لبنان
لودريان يصل إلى بيروت الأربعاء.. ورواتب مُوظفي القطاع العام رهن "النصاب"
ركَّزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الاثنين على الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الفرنسي السابق جان ايف لودريان إلى بيروت بعد غدٍ الأربعاء لإجراء مشاورات مع الأطراف السياسية، ومن المتوقع أن يحمل لودريان معه نتائج لقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
كما تناولت الصحف انعقاد الجلسة التشريعية المقررة اليوم، حيث تناقش عددًا من اقتراحات القوانين، أهمّها تلك الخاصة بتعديل رواتب وتعويضات موظفي القطاع العام، وعلى الرغم من أهميّة الجلسة، ترفض كتل نيابية أداء مهامها التشريعية متذرعةً بأولوية انتخاب رئيس للجمهورية.
"البناء": لودريان الأربعاء للاستماع حول المخارج المقترحة
على خلفية هذه المناخات الرمادية الدولية تجاه الإقليم، تستكمل الحالة الرمادية سيطرتها على المشهد اللبناني الرئاسي، حيث رجّحت مصادر دبلوماسية فرنسية أن تسيطر على زيارة وزير الخارجية الفرنسي السابق جان ايف لودريان الى بيروت الأربعاء مشاوراته مع الأطراف السياسية بالاستماع إلى المخارج المقترحة من مختلف الأطراف، والتي تتراوح بين دعوة المشاركين في تقاطع ترشيح وزير المالية السابق جهاد أزعور لطي صفحة ترشيحَي أزعور وفرنجية والبحث عن مرشح ثالث، مقابل دعوة حلف ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية الى الحوار غير المشروط للبحث في مواصفات الرئيس التي تتناسب مع التحدّيات، ومحاولة إسقاطها على الترشيحات دون شروط مسبقة تتصل باستبعاد فرنجية من السباق، وإلا فإن الانتخابات النيابية المبكرة كتقليد ديمقراطي أصيل تصبح مخرجاً وحيداً لكسر الجمود.
نيابياً، يواجه انعقاد الجلسة التشريعية المقررة اليوم تحدي كيفية تأمين رواتب الموظفين، حيث تقف كتل نيابية على ضفة رفض المشاركة، رغم الضرورة بذريعة أولوية انتخاب الرئيس، بينما تتشكل نواة أغلبية كافية لعقد الجلسة بانضمام اللقاء الديمقراطي الى ثنائي حركة أمل وحزب الله وبعض النواب المستقلين والتكتلات الحليفة، بحيث يبدو مستقبل الجلسة متوقفاً على قرار التيار الوطني الحر ونوابه المشاركة في الجلسة، وهو ما يبدو أنه يسير بشكل إيجابي، سواء نحو مشاركة كاملة بقرار موافقته على تشريع الضرورة، أو عبر توفير التغطية الجزئية الكافية لتأمين النصاب اللازم للجلسة عبر حضور عدد كاف من نوابه لهذه الغاية.
يسافر المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان جان إيف لو دريان الأربعاء إلى بيروت لإجراء محادثات مع المسؤولين السياسيين، وفق مصدر دبلوماسي. وسيبدأ لودريان لقاءاته مما خلص إليه لقاء الاليزية بين الرئيس ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان لجهة إجماع الطرفين على أهمية الإسراع في انتخاب رئيس للبنان وايجاد حل للازمة. وتقول مصادر سياسية متابعة لـ»البناء» إن هناك ارتياحاً فرنسياً لموقف الرياض من الملف اللبناني لا سيما ان ولي العهد لم يدخل في الاسماء، لكنه شدد في الوقت نفسه على البرنامج الذي يفترض أن يتم وضعه من قبل الرئيس والحكومة للمرحلة المقبلة لإنقاذ البلد وترتيب علاقات لبنان مع الدول العربية والمجتمع الدولي. وقد كان ماكرون متفاهماً مع ابن سلمان حيال ضرورة إنجاز لبنان للاصلاحات المطلوبة منه على كل الصعد. وتعتبر المصادر ان فرنسا لا تزال متمسكة بتسوية الوزير السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
إلى ذلك، بعد زيارة خاطفة الى قطر، عاد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الى بيروت، بعد ان التقى المسؤولين القطريين الذين يتابعون الملف اللبناني. وبحسب معلومات “البناء” فإن زيارة باسيل تأتي في سياق سعي التيار الوطني الحر لتدخل قطري في الملف الرئاسي بعيداً عن قائد الجيش، والتدخل للمساعدة عند حزب الله عبر الإيرانيين، ولفتت مصادر سياسية إلى ان قطر أرجأت زيارة موفدها الى لبنان انسجاماً مع الحراك الفرنسي – السعودي الحاصل اليوم.
ولفت النائب طوني فرنجية الى ان “المبادرة الفرنسية تحمل سلة متكاملة من رئاسة الجمهورية فرئاسة الحكومة بالاضافة الى الإصلاحات الاقتصادية وعودة النازحين السوريين”. وأوضح بأنه “بحال انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية سيمدّ يده لمختلف الأفرقاء لا سيما المسيحيين منهم من أجل المشاركة في إنقاذ البلد”. وأوضح بأن “من صوّت لجهاد أزعور كان يعلم انه من غير الممكن ان يصل للرئاسة، ومن جهة أخرى اعتقد أنه في كلّ مرّة نأتي فيها بقائد جيش رئيساً نضرب مؤسسة الجيش ويصبح كلّ قائد جيش يتصرّف كولي عهد ولا اعتقد اليوم هناك حظوظ متقدمة لجوزيف عون”. وذكر بأنه “لحظة توفر الجدوى من الجلسة الانتخابية الثالثة عشرة، سيدعو الرئيس بري وأعتقد أن هذا سيحصل قريباً”.
"الأخبار": خلاف على طبخة بحص في مجلس النواب
يفترض أن ينعقد مجلس النواب اليوم مع وعد بإقرار تحسين طفيف لرواتب موظفي القطاع العام، إذ إن على جدول أعمال الجلسة عدداً من اقتراحات القوانين، أهمّها تلك الخاصة بتعديل رواتب وتعويضات موظفي القطاع العام، وتتضمن «إعطاء 4 رواتب إضافية للموظفين في الخدمة، و3 معاشات للمتقاعدين، وتعديل بدل النقل من 95 ألف ليرة يومياً إلى 450 ألفاً، وزيادة موازنة الجامعة اللبنانية».
الدعوة إلى الجلسة قائمة، لكنّ اكتمال النصاب يقع في خانة «غير المؤكّد، بالتالي يبقى احتمال تطيير الجلسة قائماً»، بحسب مصادر نيابية. فخلال نقاش مشاريع القوانين المرسلة من الحكومة إلى المجلس النيابي، والمتضمّنة «طلب فتح اعتمادات إضافية في موازنة عام 2023 بقيمة تناهز الـ22 ألف مليار ليرة»، لم يوافق عدد من الكتل على الطلب بحجة «أنّ حكومة تصريف الأعمال لا يمكنها إحالة مشاريع قوانين». وقد حاول أعضاء الكتل المعترضة تطيير نصاب جلسات اللجان المشتركة، ولكن لم تمر المحاولات، وحُوّلت مشاريع القوانين إلى مقترحات «على سبيل التسوية بين من ينفي قدرة الحكومة المستقيلة على إرسال مشاريع القوانين، ومن يرى هذا الرأي على أنّه هرطقة»، وبالتالي، فإنّ «محاولات التعطيل قد تنسحب على جلسة الهيئة العامة غداً» يقول النائب في كتلة الوفاء للمقاومة إيهاب حمادة، ويحسم «أن لا إمكانية للجزم بانعقاد الجلسة من عدمها، فخلال النقاشات التي سبقت الدعوة، سمعنا من النواب المعترضين على التشريع رفضاً لتحميلهم مسؤولية الانهيار الذي قد يصيب القطاع العام جرّاء عدم إقرار الزّيادات». ويلفت حمادة إلى «ضرورة إقرار مقترحات القوانين، ولا سيّما المتعلّقة بالجامعة اللبنانية، فالأساتذة المتعاقدون فيها لم يقبضوا مستحقاتهم عن الفصل الأول من العام الدراسي الماضي».
النائبة في كتلة الجمهورية القوية غادة أيوب قالت إنّ كتلتها «لا تشارك في جلسات تشريعية في ظل تحوّل المجلس إلى هيئة ناخبة»، واعتبرت أن مسؤولية أي شلل قد يصيب القطاع العام يجب أن تُحمّل إلى «معرقلي انتخاب الرئيس». وأشارت في المقابل إلى «عيب دستوري في اقتراحات القوانين قيد الدّرس. فالاعتمادات المطلوب فتحها موجودة في موازنة 2023 غير المقرّة في مجلس الوزراء»، و«هذه سابقة لم تحصل في كلّ السّنوات التي مرّت من دون موازنات، وبالتالي يمكن الطعن في هذه القوانين أمام المجلس الدستوري».
أما الموظفون الـ15 ألفاً في الإدارة العامة، فإن الزيادات التي تدور حولها المشكلات الدستورية والقانونية «لن ترفع من قيمة الرّاتب فوق حاجز الـ153 دولاراً»، بحسب رئيسة رابطة موظفي القطاع العام نوال نصر. و«هذا الأمر يسري على 80% من الموظفين الذين لا يتجاوز أساس راتبهم مليوني ليرة». أما المتقاعدون الذين لم تضع الحكومة حدّاً أدنى لمعاشاتهم، فـ«لن يستفيدوا من الزيادة إلّا بدولارين أو ثلاثة». من تقاعد على معاش 800 ألف ليرة، كان يقبض مع الزيادة الأولى في موازنة 2022 (3 رواتب)، 5 ملايين شهرياً، أي 83 دولاراً على سعر 60 ألف ليرة لمنصة صيرفة. اليوم مع الزيادة الثانية، ومضاعفة الراتب 7 مرات، سيصل معاش المتقاعد إلى 7 ملايين و400 ألف، ما يساوي 86 دولاراً على سعر صيرفة الجديد، وتكون الزيادة بذلك 3 دولارات فقط!
وتبدو الأمور أكثر تعقيداً على جبهة الأساتذة، إذ «تسعى بعض مكوّنات روابط التعليم إلى العودة للتلويح بورقة الامتحانات الرّسمية، لأن لا معلومات عن شمول الأساتذة بالرواتب السبعة وفقاً للمادة السّابعة في قرار وزير المالية 391»، بحسب مصادر في روابط التعليم. وفي حال إقرارها سيبقى شرط الحضور أقلّه 14 يوماً شهرياً عائقاً أمام استفادة الأساتذة من المساعدة، ما سيتركهم أمام «صيف حار»، إذ توقفت الحوافز بالعملة الأجنبية، والبالغة 125 دولاراً شهرياً، مع نهاية أيار، والراتب أصبح ما دون الـ100 دولار لأغلبهم. أما الحلول المنتظرة، فلا تتجاوز الوعود الدائمة من وزير التربية بطرح المسألة على أول جلسة حكومية مقبلة.
"الديار": هل تطلب باريس أن يحصل الحوار اللبناني فيها؟
سيكون اللبنانيون اليوم مع حفلة جديدة من السجالات والاخذ والرد على خلفية الجلسة التشريعية، التي يفترض ان تنعقد لتأمين رواتب موظفي القطاع العام نهاية الشهر الجاري. ففيما اعلنت قوى المعارضة وابرزها «القوات» و«الكتائب» والنواب «التغييريين» ونواب مستقلين، انهم لن يشاركوا في الجلسة لاعتبارهم المجلس النيابي الحالي هيئة ناخبة، لا يصح ان تقوم بأي عمل تشريعي قبل انتخاب رئيس جديد للبلاد، تتجه الانظار الى موقف «التيارالوطني الحر» الذي يفترض انه عقد اجتماعا ليليا لحسم موقفه، لان الجلسة رهن مُشاركته على أساس «تشريع الضرورة». علما ان نصاب الجلسة يفترض ان يكون مؤمنا سواء حضر نوابه او قاطعوا الجلسة.
وقالت مصادر كتلة «التنمية والتحرير» لـ«الديار» ان «الجلسة لا تندرج باطار تشريع الضرورة، انما باطار الضرورة القصوى، لانه في حال لم تنعقد فانه لن يكون هناك رواتب للعاملين بالقطاع العام نهاية الشهر الجاري. وبالتالي سواء قرر نواب «لبنان القوي» المشاركة في الجلسة ام لا، فان انعقادها يفترض ان يحصل طالما النصاب القانوني مؤمن».
وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري ربط بوقت سابق انعقاد جلسة تأجيل الانتخابات البلدية بحضور احدى الكتلتين المسيحيتين الرئيسيتين اي «القوات اللبنانية» او «التيار الوطني الحر»، لكنه اليوم يبدو انه قد يتجاوز هذا الامر، بحسب احد نواب «التنمية والتحرير»، لاننا هنا نتحدث عن «ضرورة قصوى».
اما من جهة «التيار»، فان وجهتي نظر اخّرتا حسم القرار العوني بالمشاركة او المقاطعة، خاصة وان لا موقف مبدئي عوني رافض للتشريع، كما هي الحال مع «القوات» و«الكتائب» و«التغييريين». وتقول وجهة النظر الاولى بوجوب المشاركة، لان الامر ملح وطارىء، وكي لا تقطف القوى المشاركة ثمر الجلسة وتُحمّل القوى المسيحية مسؤولية تطيير الجلسة، في حال قرر بري ذلك. اما وجهة النظر الثانية، فتقول بعدم المشاركة لزيادة الضعوط على «الثنائي الشيعي» لانجاز الاستحقاق الرئاسي، وطرح مخارج قانونية اخرى لصرف الرواتب.
من المفترض ان يصل المبعوث الفرنسي الرئاسي جان ايف لودريان الى بيروت يوم الاربعاء المقبل، بمحاولة لاستطلاع المواقف اللبنانية المستجدة بعد الجلسة النيابية الاخيرة التي دعا اليها بري لانتخاب رئيس، كما لتسويق مجموعة جديدة من المرشحين لتحديد ما اذا كان احد منهم يصلح ليكون نقطة تقاطع بين مختلف الفرقاء، هل ينجح المبعوث الفرنسي المجرّب في التقريب بين طرفيّ النزاع؟ مصادر متابعة لزيارة لودريان قالت ان أجواء القمّة الفرنسيّة – السعوديّة ستظهر خلال محادثات لودريان مع المسؤولين اللبنانيين، وكشفت المصادر عن ان هناك توجها فرنسيا لجمع القيادات اللبنانية على اراضيها.
وقالت مصادر مواكبة للملف الرئاسي اللبناني لـ«الديار» ان «ما رشح عن لقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، يفيد بأن المملكة غير مستعجلة لحل على الطريقة الفرنسية، وانها غير مستعدة ان تكون شريكة او ضامنة لاي حل وفق المعطيات والظروف الراهنة، وهي لا تزال عند موقفها القائل بأنها ستتعاطى مع اي رئيس تبعا لمواقفه والاجراءات التي سوف يتخذها، وبخاصة في مسار الاصلاح ومحاربة الفساد». واضافت المصادر: «لذلك فان التعويل على ان تضغط الرياض على قوى ونواب قريبين منها ليصبوا مع هذا الفريق او ذاك، ليس في مكانه ولن يحصل».