم". كما أن تحركاً جديداً للعسكريون المتقاعدين تقرر اليوم رفضاً لأي مس بتعويضاتهم وذلك من خلال اعتصامات في محيط السرايا ومجلس النواب.
وكان مجلس الوزراء ناقش في جلسته أمس، كما صرح وزير الاعلام جمال الجراح، "الاجراءات المطلوبة لتخفيض النفقات الجارية والنفقات التشغيلية. فجرى عرض لابواب النفقات كلها وحُددت نسب التخفيض من كل بند نفقة بحيث نتمكن من تخفيض ألف الى 1200 مليار ليرة عن الموازنة المقدمة عن عام 2019".