لبنان
الموازنة امام مجلس الوزراء الأسبوع المقبل
سلطت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الضوء على الموازنة العامة وتخفيض العجز مشيرةً الى انها تثير اهتمام الوسطين السياسي والشعبين، واشارت الصحف الى ان جهوداً تجري بقوة وراء الكواليس لإنجاز التوافق على التخفيضات المطلوبة تمهيداً لاحالتها على مجلس الوزراء الأسبوع المقبل.
الموازنة "الأكثر تقّشفاً" .. بين الفصحين
بدايةً مع صحيفة "النهار" التي كتبت انه "اذا كانت عطلة الجمعة العظيمة وعيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي ستشكل من اليوم استراحة سياسية ورسمية لأربعة أيام تتراجع خلالها الضجة المتصاعدة حول ملف الموازنة واستتباعاته المالية والوظيفية والاجتماعية على كل المستويات، فإن هذه الاستراحة لن تحجب على ما يبدو محاولة متقدمة وجهوداً تجري بقوة وراء الكواليس لإنجاز التوافق على الخفوضات المطلوبة في الموازنة في فترة ما "بين الفصحين" الغربي والشرقي تمهيداً لاحالتها على مجلس الوزراء الأسبوع المقبل".
واضافت "مع ان رئيس الوزراء سعد الحريري سافر أمس الى الرياض في زيارة عائلية قصيرة، فقد علم ان عطلة الفصح لن تنقطع خلالها المشاورات واللقاءات الجارية بعيداً من الأضواء بين السرايا و"بيت الوسط" والتي ينخرط فيها خبراء واقتصاديون الى جانب ممثلي الأفرقاء السياسيين سعياً الى استكمال التوافق السياسي العريض على الموازنة "الأكثر تقشفاً" كما وصفها الرئيس الحريري أول من أمس في مجلس النواب والمطلوب احالتها على مجلس الوزراء الأسبوع المقبل".
وتابعت "قد برز على الصعيد المالي أمس اعلان وزير المال علي حسن خليل أن لبنان يُحضّر لإصدار سندات دولية بقيمة 2.5 ملياري دولار إلى ثلاثة مليارات دولار في 20 أيار المقبل لتمويل حاجات الدولة. وصرح خليل لوكالة "رويترز": "سيتم إصدار جديد بدأ التحضير له مع المصارف العالمية والمحلية في 20 أيار المقبل وهو إصدار قيمته من مليارين ونصف مليار إلى ثلاثة مليارات دولار". وأضاف: "الإصدار عادي وفق المخطط ووفق استراتيجية الدين العام المحددة بيننا وبين المصرف المركزي وانطلاقاً من الحاجات الفعلية للدولة"".
التصحيح المالي: أصحاب الثروات أولاً... وأخيراً
من جهتها، رأت صحيفة "الاخبار" أنه "حصرت قوى السلطة خياراتها لمقاربة الأزمة المالية بين الإجراءات الموجعة وبين الانهيار. تحت هذا العنوان، تبيّن أن الوجع موجّه ضدّ موظفي القطاع العام الذين ناضلوا أكثر من خمس سنوات لتحسين رواتبهم المتآكلة بفعل التضخم، فيما كانت قوى السلطة تعمل لإحاطة شركائها من حَمَلَة الثروات بعازل يمنع عنها أي إجراء، علماً بأنه لو طاولتهم إجراءات التصحيح، ومهما كانت قاسية، فلن تشكّل وجعاً لهم، بل بداية لإعادة الاعتبار للعدالة الاجتماعية والاقتصادية".
واضافت "قبل أيام من انكشاف المستور حول طروحات قوى السلطة بمدّ اليد على أجور القطاع العام ورواتبه، كان وزير المال علي حسن خليل يطرح على مجلس الوزراء ملفاً يتعلق بإعفاء 14 شركة مصنّفة ضمن كبار المكلفين من غرامات التحصيل البالغة 46 مليون دولار، ومن غرامات التحقق البالغة 68.8 مليون دولار، أي ما مجموعه 115 مليون دولار. هذا المشهد ليس سوى عيّنة بسيطة جداً من الامتيازات التي منحتها قوى السلطة لأصحاب الرساميل. بالشراكة في ما بينهم على مدى عقدين ونصف عقد، راكموا ثروات طائلة شبه مُعفاة من الضريبة. وعندما لاحت بوادر الأزمة المالية، صبّت قوى السلطة كل حقدها على القطاع العام، في محاولة لتجنيب هذه الثروات المشاركة في فاتورة التصحيح المالي، بعيداً عن التوزيع العادل للفاتورة الذي يقتضي البحث في خيارات أخرى ليس بالضرورة أن تكون رواتب القطاع العام ضمنها، بل أبرزها تحسين النظام الضريبي ليطاول هذه الثروات، سواء عبر مكافحة التهرّب أو عبر تعديلات تصيب شرائح كانت شبه معفاة سابقاً".
وتابعت "في ظل سلوك ينطوي على إعفاء كبريات الشركات المصرفية والعقارية، في مقابل المسارعة لمدّ اليد على رواتب القطاع العام، «لا أمل في هذه القوى من أن تقوم بالإصلاح، أو أن تتخذ قرارات إصلاحية»، يقول أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية جاد شعبان. أصلاً سلوك السلطة لم يتغيّر رغم إدراكها لدقّة الوضع المالي وحساسيته. خطّة الكهرباء هي المثال، وفق رئيس المركز اللبناني للدراسات سامي عطالله. «أظهرت قوى السلطة أنها قادرة على إقرار خطّة للكهرباء تتفادى فيها المرور بالمؤسسات وإطلاق المناقصة بعيداً عن أي صلاحية لإدارة المناقصات، وبشكل مخالف للدستور... هي أصلاً ليست مهتمة ببناء الدولة»".
الموازنة معالجة لمكامن العجز وضبط لفوضى الإنفاق
بدورها، قالت صحيفة "البناء" إنه "تشغل الموازنة العامة وتخفيض العجز في بنودها، اهتمام الوسطين السياسي والشعبي، وتتقدّم خطة الكهرباء التي أقرّها مجلس النواب أول أمس، وأقرّ التعديلات القانونية اللازمة للسير فيها، بصفتها حجر الزاوية في تخفيض العجز. ومساء أمس كانت هيئة تحرير «البناء» على موعد مع زيارة لوزيرة الطاقة ندى البستاني التي شرحت بنود الخطة لهيئة التحرير، وفسّرت مراحلها وأهدافها القريبة والبعيدة، والإطار القانوني لكلّ منها.
ومما قالته البستاني إنّ دفاتر الشروط التي بدأ الإعداد لها تقوم على مرحلة أولى لتأمين نقص يقدر بألف وأربعمئة ميغاوات ليتسنّى تحقيق هدف التغذية الكهربائية 24 ساعة يومياً الذي ينشده اللبنانيون وتشتغل لتحقيقه الوزارة، ويكون العمل على تنفيذ خطة المدى البعيد قائماً لبلوغ الإجمالي المطلوب للاستهلاك، أيّ ما يقارب ثلاثة آلاف ميغاوات، وشرحت البستاني كيف تمّ دمج المرحلتين في التلزيم بحيث تتواصلان في تأمين هدف تأمل الوزارة النجاح بتحقيقه وهو انتظام وصول الكهرباء على مدار الساعة في كلّ لبنان، وفيما تحفظت الوزيرة على إطلاق وعود بمواعيد دقيقة للإنجاز أو تغذية الـ24 ساعة كوعد له موعد، شرحت أنّ الخطة قادرة على توفير الكهرباء عام 2020 إذا سار كلّ شيء كما ينبغي، وإذا تحقق ذلك سيكون ممكناً زيادة التعرفة بالتناسب مع توافر مدة التغذية الكهربائية والاستغناء عن فاتورة المولدات تدريجياً، لكن بحيث يبقى ما يدفعه المستهلك أقلّ مما يتوجّب عليه دفعه اليوم بفاتورتي الكهرباء والمولدات، رغم تخفيض فواتير المولدات بعد تدخل وزارة الاقتصاد العام الماضي، لكن الوزيرة قالت لـ»البناء» إنّ ما شعرت به من المناقشات التي انتهت بإقرار الخطة ومستلزماتها، في مجلسي النواب والوزراء، هو وجود مناخ سياسي يدعو للتفاؤل بأنّ توفير التغذية 24 على 24 هو هدف ممكن التحقيق.
على خط الموازنة كانت الإطلالة التلفزيونية لوزير المال علي حسن خليل، حيث شرح أرقام العجز وتطلّعات الموازنة للسيطرة على مصادره وخصوصاً خدمة الدين وكتلة الرواتب والتعويضات، والكهرباء. وقال خليل إنّ تخفيض الإنفاق لن يمسّ بالرواتب، لكن الفوضى المالية ستتوقف، فلا بدلات إضافية مسموح أن تزيد عن قيمة الراتب، خصوصاً لكبار الموظفين عارضاً لأرقام مذهلة في كشفها لحجم الفوضى في المالية العامة للدولة، ووجود جزر مالية قائمة داخل الدولة، تحت عنوان البدلات والتعويضات والحقوق المكتسبة، تنشئ إمارات ومشيخات مالية لموظفين في الدولة تصل تعويضات بعضهم إلى عشرات ملايين الليرات شهرياً، ولا توسع في تطبيق النصوص القانونية للبدلات الإضافية بما يجعلها حقوقاً مكتسبة لغير مستحقيها، كحال شمول تطبيق التدبير رقم ثلاثة على العسكريين كتدبير خاص بحال الحرب، على من لا علاقة لهم بأيّ مهامّ عسكرية ميدانية، ومثلها الكثير من مظاهر للفوضى المالية قدّر خليل أن وقفها سيوفر مئات مليارات الليرات على خزينة الدولة، إضافة لتحسين الجباية ووقف التهرب الضريبي وتعديل بعض أحكامه نحو المزيد من العدالة، وتحمّل القطاع المصرفي مسؤولياته في المساهمة في مواجهة العجز، واصفاً الوضع المالي بالدقيق، رافضاً التهويل على اللبنانيين بالانهيار الذي يجب الخوف من وقوعه إذا تهرّبت الدولة من مسؤولياتها وتلكّأ المسؤولون عن تحمّل مسؤولية القرارات الجريئة الواجبة.