معركة أولي البأس

لبنان

البرلمان يشرّع خطة الكهرباء ويسقط التوافق على خفض الرواتب
18/04/2019

البرلمان يشرّع خطة الكهرباء ويسقط التوافق على خفض الرواتب

ركّزت الصّحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على عدد من المواضيع الهامة التي كان أبرزها ما شهده المجلس النيابي أمس من الجرعة الأكبر من جرعات السعي الرسمي إلى تسويق الإجراءات التقشفية التي تُعدّها الحكومة.

"النّهار": تهدئة وتخويف على سطح الموازنة والأزمة!

بداية مع صحيفة النّهار التي رأت أن اللبنانيين ومع أنهم عاينوا وعانوا الكثير من المآزق والازمات الاقتصادية والمالية في حقب ما بعد الحرب، فان ما يعانونه في الازمة الحالية يتخذ الطابع الأسوأ من كل السوابق من حيث تعرضهم لموجات التخويف والضياع وانعدام الرؤية ناهيك بتداعيات الازدواجية السياسية التي تطبع مواقف معظم القوى السياسية في المزج بين الاتجاهات الشعبوية والاتجاهات الجدية التي تفرض تحمل أصعب المسؤوليات. هذه الانطباعات تولدت في الساعات الأخيرة خصوصاً بعدما تصاعدت المخاوف على الواقع الاقتصادي والمالي بقوة، مع ان مراجع معنية أكدت لـ"النهار" ان الوضع المالي هو دومًا تحت السيطرة عازية موجة الشائعات والمخاوف الاخيرة الى حركة النقاش الواسع حول الموازنة.

واضافت الصحيفة تقول: "ولكن في ظل تعاقب تصريحات ومواقف علنية للكثير من المسؤولين والقادة السياسيين تنذر بتعاظم اخطار واحتمالات الانهيار، بدأ الامر يرتب انعكاسات سلبية واسعة في حركة التداول المالي دقت اصداؤها بقوة أسماع المسؤولين وبدأت على الاثر محاولات لاحتوائها وتهدئة آثارها. ولعل المشهد السياسي والاعلامي الذي رسمته الجلسة التشريعية لمجلس النواب وما اعقبها من اطلاق مواقف وتوضيحات، لم ينجح في تبديد الغموض الكثيف الذي لا يزال يكتنف مصير المواجهة الصاعدة بين اتجاهات شد الاحزمة والتقشف في مشروع الموازنة من خلال اجتراح اجراءات تلامس مواقع حساسة على مستويات الانفاق العام بما يشمل بعض التمدد نحو فئات من المخصصات والرواتب العالية السقوف، وحركة الاحتجاج الاستباقية التي اتسعت أمس واتخذت طابع الاعتصامات المنظمة والاضرابات العامة".

وتابعت الصحيفة "وبينما يشكل بت الهيكلية النهائية لمشروع الموازنة خط الفصل الحاسم في جلاء الاتجاهات النهائية لاحتواء اخطار المرحلة الحالية واطلاق مسارات المعالجات الطارئة للواقعين الاقتصادي والمالي، ترددت معلومات عن اتجاه الى توزيع مشروع الموازنة على الوزراء الثلثاء المقبل اذا تقرر عقد جلسة لمجلس الوزراء الخميس ولم يطح موعدها تأخير اضافي في الاتفاق بين مكونات الحكومة على رزمة الاجراءات التقشفية التي عمل ويستمر في العمل عليها رئيس الوزراء سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل. وربما شكلت المقابلة التلفزيونية للوزير خليل هذه الليلة عبر محطة "ام تي في" مؤشراً ملموساً حيال انجاز التوافقات السياسية أو عدم انجازها على الاجراءات التي يفترض ان تخفض ارقام الموازنة الى نسبة تلامس الاربعة في المئة وذلك من خلال تشريحه الابواب التفصيلية التي ستطاولها الخفوضات "الموجعة". وفي ظل هذا المناخ الخانق والمحتدم اكتسبت المواقف التي عبّر عنها الرئيس الحريري أمس من مجلس النواب أهمية استثنائية ذلك أنه، على رغم نفيه ان يكون الواقع الحالي "انهيارياً"، لم يتردد في رسم ملامح شديدة الخطورة لاتجاهات الوضع في حال التلكؤ عن اتخاذ الاجراءات الموجعة".

"الأخبار": سقوط "التوافق" على خفض الرواتب

بدورها، صحيفة "الأخبار" اشارت الى أن ثلاثي «الإجراءات التقشفية» انتفض أمس، محاولاً ردّ تهمة المسّ برواتب موظفي القطاع العام، فإذا به يؤكدها. الرئيس سعد الحريري والوزيران جبران باسيل وعلي حسن خليل نزلوا شخصياً إلى الميدان. تحدثوا إلى الإعلام عن الدور السلبي للإعلام في إشاعة أجواء غير صحيحة عن الخطط الحكومية. لكنهم مع ذلك، دعوا الناس إلى تقبّل خططهم بذريعة أن البديل سيكون الانهيار. رغم ذلك، فإن ما تحقق في الأيام الماضية، سقوط محاولة تأمين توافق جميع مكونات مجلس الوزراء على خفض رواتب جميع العاملين في القطاع العام بنسبة تصل إلى 15 في المئة

ولفتت الصحيفة الى أن المجلس النيابي شهد أمس الجرعة الأكبر من جرعات السعي الرسمي إلى تسويق الإجراءات التقشفية التي تُعدّها الحكومة. تولى رئيس الحكومة ووزيرا الخارجية والمالية ردّ التهم بالمسّ برواتب الموظفين، فإذا بهم يؤكدون أن ما يُنشر ليس سوى غيض من فيض الإجراءات القاسية التي تنتظر محدودي الدخل، وأولها تخفيض الرواتب ومعاشات التقاعد والتقديمات الاجتماعية. وعلى وقع الاعتصامات والإضرابات التي عمّت كل المناطق، استسهل المعنيون تحميل الإعلام مسؤولية القلق الذي يعمّ البلاد، طالبين منه أن يكون إلى جانبهم في إقناع الرأي العام بحتمية المشاركة بإنقاذ الاقتصاد، من دون أن تُقدِم الطبقة الحاكمة، من ناحيتها، على أيّ خطوة من شأنها أن تعدّل في النموذج الاقتصادي الذي أثبت فشله وأدى إلى حالة شبه الانهيار. لكن كثافة التصريحات التهويلية لم تخف ما كشفته مصادر سياسية لـ«الأخبار»، إذ أكّدت أن انكشاف جزء من النقاشات التي كان رئيس الحكومة وعدد من الوزراء يريدونها أن تبقى سرية، أدى إلى فشل مشروع تأمين التوافق على إجراءات التقشف و«قصّ أجور» العاملين في القطاع العام، قبل إحالة مشروع الموازنة على مجلس الوزراء.
مقالات مرتبطة

وزير المال علي حسن خليل، كان قد صبّ جام غضبه على «الأخبار»، على أثر ما نشرته عن تقديمه اقتراحاً بحسم 15 في المئة من الرواتب. وهو اعتبر أن «من نقل محضر اللقاء الذي حصل عند رئيس الحكومة إما لم يكن حاضراً أو هناك نية لفتح نقاش مع الجهة السياسية التي ننتمي إليها، وموقفها واضح بهذا الشأن». مع ذلك، عاد وأكد أن ما نشرته «الأخبار» كناية عن «وجهة نظر تُناقش» في اللقاءات التي تضم ممثلي مكونات مجلس الوزراء في منزل الحريري، قبل أن يعفي نفسه من المسؤولية، ليؤكد أن خفض المعاشات ليس جزءاً من مشروع الموازنة المقدّمة من قبله. حسب الصحيفة.

وزير الخارجية جبران باسيل، رأى أن الإعلام تعامل مع كلامه، في جولته الجنوبية يوم الأحد، على طريقة لا إله، فاقتطع من تصريحه ما يتعلق بدعوته إلى تخفيض الرواتب في القطاع العام، وتغافل عن تطرقه إلى ضرورة أن تطاول الإجراءات الحكومية خمسة أمور أخرى، هي: حجم الدين الذي يشكل جزءاً يسيراً من الموضوع، وخدمة الدين، والتهرب الضريبي والجمركي والكهرباء والضرائب التي يمكن أن تستوفى من أصحاب الجيوب الكبيرة.

واضافت الصحيفة الى أن "رئيس الحكومة سعد الحريري قال، بدوره، إن «كل ما يحكى عن تخفيضات هو كلام صحف»، قبل أن يقدم الحريري الجرعة الأكبر من محاولات التمهيد لمشروعه، إذ قال: «نحن مع المتقاعدين ومع الإدارة، ولكننا نريد الحفاظ على الليرة، وعلينا أن نكون صادقين معهم، إن البلد قد يتدهور». كذلك، حاول اللعب على وتر نظرة الناس إلى القطاع العام. وصمه مراراً بالفساد، نازعاً عن السياسيين هذه الصفة، بالرغم من أنهم وحدهم يتحملون مسؤولية إفساد ما فسد من القطاع العام. عندما تطرق الحريري إلى ضرورة تحمّل الجميع للمسؤولية للخروج من الأزمة، سأله النائب جميل السيد: لماذا لا تقول لنا من يتحمل مسؤولية ما وصلنا إليه قبل أن تطلب منا تحمّل مسؤولية ما سيأتي؟ تناست السلطة أنها هي التي عمدت إلى «رشوة» الموظفين بالسلسلة قبل الانتخابات، فيما تسعى بعدها إلى نزع بعض مكتسباتها. أمام أي اعتراض، كان الحريري يلجأ إلى سؤال النواب: «قولوا إذا كنتم لا تريدون سيدر، وهل تريدوننا أن نستدين بـ9 أو 10 بالمئة من أجل بناء مطار ومشاريع وبنى تحتية؟»".

وختمت الصحيقة تقول: كرر الحريري في مجلس النواب أمس ما سعى إليه في الاجتماع الذي ترأسه في منزله ليل الأحد الفائت، وضم إليه ممثلي الكتل المشاركة في الحكومة (راجع «الأخبار» أمس). وصف الاقتطاع من حقوق الموظفين بالإصلاحات، واعتبر أن تقليص الجزء اليسير من أرباح المصارف، من دون المسّ بخدمة الدين، مساهمة بخفض العجز. ودعا إلى المقايضة بين الأمرين. قال تحديداً إن «المصارف عليها مسؤولية ومستعدة لأن تتحمل وتساهم بكل هذه الخطة، ولكن يجب أن نرى إصلاحاً حقيقياً»، مشيراً إلى أنه «في باريس 2 ذهب لبنان إلى فرنسا والمصارف وضعت 10 آلاف مليار في تصرف الدولة، ونحن لم نقم بأي إصلاح، لذلك يجب أن نكون صادقين مع المواطنين ومع العسكريين ومع إدارة البلد، فإذا بقينا على هذا النمط سنصل إلى كارثة. إذا أصابتنا المصيبة فمن سيُنقذنا؟».

"البناء": إقرار خطة الكهرباء نيابياً... يفتح باب بند الرواتب والتعويضات في الموازنة

أما صحيفة "البناء" اعتبرت أن السياسات المالية وكيفية مواجهة مخاطر تفاقم العجز في موازنة الدولة تصدّرت الاهتمام، حيث شكل إقرار متطلبات السير بخطة الكهرباء قانونياً، في مجلس النواب، الخطوة الأولى نحو وضع الخطة قيد التنفيذ، وبدا من مقترحات القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، بربط السير بالخطة بتشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، والتي سقطت لدى التصويت عليها، أن المواجهة لم تنته، وان الخلفية السياسية لا تزال تتحكم بالمواقف، وأن تسجيل النقاط السياسية لا يزال يتقدم على البحث الجدي بالحلول المالية.

واضافت الصحيفة أن "جبهة موازية للدفاع عن المصارف والشركات الكبرى، توزع فيها طرفا المعارضة لخطة الكهرباء، حيث تقف القوات في خندق المصارف ويقف الاشتراكي في الضفة المقابلة، ليحل تيار المستقبل محله في تشكيل درع الحماية للمصارف مع القوات، بينما تختار القوات ضفة شعبوية في مقاربة ملف تعويضات القطاع العام الذي فتح على مصراعية مع الكلام الذي قيل بالأمس من رئيس الحكومة سعد الحريري، ووزير الخارجية جبران باسيل، ووزير المالية علي حسن خليل، حيث تبدو القوات أقرب للاشتراكي مجدداً، ويبدو التيار الوطني الحر أقرب للمستقبل عملياً، رغم ما قرأته مصادر سياسية من تراجع خطوة إلى الوراء في كلام رئيس الحكومة، وخطوتين إلى الوراء في كلام باسيل، وقد كان لكل منهما كلام وإيحاءات وتسريبات عنوانها، على الموظفين تقبل مبضع الجراحة يعبث في مداخيلهم مهما كانت ضئيلة، لأن البديل هو انهيار سعر الصرف، وخسارة كل شيء".

مصادر سياسية متابعة حذرت من كثرة الحديث عن التلويح بسعر الصرف، لأن سقوط هذا السقف سيعني سقوط النظام بكل مؤسساته التي لم تقدم لقاء أخذها للبلد نحو حافة الهاوية إلا حماية سعر الصرف، الذي باسمه تم تكبير الدين ورفع الفوائد وزيادة العجز، وعلى خلفيته تمت المحاصصات، وبسقوطه سيخسر الناس مؤقتاً ريثما يعيدون بناء هياكل الدولة، لكن كل السياسيين والحكام، سيسقطون، ولن ينجو من بينهم أي حاكم سياسي أو اقتصادي أو مالي، بل سيحاكمون بتهمة ما جنت أيديهم على البلاد والعباد. حسب الصحيفة.

المصادر نصحت المسؤولين في الدولة بسحب سعر الصرف من التداول، والتحدث بلغة تتحدث عن كيفية معالجة نتائج سياسة تذرعت بحماية سعر الصرف، سيعني ثبوت فشلها، عندما يقال أن سعر الصرف سينهار، أن النظام السياسي الذي أدعى أنها وصفة لا تسقط، هو من يجب أن يسقط وينهار.

ولفتت الصحيفة الى أنه وفي مقاربة ملف الرواتب والتعويضات، بعدما أطلق الشارع رسائله التحذيرية، وصفت المصادر كلام الرئيس الحريري بالـ «لعم»، حيث كان واضحاً انه يتفادى تقديم تعهد واضح بعدم المساس برواتب محدودي الدخل، رغم تبدل اللهجة إلى المزيد من تفهم خطورة الاقتراب، وصفت المصادر كلام الوزير باسيل، عن رفض الاجتزاء وتوصيفه للتعامل مع كلامه عن المساس بالرواتب أنه مثل أخذ «لا إله « من جملة «لا إله إلا الله» أي نصف الكلام ليعطي عكس المعنى، تبريراً لتريث يحتاجه باسيل بعد وضوح خطورة الكلام، بينما اكتفى وزير المال بالقول، رغم نسبة البعض للمقترح الخاص بتخفيض الرواتب لمشروع الموازنة المقدمة من وزارة المال، أن الكلام المتداول لا صلة له بمشروعه للموازنة.

واشارت الى أنه إذا كانت خطة الكهرباء «نجم» ساحة النجمة في الجلسة التشريعية التي عقدها المجلس النيابي أمس، فإن مشروع الموازنة خطف الأضواء داخل قاعة البرلمان وخارجها بالتزامن مع حراك شعبي في الشارع مرشح لأن يكبر ويمتد في الأيام المقبلة ككرة الثلج وسط المعلومات المتداولة عن تخفيضات ستطال رواتب ومعاشات تقاعد الموظفين مدنيين وعسكريين في مشروع الموازنة.

وتابعت الصحيفة، أن ضغط الشارع، دفع المعنيين لإطلاق تصريحات من مجلس النواب لطمأنة الموظفين وامتصاص الغضب الشعبي، فقد أكد وزير المال علي حسن خليل أن «مشروع الموازنة لا يتضمن ما يحكى عن تخفيضات على الرواتب»، متمنياً على المواطنين ان «يحكموا على هذا الامر عند اصدار الموازنة». ولفت الى أن «موضوع الموازنة يُناقش بشكل كامل ولم يتم اقراره او التوافق على أي أمر بعد»، معلنا أنه «ليس صحيحاً انني وافقت على تخفيض الرواتب 15 في المئة». وشدد على أن «تخفيض الرواتب ليس جزءاً من مشروع الموازنة المقدم من قبلي»، جازماً أن «مشروع الموازنة لم يبتّ اي امر على الاطلاق في ما خص تخفيض المعاشات، والمحضر المسرّب عن اللقاء عند رئيس الحكومة ليس جزءاً من مشروع الموازنة».

وكما كان متفقاً بين القوى السياسية فإن الجلسة العامة اقتصرت على اقرار خطة الكهرباء. وهذا ما حصل رغم محاولة حزب القوات اللبنانية إدخال بعض التعديلات على الخطة لجهة تعيين الهيئة الناظمة لمدة لا تتعدى ستة أشهر، غير أن الاقتراح القواتي سقط، فأقرت الخطة كما هي من دون اي تعديل، ليرفقها الرئيس بري بتوصية سيبعث بها الى الحكومة لضرورة أن تلتزم تعيين الهيئة الناظمة من الآن حتى ستة أشهر كحد أقصى وليس ثلاث سنوات كما ورد في الخطة.

وجرى الاتفاق بطريقة غير مباشرة، بحسب ما علمت «البناء» على إسقاط صفة العجلة على المشاريع والاقتراحات الأخرى وإحالتها على اللجان النيابية بما فيها قانون سرية المصارف والنفايات وتخفيض غرامات التحقق والغرامات المتوجبة على متأخرات رسوم البلدية، في حين سحب الرئيس الحريري الاقتراحين المتعلقين بالمنطقتين الاقتصاديتين بالبترون وصور، لدرسهما في مجلس الوزراء. حسب "البناء".

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل