معركة أولي البأس

 

لبنان

واشنطن تُفشِل وقف إطلاق النار في غزة.. والتصعيد مستمرًا جنوبًا
09/12/2023

واشنطن تُفشِل وقف إطلاق النار في غزة.. والتصعيد مستمرًا جنوبًا

رغم برودة الطقس ودخول الشتاء فعليًا على الساحة الماخية، إلا أن حرارة المقاومة في قطاع غزة لم تبرد، وهي تتوقد أكثر مع تكرار محاولات جيش الاحتلال الصهيوني تنفيذ عمليات برّية في القطاع كان آخرها محاولة فاشلة أمس لتحرير جندي أسير بيد كتائب القسام في غزة، أدت لمقتله وإصابة أفراد القوة المنفذة، وهذا جزء من المعركة القائمة في القطاع والتي تثبت فيها المقاومة الفلسطينية على الأرض أنها تتحكم بالميدان.
الحرارة انسحبت على عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان جنوبًا التي تواصل استهداف المواقع الصهيونية على امتداد الحدود، موقعة في صفوف قوات جيش الاحتلال وتحصيناته الخسائر على أكثر من مستوى.
وفي خطوة أمريكية واضحة للمضي حتى النهاية في دعم المجازر الصهيونية واستمرار العدوان على قطاع غزة، استخدمت واشنطن بالأمس حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي لإفشال مشروع قرار إماراتي لوقف إطلاق النار في غزة.


"الأخبار": أميركا تلوي ذراع مجلس الأمن: لا حدود لرخصة القتل

كما كان متوقّعاً، أخفق مجلس الأمن الدولي في تمرير مشروع القرار الذي قدّمته الإمارات، باسم المجموعة العربية، في ظلّ مواصلة الولايات المتحدة، معارضتها وقف إطلاق النار في غزة، واستخدامها «حق النقض» (الفيتو)، من أجل إتاحة المجال أمام استكمال «العملية العسكرية» الإسرائيلية في القطاع. وجاءت هذه النتيجة الدبلوماسية المخيّبة لمشروع القرار الإماراتي، والذي يطالب بـ»وقف فوري لإطلاق النار في غزة لدواعٍ إنسانية»، مع الدعوة إلى «حماية المدنيين» و»الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن» و»ضمان وصول المساعدات الإنسانية»، وذلك على الرغم من مساعٍ دبلوماسية حثيثة بذلتها مجموعة الاتصال الوزارية العربية، المنبثقة عن «قمّتَي الرياض»، في عواصم أبرز الدول الأعضاء في المجلس، بخاصّة واشنطن، حيث التقى الوفد الوزاري العربي بعدّة مسؤولين، أبرزهم وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ورئيس «لجنة العلاقات الخارجية» في مجلس الشيوخ، بِن كاردن، وعدد من أعضاء اللجنة، بغية إقناع المعنيين في الإدارة الأميركية بالتصويت لمصلحة المشروع.

وقبيل ساعات من التصويت، دعا وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، متحدّثاً باسم المجموعة العربية، مجلس الأمن الدولي، إلى «اتّخاذ قرار ينهي بشكل فوري الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة»، في حين ناشد المندوب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، أعضاء الهيئة الأممية، «الإنصات إلى الموقف الشجاع والمبدئي للأمين العام»، في إشارة إلى تفعيل أنطونيو غوتيريش، المادة 99 من ميثاق المنظّمة الدولية، حين دعا إلى وقف إطلاق النار في غزة. بدورها، شدّدت وزارة الخارجية الصينية، في بيان، على أهمية أن يبادر المجتمع الدولي إلى «اتّخاذ إجراءات أكثر فعالية لتعزيز وقف شامل لإطلاق النار، لإنقاذ الأرواح واستعادة السلام في غزة».

وخلال جلسة التصويت على مشروع القرار الإماراتي، على وقع انقسام حادّ في مجلس الأمن، اتّهم نائب المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، روبرت وود، مجلس الأمن بالفشل الأخلاقي في إدانة ما وصفه بـ»الهجمات الإرهابية في السابع من أكتوبر التي ارتكبتها حماس، بما في ذلك العنف الجنسي والشرور الأخرى التي لا توصف»، وفق زعمه. وأعلن وود رفض بلاده دعوة مشروع القرار الإماراتي إلى وقف إطلاق النار الفوري في قطاع غزة، معتبراً أنه «إذا ما تخلّت إسرائيل عن أسلحتها بمفردها اليوم كما تدعو دول كثيرة، فإن حركة حماس ستواصل احتجاز الرهائن من النساء والأطفال وكبار السن». وزعم الدبلوماسي الأميركي أن سيطرة «حماس» على غزة، تمثّل «خطراً لا يمكن لحكومات العالم السماح باستمراره»، مشدّداً على «(أننا) لا نؤيّد الدعوة إلى وقف إطلاق النار الفوري، لأن حماس لا ترغب بالسلام ولا بحلّ الدولتَين». وفي حين دعا حركة «حماس» إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها، قال إنّ حكومة بنيامين نتنياهو معنيّة بـ»الالتزام بالمعايير واحترام القانون الدولي خلال الدفاع عن نفسها، للحدّ من الأضرار المتوقّعة على المدنيين». وأردف بمطالبة إسرائيل بتجنُّب تهجير المدنيين في قطاع غزة، وتوفير ممرّات تسمح بالمرور الآمن بعيداً من العمليات العسكرية.

وفي معرض تعليقها على الموقف الأميركي، أشارت صحيفة «ذا غارديان» إلى أنّ واشنطن لا تزال تعارض وقفاً دائماً لإطلاق النار في القطاع، انطلاقاً من قناعتها بضرورة الاكتفاء في الوقت الراهن بـ»الجهود الدبلوماسية المتعلّقة بتحسين تدفّق المساعدات الإنسانية وحماية السكان المدنيين» هناك، موضحةً أنّ «المشروع الإماراتي» رمى إلى البناء على الزخم الذي ولّدته الخطوات غير المسبوقة الأخيرة الصادرة عن غوتيريش بخصوص التطوّرات في غزة، وما قادته مجموعة الاتصال العربية من «حملات ضغط» (lobbying) لدى بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، وكذلك لدى بلينكن، الذي التقى المجموعة مساء أمس.

وتوقّفت الصحيفة البريطانية عند أسباب أخرى للمعارضة الأميركية لمشروع القرار الإماراتي، كاشفةً أن أحدها اعتراض إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، على بعض المضامين الواردة في صياغة البيان، وتحديداً لجهة تجنّبه إدانة «حماس» على خلفية أحداث السابع من تشرين الأول، فيما يتعلّق الآخر برهانات لدى واشنطن على تصوير الإعلان الإسرائيلي عن مزاعم بفتح معبر كرم أبو سالم، أمام المساعدات الإنسانية الموجّهة إلى غزة، باعتباره مؤشراً إلى انصياع تل أبيب للضغوط الأميركية على هذا الصعيد. وبناءً على ما سبق، خلصت إلى أنّ الولايات المتحدة تصرّ على أن الوقت لم يحن بعد «لإفساد هذه اللحظة» (في إشارة إلى الاستجابة الإسرائيلية) نحو وقف دائم لإطلاق النار في غزة. ومع هذا، لم تغفل الصحيفة الإشارة إلى بوادر انزعاج في أوساط الإدارة الأميركية تجاه السلوكيات الإسرائيلية، مستعرضةً التصريحات الأخيرة لبلينكن، والتي شكا فيها من وجود ما سمّاه «فجوة» بين ما دعا القادة الإسرائيليين إلى القيام به خلال زيارته الأخيرة للأراضي المحتلّة، وما يقوم به هؤلاء على أرض الواقع في غزة.

 

"البناء": احتمالات التصعيد جنوباً واستهداف الجيش.. والمقاومة جاهزة لكلّ الاحتمالات

صورتان اختصرتا المشهد ليل أمس، الصورة الأولى لمقاتل من سرايا القدس يقفز فرحا ويصرخ «ولّعت… ولّعت»، بعد نجاحه بإحراق دبابة ميركافا من الجيل الرابع في شوارع غزة، بقذيفة «ب 7» بعد تمكنه من استهداف الدبابة في نقطة انفصال البرج عن جسم الدبابة بما يشبه المعجزة، أما الصورة الثانية فكانت لنائب السفيرة الأميركية في نيويورك روبرت وود وهو يرفع يده لاستخدام حق النقض (الفيتو)، لإسقاط مشروع قرار يدعو لوقف إطلاق نار إنساني في غزة، لتمكين الهيئات الأممية من إيصال المساعدات الإنسانية لمن وصفهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بـ 97% من سكان غزة الذين لا يملكون المسكن ولا الغذاء ولا الدواء.

الفيتو الأميركي كان وحيداً في التصويت ضدّ مشروع القرار، الذي كان لافتاً انّ دولة الإمارات العربية المتحدة هي من وقفت وراءه، ولو بتكليف عربي، وقد سبق للإمارات أن كانت قد صوّتت ضدّ مشاريع مشابهة لأنها لم تتضمّن إدانة واضحة لحركة حماس، واللافت انّ كلّ الدول الأوروبية صوّتت مع المشروع، الذي نال 13 صوتاً من أصل 15 صوتاً يتكوّن منهم مجلس الأمن، فيما امتنعت بريطانيا عن التصويت، وبقيت أميركا وحيدة على ضفة الرفض، ما يظهر حجم التحوّل السياسي الذي أحدثته قوى الرأي العام في العالم بفرض التغيير على حكوماتها، وفي الدول الغربية خصوصاً، وهذا يعني أنّ اللحظة التي يصعب فيها على واشنطن مواصلة تقديم الحماية والدعم المفتوح لكيان الاحتلال وجرائمه المتمادية في غزة، لم تعد بعيدة، وهذا ما يفسّر ما تنقله وسائل الإعلام الأميركية عن إبلاغ واشنطن لتل أبيب بأنّ الوقت ينفد…
في الميدان كان واضحاً يوم أمس أنّ الكلمة العليا هي للمقاومة، حيث توزعت كتائب القسام وسرايا القدس تحقيق الإنجازات بإحراق الدبابات وقتل الجنود، ووزعت التسجيلات التي توثق إنجازاتها، وفيما وثقت القسام مشروعاً فاشلاً لقوات الاحتلال لتحرير أحد الأسرى، انتهى بمقتله، وقتل عدد من المهاجمين، لم يلبث الناطق بلسان جيش الاحتلال ان اعترف بالعملية ولو بطريقة مواربة، بينما استمرت المقاومة بإطلاق الصواريخ على تل أبيب من مواقعها في جباليا والشجاعية شمال غزة، واستهداف غلاف غزة وصولاً الى بئر السبع.

لبنانياً زاد الحديث عن مخاطر التصعيد مع تداول ما يتناقله الموفدون الغربيون، من تقارير عن احتمالات تصعيد اسرائيلية، وجاء استهداف الجيش اللبناني مجدداً ليؤكد هذه المخاوف، بينما واصلت المقاومة عملياتها، والمصادر المتابعة لموقف المقاومة تقول إنها جاهزة لكلّ الاحتمالات، وأنها لا تبحث ايّ مقترحات ومشاريع قبل وقف العدوان على غزة.

وحافظت الجبهة الجنوبية على سخونتها مع استمرار المقاومة الإسلامية في لبنان دكّ مواقع الإحتلال وثكناته وتجمعاته بالأسلحة النوعية، في مقابل تمادي العدو الإسرائيلي باعتداءاته على القرى الجنوبية الآمنة على الحدود مع فلسطين المحتلة، مكرّرة استهدافها لمراكز الجيش اللبناني.
واستهدفت المقاومة مربض ‏خربة ماعر بالأسلحة المناسبة وتمّت إصابته إصابة مباشرة، وقصفت مواقع الراهب بصواريخ بركان و‏رويسات العلم في تلال كفرشوبا و‏الرادار في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة ‏بالأسلحة الصاروخية وقد أصابت ‏أهدافها بدقة.

ونشر الإعلام الحربي في حزب الله، مشاهد من استهداف المقاومة الإسلامية عدد من المواقع التابعة لجيش العدو الإسرائيلي عند الحدود اللبنانية الفلسطينية.
وزفت المقاومة الإسلامية كوكبة من الشهداء ارتقوا على طريق القدس، وهم: حسن علي دقدوق «جواد» من بلدة عيتا الشعب، علي ادريس سلمان «عباس» من بلدة عرمتى، حسين عصام طه «أبو تراب» من بلدة ميس الجبل، أحمد حسين علي أحمد «أبو عباس» من بلدة الناصرية في البقاع.
وواصلت قوات الإحتلال الإسرائيلي عدوانها على جنوب لبنان، وأطلقت مروحيّة إسرائيليّة من نوع «أباتشي»، صاروخ جوّ- أرض مستهدفةً منزلًا في بلدة مروحين.
وأعلنت قياد الجيش اللبناني، تعرّض المركز الاستشفائي التّابع للجيش في بلدة عين إبل – الجنوب، لقصف من قبل العدو الإسرائيلي، ما أدّى إلى أضرار مادّيّة، دون وقوع إصابات.

وتفاعل تقرير «رويترز» الذي حمّل جيش الإحتلال مسؤولية قتل الصحافي المصوّر الشهيد عصام عبدالله. وكذلك التحقيق الذي أجرته منظمتا «أمنستي» و»هيومان رايتس» في لبنان ووجه الاتهام لقوات الإحتلال بقتل الصحافيين لا سيما فريق عمل قناة «الميادين». ما يضع ذلك برسم الولايات المتحدة الأميركية التي قرّرت الحرب الإسرائيلية على غزة وتديرها وتغطي استمرارها بتسليحها لجيش الإحتلال بكافة أنواع الأسلحة التدميرية والمحرّمة دولياً لتدمير المباني السكنية والتعليمية والصحية والخدماتية في غزة وقصف القرى اللبنانية وقتل المدنيين والأطفال، وكذلك برسم الدول الأوروبية والمجتمع الدولي والأمم المتحدة المولجة بتطبيق القانون الدولي والدفاع عن حقوق الإنسان وحماية وتحييد المدنيين عن الحرب.

ويستمرّ المسؤولون الأميركيون بسياسة النفاق والكذب حيال ما يجري في غزة، فقد اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر صحافي في واشنطن عقب اجتماعه مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، أنه من «المهمّ» إجراء «تحقيق كامل ومعمّق» في القصف الإسرائيلي الذي أدّى إلى مقتل عصام عبدالله وإصابة ستة آخرين في 13 تشرين الأول في جنوب لبنان. وعند سؤاله حول هذا الموضوع قال «أعتقد أنّ إسرائيل بدأت مثل هذا التحقيق وسيكون من المهمّ أن نرى نجاح هذا التحقيق ومعرفة النتائج». بدوره، زعم جيش الإحتلال الإسرائيلي رداً على التقرير أنّ «حادث مقتل الصحافيين قيد المراجعة حالياً».

إلى ذلك، انحسرت العاصفة التي أثارها الفرنسيون ومن خلفهم الأميركيون والإسرائيليون حول تطبيق القرار 1701 بالقوة العسكرية، بعدما تبيّن أنها مجرد تهويل للضغط على حزب الله لوقف عملياته العسكرية لإسناد غزة، إذ لم يكترث الحزب للضغوط الخارجية ولا للصدى السياسي الداخلي لها. وبعدما أيقن الجميع بمن فيهم الأميركيون والإسرائيليون بأن ما يطلبونه فيه استحالة ولا يستطيعون تنفيذه بالقوة العسكرية الإسرائيلية التي تتآكل في غزة.

وأكدت أوساط مطلعة على موقف حزب الله لـ «البناء» استحالة تعديل القرار الدولي 1701 سواء كان عبر العروض التي تحمل الإغراءات أو من خلال رسائل التهديد بشنّ عدوان عسكري على الجنوب ولبنان، أو عبر الضغوط الدبلوماسية لانتزاع قرار من مجلس الأمن الدولي»، موضحة أنّ الحكومة ليست بصدد المقايضة تحت ضغط الإغراءات، ولا حزب الله قابل للرضوخ أمام التلويح باستخدام القوة العسكرية، ولا التعديل في مجلس الأمن ميسّر بسبب وجود الفيتو الروسي – الصيني المزدوج».

ولفتت الأوساط الى أنّ المسؤول عن خرق القرار الدولي في الجنوب هو العدو الإسرائيلي حيث وثّقت الأمم المتحدة آلاف الخروقات منذ العام 2006 حتى الآن، فكيف يُطالَب حزب الله الآن باحترام هذا القرار في ظلّ أضخم عدوان إسرائيلي على غزة ولبنان والمنطقة والتداعيات المتوقعة على لبنان جراء المشاريع الجهنمية التي يجاهر الأميركي والإسرائيلي بفرضها على غزة وفلسطين ولبنان إضافة الى سيل من التهديدات الإسرائيلية بتدمير لبنان؟ وكيف يطلبون في ظلّ هذه الأوضاع الأمنية والعسكرية واللحظة التاريخية المصيرية وقف حزب الله لعملياته العسكرية والتراجع خلف حدود الليطاني؟ وضمن ايّ هدف توضع هذه الضغوط سوى في إراحة العدو الإسرائيلي وتخفيف الضغط عنه في جبهتي غزة والضفة الغربية والتعويض عن هزيمته في الجولة الأولى من الحرب وإنقاذ رئيس حكومة الاحتلال من الإحراج الكبير الذي وقع فيه في استعادة الأمن والمستوطنين المهجّرين الى الشمال». ولاحظت المصادر التبدّل في المعادلة من مطالبة لبنان للإحتلال الإسرائيلي باحترام القرار 1701 وعدم خرقه، الى مطالبة حكومة الإحتلال للبنان وحزب الله بتطبيق القرار».

وأكدت مصادر سياسية لـ «البناء» أنّ المحاولات الأميركية لخلق جبهة سياسية داخلية واسعة للضغط على حزب الله لدفعه لوقف دوره العسكري في الجنوب لن تنجح، فالقوى السياسية والروحية في الطائفة السنية تقف مع المقاومة دعماً لغزة في مواجهة الإحتلال الإسرائيلي في إطار تمسكها بالقضية الفلسطينية،
أما التيار الوطني الحر فتؤكد مصادره لـ «البناء» بأنه يقف مع المقاومة ضدّ العدوان الإسرائيلي على كلّ لبنان وليس فقط على الجنوب، وأنّ سلاح المقاومة وعملياتها حموا لبنان من أيّ عدوان حالي ومستقبلي. وكذلك الأمر فإنّ الرئيس السابق للحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط أكدت مصادره بأنه لن يكون ضمن أيّ جبهة مناوئة للمقاومة، بل ضمن جبهة وطنية لتحصين الساحة الداخلية لمواجهة أيّ عدوان اسرائيلي على لبنان.

وتلقى جنبلاط رسالة جوابية، من منسق السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، عبر مدير مكتبه كاميلو فيلارينو.
وشكر بوريل جنبلاط، على «الرسالة البرقية التي أرسلها له يوم 29 تشرين الأول الماضي بشأن الحرب في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، والتي دعا فيها الاتحاد الأوروبي إلى إتخاذ مواقف إضافية حازمة ضدّ الانتهاكات غير المسبوقة لحقوق الإنسان وجرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني».
ولفت بوريل، الى أنه «خلال زيارته إلى الشرق الأوسط بين 16 و 20 تشرين الثاني 2023، أكد للرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ووزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين على ضرورة الردّ على هجمات حركة حماس بما يتماشى مع القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي»، مؤكداً على «أهمية ضمان حماية جميع المدنيين في جميع الأوقات».

وتوالت الوفود الفرنسية الى لبنان ما يرسم تساؤلات عدة حول الأهداف والدور الذي تؤدّيه فرنسا في ضوء الحرب الاسرائيلية على غزة، فلم تمضِ أيام على زياتي الموفد الرئاسي جون إيف لودريان ومدير الاستخبارات الفرنسية برنار إيميه، حتى حط وفد رفيع من وزارتَي الخارجيّة والدّفاع الفرنسيّتَين، بحضور السّفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو.

ومساء أمس التقى الوفد رئيس لجنة الشّؤون الخارجيّة والمغتربين النّيابيّة النّائب د. فادي علامة في دارته. وأشار علامة إلى أنّ «اللّقاء تخلّله بحث في التّطوّرات الأمنيّة عند الحدود الجنوبيّة مع فلسطين المحتلة، فأكّد الوفد «قلق فرنسا من تدهور الوضع في جنوب لبنان، كما الحرص على تعزيز الأمن والاستقرار»، لافتاً إلى أنّه في ما يتّصل بالقرار الأممي 1701، أكّد الوفد أنّ «لا تعديل على هذا القرار، وأنّ الجهود تنصبّ من أجل إيجاد حلول عبر القنوات الدّبلوماسيّة».
وضمّ الوفد المدير العام للشّؤون السّياسيّة والأمنيّة في وزارة أوروبا والشّؤون الخارجيّة فريديريك موندولوني، المديرة العامّة للعلاقات الدّوليّة والاستراتيجيّة في وزارة الجيوش الفرنسية اليس روفو، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين في الوزارتين.

كما التقى الوفد الفرنسي قائد الجيش العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة وبحث المجتمعون الأوضاع العامة في البلاد لا سيّما عند الحدود الجنوبية، وأكد أعضاء الوفد على «أهمية دور الجيش في حفظ أمن لبنان واستقراره خلال الظروف الراهنة». وشكر قائد الجيش بدوره السلطات الفرنسية لدعمها المتواصل للمؤسسة العسكرية.

على صعيد ملف قيادة الجيش، لم تتضح الصورة النهائية لحلّ الأزمة حتى الساعة في ظل استمرار المشاورات على أن تتبلور الحلول خلال الأسبوع المقبل.
وعشية الجلسة المرتقبة لهيئة مكتب مجلس النواب الاثنين المقبل، والتي تعدّ لجلسة تشريعية سيكون ملف قيادة الجيش على جدول أعمالها، بدأت القوى السياسية بإعلان مواقفها من التمديد والمشاركة في الجلسة.

ورأى عضو تكتل «لبنان القوي» النائب جيمي جبور، أنّ «التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون غير متاح في مجلس الوزراء، والكرة في ملعب رئيس مجلس النواب نبيه بري». ولفت، في حديث تلفزيوني إلى أنّ «الجيش قادر على إنشاء قيادة جديدة وهناك مجموعة من القوى السياسية من ضمنها «القوات اللبنانية» إنقلبت على الموقف، واليوم السؤال الكبير هو لماذا هذا الانقلاب؟ واعتبر جبور أنّ «ملف النازحين يشكل خطراً وجودياً على لبنان، وعلى قائد الجيش أن ينطلق من هذه الفكرة في هذا الموضوع».

من الاحتمالات المرجحة هي المعالجة المزدوجة، أي أن مجلس الوزراء يتكفل بتعيين رئيس للأركان، فيما يتولى مجلس النواب إقرار قانون رفع سنّ التقاعد لرتب عماد ولواء لمدة ستة أشهر وبالتالي يبقى قائد الجيش في منصبه ستة أشهر إضافية، وبحال تعرّض القانون للطعن أمام المجلس الدستوري، فيحتاج الى 3 أشهر بالحدّ الأدنى لإصدار نتيجة الطعن، وتكون مدة التمديد لقائد الجيش قد شارفت على الانتهاء. ومن الخيارات أيضاً الإكتفاء بتعيين رئيس للأركان وأعضاء المجلس العسكري على أن يتولى رئيس الأركان مهمة قائد الجيش.
واستقبل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي في بكركي، مدير المخابرات العميد أنطوان قهوجي.

 

"الجمهورية": جبهة الجنوب: قصف وعمليات وتهديدات

دخلت حرب الإبادة الجماعيّة التي تشنها إسرائيل على غزة، يومها الخامس والستين، على الوتيرة ذاتها من العنف والوحشية باستهداف المدنيين في القطاع. وعلى الرغم من الصعوبة التي اعترف الجيش الاسرائيلي انه يواجهها في هذه الحرب، الا أن المستويين السياسي والعسكري الاسرائيليين يؤكدان المضي فيها حتى تحقيق أهدافها المعلنة بالقضاء على حركة «حماس» وإعادة كل الاسرى الاسرائيليين لديها، وهو امر لم يتحقق خلال شهرين من القصف الجهنمي على أحياء غزة والمجازر بحقّ أطفالها والتدمير لِبُناها المدنيّة وإعدام كلّ مظاهر الحياة فيها... فيما بقيت منطقة الحدود الجنوبية مسرحاً لعمليات حربية، واعتداءات اسرائيليّة مكثفة على البلدات اللبنانية، يوازيها تصعيد «حزب الله» لهجماته ضد المواقع العسكرية الاسرائيلية على طول خط الحدود.

واذا كانت التقديرات الاسرائيلية، كما ينقل الاعلام الاسرائيلي، تشير الى ان الجيش الاسرائيلي بحاجة لنحو شهر من العمليات البرية في غزة، لكي يتمكّن من فرض شروطه على حركة «حماس»، يتم بموجبها إطلاق سراح الأسرى الاسرائيليين، فإنّ هذه التقديرات مبنية على أن واشنطن التي تدعم اسرائيل في هذه الحرب باتت لا ترغب في اطالة أمدها الى ما بعد نهاية الشهر الجاري.

الا انّ تقديرات المحللين والمعلّقين الاسرائيليين تتقاطع عند ما يسمّونها «الصعوبة في تحقيق هذا الهدف، تبعاً لطبيعة الحرب وسير المعارك القاسية التي لم تُمكّن الجيش الاسرائيلي حتى الآن من الحسم، بل ربما يحتاج إلى شهور من قتال مجهول النتائج لا يضمن اعادة الأسرى، بل ربما يعرّض حياتهم للخطر. وارتكزت تقديرات هؤلاء المحللين على المحاولة الفاشلة التي قام بها الجيش الاسرائيلي في الساعات الأخيرة لتحرير بعض الأسرى وأدت الى مقتل جندي اسرائيلي أسير، بحسب ما اعلنت حركة «حماس».

على انّ الصورة العامة التي يرسمها هؤلاء لمسار الحرب، تفيد بأنّ الفشل في تحقيق نصر عسكري في قطاع غزة لا يزال يغطي على بصر المسؤولين الإسرائيليين، وطريقة تعاطيهم مع تداعيات الإصرار على حرب محفوفة بمخاوف كبرى من ان تنتهي الى الخضوع لشروط «حماس». يُضاف إلى ذلك انّه في اللحظة التي ينجلي فيها غبار المعركة ستندلع الصراعات الداخلية في إسرائيل، وستطفو الخلافات على السطح من جديد، ويُحمّل كلّ طرف مسؤولية الفشل للآخر.

الجبهة الجنوبية

وعلى جبهة الجنوب اللبناني، حافظت العمليات العسكرية على وتيرة مرتفعة من التصعيد، في ظل قصف اسرائيلي مكثّف وعنيف على المناطق اللبنانية، حيث استهدف على فترات متتالية أمس راشيا الفخار، حيث أفيد عن اصابة مواطن بجروح، واطراف الضهيرة، كفر شوبا، حولا، ومركبا، بليدا، عيترون، شيحين، حرج هورا، دير ميماس، العديسة، الخيام، وادي حسن، محيبيب، مارون الراس، رب ثلاثين، كفر حمام، الفرديس والهبارية، بلدة البستان، رميش، مجدل سلم، وادي المغارة، أطراف مروحين، وجبل بلاط، ووادي قطمون في خراج بلدة رميش. كما حصلت غارَة على منزل في بلدة مروحين. واستهدف القصف الاسرائيلي أيضاً قُرى بني حيان ومجدل سلم - حي الحجر. اطراف شبعا، تلة الحمامص، كفركلا، عيتا الشعب، طيرحرفا، ووادي حامول، عين إبل بالقرب من المستشفى. ومساءً، استهدف الجيش الاسرائيلي مناطق الطراش والجبل والدباكة ورأس الظهر والأطراف الشمالية والجنوبية لبلدة ‫ميس الجبل من جهة بلدتَي حولا وبليدا وجبال البطم.

وأفيد عن قصف مدفعي إسرائيلي على مركز عين إبل الإستشفائي التابع للجيش اللبناني نتجت عنه أضرار مادية بغرف المنامة ومخزن السلاح واشتعاله، من دون وقوع اصابات حسبما اعلنت قيادة الجيش. كما أفيد انّ قنابل فوسفورية استهدفت سرية مركز الجدار في رميش وعن 3 حالات اختناق في صفوف العسكريين نقلوا إلى المستشفى. كما قصف العدو محيط مركز الجيش اللبناني في الناقورة حيث افيد عن اصابة جندي واحد اصابة طفيفة جداً (في الكتف) وتمّ نقله للمعالجة. بينما افادت معلومات اخرى مساء عن اصابة 3 جنود بجروح نتيجة استهداف العدو آلية للجيش اللبناني في راس الناقورة.

عمليات

في غضون ذلك، أعلن «حزب الله» انّ المقاومة الاسلامية استهدفت امس مربض خربة ماعر، موقع الراهب، وتحرّكاً للجنود الاسرائيليين في القطاع الغربي، موقع الرادار، موقع العباد، موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا، موقع مسكافعام وثكنة ميتات. كذلك جرى تبادل للقصف بين المقاومة وموقع الاحتلال في بركة ريشا. وفيما دَوّت صفارات الانذار في المستوطنات الاسرائيلية، أعلن جيش العدو انه اعترض جسماً جوياً تسلّل من لبنان.

هل الترتيبات جديّة؟

في موازاة ذلك، يلاحظ أنّ الاعلام الاسرائيلي ما زال يركز على الحدود الشمالية، ووجود ما يسمّيه التهديد لسكان المستوطنات الاسرائيلية، الذي يمثّله انتشار «قوة الرضوان» قرب السياج الحدودي من الجانب اللبناني. وهو الامر الذي يمنع سكان تلك المستوطنات المهجّرين منها، من العودة الى منازلهم.

وبحسب الاعلام الاسرائيلي فإنّ اسرائيل تتحدّث عن إزالة مستديمة لـ«قوة الرضوان» من شمالي المستوطنات، وهو ما أشار اليه وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت بقوله إنّ ثمّة سبيلَين لإبعاد «حزب الله» الى شمالي نهر الليطاني: إمّا بحل سياسي وامّا بحل عسكري.

واذا كان ظاهر الصورة قد أبرز حراكاً دوليّاً في اتجاه لبنان، لا سيما من قبل الإميركيّين والفرنسيّين تحت عنوان علني هو «منع توسّع دائرة التصعيد»، فإنّ جوهره هو «حَث المسؤولين في لبنان على ممارسة الضغط على «حزب الله» ومنعه من فتح جبهة حرب ضد اسرائيل انطلاقاً من لبنان، والتحذير من عواقب وخيمة قد تجرّها هذه الحرب على هذا البلد».

الّا أنّ مصدراً مسؤولاً على صِلة مباشرة بحركة الموفدين تجاه لبنان، اكد لـ«الجمهورية» انّ اسرائيل تستبق انتهاء حربها على غزة بحديثٍ عن نصرٍ مسبق وحتمي، يُمكّنها من فرض ارادتها على غزة وأجندتها على مرحلة ما بعد هذه الحرب، تشمل لبنان بفرض حل سياسي لطمأنة المستوطنين، او فرض واقع جديد بحل عسكري. فهذا الكلام لا يعدو اكثر من محاولة احتواء لخوف المستوطنين.

فبالنسبة الى الحل السياسي، يفترض المصدر انه مَبني على أجندة مفترضة للمنطقة بعد غزة، والفرنسيون قالوا صراحة أمامنا ما مفاده انّ مرحلة ما بعد حرب غزة ستشهد مؤتمرا دوليا لوضع ترتيبات جديدة ربما تشمل كل المنطقة ومن ضمنها لبنان. وهذا الامر مجرّد فكرة حتى الآن، الّا انّ ما ينبغي لَحظه في هذا السياق، هو أنّ زيارة الموفدين الى لبنان اقترَنت بإثارة غير بريئة لموضوع القرار 1701، من زاوية تطبيقه من الجانب اللبناني، واعتبار منطقة عمل قوات «اليونيفيل» منطقة منزوعة السلاح وخالية من المسلحين. واكثر من ذلك إقران هذه الاثارة بالترويج لِما سَمّوها الحاجة الملحّة لتعديل القرار، بما يعدّل مهام اليونيفيل وجعلها قوات قتالية. من دون ان يأخذوا في الاعتبار انّ مثل هذا الامر قد يُدخِل المنطقة في المجهول.

ويؤكد المصدر المسؤول أن اثارة موضوع القرار 1701 اعلامية وسياسية لا اكثر ولا اقل، وبالتالي هو ليس مطروحاً على بساط البحث، اضافة الى أنّ المنسقة الخاصة للامم المتحدة يوانا فرونتيسكا نَفت صراحة ايّ توجّه لتعديل القرار، بل اكدت على تطبيقه، ونحن نشاركها بالدعوة الى تطبيقه وإلزام اسرائيل بذلك، كما انّ احداً من الموفدين الدوليين لم يطرح امام اي مسؤول لبناني هذا الموضوع لا من قريب او من بعيد.

وامّا بالنسبة الى الحل العسكري، فيقول المسؤول عينه: قبل الحديث عن هذا الحلّ العسكري دعونا نرَى كيف ستخرج اسرائيل من حربها على غزة وبعد ذلك لكلّ حادث حديث. ولكن بمعزل عن ذلك، فإنّ الحل العسكري الذي لَوّح به وزير دفاع العدو، يعني الحرب مع «حزب الله» وسائر قوى المقاومة في لبنان، وليس خافياً ان اسرائيل من يدعو اليها. الّا أن هذه الحرب، باعتراف الاسرائيليين أنفسهم، غير مضمونة النتائج، وأهم ما فيها ما قرأته أخيراً في الصحافة الاسرائيلية وحرفيته أن الحرب مع لبنان ستدخل كلّ اسرائيل الى الملاجىء، ولا يمكن تقدير آثارها خصوصاً أنّ واقع اليوم غير الواقع الذي كان سائداً في حرب تموز 2006.

بري

يُشار في هذا السياق الى ما أكد عليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري ان لا صحة على الاطلاق لِما يُثار حول القرار 1701 وطرح تعديله. هذا القرار موجود ولبنان ملتزم به، والمطلوب فقط أن تطبّقه اسرائيل. ولا صحة ايضاً لما يُحكى عن أن الموفدين طرحوا اجراء ترتيبات مرتبطة بالمنطقة الحدودية، ولا علم لديه بما يُشاع عن تسوية تعمل عليها واشنطن حول الحدود البرية. وقال: «كل هذه الامور حكي جرايد لا اساس لها، ولم يطرح احد معنا هذا الموضوع لا من قريب او من بعيد».

مخاوف وتطمينات

في هذه الأجواء، كشفت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» انّ الولايات المتحدة الاميركية مارست ضغوطاً جدية لمنع توسّع دائرة الحرب في اتجاه لبنان. وان اسرائيل رضخت لهذه الضغوط، الا أنّ واشنطن ما زالت قلقة من أن يستغل «حزب الله» هذا الوضع لشَن حرب وتصعيد ضد الجيش الاسرائيلي ما يعزّز احتمال وقوع مواجهات واسعة يتأثر بها لبنان بشكل مباشر.

ومَردّ هذا القلق، كما تقول المصادر، هو تصاعد العمليات العسكريّة على الحدود، فالمستويات الرسمية في لبنان اكدت انّه ليس في وارد الانخراط في حرب لا يتحمل آثارها وتداعياتها، الا انّ «حزب الله» الذي شملته لقاءات الموفدين في لبنان، والفرنسيين على وجه الخصوص الذين حذّروا من مخاطر هذا التصعيد واحتمالات نشوب حرب واسعة، لم يقدّم للموفدين ما يُبدّد هذا القلق.

قتل الصحافيين

الى ذلك، واستكمالاً للتحقيق الذي أجرته وكالة «رويترز» ووكالة «فرانس برس»، والذي أكد ان اسرائيل استهدفت الصحافيين بنيران دبابة اسرائيلية ما ادى الى استشهاد المصور في وكالة رويترز عصام العبدالله. نقلت فرانس برس عن الجيش الإسرائيلي امس، قوله: إنّ «حزب الله» شنّ هجوماً على أهداف عدة في الأراضي الإسرائيلية على طول الحدود اللبنانية» في 13 تشرين الأول. ولفتَ الى انه «يومها رَد على إطلاق صاروخ مضاد للدبابات بقصفٍ مدفعي وبقذائف دبابات، قائلًا إنه أراد مَنع «تسلل مُحتمل» من لبنان إلى إسرائيل».

واشنطن لتحقيق معمّق

وقال وزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن خلال مؤتمر صحافي: «من المهم إجراء تحقيق كامل ومعمّق» في القصف الإسرائيلي الذي أدى إلى استشهاد صحافي وإصابة ستة آخرين في 13 تشرين الأول في جنوب لبنان.

وردا على سؤال قال: «أعتقد أن إسرائيل بدأت تحقيقاً كهذا، وسيكون مهماً أن نرى نجاح هذا التحقيق ومعرفة النتائج».

اضاف بلينكن: «أنا معجب للغاية بالرجال والنساء العاملين في مهنتكم والذين يحاولون يومياً، في جميع أنحاء العالم، وفي أخطر الأماكن في العالم، تقديم الحقائق للآخرين. وهذا أكثر أهمية من أي وقت مضى».

بدوره، قدم وزير الخارجية البريطانية دايفيد كامرون تعازيه للصحافيين، مشددا على أهمية عملهم، خاصة في مناطق النزاع. وقال: «ضروري جدا أن يغطي صحافيون محترفون مستقلون ومحايدون هذه النزاعات. إنه عمل في منتهى الصعوبة وشجاع للغاية».

تأخير التسريح

داخلياً، يراوح الوضع السياسي في نقطة التجاذب حول ملف قيادة الجيش وتأخير تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون. وفيما باتت فرصة البَت بهذا الأمر في حكومة تصريف الاعمال معدومة لضيق الوقت، تتجِه الانظار الى المجلس النيابي حيث سيأخذ هذا الملف طريقه الى هيئته العامة. وسينعقد المجلس النيابي في جلسة تشريعية سيتحدد موعدها في اجتماع هيئة مكتب المجلس بعد ظهر الاثنين المقبل، ويرجّح ان تعقد منتصف الاسبوع المقبل، ولأكثر من يوم، نظراً لجدول اعمالها الواسع.

وعلى الرغم من أنّ مؤيدي التمديد لقائد الجيش يجزمون بأنّ إقرار التمديد حاصل في الجلسة التشريعية، خصوصاً ان النصاب القانوني لانعقاد الجلسة متوفّر، وكذلك اكثرية التصويت على التمديد، فإنّ مصادر سياسية اكدت لـ«الجمهورية» انه من السابق لأوانه حسم هذا الامر سلفاً، خصوصاً انّ المواقف والتوجهات لم تُحسَم بعد بصورتها النهائية، ومن هنا لا ينبغي ان نخرج من الحسبان احتمال حصول مفاجآت في الجلسة.

على انّ اللافت للانتباه عشيّة الجلسة، هو النقاش الجاري في المجالس السياسية حول كيفية «إخراج» التمديد لقائد الجيش، وحجم الحصانة السياسية والقانونية لأي مخرج، وكذلك حول فترة التمديد، أكان لستة اشهر او سنة، وما اذا كان هذا الاجراء محصوراً بقائد الجيش ام انه ضمن سلة تمديدات تطال ضباطاً آخرين من رتَب عالية. وأيّ مخرج هو الاكثر تمتعاً بالحصانة التي تمكّنه من صَد محاولات الطعن به.

فمؤيّدو التمديد، وفق معلومات «الجمهورية»، يعتبرون أيّ طعن بقانون التمديد لقائد الجيش ساقط سلفاً، باعتبار انّه يندرج في خانة الضرورات القصوى التي تُجنّب المؤسسة العسكرية السقوط في فوضى وفراغ في ظل ظروف شديدة الدقة والخطورة يمرّ بها لبنان في غياب رئيس للجمهورية، وكذلك ظروف المنطقة التي تُنذر بمخاطر كبرى.

امّا معارضو التمديد، وفي مقدمهم التيار الوطني الحر، فيؤكدون لاقونية هذا الاجراء، وبالتالي سيُسقطه الطعن به امام المجلس الدستوري. فالمبدأ هو تداول السلطة، وبالتالي القول إنّ استمرارية المؤسسة وتماسكها مرتبطان بشخص معين مفاعيله شديدة السلبيّة على المؤسّسة العسكرية، وانتقاص من مكانة كبار ضبّاط الجيش وقدرتهم وخبرتهم، والذين هم جميعهم أهل لقيادة الجيش والحفاظ عليه بكل كفاءة ومسؤولية.

وفد فرنسي

في سياق متصل، قام وفد فرنسي مشترك من وزارتي الدفاع والخارجية برئاسة مدير عام الشؤون السياسية والامنية في وزارة أوروبا والشؤون الخارجية فريدريك موندولي بزيارة قصيرة الى بيروت، التقى خلالها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وممثّل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب وقائد الجيش العماد جوزف عون.

وبحسب معلومات رئاسة الحكومة، فإنّ «زيارة الوفد تندرج في اطار مهمة في دول المنطقة بتكليف من الحكومة الفرنسية، لِحَضّ لبنان على اتخاذ الخطوات الاساسية للاسراع في تعزيز الاستقرار في الجنوب»، فيما ذكرت مصادر وزارة الخارجية انّ الوزير بوحبيب اكد على التطبيق الكامل للقرار ١٧٠١، مع التذكير بأنّ الخروقات الاسرائيلية تزيد عن ٣٠ ألفاً منذ العام ٢٠٠٦، وطالبَ بأن يتم إظهار الحدود البرية والانسحاب من المناطق والنقاط المحتلة، وعدم استخدام الاجواء اللبنانية للاعتداء على سوريا».واعتبر انّ «دعم الجيش اللبناني أساسي لتطبيق القرار ١٧٠١، وطالب بدعم المؤسسات اللبنانية الحكومية».

وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الجمهورية»: إنّ الوفد آتٍ من تل ابيب ولم ينقل رسائل تهديد من الكيان الاسرائيلي بل تكلمَ بلغة ديبلوماسية حول ضرورة تطبيق القرار 1701 من الطرفين اللبناني والاسرائيلي وتهدئة جبهة الجنوب كما فعلَ في اسرائيل، وهو بَحثَ بعض الإجراءات العملانية واللوجستية الكفيلة بتحقيق التهدئة في جبهة جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة، لذلك ضَم الوفد ضباطاً من الجيش والمخابرات.

وأوضحت المصادر انّ فرنسا ليست مهمتها نقل رسائل التهديد من اسرائيل الى لبنان، كما يتردّد، بل رسائل سياسية من ضمن مسار التهدئة الذي تسلكه باريس لمنع توسّع الحرب من غزة الى لبنان، نظراً لمخاطر توسّعها على كل الاطراف خصوصاً على لبنان.

وقفة احتجاجية

إلى ذلك، دعا عدد من الأمهات اللبنانيات إلى وقفة قرب شجرة الذاكرة مقابل السفارة الفرنسية في بيروت، للمطالبة بوقف إطلاق نار فوري في غزّة، وحَض الحكومة الفرنسية والرئيس الفرنسي على «العمل جدياً لوقف إطلاق النار والإستجابة للتظاهرات التي خرجت في مختلف المدن الفرنسية والعالمية لوقف إطلاق النار أيضاً».

ثم انتقلت الوقفة الاحتجاجية إلى أمام المتحف الوطني.

وبَثّت الأمهات والمشاركون عبر مكبّرات الصوت، أصوات القصف في غزة ونداءات الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين، ووضعوا أكفاناً وتوابيت ترمز إلى الضحايا المدنيين، ولصقوا أفواههم في إشارة الى أنّ «العالم بأسره يشاهد، وهو شاهد يومي على جرائم إسرائيل المستمرة».

 

"اللواء": تفلُّت إسرائيلي في مواجهات الجنوب.. واستهدافات المواقع ترهق الاحتلال

السؤال المحوري، الذي يشغل مختلف الأوساط، لا سيما اللبنانيين منهم، متى يتوقف العدوان الهستيري الاسرائيلي على غزة والقطاع، وتتوقف المجازر اليومية التي يرتكبها جيش الغزو ضد شتى أوجه الحياة الانسانية موقعاً مئات الشهداء والجرحى كل يوم؟ واستطراداً هل تجاوز لبنان مشهد الخطر الجاثم من حرب جديدة لا تُبقي ولا تذر، بصرف النظر عن تهديدات قادة الاحتلال من رئيس الحكومة إلى وزير الدفاع وسائر أركان الحرب؟
الثابت أن الاجابة تستند إلى عنصرين مترابطين:
1 – صمود المقاومة الفلسطينية وحجم الخسائر التي يُمنى بها الجيش الاسرائيلي وعجزه عن تحقيق اي هدف معلن، ما خلا استباحة الحياة البشرية التي هي من الحقوق المقدسة للشعب الفلسطيني.
2-مواصلة المقاومة في الجنوب تسديد ضربات موجعة للاحتلال، وقواته العسكرية المنكفئة إلى ما وراء المواقع المستهدفة في المستوطنات والنقاط الامامية التي تتعرض لقصف يصيب الاهداف، ويوقع الخسائر المؤكدة وفقاً لمصادر المعلومات الاسرائيلية.
أما الحركة الدبلوماسية الناشطة دولياً، لا سيما لدى الفريق الاميركي – البريطاني – الغربي، فهي تقبع ضمن مسار ارتجالي، من دعم الغزو إلى تبرير عدوانه غير المسبوق على مستوى المجازر ضد الانسانية إلى طرح نقاط للتفاوض غير قابلة للحياة، وغير مسندة من الجهات المعنية بحق تقرير المصير للفلسطينيين.
ومع هذا الإرباك الميداني – الدبلوماسي سواءٌ على أرض غزة أو هضاب جبل عامل، حسمت مصادر المعلومات ما يتردد عن زيارة للموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، فنفت أي زيارة في المدى المنظور.

ميقاتي إلى جنيف

ويتوجه الرئيس نجيب ميقاتي بعد غد الاثنين إلى جنيف، في زيارة تستمر ثلاثة أيام، للمشاركة في مؤتمر حول النازحين السوريين.
وحسب مصدر مقرب فإن ميقاتي سيلقي كلمة في المؤتمر وعليه، فإن جلسة مجلس الوزراء لم تعد واردة في الاسبوع المقبل، وهي ستتأخر إلى الاسبوع الذي يليه، والذي تدخل فيه البلاد مرحلة الاعياد، مما يعني أن الزيادة التي وُعد بها القطاع العام لن ترى النور في العام الحالي، نظراً لتعذر إصدار مرسوم العطاءات والزيادات المختلف حولها، وبانتظار تقرير اللجنة المشكَّلة من المجلس التنسيقي للمتقاعدين في القطاع العام من موظفين مدنيين وعسكريين وقضاة ودبلوماسيين وكبار الاداريين، للاتفاق على كيفية احتساب زيادة موظفي القطاع العام المالي إلى التقاعد.

أوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن الوزراء لم يتبلغوا بموعد انعقاد مجلس الوزراء إنما رجحت أن تعقد الأسبوع المقبل بعد إعداد مشروع جدول الأعمال، لافتة إلى أن موضوع التمديد لقائد الجيش مستبعد  طرحه بعدما جرى التأكد أن الحكومة غير قادرة على استصدار قرار كهذا وتجاوز صلاحية وزير الدفاع  بالتالي.  
وقالت هذه المصادر أن الملف ينتظر ما يتم تقريره في اجتماع هيئة مكتب المجلس،وأن  الجلسة التشريعية مرهونة بسلسلة معطيات أبرزها مواقف الكتل النيابية وشروط البعض على موضوع الجلسة أن يعني أن هناك اعتراضا على مبدأ التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، معتبرة أنه في حال لم يبتّ الملف قبل الثالث والعشرين من الشهر الحالي فإنه يُرحَّل إلى مطلع العام الجديد،ولكن قبل العاشر من كانون الثاني المقبل.
وابلغت مصادر في «القوات اللبنانية «اللواء» أن كتلة الجمهورية القوية من أوائل الكتل التي نادت بالتمديد لقائد الجيش،وأن مشاركتها في الجلسة التشريعية المتوقعة الخميس المقبل على الرغم من اعتراضها على التشريع في ظل غياب رئيس للجمهورية تنطلق من أهمية تتصل بالأمن القومي، وفي كل الأحوال لا بد من انتظار ما قد تحمله الأيام المقبلة وما إذا كانت الحكومة هي من تتخذ القرار أم أن المسألة متروكة لمجلس النواب الذي تنعقد هيئة مكتبه لبحث جدول أعمال هذه الجلسة.

حراك العسكريين

في الاوضاع الحياتية والمعيشية وفيما ينتظر أكثر من ربع مليون موظف في القطاع العام جلسة مجلس الوزراء، لمعرفة الزيادات التي ستلحق برواتبهم نهاية هذا الشهر، اعتبر «حراك العسكريين المتقاعدين» أن «السلطة تمعن في تدمير مؤسسات القطاع العام عبر التمييز بين شرائع موظفي هذا القطاع.
وأشار إلى أن «آخر إبداعات الحكومة هو مشروع المرسوم، الذي يمنح موظفي الإدارات العامة ١٦ راتبا إضافيا، فيما يمنح عناصر القوى العسكرية والأمنية ٣ رواتب إضافية والمتقاعدين معاشين إضافيين، وذلك في حجة أن عدد عناصر القوى الأمنية كبير ولا تتوافر أموال كافية للمتقاعدين، ضاربة عرض الحائط الهيكلية التنظيمية لمؤسسات الدولة، والقوانين والأنظمة التي تحدد رواتب القطاع العام في كل إداراته ومؤسساته بالتساوي تبعا للفئة الوظيفية والدرجة، وليس لعدد موظفي هذا القطاع أو ذاك ، كما تحدد معاشات المتقاعدين بنسبة ٨٥٪  من رواتب من يوازونهم في الفئة الوظيفية والدرجة من موظفي الخدمة الفعلية». مبقياً على اجتماعاته مفتوحة، ورافضاً المساومة بين الرواتب والضرائب.

التمديد لعون في المجلس

محلياً، بقي التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون هو الارجح، إذ تتجه الانظار إلى جلسة مجلس الوزراء التي تتجه «القوات اللبنانية» إلى مقاطعتها على خلفية أن جدول الاعمال فضفاض، وأن ما يهمها فقط اقتراح قانون رفع سن التقاعد بالنسبة للضابط برتبة «عماد» وهذا الامر ينطبق فقط على قائد الجيش العماد عون.
وفي المعلومات المتداولة، في بعض الأوساط النيابية، أن حزب الله يعتبر نفسه معنياً بايجاد حلّ لمسألة الشغور في القيادة العسكرية، ومن داخل المجلس النيابي.

الوضع الميداني

ميدانياً، يمكن وصف الوضع العسكري المتفلّت اسرائيلياً، إذ أن القصف يطال العسكريين (جنود الجيش) والمدنيين (سكان القرى) وصولاً إلى سيارات الإسعاف ومواقع القوة الدولية العاملة في الجنوب، فضلاً عن العجز عن إعادة بناء عواميد التجسس والتقاط الصور.
وتجدد القصف الاسرائيلي على مواقع الجيش اللبناني، ففي الناقورة أدى القصف إلى إصابة جنديين في القطاع الغربي، ومواطن في القطاع الشرقي.
وتعامل حزب الله بالاسلحة والصواريخ من نوع بركان، وتلك الدقيقة، سواء على مواقع الراهب (قبالة بلدة حولا) أو رويسات العلم (في تلال كفرشوبا وثكنة ميتات، والعلم والرادار، مقابل بلدة رميش.
وتوسعت حركة طيران الاستطلاع لتشمل منطقة البقاع في وقت ظهرت صور الدمار الهائل في بلدة عديسة الحدودية لجهة استهداف محطة الساحلي، وتدمير جزء من وسط البلدة بقصف اسرائيلي مباشر.
ونعى أمس حزب الله 3 شهداء، هم حسن علي دقوق (عيتا الشعب) وعلي ادريس سلمان (عرمتى) وحسين عصام طه (ميس الجبل).

الوقفة أمام السفارة الفرنسية

 في التحركات الشاجبة والضاغطة  دعت الأمهات اللبنانيات إلى وقفة قرب شجرة الذاكرة مقابل السفارة الفرنسية في بيروت، للمطالبة بوقف إطلاق نار فوري في غزّة، وحث الحكومة الفرنسية والرئيس الفرنسي على «العمل جدياً لوقف إطلاق النار والاستجابة للتظاهرات التي خرجت في مختلف المدن الفرنسية والعالمية لوقف إطلاق النار أيضا». ثم انتقلت الوقفة الاحتجاجية إلى أمام المتحف الوطني.
وبثت الامهات والمشاركون عبر مكبرات الصوت، أصوات القصف في غزة ونداءات الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين، ووضعوا أكفانا وتوابيت ترمز إلى الضحايا المدنيين، منتقدين سكوت العالم على جرائم اسرائيل المستمرة.

إقرأ المزيد في: لبنان