لبنان
المقاومة في جنين تتصدى لعدوان الاحتلال.. والاستحقاق الرئاسي ينتظر عودة لودريان
تناولت الصحف اللبنانية العدوان الصهيوني الأكبر على جنين منذ عام 2002، في محاولة لاحتواء المقاومة الفلسطينية المتنامية في الضفة الغربية المحتلة بشكل عام وجنين بشكل خاص، و"استعادة الردع" خصوصًا بعد العمليات النوعية التي نفذتها المقاومة خلال الأشهر الماضية.
وبدأ العدو عمليته بعدد كبير من الغارات التي شنّتها الطائرات الحربية على المخيم، كما دخلت جرّافات العدو إلى أحياء المخيم الجانبية، وعملت على هدم بعض الجدران وحفر الطرقات وتخريبها، وشارك فيها عناصر نخبة جيش الاحتلال وعشرات، وذلك في محاولة لحسم المعركة بأسرع وقت، في حين تسيطر المقاومة في جنين على الموقف، وأبقت قوات الاحتلال على أطراف المخيم.
محليًا، ركّزت الصحف على زيارة مبعوث الرئاسة الفرنسية جان ايف لودريان إلى لبنان والمتوقعة منتصف الشهر الحالي، حيث من المتوقع أن يحمل في جعبته مقترحات أو دعوة الأطراف السياسية لحوار يختصر بملف الرئاسة والحكومة والاصلاحات.
كما اهتمت الصحف بعجز الاحتلال عن إزالة خيمتين نصبتهما المقاومة في مزارع شبعا المحتلة، قرب مزرعة بسطرة المحرّرة، حيث لجأ إلى ايصال رسائل بأنَّه ليس بوارد التصعيد أو القيام بأي عمل عسكري في هذه المنطقة، وذلك بعد توجيه المقاومة عدّة رسائل كان آخرها خلال كلمة لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد قبل أيام، أكَّد فيها أنَّ أي عمل إسرائيلي لإزالة الخيمتين، مهما كان مستواه، سيكلّف حربًا.
"البناء": المقاومة تواجه ببسالة وتكتيكات المناورة بهدف إطالة المعركة وإفشال أهدافه وفتح باب التحوّلات
يدرك كيان الاحتلال أن التسليم بالمعادلات المحيطة به تعني الاستسلام للتآكل الذي يصيبه من الداخل ويعمق أزماته وانقساماته، ويعيد طرح مأزق القدرة على البقاء بصفته مأزقاً وجودياً على السطح، فما حوله هو تنامي حضور وقدرات محور المقاومة مجتمعاً وقواه متفرّقة، وصناعة معادلات وحدة الساحات داخل فلسطين، ووحدة الجبهات بين فلسطين والمحور، وتدرك حكومة بنيامين نتنياهو أن كل ما وعدت به مهدّد بالتبخر، ووجودها بالتالي مهدّد بالسقوط، فما تمّ في آخر شهر رمضان من الاستسلام لتهديدات المقاومة وقبول حظر دخول المستوطنين إلى المسجد الأقصى، وما فرضته معادلة معركة ثأر الأحرار، وما تشهده الضفة من فشل أمني للجيش والمخابرات ومن تنامي روح المقاومة وحضورها، واستهداف متزايد للمستوطنين، أسقط نظريات ايتمار بن غفير حول الميليشيا التي تحمي، وقد وقف بن غفير يصرخ طلباً لتدخل الجيش، وأسقط معه نظريات بتسلئيل سومتريتش عن إنشاء مئات المستوطنات لبعثرة جغرافيا الضفة، بعدما ارتفع صراخ المستوطنين طلباً لحماية الجيش ودعوة الجيش الى تجميع المستوطنين لتوفير الحماية لهم، ولذلك تلاقت الحكومة المأزومة مع لحظة قراءة الجيش للحاجة الملحّة لفعل شيء يوقف التدهور.
شهد الشهر الماضي تصريحات وبالونات اختبار عن ضربة لإيران تحت عنوان ملفها النووي، وعن ضربة من نوع مختلف تستهدف سورية وقوى المقاومة فيها، وعن حرب محدودة مع لبنان، ومثلها مع غزة، لكن التدقيق في كل هذه الفرضيات أوصل قيادة الكيان إلى أن الرهان على المجيء من الأكبر إلى الأصغر رغم أنه أشد فعالية في ترميم الردع، لكنه فوق طاقة الكيان، فمن جهة إيران تستعرض صواريخها الجديدة، سورية ترسل رسالة مشفرة برأس صاروخيّ يصل إلى النقب، والمقاومة في لبنان تجدّد رسالة مناورة العبور، وغزة تذكر بثأر الأحرار، فبدأ التراجع عن السقوف العالية للكلام، وعاد الحديث لحملة عسكرية على الضفة، ثم صارت حملة على جنين.
بدأت الحملة وحصدت عشرة شهداء حتى منتصف ليل أمس، وشارك فيها عناصر نخبة جيش الاحتلال وعشرات الدبابات والطائرات المسيّرة والطوافات والدبابات، والحصيلة اعتراف بأن هناك الكثير مما يجب فعله حتى يمكن الحديث عن نجاح العملية، خصوصاً بعدما نجحت جنين بتظهير عبواتها وصواريخها وقدرتها على إسقاط الطائرات المسيّرة خلال الأيام التي مضت.
الاحتلال مستعجل كي لا تخرج الأمور عن السيطرة، والمقاومة في جنين تناور وتجيد استعمال عامل الزمن، لإطالة أمد العملية، بما يفشل العملية ويمنعها من تحقيق أهدافها، ويفتح الباب أمام التحولات الكبرى، وقادة المقاومة في جنين يؤكدون أنهم يسيطرون على الموقف، ويديرون معركتهم ببرود أعصاب وتحكم بالمسارات واقتصاد بالموارد، وتدبّر على درجة عالية من الاحترافية، واحدة تجمع كل الفصائل في إطار عملي واحد تديره غرفة عمليات واحدة.
قوى المقاومة في غزة على جهوزيّة كاملة للتدخل، وقرارها محسوم بأن لا مجال للتسامح مع ترك الاحتلال ينجح بخطته في جنين، وبالتالي في الضفة الغربية، لكن قبل ساعة الصفر للتدخل، يجب أن يترك المجال للضفة أن تدخل على الخط، ولجنين أن تستنفد وقتها في إفشال العملية، وغرفة العمليات المشتركة في غزة على اتصال بغرفة عمليات المقاومة في جنين لتقدير الموقف، وساعة الصفر عند جنين، وفق مبدأ وحدة الساحات، وفي المنطقة محور المقاومة مستنفِر، وعند التزامه بوحدة الجبهات، لكن ذلك يتوقف على تقدير الموقف في غرفة عمليات غزة بالحاجة للتدخل، وهو أمر ينتظر مدى قدرة الاحتلال على مواصلة المواجهة وتوسيع نطاقها، أولاً بترك الأمور تصل إلى تدخل غزة، ولاحقاً بترك الأمور تصل إلى تدخل محور المقاومة.
"الأخبار": لودريان يناقش مع اللجنة الخماسية اقتراح ضمّ إيران: «مسوّدة عمل» فرنسية لحوار لبناني - لبناني
علمت «الأخبار» أن باريس أجرت تقييماً لنتائج زيارة الموفد الرئاسي جان إيف لودريان لبيروت، الشهر الماضي، وقرّرت إطلاق ورشة عمل على خطين، الأول في اتجاه العواصم المعنية بالملف، والثاني نحو القوى الأساسية في لبنان.
وتشير المعلومات إلى أن فرنسا تتصرف على قاعدة أن الأزمة الرئاسية باتت تتطلب «حلاً إبداعياً» بسبب السقوف المرتفعة لمختلف الأطراف. وأشارت إلى أن لودريان نفسه كان يفترض وجود صعوبات، إلا أنه فوجئ بأن الصعوبات أكبر مما كان يتوقع، وأن المشكلة تكمن في أن هناك قوى ترفض محاورة الطرف الآخر، وتصر على مواجهة رئاسية واسعة، إذ إنه وصل إلى بيروت على وقع نتائج جلسة 14 حزيران، وكان يفترض أن نتائج الجلسة قد تفتح الباب أمام نقاش من نوع مختلف. إلا أنه غادر إلى باريس مقتنعاً بأن الطرفين في حالة تعادل سلبي، وأن البحث يجب أن يتطرق مباشرة إلى برامج العمل وعدم حصره في اسم الرئيس.
وتقول مصادر معنية إن الموفد الفرنسي شعر منذ البداية بأن الحوار يمثل نقطة مهمة، لكنه صُدم بموقف الرئيس نبيه بري الذي قال إنه جرّب حظه بالدعوة إلى الحوار ولم تكن هناك استجابة، وإنه بعد إعلان دعمه المرشح سليمان فرنجية صار طرفاً ولم يعد قادراً على إدارة الحوار. كما صُدم لودريان، مرة أخرى، عندما أبلغه البطريرك الماروني بشارة الراعي بأنه فشل في تنظيم حوار مباشر بين الفرقاء المسيحيين، فكيف يمكنه إدارة حوار وطني.
بناءً على ذلك، ارتأى لودريان أن من الأفضل إجراء الحوار برعاية فرنسا أو اللجنة الخماسية، وهو بادر قبل سفره بسؤال جهات كثيرة أساسية عن موقفها من الحوار، وحصل على إجابات تجعله قادراً على إعداد مشروع جدول أعمال يرسله إلى الأطراف الرئيسية المعنية لمناقشته معها في زيارته الثانية المرتقبة هذا الشهر.
وقالت المصادر إن لودريان سيدعو خلال زيارته الثانية المسؤولين اللبنانيين إلى حوار جامع، من دون حسم مسبق لمكانه أو موعده، علماً أن البعض تحدّث عن احتمال استضافة باريس له في حال تعذّر حصوله في لبنان.
وأشارت المصادر إلى أن لودريان ناقش مع وفد حزب الله النقطة المتعلقة بالحوار طويلاً، وأن الحزب لم يكن مؤيداً لفكرة الحوار الموسّع حول النظام، معتبراً أن من الأفضل حصره بالأزمة الرئاسية والملفات المرتبطة بها، ومشدداً على ضرورة الاتفاق على جدول أعمال الحوار قبل الانطلاق به.
كما أن النقاش تطرّق إلى مستوى تمثيل القوى، وسعي فرنسي لرفعه إلى الصف الأول، حتى لا يكون الحوار غير مثمر إذا تم على مستوى موفدين يضطرون في كل مسألة للعودة إلى مراجعهم في بيروت.
من جهة أخرى، يدرس الفرنسيون فكرة ضم إيران إلى اللجنة الخماسية التي تضم فرنسا والولايات المتحدة والسعودية ومصر وقطر. وقالت المصادر إن لودريان سيطرح الأمر على ممثلي الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية وعلى طهران أيضاً، وإن القرار النهائي سيكون رهن نتائج اتصالات الفرنسيين مع أطراف اللجنة الخماسية. إلا أن المصادر لفتت إلى ضرورة مراقبة الوضع الداخلي في فرنسا، إذ إن التطورات قد تؤثّر على جدول أعمال الرئاسة الفرنسية، ما قد يبعد الملف اللبناني إلى مرتبة دنيا.
"الجمهورية"| «الحزب» مُتمسّك بالخَيمتين: «أعلى ما في خيلكم اركبوه»
منذ أسابيع، والكيان الاسرائيلي مُنشغل بخيمتَين نَصَبهما «حزب الله» في منطقة مزارع شبعا، مُحاولاً بكل الوسائل دَفع الحزب إلى إزالتهما، من دون أن يفلح... فما هي قصتهما؟ وهل يمكن أن يُشكّلا شرارة لمواجهة عسكرية أو لِما يُعرف بـ"أيام قتالية"؟
نَقلت تل أبيب معركتها مع «حزب الله» من ملف الصواريخ الدقيقة الكاسِرة للتوازن وما شابَه الى تفصيل يتصل بخيمتين مكشوفتين على خط الحدود، سَبّبتا لها الارق والقلق، حتى أصبحتا هاجساً للجيش والحكومة الاسرائيليين.
والمفارقة انّ الاحتلال افتعَلَ من خيمتين على الحدود قضية، مُهدداً بالويل والثبور وعظائم الأمور اذا لم تتم إزالتهما، في حين انه بادرَ هو نفسه قبل أيام، ومن دون أن يَرفّ له جفن، الى ضَم الجزء اللبناني الشمالي من بلدة الغجر المحتلة بعد الانتهاء من أشغال تثبيت السياج الجديد، وذلك في اعتداءٍ فَج على السيادة الوطنية، ما دفعَ احد المعنيين بهذا الملف الى التساؤل: أيّهما يستحق رفع الصوت، وجود خيمتَين على أرض هي لبنانية ليس فقط وفق تعريف المقاومة بل الدولة أيضاً؟ ام ضَم مساحة واسعة من بلدة الغجر الى كيان الاحتلال؟
وإزاء تصاعد التهديدات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة والتلويح باستعمال القوة، رَد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد متوجّهاً الى الاسرائيلي بالقول: «سكوت وتضَبضَب».
وتُرجّح اوساط قريبة من «حزب الله» أن «يَنضَب» الاحتلال، مستبعدة ان يلجأ الى اي تصعيد عسكري بسبب الخيمتين لمعرفته بالتبِعات المترتبة على ذلك، «أمّا اذا أخطأ التقدير وانزلقَ الى اي تصرف متهور فإن المقاومة جاهزة للتصدي له بالشكل المناسب».
وتلفت الاوساط الى انه «منذ نحو شهرين نصب الحزب خيمتي مراقبة على خط الانسحاب في منطقة مزارع شبعا، انطلاقاً من انّ هذه أراض لبنانية وليست مُصَنّفة حدوداً دولية او خطاً أزرق»، مشيرة الى ان المقاومة لا تعترف اصلاً بخط الانسحاب حتى تكون مُلزمة باحترامه.
وتوضح هذه الاوساط ان «الاسرائيلي سكتَ في المرحلة الأولى وأجرى اتصالات بعيدا من الاضواء لمحاولة التخلص من الخيمتين، فلمّا لم يتوصّل الى نتيجة إنكفأ و»طَنّش»، لكنّ الإعلام الاسرائيلي حرّكَ الأمر مجدداً، ما أحرَج حكومة الاحتلال وجيشه اللذين راحا يضغطان ويرسلان التهديدات لرفع الخيمتين، فكان رد الحزب: «أعلى ما في خيلكم اركَبوه».
وتؤكد الاوساط أن «المقاومة وحدها تُحدّد مسار التعامل مع هاتين الخيمتين تِبعاً لتقديراتها»، مشددة على انه «تحت الضغط والتهديد لن يحصل العدو على شيء، وربما صدر حتى الآن نحو 14 تهديداً عنه، ولكن كل هذا التهويل لن يُجدي نفعاً».
وتوضح الاوساط ان «الجيش اللبناني مقتنع بطرح المقاومة ويوافقها على أنّ مكان وجود الخيمتين يقع ضمن الاراضي اللبنانية، علماً انه كان قد جرى التنسيق معه مُسبَقاً في شأنهما. وبالتالي، هناك تناغم في الموقف الميداني بين الجانبين، استنادا الى مقاربة مشتركة للمشكلة المفتعلة».
وتكشف الاوساط انّ «الجيش أبلغَ إلى من يهمه الأمر انه سيواجه عسكرياً أي اعتداء اسرائيلي وسيُدافع عن الأرض اللبنانية حيث نُصِبَت الخيمتان في حال استهدافها». وتلفت الى انه «كما أنّ العدو زَرعَ على طول الحدود نقاط مراقبة، فإنّ من حق المقاومة ان تعزز مراقبتها له، خصوصاً انّ نَزعته العدوانية صارخة ومن الضروري وضع تحركاته تحت المجهر».