لبنان
الموفد القطري يستبق زيارة لودريان.. والسيد نصر الله: علينا قراءة تاريخ لبنان لنستفيد من العبر
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله التي دعا فيها الى تحصين الوضع الداخلي في لبنان بوجه أي مخاطر تهدّد وحدته والعيش المشترك والسلم الأهلي فيه، داعياً إلى قراءة التاريخ كي لا نكرّر الحروب الأهلية.
كما تناولت الصحف مسألة وصول الموفد القطري الى بيروت لجسّ النبض واستطلاع المواقف فيما خصّ الملف الرئاسي والتي تسبق عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان.
"البناء": الموفد القطري في بيروت للتأقلم مع الفراغ.. والسيد نصر الله للتعلم من التاريخ تفاديًا للحروب
تواصلت القراءات السياسية في بيان اللجنة الخماسية التي انعقدت في الدوحة، بمشاركة فرنسية وسعودية وأميركية ومصرية إضافة لقطر، وبرز إجماع سياسيّ وإعلامي على أن البيان يعلن عدم وجود أي مبادرة يمكنها أن تشكل باباً للخروج من الاستعصاء الحاكم في الملف الرئاسي، وأن التأقلم مع الفراغ هو عنوان المرحلة. وفي هذا السياق تمّت قراءة وصول الموفد القطري الى بيروت، حيث الاتصالات التي يجريها تحت عنوان المزيد من جسّ النبض واستطلاع المواقف، تسبق عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الذي سيواصل مهمته الأصلية وهي الاستماع لمقترحات الأطراف المحلية دون تقديم مبادرة معينة. وفي التعامل مع الفراغ المرشح للاستمرار اهتمام بملفين رئيسيين، الأمن والمال.
جاء كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الليلة الأولى لإحياء مناسبة عاشوراء، في سياق الدعوة لتحصين الوضع الداخلي بوجه أي مخاطر تهدّد وحدته والعيش المشترك والسلم الأهلي فيه، داعياً إلى قراءة التاريخ لأن، “التاريخ مهم جدًا ويجب أن نطلع عليه ونستفيد منه، وأنا أشدّد على قراءة تاريخ لبنان كي نستفيد من عبر التاريخ حتى لا نكرّر تلك التجارب وحتى لا يعود الشعب اللبناني إلى الحروب الأهلية”.
في الملف المالي كانت شهادات النواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان، أمام لجنة الإدارة والعدل في المجلس النيابي، لتكشف عن فضيحة قانونية تتمثل بتفرّد الحاكم رياض سلامة بالقرارات دون أخذ اعتراضات نوابه بعين الاعتبار مستقوياً بدعم الحكومة ورئيسها خصوصاً، وقد فتحت الانتفاضة المتأخرة لنواب الحاكم وما تضمنته مقترحاتهم وأرقامهم، الباب أمام نقاش جدي لرسم سياسة نقدية لتصحيح المسارات السلبية التي حملتها مرحلة سلامة، الذي يتواصل التحقيق القضائي معه ومع فريقه، خصوصاً أن أرقام نواب الحاكم تؤكد جوهر اعتراف تقرير صندوق النقد الدولي، بأن لبنان نجح في التأقلم مع الأزمة، ما يعني وجود موارد يمكن توظيفها في خطة التصحيح بدلاً من هدرها في السياسات الخاطئة.
في ملف النازحين السوريين، من جهة قام وزير الخارجية عبدالله بوحبيب بالتوجه بطلب موعد لزيارة وفد من وزارة الخارجية اللبنانية إلى سورية لفتح النقاش حول ملف عودة النازحين، خلال لقاء جمع بوحبيب في وزارة الخارجية مع القائم بالأعمال السوري الدكتور علي دغمان، بينما كان التيار الوطني الحر يبادر إلى تنظيم تظاهرة احتجاجية أمام الممثلية الأوروبية في بيروت، على ما ورد في قرار البرلمان الأوروبي حول إلزام لبنان ببقاء النازحين السوريين فيه.
وفيما لا يزال قرار البرلمان الأوروبي حول النازحين السوريين وتداعياته على لبنان يتصدّر الاهتمام الرسمي، تتجه الأنظار الى ما ستتجه إليه الأمور في ما خصّ انتقال صلاحيات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى نائب الحاكم الأول وسيم منصوري والنواب الثلاثة الآخرين.
وبعدما عزف النواب الأربعة عن خيار الاستقالة والتوجه الى تحمل المسؤولية مع شروط مطلوبة من الحكومة والمجلس النيابي لتشريع عملهم بعد 31 تموز الحالي، علمت «البناء» أنه «بعدما تبيّن أن تلويح نواب الحاكم بالاستقالة مجرد قنبلة صوتية ولم تأتِ مفاعيلها ومبتغاها، انتقلوا الى مناورة بالذخيرة الحيّة في السوق السوداء عبر التصريحات المتتالية للنواب بالتوجه الى وقف منصة صيرفة تدريجياً ما أدى إلى ارتفاع سعر الصرف السبت الماضي الى حدود المئة ألف قبل بيان مصرف لبنان، وذلك بهدف الضغط لتعيين حاكم جديد أو الاستحصال من السلطة السياسية على تشريعات من المجلس لتسهيل مهمتهم في الحاكمية بعد 31 الشهر الحالي، ولهذا كان الاجتماع الذي جمع نواب الحاكم مع لجنة الإدارة والعدل أمس».
وأعلن رئيس اللجنة النائب جورج عدوان أن «النواب أبلغوا مراراً عن عدم قناعتهم بما يقوم به حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، ولكن من دون أن يلقوا آذاناً صاغية، وهم لا يريدون أن تنتهي ولاية الحاكم بأن يطلب منهم القيام بما هم غير مقتنعين به».
وعن خلافة النائب الأول وسيم منصوري لسلامة قال عدوان، إن «المادة 25 من قانون النقد والتسليف واضحة لجهة استلام النائب الأول مهام الحاكم، وبدا واضحاً خلال الجلسة أن النواب على استعداد لتحمل مسؤولياتهم». وكشف «أننا سندعو رئيس الحكومة أو من ينتدبه لاجتماع يوم الخميس المقبل ليعرض النواب خطتهم أمام الحكومة، وللاتفاق على الخطوات التالية».
وحذرت مصادر معنية عبر «البناء» من سيناريو يبدأ بوقف العمل بمنصة صيرفة، ما يزيد الطلب على الدولار في السوق السوداء بكميات كبيرة من التجار والشركات وغيرهم، ما يرفع الدولار 10 آلاف ليرة يومياً بغياب أي آلية للجمه بسبب غياب حاكم، وبعدها يخرج نواب الحاكم ليعلنوا عدم قدرتهم على مواجهة جنون الدولار بتصريف الأعمال في الحاكمية، ما يرفع الضغوط على القوى السياسية لتعيين حاكم أصيل، لا سيما تلك التي تعارض التعيين كحزب الله والتيار الوطني الحر، متوقعة أن يستمرّ الضغط بسلاح الدولار حتى فرض تعيين حاكم جديد، وسيتزامن ذلك مع خلق ظروف أمنية تدفع المصارف الى الإقفال.
وجزمت المصادر بأن الحكومة لن تمدّد للحاكم، كما لن يجري تعيينه رسمياً. ونقلت المصادر عن الحاكم رياض سلامة رفضه البقاء في الحاكمية بصفة مستشار، كما اشترط ضمانات بحال تم التمديد له.
وأشارت مصادر حكومية لـ»البناء» الى أن «الحكومة لن تذهب الى إجراء تعيينات في الحاكمية في الوقت الراهن بسبب الخلافات السياسية القائمة، ولكي تمنح الوقت لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة لإنجاز التعيينات في كل المواقع الأساسية، لكن بحال طال أمد الفراغ، فلن تقف الحكومة مكتوفة اليدين لكون المكلفين إدارة المواقع الشاغرة بالوكالة لا يستطيعون الاستمرار بتصريف الاعمال لوقت طويل والى ما شاء الله، لذلك ستتدخل الحكومة لملء الشغور، لا سيما في الحاكمية وقيادة الجيش».
وعلمت «البناء» أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سيعود الى لبنان اليوم ويبدأ بدراسة الملفات المطروحة والملحّة، كما علمت أن مجلس الوزراء سيعقد جلسة الاثنين المقبل على جدول أعمالها مشروع الموازنة، كما سيعقد المجلس جلسة خاصة لمناقشة قرار البرلمان الأوروبي بما يتعلق بالنازحين لكن لن تخرج بأي قرارات حاسمة بل ستبقى في العموميات.
واتهمت مصادر سياسية عبر «البناء» رئيس الحكومة ووزير الخارجية بالتهرّب من مواجهة القرار الأوروبي وذلك من خلال سفر ميقاتي قبل صدور القرار وانسحاب الوزير عبدالله بوحبيب من الوفد الوزاري المكلف بزيارة سورية لمناقشة خطة عودة النازحين.
وعلمت «البناء» أن الوفد الوزاري اللبناني سيزور سورية قريباً للبحث مع السلطات السورية أزمة النزوح والخطة المطروحة لعودتهم التدريجية والتنسيق بين الحكومتين على هذا الصعيد.
ونفّذ مناصرو «التيار الوطني الحر» تظاهرة أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي رفضًا لتوطين النازحين السوريين. وخلال مشاركته في التجمع، ذكر النائب السابق حكمت ديب أنّ «المطلوب اليوم رحيل النازحين السوريين وندعو لا ندعو للعنف وسوف نبقى نطالب برحيل النازحين السوريين»، مشيرًا إلى أنّه «على أوروبا أن تعلم أنه يوجد إرهاب ودعارة داخل المخيمات»، مؤكدًا عدم القدرة على التحمل.
كما أثار نواب تكتل «لبنان القوي» القرار الأوروبي في مجلس النواب. واتهم النائب سيمون أبي رميا الدولة اللبنانية والسلطة التنفيذية «باللامسؤولية وبالتقاعس لعدم القيام بمهامهما في ملف النزوح السوري». واعتبر خلال مشاركته في اجتماع لجنة الشؤون الخارجية النيابية لمناقشة ملف النزوح السوري أن «المجتمعين الدولي والأوروبي متواطئان لإبقاء النازحين السوريين في لبنان ما يشكل كارثة وجودية». وطالب رئيسَ اللجنة النائب فادي علامة بـ»التوجه بكتاب لأعضاء البرلمان الأوروبي الـ٧٠٥، بصفته أيضًا رئيس لجنة الصداقة بين مجلس النواب اللبناني والبرلمان الأوروبي لشرح تداعيات النزوح على الوضع اللبناني». وشدّد ابي رميا على «أهمية أن تنعقد الهيئة العامة لمجلس النواب لاتخاذ قرار واضح وجامع برفض البند الثالث عشر من قرار البرلمان الأوروبي المتعلق بالنزوح السوري».
الى ذلك وبعدما زادت عمليات اقتحام المصارف من المودعين، أعلنت جمعية مصارف لبنان في بيان، أنها «ستضطر إلى العودة إلى التدابير التنظيمية السابقة، في حال لم تتوقف الاعتداءات عليها، وذلك تجنباً لحصول ما لا تُحمَدُ عقباه».
"الأخبار": الأزمة إلى المربّع الأول: الشغور الرئاسي إلى أجل غير مسمّى
بعد عشرة أشهر على بيان نيويورك الثلاثي جاء بيان الدوحة، أول من أمس، ليعيد الأزمة في لبنان إلى المربع الأول، ويضعه مجدداً أمام أشهر جديدة من الأزمة، ويعيد باريس إلى مسلّمات عربية وغربية
مفارقة خطاب السفيرة الفرنسية السابقة في لبنان آن غريو، في احتفال 14 تموز قبل مغادرتها بيروت، أنه حظي بإعجاب معارضي حزب الله، فيما انتقده بحدّة ممثل الثنائي في الحكومة وزير الثقافة محمد مرتضى، إذ ان غريو هي من صاغت خيوط التواصل بين إدارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحزب الله منذ تعيينها في لبنان، ودعمت توجه فريق الإليزيه بفتح خطوط تواصل مع الحزب موجّهة انتقادات حادّة إلى قوى معارضة، وقفزت فوق سياسة الخارجية الفرنسية قبل أن يغادرها الوزير السابق جان إيف لودريان، وروّجت لتسوية سليمان فرنجية - نواف سلام، في باريس، تارة بذريعة أن الرئيس نبيه بري زيّن لها أن التسوية مقبولة، وأخرى بذريعة تسجيل انتصار دبلوماسي. وفي الحالتين، أسفرت دبلوماسية غريو عن انتقالها خارج لبنان، وإن حاولت قبل خروجها منه استلحاق الانقلاب الجديد في السياسة الفرنسية. فيما حمل وزير الثقافة بكلامه عن خطابها موقفاً مغايراً للهجة الأشهر الماضية ووجهة فرنسية جديدة اعتبرها حزب الله ارتداداً عقب تعيين لودريان، لكنه بقي يتعامل معها بهدوء حتى صدر بيان اللجنة الخماسية.
فكلام غريو جاء قبيل لقاء أعضاء اللجنة الخماسية في حضور لودريان، ليصدر بيان لم يكن مفاجئاً فيه سوى أنه كرّس وقائع عملانية كان السعوديون والقطريون يتحدثون عنها منذ أشهر. وفقاً لذلك، سيكون لبنان أمام أشهر جديدة من التحدّيات التي لا يتوقّع أيّ من المشاركين في اجتماع الدوحة أن تكون بالسهولة التي يتعامل بها القادة اللبنانيون مع مرحلة الدوحة وما بعدها.
فسرعة الاستنتاجات قبل صدور البيان عكست تقليلاً من أهمية الأدوار السعودية والقطرية والأميركية، إذ جرى تعميم جو بأن القاطرة الفرنسية ستجرّ اللقاء إلى خطوة ما ستضع الجميع أمام المحك، من دون الاعتراف بأن شيئاً ما تغيّر في تعامل أعضاء اللجنة الخماسية مع باريس، وما حصل أثبت ذلك. فالبيان كرّس، مرة أخرى، مضمون اللقاء الثلاثي (الأميركي - الفرنسي - السعودي) في نيويورك في أيلول الماضي، ما يعني إضاعة عشرة أشهر من تكرار النقاش قبل انتهاء عهد العماد ميشال عون وبعده، حول نقاط محسومة سلفاً بالنسبة إلى واشنطن والرياض وخلفهما الدوحة. وهو حسم أيضاً الخلاف الذي اندلع بين أعضاء اللجنة في اجتماع باريس الماضي، ما حال دون صدور بيان مشترك عنه، كما حسم مرحلة ضبابية بالنسبة إلى لبنان بشقَّيه المعارض والمؤيّد للحزب والشروط الرئاسية التي يطالب بها في ملف الرئاسة. فبعد التفاهم السعودي - الإيراني، خشي بعض المعارضين من ترجمة هذا التفاهم تنازلاً سعودياً لمصلحة تسوية فرنجية، وتسرّع مؤيدو الأخير في تفسير التفاهم على أنه تأييد له، بدعم فرنسي ومباركة الرياض. ورغم أن التفاهم السعودي - الإيراني لم ينتج بعد أكثر من هدنة ظرفية في اليمن، إلا أن التشكيك ظل قائماً حتى بين أقرب المقرّبين من الرياض.
خلال زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لفرنسا منتصف حزيران الماضي، طلب ماكرون بوضوح إعطاء باريس فرصة جديدة للقيام بعمل ما في لبنان، وإبعاد أي دور قطري في وقت كانت الدوحة تستعد لإرسال موفد لها بعد جولة أولى من حوارات في بيروت. تلبية الرياض لطلب باريس سبقها تمهيد فرنسي بتعيين لودريان موفداً إلى لبنان، والأخير من غير المحبّذين لتسويات كالتي كان يصيغها فريق الإليزيه.
لم يكن لودريان في حاجة إلى إجراء جولة في لبنان كي يدرك - وهو العارف بتفاصيل اليوميات اللبنانية - أن فكرة الحوار التي جرّبت فرنسا سابقاً القيام بها أكثر من مرة ستصل إلى حائط مسدود من دون تغطية عربية وأميركية، فكل تجارب الحوار التي تستنفد وقتاً للتحضير والمناورات والسجالات واللقاءات، لا تنتج حلاً واضحاً. وما حصل في الدوحة عام 2008 كان مغايراً تماماً، إذ فرضت واشنطن إيقاعها فنضجت الطبخة سريعاً. أما اليوم، فلا ضغط أميركياً ولا سعودياً، ولا نية داخلية لدى أفرقاء في المعارضة بتلبية دعوة مماثلة. علماً أن هذا الموقف لا يستهدف شخص لودريان بذاته، بل هو تصويب على الدور الفرنسي الذي ساهم في إيصال طرح فرنجية إلى المواجهة التي جعلت حزب الله يتشدد في شروطه بتغطية فرنسية.
أعطت الرياض باريس ما كانت تطلبه، لكنها لم تعطها مهلة مفتوحة. وفرنسا التي كانت تفضّل الحصول على مزيد من الوقت لموفدها، اصطدمت بحدّين، أولاً: إن السعودية لم تنجرّ وراء الاجتهادات التي أعطت موقفها في جلسة 14 حزيران وما تلاها أبعاداً مغايرة لحقيقة موقفها بعدما ساهم سفيرها في لبنان وليد البخاري في تذكيتها. ثانياً: إن المشاركين باتوا على قناعة بأن دورها المنفرد صار محاطاً بعلامات استفهام، وأن عدم الإجماع على ترشيح اسم ما لدعمه لا يعني أن الاسم غير موجود لدى البعض منهم، وأنه أُبلغ إلى معنيين بالملف الرئاسي. كما يعرف المشاركون أن وقت التسوية لم يحن بعد، وأن واشنطن لم تلق بثقلها في الملف الرئاسي أو في وضع لبنان ومستقبله. إضافة إلى التسليم العملي بأن وجود إيران على الطاولة ضروري، لكنّ ظروف هذه التسوية لم تنضج بعد. ستتحرك قطر عاجلاً أم آجلاً تجاه لبنان، وسيكون هناك أكثر من لقاء وتواصل بين عواصم اللجنة وبيروت، وسيكون لباريس أن تراجع ما حصل وانعكاس ذلك على علاقاتها بحزب الله والمعارضة. لكنّ الخلاصة، بالنسبة إلى لبنان، تبقى: مزيد من إضاعة الوقت واستمرار الشغور الرئاسي إلى أجل غير مسمى.
"النهار": تنسيق فرنسي – سعودي مفتوح بعد "الخماسية"
لم يسقط البيان المشترك الصادر عن المجموعة الخماسية التي انعقدت الاثنين الماضي في الدوحة بردا وسلاما على الفريق الداخلي الذي لا يزال يعتمد المكابرة في التنكر لدوره التعطيلي للاستحقاق الرئاسي، ويمضي قدما في رفع شعار "الحوار" لملء الوقت الضائع تغطية لدوامة التعطيل. فمع ان المشهد الداخلي غلب عليه الترقب الحذر غداة لقاء اللجنة الخماسية في شأن لبنان التي تضم ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر، فان ذلك لم يحجب ما تسرب وما يدور في الكواليس السياسية لجهة استشعار الفريق الممانع خصوصا بوطأة ثقيلة لعوامل ومواقف اظهرها البيان المشترك للمجموعة الخماسية لم تكن في حسبان هذا الفريق، ولو ان ذلك لا يعني في المقابل ان الفريق الخصم المعارض سيحصد مكاسب حتمية في مقابل ذلك. والواضح ان العوامل الأساسية التي شكلت صدمة غير معترف بها من الفريق "الممانع" تمثلت في ثلاثة هي: انتهاء الحصرية في الدور الفرنسي الذي يتوقع ان تطلق باريس إشارات وشيكة الى انخراطها الكامل مع شركائها الأربعة في المجموعة الخماسية بما يرجح تاليا، في المعطى الواقعي الرئاسي، نهاية تبني فرنسا لمرشح الثنائي الشيعي رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، ولو ظل الثنائي متمسكا بترشيحه من دون أي تراجع. وعدم وجود غطاء خماسي لاي طرح حواري بالمعنى والدلالات التي كان الفريق الممانع يسعى اليها من خلال إصراره على استباق الحوار لانتخاب رئيس الجمهورية، في حين جاء بيان الخماسية حاسما لجهة الحض على احترام واتباع المسار الدستوري بالانتخاب الرئاسي من دون أي شروط . وأخيرا التلويح بالعقوبات على المعرقلين لمسار انتخاب رئيس الجمهورية بما يعنيه من توجيه رسالة واضحة باعتماد نبرة متشددة في هذا الشأن.
وبدا لافتا انه وسط الترقب اللبناني لما يلي اجتماع الدوحة لجهة رصد الموقف الفرنسي، أفادت المعلومات ان الموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان الوزير السابق جان ايف #لودريان الذي شارك في اجتماع الدوحة، انتقل الى جدة في المملكة العربية السعودية للقاء وزير الخارجية السعودي محمد بن فرحان قبل ان يعود الى باريس. واكتسب ذلك دلالة بارزة لجهة توثيق وتقوية التنسيق القائم والمتجدد بين فرنسا والمملكة العربية السعودية حيال الملف اللبناني، اذ سبق للموفد لودريان ان اجتمع في الرياض الأسبوع الماضي مع المستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء نزار بن سليمان العلولا والذي ترأس الاثنين وفد بلاده الى اجتماع اللجنة الخماسية في الدوحة.
وافادت وكالة الانباء السعودية "واس" ان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان استقبل في جدة امس لودريان، في حضور المستشار بالأمانة العامة لمجلس الوزراء نزار العلولا، وسفير الجمهورية الفرنسية لدى المملكة لودفيك بوي. وجرى خلال اللقاء "استعراض العلاقات الثنائية بين المملكة وفرنسا، وسبل تكثيف التنسيق المشترك في العديد من المجالات، بالإضافة إلى مناقشة آخر تطورات الملف اللبناني، والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة بشأنها".
ومتابعة للاجتماع الخماسي في العاصمة القطرية الدوحة، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية امس أنّ اللجنة الخماسية "دعت البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس"، والسياسيين اللبنانيين إلى "اتخاذ خطوات فورية لكسر الجمود". وايدت مضمون البيان .
ملف الحاكمية
على ان الملف الاخر الاخذ في التوهج والذي يشغل الجميع يتمثل في اقتراب نهاية ولاية حاكم المركزي رياض سلامة في 31 تموز الحالي، وفي اطار الاستعدادات النيابية والحكومية لهذا الاستحقاق اجتمعت امس لجنة الادارة والعدل بنواب الحاكم الأربعة. واعلن رئيس اللجنة النائب جورج عدوان أن الجلسة كانت مهمة "لجهة معرفة ما اذا ما كان النواب الأربعة يتجهون للاستقالة ولتحميلهم مسؤولية هذه الخطوة"، واعلن ان "جوابهم كان واضحاً لجهة أنهم اصدروا البيان لتأكيد الحاجة لمعالجة جدية للوضع من خلال عقد اجتماع مع الحكومة، ليبنى على الشيء مقتضاه. وأكد النواب أنه أبلغوا مراراً عن عدم قناعتهم بما يقوم به حاكم المصرف المركزي رياض سلامة ولكن من دون أن يلقوا آذاناً صاغية، وهم لا يريدون أن تنتهي ولاية الحاكم بأن يطلب منهم القيام بما هم غير مقتنعين به". وعن خلافة النائب الأول وسيم منصوري لسلامة قال عدوان، إن "المادة 25 من قانون النقد والتسليف واضحة لجهة استلام النائب الأول مهام الحاكم، وبدا واضحاً خلال الجلسة أن النواب على استعداد لتحمل مسؤولياتهم". وكشف "اننا سندعو رئيس الحكومة أو من ينتدبه لاجتماع يوم الخميس المقبل ليعرض النواب خطتهم أمام الحكومة، وللاتفاق على الخطوات التالية" .
ضد توطين النازحين
وسط هذه الأجواء اطلق "التيار الوطني الحر" امس تحركات تعبر عن مناهضة ورفض قرار البرلمان الأوروبي في شأن النازحين السوريين في لبنان ، ومنها عقد مؤتمر صحافي لعدد من نوابه في مجلس النواب ومن ثم تنظيم اعتصام لانصاره مساء امام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي في وسط بيروت .
يشار في هذا السياق الى وزير الخارجية عبد الله بو حبيب اجتمع امس "بناءً لتوجيهات رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي" مع القائم بأعمال السفارة السورية في لبنان علي دغمان، "وأبلغه برغبة الحكومة تشكيل وفد من وزارة الخارجية والمغتربين لزيارة دمشق وإجراء مشاورات سياسية إقليمية ودولية، والبحث بالقضايا المشتركة ومنها قضية النازحين السوريين في لبنان ".