ابناؤك الاشداء

لبنان

انقسام بين القوى السياسية حول بنود خفض الإنفاق
24/04/2019

انقسام بين القوى السياسية حول بنود خفض الإنفاق

ركّزت الصحف اللبنانية الصادرة من بيروت صبيحة اليوم على عدد من المواضيع الهامة، حيث خرج مشروع الموازنة من وزراة المالية إلى طاولة مجلس الوزراء، فيما لا تزال القوى السياسية مختلفة حول البنود التي سيطالها خفض الانفاق وتحميلها الى القطاع العام لسد عجز الموازنة.


"النّهار": "نزع الألغام" من مشروع الموازنة ينتظر "حزب الله"

بداية مع صحيفة النهار التي رأت أنه في ظل كم من حملات التهويل بقرب افلاس لبنان وانهياره مالياً وعدم تمكنه من دفع الرواتب والمترتبات المالية قريباً، واشتداد الحصار الخارجي عليه، وقيام حرب اسرائيلية قد تدمر بنيته التحتية، وسط أرقام ومعطيات غير مشجعة كثيراً، وفي ظل تداعيات هذه الأجواء التي بدأت تنعكس سلباً، خرج كل من رئيس الوزراء سعد الحريري وحاكم مصرف لبنان رياض سلامه برسائل مطمئنة، بثا من خلالها دفعاً من التفاؤل بقدرة البلد على النهوض مع اجراءات اصلاح وتقشف غير مستحيلة.

وقال سلامه: "أعتذر منكم لأنني لا أزال متفائلاً. في لبنان صناعة لليأس عمرها سنوات تحاول أن تهدّ الاقتصاد اللبناني والاستقرار النقدي، ولكن هذه المحاولات فشلت ونحن على أبواب حملة جديدة تؤكد من حيث المعطيات أنها ستفشل أيضاً". حسب النهار.

وأضافت الصحيفة أن "الرئيس الحريري فكرّر اننا "نريد القيام بالإصلاحات اللازمة لمصلحة المواطن اللبناني والمالية العامة، وهذا ما هو حاصل الآن. ما يهمني في نهاية المطاف، وبعد كل ما تسمعونه، أن يحصل هذا الإصلاح. لا مشكلة لدي في من سيحصد النتائج أو يقول إن الإصلاح تحقق بسببه، المهم هو حصول هذه الإصلاحات، لأن لبنان لا يستطيع أن يستمر بقوانين منذ خمسينات القرن الماضي وستيناته، فيما نحن في عام 2019".

وختمت الصحيفة: وفي مجال الاجراءات الاصلاحية المتعلقة بالموازنة، توقعت مصادر لـ"النهار" ان يعقد اجتماع مالي مساء اليوم عشية انعقاد جلسة مجلس الوزراء الخميس بعد ورود ملاحظات "حزب الله" على مشروع الموازنة والافكار المقترحة للخفوضات والاجراءات الاصلاحية والتقشفية.


"الأخبار": تنصّل من اقتراحات تحميل القطاع العام كلفة خفض الانفاق

أما صحيفة الأخبار لفتت الى أنه وبعد أشهر من الانتظار، خرج مشروع الموازنة من مكتب وزير المالية، وانتقلت المباحثات بشأنه من منزل رئيس الحكومة إلى طاولة مجلس الوزراء. فقرر رئيس الجمهورية استعجال بت الموازنة، فيما لا تزال القوى السياسية مختلفة حول البنود التي سيطالها خفض الانفاق

وتساءلت الصحيفة: هل بدأت جبهة المطالبين بتحميل موظفي القطاع العام كلفة خفض الإنفاق وعجز الموازنة بالتصدّع؟ غالبية الذين اقترحوا خفض الرواتب بنسبة 15 في المئة بدءاً من العام الجاري وزيادة الضريبة على القيمة المضافة حتى 15 في المئة وفرض رسم 5000 ليرة على كل صفيحة بنزين بدءاً من عام 2021، غالبية هؤلاء تحاول التنصل من اقتراحاتها. رئيس الحكومة سعد الحريري خرج أمس لينفي ما نشرته «الأخبار» (مقترحاته لعلاج الازمة المالية) ببيان قليل التهذيب، واصفاً «الأخبار» بـ«البوق» الذي «يبخّ الإساءات اليومية»، ومتحدّثاً عن «مشروع للنهوض الاقتصادي» لم ير أحد معالمه بعد. يدرك الحريري جيداً أن «الأخبار» أدّت واجبها المهني بكشف ما يدور خلف الأبواب المغلقة، وخاصة لجهة السعي إلى اعتماد «المزيد من الشيء نفسه، وتوقّع نتائج مختلفة له». وفضْحُ تلك النوايا التي عبّرت عنها ورقته المالية التي تلاها وزير المال علي حسن خليل في الاجتماع في منزل رئيس الحكومة ليل 14 نيسان الجاري، أدى إلى إحراج غالبية الذين تبنوا اقتراحات تمس بالفئتين المتوسطة والمحدودة الدخل، وتسعى إلى إعفاء أصحاب المصارف وكبار المودعين وغيرهم من أصحاب الثروات من تحمّل كلفة في خفض العجز توازي النسبة التي حققوها من الثروة طوال السنوات الماضية. من هنا، يصبح مفهوماً غضب الحريري، ولجوؤه إلى تعابير لا تشبه رجل دولة عصري يؤمن بدور الصحافة الحرة، ويحمل «مشاريع للنهوض»، بل تذكّر بأداء إدارة معتقل الريتز.

وتابعت الصحيفة: سبب آخر لغضب الحريري هو موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم عيد الفصح في بكركي، عندما انتقد الإبطاء ببت الموازنة. كلام عون كان موجهاً إلى الحريري وخليل، وهو نتيجة قرار اتخذه الرئيس بسحب المشاورات بشأن مشروع الموازنة من غرفة في منزل رئيس الحكومة، وإعادته إلى طاولة مجلس الوزراء. بناءً على ذلك، أحال خليل أمس مشروع الموازنة على الأمانة العام لمجلس الوزراء الذي سينعقد الخميس، من دون أن يتضح ما إذا كان المشروع سيُضاف إلى جدول الاعمال، أم أن البحث به سيُرجأ الى جلسات تُخصَّص له بدءاً من يوم الجمعة. وبدءاً من اليوم ستتضح المواقف النهائية لمختلف القوى من اقتراحات خفض الانفاق، إذ سيتخذ حزب الله قراره النهائي بشأن ما عُرِض عليه من أفكار، فضلاً عن تقديم مقترحاته لخفض العجز والإنفاق. وبحسب مصادر مطلعة، فإن الخلافات لا تزال متمحورة حول 3 بنود رئيسية:

أولاً، الرواتب والأجور والتعويضات والتقديمات للموظفين المدنيين في القطاع العام، ومدى تجاوب الشركاء الحكوميين مع مطلب خفضها.
ثانياً، التقديمات الملحقة برواتب العسكريين والأمنيين.
ثالثاً، القدر الذي ستتحمّله المصارف ومصرف لبنان لجهة خفض كلفة الدين العام.

وختمت الأخبار تقول: وظهر الخلاف أمس إلى العلن مع مؤتمر صحافي عقده وزير الدفاع الياس بوصعب، أكّد فيه أن قيادة الجيش ملتزمة بالحد من الإنفاق، منتقداً تصوير نفقات وزارة الدفاع كسبب وحيد للعجز. وقال بوصعب «إن حفظ الأمن يستلزم الحفاظ على معنويات العسكريين وعدم المس بحقوقهم الأساسية ولا سيما الرواتب». وبالنسبة لـ«التدبير رقم 3» المتعلق بكيفية احتساب تعويضات نهاية الخدمة للعسكريين (منح المتقاعد رواتب 3 شهور عن كل سنة خدمة)، لفت بوصعب إلى أنه «يُمنح للعسكريين بموجب مهمات حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب والتصدي للعدو الإسرائيلي». وربط الاستعداد بتعديل هذا التدبير بصدور قرار عن مجلس الوزراء يخفض جهوزية الجيش. وفي مقابل «تصعيبه» التنازل عن «التدبير رقم 3»، فتح بوصعب الباب أمام إجراءات بعيدة الأمد، تسمح بخفض الإنفاق العسكري، من خلال تعديل بعض الأنظمة وإقرار المراسيم التطبيقية لقانون الدفاع، فضلاً عن وجود «توجّه لعدم تطويع دفعة من التلامذة الضباط هذا العام، ولتخفيض عديد الجيش بمقدار عشرة آلاف عنصر في غضون خمس سنوات، وتخفيض عديد العمداء بشكل تدريجي وصولًا إلى 120 عميدًا (من أصل أكثر من 500 حالياً)، ضمن خطة متكاملة ستبحث في مجلس الوزراء، وتشمل زيادة حجم مشاركة قوى الأمن الداخلي في عمليات حفظ الأمن».


"البناء": سلّة إجراءات المصارف والبنك المركزي والاتصالات مقابل السلّة العسكرية

بدورها صحيفة البناء اشارت الى أنه ومع التأجيل الواضح في إدراج الموازنة على جدول أعمال مجلس الوزراء، يتبلور الانقسام السياسي حول الأرقام ومصادر الأموال التي سيتم حشدها لتحقيق تخفيض معقول في العجز، يلبي المطلوب داخلياً وخارجياً، فيبدو من جهة أن رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير المال علي حسن خليل من ورائه في ضفة الدعوة لشمول كل مكامن التضخم في الإنفاق أو الشح في الواردات بالإجراءات، وفي مجال الإنفاق ترد الكثير من إجراءات وقف الفوضى والعبث والتسيّب المالي، لكن يبدو ضرورياً وفقاً لما تقوله مصادر مطلعة على موقف الرئيس بري والوزير خليل، الدخول على موازنات الوزارات المعنية بالملف الأمني وخصوصاً وزارتي الدفاع والداخلية لترشيق الإنفاق وإلغاء بعض الفوائض التي يمكن الاستغناء عنها سواء في التعويضات أو في النفقات، وفي مجال الواردات يبدو ضرورياً بالمقابل الدخول على ملفات أرباح مصرف لبنان ومالية أوجيرو ومشاركات المصارف وكبريات الشركات في سلة ضريبية منصفة للمشاركة في توفير حاجات الدولة، وفيما يقف رئيس الحكومة سعد الحريري إلى جانب مطالبة بري وخليل بالدخول إلى ملف المؤسسات الأمنية والعسكرية، يرفض الحريري تحميل مصرف لبنان والمصارف المطالبات التي يحملها بري وخليل ويدعو إلى خفضها ويسانده حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وأركان القطاع المصرفي والقوات اللبنانية، وفيما يقف حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي في موقف قريب من موقف بري، يقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الدفاع الياس بوصعب وقائد الجيش العماد جوزف عون، في ضفة ربط أي إجراءات تتصل بإنفاق وتعويضات المؤسسات الأمنية وخصوصاً الجيش اللبناني، بالسير أولاً بالإجراءات التي تطال المصارف ومصرف لبنان والشركات الكبرى وعدداً من مؤسسات الدولة كحال شركات الخلوي ومؤسسة أوجيرو وشركة طيران الشرق الأوسط، والحصيلة هي أن تقابل السلتين يصبح ممراً إجبارياً للسير بالموازنة وتحقيق أهدافها، وهو ما يدرسه الحريري وفريقه خلال المهلة التي تتخذ عنوان التأجيل.

ويعقد مجلس الوزراء جلسة غداً الخميس في بعبدا بجدول أعمال عادي حتى الآن، على جدول أعماله 38 بنداً، إضافة إلى بنود طارئة لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها وقد تضاف إليه الموازنة في ملحق.

والمفارقة فإن الحكومة التي تواصل ليل نهار الحديث عن ضرورة إجراء سياسات تقشفية وضبط الهدر لتخفيض العجز، فإنها تتجه يوم الخميس إلى درس مشروع مرسوم يرمي إلى رفع الحد الأدنى للرواتب والأجور في مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك وإعطاء زيادة غلاء معيشة بصفته بنداً وضع على طاولة مجلس الوزراء تحت الرقم البند 23 فضلاً عن البند 24 الذي يحمل عنوان مشروع يرمي إلى تعديل برتبة وراتب وظيفة معلومات في ملاك إدارة الإحصاء المركزي، والبند 34 المتعلق بتعيين أستاذ مساعد في ملاك الجامعة اللبنانية. والبند 38 المتصل بطلبات المشاركة في اجتماعات ومؤتمرات خارج لبنان. حسب الصحيفة.

وفي هذا السياق، استغربت مصادر مطلعة عبر لـ«البناء» كيف يمكن لمن يريد وقف التوظيف أن يضع بنداً يتصل بتعيين أستاذ مساعد على جدول الأعمال؟ وكيف بحكومة أعلن رئيسها مراراً أن مخصصات سفر الوزراء والرؤساء سوف تخفض، ليضع مشروعاً يتصل بالسفر على جدول الأعمال؟ لافتة في السياق إلى علامات استفهام كثيرة تطرح حول النفقات والمبالغ الضخمة التي تصرف على رحلات تضم الوزراء والنواب.

وليس بعيداً، توقفت المصادر عند مشروع رفع الحد الأدنى للأجور في مصلحة سكة الحديد، وشددت المصادر على أن الأمور تدعو للسخرية، قائلة كيف يمكن لحكومة تتجه لتخفيض معاشات التقاعد والأجور، أن تضع مشروعاً كهذا على جدول الأعمال في حين يفترض أن ينص المشروع على توزيع موظفي سكك الحديد على دوائر الدولة لا سيما أن لا أعمال يقومون بها؟

وأشارت مصادر وزارية لـ«البناء» إلى ان الاتصالات نشطت في الساعات الماضية ولا تزال متواصلة بهدف تحقيق التفاهم حول الموازنة، مشيرة الى أن الأمور ليست واضحة بعد لجهة وضع الموازنة على طاولة مجلس الوزراء الخميس بإضافتها في ملحق، لافتة الى ان حزب الله لم ينته بعد من دراسة الموازنة وهو سيقدم موقفه اليوم الأربعاء، معتبرة أن الامور قد تذهب وفق سيناريو يقوم على أن يتناول مجلس الوزراء الموازنة بشكل عام، ليتم في نهاية جلسة الخميس توزيعها على الوزراء، وبعد ذلك تشكيل لجنة لدراستها ليلي ذلك إقرارها من مجلس الوزراء وإحالتها الى مجلس النواب. ومع ذلك، اشارت المصادر الى تعدد الرؤى من الإجراءات التي سترافق الموازنة، فبينما يؤكد الرئيس ميشال عون ان الإجراءات التقشفية لن تطال أصحاب الدخل المحدود، وكذلك حزب الله، رأت المصادر أن الرئيس سعد الحريري في المقابل يدفع الى تخفيض الأجور ومعاشات التقاعد والتقديمات الاجتماعية، بالتوازي مع دفاعه عن المصارف وسياساتها عطفاً على اتخاذ قرارات من شأنها أن تعفيها من موجب تسديد الضريبة على ربح الفوائد، لفتت المصادر في هذا السياق، الى احتمال أن يلتقي الرئيس عون والرئيس الحريري في الساعات المقبلة لبلورة الأمور.

إقرأ المزيد في: لبنان