معركة أولي البأس

 

لبنان

المقاومة تفرض الهدنة في غزة على العدو.. والتصعيد الأكبر على الجبهة الشمالية
24/11/2023

المقاومة تفرض الهدنة في غزة على العدو.. والتصعيد الأكبر على الجبهة الشمالية

اهتمت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الجمعة 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 باتفاق الهدنة الذي فرضته المقاومة على حكومة الاحتلال الصهيوني، بعد مماطلة الأخيرة ومحاولتها الضغط بالميدان لتحقيق مكاسب أكبر، إلا أنَّ صمود المقاومين وأهالي غزّة حال دون ذلك بعد فشله في تحقيق أي من أهدافه المتمثّلة بتفكيك البنية العسكرية لـ"حماس"، أو القضاء على الأنفاق، أو حتى إخضاع الحركة، إضافة للضغط من قبل عوائل الأسرى "الإسرائيليين" على الحكومة للدفع باتجاه الهدنة بعد ما أظهرته قيادة العدو من عدم اكتراث بحياة أبنائهم وقتلها عددًا منهم جراء القصف الهمجي على قطاع غزة.

وتناولت الصحف اللبنانية امتداد الهدنة الى سائر الجبهات، التي فُتحت لإسناد مقاومة غزة، خصوصًا بعد التصعيد اللافت على الجبهة الشمالية في أكبر حصيلة من العمليات في يوم واحد ضد مواقع جيش العدو الإسرائيلي وثكناته وتجمعاته على طول الحدود وهي 22 عملية نفذها مجاهدو المقاومة الإسلامية.

محليًا، ركّزت الصحف على نبأ استشهاد عباس نجل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد إلى جانب ثلّة من مجاهدي المقاومة الاسلامية، خليل جواد شحيمي، ومحمد حسن أحمد شري، وأحمد حسن مصطفى، وبسام علي كنجو، كما جرى تشييع الشهداء أمس الخميس إلى مثواهم الأخير.

الأخبار| العدوّ لم يقبل بالهدنة طوعاً: هذا ما فعله الميدان

يبدو أكيداً أن الهدنة والتبادل الجزئي للأسرى مع حركة «حماس»، فُرضا فرضاً على قيادة العدو التي كانت ترفضهما ابتداءً، وذلك بدفع من مجموعة عوامل ساهمت في إنضاجهما وإخراجهما إلى حيّز التنفيذ. وهي عوامل تتقاطع جميعها عند كونها مؤشّراً كاشفاً إلى عجز العدو وفشله في تحقيق السقوف العالية التي رفعها في بداية الحرب. ولعلّ العامل الرئيسيّ والتأسيسي في تلك النتيجة، يتمثّل في صمود المقاومة وأهلها، والذي بدّد كلّ رهانات الاحتلال، وأثمر فشله في الوصول إلى غاياته، سواء لناحية تفكيك البنية العسكرية لـ«حماس»، أو القضاء على الأنفاق، أو حتى إخضاع الحركة (باعتبار أن هذه العناوين إنما هي الترجمة الفعلية لمفهوم «القضاء على حماس»)، وهو ما انسحب أيضاً على قضية الأسرى الإسرائيليين، الذين انطفأت آمال استعادتهم بالعملية البرية، لا بل إن هذه الأخيرة رفعت من مستوى الخطر على حياتهم، الأمر الذي مثّل أداة ضغط إضافية بيد عوائلهم التي اندفعت إلى توسيع تحرّكها الاحتجاجي، مثيرةً خشية رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من أن يؤدّي تفاقم هذه الضغوط إلى تصدّع الإجماع الإسرائيلي حول الحرب.وإلى جانب ما تَقدّم، أتى الضغط الأميركي ليشكّل قوة دافعة إضافية في اتّجاه الهدنة، مدفوعاً باعتبارات داخلية خاصة، ولا سيما أن بين الأسرى من يحملون الجنسية الأميركية.

ساهم تقاطع كل تلكّ العوامل في إنضاج ظروف الهدنة المقرونة بتبادل جزئي، بعدما حاول نتنياهو الالتفاف على مطالب عوائل الأسرى، واضعاً استعادتهم كهدف إضافي للعملية البرية، وليس منفصلاً عنها. إلا أنه بعد مضيّ شهر ونصف شهر من الحرب، لم يستطع خلالها جيش الاحتلال تحقيق هذا الهدف، وجدت قيادة العدو نفسها أمام خيارَين لا ثالث لهما: إمّا مواصلة العملية البرية وتعريض حياة الأسرى للخطر، أو التراجع عمّا سبق رفضه والقبول بتبادل جزئي مقرون بهدنة تستمرّ لعدّة أيام. وبعدما مال إلى الخيار الثاني، لم يستطع التغطية على كونه خضع لمطلب المقاومة التي عرضت منذ اليوم الأول تبادلاً بموجب صفقة واحدة أو على مراحل، وضلّل الجمهور بشعارات وأمنيات سرعان ما تحطّمت في الميدان.

من جهة أخرى، برزت مجموعة من التقديرات التي حذّرت من مخاطر الهدنة من الناحيتَين الاستخباراتية والعسكرية على إسرائيل. ومن بين هذه المخاطر أن جيش العدو قد يفقد معلومات استخبارية، وأن المعلومات التي جُمعت على مدار أيام في غزة، «سوف تبدأ بالانهيار»، على اعتبار أن حركة «حماس» ستقوم، خلال فترة التوقّف، بإعادة التمركز، وستبذل كلّ ما في وسعها لتعزيز أمنها. وفي حال تمّ تمديد الهدنة، ستصبح المهمة العسكرية للجيش صعبة للغاية، كما سيتعيّن عليه أن ينتقل إلى وضع دفاعي، ما يعني تحوّل جنوده إلى أهداف فيما مقاتلو المقاومة يتموضعون في الأنفاق. مع ذلك، وعلى الرغم من أن قبول العدو بالهدنة والتبادل يُعدّ دليل عجز، إلّا أن شروط الوقف النهائي للحرب لا تزال غير مكتملة حتى الآن، فضلاً عن أن خارطة انتشار قوات الاحتلال في شمال غزة في مقابل المقاومين تجعل الوضع الميداني على صفيح ساخن. ويُضاف إلى ما تَقدّم، أن ثمة أكثر من 200 أسير ستكون إسرائيل مُلزَمة بالعمل على استعادتهم في مقابل تبييض سجونها وفق ما تطالب به المقاومة. كما أن ثمّة مطالب تتّصل بمجمل الوضع في القطاع، فيما أيّ محاولة لإبقاء جنود الاحتلال على جزء من أرض غزة، ستجعل إخراجهم أولوية ملحّة لدى المقاومة.

"البناء": محمد رعد يشيع نجله عباس شهيدا: لقد سبقني…

تبدأ في الساعة السابعة من صباح اليوم الهدنة التي توقف العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة، بدعم غربي غير مسبوق، بما يشبه حرباً كونية على غزة لاجتثاث مقاومتها، بعدما وضعت عملية 7 تشرين الأول الماضي مصير الكيان ومهابته وقوة ردعه وأهلية جيشه على المحك. وبعد ثمانية وأربعين يوماً ارتكب فيها الاحتلال مئات المجازر وقدّم خلالها الفلسطينيون ما يزيد عن الخمسين ألفاً بين شهيد وجريح أغلبهم من الأطفال والنساء، وتمّ خلالها تدمير أكثر من نصف مساكن قطاع غزة وأغلب البنى التحتية للخدمات فيه، وإخراج المؤسسات الصحية والتربوية من الخدمة، فشل الاحتلال في تحقيق أي من الهدفين اللذين وضعهما توافق الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في الاتصال الهاتفي المطول بينهما في 7 تشرين الأول الماضي، وهما: ضمان الإفراج عن الأسرى الذين احتجزتهم المقاومة بكل فصائلها في عملية طوفان الأقصى، دون تفاوض وصولاً إلى قبول التبادل بينهم وبين الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وتدمير القوة العسكرية للمقاومة، وفي مقدّمتها حركة حماس، فجاءت الهدنة تعبيراً عن العجز عن إعلان وقف الحرب دون تحقيق أي من أهدافها، والعجز عن مواصلة الحرب مع اليقين باستحالة تحقيق أي من أهدافها.

فرضت المقاومة شروطها في اتفاق الهدنة مستندة إلى فشل الحرب الكونيّة التي شُنّت ضدها، فأجبرت الاحتلال وداعميه في حكومات الغرب، على الرضوخ لصيغة التبادل بين الأسرى، ووفق معادلة ثلاثة أسرى فلسطينيين مقابل كل إسرائيلي واحد، وفتحت طريق تمديد الهدنة بمزيد من الأيام حتى الإفراج عن كل المدنيين لدى الطرفين، وفتح طريق التفاوض لتبادل الأسرى العسكريين من جنود الاحتلال بما تبقى من أسرى فلسطينيين لدى الاحتلال، كما فتح الأتفاق طريق تمدد الهدنة الى سائر الجبهات، التي فتحت لإسناد مقاومة غزة، خصوصاً جبهة لبنان، حيث أعلن حزب الله أنه يلتزم الهدنة ما لم يقم الاحتلال بانتهاكها، بينما أكدت التصريحات الأميركية والإسرائيلية التمسك بعدم التصعيد على جبهة لبنان ما لم يذهب حزب الله إلى التصعيد.

لبنانياً، كان الخبر يوم أمس استشهاد عباس نجل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، حيث استعاد مشهد النائب محمد رعد صورة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في استقبال شهادة نجله هادي، وكان رعد قد استقبل نعش نجله الشهيد بالقول، إن كان من عتب فلأنه سبقني.

وبعد العدوان الإسرائيلي على الطاقم الإعلامي لقناة «الميادين» وعلى مجموعة من حركة حماس، شهدت الجبهة الجنوبية تصعيداً لافتاً من الاحتلال الإسرائيلي تمثل باغتيال مجموعة من المقاومة بغارة إسرائيلية على أحد المنازل في بيت ياحون وغارة أخرى استهدفت منزلاً سكنياً، ما يفتح مرحلة جديدة من المواجهة بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي الذي خرق مجدداً قواعد الاشتباك القائمة منذ 8 تشرين الأول الماضي.

ونعى حزب الله 5 من عناصره هم، عباس محمد رعد «سراج» من بلدة جباع في جنوب لبنان نجل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، خليل جواد شحيمي «سراج» من بلدة مركبا في جنوب لبنان، أحمد حسن مصطفى «ملاك حولا» من بلدة حولا في جنوب لبنان، محمد حسن أحمد شري «كربلا» من بلدة خربة سلم في جنوب لبنان، وبسام علي كنجو «أبو حسين ثائر» من بلدة شقرا في جنوب لبنان. ولاحقاً، نعى الحزب الشهيد علي شبيب محسن من بلدة حاريص في جنوب لبنان.

وقبيل العدوان الإسرائيلي على «بيت ياحون» تداولت وسائل الإعلام الإسرائيلية وعلى مدى أيام بشكلٍ لافت الخطر الكبير الذي يشكله حزب الله الذي قد يجتاز الحدود ويتسلّل الى الجليل بقوات الرضوان، وأتبع ذلك بسيل من التهديدات لمسؤولين إسرائيليين لا سيما رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع. وآخر التهديدات كانت على لسان وزير خارجية الاحتلال إيلي كوهين الذي وجه رسالة إلى مجلس الأمن الدولي «تحذيراً صريحاً» بشأن احتمال نشوب «حرب إقليمية» بسبب الوضع في جنوب لبنان، حسبما ذكرت القناة 12 الإسرائيلية الثلاثاء الماضي.
ومهّدت هذه التهديدات الإسرائيلية لتنفيذ عملية الاغتيال، وفق ما تشير مصادر مطلعة لـ»البناء» والتي حذّرت من قرار لدى حكومة الاحتلال بتوسيع الجبهة مع لبنان، واضعة هذا العمل العدواني في إطار محاولة لكيان الاحتلال لرد بعض الاعتبار على الضربات الموجعة التي وجّهها حزب الله خلال الـ47 يوماً الماضية، لجيش الاحتلال وألحقت خسائر بشرية ومادية فادحة وتركت تداعيات معنوية واقتصادية كبيرة على الاقتصاد والرأي العام في الكيان الصهيوني.

وأوضحت المصادر أن «رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو يريد تطمين المستوطنين الذي يعلنون يومياً رفضهم العودة إلى منطقة الشمال بسبب الرعب من خطر حزب الله وقوات «الرضوان» التي قد تتسلل في أي لحظة إلى «الجليل» وتكرار مشهد دخول «كتائب القسام» الجناح العسكريّ لحركة حماس إلى «غلاف غزة»، كما يعمد نتنياهو الى التغطية والتعمية على رضوخه للمفاوضات ووقف إطلاق النار في إطار اتفاق الهدنة مع حركة حماس.

وتشير المصادر الى أن «العدو تجاوز الخطوط الحمر وكل قواعد الاشتباك واستخدم طريقة الاغتيال المباشر وفي منطقة بعيدة عن العمليات الحربية، حيث إن بيت حانون تبعد حوالي 8 كيلومترات عن الحدود مع فلسطين المحتلة، ما يعني أن رد حزب الله للحفاظ على معادلة الردع ومنع توسيع قواعد الاشتباك من دون رادع، وبالتالي تكرار اعتداء «بيت ياحون» في مناطق أخرى، وبالتالي يسمح له بتوسيع حركته العسكرية في جنوب الليطاني لاستهداف مواقع ومراكز عسكرية لحزب الله وبالتالي تطبيق القرار 1701 بالقوة العسكرية». إلا أن المصادر أكدت بأن «هذا الإسلوب من الاعتداءات لن يحقق الإسرائيلي مبتغاه ولن يستطيع إعادة المستوطنين الى شمال فلسطين المحتلة، بل سيبقون مهجرين حتى انتهاء العدوان على غزة وربما لن يعودوا بعد العدوان أيضاً».

وأمس، أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري، أنّ «في أيّ لحظة يمكن أن يحدث أي شيء في الجبهة الشمالية»، مضيفاً «أننا سنهاجم بقوة ونرد على مصادر إطلاق الصواريخ في جنوب لبنان»، زاعماً وجود «جاهزية عالية في الجبهة الشمالية»، في وقت يؤكد المقاومون في حركة حماس الذين يلتحمون مع جيش الاحتلال أن «الضباط والجنود الإسرائيليين غير جاهزين وغير مؤهلين للحرب»، وفق ما أعلن الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة أمس.

وفي سياق ذلك، ذكر موقع «والا» الصهيوني أنّ حكومة الاحتلال تؤجل اتخاذ القرار بشأن أساليب العمل ضد حزب الله، ما يعني تاليًا تأجيل عودة سكان الشمال إلى منازلهم. ونقل «والا»، عن مصادر عسكريّة في قيادة المنطقة الشمالية، قولها: «بهذه الوتيرة سكان الشمال لن يعودوا إلى منازلهم».

ويقدّر المسؤلوون، في قيادة المنطقة الشمالية، أنّه سيكون مطلوبًا من الحكومة إصدار أوامر على التشديد من حدّة الردود في عمق الأراضي اللبنانية من أجل نقل رسالة إلى حزب الله بأن «إسرائيل» لن تنتظر انتهاء المعركة، في قطاع غزة، لفتح جبهة إضافية في الشمال، وفقًا لادعائهم.
وقال مصدر عسكري صهيوني، بحسب ما ينقله موقع «والا»: «هناك تقديرات بأنّ الجيش الإسرائيلي سيحاول تثبيت حقائق على الأرض بدعم دولي واسع لمنع التدهور الإقليمي»، على حدّ زعمه.

وانتقدت مصادر عسكرية صهيونية، وفقًا لموقع «والا»، قوات «اليونيفيل»، والتي بحسب توصيفها لم تنجح في كبح حزب الله في جنوب لبنان وفرض القرار 1701 التابع لمجلس الامن الدولي. ورأت مصادر، في قيادة المنطقة الشمالية الصهيونية، أنّه: «لن يكون هناك مفرّ من مفاقمة الصراع وجَبِي ثمن من حزب الله من أجل فرض تطبيق القرار».

وبحسب المصادر ذاتها، فقد أُرسل كلام حول هذا الموضوع إلى وزير الحرب الصهيوني يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي وقائد القيادة الشمالية أوري غوردين. وأوضح المسؤولون الصهاينة: «أننا بحاجة إلى اختيار التوقيت والطريقة والبدء في توسيع شرعنة عملية واسعة النطاق. كلّما مرّ الوقت ولم نرَ الأفق، سيصبح الأمر أكثر صعوبة».

الى ذلك، أكّد رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيد هاشم صفي الدين، أنّ «المقاومة ستبقى في ميادين القتال والدفاع عن الوطن والأمة والمستضعفين». ولفت، خلال تشييع نجل رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» محمد رعد، عباس رعد، في بلدة جباع، والذي سقط إثر عدوان إسرائيلي، إلى أنّ «في هذه الشهادة ميزة إضافية وخاصة هي في كون شهادة عباس وإخوانه رسالة أن كل ما لدينا نضعه في سبيل غزة ومقاومة غزة التي تقاتل بكل بسالة»، موضحًا أنّ «هذه الشهادة تُثبّت أنّ القيادة فعل حضور في الميدان وأنّ القيادة لا توفّر أحدًا». وشدّد صفي الدين على أنّ «معركة غزة هي من أشرف المعارك وأهل غزة هم من أشرف الناس وأطفال غزة هم من أشرف الأطفال». وأشار إلى أنّ «المقاومة تثبت أنها المقاومة القوية التي لا تُقهر ولا تُسحق، ولا يمكن لأحد أن يسحقها».

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل