معركة أولي البأس

لبنان

لودريان أنهى جولته وسيعود.. ومبادرة برّي الوحيدة على الطاولة
16/09/2023

لودريان أنهى جولته وسيعود.. ومبادرة برّي الوحيدة على الطاولة

اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت بانتهاء جولة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت، دون أن تحدث أي خرق في جدار المعضلة الرئاسة الأولى في لبنان، في وقت كان رئيس مجلس النواب يؤكد أن مبادرته للحوار في مجلس النواب قائمة وهي متناغمة مع ما جاء به الموفد الفرنسي.
إلى ذلك، هدأت الأوضاع في مخيم عين الحلوة ولليوم الثاني على التوالي ساد الهدوء بعد أسبوع من المواجهات والشلل الذي تسببت به لمدينة صيدا وجوارها.
ماليًا ختم فريق صندوق النقد الدولي برئاسة إرنستو راميريز ريغو، زيارته الى بيروت بين 11 و14 أيلول، وخلص إلى أن "لبنان لم يقم بالإصلاحات المطلوبة بشكل عاجل، مما سيؤثر على الاقتصاد لسنوات قادمة"، كذلك صدر عن مصرف لبنان بيان متعلق بإجراءات استثنائية لتسديد تدريجي لودائع بالعملات الأجنبية.


"الأخبار": بين ضمور لودريان وظهور البخاري: ما العمل بعد الآن؟

ليست نتائج لقاءات الموفد الفرنسي الخاص جان ايف لودريان والمواقف المُدلى بها او التي نقلت عنه كافية وحدها للحكم على ان لا انتخاب وشيكاً للرئيس. قد يستغرق الانتظار وقتاً طويلاً بعد، اكثر من نهاية السنة الحالية

ما انتهى اليه الموفد الفرنسي الخاص جان ايف لودريان هو نفسه ما كان يتوقعه الافرقاء اللبنانيون الذين تحدّث معهم وعوّل على احتمال إحداث اختراق في جدار تصلبهم جميعاً، وأخفق. ليست حصيلة لقاءاته وجولاته وذهابه الى حيث هم، الا اعادة تأكيد احجام القوى وفيتواتها المتبادلة، وتالياً صعوبة تمكّنه بمفرده ـ كما دولته من بين الدول الخمس ـ من فرض شروط وقواعد جديدة تقود الاستحقاق الرئاسي اخيراً الى الانجاز، اياً يكن الرئيس المنتخب.

تحرّكه احد ابرز احداث الايام الثلاثة المنصرمة وليس بطلها وحده. حدثان آخران لا يقلان اهمية في توقيتهما ومضمونهما تزامنا معه: زيارة رئيس كتلة نواب حزب الله محمد رعد لبنشعي ومقابلته الوزير السابق سليمان فرنجيه، واجتماع لودريان والسفير السعودي وليد البخاري ومفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان والنواب السنّة في دار السفارة. لا عنوان للنشاطات الثلاثة تلك المتقاطعة سوى: «ما العمل بعد الآن؟». ليس تقاطع الاحداث الثلاثة هذه في تزامنها فحسب، بل كذلك في قاسم مشترك واحد على الاقل يكون جمع بينها هو: هل من سبيل الى انتخاب رئيس للجمهورية؟:

1 ـ لا تزال ثمة حاجة الى دور لباريس حيال الانقسام الداخلي في معزل عن قدرته على النجاح. ليست سوى اداة تواصل ضرورية بين الدول الخمس وحزب الله، كما بين الحزب والافرقاء الآخرين المناوئين له. وحدهم الفرنسيون من بين الدول الخمس يتواصلون معه، فيما لا يفعل الشريكان الآخران الاوسع تأثيراً في الخماسية وهما الاميركيون والسعوديون. اضف ان هؤلاء يفضّلون الفرنسيين في واجهة الوساطة، دونما ان يعني ذلك انها تملك مفتاح الحل والقادرة على حمل الافرقاء جميعاً الى انتخاب رئيس للجمهورية.

2 ـ لا موعد قريباً لجلسة ثالثة عشرة لانتخاب الرئيس. في احسن الاحوال يعارض حزب الله موعدها في الاسابيع القليلة المقبلة، ويفضّل تأخيرها الى ابعد وقت ممكن. سبب واحد يعزوه الى حجته هذه هو رغبته في عدم احراج رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بموعدها: الاول قبل التوصل الى اتفاق الحد الادنى معه في الاتصالات الدائرة بينهما حيال تحالفهما ومقتضياته ومنها مرشحهما معاً للرئاسة، والثاني عدم تبديد انفتاحه المعلن على حوار يقوده رئيس المجلس نبيه برّي وتمسكه بانتخاب رئيس تسوية. اي موعد جديد او قريب لجلسة الانتخاب يعيد باسيل الى التصويت للوزير السابق جهاد ازعور، ويربك جنبلاط حيال المفترض انهم حلفاء له في الاستحقاق، وكان انتقد اخيراً رفضهم الجلوس الى طاولة واحدة مع الثنائي الشيعي. كلاهما يبدوان الآن، خلافاً لما نجم عن جلسة 14 حزيران، في الوسط بين حزب الله وخصومه. ما يحبّذه الحزب في الوقت الحاضر، وهو يعي تماماً ان اصراره على تأجيل انعقاد المجلس محرج لحليفه رئيس البرلمان، الذهاب الى حوار يستنزف مزيداً من الانتظار والوقت.


3 ـ مع تمسكه بترشيح فرنجيه وتأكيده مرة تلو اخرى انه لا يستغني عنه، بيد ان مقاربته اياه انه جزء من المعضلة وليس كلها. ليس انتخاب حليفه الزغرتاوي هدفاً في ذاته وهو يعرف انه ضمان فعلي له وموثوق به في رئاسة الجمهورية. تكمن المعضلة الفعلية، في مناسبة انتخاب الرئيس، في ان حزب الله يطلب ما لم يطلبه قبل الآن او جهر به تماماً، وهو حصوله على نصف الدولة العميقة. المحسوب لديه ان الاميركيين هم الذين ورثوا من السوريين بعدما غادروا البلاد الدولة العميقة في لبنان بدءاً برئاسة الحكومة وصولاً الى المناصب الرئيسية الكبرى الاوسع تأثيراً. ذلك ما يصح على قيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان ومجلس القضاء الاعلى ومديرية المخابرات وقوى الامن الداخلي وفرع المعلومات. اضحى الاميركيون الاكثر فاعلية في تعيين هؤلاء وتوجيههم، فيما يمتلك حزب الله في المقابل قوته في الشارع. ما بات يعنيه منذ الآن انه يريد ان يكون شريكاً للاميركيين في الدولة العميقة اللبنانية ما دام يتعذّر عليه منعه من تدخلهم فيها او طردهم منها.

4 ـ لم يُفصَح الكثير عما دار في اجتماع بنشعي بين رعد وفرنجيه، مع ان الشائع ان يؤكد الاول للثاني تشبث حزب الله بترشحه.
ليس معلوماً ان رئيس كتلة نواب الحزب هو ضابط الارتباط مع فرنجيه، وهي المهمة المنوطة بمسؤوليْن آخرين فيه هما حسين خليل ووفيق صفا. بيد ان المؤكد ان الزيارة المفاجئة غير المعتادة في مرحلة اختار فرنجيه فيها الاحتجاب الى حد، توخت رد الاعتبار الى الحليف بعد الكثير من الشكوك التي حامت من حول لقاء رعد بقائد الجيش العماد جوزف عون وما نقل عن الموفد الفرنسي ان الاوان قد حان للخوض في مرشح ثالث. كان رعد من بين مَن قصدهم لودريان في مقارهم في حارة حريك، وسمع منه تأكيداً مضاعفاً على الاستمرار في ترشيح فرنجيه.

ما يعترف به حزب الله ـ كذلك المرشح نفسه ـ ان ترشيح فرنجيه بلغ بدوره المأزق. يصعب الوصول الى انتخابه في جلسة لمجلس النواب، وتصعب اكثر اي محاولة للتحاور من اجل تكريسه واستقطاب غالبية الثلثين الى الاتفاق على القبول بترشحه. 5 ـ سواء في موقعها بين الدول الخمس او في اللقاءات التي يجريها البخاري في الرياض او في باريس كما تحركها في الداخل، اعادت السعودية تأكيد شراكتها الفعلية في انتخاب الرئيس. كالاميركيين، من دونها لا ثلثان في اي جلسة انتخاب. اجتماع الخميس في سفارتها في حضور 20 نائباً سنيّاً الى المرجعية الدينية الاولى للطائفة في لبنان قدمت دليلاً اضافياً على تأثيرها في الاستحقاق. في جلسة 14 حزيران احجم النواب السنّة المتأثرون بالرياض عن التصويت لازعور.

كانت تلك علامة رئيسية الى ان المملكة لم ترسل اليهم ايعازاً، ولم تُرد يومذاك الظهور في مظهر انها معنية بالجلسة او بالمرشح المنافس لفرنجيه. بالتأكيد ينطوي على سذاجة بالغة الاعتقاد بأن التشرذم السنّي الحالي غير مؤهل للانتظام في حبّات العقد السعودي. ما حدث في اجتماع في السفارة في حضور لودريان توجيه العلامة الثانية الرئيسية، وهي اقتراب باريس والرياض احداهما من الاخرى بعدما فرّق بينهما موقفاهما في الاجتماع الاول للدول الخمس في باريس، ثم تقاربا قليلاً في الاجتماع الثاني في قطر. الثلثاء ثالث الاجتماعات في نيويورك ربما يؤذن بتقارب اكثر. الا ان رجليْ الدولتين، لودريان والبخاري، يحضان الآن على الحوار. ابسط استنتاج لفحوى هذا التقارب ان مرشحيْ جلسة 14 حزيران اضحيا من الماضي.

 

"البناء": لودريان غادر لبنان وسيلتقي الخماسية في نيويورك ثم يعود الى بيروت

أنهى المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان جولته اللبنانيّة بلقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري ناقلاً إليه حصيلة المباحثات التي أجراها، على قاعدة ما وصفه مصدر نيابي بارز بالتنسيق على التفاصيل بين بري وفرنسا والسعودية، على قاعدة القناعة المشتركة بأن مبادرة الرئيس بري هي خريطة الطريق الوحيدة لإنهاء الفراغ الرئاسي.
المواقف لا تبدو ناضجة لإحداث اختراق رئاسي بعد، وفقاً للمصدر النيابي مع مواقف معلنة لكل من حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب برفض الحوار، لأن مبادرة بري متكاملة، وقبول الحوار فيها شرط التخلي عن تعطيل النصاب في الدورة الثانية، لأنه يفتح الباب للتفاهم على مرشح أو أكثر. والتفاهم هنا يلغي مرشحي التحدي ويمهد الطريق لقبول الاحتكام لصندوق الاقتراع ولو بالأغلبية المطلقة، دون تعطيل النصاب، ورفض الحوار يعني بقاء التحدي سيد الموقف في الخيارات الرئاسية، وفي مناخ التحدّي دفاع عن مواقع وأدوار وثوابت، وتعطيل النصاب إحدى أدوات هذا الدفاع.

عن ما تداوله البعض منسوباً للمبعوث الفرنسي حول سقوط ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية والبحث عن مرشح ثالث، على قاعدة أن ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور قد سقط حكماً، يقول المصدر النيابي إن حلف ترشيح فرنجية لم يبدل في خياراته الرئاسية ولا يزال عند موقفه الداعم لترشيحه، وإنه دقق بكلام لودريان فلم يجد ما يشير الى كلام عن سقوط ترشيح فرنجية، بل تأكيد لخلاصة جلسة 14 حزيران التي تقول إنه ليس باستطاعة أحد الطرفين الفوز بالرئاسة لحساب مرشحه، وهذا صحيح، وهو مبرر الدعوة لحوار، لكنه لا يعني سحب ترشيح يمكن أن يتمّ الاتفاق على ترشيحه عبر الحوار.

في عين الحلوة صمد وقف النار ليوم كامل ويدخل يومه الثاني، بعد تدخل رئيس مجلس النواب نبيه بري على خط العلاقة بين حركة فتح وحركة حماس، وفق ثنائية وقف النار وتسليم المطلوبين، بينما الملف المالي موضع أخذ وردّ بين صندوق النقد الدولي ووزارة المالية ومصرف لبنان، أمام تسليم بعدم تلبية موازنة 2023 و2024 للحدّ الأدنى من المطلوب في مواجهة التحديات.

واختتم الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان زيارته الى لبنان بعد جولة على مختلف الأطراف السياسية لكن مهمته لم تنتهِ على أن يعود بزيارة رابعة بعد أيام لاستكمال مشاوراته لإقناع الجميع بالمشاركة في الحوار، بعد أن يكون قد وضع أعضاء اللجنة الخماسية بأجواء زيارته اللبنانية ويجري معهم مباحثات للعودة بقرار دولي حاسم باتجاه الملف اللبناني، وفق ما علمت «البناء».

وفي يومه الأخير في لبنان، زار لودريان عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري وغادر من دون الإدلاء بتصريح. غير أن المعلومات لفتت إلى أن «الموفد الفرنسي في صدد العودة خلال أيام الى لبنان لعقد اجتماع في قصر الصنوبر مخصّص لبحث الأجوبة التي تلقاها من الاطراف السياسية، وقد يكون بديلاً من الحوار الذي كان يريد الفرنسيون وأيضاً بري عقده». إلا أن أجواء عين التينة تشير لـ«البناء» إلى أن «مبادرة الرئيس بري قائمة وكذلك الدعوة للحوار بالتنسيق مع لودريان الذي أطلع بري بأجواء نقاشاته مع رؤساء الكتل النيابية، وأجريا تقييماً لمواقف رؤساء الكتل على أن يدرس بري مجريات الوضع الرئاسي وينتظر لقاء الخماسية وعودة لودريان ليتخذ القرار المناسب حيال الدعوة للحوار».
وفي سياق ذلك، تلقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالاً من لودريان جرى خلاله البحث في نتيجة المحادثات واللقاءات التي عقدها لودريان في بيروت على مدى ثلاثة أيام. وتمّ التأكيد المشترك خلال الاتصال «أن نتائج المحادثات إيجابية بقرب انتخاب رئيس جديد للجمهورية».

إلا أن أوساطاً سياسية تشير لـ«البناء» الى أن «الحراك الدولي تجاه لبنان جدّي، لكنه غير فاعل لكون الظروف الإقليمية والدولية لإنتاج تسوية في لبنان لم تنضج بعد لا سيما أن الملف اللبناني ليس أولوية على أجندة الإدارة الأميركية، على الرغم من الضغط الفرنسي على السعودية لبذل الجهود للدفع باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية، لكن لا تسوية ولا حل من دون ضوء أخضر أميركي وتفاوض غير مباشر بين الأميركيين والسعوديين من جهة والإيرانيين وحزب الله من جهة ثانية للتوصل الى تقاطع ما يؤدي الى تسوية جزئية في لبنان». ولفتت الأوساط الى أن لدى الأميركيين اهتمامات في ملفات كبرى أهم من الملف اللبناني لا سيّما سورية والعراق والصين والحرب الأوكرانية الروسية وأزمة الطاقة العالمية اضافة الى أزمة الكيان الإسرائيلي الوجودية لجهة الخطر الاستراتيجي الكبير الذي تشكله قوى وحركات المقاومة في فلسطين ولبنان وسورية وفي اليمن».

ونفت مصادر الثنائي حركة أمل وحزب الله لـ«البناء» الحديث الذي يُشاع عن انتقال الثنائي للتفاوض على الخيار الثالث التوافقي، مؤكدة أن «رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية ثابت على موقفه بترشيحه وأن فكرة الحوار ليست تراجعاً عنه»، موضحة أن «الثنائي على استعداد لمناقشة كافة الخيارات ومن ضمنها الخيار الثالث التوافقي لكن على طاولة الحوار وليس على المنابر وشرط إقناعنا بصوابية وجدوى الخيارات الأخرى، لا أن ينتزعوا منا وعداً بالتنازل عن دعم ترشيح فرنجية كشرط لمشاركتهم في الحوار»، مشدّدة على أن «زيارة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الى فرنجية تدحض كل الإشاعات التي تتحدث عن تنازل الثنائي عن دعم ترشيح رئيس المردة»، محذرة من أن «الرهانات على الضغوط السياسية والاقتصادية الخارجية على لبنان وفرض عقوبات على رموز لبنانية وطنية سيطيل أمد الفراغ وسيأخذ البلد الى المجهول ومشهد أسوأ اقتصادياً وسياسياً وأمنياً»، داعية جميع الأطراف الى «الحوار للنقاش في كيفية إنهاء الفراغ والبدء بمسيرة النهوض الاقتصادي».

وفي سياق ذلك، رأى عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق، خلال احتفال تأبيني في العباسية، أن «نوبة التحريض والصراخ والضجيج الأخيرة ضد المقاومة، سببها نجاح المقاومة في تحقيق إنجازات ومعادلات استراتيجية تاريخية في البر والبحر والجو».
وقال: «إن لبنان بات على طريق نادي الدول النفطية والغازية بمعادلة المقاومة، وإن سماء لبنان وأرضه اليوم باتتا أكثر منعة من أي زمن بمعادلة المقاومة، ولذلك نحن نتفهّم أن الحاسدين والمعادين منزعجون من إنجازات المقاومة، وهذا يفرحنا»، مؤكدا أننا «في حزب الله وحركة أمل نضع أولوية، وهي الإسراع في إنقاذ البلد ووقف الانهيار لتخفيف معاناة اللبنانيين الحياتية والاجتماعية، ولكن الطرف الآخر لا يهمه إنقاذ البلد، وأولويته جره إلى الفتنة».

واعتبر قاووق أن «الآخرين واهمون أنهم يستطيعون تغيير المعادلات والتوازنات الداخلية من خلال التحريض لإيصال رئيس مواجهة وتحدّ، فهم يريدون الانقلاب على إنجازات المقاومة وعلى عوامل قوة لبنان، ولكنهم يراهنون على سراب»، مشدداً على أن «الآخرين لهم الشعارات الفارغة، ولنا المعادلات الحاسمة والفاعلة، وشتان ما بين الشعارات والمعادلات، فالذي يصنع مستقبل لبنان القوي هو المعادلات وليست الشعارات».
في غضون ذلك، ساد الهدوء التام محاور القتال داخل مخيم عين الحلوة بعد اتفاق وقف اطلاق النار الذي لا زالت مفاعيله سارية وصامدة، بعد 24 ساعة على دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ عند السادسة من مساء الخميس الماضي برعاية الرئيس بري.

على صعيد آخر وبعد هدوء جبهة عين الحلوة ما يتيح لصيدا لملمة جراحها ومعالجة أضرارها ولأهل الجنوب تنفس الصعداء الذين عاشوا خطر الانتقال الى صيدا وبيروت لأيام عدة، تعود الملفات النقدية والاقتصادية والاجتماعية والمالية لتحلّ ضيفاً ثقيلاً على اللبنانيين، وسط مخاوف على مصير رواتب القطاع العام الشهر المقبل بعد رفض حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري تمويل الحكومة بالدولار، ما قد يجبر وزارة المال على دفع الرواتب بالليرة اللبنانية، وفق ما علمت «البناء»، فيما تترقب الأوساط المالية والاقتصادية بدء عمل منصة «بلومبرغ» التي اعتمدها مصرف لبنان بديلاً عن منصة «صيرفة» وما ستكون تداعياتها على سوق الصرف والاستهلاك، وسط ترجيح خبراء في المال والاقتصاد أن تؤدي الى ارتفاع بسعر صرف الدولار بسبب عدم قدرة المصرف المركزي على التحكم بسعر الصرف في السوق السوداء. في المقابل يشير خبراء آخرون لـ«البناء» الى أن «المنصة الجديدة تشبه منصة صيرفة لكن الفارق أنها أكثر شفافية وتخضع لمعايير الحوكمة والرقابة مباشرة من مصرف لبنان ورقابة خارجية، وبالتالي سيتمّ وقف كل الفوضى والمحسوبيات والتنفيعات التي كانت سائدة في عمل منصة صيرفة، حيث كانت متاحة للمحظيين فقط مثل كبار الموظفين والمصارف والشركات الكبرى والصرافين من الفئة الأولى وتحولت الى سوق للمضاربة لتحقيق أرباح وتهريب الأموال الى الخارج».

واختتم وفد صندوق النقد الدولي زيارته إلى لبنان، حيث أشار في بيان إلى أنّ «عدم اتخاذ إجراءات للإصلاحات الضرورية بسرعة يثقل بشكل كبير على الاقتصاد»، لافتًا إلى أن بعد مرور أربع سنوات من بداية الأزمة، لا يزال لبنان يواجه تحديات اقتصادية هائلة، مع انهيار قطاع البنوك، وتدهور الخدمات العامة، وتراجع البنية التحتية، وتفاقم ظروف الفقر والبطالة، وتوسيع الفجوة في التفاوت الاقتصادي.

وأوضح الوفد، في بيان، أنّه «لم يقم لبنان باتخاذ الإصلاحات الضرورية بسرعة، وسيكون لهذا أثر على الاقتصاد لسنوات مقبلة. الافتقار إلى الإرادة السياسية لاتخاذ قرارات صعبة، ولكن حاسمة، لإطلاق الإصلاحات يترك لبنان في وضع ضعيف مع القطاع المصرفي وخدمات عامة غير كافية، وبنية تحتية متدهورة، وتفاقم في ظروف الفقر والبطالة، وتوسيع أكبر لفجوة الدخل. التضخم ما زال في الأعداد ثلاثية الأرقام، مما يضغط بشكل إضافي على الدخل الحقيقي، واستمرار انخفاض احتياطي العملات الأجنبية في النصف الأول من العام، بما في ذلك بسبب تمويل مصرف لبنان لعمليات شبه مالية والعجز الكبير في الميزان التجاري».

ورأى الوفد أنّ «القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحاكمية الجديدة لمصرف لبنان للتخلص تدريجيًا من منصة صيرفة، وإنشاء منصة تداول عملات أجنبية مرموقة وشفافة، ووقف استنزاف احتياطيات العملات الأجنبية، والحد من التمويل النقدي، وزيادة الشفافية المالية هي خطوات في الاتجاه الصحيح. بناءً على هذا التقدم، هناك الآن فرصة للإصلاحات الشاملة لتعزيز حكم مصرف لبنان ومحاسبته وعمليات تداول العملات الأجنبية وفقًا لأفضل الممارسات الدولية. علاوة على ذلك، يجب توحيد جميع أسعار الصرف الرسمية بسعر السوق، مما سيساعد في القضاء على فرص التحكم في الأسعار والربح التي تثقل عبء المالية العامة».

ولفت بيان الصندوق الى أنه «يجب أن تتضمن موازنة الحكومة موارد كافية لإعادة بناء إدارة الضرائب لتعزيز الامتثال وزيادة عدالة الضرائب. في هذا الصدد، نشجع السلطات على بدء تنفيذ عناصر الإصلاح الضريبي التي اقترحها الصندوق، والمنشورة في تقرير المساعدة الفنية لعام 2023 حول إعادة توجيه سياسة الضرائب، وبدء خطط إعادة التأهيل لشركات الدولة الكبرى».

من جهته، اعتبر وزير الماليّة في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل، أنّ «ما صدر عن صندوق النقد الدولي يُعدّ توصيفًا دقيقًا للواقع المالي والنّقدي والاقتصادي، ويتطابق مع رؤية وزارة المالية، وينسجم مع ما بدأته من خطوات تصحيحيّة عبّرت عنها ما تضمّنته الموازنات المتتالية للأعوام 2022 و2023 و2024، الّتي أدّت بشكل رئيسي إلى زيادة في الواردات؛ وساهمت في الأشهر الأخيرة في ما نشهده إلى حدّ معقول من استقرار مالي ونقدي في سعر الصرف».

وعلمت «البناء» أن الخلاف يتعمق بين صندوق النقد ولجنة المال والموازنة النيابية التي تعتبر أن خطة صندوق النقد ستؤدي الى شطب الودائع المصرفية، وأكد مصدر نيابي رفيع أن مجلس النواب لن يوافق على خطة الصندوق وفق صيغتها الحالية، كما لن يسمح بتمريرها بالهيئة العامة لأنها تقضي على آمال إعادة الودائع الى اللبنانيين.
وفي سياق ذلك، أصدر مصرف لبنان القرار الوسيط رقم 13580، المتعلق بتعديل القرار الأساسي رقم 13335 تاريخ 8/6/2021 (إجراءات استثنائية لتسديد تدريجي لودائع بالعملات الأجنبية) المرفق بالتعميم الأساسي 158.

 

"الجمهورية": لودريان كما جاء غادر... برّي: طاولة الحوار جاهزة

حزم الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان حقائبه وغادر بيروت، تاركاً خلفه بحراً عائماً بعلامات الاستفهام، ليس فقط حول ما حقّقه في زيارته الثالثة إلى بيروت، لا بل حول جدوى حصول هذه الزيارة من أساسها؟

أقصى ما تحقّق في زيارة لودريان نظرياً، هو انّها تركت الباب مفتوحاً على زيارة رابعة سيقوم بها الى بيروت في وقت لاحق، وأمّا النتيجة الأكيدة التي انتهت اليها هذه الزيارة، فهي أنّ ما بعدها، هو ما كما قبلها؛ مراوحة سلبية في حقل توترات وتناقضات سياسية مانعة لانتخاب رئيس للجمهورية في المدى المنظور.

فالرجل الذي تدرّجت رتبته من موفد شخصي للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، إلى مفوض باسم اللجنة الخماسية لمحاولة عبور حقل التناقضات اللبنانية ودفع الأطراف السياسية الى صياغة توافق على انتخاب رئيس للجمهورية، عكست نقاشاته مع اطراف الملف الرئاسي، انّه لم يعد يوجد شيء اسمه «مبادرة فرنسية»، بل انّ مهمّته مندرجة في سياق عنوان وحيد تدفع اليه اللجنة الخماسية، نحو ما تعتبره «الحل الوحيد»، وجوهره إطلاق حوار أو نقاش او مشاورات او اي شكل من أشكال التلاقي بين هذه الاطراف، للتوافق على خيار رئاسي جديد، مستنداً في ذلك إلى الامر الواقع الذي أفرزته جلسة مجلس النواب في 14 حزيران الماضي، والتي أسست لبلوكين سياسيين يستحيل لأي منهما أن يؤمّن أكثرية الفوز للمرشح الذي يدعمه. ومعلوم أنّ نتائج تلك الجلسة جاءت بـ59 صوتاً نالها مرشح التقاطعات جهاد أزعور، و51 صوتاً نالها الوزير سليمان فرنجية.


طرح مكرّر
ووفق معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ «لودريان اكّد خلال مداولاته مع اطراف الملف الرئاسي، انّه في مهمّته يعبّر عن اللجنة الخماسية، ويداً بيد مع الجانب السعودي، والطرح الذي سعى الى تمريره والذي يستبطن إبعاد فرنجية وازعور عن حلبة المرشحين. وسوّق له بحديث مفصّل عن الآثار السلبية المتفاقمة التي ولّدتها الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان، وبلفت الانتباه الى انّ الرهان على عائدات من الموارد الغازية، ليس في محلّه، ذلك انّ هذا الامر قد يستغرق وقتاً طويلاً، ولبنان لا يستطيع ان يحتمل مزيداً من هدر الوقت، فلبنان في حاجة ماسّة الى إجراءات وإصلاحات سريعة، وهذه الاصلاحات تتطلب وجود مؤسسات فاعلة، والمؤسسات الفاعلة تتطلّب بدورها وجود رئيس للجمهورية، وحكومة جديدة. وبالتالي نحن نتفهم هواجس جميع الاطراف، ولكن في الوقت نفسه، كلكم على علم بالتجربة التي حصلت في جلسة 14 حزيران، وحتى لا تتكرّر هذه التجربة لا بدّ من الحوار او التشاور او النقاش او سمّوه ما شئتم، فالحوار في رأينا هو المنقذ، وبديل الحوار أمر كارثي سيحصل».

على انّ طرح الخيار الثالث، وفق معلومات موثوقة لـ»الجمهورية»، لم يكن وليد هذه الزيارة، بل هو طرح قديم مكرّر سبق للودريان ان قدّمه في زيارته السابقة، ولم يلق التجاوب المطلوب معه. حيث انّه قرن طرحه بعرض النسبة التي نالها كلّ من فرنجية وازعور في جلسة 14 حزيران، مشيراً إلى أنّ كلا المرشحين لم يتمكنا من الفوز، والاطراف الداعمة لهما لا تستطيع ان تؤمّن الفوز لأي منهما، وبالتالي فإنّ المخرج لهذه الأزمة يكون بالذهاب الى خيار ثالث. وقد قيل للودريان آنذاك ما مفاده: «انت في طرحك تقارب هذه المسألة على قاعدة الأكثرية العددية، فديموقراطيتنا في لبنان مختلفة عن ديموقراطيات العالم كله، حيث انّ هناك ديموقراطية عددية تعتمد لغة الارقام أي أكثرية تربح وأقلية تسلّم بهذه النتيجة، أمّا في لبنان فديموقراطيتنا ليست عددية، بل هي ديموقراطية توافقيّة، والنتيجة التي خرجت بها جلسة 14 حزيران ليست نتيجة ثابتة، بل انّها بديموقراطيتنا التوافقية قد تتحرّك 180 درجة، والـ 59 صوتاً التي نالها جهاد أزعور قد تصبّ كلها او غالبيتها في اللحظة التوافقية لمصلحة سليمان فرنجية».


طرح خلافي
تبعاً لذلك، فإنّ الطرح الجديد - القديم، هو طرح خلافي اصلاً، لأنّه يصبّ بشكل او بآخر في مصلحة احد المرشحين البارزين (البعض يطرح في هذا المجال اسم قائد الجيش العماد جوزف عون)، وبالتالي فإنّ رفضه لا يقتصر فقط على داعمي فرنجية، وبالأمس تبلّغ لودريان مباشرة من «حزب الله»، بـ«قرارنا محسوم ونهائي، إنّنا مع فرنجية، ولن نتنازل عن دعمه، لأنّه يعني الكثير بالنسبة الينا»، بل على رافضي ترشيح فرنجية مثل «التيار الوطني الحر»، الذي يضع فرنجية وقائد الجيش في خانة واحدة، فيما موقف حزب «القوات اللبنانية» الرافض جملة وتفصيلاً انتخاب فرنجية، ملتبس حيال قائد الجيش، إلاّ انّ هذا الالتباس يتبدّد مع اعلان «القوات» رفضها ايّ حوار يشكّل مضيعة للوقت، ما خلا الحوار الذي ينبغي ان يحصل في جلسة انتخاب رئاسية مفتوحة، وبين دورة اقتراع واخرى، وصولاً الى انتخاب رئيس للجمهورية لا يمتّ الى ما تسمّيها «الممانعة» بصلة.


ماذا بعد؟
وإذا كانت خاتمة زيارة لودريان قد تجلّت في زيارته امس لرئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث استعرضا على مدى ساعة مجريات حركة الاتصالات واللقاءات التي اجراها، فإنّ اللافت للانتباه هو الصمت المتبادل حيالها الذي اعتمده لودريان وكذلك الرئيس بري، حيث لم يشر أي منهما الى ايجابية او سلبية، بل انّ مصادر عين التينة حرصت على التأكيد على «انّ مبادرة الرئيس بري، وكذلك الدعوة الى الحوار ما زالت قائمة». واما الموفد الفرنسي فحين مغادرته، عبر جمع الصحافيين في عين التينة متجاهلًا اسئلتهم، مكتفياً القول: «دعوني اصل إلى سيارتي». الاّ انّ ما لفت الانتباه هو انّ الحديث عن الايجابية جاء من مكان آخر، وبعد اتصال اجراه لودريان قبل مغادرته برئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، الذي اشار الى انّ «نتائج المحادثات ايجابية بقرب انتخاب رئيس جديد للجمهورية».


بري: طاولة الحوار جاهزة
وفي معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ اجواء اللقاء بين بري ولودريان لم تخرج عن سياق الايجابية التي حكمت لقاءاتهما السابقة، حيث جرى تناول الامور بصراحة ووضوح. وإذ لفتت مصادر المعلومات الى انّ نتائج الزيارة الثالثة بصورة عامة لم تختلف عن نتائج الزيارة السابقة، انما الامور لم تنته هنا، بل ستكون لها تتمة في زيارة رابعة للموفد الرئاسي ربما اواخر الشهر الجاري، مشيرةً الى احتمال جدّي بأن يشارك لودريان في اجتماع اللجنة الخماسية الذي سيُعقد حول لبنان.

ونُقل عن الرئيس بري قوله امام زواره، انّ الخطوة التالية المرتبطة بمبادرته الحوارية مؤجّلة إلى ما بعد الزيارة المقبلة للودريان الى بيروت، حيث في ضوء ما سيحمله معه، يُبنى على الشيء مقتضاه. ومؤكّداً في الوقت ذاته، انّ مبادرته قائمة، انما هو على استعداد لأن يدعو الى حوار، او نقاش، او تشاور، او اي لقاء تحت اي عنوان، فليس المهم هو الاسم، بل انّ الأهم هو ان نلتقي حول ما يؤمّن مصلحة لبنان والخروج من هذه الأزمة. مشيراً في هذا الاطار الى انّ طاولة الحوار في مجلس النواب باتت جاهزة في كل تفاصيلها، لأن تلتقي الاطراف السياسية حولها.


باب التفاؤل مقفل
ورداً على سؤال حول مرحلة ما بعد زيارة لودريان، وما اذا كانت قد أسست لحل رئاسي، أبلغ مرجع سياسي الى «الجمهورية» قوله، انّه: «على الرغم من انّ باب التفاؤل ليس مفتوحاً حتى الآن، الاّ انّه يراهن على ان يُفتح هذا الباب في اي لحظة، وخصوصاً انّ لدى السيد لودريان جدّية واضحة في قيادة السفينة الرئاسية نحو توافق على رئيس للجمهورية، كما انّ فرصة بلوغ حل
للأزمة الرئاسية متاحة في مبادرة الرئيس بري، الذي يشدّد على انّ لا مفرّ من الجلوس على طاولة الحوار، والكرة في ملعب الجميع».


توترات ونزاعات
الاّ انّ مصادر مطلعة على نتائج محادثات الموفد الفرنسي اكّدت لـ«الجمهورية»، انّ بلوغ حلّ رئاسي ما زال محفوفاً بصعوبات اكثر من جدّية، ومهمّة لودريان، كما هو واضح للجميع لم تتمكن من تضييق مساحات التناقض الشاسعة بين القوى السياسية. وقالت: «لودريان حضر باسم اللجنة الخماسية، وفي المحادثات التي أجراها على مدى ثلاثة ايام، عكس بما لا يقبل أدنى شك انّ دول اللجنة الخماسية لا تملك في جعبتها في الوقت الحالي، طرحاً لحلّ رئاسي في لبنان يتمتع بقوة معنوية عالية، او بصفة الإلزام لأي من الاطراف اللبنانيين، بل طرح قديم - جديد ألقى به لودريان على ارض التناقضات الداخلية، ويقوم على التمني على الاطراف اللبنانيين بالبحث عن خيار ثالث، وهذا الطرح ثبت أن ليس له شعبية في لبنان، وطبيعي في هذه الحال ان يغادر لودريان من دون ان يحمل معه ما يطمئنه إلى انّ طرح الخيار الثالث قد يتدرّج من خانة المستحيل الى خانة الممكن. ولكن في مطلق الأحوال، لبنان من الآن وحتى نشوء الظروف المحلية والخارجية الدافعة الى انتخاب رئيس، على باب مرحلة مفتوحة على منازعات وتوترات سياسية ربما بوتيرة اقسى مما سبق».


مصرف لبنان
من جهة ثانية، أصدر مصرف لبنان امس، تعميماً حدّد فيه إجراءات السحب من «الحسابات الخاصة المتفرّعة» للمستفيدين من القرار الأساسي رقم 13335 وتعديلاته المتعلّق بإجراءات استثنائية لتسديد تدريجي لودائع بالعملات الأجنبية، بحيث تدفع للمستفيدين من أحكام هذا القرار قبل 1-7-2023: /400/ د.أ. شهرياً، ولمن لم يستفيدوا من أحكام هذا القرار قبل تاريخ 1-7-2023 تدفع /300/ د.أ. شهرياً.


صندوق النقد
إلى ذلك، وفي بيان عالي النبرة، ختم فريق صندوق النقد الدولي برئاسة إرنستو راميريز ريغو، زيارته الى بيروت بين 11 و14 أيلول، واكّد أنّ «لبنان لم يقم بالإصلاحات المطلوبة بشكل عاجل، مما سيؤثر على الاقتصاد لسنوات قادمة». مشيراً الى «أنّ الافتقار إلى الإرادة السياسية يترك لبنان في مواجهة قطاع مصرفي ضعيف، وخدمات عامة غير كافية، وتدهور البنية التحتية، وتفاقم ظروف الفقر والبطالة، واتساع فجوة الدخل». واعتبر انّ «القرارات الأخيرة التي اتخذتها القيادة الجديدة لمصرف لبنان هي خطوات في الاتجاه الصحيح». مشدّداً على «وجوب توحيد أسعار الصرف الرسمية وفقًا لسعر صرف السوق».
واشار الى أنّ موازنة 2023 تفتقر إلى التوقيت والتغطية. داعياً الى أن «تكون موازنة 2024 المقترحة متناسقة مع عملية توحيد سعر الصرف»، كما لفت الى «أنّ خطة إعادة هيكلة القطاع المصرفي ما زالت غير موضوعة. وقد أدّى هذا التقاعس إلى انخفاض كبير في الودائع القابلة للاسترداد وعرقلة توفير الائتمان للاقتصاد. ولا تزال التعديلات على قانون السريّة المصرفية، والتي تهدف إلى معالجة أوجه القصور، ومشروع قانون مراقبة رأس المال وسحب الودائع، في انتظار موافقة البرلمان».

 

"اللواء":  لودريان عائد وبرِّي سيوجه الدعوات.. وتبريد في عين الحلوة

انتهى الأسبوع في ما خصَّ تحركات الوفود الخارجية باتجاه لبنان على ثلاثة نتائج:
1 - رئاسياً: لمس الرئيس نبيه بري بعد لقاء الساعة مع الموفد الفرنسي جان- ايف لودريان رغبته بالعودة، بعد اجتماع نيويورك الثلثاء (19 الجاري) لوزراء خارجية المجموعة الخماسية الذين سيستمعون الى تقرير منه حول حصيلة محادثاته مع رؤساء الأحزاب والكتل النيابية، والنواب المستقلين والتغييريين والسفراء المعنيين وشخصيات روحية وعسكرية ودبلوماسية، وذلك لإجراء مناقشات، بدل الحوار، في قصر الصنوبر، يتناول الأجوبة التي حصل عليها لودريان من النواب اللبنانيين في ما خصَّ الأسئلة التي طرحها في رسالته عبر السفارة الفرنسية عليهم، ثم يبنى على الشيء مقتضاه بالتنسيق الكامل مع الرئيس نبيه بري، الذي لم يسقط من يده ورقة الدعوة لحوار بين الكتل في المجلس النيابي يترأسه نائبه الياس بوصعب.
وأكد الرئيس بري​، «أننا متمسّكون بمبادرة الحوار، وهي الوحيدة الموجودة على الطاولة».
وفي حديث تلفزيوني، اشار بري إلى أنّ «الموفد الفرنسي ​جان إيف لودريان​ تبنّى هذه المبادرة ودعَمها، وهي المدخل الضّروري لمعالجة المأزق الرّئاسي»، معلناً «أنّني سأوجّه الدّعوة للحوار وفق الأصول، وآمل في أن تتحلّى كلّ القوى والكتل بالمسؤوليّة الوطنيّة وأن تتّقي الله».
وافادت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن الأفرقاء السياسيين الذين التقوا لودريان انصرفوا إلى تقييم المحادثات معه وما خرجت به الزيارة بشأن دفع الأطراف المعنية إلى التفكير بكيفية تحربك الملف الرئاسي والانتقال إلى مرحلة جديدة بعد استحالة وصول أحد مرشحي المعارضة أو الممانعة إلى قصر بعبدا.
وأكدت هذه المصادر أنه يفترض أن تتظهر المواقف من الخيار الرئاسي الثالث  في الأيام المقبلة على أن المشكلة تكمن في انعدام التفاهم المحلي والمقاربة المختلفة بشأن إتمام  الأستحقاق وبرنامج رئيس الجمهورية، مشيرة إلى أن  هناك مناخا سيتم تحضيره قبل الخوض في نقاش على الطرح الجديد وما إذا كانت الإمكانية تسمح بأي تقاطع محلي  ودعم دولي للمرشح الجديد وهذه المسألة قد تأخذ وقتا.
وسجلت مصادر سياسية ملاحظات عدة في ختام  زيارة لودريان، لتنفيذ المهمة الموكل بها لايجاد حل لازمة الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، اولها توسيع حلقة لقاءاته التي شملت جميع الاطراف والنواب والفاعليات السياسية والدينية، واستمع بتمعن لوجهات نظر هؤلاء ورؤيتها لكيفية الخروج من الازمة، واطلع منها على دوافع تمسك الثنائي الشيعي وحلفائه، باجراء حوار قبل  الانتخابات الرئاسية، مقابل رفض مطلق من قبل مكونات المعارضة  لهذا الشرط، المخالف للدستور والذي اعتبره بعضهم لاسيما في اللقاء ألذي جرى مع النواب السنّة، بمنزل السفير السعودي وبحضور المفتي عبد اللطيف دريان، بمثابة محاولة لتعديل اتفاق الطائف او تكريس اعراف تتجاوزه، وبالتالي يستحيل الموافقة عليه، مهما كانت التبريرات المطروحة لعقده.
ثانيا، خرج بانطباع مفاده انه يستحيل التوصل إلى اتفاق بين الطرفين في ظل استمرار كل طرف تمسكه بمواقفه المتشددة، ولابد من إيجاد صيغة وسطية ترضي الطرفين، فلا يشعر احدهما، بانه انتصر  على الطرف الآخر، ولا يعتبر الآخر بأنه خسر.
ثالثا، أبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري بأنه سيعود إلى لبنان نهاية الشهر الجاري لاستئناف مهمته، بعد مقابلته ممثلين عن اللجنة الخماسية، لاطلاعهم  على نتائج لقاءاته ومتسلحا بدعمهم ،ويعقد لقاء تشاوريا برئاسته في مقر السفارة الفرنسية ببيروت،مع رؤساء الكتل النيابية والنواب ،لمناقشة اجوبتهم على الرسائل التي وجهها اليهم الشهر الماضي عبر المجلس النيابي، بما يشكل بديلا للحوار المطروح من قبل رئيس المجلس النيابي والذي حدده في ايلول، والتفافا عليه.
رابعا، تقديم طرح المرشح التوافقي على طرح تمسك الثنائي الشيعي وحلفائهما بسليمان فرنجية، والمعارضة بجهاد ازعور بعد التيقن من عدم استطاعة اي منهما بانجاح مرشحه، بسبب تعادل موازين القوى في المجلس النيابي نسبيا، والبحث يتمحور حاليا عن المرشح ألذي يمكن ان يتلاقى على تأييده الطرفين معا، وبينما تحاشى لودريان التطرق الى اي اسم مرشح للرئاسة، ترددت معلومات ان اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون مطروح الى جانب اسماء عدة مرشحين اخرين.
خامساً، توجه الموفد الرئاسي الفرنسي لترؤس اللقاء التشاوري بنفسه، ما اسقط كل الاعتراضات التي صدرت سابقا على طرح ترؤس رئيس المجلس النيابي نبيه بري، باعتباره طرفا سياسا بعد تبنيه ترشيح فرنجية للرئاسة وخيار تقديم الحوار على الانتخابات الرئاسية.
2 - فلسطينياً: سجل يوم امس هدوءاً نسبياً في مخيم عين الحلوة، بعد ايام وليالٍ من الاتصالات والاجتماعات كان آخرها لقاء الرئيس بري مع كل من المسؤول الرفيع في فتح عزام الاحمد، ونائب رئيس المكتب السياسي في حركة «حماس» موسى ابو مرزوق، الذي اكد الالتزام بمندرجات الاتفاق الأخير، بضمانة رئيس المجلس.
مالياً: غمز صندوق النقد الدولي من قناة الطبقة السياسية ومجلس النواب الذي لم يقر القوانين الاصلاحية الآيلة الى التعافي الاقتصادي والمالي.
واشار وفد صندوق النقد الدولي، بعد اختتام زيارته الى بيروت ان عدم الاقدام على الاصلاحات يشكل عبئاً على الاقتصاد، والتحديات بعد 4 سنوات من الازمة ما تزال تتفاقم من انهيار قطاع البنوك، وتدهور الخدمات العامة، وتراجع البنية التحتية، وتفاقم ظروف الفقر والبطالة، وتوسيع الفجوة في التفاوت الاقتصادي.
ونوّه الصندوق بما اسماه «القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحاكمية الجديدة لمصرف لبنان بالتخلص التدريجي من منصة صيرفة»، وانشاء منصة تداول العملات الاجنبية ذات السمعة الطيبة والشفافية، وانهاء السحب من احتياطات العملات الاجنبية، والحد من التمويل النقدي، وتعزيز الشفافية المالية، باعتبارها خطوات بالاتجاه الصحيح، داعياً الى توحيد جميع اسعار الصرف الرسمية وفقا لسعر صرف السوق.
ومع هذه النتائج، بقي الوضع في دائرة الترقب والانتظار، ما لم تطرأ مفاجآت ليست بالحسبان، في ضوء عدم توافر عناصر الاستقرار الخاصة بالنتائج المشار اليها.
و في يومه الاخير في لبنان وقبل مغادرته بيروت، زار الموفد الرئاسي الفرنسي عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري. وغادر من دون الادلاء بتصريح.  وذكرت مصادر عين التينة: أن مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري قائمة وكذلك الدعوة للحوار.
وأفادت المعلومات أنّ لودريان سيعود خلال أيّام قليلة الى لبنان، لعقد إجتماع في قصر الصنوبر، مخصص لبحث الأجوبة التي تلقاها من الأطراف السياسيّة، وربما بعد اجتماع وزراء خارجية الدول الخمس المعنية بالوضع اللبناني السعودية وقطر ومصر وفرنسا واميركا يوم الثلاثاء المقبل. وترقب وصول موفد قطري الى لبنان لمعرفة ما يجمله من جديد غير ما جمله الموفد الفرنسي.
ولخصت مصادر نيابية مطلعة لـ «اللواء» حصيلة مشاورات ولقاءات الموفد لودريان خلال الايام الثلاثة الماضية بالقول: لا نتائج حاسمة حتى الآن، والامور مفتوحة على محاولة اخرى نهاية هذا الشهر، لكن مواقف القوى السياسية ما زالت على حالها في المضمون ولو كانت هناك ليونة بالشكل. وهناك محاولة من لودريان قد تشكل مخرجاً او تسوية بين الاطراف تقوم على عقد لقاء او إجتماع للقوى السياسية في قصر الصنوبر، ليس بالضرورة تحت عنوان الحوار المرفوض من البعض، لكن بصيغة اجتماع معه يضم كل القوى السياسية والكتل النيابية والمستقلين، تُطرح فيه الافكار والهواجس واقتراحات المخارج للحلول. وقد يكون احدها اقتراح الرئيس بري بالحوار لاحقاً تحت قبة البرلمان تليه جلسات مفتوحة لإنتخاب الرئيس.
وتلقى الرئيس ميقاتي إتصالا من لودريان، جرى خلاله البحث في نتيجة المحادثات واللقاءات  التي عقدها في بيروت على مدى ثلاثة أيام. وحسب معلومات رئاسة الحكومة، «تم التأكيد المشترك خلال الاتصال أن نتائج المحادثات ايجابية بقرب انتخاب رئيس جديد للجمهورية».
وعلمت «اللواء» ان الرئيس ميقاتي غادر بيروت امس متوجهاً الى نيويورك، لترؤس وفد لبنان الى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعقد عدد من اللقاءات مع عدد من وزراء الخارجية المشاركين وبينهم وزراء خارجية الدول الخمس المعنية بالوضع اللبناني.
وعلى هذا، افادت مصادر وزارية لـ «اللواء» ان جلسات مجلس الوزراء تأجلت الى نهاية هذا الشهر او بداية الشهر المقبل لحين عودة ميقاتي.
وفي السياق، اعلن عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور في احتفال انمائي في راشيا:  انها للمرة الأولى منذ فترة طويلة، نرى أن الدول المعنية بلبنان هي على موقف واحد وصفحة واحدة وقلب واحد. وبالتالي، فإن هذا الأمر يمهد للانتقال إلى مرحلة عملية للوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية.

ملاحقة اللواء عثمان!

في تطور جديد، أفادت مصادر لقناة «الحدث» لم تحددها، أن وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي، سيأذن للمحكمة العسكرية بملاحقة مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان بتهم الفساد.
ومساء قال» الوزير مولوي في احتفال بالجامعة اليسوعية: جهدنا في وزارة الداخلية والبلديات بالوقوف مع شعبنا أمنيا وبالادارة وبمحاربة الفساد، وفتحنا ملفات لها علاقة بمحاربة الفساد، وسنكمل مع كل شركائنا بناء الوطن، ولن نتراجع لحظة عن إعطاء الأذونات اللازمة التي وردتنا من القضاء المختص لملاحقة المرتكبين، وأعطينا الإذن لملاحقة المرتكبين في الإدارة التي عملتم فيها وإدارات ومؤسسات أخرى أمنية وغير أمنية. لن نقبل بأن يبقى في لبنان فساد، وهذا هو عهدنا أمامكم.
وقد اثار تسريب خبر الاذن بملاحقة اللواء عثمان انزعاجا في بعض الاوساط السياسية لا سيما السنيّة منها، بحيث قال النائب ايهاب مطر: حاولت التواصل مع الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية لاستيضاح ما تم نشره عن إذن لملاحقة اللواء عماد عثمان وعن تغييبه عن اجتماع معني باللاجئين، ولأعبر عن رفضي المطلق للتعاطي بخفّة مع مؤسسة عسكرية كقوى الامن الداخلي. ونتمنى من الوزير مولوي توضيح ما يتم تناقله عنه.
وقال النائب وليد البعريني: هل هكذا يُكافأ ‏اللواء عماد عثمان، ابن مدرسة الرّئيس الشهيد رفيق ‏الحريري، بعد المسيرة الطويلة والمشرّفة في مؤسسة الأمن ‏الداخلي، والعطاءات التي لا تُحصى، والتضحيات التي قدمها ‏لأجل لبنان؟
وتابع: نسأل وزير الداخلية: هل اتصل برئيس الحكومة نجيب ‏ميقاتي قبل اتخاذه القرار وتشاور معه، أو أنه اكتفى بالتواصل ‏مع النائب جبران باسيل وسارع الى تنفيذ تعليماته؟
وختم البعريني: للأسف، يبدو أن البعض من أبناء الطائفة ‏السنيّة يستسهل طعن ابناء هذه الطائفة لاعتبارات خاصة. ‏وكأن هذه الطائفة ينقصها المآسي والغدر والطعنات!‏
من جهته، سأل النائب السابق الدكتور محمد الحجار عبر منصة «اكس»: ما ‏المصلحة في تغييب مؤسسة قوى الأمن الداخلي عن الاجتماع ‏الذي عُقد في السراي الحكومي برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي ‏لبحث ملف النزوح السوري؟ وما الحكمة في هذا الذي يحصل ‏مع اللواء عماد عثمان الذي يُدير وبكفاءة عالية واحدة من أهم ‏الأجهزة الامنية في البلد ؟ ‏ خافوا وإتقوا الله فينا وبهالبلد.

لقاءات لتثبيت الهدوء في عين الحلوة

يسود الهدوء التام محاور القتال داخل مخيم عين الحلوة بعد اتفاق وقف اطلاق النار الذي لا زالت مفاعيله سارية وصامدة في وجه التحديات الامنية والسياسية، وبعد مرور اكثر من خمسة عشر ساعة على دخول الاتفاق حيز التنفيذ عند السادسة من مساء يوم امس يشهد الوضع الامني في المخيم هدوءا تخلله قرابة منتصف الليل اطلاق رشقات رشاشة والقاء قنبلة فجرًا، ما لبث أن عاد السكون إلى أرجاء المخيم.
وفي اطار المعالجات لتهدئة الأوضاع في مخيم عين الحلوة، عقد إجتماع موسع حضرته فعاليات صيدا في منزل النائب أسامة سعد. وبعد الإجتماع، أعلن سعد في مؤتمر صحفي أنه تم البحث في أوضاع  مخيم عين الحلوة والاشتباكات التي أدّت إلى أضرار كبيرة وتداعيات خطرة على سلامة أهل مدينة صيدا واقتصادها. وأكدّ أنهم في اطار العمل على ضرورة تسليم الأشخاص الذين شاركوا في عملية اغتيال قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني وأحد قيادات حركة «فتح» أبو أشرف العرموشي. واشار سعد الى أن الإجتماع أكدّ على رفض الاشتباكات في عين الحلوة والاحتكام إلى السلاح في معالجة قضايا المخيّم. وقال «طالبنا الفلسطينيين بالتنبه لخطورة هذه الاشتباكات وعدم تكرارها.» وتابع «نحن حريصون على تثبيت وقف إطلاق النار  ومنع الاقتتال وتحريمه واي خروج عنه سيواجه باللازم».

جان إيف لودريان

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل