معركة أولي البأس

 

لبنان

الشيخ الخطيب من طرابلس: للخروج من الطائفية السياسية وبناء دولة المواطنة
14/06/2023

الشيخ الخطيب من طرابلس: للخروج من الطائفية السياسية وبناء دولة المواطنة

اعتبر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب أنَّ "بناء الدولة على أساس خاطئ على أساس طائفي أدخل البلد في عدم استقرار دائم، أدخل الطوائف بعضها مع بعضها الآخر في حروب وأحقاد ووضع الحواجز في ما بينهم".

كلام الشيخ الخطيب جاء خلال لقاء حواري بعنوان "المشروع الوطني والعربي والإسلامي في مواكبة متغيرات المنطقة ما بين الآمال والتحديات المحلية والإقليمية والدولية"، بدعوة من الرابطة الثقافية في طرابلس، في قاعة المكتبة العامة في الرابطة، بحضور شخصيات وفاعليات المدينة.

وقال: "نحن نتحدث بالسيادة والاستقلال أين هما؟ هل الدولة تحمّلت مسؤولية أبنائها وأرضها وكرامة شعبها عندما تم الاهتمام بالمركز وتركنا الأطراف؟ الدولة الحقيقية هي التي تهتم بالأطراف أكثر من المركز، حين تُرك الجنوب وأهل الجنوب، فالدولة تخلت عن مسؤوليتها تجاه المواطنين وتركت الجنوب للعبث وللإسرائيلي ليسرح ويمرح ساعة شاء وأهل الجنوب يتلقون الاعتداءات الإسرائيلية ودمرت بيوتهم ويُقتل أبناؤهم ويهجرون من مكان إلى مكان والدولة لم تتحرك ولم تكن موجودة".

وأشار الشيخ الخطيب إلى أنَّ "الذي يحدث أن هذا النظام المبني على الطائفية كلما يحدث هزة في منطقة أو يحصل استحقاق داخلي نُدخل الناس في بعضها البعض ونشعل حروبًا ونهدم كل ما عمل أهلنا وعملنا في بنائه. نهدّمه ونخرّبه ونقتّل أبناءنا، والذي يسلم منهم يضطر أن يهاجر إلى الخارج، فالثروة الأساسية والحقيقية هم أبناؤها الذين يتخرجون من الجامعات ويتخصصون، نحن نتحسّر عليهم وبعدها الدولة تتحسرعليهم وتقدمهم للخارج بدون مقابل، هل هذه كرامة الشعب اللبناني؟ هل هذه هي الدولة؟ لماذا لا يتقدم البلد ودائماً إلى الوراء؟ لأن البناء كان على أساس خاطئ".

وأضاف أنَّ "الطبقة المثقفة في لبنان تتحمل مسؤولية كبيرة. هي التي يجب أن تصنع الرأي العام لا أن تكون هي التي تمشي السياسات وتنفع طبقة خاصة من المنتفعين من النظام الطائفي، فهذا معيب بحق الطبقة المثقفة وأن تكون مجرد أدوات تروج للطبقة السياسية المنتفعة من هذا النظام، هذا معيب بحقها، دورها أن تصنع الرأي العام على أساس فكري وعلمي وأن تكون دولة قوية وأن تقرّب الناس من بعضها البعض، لا فرق لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى. التقوى هي، ماذا تقدم لبلدك وماذا تملك من كفاءة وإخلاص، هذه هي التقوى وليست فقط صلاة وصوم التقوى هي الإخلاص لأهلك ولبلدك، وأن تمنع من تخريبه والعبث فيه وبحقوق الناس".

وتابع الشيخ الخطيب: "المطلوب من إخواني وأهلي والمثقفين والأساتذة أن يصنعوا واقعهم وألا ينتظروا، مع احترامي للسياسيين، وأنا لا أُعمّم لكن بشكل عام. لا تنتظروا الذين يرسمون السياسات ويديرون البلاد ويأخذونكم يميناً وشمالاً أن يعطوكم المجال ويقولوا  لكم تفضلوا على بساط أحمدي وافعلوا ما ترغبون به. المطلوب أن نؤسس لثقافة جديدة في بلدنا تنقذ أبناءنا، تبني لنا المستقبل الرحب لنكون على شاكلة لبنان".

وأصاف: "اليوم طبعًا هناك مشكلة في البلد وهناك انسداد أُفق وحرب داحس والغبراء في الإعلام، والمشروع الذي أتكلم عنه "الخروج من الطائفية السياسية وبناء دولة المواطنة" هذا يحتاج إلى عمل وجهد ووقت، يجب الآن الخروج من الواقع الذي نحن فيه وإذا حصل الآن تسوية بين السياسيين وستحصل وينتخب رئيس للجهورية وتُشكل الحكومة ونتمنى ألا تطول، الطبقة السياسية تخيفنا بخطابها خطاب التعصّب وإثارة الغرائز والطائفية، يجب أن نكون واعين ولا نتبع هؤلاء الذين لا يريدون للبنان أن يقوم على أسس قوية وثابتة".

ولفت إلى أنَّه "غدًا تحصل تسوية وننسى الذي حصل والناس تنسى ولكن المثقف يجب ألا ينسى والمسؤول يجب ألا ينسى، وهذا يحثّه على العمل للمستقبل لئلا نقع في ما وقعنا فيه وكرّرنا الوقوع فيه. نقول للناس لا تركضوا وراء الطائفية ودعوات التقسيم التي هي مبنية على هذه الفكرة حقوق الطوائف".

وتابع: "أنا أخاطب إخواني المسيحيين الأعزاء الذين هم بنظري كالمسلمين الذين لا يجوز إهانتهم ولا الانتقاص من حقوقهم ولا يوجد خوف عليهم، والذي يخوّف المسيحيين في لبنان لديه مشروع، والذي قلته أنا أن المشروع الغربي حتى يدخل إلى لبنان يتحجّج بالحفاظ على الأقليات، الطوائف ليس منها خوف على بعضها البعض، الحرب التي خيضت لمدة 15 سنة لم تكن حربًا إسلاميةً مسيحيةً، كان انتصار اليمين، لم تكن هناك فتوى دينية من أي موقع إسلامي أو مسيحي، هذا تزوير باسم الدين، ولا يجب أن يقول أي موقع ديني أنا أُريد أن أُحافظ على طائفتي فهذا غير صحيح، لا خوف من الطوائف بعضها من بعض".

وأشار الشيخ الخطيب إلى أنَّ "الطائفية هي العلة و تدخل الطوائف بعضها ببعض، لذلك نحن لا نحسب أنفسنا أقلية وأنا أريد من إخواني المسيحيين وغير المسيحيين ممن ينغشون بشعار الأقلية نحن لسنا أقليات، المسيحية جزء من تاريخنا ومن عقيدتنا ومن شعبنا، والمسيحيون شرقيون هنا وليسوا مستعمرين ولا طارئين، والمسلمون من أي طائفة كانوا هم كذلك".

وقال: "نحن جميعًا ننتمي إلى هذا المشرق ونتعرّض لنفس المظالم ومصيرنا واحد، وأين المسيحيون في فلسطين، ولكن المسيحيين كانوا موجودين في فلسطين قبل اليهود وقبل الصهيونية، والمسيحيون موجودون في قلب الحضارة الإسلامية، موجودون في بغداد وفي دمشق وفي القاهرة موجودون في لبنان ولم يولد المسيحيون مع ولادة دولة لبنان، هم جزء من هذا الشرق ولهم إسهامات وكانوا موجودين في قلب الحضارة الإسلامية التي مرت على هذا الشرق وكانوا وزراء ومستشارين وكان لهم دخالة في رسم السياسات، لو كان المسيحيون أقلية معرّضين في هذا المشرق للخطر لم يكن أحد منهم موجودًا الآن، ولم تكن هناك كنيسة الآن، الكنائس عمرها مئات السنين بل آلاف السنين بقيت كما هي وبقي المسيحيون على احترامهم".

واعتبر أنَّ "هذا هو الواقع ولنقرأ التاريخ وليس الذي يسمموننا به على وسائل التواصل الاجتماعي أو على بعض وكالات الأنباء وبعض المواقع الاإكترونية، علينا أن نقرأ وندقق في التاريخ ونرى، لا يوجد طائفة مسيحية أو إسلامية في الحقوق والواجبات ويجب أن نبني على هذا وعلى احترام بعضنا البعض وعلى احترام إنسانيتنا، الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق، ولكن يوجد مشكلة كبيرة في هذا الموضوع إضافة الى الثقافة الاستعمارية التي تمكّنت من نفوس أبنائنا ونحن إما  كنا مقصرين في نشر الثقافة الحقيقية للإسلام والمسيحية".

كما أكَّد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أنَّ "الكيان الإسرائيلي الذي لم يأت إلا لتمزيق هذه المنطقة وليكون قاعدة غربية لتثبيت أركانه ووجوده في المنطقة للاستيلاء على خيراتها، فالكيان الإسرائيلي الذي قام على العنصرية وقتل الفلسطينييين. والفلسطينيون يرون ما يجري في فلسطين، هل نريد ان نكرر نحن في لبنان ما يجري بالشعب الفلسطيني؟ أن نقتل بعضنا ونهجر بعضنا لنؤسس دولة مسيحية أو شيعية أو درزية أو سنية؟ هل هذه مشاريعنا الطائفية؟ أن نكرر نكبة فلسطين بأيدينا؟ دون أن يدفع الغرب أي ثمن في هذا الطريق وندفعه نحن من أبنائنا ووجودنا ومستقبلنا".

وتوجَّه الشيخ الخطيب للذين يرفعون شعار التقسيم بالقول: "أرى في بعض القنوات التلفزيونية بعض المظاهر التمثيلية موضوع الفبركة، لذلك هذا المشروع المقصود فيه هو مشروع إسرائيلي سواء قبلنا أو لم نقبل هذا غير مقبول بحقنا جميعًا. لذلك هذا الموضوع ليس بسيطًا بل خطير، ويجب أن ننتبه له. بالكاد أن نحافظ على وحدة بلدنا ارضًا وشعبًا ووحدة اللبنانيين ومساواتهم وحقوقهم والخروج من هذا النظام الطائفي الذي يفرق بيننا ويزرع الحقد بينهم".

إقرأ المزيد في: لبنان