لبنان
الطريق إلى بعبدا تمر بمصلحة الشعب اللبناني لا مصلحة الأميركيين والأوروبيين
أفردت الصحف اللبنانية مساحات واسعة في افتتاحياتها ومقالاتها الرئيسية لملف النازحين السوريين، بعد دعوة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله لوضع خطة وطنية جامعة تعالج النزوح السوري، وبعد إعلان الاتحاد الأوروبي مجددًا رفضه لعودتهم إلى بلادهم، فيما تحرك جهاز أمن الدولة الذي كشف كمّيّة كبيرة من الأسلحة الثقيلة والخفيفة مخبّأة في خيمة لعدد من النازحين السوريين في سهل مدينة زحلة.
وسلطت مقالات الصحف الضوء على أن خطورة هذا الملف ليست ديمغرافية وحسب، بل اقتصادية وأمنية أيضاً، وشددت على ضرورة أن تكون هناك نيّة جدّية لمعالجة هذا الملف.
ولم يغب ملف الاستحقاق الرئاسي عن اهتمامات الصحف فلفتت إلى بقاء الوزير السابق سليمان فرنجية، على رأس قائمة المرشحين للرئاسة، رغم الضغوطات الممارسة والإغراءات المقدمة لسحب ترشيحه، مشيرة إلى سقوط فرضية طرح مرشح جديد مهد لها الموفد القطري ومعاونه خلال سلسلة زيارات قام بها شملت كل المعنيين بالاستحقاق الرئاسي، مؤكدة أن الطريق إلى بعبدا تمر بمصلحة الشعب اللبناني لا مصلحة الأميركيين والأوروبيين.
الأخبار: أزمة النازحين: ميقاتي وعون يمسكان بمفتاح الحلّ
من بين المواقف السياسية المزايدة في ما يخصّ النزوح السوري في الأيام القليلة الماضية، يمكن التوقّف عند الورقة الكتائبية في هذا الشأن، إذ خرج النائب سامي الجميل عن نمطية قوى 14 آذار و«التغييريين» والنواب المستقلّين في مقاربة الملف، عبر التأكيد على تغيّر «الوضع في سوريا، مع انحسار الأعمال العدائية والمعارك، واستعادة الحكومة السورية سيطرتها على معظم أنحاء البلاد، بما يوفّر استقراراً نسبياً لعدد كبير من المناطق»، يسمح بـ«العودة الآمنة للسوريين الموجودين في لبنان إلى ديارهم».
في البند الأول من ورقته، دعا الجميل إلى إنشاء آلية فورية لمعرفة مكان الإقامة الأصلي لكل نازح في سوريا والأسباب الحقيقية لنزوحه إلى لبنان، لتأكيد أنهم بغالبيتهم مهجّرون اقتصاديون، على نحو يناقض روايتَي المجتمع المدني والمجتمع الدولي حول الأسباب السياسية والأمنية للنزوح. وهو إذ طالب بتحديد من هناك خطر حقيقي على حياتهم، حضّ في البند السادس من مبادرته على إيجاد بلدان ثالثة مستعدّة لاستقبال هؤلاء. ورغم تجنبه تسمية الحكومة السورية بالاسم، دعا الجميل الحكومة اللبنانية إلى «التعاون مع كل أصحاب المصلحة المعنيين». وجديد رئيس الكتائب، أيضاً، دعوته المجتمع الدولي إلى تمويل عودة النازحين إلى سوريا بدل الاستمرار في تمويل استقرارهم في لبنان، عبر تقديم المجتمع الدولي حوافز مالية للعائدين تعادل مجموع ما يُصرف لكل نازح خلال سنة واحدة في لبنان، لتشجيع العودة وترميم ما هدّمته الحرب أو البدء بعمل ما.
يقود ذلك، بمجمله، إلى أن «البيئة الحاضنة» للمجتمع المدني وتوصيات المجتمع الدولي، ومنها حزب الكتائب مثلاً، لم تعد تقوى هي نفسها على الاستمرار في خداع الرأي العام. لكنّ الكرة ليست في ملعب حزب الكتائب أو غيره من القوى السياسية فقط. صحيح أن بعض الأفرقاء أمّنوا الغطاء السياسي والمعنوي والإعلامي لوفود مئات آلاف النازحين، لكن لا هؤلاء ولا المجتمع الدولي ولا جمعيات المجتمع المدني يتحمّلون وحدهم المسؤولية المباشرة عن دخول النازحين وبقائهم. يمكن دائماً، في سياق «التزريك» السياسي، العودة إلى مواقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والتزامه بالمصالح الخارجية على حساب مصلحة وطنه. لكنّ المسؤولية الرئيسية تتحمّلها أولاً الحكومات المتعاقبة التي نأت بنفسها، وثانياً القوى الأمنية وعلى رأسها الجيش الذي ينص قانون الدفاع الوطني على أن مهمته، بمعزل عن وجود قرار سياسي من عدمه، هي: «ضبط الحدود البرية والبحرية من أعمال التسلّل والتهريب بالاتجاهين». وهو ما يقود إلى الكلام الجديّ بهذا الشأن بعد كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. ففي حال كانت هناك نية جدية لمعالجة هذا الملف، ثمّة بابان لا ثالث لهما:
الأول، وضع قائد الجيش العماد جوزف عون الأوهام الرئاسية المدعومة من الخارج جانباً بكل ما أدّت إليه من عدم قيام الجيش بواجباته على صعيد «ضبط الحدود البرية والبحرية». صحيح أن في وسع الجيش التذرّع بالقرار السياسي حين يتعلق الأمر بمهمة من خارج مهامه الدستورية، لكن حين يتعلق الأمر بنص واضح في قانون الدفاع، يضحي انتظار القرار السياسي لعدم القيام بالواجبات نكتة سمجة. وإذا كانت سياسات «القائد» وعلاقاته وكل الحسابات الجانبية التي شرّع لنفسه إدارتها من دون حسيب أو رقيب قد فشلت في حماية عناصر المؤسسة وضباطها من العوز الذي يدفعهم نحو وظيفة ثانية وثالثة، فإن المطلوب الانشغال قليلاً عن التجارة والتعهدات للقيام بواجبه وفق نص قانون الدفاع. ولا شك في أن القائد يملك، كمرشح إلى رئاسة الجمهورية، «ورقة لوتو» حقيقية، إذ يمكن أن يتحول خلال بضع ساعات فقط إلى الرجل الأكثر شعبية في لبنان، إذا ما أدار ظهره للتوجيهات الخارجية واستجاب للمطالب الشعبية الكبيرة بضبط الحدود وإعادة كل من يمكن وضعهم في خانة المتسلّلين من حيث أتوا فوراً. كما أن على «القائد» أن يتوقف عن المزاح حين يتحدث عن عديد العناصر المطلوبين لحماية الحدود، لأن الكاميرات التي وزّعها أصدقاؤه البريطانيون وأعاد أصدقاؤه الأميركيون صيانتها وبرمجتها وتطوير قدراتها (الليلية الخارقة أيضاً) تتوزع على طول الحدود اللبنانية – السورية، وتسمح للجنود في غرفة المراقبة المركزية، سواء في اليرزة أو في قيادة كل فوج، بإحصاء السلاحف والأرانب والخنازير البرية وحمير التهريب التي تعبر الحدود ليلاً ونهاراً. وخلال الجولة النيابية الأخيرة التي نظّمتها قيادة الجيش، شاهد النواب في قيادة فوج شدرا (بلدة عكارية) حماراً يعبر محمّلاً بالبضائع مع ثلاثة مهرّبين، وقد قام العناصر عبر التحكم الإلكتروني بالكاميرا عن بعد بتقريب وجوه المهرّبين لتبيان ملامحهم بدقة، وما يهرّبونه على ظهر «الجحش». بالتالي، ما من قافلة بشرية تمر عبر الحدود اللبنانية – السورية أو سيارة أو درّاجة نارية إلا وتترصّدها كاميرات المراقبة البريطانية – الأميركية – العونية (نسبة إلى القائد)، ولا يتحرك منذ أكثر من خمس سنوات صهريج مازوت أو بنزين أو مياه إلا بمعرفة الأفرقاء الثلاثة. وبعد رصد المهرّبين، سواء مركزياً في اليرزة أو في قيادة الفوج، يمكن إخطار العناصر للتحرك فوراً من أجل توقيفهم. غير أن الوقائع تؤكد حصول العكس تماماً حين لا تصل الحواجز الطيارة التي يقيمها الجيش «على الوقت» إلا نادراً: فهي تصل إما متأخّرة بعد مرور المهرّبين أو تغادر باكراً قبل وصولهم. علماً أن المناطق الحدودية غنية بالمخبرين المتعاونين مع استخبارات الجيش ممن يمكن تفعيلهم بشكل إيجابي في حال قرّر قائد الجيش فعلاً القيام بواجباته بمنع التهريب. أضف إلى ذلك أن طلب زيادة العناصر الذي يلجأ إليه عون لتبرير عدم القيام بواجباته، يأتي على ذكره في الخطابات فقط، ولم يحوّله كتاباً خطياً واضحاً يُرفع سواء إلى اللجان النيابية المعنية أو إلى وزارة المال، وهو بطبيعة الحال أكثر كلفة بكثير من زيادة بعض الكاميرات في حال تطلّبت مكافحة التهريب ذلك؛ لكنه لا يريد في الواقع، لا زيادة العناصر في الأفواج الحدودية ولا زيادة الكاميرات ولا الاستفادة من الكاميرات والعناصر الموجودين أساساً، لأنه – ببساطة – لا يريد إغضاب الأميركيين والأوروبيين بعد أن أوهموه أن طريقه إلى بعبدا تمر بمضاعفة عديد النازحين في لبنان.
الثاني، حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تنبثق شرعيتها بالكامل من ثنائي حزب الله وحركة أمل حصراً، لكنها تواصل مع ذلك العمل في الملفات الرئيسية التي تعني الولايات المتحدة بشكل مناقض بالكامل ومتعارض تماماً مع توجهات كل من الحزب والحركة. وهو تناقض لم تعد تنفع معه التبريرات المتداولة منذ سنوات والانتقادات الناعمة لبعض القياديين في الحزب. كان يمكن فهم وتبرير المواقف الجبانة في ما يخصّ الحرب الروسية – الأوكرانية والموقف المتخاذل في ما يخص التجديد لقوات اليونيفل، وانصياع الحكومة للقرار الأميركي بتأديب موظف في الخارجية اللبنانية لم يقل «بأمرك أميركا» كما يفعل معظم الآخرين، لكن لا يمكن التمادي أكثر. لا بدّ من وضع حد لنأي ميقاتي بنفسه سواء عن قيام القوى الأمنية والجيش بمسؤولياتهم، أو عن مراقبة الأجهزة الرسمية اللبنانية لعمل الجمعيات والمنظمات الدولية ومنع مخالفتها للقوانين اللبنانية، أو لجهة التواصل الجدي السريع مع الحكومة السورية التي تضبط الحدود اللبنانية – السورية بالكامل وتخضع بجميع تعرّجاتها لسيطرتها الأحادية المطلقة ولا يمكن للمهرّبين أن يعملوا من الجانب السوري من دون موافقة أجهزتها الأمنية.
قبل قيام كل من حكومة ميقاتي وقيادة الجيش بواجباتهما لا يمكن مطالبة المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني وغيرهم بتعديل سياساتهم؛ السراي كما اليرزة أقرب من واشنطن وبروكسل، وبعد قيامهما بواجباتهما يمكن البحث في وسائل الضغط على الخارج، إلا إذا كان إقناع أو إلزام الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي بتعديل سياستيهما بات أسهل من إقناع أو إلزام ميقاتي وجوزف عون بتعديل سياستيهما. من لا يقوم بواجباته لجهة ضبط الحدود البرية وفقاً لما تنص عليه القوانين اللبنانية والدولية لن يسمح بفتح الحدود البحرية خلافاً لما تنص عليه القوانين اللبنانية والدولية. لا بدّ اليوم – أولاً – من إفهام جوزف عون أن طريق بعبدا تمر بمصلحة الشعب اللبناني لا مصلحة الأميركيين والأوروبيين، وأن استمرارية ميقاتي السياسية رهن قرار الثنائي الشيعي لا القرار الأميركي.
البناء: واشنطن تدخل أزمة دستورية مع عزل رئيس مجلس النواب وبدء مسار عزل الرئيس بايدن
فجأة دخلت واشنطن في أزمة دستورية، رغم التسوية التي تمّ التوصل إليها بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري وأثمرت تسهيلاً لموازنة مؤقتة لمنع الإقفال الحكومي العام، مع استثناء تمويل حرب أوكرانيا، ووضع سقف لإقرار الموازنة الأصلية بعد 45 يوماً. والأزمة الدستورية بدأت مع اعتماد التسوية حول الموازنة، بخسارة رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي دعم معارضيه في الحزب الجمهوري، الذي عقدوا معه اتفاقاً يمنحونه بموجبه أصواتهم بشرط عدم تمرير الموازنة الديمقراطية إلا بشروطهم، وعندما سار مكارثي مع الديمقراطيين بالتسوية كان يظن أنه يشتري بوليصة تأمين ضد العزل، لكن ما حدث هو أن الديمقراطيين مضوا بالتصويت على عزله وساندهم الجمهوريون المعارضون، حتى تأمنت غالبية 219 صوتاً كافية لعزله الذي يحتاج إلى 212 صوتاً فقط.
عزل مكارثي تم بينما المجلس يستعدّ للتصويت على مشروع جمهوري بعزل الرئيس جو بايدن، وبدء إجراءات العزل، يراهن الجمهوريون على امتلاكهم أغلبية المجلس للسير به، معتقدين أن انقساماتهم لن تؤثر على وحدتهم في هذا التصويت، بينما بالتوازي تتواصل فصول محاكمة المرشح الرئاسي الأكثر شعبية، الرئيس السابق دونالد ترامب، كما تقول استطلاعات الرأي، الذي يواجه أكثر من دعوى قضائية بأكثر من اتهام يصعب توقع خروجه منها سالماً، بما يجعل الشغور الدستوري مصدر ذعر عشيّة سنة انتخابية عاصفة.
في ملف النازحين السوريين جدّد الاتحاد الأوروبي موقفه الرافض لعودة النازحين السوريين الى بلادهم داعياً الى تقديم مساعدات للبنان لاحتواء النازحين واستيعابهم.
لبنانياً لم تفلح محاولات الضغط والإغراءات في سحب ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، وكان آخر الكلام عن التمسك بترشيحه، ما ورد في كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أول أمس، بصورة قطعت الطريق على فرضية المرشح الثالث، التي مهّد لها الموفد القطري بزيارات قام بها معاونه الذي قام بزيارات شملت كل المعنيين بالاستحقاق الرئاسي لجس النبض لمشروع الخيار الثالث، وصولاً الى عرض معادلة مقايضة سحب المرشح الرئاسي الوزير السابق سليمان فرنجية، مقابل سحب ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون، بعدما فشلت محاولة مقايضة سحب ترشيح فرنجية مقابل سحب ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، وقالت مصادر نيابية إن زيارة الموفد القطري قد تأجلت لهذا الاعتبار.
يبدو أن حل عقدة الشغور الرئاسي متأخر ولا شيء يوحي باقتراب الإفراج القريب، علماً أن الموفد القطري فهد بن جاسم آل ثاني يتابع لقاءاته في لبنان.
وأكدت مصادر واسعة الاطلاع أن وزير الدولة في الخارجية القطرية محمد الخليفي أرجأ زيارته لبيروت بعدما كانت متوقعة هذا الشهر، ووفق المعلومات الزيارة ارجئت الى ما بعد زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان واجتماع الخماسية.
وأشارت مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي لـ «البناء» الى ان الملف الرئاسي شديد التعقيد وأن حركة الموفدين ودعوات للحوار لم تصل الى نتيجة، معتبرة أن جولة الموفد القطري ليست إلا استطلاعية، حيث إنه قدّم لائحة ببعض الأسماء من أجل الوصول الى خلاصة تتبلور من خلالها الأمور لجهة مدى قبول المكونات السياسية بهذه الأسماء من عدمها. ورأت المصادر أن الموفد القطري الذي يواصل لقاءاته يعبر عن خيبة من عدم توصله الى توحيد المواقف وخلق إجماع حول اسم من الأسماء المطروحة.
وليس بعيداً تشير اوساط سياسية لـ «البناء» الى ان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يرفض الاقتراح القطري القائم على انتخاب قائد الجيش، وبحسب المعلومات التي تنقلها الاوساط نفسها لـ «البناء» فإن باسيل سوف يلعب كل أوراقه من أجل منع وصول عون الى بعبدا ومنع التمديد له أيضاً، كما أنه يُعدّ العدة مع بعض القضاة المقربين منه من أجل رفع دعوى قضائية ضده. ومع ذاك لفتت الاوساط إلى أن باسيل يلعب صولد وأكبر لكنه سيكون الخاسر الأكبر من أي تسوية ستحصل.
واستقبل قائد الجيش العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان Sandra De Waele، وجرى التداول في شؤون مختلفة. كما استقبل وفدًا من فريق العمل الأميركي من أجل لبنان ATFL برئاسة السفير السابق إدوارد غابريال، واطّلع أعضاء الوفد على الصعوبات التي يواجهها الجيش في سياق حفظ أمن لبنان واستقراره.
ولا يزال النزوح السوري في الواجهة. وغداة دعوة الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله الى إرسالهم بحراً نحو أوروبا وتشريع هذه الحركة، قال الناطق الرسمي للاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لويس ميغيل بوينو في حديث صحافي: «لا عودة للنازحين السوريين في الوقت الحالي ويدعو إلى مساعدتهم في لبنان».
وأعلنت المديرية العامة لأمن الدولة في بيان في المقابل أن «بعد توافر معلومات حول وجود كمّيّة كبيرة من الأسلحة المخبّأة في سهل مدينة زحلة، وتحديداً في خيمة منصوبة على أرض للمدعوّ (إ.ص.)، يقطنها كلّ من السوريّ (م.د.) و السوريّة (هـ.ن.)، توجّهت دوريّة من مديريّة البقاع الإقليميّة في أمن الدّولة إلى المحلّة المذكورة، ودهمت الخيمة وقامت بتفتيشها بحضور كلّ من السوريّين (م. د.)، و (هـ.ن.)، فعثرت على كمّيّة من الأسلحة الحربيّة وأسلحة الصّيد، بالإضافة إلى ألبسة عسكريّة وعدّة هواتف خلويّة وكاميرات. بعد أخذ إشارة القضاء، تمّ توقيف كلّ من السوريّين المذكورين بجرم حيازة أسلحة حربيّة وأسلحة صيد بطريقة غير شرعيّة، وتبيّن أيضاً دخولهما خلسةً إلى لبنان، فتمّ تسليمهما إلى الجهات المختصّة لإجراء المقتضى القانونيّ بحقّهما، والعمل جارٍ حاليّاً لتوقيف باقي المتورّطين.
اللواء: مَن يُغرق لبنان بفوضى التشتُّت والفراغ؟
يمكن وصف الوضع السياسي في البلد بأنه وضع قوامه التشتيت، وتسجيل المواقف، في ظل غياب مرجعية جامعة، ومضي كتل معروفة «باطلاق النار» المفرق، والمضي بالتعنيف الكلامي، بدل ان تذهب الى ما هو يجمع، ولا يفرّق، في مرحلة مصيرية، وقد تكون بالغة القسوة مالياً وحياتياً مع حلول العام الجديد، اذا ما استمر الشغور في الرئاسة الاولى، عنوان المرحلة المقبلة..
وإذا كان موعد عودة الوسيط الفرنسي جان إيف لودريان في عالم الغيب، فإن الموفد القطري جاسم آل ثاني (أبو فهد) يواصل لقاءاته مع رؤساء الكتل والاحزاب، وممثلي القوى ذات التأثير، بعيداً عن الاضواء، وفقاً لخطة مرسومة لديه ومنسق مع امير بلاده تميم بن حمد آل ثاني، ومع دول ضمن «المجموعة الخماسية».
وقالت اوساط مطلعة لـ«اللواء» أن سلسلة أسئلة بدأت ترتسم بشأن موعد التفاعل مع المساعي في الملف الرئاسي ولاسيما مسعى دولة قطر في ظل الاتهامات المتبادلة بين الأفرقاء بشأن نسف الاستحقاق الرئاسي، وأشارت إلى أن ما من نية لسحب المبادرة من التداول حتى وإن صدر كلام حول الاستراحة في هذا الكلام.
ورأت هذه الأوساط أن عدم الإفصاح عن التوجه المؤكد بشأن خيارات جديدة يعني أن لا نية بالاستمرار بحرق الأسماء أو حتى اقتراحها لمجرد الاقتراح، مشيرة إلى أنه من المبكر وصول الاسم الأكثر حظاً للرئاسة إلى الحسم منذ الآن في ظل مناخ محلي لا يوحي بقرب الحل.
وقالت ان لا تاريخ محددا أو دقيقا للتسوية التي يعمل عليها إلا أنها ستحصل عاجلا أم آجلا.
ولاحظت مصادر سياسية ان هناك حالة من الاسترخاء لدى الوسط السياسي، بمن فيهم كبار المسؤولين، وانعدام الحركة لديهم، لإخراج ملف الاستحقاق الرئاسي من دوامة الجمود والتعطيل المتعمد، ودفعه قدما الى الامام لانتخاب رئيس للجمهورية بأقرب وقت ممكن، وبدا الامر وكأن هؤلاء قد استسلموا للأمر الواقع، وان ليس لديهم القدرة على المبادرة، لتحريك هذا الملف قدما الى الامام، وها ههم في انتظار اي موفد او تحرك خارجي لتولي هذه المهمة كما في حالات سابقة.
ونفت المصادر تبلغ المسؤولين عن اي موعد ثابت ورسمي لزيارة الموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان، كما كان مرتقبا من قبل، بسبب استمرار الانقسام السياسي الداخلي، وتعذر تحقيق حد ادنى من تفاهم الاطراف السياسيين والتعاون معه لإنجاح مهمته، ما تتطلب منه اجراء مشاورات مع اعضاء لجنة الدول الخماسية، لإدخال تعديلات على مهمته قبل العودة المرتقبة الى لبنان، لتفادي اي تعثر يمكن ان يواجهه، في حين ترددت معلومات مفادها ان التعديلات تشمل قيام بعض اعضاء اللجنة وتحديدا قطر، بتوسيع مروحة اتصالاتهم لتشمل إيران، باعتبارها ذات تأثير في الاستحقاق الانتخابي من خلال حليفها حزب الله. وكذلك الأمر بالنسبة لزيارة الموفد الرئاسي الأميركي اموس هوكشتاين الى لبنان لم تحدد بعد، وكل ما يتم تداوله من اخبار بهذا الخصوص، ليست من جهات رسمية مسؤولة، وانما معلومات صحفية، باعتبار الموقف الاميركي، يمثل عاملا مهما، وعلى امل ان يحمل معه موقفا اميركيا مهما، يساعد في اعادة تحريك ملف الانتخابات الرئاسية من دوامة الجمود وصولا لانتخاب رئيس للجمهورية في النهاية، بالرغم من طابع زيارته يتناول المساعدة في تسوية بعض المشاكل والتعقيدات التي تحيط بموضوع ترسيم الحدود البرية بين لبنان واسرائيل.
والجديد، اقتناع احدى الكتلتين النيابيتين المسيحيتين بـ«جدوى الخيار الثالث» وفقاً لما اعلنه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من «اننا منفتحون على مناقشة طرح المبعوث الفرنسي الخيار الثالث»، مشيراً ان المشكلة هي في رفض فريق الممانعة «المرشح الثالث» وفي التوجه عينه، موقف لرئيس حزب الكتائب سامي الجميل، الذي دعا الى التوافق، «وليسحبوا مرشحهم ويلاقونا عند منتصف الطريق»، في حين ان التيار الوطني الحر يعتبر معركته الرئيسية اسقاط ترشيح سليمان فرنجية، وإبعاد تبني علني لترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، مع تسجيل عتب على «فريق الممانعة» بعدم الوقوف على خاطره، في ما خص الترشيح والانتخاب والبرنامج..
واعلن وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال محمد وسام المرتضى في تصريح لوكالة «سبوتنيك» الروسية ان رئيس المجلس لم ينهِ الحوار، ويؤكد عليه في كل مناسبة، مشيراً الى ان الرئيس نبيه بري يقدّر كثيراً المبادرة القطرية التي تقيم حواراً بين المكونات النيابية، وهو يأمل ان تُفضي الى نتيجة ايجابية على مستوى ازمة الشغور الرئاسي.
ومع مضي الاطراف اللبنانية في اصدار النصائح، وتقديم التحليلات، ذات المضمون والفارغة ايضاً، بدا ان اطرافاً دولية تسعى الى اغراق لبنان بفوضى التشتت على المستويات كافة، في غياب اية مرجعية للمعالجة، تحظى بقبول المكونات الوطنية، فبعد الفراغ الرئاسي، المستعصي على المعالجة في ظل الشروط والشروط المضادة، قفز الى الواجهة ملف النزوح السوري على نحو بالغ الخطور، ليس ديمغرافياً وحسب، بل اقتصادياً وامنياً ايضاً.
وتحتل المفوضية العليا للاجئين اعلى السلّم بين الجهات الدولية العاملة على تكريس وتثبيت النزوح السوري في لبنان.
وكان البارز على هذا الصعيد ما اعلنه الناطق الرسمي للاتحاد الاوروبي في الشرق الاوسط وشمال افريقي لويس ميغيل بونيو ان «لا عودة للنازحين السوريين في الوقت الحالي»، داعياً الى مساعدتهم ولبنان.
في هذا الوقت، دخل المجلس النيابي على خط الاجراءات الدستورية والقانونية لمعالجة الوجود السوري.
فخصصت لجنة الادارة والعدل جلستها امس لهذا الموضوع، وناقشت الخيارات في ما يشبه الرفض الكامل للمنطق الاوروبي، داعية على لسان رئيسها جورج عدوان المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين الى احترام السيادة اللبنانية، والتذكير بمذكرة التفاهم الموقعة عام 2003 والتي «تعتبر لبنان بلد عبور وليس بلد لجوء».
وأيدت اللجنة بإجماع اعضائها من مختلف الكتل وضع خطة حكومية، تتضمن اقفال الحدود، وتنظيم الوجود، على ان تعمل الحكومة على اعادتهم الى بلدهم.
محلياً، ومع تأكيد زوار دار الفتوى، نقلاً عن المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان ان الجهد يجب ان يتركز على الاسراع بانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، حضر الملف نفسه في الاجتماع الموسع الذي عقده المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز امس في دار الطائفة، وحضره الى جانب شيخ العقل الشيخ سامي ابي المنى والنائب السابق وليد جنبلاط رئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط ووزراء ونواب وفاعليات درزية.
وتطرق البحث الى الموقف مما يجري في السويداء، لجهة الحراك المطلبي.
وأكد ابو المنى على احقية المطالب الشعبية، داعياً لاحترام كرامة جبل العرب، مؤكداً على وحدة الشعب والبلد في سوريا.
وكشف جنبلاط: تطرقنا الى الاوضاع في جبل العرب، واكدنا تأييدنا الحراك السلمي، وتفادي الدخول في اي صراعات داخلية او غير داخلية.
مخاطر اقتصادية وأمنية
وعلى صعيد الوضع الميداني للنازحين السوريين، لم تقتصر المخاطر على الاوضاع الاقتصادية للبنانيين، فقد كشف محافظ البقاع كمال ابو جودة أنه من اصل 2000 مؤسسة تجارية في بر الياس يوجد 1700 مؤسسة يديرها نازحون سوريون، بل تعداه الى أسحلة ثقيلة ومتفجرات.
النهار: الاستنفار حيال النزوح… مواجهة أم ملء فراغ؟
بدأت معالم الانحسار المتدرج في الوساطتين الفرنسية والقطرية الذي اشارت اليه "النهار" امس يتخذ اكثر من دلالة تنفيذية، اذ ان المشهد الداخلي استعاد رتابة وجمودا في التحركات الداخلية لا تخرقهما الا بعض الجولات واللقاءات التقليدية لسفراء بعض الدول المنخرطة في المجموعة الخماسية. وإذ ذهبت جهات سياسية مطلعة على النتائج التي رست عندها جولة الموفد القطري بعد الزيارة الثالثة للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى ابداء أجواء شديدة التشاؤم حيال أي انفراج في الازمة الرئاسية في الأفق القريب، وربما ليس قبل مطلع السنة المقبلة بما يفسر عودة مناخات الاحتدام السياسي والإعلامي بين الافرقاء السياسيين، بدا واضحا ان المرحلة الطالعة مرشحة لان تملأ فراغ الانتظار بتداعيات الازمة الأخطر المتصلة بتفاقم بل بانفجار النزوح السوري الكثيف الى لبنان. ولعل ما استدعى "الانفجار" السياسي والإعلامي في الفترة الأخيرة على خلفية هذا الملف لا يتصل فقط بالضجة المتصاعدة من مختلف الاتجاهات حيال اخطار تفلت هذا النزوح واغراق لبنان بمزيد من الاثقال التي يرزح تحتها الى حدود بات يصعب حصر اخطارها بل أساسا بما تبلغه لبنان بشقيه الرسمي والسياسي من مختلف الدول والمراجع الدولية مجددا من اقفال الباب امام إعادة النازحين السوريين في وقت انكشفت الوقائع الميدانية عن ان لبنان وحده دون سائر دول الجوار السوري يتعرض لاستباحة منهجية في تهريب منظم للنازحين السوريين، وهو امر يثير الريبة التصاعدية ويسقط الصفة التي اشاعتها جهات لبنانية عدة حيال ما سمي "النزوح الاقتصادي" على خلفية الانهيارات الاقتصادية التي تعيشها سوريا، وكأن لبنان افضل حالا منها ! واذا كان الكلام الأخير للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن النازحين الذي حضّ فيه لبنان على تسهيل هجرة النازحين السوريين في اتجاه أوروبا بغية الضغط على الغرب وأميركا "حمال أوجه" لكونه يصب في مطالبة نصر الله بإزالة الضغوط عن النظام السوري، فان ذلك لم يحجب في المقابل التحديات الصعبة والمعقدة التي يواجهها لبنان لتخفيف العبء القاتل عنه في مواجهة موقف دولي يعد سلبيا تماما وضد مصالح لبنان وواقعه.
آخر نماذج هذا الموقف الدولي جاء امس على لسان الناطق الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لويس ميغيل بوينو الذي قال في مقابلة اعلامية : "لا عودة للنازحين السوريين في الوقت الحالي" ودعا إلى "مساعدتهم في لبنان".