معركة أولي البأس

 

لبنان

ملف الرئاسة اللبنانية دخل في غيبوبة طويلة قد تمتد إلى ما بعد نهاية الصيف
06/07/2023

ملف الرئاسة اللبنانية دخل في غيبوبة طويلة قد تمتد إلى ما بعد نهاية الصيف

أولت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الخميس 6 تموز/ يوليو 2023 اهتمامها في افتتاحياتها ومقالاتها الرئيسية لحالة الجمود المسيطرة على ملف رئاسة الجمهورية، وتداعيات جريمة بشري القضائية والأمنية والسياسية، وتراجع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن تشكيل لجنة لدرس مسألة النزاعات حول الحدود العقارية.

البناء

وفيما دخل الملف الرئاسي ومعه عجلة الدولة بمعظم مؤسساتها وأجهزتها الأساسية بدوامة الجمود والفراغ والشلل بانتظار زيارة مبعوث الرئاسة الفرنسية الى لبنان أواخر الشهر المقبل، برزت وفقًا لصحيفة «البناء» ثلاثة مواقف سياسية هامة: الأول: دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي الى عقد مؤتمر دولي من أجل لبنان، ما يحمل إشارات خطيرة على انسداد أبواب الحل الداخلي والعجز عن حل الأزمة اللبنانية بتسوية رئاسية والتوجّه الى تدويل الملف اللبناني. الثاني: إعلان التيار الوطني الحر انفتاحه على «أي حوار يساعد على إنتاج رئيس والاتفاق على الخطوط العريضة لبرنامج تتولى تنفيذه الحكومة التي سيتم تشكيلها»، ما قد يعيد إحياء الحوار بين التيار وحزب الله وبالتالي يفتح كوة في جدار الاستحقاق الرئاسي. الثالث: حسم رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بأن حزب الله لا يريد تغيير النظام رداً على اتهامات البعض للحزب، بأنه يريد إطالة أمد الفراغ الرئاسي لجر الأطراف لحوار على صيغة النظام، ما يحمل إشارات للداخل وللخارج بأن الحزب لا يزال يعمل تحت سقف الطائف والدستور.

وشدد المجلس السياسي للتيار في اجتماعه الدوري الذي عقده برئاسة النائب جبران باسيل إلى أن «سلوك بعض الكتل النيابية والقوى السياسية يوحي بأنها تدفع باتجاه التطبيع مع الفراغ الرئاسي الذي يهدّد بالتمدُّد الى مواقع أخرى في وظائف الفئة الأولى التي يشغلها المسيحيون عرفاً. ما يهدد الشراكة الوطنية مما يحمّل المجلس النيابي مسؤولية إجراء الانتخابات الرئاسية إما عبر حوار يمهّد للاتفاق على اسم الرئيس أو بالذهاب الى التصويت وليفز من يملك الأكثرية ولتبدأ بعدها عملية تكوين السلطة على اسس سليمة». ولفت الى أن «التيار الوطني الحر منفتح على أي حوار يساعد على إنتاج رئيس والاتفاق على الخطوط العريضة لبرنامج تتولى تنفيذه الحكومة التي سيتم تشكيلها».

ورأت مصادر سياسية بكلام التيار تغييراً في موقفه باتجاه أكثر ليونة ورسالة الى حزب الله لفتح حوار على كافة الخيارات، موضحة لـ«البناء» أن التيار لا يمانع الحوار على كامل المرحلة المقبلة أي على البرنامج الرئاسي وتحديد الأولويات الاقتصادية والمالية والاجتماعية وهوية الحكومة الجديدة التي تستطيع تطبيق هذا البرنامج ما يسهل اختيار الرئيس الذي يناسب الأولويات ويسهل تنفيذ البرنامج.

وأعاد البطريرك الراعي من جديد طرح المؤتمر الدولي. ولفت في كلمة له من بكركي، إلى أنه «طالب بمؤتمر دولي للبنان بعدما هرب السياسيون اللبنانيون من الحوار لأنهم مرتهنون لمصالحهم الخاصة»، مشيراً الى ان لا «خلاص للبنان اذا ما بقينا على ما نحن عليه»، لافتاً الى ان «لبنان مريض ولا يريد المسؤولون معالجة مرضه او معرفة سببه… ولا يحق للمسؤولين تدمير دولة وشعب من خلال تدمير النظام والدستور»، مجدداً رفضه أن «يكون العمل السياسي للخراب والهدم».

بدوره، لفت مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في تصريح إثر عودته من مكة أن انتظار تسوية ما لانتخاب رئيس للجمهورية هو مزيد من الاهتراء والتفكّك في مفاصل الدولة. وقال «فليكن الحوار ضمن الأطر الدستورية هو البداية لبلورة الأفكار للتوصّل إلى حلّ يفضي بانتخاب رئيس للجمهورية، فلا يجوز التأخير والتصلّب في المواقف، ما يفيدنا هو التشاور والتلاقي والتواصل والتنازل لبعضنا البعض، لقد أصبحت مؤسّسات الدولة في وضع حرج، وإذا لم نتدارك الأمر ربما نصل إلى الإفلاس، والفوضى على كل المستويات وعندئذ لا ينفع الندم».

وأكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد «التزام حزب الله باتفاق الطائف، وعدم رغبته في تعديل أي حرف منه»، وقال في كلمة القاها في معلم مليتا السياحي: «لن ندعو لتعديل شيء في الطائف، ونحن نريد فقط تطبيق نصه». وأشار إلى أننا «لا ندعو إلى صيغة سياسية جديدة، وكفى تشويشًا على أنفسكم وعلى الناس وإطلاق الأكاذيب والتحريض ضدنا». واعتبر أن «إذا ما طُبّق الطائف كما ورد في نصه، لتمكنا من تجاوز العديد من المشاكل والأزمات، فنحن أهل الالتزام وليس بمقدور أحد أن يعلّم علينا في هذا الأمر». وقال: «عندما نجِدُ نحن والطرف الآخر صعوبات في أن نلتزم في ما اتفقنا عليه، نبحث مع بعضنا البعض في كيفية تجاوز هذه الصعوبات، لأننا لا نعود عن التزاماتنا على الإطلاق».

وترأس رئيس مجلس النواب نبيه بري بمناسبة الخامس من تموز يوم شهيد «أمل»، اجتماعاَ استثنائياً للمجلس المركزي في الحركة قدم خلاله بري شرحاً للأوضاع السياسية في لبنان والمنطقة وموقف الحركة منها، كما بحث المشاركون في المجلس شؤوناً تنظيمية واتُخذت بشأنها القرارات الملائمة.

وبقيت جريمة بشري في واجهة المشهد بتداعياتها القضائية والأمنية والسياسية. واندلع سجال بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي رأى أن ميقاتي «تجاوز بقراره البارحة تشكيل لجنة لدرس مسألة النزاعات بين الحدود العقارية، حد السلطة بشكلٍ غير مفهوم إذ إنّ مسألة النزاعات بين الحدود العقارية هي من صلاحيات السلطات القضائية وليس السياسية». معتبراً «أنّ ملف تحديد الحدود العقارية في منطقة القرنة السوداء، هو بعهدة السلطة القضائية منذ ثلاث سنوات، وأعمال المسح والتحديد تجري على قدم وساق، ولو ببطءٍ».

كلام جعجع استدعى رداً من ميقاتي عبر مكتبه الإعلامي الذي كشف أن ميقاتي اتصل برئيس اللجنة وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، وطلب منه التريث في دعوة اللجنة الى الانعقاد، وبالتالي تجميد عملها، كما اتصل بوزير العدل هنري خوري وطلب منه متابعة الملف مع مجلس القضاء الاعلى لتسريع البت بالملفات القضائية ذات الصلة.

لكن القوات عادت وردت على ميقاتي مشيرة الى أن «اتصال رئيس الحكومة برئيس اللجنة المشكلة خلافاً للدستور والقانون، وطلب التريث في دعوة اللجنة للانعقاد، لا يكفي، إنما يفترض أن يصدر قراراً بإلغاء هذه اللجنة وليس تجميدها». كما اعتبرت أن «اتصال رئيس الحكومة بوزير العدل لمطالبته بمتابعة الملف مع مجلس القضاء الأعلى، يجب أن يترافق مع اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتسهيل عمل القاضي العقاري، إظهاراً للحقوق وبياناً لها».

وكان البطريرك الراعي استقبل في بكركي، وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري. وقال الأخير بعد اللقاء «القاضي العقاري الحالي سبق وأتم 8 بنود بما يخص هذه الأرض وهو بالمقابل يصطدم بعقبات كثيرة»، مؤكداً أن التحقيقات في الملف جدية. اضاف أن «القاضي العقاري في الشمال أنجز 6 بلدات وأرسل مستندات وخرائط إلى أمانة السجل العقاري ولديه حتى آخر الصيف لإرسال المستندات في ما خص البلدتين بين القرنة السوداء وبشري».

ونفت معلومات «البناء» صحة الروايات التي تروّجها جهات سياسية واعلامية عن العثور على متاريس في القرنة السوداء لاستخدامها في عمليات القنص، مؤكدة بأن «التحقيقات لم تصل الى هذا العمق، ولم يتم العثور على أدلة واضحة وملموسة ولا فيديوهات أو داتا معلومات ترجح إحدى الفرضيات». وأوضحت أن «الأجهزة الأمنية والقضائيّة تجري تحقيقاتها مع الموقوفين كشهود وليس كمتهمين».

ووفق المعلومات، فإن الضحية الثانية سقطت إثر اشتباك بين قوة مسلحة كانت تتجه من بشري الى الضنية على خلفية سقوط الضحية الأولى، وبين وحدة من الجيش اللبناني حاولت منعهم من الوصول الى الضنية للحؤول دون توسع الاشتباك بين أهالي المنطقتين.

ورأت مصادر سياسية شمالية أن تداعيات الحادثة لم تنتهِ، مشيرة لـ«البناء» الى أن «بعض الجهات تعمل على النفخ في الفتنة للتحضير لأمر أو مخطط ما قد يجر المنطقة الى حالة تصعيد ويستدل على ذلك من خطابات بعض الجهات السياسية». ولم تلغِ المصادر «احتمال أن تخفي الجريمة مشروعاً سياسياً أمنياً في المنطقة في ظل الحديث عن الفدرالية».

وعن كلام بعض المرجعيات السياسية والروحية بأن القاتل معروف، تساءلت الأوساط: إذا كانت الأجهزة الامنية والقضائية المعنية لم تصل الى نتيجة نهائية للتحقيق، فكيف هؤلاء يعرفون؟ ولماذا لا يضعون معلوماتهم و«حقائقهم» في تصرف وعهدة الأجهزة الامنية والقضائية بلا رمي التهم في الإعلام جزافاً، ودعت الى عدم استباق التحقيق، واستغربت إطلاق العنان للاتهامات ضد أطراف سياسية، مشيرة الى أن بعض الجهات تقود حملة اعلامية سياسية مستغلة الجو الغضب السائد في المنطقة للتحريض على المنطقة المجاورة للنفخ في الفتنة.
وفضلت مصادر مقربة من النائب فيصل كرامي لـ«البناء» عدم الرد على الاتهامات والروايات المختلقة التي تسيء قبل انتهاء التحقيق وكشف ملابسات الجريمة ودوافعها بسرعة لقطع أي محاولة للتوظيف السياسي، مؤكدة بأننا «لن ننجر الى السجال ولأي مشروع فتنة يغذي مشاريع التقسيم».

الأخبار
بدورها رأت صحيفة "الأخبار" أن الملف الرئاسي دخل في غيبوبة طويلة، قد تمتد إلى ما بعد نهاية الصيف مع تأكيدات بأن جلسة 14 حزيران الماضي لانتخاب رئيس للجمهورية لن تعقبها أي دعوة لجلسة جديدة في المدى المنظور... إلا في حال حصول معجزة. فحتى الآن، بحسب مصادر مطّلعة، هناك فصل بين مسار الانفراج في المنطقة والملف اللبناني لأسباب شتى، أهمها أن الجانب الأميركي لا يزال يتصرّف وكأنه غير معنيّ بالأزمة، ولا يعتبر أن الوقت حان لكي يتدخّل بكل ثقله في ملف الانتخابات الرئاسية. أضف إلى ذلك أن الرياض لم تقدم على أي إشارة إيجابية جديدة في ما يتعلق بالمبادرة الفرنسية.

ولكن، رغم الانطباعات المتشائمة حيال ما آل إليه الاستحقاق الرئاسي من انقسام داخلي يتعذّر معه إلى وقت غير معروف انتخاب الرئيس، يحتفظ رئيس المجلس نبيه بري بحد أدنى من التفاؤل يعوّل عليه. ومصدر التفاؤل، كما يقول بري لـ«الأخبار»، توقّعه عودة الموفد الفرنسي الخاص جان إيف لودريان إلى بيروت بين 16 تموز و17 منه. ولم يستبعد أن تسبق الزيارة الثانية جولة لودريان على دول المنطقة المهتمّة بلبنان واستحقاقه كالسعودية وقطر و«ربما إيران».

وبحسب رئيس البرلمان، يعود الموفد الفرنسي بمشروع للحوار يلتقي فيه الأفرقاء اللبنانيين دونما أن تتضح بعد ملامحه، وما إذا كان سيُعقَد في لبنان أم خارجه؟ وهل يكون لبنانياً محضاً أم برعاية فرنسية أو خارجية. لكنه يجزم بأن «المكان الطبيعي لحوار وطني يجري في لبنان هو مجلس النواب. في إمكان كل كتلة أن تفوّض إلى رئيسها أن يمثّلها إلى طاولة الحوار»، مشيراً إلى أن آلية الحوار ومن يديره غير واضحة، مع تأكيده أنه يعد نفسه في الوقت الحاضر طرفاً كالآخرين بعدما أعلن تأييده ترشيح سليمان فرنجية.

ولفت رئيس المجلس إلى موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس، وتوجهه إلى الأفرقاء الممتنعين عن الحوار بأن البديل منه هو مؤتمر دولي، ملاحظاً بري أن البطريرك «للمرة الأولى يتوجه إلى الذين لا يريدون الحوار ويدعوهم إليه»، آخذاً على الأفرقاء «أنهم يغلّبون مصلحتهم الشخصية على المصلحة العامة».

وعما إذا كان يتوقّع أن تصدر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تعيينات جديدة، أجاب بري: «أنا مع تعيين الضرورة أياً تكن هذه التعيينات. في حكومة تصريف الأعمال عند الضرورات تباح المحظورات. لا يريدون مجلساً نيابياً يشتغل، ولا مجلس وزراء يشتغل، ولا نتفق على انتخاب رئيس للجمهورية. إذا كان عدم انتخاب الرئيس خطأ يُسجل علينا وعليهم، فما شأن المؤسسات الأخرى كي تُعطل عن العمل في الظروف الحالية. لا يستطيع قائد الجيش مغادرة البلاد دقيقة واحدة لأن الجيش يصبح بلا قائد».

إلى ذلك، قدّم بري في اجتماع استثنائي للمجلس المركزي لحركة أمل، أمس، سرداً مطوّلاً للتطورات منذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، وشرح الخطوات التي قامَ بها، ومن ضمنها الدعوة إلى الحوار. وأكّد أن دعمه لترشيح فرنجية ليس جديداً «فهو مرشحنا منذ عام 2014»، نافياً كل «الشبهات التي يحاول البعض رميها واتهامنا بها في ما يتعلق بدعمنا له حالياً». وأشار إلى أن «لا تطورات في ما يتعلق بالملف الرئاسي والجميع بانتظار ما سيحمله الموفد الفرنسي في زيارته المقبلة»، علماً أن «لا رهان كبيراً على الدور الفرنسي». لكنه عبّر عن قناعته بأن «التسوية الإيرانية - السعودية لا بد أن تنعكس على لبنان ولو متأخرة، فضلاً عن انعكاسات الاتفاق الإيراني - الأميركي».

إلى ذلك، كشفت مصادر مطّلعة أن لودريان لم ينته من كتابة التقرير الأخير عن زيارته للبنان ولم يلتق بعد أياً من ممثلي الدول الخمس المعنية بالملف اللبناني. وأشارت إلى أن «الكلام عن الحوار اللبناني برعاية الدول الخمس لم يُحسم بعد»، وهناك نقاش كبير حول جدول أعماله وآليته، كاشفة أن «السفارة الفرنسية مكلّفة بإعداد مسوّدة خاصة في هذا الشأن بناءً على اجتماعات ستعقدها السفيرة آن غريو مع عدد من المسؤولين اللبنانيين». وأشارت المصادر إلى «عدم وجود اتفاق بين القوى المحلية على أصل الحوار»، مؤكدة أن لودريان سمع من قوى عدة أن «الحوار إن حصل، يجب أن يكون محصوراً بموضوع الرئاسة وما يرتبط بها من ملفات، وأن الكلام عن حوار يطاول أصل النظام وإعادة البحث في موقع كل طائفة ومكتسباتها أمر غير وارد، ما يعني أن أقصى ما يُمكن القيام به هو دوحة 2».

وفي هذا السياق، أكّد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد أمس «التزام حزب الله باتفاق الطائف، وهو لا يريد أن يعدّل فيه حرفاً، ولن يدعو لتعديل شيء في الطائف». وقال: «في الداخل، نُمارس كل الأساليب الهادئة التي يمكن أن نتفاهم مع الآخرين من أجل أن نحقق مصلحة البلد، لكن الآخر صاير متوتر ما منعرف ليه».

لم تنجح محاولات الرئيس نجيب ميقاتي للتوصل إلى نواة تسوية حول إعطاء حكومة تصريف الأعمال «صلاحيات استثنائية»، خصوصاً في ما يتعلق بملف التعيينات التي سيؤدي عدم البت بها إلى مزيد من الفراغ في المؤسسات. وفي المعلومات أن ميقاتي يصطدم بعدم موافقة الثنائي أمل وحزب الله على الدعوة إلى جلسة تعيينات في حال لم يكن هناك توافق مع القوى المسيحية. وبالتالي فإن ما سيركز عليه رئيس الحكومة هو تمرير الموازنة في الأسابيع المقبلة.

الديار
بدورها تناولت صحيفة "الديار" الملف الرئاسي فرأت أن "الجمود سيد الموقف، والاتصالات الداخلية كرست استحالة انجاز انتخاب رئيس للجمهورية بتوافق داخلي مهما كلف الأمر".
ونقلت الصحيفة عن المتابعين للشأن اللبناني، أن الأجواء الداخلية السلبية ترافقها أجواء باردة خارجيًا وتحديدًا من السعودية، في ظل تعاملها مع الملف اللبناني بأنه ليس أولوية، والكلام الذي سمعه ماكرون من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن «تعبه» وملاحظاته على الطبقة السياسية ونشرته صحيفة لوموند الفرنسية، عاد وكرره ابن سلمان في لقاءاته مع رؤساء مصر وسوريا والعراق والاردن، وفي المعلومات المؤكدة، ان السعوديين طلبوا من لودريان ان يأتي إلى الرياض حاملًا مبادرة شاملة للحل لتجري مناقشتها، كونهم لا يملكون تصورات جاهزة، وفي المعلومات ان التوجه الفرنسي عنوانه الوحيد جمع الاطراف اللبنانية على طاولة الحوار بما فيهم حزب الله مع الرغبة في عقدها في الرياض و ببند وحيد «انتخاب رئيس للجمهورية».

وفي معلومات "الديار" أن موقف ولي العهد السعودي سمعه الرئيس ميقاتي من المسؤولين السعوديين وجها لوجه ويخشى عدم انجاز الحل الفرنسي قريبًا، مما يفرض تحصين الحكومة، واعداد مشروع مسودة الموازنة خلال اسبوع ومناقشتها في عدة جلسات حكومية، واقرار التعيينات العسكرية تفاديا لحدوث فراغ في منصب قائد الجيش.

وفي سياق آخر وردًا على ما نشرته قناة «كان» العبرية عن تفكيك المقاومة لخيمة في مزارع شبعا المحتلة، نقلت "الديار" عن مصادر متابعة لهذا الملف نفيها قيام المقاومة بتفكيك أي خيمة، وأكدت أن الخيمتين باقيتان «وتحل إسرائيل عن ظهرنا» وقرار تفكيكهما بيد المقاومة وحدها وهي تحدد التوقيت والزمان، فالخيمتان موجودتان منذ شهرين عند خط الانسحاب وليس الخط الأزرق، وفي أرض لبنانية، وهناك نقطة متقدمة للجيش اللبناني إلى جانبهما. وبعد إثارة الملف في الإعلام المعادي أحرج نتنياهو وتم تطويقه، وطلبت «إسرائيل» من الولايات المتحدة وفرنسا التدخل لدى الحكومة اللبنانية والضغط عليها لدفع حزب الله لازالتهما قبل التدخل بالقوة العسكرية، وتم تجاهل هذه التهديدات وكأن شيئًا لم يكن، وعندئذ تدخلت واشنطن مباشرة مع الخارجية اللبنانية وطلبت إزالة الخيمتين وان «اسرائيل» لا تريد تصعيدًا او مواجهة مع حزب الله، لكن الحزب لم يتوقف عند الكلام الأميركي والتهديدات، والخيمتين باقيتان.

اللواء
كذلك رأت صحيفة "اللواء" أن ملف الرئاسة خارج التداول، معتبرة أن مشروع موازنة العام 2023 تقدّم على ما عداه، ضمن توجُّه حكومي لإنجازه في غضون عشرة أيام أو أسبوعين، في وقت طلب فيه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي تجميد العمل بموضوع اللجنة الوزارية - العسكرية - الفنية لدراسة مناطق النزاع على الاراضي والمياه، تحت وطأة انتقادات لخطوة تأليف اللجنة، واعتبار المسألة من اختصاص المحاكم العقارية والمدنية.

ومع اعطاء الاولوية لصيف هادئ، للاستفادة من موسم الاصطياف والتدفقات المالية والنقدية وحتى الاستثمارية، تراجع الاهتمام بملف الرئاسة الأولى، بحسب "اللواء" حتى كاد ان يكون خارج التداول، بانتظار أمر ما يطبخ في الخارج، وقد يتجاوز هذه المرة مسألة وصول شخص متفاهم عليه الى بعبدا، الى ما يمكن وصفه «بمقاربة فرنسية جديدة لحل الازمة في لبنان»، وأن التسوية ستكون شاملة سياسيًا وماليًا واقتصاديًا، وستتناول تعديل الدستور لجهة «المهل المتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة»، وفقاً لمصادر في «الثنائي الشيعي» على خط متابعة ما يتسرب من الاتصالات الجارية في الخارج، بعد انضمام ايران المفترض الى لقاء الخمسة، وبانتظار الاعلان عن ذلك، في ضوء ما يعتزم الموفد الشخصي للرئيس ايمانويل ماكرون جان ايف لورديان الى بيروت، للسعي الى انهاء الشغور الرئاسي.

لكن عودة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى الدعوة الى عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان يطرح القضايا الاساسية، بسبب ما وصفه بـ«عجز المسؤولين اللبنانيين عن التحاور لإيجاد حل لبلد يتفتت ويهاجر»، فاقم من ريبة «الثنائي الشيعي» لجهة ما اذا كانت بكركي تؤيد الذهاب الى دولة فدرالية؟
وحسب مصادر الثنائي فإن مثل هذه الدعوات «ما بتوصل لمحل وما بتوصل لحل».

ولاحظت مصادر سياسية ان التباعد يتزايد بين المراجع المعنية امنية كانت ام روحية، وأن من شأن تدويل التسوية على النحو المطروح، ان يسخن الخلافات الطائفية، لا سيما بين المسيحيين والمسلمين في خلافات يسخنها ايضاً ما يجري في هذه المنطقة او تلك.

النهار
من جهتها توقفت صحيفة "النهار عند تداعيات أحداث القرنة السوداء التي رأت أنها لم تقتصر فقط على المناخات المتوترة التي لا تزال ترخي بظلالها على قضاءي بشري والضنية، وإنما تمددت الى مفاعيل سياسية وقانونية وقضائية من منطلق ربط هذه الاحداث بالمشكلة العقارية والمائية بين القضاءين الشماليين. ولعل أبرز التعبيرات عن هذه التداعيات تمثل في اضطرار رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى التراجع عن قرار تشكيله لجنة وزارية موسعة للنظر في ملف الإشكالات العقارية والمائية في عدد من المناطق تحت وطأة اعتراضات فورية على هذه اللجنة بادرت اليها "القوات اللبنانية" وانضم اليها نائبا بشري. كما ان سهام الاعتراض على السياسات الحكومة اتسعت مع حملة متجددة لـ"التيار الوطني الحر" على الحكومة من منطلق تحذيرها من الاقدام على تعيينات في مواقع الفئة الأولى.

هذه المناخات المتوترة والمحتقنة بين قوى مسيحية بارزة والحكومة بدت بحسب "النهار" انعكاسًا لاتجاه الازمة الرئاسية نحو مزيد من الغموض الداخلي وسط انتظار الخطوات المتوقعة للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان والموعد الافتراضي لعودته الى لبنان وما اذا كان يعتزم فعلا القيام بجولة على بعض او كل عواصم دول المجموعة الخماسية المعنية بمتابعة الازمة الرئاسية اللبنانية وتداعياتها.

ومع أن أي معطيات فرنسية رسمية لم تتضح بعد حيال ما يعتزم القيام به لودريان وموعد عودته الى بيروت، فإن أوساطًا قريبة من أحد المراجع تحدثت مساء أمس عن عودة الموفد الفرنسي في 17 تموز الحالي بعد زيارتين سيقوم بهما للرياض والدوحة، وقالت إنه يحمل معه مشروع عقد طاولة حوار تجمع رؤساء الكتل النيابية في مجلس النواب على ان تكون "على الأرجح" برئاسة الرئيس نبيه بري.

الجمهورية
بدورها رأت صحيفة "الجمهورية" أن لا ضوء أخضر داخليًا لإخراج الملف الرئاسي من دائرة التعطيل، ولا قرار إقليميًا أو دوليًا جديًا في دفع الأطراف اللبنانيين الى انتخاب رئيس للجمهورية. على هذه الخلاصة تتقاطع القراءات السياسيّة للتطوّرات المرتبطة بالانتخابات الرئاسية، وتبعًا لذلك، فإن رئاسة الجمهورية ستبقى في الاقامة الجبرية في مربّع الشغور ريثما تنشأ ظروف أقوى من الجميع، تكسر المعادلة القائمة حاليًا على "توازن التعطيل"، بين أطراف غير قادرة على الحسم الأحادي الجانب للاستحقاق الرئاسي، وغير قابلة في الوقت نفسه لأن تخرج من خلف متاريسها، وتسلك المعبر الإلزامي المتمثّل بحوار عقلاني ومسؤول يُفضي الى توافق ولو بحده الادنى على انهاء الوضع الشاذ الذي يعيشه لبنان في ظل رئاسة مخطوفة، وأزمة خطفت أنفاس كل اللبنانيين.

وأوضحت "الجمهورية" أن ما انتهت اليه تلك الخلاصة، مبنيّ على ثمانية اشهر من العبث السياسي بالملف الرئاسي، و"تَزنِيره" بتعقيدات وألغام ومفخخات واحتقانات وأورام واحقاد سياسية مطعّمة بالطائفية والمذهبية والشعبوية، ثَبتَ بالملموس ان مكونات العبث الرئاسي - المنقسمة على ذاتها ولا تحترف سوى لعبة التصعيد والتوتير والتفخيخ واعدام فرص الالتقاء والهروب من التوافق - لا تمتلك القدرة على تفكيك صواعقها وتبريد توتراتها.

كلّ هذا الإفلاس والضعف بحسب "الجمهورية" يضاف إليهما إحباط الجهود الصديقة والشقيقة لفتح باب الفرج الرئاسي، يعزّز ما بات يخشى منه كل اللبنانيين، بأنّ فرص "الحلول الباردة" قد انعدمت نهائيا، وان مسار العبث الراهن، يدحرج عن قصد او عن غير قصد، كرة النار بقوة في اتجاه "الحلول الساخنة" التي تجلب الجميع مكرهين الى بيت الطاعة وانتخاب رئيس للجمهورية، وربما الى ابعد من ذلك، حيث يصعب من الآن تحديد ماهية هذه الحلول أو حجمها أو مساحة تداعياتها.

على مستوى الداخل، جمود تام ألقى بالملف الرئاسي على رصيف انتظار حوار يبدو انّه لن يحصل بين مكوّنات بعضها حسم أمره برفضه، وبعضها الآخر يريده لتحقيق غايته. وكذلك على رصيف الانتظار الفرنسي للخطوة التالية للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان. وبحسب معلومات "الجمهورية" من مصادر موثوقة فإنّ مستويات سياسية مسؤولة باتت تُقارب المشهد السياسي والرئاسي بتشاؤم شديد، وتدعو في مجالسها الى "أن نتحضّر للأسوأ، ذلك ان الطريق الداخلي الوحيد الذي يمكن ان يؤدي الى انفراج وانقاذ، والمتمَثّل بجلوس الاطراف الى طاولة الحوار للتوافق والتفاهم، قَطَعه رافضو هذا الحوار والساعون عن قصد الى خراب البصرة. كما انّ الفرج المنتظر من الخارج، سيطول انتظاره، وقد لا يأتي، فحتى الآن، لم نلمس او نتلقّ ما يفيد عن اندفاعة خارجيّة جديّة في المساعدة على إنضاج حلّ يعجل بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة".

وبحسب معلومات "الجمهورية" فإنّ التواصل لم ينقطع بين بيروت وباريس، وعُلِم في هذا الإطار أن مراجع سياسية تبلغت "أن ملف لبنان ما زال يتصدّر دائرة المتابعة والاهتمام، وان مهمّة لودريان قائمة وفق ما هو مرسوم لها، ذلك ان مهمته منعزلة عما تقوم به الحكومة الفرنسية لاحتواء تطورات الداخل الفرنسي". الا ان المراجع عينها، لم تتبلغ ما إذا كان الموفد الرئاسي الفرنسي سيقوم بزيارة وشيكة الى لبنان. مع الاشارة هنا الى ان معلومات ترددت مع إعلانه عزمه القيام بزيارة ثانية إلى بيروت في وقت قريب، بأنّ موعد هذه الزيارة سيكون منتصف من شهر تموز الجاري".

إلى ذلك، وفي الوقت الذي لوحِظ فيه انكفاء الحركة السعودية تجاه لبنان، اكدت مصادر مطلعة على الموقف السعودي لـ"الجمهورية" ان المملكة العربية السعودية يعنيها امن لبنان واستقراره، ولكن ليس لديها برنامج خاص مرتبط بالملف الرئاسي في لبنان.
ولفتت المصادر الى ان المملكة التي تتابع الملف اللبناني مع اصدقائها الدوليين، ليست في موقع المقرر عن اللبنانيين، وليست طرفاً في المُفاضلة بين اي من المرشحين لرئاسة الجمهورية. 

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل