لبنان
"الصلح والإصلاح".. لقاء حواري في بعلبك يشيد بجهود مصلحي "ذات البين"
أقام "منتدى الفكر اللبناني" لقاءً حواريًّا تحت عنوان "الصلح والإصلاح - الواقع والمرتجى" في قاعة "سما بعلبك"، شارك فيه رئيس تكتل بعلبك الهرمل النائب الدكتور حسين الحاج حسن، رئيس المنتدى الوزير السابق الدكتور طراد حمادة، رئيس لجنة الإصلاح، نائب مسؤول منطقة البقاع في حزب الله السيد فيصل شكر، والشيخ مشهور صلح، وبحضور نخبة من المصلحين والعاملين في لجان الإصلاح في منطقة بعلبك من ذوي الخبرة والتجربة في هذا المضمار.
وأدار اللقاء الباحث الحقوقي الدكتور أكرم ياغي مشيرًا إلى أن "الصلح والإصلاح يقابله الفساد والمفسدين، والإنسان لا يمكن أن يكون مصلحاً إن لم يكن صالحاً، والمصلح هو أرقى أنواع البشر لأنه يقوم بدور الأنبياء، وحركته مقرونة بالإيمان أي اليقين، وهو يكابد ويتحمل مسؤولية كبرى بالانتقال من طلب إلى طلب، ويسعى جاهداً لتقريب وجهات النظر من أجل التوصل إلى قواسم مشتركة للولوج إلى مرحلة الحلول الملائمة".
بدوره، لفت النائب الحاج حسن إلى أن "منطقتنا كانت وما زالت تعاني من مشاكل أحيانًا، ووتيرتها تحتاج إلى دراسة، وتاريخيًا كان هناك مساعٍ لإصلاح ذات البين، تبدلت الأسماء والعناوين، ولكن بقي رجال ولجان الإصلاح قائمة ترنو إلى خير المجتمع".
وأضاف الحاج حسن: "بنيتنا العائلية والعشائرية لها إيجابيتها وسلبياتها، ومن أبرز الأسباب للنزاعات القائمة ضعف الدولة ومؤسساتها، وفي بعض الحقبات كانت الدولة تشجع المشاكل وترعاها أحياناً، وهناك الغضب والتسرع في الفعل وردة الفعل، مما يؤدي إلى تعقيدات وتداعيات غير مبررة".
وتابع: "في المعالجات كان هناك عمل مشكور ومأجور للجان الإصلاح ولشخصيات وفاعليات وزعماء عشائر وعائلات أنجزوا الكثير من الملفات، وبقيت بعض الملفات عالقة وما تزال، ولكن من الإيجابيات النظرة السلبية للمشاكل ومفتعليها عند الناس بشكل عام، ولم يعد أحد يفتخر بالمشاكل، وهذا تطور إيجابي، كما أننا خرجنا من الثأر الجماعي، مع الإشارة إلى أن الثأر بحد ذاته هو قتل وحرام ولا يجيزه الحاكم، وأصبحت المشكلة محصورة بالغريم الفرد أو بالغرماء القلة. وهناك تطور إيجابي آخر يتعلق بقبول الناس لمبدأ تسليم القاتل أو الجارح بنسبة معتبرة، ولكن المرتجى أن نصل إلى يوم لا يوجد فيه مشاكل، خاصة وأن معظم النزاعات تحصل على أمور لا يعتد بها، وأغلب المشاكل التي أدت إلى سقوط قتلى أو جرحى كان يمكن حلها بأبسط المعالجات".
وختم الحاج حسن: "نسأل الله عز وجل أن يرفع عنا آلة الشيطان، فالإمام الخميني (رضوان الله عليه) في الأربعين حديثًا يعرف الغضب بأنه آلة الشيطان ونزغه وحبائله ومكائده".
السيد شكر
من جانبه، رأى السيد شكر أنه "لا يقال حصل إصلاح إلا إذا حصل فساد، ولا يقال عدالة إلا إذا كان هناك ظلم وتعدٍ وافتراء، وعباد الله مفطورون على الانبعاث نحو الصلاح والإصلاح، وفي كل قلب ومضة من نور تدفعه نحو الحق والعدل والإصلاح بين الناس".
واعتبر أن "الإصلاح هو قرين الصدقة التي تبني مجتمعًا متكاملاً، وقرين المعروف الذي يأتي به الإنسان في حركته الأسرية والمجتمعية والإنسانية، ورسالة الأنبياء كانت تأدية الدور الإصلاحي لنجاة المجتمع والأمة، وجاء في الحديث الشريف: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق الثلاثة أيام"، واثنان يحبهما الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا وتقارب بينهم إذا تباعدوا، والنبي عيسى قال: "طوبى للمصلحين هم المقربون يوم القيامة"، فحركة الصلح في المجتمع ضرورية وفطرية لا يتخلف عنها إلا جاهل أو ظالم".
وختم السيد شكر قائلاً: "علينا أن نسعى جاهدين لرفع الضيم عن مجتمعنا وأهلنا وفض النزاعات وإصلاح الناس في ما بينهم حتى نصل إلى مجتمع إنساني آمن ومطمئن، وأن نعمل لإنقاذ وطننا من أزماته، وندعو إلى عقد وطني جامع يعيد للمواطن حقيقة وجوده وقيمته، ويجعل من هذا الوطن وطنًا حرًا لا يلجأ إلى أي دولة في العالم لحل مشاكلنا".
الشيخ صلح
أما الشيخ صلح فقد أكد أن "الله يأمرنا بالخير، والصلح وصية الأنبياء، ومن يصلح بين الناس يتولاه المولى سبحانه وتعالى يوم القيامة. وجبريل تمنى أن يعيش على الأرض ليصلح بين الناس لما للصلح من أجر كبير. والصلح هو التقاء اليد بأختها، والتقاء نصف القلب الأول بنصفه الثاني، فالصلح يجعل من هذه الأمة جسدًا واحدًا، بينما الخلافات هي من نزغات الشيطان".
حمادة
وتحدث الوزير السابق طراد حمادة، فقال: "قرأت كثيرًا حول مسألة الإصلاح في الأديان والعرف والإصلاح العشائري، وخرجت بمجموعة نقاط مفادها، أن الإصلاح بمعناه الفقهي قريب جدًا من الإصلاح العشائري، ففي الفقه الإصلاح هو قاعدة جائزة في الشرع، والصلح معاقدة يتوصل بها إلى إصلاح بين المتنازعين، وفي المفهوم العشائري الصلح عقد تتقابل فيها الالتزامات بعقد يرضي الطرفين لا يحرم حلالاً ولا يحل حراماً، والصلح ضرورة منطقية واجتماعية وأخلاقية وإنسانية".
واضاف: "من شروط الصلح أن يكون هناك نزاع، وأن يكون هناك نية حقيقية لإنهاء النزاع، وتنازل متبادل وصولاً إلى تحقيق الصلح. والنزاع قد يكون قائمًا أو محتملاً، والأفضل أن نعمل على تدارك أي نزاع قبل حصوله، وأخيرًا لا بد من التأكيد على أن إصلاح ذات البين يؤمن الاستقرار في المجتمع".
وأخيرًا اختتم اللقاء بحلقات حوارية حول التجارب، واستخلاص توصيات واقتراحات.