لبنان
مجلس الوزراء يقترب من إنهاء درس الموازنة قبل تحويلها الى البرلمان
ركّزت الصحف اللبنانية الصادرة صبيحة اليوم في بيروت على عدد من المواضيع الهامة التي دارت في معظمها حول معالجة بنود إقرار الموازنة، حيث يسير مجلس الوزراء بخطى ثابتة ضمن إجراءات تقشفية تطال بشكل أساسي الموظفين ورواتبهم ومكتسباتهم. وعلى ما يبدو أن الموازنة لن تتأخر قبل أن تُحوّل إلى مجلس النواب.
الأخبار: الحكومة تقر مشروع الموازنة الجمعة: الخطر على الرواتب مستمر!
بداية مع صحيفة الأخبار التي رأت أن "مجلس الوزراء يسير بخطى ثابتة نحو إقرار موازنة تقشفية تتضمن معظم الإجراءات القاسية التي وعد بها الرئيس سعد الحريري، والتي تطال بشكل أساسي الموظفين ورواتبهم ومكتسباتهم. فبحسب مصادر وزارية، بدا الحريري امس، وبمساندة من وزير الخارجية جبران باسيل، متمسكاً باقتراح خفض الرواتب، رغم تأكيد عدد من الوزراء بأنه لن يمر، لأن دونه معركة كبيرة، ويصبح من دون جدوى إذا استُثنيت شطور الراتب الاولى منه! لكن لم تظهر أمس أي معارضة تُذكر لاقتراح الحريري، ما يعني أن رواتب موظفي القطاع العام لا تزال في دائرة الخطر. في المقابل، بالكاد مرت، أمس، الزيادة على فوائد أرباح الودائع المصرفية، بعد حصرها بثلاث سنوات فقط.
وأضافت الصحيفة، لن تتأخر الموازنة قبل أن تُحوّل إلى مجلس النواب. بحسب وزير الإعلام جمال الجراح، يمكن أن يكون غداً يوم إقرارها. عملياً، فإن الإصرار على إنجاز المهمة أعطى الحكومة قوة دفع تجاوزت كل الاعتراضات التي واجهتها، والتي انحسرت بحكم الانتماءات الحزبية والطائفية للمنتفضين الذين التزموا سقف مرجعياتهم، بعد اتفاق الرؤساء الثلاثة على تمرير المواد الإشكالية.
وتابعت: وحده مصرف لبنان تمكّن من الوصول إلى مبتغاه. إذ اكتشف مجلس الوزراء فجأة أن للمصرف قانونه الخاص، وبالتالي لا يمكن شمله بالمؤسسات والمرافق والهيئات العامة، فسحب اسمه من المادة 61 من الموازنة التي تنص على وقف العمل بالرواتب التي تزيد عن اثني عشر شهراً أياً كانت تسميتها أو نوعها. وفي المقابل، فإن المصرف سيجري ترتيبات داخلية تؤدي إلى خفض النفقات، على ما تعهد حاكم مصرف لبنان.
وإضافة إلى استثناء المصرف المركزي، تقرر تعديل المادة لتسمح بأن يُستثنى من أحكامها الراتب الرابع عشر (بدلاً من الثالث عشر) الذي يستفيد منه حالياً العاملون في المؤسسات العامة الاستثمارية والهيئات العامة. وقد أوضح الوزير جمال الجراح أنه تم تأجيل إقرار هذه المادة لأن «هناك بنوداً مترابطة في ما بينها كالرواتب في الادارات أو في المؤسسات أو لدى القوى الامنية أو من يتقاضون راتبين من خلال معاشات التقاعد وغيرها، فكلها سلة واحدة، ونحن نريد أن نضعها كلها لاجراء جدول مقارنة بينها. وبالتالي، نؤجل هذا البند، وننتقل الى نقاش البند التالي لنتمكن في النهاية من الوصول الى تصور معين يشمل كل الناس».حسب الصحيفة.
واشارت الصحيفة الى أنه وفي السياق نفسه، تقرر تحديد السقف الأعلى للرواتب، بحيث لا يتجاوز ما يتقاضاه أي موظف عشرين ضعف الحد الأدنى، أي 13 مليوناً و500 ألف ليرة، بغض النظر عما إذا كان هذا المبلغ نتاج وظيفة واحدة أو أكثر أو نتيجة الجمع بين معاش التقاعد وراتب آخر. بعدما سبق أن تقرر أن لا تتخطى التعويضات وملحقات الراتب 75 في المئة من الراتب الأساسي.
ولفتت الى أن النقاش الكبير حصل عند طرح رفع الضريبة على الفوائد من 7 إلى 10 في المئة، والتي أيدها وزراء حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر والقوات، فيما عارضها بداية الرئيس سعد الحريري، مصراً على إعطاء المصارف حق حسم هذه الضريبة من الضريبة على الأرباح. وعندما طلب الوزير جبران باسيل من رئيس الحكومة شرح اقتراحه، تبين أن المطلوب إعفاء المصارف من كل الضريبة التي تدفعها حالياً وليس إعفاءها من الزيادة فحسب، لكن عندها عاد الحريري ودعا إلى أن يكون الحسم محصوراً بزيادة الثلاثة في المئة فقط.
بعد ذلك، خرج أحد الوزراء ليحذر من أن هكذا اقتراح يعطي للمصارف مبرراً للطعن والمطالبة بأن تحصل على حسم، فأعلن الحريري أنه ضد هذه الضريبة. لكن مع إصرار الأطراف الأربعة على موقفها، خرج الوزير محمد شقير من القاعة لإجراء اتصال هاتفي، وعاد ليقدم اقتراحاً يسمح برفع الفائدة إلى عشرة في المئة على أن تخفض 1 في المئة سنوياً، لتعود بعد ثلاث سنوات إلى معدلها الحالي، أي 7 في المئة. أمام هذا الاقتراح تراجع الحريري عن رفضه للضريبة. وبعد نقاش إضافي، تم التوصل إلى اتفاق على رفع الفائدة إلى 10 في المئة لثلاث سنوات، من دون الخفض التدريجي. حسب الأخبار.
تولى الحريري الكلام مجدداً، وقال إن إقرار الزيادة هو بمثابة الإشارة بألا تساهم المصارف في تخفيض خدمة الدين العام. كما قال إنه لإقناع المودعين والمصارف بدفع هذه الضريبة، لا بد من خفض أجور الموظفين في القطاع العام، أو تجميد ما يصل إلى 15 في المئة منها لثلاث سنوات، وأيده في ذلك باسيل. لم يعلن وزير المالية موقفاً من التخفيض، لكنه قدم، بناءً على طلب الحريري وباسيل، أربعة سيناريوهات للتخفيض، الأول ينص على أن تطال الضريبة كل الرواتب، والثاني يقضي بإعفاء أول مليون ليرة من الراتب من موجب الحسم، والثالث يعفي أول مليونين ثم أول أربعة ملايين. وقد تبين أن الاحتمالين الأخيرين غير مجديين لأن الإيرادات ستكون منخفضة (نحو 25 مليار ليرة فقط في السيناريو الرابع)، خاصة أن من يتقاضون راتباً يفوق المليونين يشكلون ثلث عدد الموظفين فقط. بينما لن يكون سهلاً تسويق الاقتراح الذي يقضي بأن يطال الحسم كل الرواتب أو شطر المليون ليرة. وفيما جرى نقاش بشأن جدوى هذه التخفيضات، تقرر أن يستكمل النقاش اليوم.
وفي سياق متصل، طال النقاش تخفيض رواتب السلطات العامة (الرؤساء والنواب والوزراء)، إلا أن الأمر لم يحسم، علماً أن الأغلبية تعارضه، وأبرزهم وزراء التيار الوطني.
وختمت الصحيفة تقول: وفيما تم التطرق عرضاً إلى المواد الضريبية، في انتظار الاجوبة على التقديرات المالية والمقترحات حول هذه البنود، سيبدأ المجلس اليوم بمناقشة موازنات الوزارات كل على حدة. كما يُنتظر أن يقدّم وزيرا الدفاع والداخلية رؤيتهما لمعالجة أوضاع الاجهزة العسكرية والامنية غداً، وفق تكليف مجلس الوزراء لهما ببت مسألة تطبيق القانون بما يخص «التدبير رقم 3» (أن يُحتسب تعويض نهاية الخدمة للعسكري على أساس رواتب ثلاثة أشهر عن كل سنة خدمة في المناطق العسكرية وزمن الحرب)، لكي لا يبقى جميع العسكريين والامنيين مشمولين بهذا التدبير، حتى من يعملون في قطاعات مدنية او شبه مدنية. وأثار وزير الصناعة وائل بوفاعور مسألة الاملاك البحرية، مطالباً برفع بدل الاستثمار الذي يدفعه شاغلو هذه الأملاك للدولة. ولم يؤيده في هذا الاقتراح سوى وزراء حزب الله الذين اقترحوا أن يصدر هذا القرار بمرسوم خاص لا في قانون الموازنة.
"البناء": الحكومة ترتبك بعد جولة المادتين 60 و61 وترجئ المواد الساخنة
بدورها صحيفة "البناء" رأت أن الحكومة بدت مرتبكة بعد خسارتها جولة المادتين 60 و61 من الموازنة، ومعهما معركة التعديلات على هيكلية تقاعد العسكريين وعلاقتها باحتساب التجهيزات والتدبير رقم ثلاثة، لكن الأقسى كان الضربة التي تلقتها الحكومة في توازن القوى مع مصرف لبنان الذي فرض مجدداً قيادته للملف المالي بشروطه، مستنجداً بموظفيه الذين كان إضرابهم وتحرك المصارف ذراع التدخل لتراجع الحكومة، التي لجأت إلى تأجيل المواد الساخنة من الموازنة وواصلت النقاش في البنود الأقل تسبباً بالخلافات بانتظار التوافق على كيفية التعامل مع صدمة الأيام السابقة، بين دعوات لتعويض مضمون المواد الملغاة بهيكلية ضريبة على الدخل، ومَن يدعو لتفاهمات بالتراضي مع المصارف ومصرف لبنان والقطاعات الوظيفية بما يحقق الوفر المطلوب بمعزل عن التمسك بما يضمن مفهوماً قانونياً واضحاً للمسؤولية المالية أو اشتراط توحيد المعايير في الرواتب والتعويضات في القطاعات الوظيفية، وهي العناوين التي بدا أن وزير المال علي حسن خليل والرئيس نبيه بري من خلفه يتمسّكان بها، سواء عبر كلام خليل بأن النقاش لا يزال مفتوحاً حول المواد التي قيل إنه تم إلغاؤها، أو كلام بري عن وحدة المعايير التي تحتاجها الموازنة ولا يزال يأمل بتحقيقها.
وأضافت أن مجلس الوزراء واصل درس بنود مشروع موازنة 2019 مستفيداً من «هدنة الشارع المؤقتة» بعدما انخفضت وتيرة الإضرابات والاعتصامات باستثناء اعتكاف القضاة، وذلك بعد المناخ الإيجابي الذي وفّره اللقاء الرئاسي في بعبدا.
وبدأ المجلس جلسته التي عقدها في السرايا الحكومي أمس، برئاسة الرئيس سعد الحريري بدرس مخصصات السلطات العامة من رؤساء ووزراء ونواب لناحية خفض الرواتب، وقوانين البرامج وناقش المواد الضريبية بشكل عام في انتظار الأجوبة على التقديرات المالية والمقترحات حول هذه البنود، ومنها رفع الضريبة على فوائد الودائع المصرفية الذي لم يُبتّ حتى الآن، وسط ترجيحات أن يتمّ رفعها من 7 الى 10 في المئة بينما يطرح وزراء إخضاع هذا التخفيض الى شطور إذ لا يمكن وضع صغار المودعين في سلة ضريبية واحدة مع كبار المودعين.
كما تمّ وضع سقف لرواتب موظفي القطاع العام وهو عشرون ضعف الراتب الأساسي أي ما يعادل تقريباً 13 مليون ونصف المليون ل.ل.
وقد جاء لقاء الرؤساء الثلاثة في بعبدا لتذليل الخلاف في مجلس الوزراء حول عدد من البنود لا سيما المواد المتعلقة بالضريبة على أرباح المصارف والمادة 60 المتعلقة بإخضاع موازنات المؤسسات العامة الى رقابة وزارة المال والمادة 61 المتعلقة بالرواتب التي تتخطى 12 شهراً، فضلاً عن البنود المتعلقة بتعويضات تقاعد الجيش وسن التقاعد. وما يؤكد ذلك كلام وزير الخارجية جبران باسيل بعيد الجلسة أننا «لم نصل بعد إلى النقاط الحامية في الموازنة ونحتاج إلى مزيد من الوقت". حسب الصحيفة.
وتابعت الصحيفة: "كما جاء اجتماع بعبدا نتيجة اتساع دائرة التحركات في الشارع وحملة الإشاعات والتهديدات التي رافقتها، لكن اللافت هو أن لقاء بعبدا جاء بعد الإضراب الذي نفذه موظفو مصرف لبنان وتلويحهم بالإضراب المفتوح والإرباك الذي حصل في المصارف والأسواق المالية والنقدية والاقتصادية، بالتزامن مع ضخ معلومات مفادها نية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تقديم استقالته من منصبه، الأمر الذي نفته مصادر وزارية في تكتل لبنان القوي، مشيرة لـ»البناء» الى أن «هذا لا يعدو كونه إشاعات والحاكم يدرك مصلحة لبنان وهو على تنسيق دائم مع رئيسي الجمهورية والحكومة".
إلا أن موظفي المصرف لم يعلقوا اضرابهم إلا بعد تلقيهم ضمانات من الحكومة بإلغاء المادتين 60 و61، ويجري التداول بمخرج لمسألة رواتب موظفي المصرف هو خفض رواتبهم من 16 شهراً الى 13 على أن يتم توزيع الأشهر الثلاثة على الأشهر الـ12 في وقت لاحق، ما يعني بحسب مصادر سياسية أن «الحاكم استطاع أن يفرض شروطه وموقفه على الحكومة لا سيما دفع مجلس الوزراء الى الخضوع وإلغاء المادتين المتعلقتين بالوضع القانوني والإداري للمركزي».
وختمت "البناء": وتُحاط مداولات المجلس بكتمان شديد بطلب من رئيس الحكومة سعد الحريري، ولوحظ تناقض في تصريحات الوزراء حيال بعض البنود الخلافية، وما عزّز ذلك بحسب ما علمت «البناء» هو إرجاء البنود التي لا تحظى بتوافق والبدء مباشرة بدراسة البنود التي تليها، ما دفع بعض المراقبين الى التشكيك بقدرة الحكومة على إقرار موازنة واضحة وكاملة والاستعاضة عن ذلك، بإقرار ما تيسّر من بنود الموازنة وترحيل بعضها الآخر الخلافي الى المجلس النيابي ليبتّ بها كما حصل في قانون سلسلة الرتب والرواتب. وتشير المعلومات في هذا السياق الى خلاف حول الموازنات الملحقة، وإذا لم يتم الاتفاق عليها في الجلسة الأخيرة التي ستعقد في بعبدا سترجئ لتصدر لاحقاً بمراسيم تصدر عن مجلس الوزراء.
"النهار": من يوسّع الانزلاقات القمعية؟
أما صحيفة "النهار"، فلفتت الى أن هناك معالم خطورة استثنائية برزت أمس حيال سلوكيات واجراءات تعكس انزلاقات متدرجة نحو اتجاهات قمعية سواء كانت تتصل بقضية النزاع المزمن بين اهالي المنصورية ووزارة الطاقة حول مد خطوط التوتر العالي في المنطقة المأهولة، أو بقضايا أخرى كان اسوأ ما استجد فيها مساء تردد معلومات عن دهم جهاز أمن الدولة مكاتب صحيفة "الاخبار" بعد يومين من اطلاق يد هذا الجهاز في التحقيق مع ديبلوماسيي وزارة الخارجية في قصر بسترس.
واعتبرت أنه "وعكس الامعان في المعاندة الرسمية حيال مد خطوط التوتر العالي في المنصورية وتحدي مخاوف الاهالي من الاخطار الصحية المحتملة لهذه الخطوط، اتجاهات مقلقة في ظل تجاهل الجهات الحكومية والوزارية كل الدعوات والمطالب المتصاعدة للتمهل في تنفيذ الاعمال الجارية في مد الخطوط وفتح حوار هادئ مع ممثلي الاهالي والاصرار عوض ذلك على تحكيم اللجوء الى القوة من خلال الزج بالقوى الامنية في مبارزة متمادية مع الاهالي ووضع الفريقين في مواجهة عبثية استدرجت استحضار الطابع الطائفي في جوانب منها".
وأضافت: أقيمت عصراً وقفة تضامنية مع المحتجين في المنصورية وكاهن رعية سانت تريز الاب داني افرام، على خلفية مد خطوط التوتر العالي في المنطقة، وذلك في صالة الكنيسة، شارك فيها رئيس الكتائب النائب سامي الجميل والنائبان الياس حنكش ونديم الجميل، ورئيس "حركة التغيير" إيلي محفوض. وذكر الجميل بموقف لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون في 18 آب 2008 عندما طالب بحل بديل من خطوط التوتر العالي فوق الأرض في المنصورية مضيفاً: "وهذا كان مطلب كل القوى السياسية الموجودة في المنطقة. وخلال معارضتنا المشروع كنا جنباً الى جنب مع القوى السياسية في المنطقة، ولا يمكنهم ان يعتبروا ألّا ضرر اليوم". واقترح "تشكيل لجنة من اختصاصيين من الجامعة اليسوعية والجامعة الاميركية لتقييم تقني وعلمي نستند عليه، لان الرأي الذي يعطى من وزارة الطاقة نصف رأي، وهم يستندون الى ما هو مجتزأ".
وختمت الصحيفة تقول: لكن مجلس الوزراء تمسك بموقفه من عدم وجود خطر لمد الخطوط وأدلى وزير الاعلام جمال الجراح خلال انعقاد الجلسة أمس بموقف المجلس من وصلة المنصورية الذي "يؤكد علمياً انه لم يثبت ان هناك ضرراً على الناس جراء وصلة المنصورية، وهذا الامر ليس في منطقة المنصورية فقط هناك الكثير من المناطق في لبنان يمر فوقها الخط نفسه ولم يتم إثبات وجود أي ضرر من مد مثل هكذا خطوط".