لبنان
حزب الله يوسع دائرة الاشتباك مع العدو جنوبًا.. والحكومة تتحضّر لخطة طوارئ
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم على تطور الوضع الميداني جنوبًا، حيث كثفت المقاومة الإسلامية والفلسطينية من عملياتها على طول الحدود اللبنانية مع فلسطين، ما أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف جيش الاحتلال، إذ وسع حزب الله نطاق هجماته على طول خط الجبهة من الناقورة الى مزارع شبعا وبعمق مدى صواريخ الكورنيت، حاصداً دبابات الاحتلال في الخط الأمامي، بعدما أكمل أمس مهمة التخلص من الستار الإلكتروني المتمثل بالرادارات وأجهزة التنصّت وأدوات الحرب الالكترونية وما يرتبط بها من الكاميرات على طول خط الحدود، فيما أعلنت "كتائب القسام- لبنان" مسؤوليتها عن إطلاق 30 صاروخًا من جنوب لبنان باتجاه مستوطنتَي "نهاريا" و"شلومي" شمال فلسطين المحتلة.
كما تناولت الصحف اجتماع الحكومة الذي عقده رئيسها نجيب ميقاتي، وذلك مواكبةً للتطورات على الحدود الجنوبية، إذ بدأت الحكومة بالتعاون مع هيئات الأمم المتحدة التحضير لخطة طوارئ، عُلم أنها انطلقت من مقارنة معيارية مع عدوان تموز 2006، تسمح لها بالتدخّل على الصُّعد الإنسانية والخدماتية والطبية والاجتماعية في محاولة لمواجهة ما قد يحصل في حال توسّعت دائرة المعركة.
"الأخبار": حزب الله وحماس يضربان العدوّ على الحدود
بدأت التطورات المتسارعة عند الجبهة الحدودية مع لبنان تُقلق العدو، بجيشه وإعلامه وجبهته الداخلية، إذ تتعالى الأصوات لاعتبار ما يجري حرباً كاملة المواصفات مع حزب الله. واستهدف مقاتلو الحزب أمس تحصينات مواقع العباد، المالكية، المنارة، جل العلام، البحري، زرعيت، ثكنة شوميرا وبرج مراقبة في حدب البستان بالأسلحة المباشرة، ضمن خطة «فقْء العيون» وتمّت إصابتها إصابة دقيقة وتدمير كمية من تجهيزاتها الفنية والتقنية.
وفي إطار تعزيز مشاركة الفصائل الفلسطينية، أعلنت «كتائب القسام- لبنان» مسؤوليتها عن إطلاق 30 صاروخاً من جنوب لبنان باتجاه مستوطنتَي «نهاريا» و»شلومي» شمال فلسطين المحتلة.
وتحدّثت وسائل إعلام عبرية عن سقوط ثلاثة جرحى جرّاء سقوط صاروخ بشكل مباشر على مبنى مكوّن من 9 طوابق في كريات شمونة، بينها إصابة في حالة متوسطة، ما أثار جدلاً واسعاً بين المستوطنين ورئيس بلدية المستعمرة الذي أبلغهم بأنه لم يتلقَّ تعليمات محدّدة حول سبل إخلائهم في وقت قريب.
وعقب اجتماعها الأسبوعي أمس، أكّدت كتلة «الوفاء للمقاومة» أن «المقاومة الإسلامية في لبنان لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي إزاء أيّ إجراء صهيوني يشكّل تهديداً أو محاولة خرقٍ للمعادلات التي فرضتها المقاومة خلال تصدّيها للاعتداءات الصهيونية، وأن من حقّ المقاومة وواجبها أن تتصدّى للاعتداءات الصهيونية». وشيّع حزب الله أمس عدداً من شهدائه في قرى جنوبية وبقاعية وفي الضاحية الجنوبية، وأُطلقت مواقف بينها ما أعلنه الشيخ نبيل قاووق، بـ»أننا نقوم بواجبنا في المقاومة من دون تردّد ومن دون تأخير ولا نخشى تهديدات أحد. نحن، في حزب الله، ننصر غزة بأقدس دمائنا، دماء أبنائنا وشبابنا ومجاهدينا، ننصر غزة في الميدان والمواجهات المتواصلة بين مجاهدي المقاومة والعدو الإسرائيلي».
أما النائب حسن فضل الله فقال إن قيادة المقاومة تدرس الخطوات المناسبة بعيداً عن المزايدات وبعيداً عن الانفعالات، وإنها تقوم بكل ما يلزم لأجل مساندة المقاومة والأهالي في غزة.
الحكومة تتجهّز للحرب
مواكبةً للتطورات على الحدود الجنوبية، بدأت الحكومة بالتعاون مع هيئات الأمم المتحدة التحضير لخطة طوارئ، عُلم أنها انطلقت من مقارنة معيارية مع عدوان تموز 2006، تسمح لها بالتدخّل على الصُّعد الإنسانية والخدماتية والطبية والاجتماعية في محاولة لمواجهة ما قد يحصل في حال توسّعت دائرة المعركة.
وعقد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اجتماعاً أمس ضمّ وزراء الداخلية والبلديات بسام مولوي، الصحة فراس أبيض، الإعلام زياد مكاري، البيئة ناصر ياسين، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد المصطفى، منسّق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في لبنان عمران ريزا، ومسؤولي الهيئات الإنسانية والإنمائية والإغاثية التابعة للأمم المتحدة العاملة في لبنان. وشمل البحث خطة الطوارئ التي أعدّتها تلك الهيئات والنتائج التي خلصت إليها اجتماعات هيئة إدارة الكوارث، بهدف التنسيق بين الجانبين، نظراً إلى كون الدعم المباشر والأساسي من المُنتظر أنّ تقدّمه هيئات الأمم المتحدة.
وفي التفاصيل، تمّ تقسيم لبنان جغرافياً إلى ثلاث مناطق: المناطق التي قد تكون عرضةً للاستهداف وتشمل الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت وبعلبك - الهرمل، ومناطق الدعم الإغاثي في بيروت وصور وصيدا والبقاعين الأوسط والغربي، ومناطق استقبال النازحين، وتضمّ الشوف وعاليه ومناطق الشمال، إضافة إلى بيروت وصيدا. ووفق المعلومات، طُلِب من كل وزارة تحديد احتياجاتها لتُصبِح أكثر جهوزية، ومن هيئات الأمم المتحدة وضع خطط استجابة، على أن يتطرّق اجتماع الغد إلى تفاصيل ما يمكن أن تقدّمه كل منظمة، وما يحتاج إليه كل قطاع، وكيفية تنسيق تبادل التفاصيل والـ«الداتا». وفي هذا الصدد، تشير المصادر إلى أنّ «هناك قطاعات جاهزة أكثر من سواها كوزارة الصحة التي كانت تتحضّر لمواجهة موجة كوليرا محتملة قبل مدّة»، ورغم ذلك طلبت «الصحة» أمس دعماً من منظمة الصحة العالمية. بالتوازي «تُدرس إمكانية الاستعانة المباشرة بمساعدات من برنامج الأغذية العالمي». في السياق نفسه، أفادت المصادر بأنّ وزير الطاقة وليد فياض طلب من الوزارات التي سيكون تدخّلها إستراتيجياً وفي مقدّمتها وزارتا الصحة والاتصالات تقدير حاجتها من الفيول لتأمين الكميات المطلوبة.
عملياً، التشبيك سيتم على مستويين، الأول بين الوزارات ومنظّمات الأمم المتحدة لتنسيق الأعمال المرتبطة بحالات الطوارئ إن حصلت، وإرسال ما هو مطلوب. والثاني، محلّي على مستوى الأقضية، يرافقه استحداث غرف طوارئ وإدارة كوارث في المحافظات. ويُعقد اليوم اجتماع تقني يضمّ مندوبين عن الوزارات المختصّة وهيئات الأمم المتحدة لبلورة الخطوات التنفيذية والتنسيق من أجل خطة العمل النهائية. كما اتّفق الجانبان على يوم عمل طويل الأسبوع المقبل.
وفي جلسة ما بعد الظهر، وافق مجلس الوزراء على خطة وزارة الأشغال العامة والنقل «لتأمين الجهوزية لمواجهة أي احتمالات ممكنة على البنى التحتية»، في حال نشوب حرب واسعة في
لبنان. كما وافق على خطة وزارة الصحة التي تتضمن دعم المستشفيات الخاصة والحكومية وتغطية تكاليف المصابين جرّء الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة جنوباً، وإمكانية اتّساع رقعتها، وتأمين المستلزمات الطبية، وذلك من خلال الإجازة للوزارة بالتصرّف بالأموال المودعة لمصلحتها في مصرف لبنان والتي كانت مخصّصة لمواجهة جائحة كوفيد 19 والموافقة على إعطاء الوزارة سلفة خزينة بقيمة 1000 مليار ليرة، ما يوازي 11 مليون دولار.
وفي ظلّ الأوضاع الراهنة، المترافقة مع قرب انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون، وما يشهده المجلس العسكري من فراغ، طرح وزير البيئة ناصر ياسين، مسألة تعيين رئيس للأركان، كخطوة باتت ضرورية، سيّما أنّ الأوضاع الأمنية والسيناريوهات مفتوحة على احتمالاتٍ كثيرة، منها دخول لبنان الحرب مع إسرائيل. فأجاب ميقاتي بأن «الأمر يحتاج إلى دراسة»، مفضّلاً كخطوة أولى، إرسال مشروع قانون إلى مجلس النواب متعلّق بتمديد تسريح المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان لعامٍ واحد.
"البناء": المقاومة توسّع مدى عملياتها جنوباً وتدمر السياج الالكتروني… ودبابات ومواقع
على جبهة الجنوب اللبناني، تحدثت معلومات مؤكدة عن إمساك المقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله بزمام المبادرة، حيث قام جيش الاحتلال بحشد ثلاث فرق عسكرية لمواجهة احتمال التصعيد من جانب المقاومة، متخذاً وضعية دفاعية، حيث يكتفي بالرد على هجمات المقاومة على مواقعه من جهة، وقام بإخلاء المستوطنين على عمق 6 كلم ونشر جنوده في منازل المستوطنين تحسباً لفرضية العبور الى الجليل من جانب المقاومة من جهة أخرى، بينما قام حزب الله بتوسيع نطاق هجماته على طول خط الجبهة من الناقورة الى مزارع شبعا وبعمق مدى صواريخ الكورنيت، حاصداً دبابات الاحتلال في الخط الأمامي، بعدما أكمل أمس مهمة التخلص من الستار الإلكتروني المتمثل بالرادارات وأجهزة التنصّت وأدوات الحرب الالكترونية وما يرتبط بها من الكاميرات على طول خط الحدود. وفي الحصيلة التي تحملت خلالها المقاومة ارتقاء دزينة من مجاهديها شهداء تؤكد المعلومات ان جيش الاحتلال خسر بين 30 و40 قتيلاً وعشرات الجرحى، بالإضافة لعدد من المواقع المحصنة وعشر دبابات على الأقل.
في جبهة غزة، حيث الارتباك سيد الموقف في قرار العملية البرية، يواصل جيش الاحتلال القتل المفتوح مسجلاً المزيد من الجرائم والمجازر، وآخرها تدمير أقدم كنيسة أرثوذكسية هي خامس أقدم كنيسة في العالم، حيث سقط عشرات الشهداء والجرحى، وبينما واصلت المقاومة إطلاق صواريخها نحو عمق الكيان، نقلت تقارير مؤكدة معلومات عن نجاح قوات القسام وسرايا القدس باستدراج وحدات جيش الاحتلال ودباباته إلى كمين شمال غزة، دمّرت خلاله عدداً من دباباته وقتلت وجرحت عدداً من ضباطه وجنوده.
وكثفت المقاومة الإسلامية والفلسطينية في لبنان من عملياتها العسكرية على طول الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، ما أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف جيش الاحتلال الذي يعيش في قلقل وإرباك كبير وقد اتخذ إجراءات مشددة كالتقليل من تحركاته والتنقل بآلياته العسكرية إلا للضرورة القصوى والاختباء في الثكنات والمواقع والدشم، وفق ما تشير مصادر ميدانية لـ»البناء»، والتي أكدت بأن «المقاومة مستمرّة في عملياتها وبوتيرة أعلى ولن توفر أي هدف إسرائيلي على طول الحدود، ولن تسمح للعدو بأن ينعم ساعة بالهدوء»، مشددة على أن اليد الطولى للمقاومة والتي تتحكم بالميدان وتفرض على العدو معادلة صعبة وهي بث الرعب في جنود جيش الاحتلال وضباطه واتخاذه إجراءات صعبة ونقل مئات الآلاف من الجنود والضباط من محيط قطاع غزة وحشدهم على الجبهة الشمالية مع لبنان، إضافة الى نشر الذعر في نفوس المستوطنين والشلل الاقتصادي في أغلب مناطق شمال فلسطين. كما لفتت المصادر إلى أننا في حالة حرب مفتوحة وحقيقية مع العدو الإسرائيلي ومرشحة للتوسّع ولدخول عناصر قوة وتكتيكات إضافية ستلحق بالعدو خسائر إضافية. كما أن الجبهة باتت مشرعة أمام كافة فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية وبالتالي حزب الله ليس شرطيّ حدود بل يدعم أي عمل مقاوم وأيّ سلاح موجه للاحتلال الإسرائيلي»، وكشفت المصادر أن «المقاومة في لبنان مرابضة على كافة المواقع على طول الحدود ومستعدة لكافة الاحتمالات وجاهزة لصفارة الانطلاق لتنفيذ عمليات نوعية وفي عمق الأراضي المحتلة وضد أهداف حساسة عندما تأتي الساعة».
ومساء أمس، وإثر اشتباكات مع المقاومة حاصرت قوات الاحتلال مجموعة من 9 مدنيين من بينهم 6 صحافيين قرب موقع العباد الإسرائيلي في محيط بلدة حولا، حيث أطلقت قوات الاحتلال النار في محيط المكان الذي يوجد فيه الصحافيون والمدنيون لمنع مغادرتهم.
وبعد مناشدات عدة تمكّن الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل من نقل الصحافيين والمدنيين المحاصرين.
وأفيد لاحقاً عن سقوط شهيد وجريح من ضمن الفريق الصحافي الإيراني – اللبناني بعد سحبهم من قبل قوات اليونيفيل الدولية التي سلّمتهم إلى الجانب اللبناني. والشهيد هو محمد ربيع البقاعي.
وذكر الناطق الرسمي باسم “اليونيفيل” أندريا تيننتي، أنّ “القوات المسلحة اللبنانية طلبت هذا المساء (امس) من اليونيفيل مساعدة سبعة أفراد علقوا بالقرب من الخط الأزرق، على مقربة من قبر الشيخ عباد، خلال تبادل إطلاق نار كثيف عبر الخط الأزرق».
وأشار تيننتي إلى أنّ “اليونيفيل” “اتصلت بالجيش الإسرائيلي وحثته على وقف إطلاق النار لتسهيل عملية الإنقاذ”، موضحاً أنّ “الجيش الإسرائيلي أوقف إطلاق النار، مما أتاح للجيش اللبناني إخراج الأفراد بنجاح من المنطقة”، مؤكداً أنّ “أحد الأشخاص فقد حياته خلال هذا الحادث وتم إنقاذ الآخرين بنجاح”.
وكانت المقاومة نفذت سلسلة هجمات ضد مواقع الاحتلال الإسرائيلي: جل العلام، البحري، زرعيت، وثكنة شوميرا وبرج مراقبة في حبد البستان بالأسلحة المباشرة والمناسبة وتمّت إصابتها إصابة دقيقة وتدمير كمية من تجهيزاتها الفنية والتقنية. كذلك هاجمت موقع المنارة الصهيوني بالصواريخ الموجهة وتمت إصابته إصابة مباشرة.
واستهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية موقعي جل العلام ورأس الناقورة التابعين لجيش العدو الصهيوني عند الحدود اللبنانية الفلسطينية وحققوا إصابات مباشرة ودقيقة. كما استهدفت المقاومة الموقع العسكري الإسرائيلي في تلة “العباد” عند حدود بلدة حولا.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، عن إصابة مبنى في كريات شمونة قرب الحدود مع لبنان.
بدورها، أعلنت كتائب القسام في لبنان، إطلاق 30 صاروخاً من جنوب لبنان باتجاه مستوطنات الجليل الغربي وأبرزها نهاريا وشلومي.
وذكرت إذاعة جيش الاحتلال أنّ “إطلاق النار مستمر في الجليل الغربي، حيث طُلب من سكان مستوطنات خط النزاع أن يحبسوا أنفسهم في المناطق المحمية”.
وواصل العدو الاسرائيلي اعتداءاته على القرى والبلدات الجنوبية الأمامية، وأغارت مسيّرة إسرائيلية بصاروخين على أحد بساتين الوزاني. واستهدف العدوان الإسرائيلي محيط بلدات حولا ومركبا والعديسة في القطاع الشرقي لجنوب لبنان.
ويشير خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية لـ”البناء” الى أن “ما يجري في الجبهة الجنوبية بين حزب الله والجيش الإسرائيلي في العلم العسكري يسمّى حالة حرب، وقد سقطت قواعد الاشتباك التي كانت قائمة منذ العام 2006 عقب القرار 1701 حتى السابع من تشرين 2023، سقطت عندما استهدفت “إسرائيل” مركزاً لحزب الله وسقط عدد من الشهداء، وبالتالي تحولت الحدود مع فلسطين المحتلة الى منطقة عمليات للمقاومة، والجيش الإسرائيلي يحسب ألف حساب ويحاول قدر الإمكان تفادي توسيع الحرب لأسباب مختلفة إذ لا يستطيع القتال على جبهتين، أما التهديدات الأميركية بتولي قتال حزب الله، فهذا غير دقيق لكون لا منطقة اشتباك مباشرة بين الحزب والقوات الأميركية وثانياً الأميركيون لا يقاتلون في البر، لأنهم لا يحتملون الخسائر البشرية لأسباب داخلية، وثالثاً إن القصف الجوي أو من البوارج الموجودة في المتوسط على عمق بعيد لا تغير بالمعادلة الميدانية والعسكرية وإن تمكنت من تدمير قرى ومدن في الجنوب وبيروت”، لذلك الجيش الإسرائيلي وفق الخبراء لا يريد فتح جبهة جديدة، ولذلك أرسل الأميركيون “جيشاً” من الديبلوماسيين الأميركيين والأوروبيين والعرب واستنفر سفراء الدول الغربية والعربية في لبنان للضغط على الحكومة وحزب الله لوقف تدخل الحزب في الحرب.
وأكد عضو حكومة طوارئ العدو الإسرائيلية بيني غانتس، وهو وزير حرب سابق، أن بلاده ستحتاج أشهرًا قبل أن تتمكن من هزيمة حركة حماس، بخاصة إذا شارك حزب الله في الحرب، كما أفادت وكالة “تاس”. وقال: “سيستغرق الأمر الكثير من الوقت. الحرب في الجنوب، وإذا لزم الأمر، في الشمال أو في أي مكان آخر يمكن أن تستغرق أشهراً. أما التعافي وإعادة البناء، فسيستغرقان سنوات”. ولفت إلى أن “الهدف ليس فقط هزيمة حماس، بل ضمان أن يصبح الجنوب جنة بنسبة 100%. بعد الحرب، وبعد انتصارنا في كل جبهات معاركنا، سنكرس أنفسنا لهذا التعافي”.
ووفق أوساط سياسية مطلعة على موقف المقاومة لـ”البناء” فإن “قيادة الحزب لن تعطي أي تطمينات ولا ضمانات لأي ديبلوماسي ولا موفد ولا رسول من اي مكان أتى، بأنها ستوقف عملياتها أو ستقف على الحياد بهذه المعركة ولن تفصح عن أوراقها ولا عن مستوى التدخل وتوقيته ولا أي تفصيل يطلبه العدو عبر أدواته الديبلوماسية التي تصول وتجول في لبنان”، مشددة على أن “أي قرار تتخذه قيادة المقاومة أو أي خطوة مرتبطة بمجريات الميدان لا سيما في غزة والوجهة التي سيسلكها العدو الاسرائيلي وحليفه الأميركي الذي يدير الحرب بشكل مباشر من بوارج التحكم والقيادة والسيطرة الراسية في البحر المتوسط فيما المسؤولون الأميركيون انضموا الى غرفة عمليات الاحتلال الاسرائيلي”. وكشفت الأوساط أن “المقاومة تعمل بشكل عقلاني ومنطقي من غير تسرّع أو مواقف عاطفية وعشوائية وتدير المعركة بحكمة وعقل بارد وتدرس كافة السيناريوت والخيارات ومستعدة لأي احتمال”.
"النهار": "خطط طارئة" حكومية تحت وطأة التصعيد الميداني
اتخذ السباق بين التصعيد الميداني المتواصل على "جبهة الجنوب" والمساعي الداخلية والديبلوماسية المحمومة للحؤول دون التفلت النهائي لهذا التصعيد والانزلاق بالوضع نحو حرب مفتوحة ذروة غير مسبوقة. ولعل ما فاقم الأجواء المنذرة باحتمالات اتساع التصعيد العسكري والميداني الدلالات الساخنة والمثيرة للقلق التي اكتسبها توجيه السفارة الأميركية طلبا طارئا ثانيا الى جميع الرعايا الاميركيين الموجودين في لبنان بضرورة مغادرته بأسرع وقت فيما تكر سبحة التحذيرات التي توجهها دول الى رعاياها لتجنب التوجه الى لبنان. كما ان من موشرات ترجيح كفة التصعيد المتدرج عند الجبهة الجنوبية عامل لافت يتمثل في انضمام مزيد من التنظيمات الفلسطينية واللبنانية الى المشاركة في تبني العمليات الجارية ضد القوات الإسرائيلية وسط كلام عن إقامة غرفة عمليات ميدانية مشتركة بين "حزب الله" وهذه التنظيمات التي صار معروفا منها علنا "حماس" و"حركة الجهاد الإسلامي" و"الجماعة الإسلامية" وربما تنظيمات أخرى تعلن تباعا. وفي ظل التراشق الصاروخي والمدفعي المتكرر يوميا عبر الجبهة الجنوبية تثار تساؤلات عدة حيال ما اذا كانت معادلة "التناسب" في قواعد الاشتباك بين "حزب الله" وإسرائيل الصامدة نسبيا حتى اللحظة بما لم يشعل المواجهة الشاملة ستحافظ على صمودها طويلا ام ان تعدد التنظيمات الفلسطينية واللبنانية الى جانب "حزب الله" في الاشتباكات الجارية واعمال القصف قد تخرج الوضع الميداني في أي لحظة عن إمكانات ضبطه وتاليا اشعال المواجهة الكبيرة.
الاستنفار الحكومي
وقد عكس الاستنفار الحكومي الواسع ديبلوماسيا وانسانيا واغاثيا للتهيؤ لاحتمالات الحرب انطباعات مشدودة للغاية اذ بدا بمثابة "اعلان رسمي" للمرة الأولى باطلاق الاستعدادات لاحتمالات الحرب تعززها دعوات الدول الى رعاياها لمغادرة لبنان على جناح السرعة وعدم التوجه اليه. وفي اطار هذا الاستنفار عقدت بعد ظهر امس جلسة لمجلس الوزراء خصصت لدرس الطوارئ في حال نشوب حرب، برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بعدما كان رأس قبل الظهر اجتماعا موسعا خصص للمنظمات الإنسانية. وقد وافق مجلس الوزراء على خطة وزارة الاشغال العامة والنقل ووزارة الصحة في ما يتعلق بإدارة الكوارث. وقال وزير الاعلام زياد مكاري "ان المواطنين يجب ان يطمئنوا الى ان الحكومة تعمل على وضع خطة وقاية في حال لا سمح الله حصلت حرب". وفي مستهل الجلسة لفت ميقاتي الى انه طوال الايام الماضية واصل اجراء الاتصالات واللقاءات الديبلوماسية "لشرح الموقف اللبناني ومطالبة الدول الصديقة بالضغط لمنع التعديات الاسرائيلية وامتداد النيران الى الداخل اللبناني" . وقال "تلقيت في الساعات الماضية بعض الاجواء الديبلوماسية التي ابدت تفهما للمخاوف اللبنانية ووعدا باستمرار السعي لوقف الاعتداءات الاسرائيلية. وآخر هذا الاتصالات جرى قبل بدء الجلسة بدقائق من قبل الامين العام للامم المتحدة السيد انطونيو غوتيريس الموجود في القاهرة والذي وضعني في اجواء الاتصالات تمهيدا لعقد مؤتمر في القاهرة يوم السبت المقبل".
واعتبر ان "الظرف يقتضي ان يكون التعاطي مع المستجدات حكيما وهادئا. وليس الاوان مناسبا لمزايدات شعبية. واما التحركات الشعبية التي تتخطى التعبير عن الرأي لتتحول الى تعديات على الناس والجيش والقوى الامنية وعلى الممتلكات العامة والخاصة والبعثات الديبلوماسية فامر مرفوض على الاطلاق. كما ان حساسية الظرف الراهن تقتضي مقاربة حكيمة لكل الاوضاع، والمطلوب وقف الشحن وضبط المناصرين".
وأفادت مصادر وزارية انه بإزاء الأوضاع الاستثنائية الراهنة واخطارها، طرح في الجلسة مشروع قانون للتمديد للذين هم في الخدمة العسكرية وبرتبة عماد ولواء لسنة واحدة والبحث لاحقا في مخرج قانوني لتعيين قائد الجيش ورئيس الأركان في الجيش وتقرر بعد النقاش استكمال البحث لاحقا في الاقتراح. واشارت المصادر الى ان الجزء الأخير من الجلسة التي دامت ثلاث ساعات تحول الى مناظرة بين رئيس ديوان المحاسبة محمد بدران ووزير الاتصالات جوني القرم حول تلزيم خدمات البريد مكان شركة "ليبان بوست" .
اما الاجتماع الموسع الذي عقد برئاسة ميقاتي قبل الظهر، فضم عددا من الوزراء ومنسق الأمم المتحدة للشؤون الانسانية في لبنان عمران ريزا ومسؤولي الهيئات الانسانية والانمائية والاغاثية التابعة للامم المتحدة والعاملة في لبنان. وتم خلال الاجتماع البحث في خطة الطوارئ التي اعدتها الامم المتحدة لمواكبة التطورات الراهنة في لبنان خدماتيا وانسانيا وصحيا واجتماعيا، اضافة الى دعم البلديات والدفاع المدني في هذه الظروف. وتقرر ان يعقد اجتماع تقني اليوم يضم مندوبين عن الوزارات المختصة وهيئات الامم المتحدة لوصل خطة العمل النهائية.
وإجتمع رئيس الحكومة مع سفيرة كندا لدى لبنان ستيفاني ماكولم. وكانت استراليا وكندا نصحتا رعاياهما بعدم السفر إلى لبنان. اما السفارة الاميركية فجددت مناشدة رعاياها في لبنان "التخطيط للمغادرة في أقرب وقت ممكن". وسبق هذا التحذير الجديد اصدار الخارجية الأميركية لاحقا تحذيراً عالميّاً للرعايا الأميركيين مع الإشارة إلى احتمال شنّ "متطرفين" هجمات والقيام بأعمال عنف . وبدورها طلبت وزارة الخارجية الألمانية من رعاياها مغادرة لبنان .
وفي سياق الاستنفار الديبلوماسي اجتمع وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب مع سفراء الدول العربية المعتمدين في لبنان وذلك في اطار مناقشة الاوضاع والتطورات الاقليمية في غزة والمنطقة وأوضح انه "تم التوافق على اهمية وقف فوري لاطلاق النار وإرسال المساعدات ، ورفض التهجير والتوطين في بلد آخر، وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية هو الحل".
الوضع الميداني
على الصعيد الميداني عادت السخونة الى الجبهة الجنوبية منذ الظهر اثر اطلاق صاروخين من لبنان باتجاه مستعمرة المنارة في الجليل الأعلى مقابل بلدتي ميس الجبل وحولا. على الاثر، سجل قصف مدفعي استهدف مناطق عدة على الحدود اللبنانية بإتجاه اطراف بلدة ميس الجبل وحولا وطلبت إسرائيل من مستوطني المنارة ومسكاف عام والجليل الأعلى البقاء في منازلهم .
وفي هذا السياق، أفادت أن عددا من الصواريخ أطلق من لبنان باتجاه المواقع الإسرائيلية في رأس الناقورة وزرعيت. وأعلنت "كتائب القسام" مسؤوليتها عن إطلاق رشقة صاروخية مركزة مكونة من 30 صاروخاً إنطلاقاً من جنوب لبنان بإتجاه مستوطنات الجليل الغربي وأبرزها نهاريا وشلومي. واعلن المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي افيخاي ادرعي، أنه متابعة للتقارير عن تفعيل الانذارات في الجليل الغربي، "تم رصد اطلاق ست قذائف من لبنان نحو إسرائيل، حيث سقطت خمس منها في مناطق مفتوحة بينما تم اعتراض قذيفة واحدة". واضاف : "كما وردت تقارير عن تعرض موقع عسكري لاطلاق قذيفة مضادة للدروع وموقع آخر لنيران أسلحة خفيفة دون وقوع إصابات. قواتنا تهاجم في هذه الاثناء مصادر اطلاق النار". ولفتت قناة ١٤ الإسرائيلية الى إطلاق قذائف بالإضافة الى إطلاق النار من أسلحة رشاشة تجاه مواقع الجيش الإسرائيلي في الجليل الغربي عند الحدود مع لبنان. وأفيد عن استهداف أجهزة التجسّس في موقع جل العلام وحانيتا التابعة للجيش الإسرائيلي مقابل علما الشعب بالصواريخ الموجهة. وتجدد إطلاق قذائف هاون من لبنان، كما تم إطلاق نار من أسلحة خفيفة على الجيش الاسرائيلي في الناقورة. واستهدف قصف مدفعي اسرائيلي اطراف بلدة مروحين.كما أطلِقت قذائف اسرائيلية نحو اللبونة ووادي علما. وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية سقوط صاروخ بشكل مباشر على مبنى مكون من 9 طبقات في كريات شمونة . واصدر "حزب الله" بيانات عن مهاجمته مجموعة مواقع إسرائيلية منها موقع المنارة وموقع المالكية وموقعي جل العلام ورأس الناقورة وموقع العباد وتحقيقه إصابات مباشرة في صفوف الإسرائيليين.
وهدد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي"حزب الله" بانه سيتحمّل تبعات جميع العمليات التي ينفّذها الجناح الشمالي لـ"حماس" في الأراضي اللبنانية بموافقته.
إقرأ المزيد في: لبنان
31/10/2024