لبنان
الفراغ الرئاسي دخل شهره الثامن.. والرئيس بري يردّ على الراعي: لا ينفع معنا التهديد
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على أنّ كلام البطريرك بشارة الراعي الموجه لرئيس مجلس النواب نبيه بري حول الدعوة الى عقد جلسة انتخاب لرئيس للجمهورية، بطريقة أوحى بها بتحميل بري مسؤولية عرقلة انتخاب الرئيس، تسبّب برد فوري من الرئيس بري، فقال إنه لا يقفل مجلس النواب، لكنه لن يدعو لجلسة انتخاب قبل ظهور ترشيحين جديين على الأقل، وتولّى المفتي الجعفري أحمد قبلان الردّ على الراعي، قائلاً "نحن شركاء وطن وصنّاع سيادة وحماة دولة وبلد ولسنا عبيداً، ولبنان يُصنَع في لبنان وليس بالطائرة، والسيادة الوطنية على أبواب مجلس النواب وليست بالأوراق المحمولة جواً، وتاريخ لبنان شاهد".
"الأخبار"| حصيلة زيارة الراعي لباريس: لا انتخابات قريبًا وعودة إلى الحوار
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أنّ الساعات الماضية أظهرت أن المستجدّ الأساسي في الملف الرئاسي، بعد زيارة البطريرك بشارة الراعي للفاتيكان وفرنسا، هو إعادة فتح قنوات الحوار بين كل الأطراف، في ضوء توجه «القوى المسيحية البارزة» إلى الاتفاق على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور مقابل ترشيح ثنائي أمل وحزب الله للوزير السابق سليمان فرنجية. فيما لا أجواء توحي بقرب دعوة المجلس النيابي لعقد جلسة انتخاب.
وعلمت «الأخبار» أن مقربين من بكركي كانوا ناقشوا الملف الرئاسي مع مسؤولين في الفاتيكان، مع طلب واضح بالتدخل لدى باريس من أجل إفساح المجال أمام جولة جديدة من الحوار لتوفير مناخ توافقي على مرشح للرئاسة، وعدم حصر مساعيها بحث النواب على السير في تسوية انتخاب فرنجية.
وقالت المصادر إن الراعي تعمّد زيارة روما أولاً للاطلاع على نتائج الاتصالات بين الفاتيكان وباريس، وتبلّغ بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيستمع إلى رأيه في شأن جولة جديدة من الحوار، وسيشرح له الموقف الفرنسي من تسوية فرنجية. علماً أن ماكرون أوفد إلى بيروت قبل أسبوعين، المصرفي اللبناني سمير عساف الذي التقى الراعي وأبلغه تقديم موعد الدعوة الفرنسية من الأسبوع الأول من حزيران إلى الثلاثين من الشهر الماضي.
وبحسب مطلعين، لمس الراعي من لقائه ماكرون تأثيراً واضحاً لمساعي الفاتيكان الذي «أبلغ مسؤولون فيه الجانب الفرنسي بأن على باريس عدم تجاهل مصالحها التاريخية في لبنان، والأخذ في الاعتبار عدم تجاوز المسيحيين في اختيار الرئيس المقبل». وعُلم أن باريس أبدت اهتماماً بالأخبار الواردة عن اتفاق القوى المسيحية على مرشح واحد، وهي تنتظر الإعلان النهائي عنه، لكنها تريد تهدئة المناخات الداخلية ووقف التصعيد وفتح الباب أمام جولة جديدة من الاتصالات. إلا أن الفرنسيين لم يبلغوا الراعي صراحة بتراجعهم عن موقفهم، رغم عدم ممانعتهم إفساح المجال أمام حوار وطني لبناني.
وهذا ما عبّر عنه الراعي أمس، أمام وفد من نقابة الصحافة، بقوله إن «الفاتيكان وفرنسا طلبا مني أن أعمل داخلياً مع بقية المكونات»، مشيراً إلى «تواصل دائم مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي. وسنتصل به أيضاً للتداول في الملف الرئاسي، كما سنتكلم مع الجميع من دون استثناء، بمن فيهم حزب الله. والحراك سيبدأ من اليوم».
وعلمت «الأخبار» أن الراعي سيرسل موفدين إلى القوى السياسية، وأن بكركي تنتظر أيضاً قيام الفاتيكان باتصالات موازية مع الجهات الخارجية المؤثرة في الملف اللبناني، إضافة إلى اتصالات ستتولاها فرنسا مع قوى لبنانية وخارجية، لا سيما السعودية.
وقالت مصادر سياسية إن «الراعي تلقى نصيحة من الفاتيكان بعدم الذهاب بعيداً في معاداة حزب الله أو الطائفة الشيعية»، وإن المسؤولين في الكرسي الرسولي أكدوا أن «الملف الرئاسي يجب أن يُبحث بالتوافق مع كل المكونات اللبنانية».
ووفق المعلومات التي بدأت تتوافر عن لقاء البطريرك بماكرون فإن الأخير كانَ واضحاً وصريحاً، بعدَ عرض الراعي لآخر التطورات المتعلقة بالاتفاق المسيحي على مرشح، بأن «هذا الأمر مهم، لكنه غير كاف لانتخاب رئيس» وأن «الأمور في البلد تحتاج إلى توافق مع القوى السياسية». وبناء على هذه الرسالة التي عادَ بها الراعي إلى بيروت، أطلق كلامه الذي لم يخل من نبرة حادة، وأكد فيه أنه «لا يحقّ لأحد أن يلعب بمصير اللبنانيين، والشعب ليس بدجاج ولا بقطيع. ولا أحد يحقّ له هدم لبنان، أصبحنا مسخرة الدول بسبب بعض السياسيين».
وبينما أشيعت معلومات عن إمكانية أن «يتوجّه الراعي إلى رئيس مجلس النواب في عظة الأحد لدعوته إلى فتح مجلس النواب»، اتخذ إعلانه عن بدء حراك سياسي بُعداً بالِغ الجدية. ومن المتوقع أن تشكّل نهاية الأسبوع الجاري اختباراً لهذا الحراك، في وقت بدأت قوى سياسية تطرح تساؤلات عما إذ كان سيؤثر في المشاورات بينَ قوى المعارضة قبلَ الإعلان عن ترشيح أزعور. وثمة ما يلفِت إليه المطلعون، وربما يلعب دوراً في تجميد هذه المشاورات أو تخفيف اندفاعتها لا سيما عند رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، بخاصة أنه كانَ أمل تغييراً في الموقف الفرنسي يدعم الموقف المسيحي ويعيد خلط الأوراق في الداخل ويدفع ثنائي حزب الله وحركة أمل إلى التراجع عن ترشيح فرنجية.
في موازاة ذلك، تستمر الورشة السياسية المعقدة بينَ قوى المعارضة (الثلاثي الماروني إلى جانب التغييرين والمستقلين) للتوصل إلى اتفاق نهائي حول أزعور وإيجاد المخرج الملائم للإعلان عن ترشيحه وانتخابه، بعدَما أظهرت وقائع اليومين الأخيرين أن ترشيحه في مواجهة فرنجية سينقل الملف الرئاسي إلى شكل آخر من المواجهة، وأن المعركة أضحت أمراً محسوماً.
وفي هذا الإطار، تقول أوساط سياسية أن «الثنائي ماضٍ في دعم فرنجية حتى النهاية ولن يتراجع ولا يفكر في خطة بديلة، وهو ينظر بجدية إلى ترشيح أزعور ويدرس كيفية التعامل معه»، نافية أن «يرفض بري الدعوة إلى جلسة، فإعلان ترشيح أزعور سيشكل إحراجاً له بحيث لن يكون قادراً على تجاهل الدعوات إلى عقد جلسة». وقالت الأوساط إن «البحث انتقل جدياً، من قبل الطرفين، إلى كيفية إدارة المعركة من داخل الهيئة العامة»، وبمعزل عن «الأصوات التي يؤكد طرفا الصراع أنها مضمونة لمصلحة هذا المرشح أو ذاك، هناك قنبلة موقوتة متمثلة بالنواب الذين لم يكشفوا موقفهم أو أولئك الذين لا يزال قرارهم ملتبساً وغير مضمون، وهم من يعمل كلا الطرفين على استمالتهم».
"البناء": برّي لن يدعو لجلسة قبل ترشيحين جدّيين على الأقل... وسجال رئاسي بين الراعي وقبلان
من جهتها، لفتت صحيفة "البناء" إلى أنّ كلام البطريرك بشارة الراعي الموجه لرئيس مجلس النواب نبيه بري حول الدعوة الى عقد جلسة انتخاب لرئيس للجمهورية، بطريقة أوحى بها بتحميل بري مسؤولية عرقلة انتخاب الرئيس، تسبّب برد فوري من الرئيس بري، فقال إنه لا يقفل مجلس النواب، لكنه لن يدعو لجلسة انتخاب قبل ظهور ترشيحين جديين على الأقل، وتولّى المفتي الجعفري أحمد قبلان الردّ على الراعي، قائلاً «نحن شركاء وطن وصنّاع سيادة وحماة دولة وبلد ولسنا عبيداً، ولبنان يُصنَع في لبنان وليس بالطائرة، والسيادة الوطنية على أبواب مجلس النواب وليست بالأوراق المحمولة جواً، وتاريخ لبنان شاهد».
على الصعيد الوطني شكلت الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الرئيس رشيد كرامي منصة لإطلاق المواقف التي استذكرت مواقف الرئيس الشهيد ومواجهته لمشاريع التفتيت والتقسيم، ودفاعه عن موقع لبنان في مواجهة المشاريع الإسرائيلية، وتمسّكه بعروبة لبنان وعلاقاته المميزة بسورية. وقال النائب فيصل كرامي في ذكرى اغتيال الرشيد، «لقد فقدت «إسرائيل» الوظيفة التي أُنشِأت لتأديَتِها وهي الوظيفة العسكريّة، وها نحنُ نراها تبني جدران العزل العنصريّ وتُحاصِرُ نفسَها بنفسِها وتتخبّطُ في شتّى أنواعِ الأزماتِ». وتابع كرامي «هذه البشائرِ أيضاً تتقاطع بالنسبة إلينا مع الحتميّةَ التاريخيّةَ والجغرافية وهي زوالُ «إسرائيل» حتمًا، ولكنّ فُقدان هذه العِصابة الحاكمة في «إسرائيل» لوظيفَتِها العدوانية العسكرية سيجعلُها تنتقِلُ إلى الوظيفة العدوانية الأمنية في لبنان وفي كل الدول العربية، سواء عبرَ إشعالِ الفِتن المتنوعة أو عبرَ الاغتيالات أو عبر دفع أدواتها إلى افتعال ما يشبه الحروب الأهلية المتهورة». ودعا كرامي الى التنبه لهذه المخاطر معتبراً أن الفيدرالية أو الكونفيدراليّة أو ما يُسمّى اليومَ باللّامركزيّة المُوسّعة الإداريّةِ والماليّة، هي «أوّلُ مساراتِ اختِفاء لبنان».
وكما كان متوقعاً أجرى الوزير السابق جهاد أزعور اتصالات عبر زوم مع عدد من نواب تكتل التغييريين أمس، ناقش معهم عدة نقاط تتعلق ببرنامجه في حال وصوله إلى سدة الرئاسة.
وعلمت «البناء» أن أزعور وعندما رشّحته بعض قوى المعارضة في المرة الأولى امتعض من عدم إعلان الترشيح رسمياً وعدم إبلاغه بالأمر وتردد التيار الوطني الحر بدعمه، فقرّر التراجع بحجة أنه لن يكون مرشح تحدٍ وطلب فتح قنوات الحوار مع الثنائي حزب الله وحركة أمل، لكن وعندما استشعرت قوى المعارضة ارتفاع حظوظ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية عقب القمة العربية ولقاء الرئيس بشار الأسد والأمير محمد بن سلمان والضغط الفرنسي، سارعت هذه القوى ومعها التيار الوطني الحر إلى التكاتف وقطع الطريق على وصول فرنجية كهدف يتقاطع حوله الجميع، فتحمّس أزعور وقرّر العودة الى الترشح وتلقى نصائح من جهات عدة لا سيما من الرئيس فؤاد السنيورة بزيارة المرجعيات السياسية فزار الرئيس نبيه بري ورئيس القوات سمير جعجع والنائب جبران باسيل وأجرى سلسلة اتصالات منفردة مع نواب التغيير بعدما اشتكى بعض النواب من عدم تواصل أزعور معهم.
كما أشارت مصادر مواكبة لحركة المشاورات لـ»البناء» الى أنه وحتى لو أعلنت قوى المعارضة والتيار دعم أزعور، لكن هناك مسار طويل من النقاشات والنقاط الخلافية التي عليهم التوافق حولها قبل انتخابه ولا يبدو وفق المصادر أن الأمور سهلة، بسبب الخلافات في الرؤية والتوجهات السياسية والاقتصادية بين هذه القوى التي لا يجمعها سوى إسقاط فرنجية فقط.
وفي موازاة ذلك، عقد ممثلون عن كتل القوات اللبنانية والكتائب وتجدد وعدد من نواب التغيير اجتماعاً لوضع الآليات المناسبة المؤدية الى بلورة اتفاق رئاسي بينها وبين كتل أخرى تقاطعوا معهم على اسم مرشح مشترك لرئاسة الجمهورية. وتم التداول في كيفية تظهير هذا التقاطع عند حدوثه بما يدفع باتجاه إنهاء الفراغ الرئاسي وإنقاذ لبنان من أزمته.
وأعلن عضو تكتل القوات النائب فادي كرم، أن «خليّة أفرقاء المعارضة تعقد اجتماعات يومية، للبحث في طريقة إعلان تبنّي ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور خلال أيام وبالتنسيق مع التيار الوطني الحرّ، من أجل أن نكون فريقاً واحداً متماسكاً لمقاربة المعركة الرئاسية والضغط على الرئيس نبيه بري بهدف الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس في أسرع وقت». وأشار في حديث إذاعي إلى أن «الرئيس بري يعلم أنه من مصلحة البلد الدعوة إلى جلسة، لا سيّما أن هناك مرشحَين وكل الأفرقاء باتوا جاهزين للانتخابات الرئاسية واتّخذوا مواقفهم، وبالتالي سقطت اليوم الحجة وراء عدم الدعوة إلى جلسة». وقال «من المفترض أن مرشحنا جهاد أزعور لديه القدرة على تأمين أكثر من 65 صوتاً».
واتهمت أوساط سياسية مسيحية محايدة التيار والقوات والكتائب بالتوحّد على هدف إسقاط فرنجية وتحويله الى مرشح تحدٍ للمسيحيين يفرضه حزب الله عليهم، مشيرة لـ»البناء» الى أن خطة هؤلاء تبني أزعور وإطلاق حملة سياسية وإعلامية كبيرة ضد رئيس المجلس نبيه بري للدعوة إلى جلسة تنافسية بين فرنجية وأزعور تنتهي بنتيجة توازن سلبيّ أي لا يحظى أي منهما على 65 صوتًا على مدى أكثر من جلسة ومن دورة، فيسقط الاثنان بالضربة القاضية وينتقل الجميع الى المرحلة الثانية أي الى المرشح التوافقي، فيكون فريق المعارضة حقق هدفين: الأول إسقاط فرنجية وهذا هدف مشترك مع التيار، أما الثاني فهو تسويق مرشح توافقي قد يكون قائد الجيش العماد جوزاف عون. كما اتهمت الأوساط بعض هذه الأطراف بالرهان على ضغط خارجي وعقوبات على مقربين من الرئيس بري لدفعه للدعوة الى جلسة لإسقاط فرنجية.
إلا أن الرئيس بري وفق مصادر مطلعة على أجوائه لـ»البناء» لن يرضخ للضغوط لا الداخلية ولا الخارجية وسيمارس حقه الدستوري وسيطبق الدستور بما يحفظ الشراكة الوطنية والميثاقية والسلم الأهلي والاستقرار.
وجدّد رئيس المجلس التأكيد وفق بيان لمكتبه الإعلامي على «أن أبواب المجلس النيابي لم ولن تكون موصدة أمام جلسة انتخاب رئيس للجمهورية بحال أُعلن عن ترشيحين جديين على الأقل للرئاسة، وخلاف ذلك من تشويش وتهديد لا يعود بفائدة ولا ينفع لا سيما مع رئيس المجلس».
وكانت لافتة زيارة قائد الجيش الى عين التينة بتوقيتها حيث التقى الرئيس بري. وأفيد أنه تم التوافق بين بري وقائد الجيش على توقيع مرسوم ترقية ضباط من رتبة عقيد الى عميد أي دورة العام 1994 وترقيات دورتي 1995 و1996.
وتأتي الزيارة في ضوء بلوغ الملف الرئاسي مرحلة جديدة وتوافق المعارضة على ترشيح أزعور وتسويق أسماء توافقية بحال سقط خيار أزعور وأبرزهم قائد الجيش، وبالتزامن مع ضغوط أميركية على لبنان والتلويح بعقوبات مالية على سياسيين لبنانيين معرقلين للاستحقاق الرئاسي، كما أعلنت أمس الاول، الديبلوماسية الأميركية باربرا ليف.
وفي أول موقف له عقب عودته من فرنسا والفاتيكان، أعلن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أننا «لمسنا في خلال جولتنا على الفاتيكان وفرنسا ارتياحاً للتوافق المسيحي على اسم والآن سيبدأ العمل». اضاف أمام وفد نقابة الصحافة «الفاتيكان وفرنسا طلبا مني أن أعمل داخليًّا مع باقي المكوّنات وسنتكلّم مع الجميع من دون استثناء حتى مع حزب الله والحراك سيبدأ من اليوم». ولفت الراعي إلى أن «ما فهمته ان هناك اتفاقاً على شخص من قبل المكونات المسيحية وعلى هذا الأساس تحرّكت، لأن لبنان لم يعد يحتمل». واشار الى «أننا أصبحنا مسخرة للدول بسبب بعض السياسيين ولا يحق لأحد أن يلعب بمصير الشعب ولا يحق لأحد أن يهدم لبنان»، مؤكداً أن «على رئيس مجلس النواب الدعوة إلى جلسة قبل شهرين من انتهاء الولاية ولكن نحن نتميّز بمخالفة الدستور».
على صعيد آخر، يبذل رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان جهوداً على خط صرف اعتمادات رواتب القطاع العام بعد تأخّر صرفها من وزارة المالية بسبب غياب الموازنة العامة للعام 2023، وقال النائب كنعان: «تبلّغتُ من جهاتٍ معنيّة ألا اعتمادات للجيش والقوى الأمنية في اليومين المقبلين ومسألة الرواتب بالغة الأهمية ومشاركة «لبنان القوي» في أي جلسة تشريعية لهذا الغرض تدرس في ضوء ضرورات المرحلة». أضاف: بالمبدأ كان يُفترض على الحكومة أن تُحيل موازنة 2023 إلى المجلس منذ أشهر، ولكنني وبسبب الظروف الاستثنائية سأبدأ باتصالات مع مختلف الكتل لمحاولة التوصل إلى صيغة لصرف الاعتمادات اللازمة لرواتب القطاع العام».
وفي ظل العتمة التي تظلل المشهد الداخلي، برزت بقعة ضوء كهربائية مصدرها العراق، حيث تلقى وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، رسالة من شركة تسويق النفط العراقي التابعة لوزارة النفط تبلغه بالمضي قدماً في «مضاعفة كمية الفيول اويل الشهرية المخصصة للبنان بموجب الاتفاقية السارية المفعول، من 80 ألف الى 160 ألف طن ابتداء من شهر تموز».
وفي بيان صادر عن المكتب الإعلامي لفيّاض، قال: «تأتي هذه الخطوة بعد المشاورات التي أجراها وزير الطاقة والمياه الدكتور وليد فياض والاجتماعات التي قام بها مع الجانب العراقي، وكان آخرها في الشهر الماضي مع رئيس الوزراء السيد محمد السوداني ووزير النفط حيان عبد الغني وما تبعها من قرار لمجلس الوزراء العراقي. وتحقق هذه الزيادة في الكميّة فرصة لمضاعفة الطاقة الكهربائيّة التي تنتجها محطات الإنتاج العاملة على الغاز اويل والفيول، وذلك لتلبية حاجات اللبنانيين من التغذية الكهربائية خلال الصيف. ومن شأن وصول الكمية الجديدة أن يخفف الحاجة الى استيراد مادة «الديزل أويل» من قبل الشركات اللبنانية المستوردة لصالح المولدات الخاصة».
قضائياً، وفي توقيت مشبوه، اتهم القضاء العسكري «خمسة عناصر من حزب الله، أحدهم موقوف، بجرم القتل عمداً في الاعتداء على دورية للكتيبة الإيرلندية العاملة في قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان، والذي أسفر عن مقتل جندي إيرلندي»، وفق ما أفاد مصدر قضائي.
وتضمن القرار الاتهامي، الذي أصدره قاضي التحقيق العسكري الأول فادي صوان، «عناصر تنتمي إلى حزب الله بتأليف جماعة من الأشرار، وتنفيذ مشروع جرميّ واحد». وأكّد صوان أن «أفعالَ كلّ من الموقوف محمّد عيّاد وأربعة فارين من وجه العدالة تنطبق على الفقرة الخامسة من المادة 549 من قانون العقوبات اللبناني والتي تنصّ على أنه «إذا ارتكب جرم على موظّف رسمي أثناء ممارسته الوظيفة أو في معرض ممارستها أو بسببها يعاقب بالإعدام».
وفي أول تعليق على القرار، أعلن الناطق الرسمي باسم اليونيفيل أندريا تيننتي، أن «القرار خطوة مهمة نحو العدالة، ونحن نواصل الحثّ على محاسبة جميع الجناة المتورطين. إن الهجمات على الرجال والنساء الذين يخدمون قضية السلام تعتبر جرائم خطيرة ولا يمكن التسامح معها. إننا نتطلع إلى تحقيق العدالة للجندي روني وزملائه المصابين وعائلاتهم».
"النهار": حماوة تصاعدية تستبق انطلاق "المواجهة الثنائية"
بدورها، كتبت صحيفة "النهار": مع ان فصول مشهد "المواجهة الثنائية" الرئاسية لم تكتمل تمامًا بعد في انتظار الإعلان الرسمي النهائي لتفاهم قوى المعارضة و"التيار الوطني الحر" ومجموعة وازنة من النواب المستقلين والتغييريين على ترشيح الوزير السابق مدير دائرة الشرق الأوسط وجنوب اسيا في صندوق النقد الدولي جهاد ازعور مرشحا منافسا لرئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، بدا واضحا ان الوسط السياسي والنيابي والحزبي بدأ واقعيا الانخراط في تموضعات هذه المواجهة. وما لم تطرأ عوامل مفاجئة تؤدي الى مزيد من التريث في اعلان تبني ترشيح ازعور، فان المعطيات المتوافرة من معظم قوى المعارضة تؤكد ان القرار بإعلان التفاهم على ترشيحه بفعل التقاطع المثبت بين هذه القوى و"التيار الوطني الحر" سيكون غدًا السبت بعدما صار الترشيح امرا مثبتا ومنجزا لا تراجع عنه.
وفي ظل هذا التطور يمكن فهم وتفسير الكثير من جوانب الحماوة السياسية التي بدأت تتصاعد بشكل ملحوظ في الأيام الأخيرة، ثم اتخذت دلالات معبرة داخليا عقب تطورين بارزين يتصلان بتحركات ومواقف خارجية تمثل الاول في زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لباريس، وتمثل الثاني في الموقف الأميركي الملوح بفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين وتحديدا رئيس مجلس النواب نبيه بري. واذا كان رد بري الضمني على الموقف الأميركي من دون ان يسميه، بدا أيضا ردا ضمنيا مرادفا على البطريرك الماروني الذي انتقده فربط استعداده للدعوة الى جلسة انتخابية "بترشيحين جديين" بما يشكل مجددا اختبارا عاجلا للقوى التي تزمع ترشيح ازعور بالسرعة القصوى لاثبات "جدية" الترشيح ورمي الكرة مجددا في ملعب بري، فان اللافت ان عاملا جديدا ادخله البطريرك الراعي في اول كلام له بعد زيارته لباريس عن تحرك لبكركي يشمل الجميع بما فيهم حزب الله. هذا التطور احدث ترددات ينتظر ان يتم التعبير عنها لدى القوى السياسية المختلفة في حين أعربت أوساط عدة عن استغراب واسع للهجمة التي شنت على الراعي امس على لسان رجل دين بالوكالة عن الثنائي الشيعي وفسرت بانها من انعكاسات حشر الثنائي وتحميله تبعة التعطيل المتمادي في حال عدم تعامله بما يلزم دستوريا وديموقراطيا مع ترشيح ازعور كعامل يقفل الباب على الابتزاز السياسي والطائفي.
وقد دفع التلويح الاميركي بعقوبات على معطلي الانتخابات رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الرد عبر مكتبه الاعلامي ببيان "جدد عبره التأكيد أن أبواب المجلس النيابي لم ولن تكون موصدة امام جلسة انتخاب رئيس للجمهورية بحال أُعلن عن ترشيحين جديين على الأقل للرئاسة وخلاف ذلك من تشويش وتهديد لا يعود بفائدة ولا ينفع لا سيما مع رئيس المجلس".
والى الرد على التلويح بالعقوبات فهم ان ما ورد في البيان أراد "تصحيح الالتباس" الذي رافق الكلام المنقول عن بري حيال اعتبار الوزير السابق جهاد ازعور مرشح مواجهة يرمي الى عرقلة انتخاب مرشح الثنائي سليمان فرنجية، فكان تأكيد بان بري جاهز لفتح أبواب المجلس امام المرشحين الجديين. وقالت أوساط بري انه لا يستهدف ازعور الذي لم يعلن ترشيحه بعد، كما لم تعلن القوى المتوافقة على اسمه ترشيحها له او دعمها لترشحه. وهذا الكلام ينطبق ايضاً على المرشح فرنجيه الذي لا يزال يتريث في اعلان ترشحه رغم إعلان الثنائي دعمه وتأييده. اما بالنسبة الى التهديد بالعقوبات على المعطلين، فدعت أوساط بري "كل من هناك "مسلة تحت ابطه" لأن يتذكر مواقفه السابقة حيال تعطيل نصاب الجلسات والامتناع عن الحضور الى المجلس". وقالت ان هذا الكلام يستهدف نوابا وكتلاً من مختلف المشارب، وقد صدر عن أصحابه في لبنان كما من واشنطن. وذكرت هذه الأوساط "بالمبادرات المتكررة لرئيس المجلس، ان عبر الدعوات الى الحوار او عبر عقد 11 جلسة انتخاب، مؤكدة ان بري لن يتوانى عن الدعوة الى جلسة جديدة عندما يلمس جدية عند المرشحين في تقديم ترشيحاتهم، او لدى الكتل في الإعلان الجدي عن مرشحيها".
ترشيح ازعور
وفي اطار الاستعدادت لانجاز التفاهم على ترشيح ازعور، اعلن امس ان ممثلين عن كتل "الجمهورية القوية" والكتائب "والتجدد" وعدد من نواب التغيير عقدوا اجتماعا "لوضع الآليات المناسبة المؤدية الى بلورة اتفاق رئاسي بينها وبين كتل اخرى تقاطعوا معهم على اسم مرشح مشترك لرئاسة الجمهورية. وتم التداول في كيفية تظهير هذا التقاطع عند حدوثه بما يدفع باتجاه إنهاء الفراغ الرئاسي وإنقاذ لبنان من أزمته". وكشف عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب فادي كرم، أن "خليّة أفرقاء المعارضة تعقد اجتماعات يومية، للبحث في طريقة إعلان تبنّي ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور خلال أيام وبالتنسيق مع التيار الوطني الحرّ، من أجل أن نكون فريقاً واحداً متماسكاً لمقاربة المعركة الرئاسية والضغط على الرئيس نبيه بري بهدف الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس في أسرع وقت". وأشار إلى أن "الرئيس بري يعلم أنه من مصلحة البلد الدعوة إلى جلسة، لا سيّما أن هناك مرشحَين وكل الأفرقاء باتوا جاهزين للانتخابات الرئاسية واتّخذوا مواقفهم، وبالتالي سقطت اليوم الحجة وراء عدم الدعوة إلى جلسة"، وقال "من المفترض أن مرشحنا جهاد أزعور لديه القدرة على تأمين أكثر من 65 صوتا".
الراعي: سنتحرك
في غضون ذلك، اعلن البطريرك الراعي غداة عودته من زيارتيه لفرنسا والفاتيكان "اننا لمسنا في خلال جولتنا ارتياحا للتوافق المسيحي على اسم والان سيبدأ العمل". اضاف أمام وفد نقابة الصحافة "الفاتيكان وفرنسا طلبا مني أن أعمل داخليًّا مع باقي المكوّنات وسنتكلّم مع الجميع من دون استثناء حتى مع حزب الله والحراك سيبدأ من اليوم". ولفت إلى أن "ما فهمته ان هناك اتفاقا على شخص من قبل المكونات المسيحية وعلى هذا الاساس تحركت لأن لبنان لم يعد يحتمل". واشار الى "أننا أصبحنا مسخرة للدول بسبب بعض السياسيين ولا يحق لأحد أن يلعب بمصير الشعب ولا يحق لأحد أن يهدم لبنان"، مؤكدا ان "على رئيس مجلس النواب الدعوة إلى جلسة قبل شهرين من انتهاء الولاية ولكن نحن نتميّز بمخالفة الدستور".
في المقابل شن المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان هجوما جديدا حادا على الراعي وان خاطبه بـ"الأخ في إنسانيتنا وشريكنا في الوطن والوطنية غبطة البطريرك الراعي" وقال: "نحن شركاء وطن وصناع سيادة وحماة دولة وبلد ولسنا عبيدا، ولبنان يصنع في لبنان وليس في الطائرة، والسيادة الوطنية على أبواب مجلس النواب وليست بالأوراق المحمولة جوا، وتاريخ لبنان شاهد. وحين شاركت واشنطن وكل الغرب باتفاق 17 أيار الصهيوني شطبته المقاومة بالدم واستردت لبنان، وكان وما زال الرئيس نبيه بري وحركة "أمل" والمقاومة ضمانة وجود لبنان وعنوان سيادته واستقلاله وعيشه المشترك، وتاريخ الرئيس نبيه بري باللعبة البرلمانية يساوي مصالح لبنان الوطنية تماما يوم كان لبنان معروضا في البازار وعلى "عينك يا تاجر"، وكفانا تنظيرا للتوقيت وإعطاء لدروس منتهية الصلاحية".
الكهرباءباريسالفاتيكانرشيد كراميالعقوبات المالية