لبنان
اللجان تطالب باستقالة سلامة.. والشيخ قاسم: قدراتنا استثنائية وسنعبر
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم على قضية حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، ومناورة مجاهدي حزب الله الأخيرة. إذ بقيت مذكرة التوقيف الألمانية بحق سلامة للاشتباه في ارتكابه جرائم فساد تتضمن غسل أموال وتزويراً واختلاساً الطاغية على باقي الملفات، وقد شكلت إرباكاً وضياعاً لدى المرجعيات السياسية والأمنية والقضائية في التعاطي معها، هذا في الوقت الذي طالب فيه غالبية النواب بإستقالة سلامة من منصبه وتعيين بديل
له.
كما تناولت الصحف مناورة المقاومة "قسماً قادرون وسنعبر"، إذ شدد نائب الأمين لحزب الله الشيخ نعيم قاسم مساء أمس على "أننا مع وحدة الساحات، وليعلم الإسرائيلي أنه لا يستطيع أن يتخطى معادلة الردع، وأننا نمتلك قدرات استثنائية لمواجهة العدو، ولدى الإسرائيلي حدود ولا يمكنه تجاوز معادلات الردع".
"البناء": قاسم.. مع وحدة الساحات وقدراتنا استثنائية للمواجهة… والسيد نصرالله غدًا يرسم المعادلات
لا زالت مناورة المقاومة تحت شعار “قسماً قادرون وسنعبر” محور أحداث المنطقة، حيث تحولت ترددات المناورة إلى العنصر الحاسم في النقاش السياسي والعسكري داخل كيان الاحتلال، بعدما أكتشف قادة الكيان حجم الأثر الذي تركته المناورة والرسائل التي حملتها على اتجاهات الرأي العام وجمهور المستوطنين، وعبّر تصاعد التعامل مع نتائج المناورة بين قادة الكيان عن فشل محاولات زرع الطمأنينة في نفوس المستوطنين، فانتقل الحديث من محاولات الاستخفاف بالمناورة إلى التحذير من مخاطرة المقاومة بإطلاق أسراب من الطائرات المسيّرة من سورية والتهديد بالرد القاسي عليها، والتلويح بخطر انفجار حرب بسببها، وصولاً إلى التهديد المباشر بشن حرب على لبنان والمقاومة، وانتهاء بالتهديد بحرب على إيران بذريعة تطوّر مفترض في برنامجها النووي. وآخر الابتكارات كان إعلان مناورة الأحد التي تحاكي حرباً على المقاومة في جنوب لبنان، أما المقاومة فقد ردت بلسان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي أكد جهوزية المقاومة لمواجهة كل الاحتمالات، كاشفاً أن “ما تمّ عرضه في المناورة هو جزء وعيّنة مما لدينا. فالصواريخ الدقيقة لم تُعرض وأسلحة أخرى أيضًا”، مؤكداً أن “الأميركي والإسرائيلي يعترفان بأن المقاومة لديها تطوير في عدد من الأسلحة المعروفة”. ولفت إلى “أننا مع وحدة الساحات، وليعلم الإسرائيلي أنه لا يستطيع أن يتخطى معادلة الردع”، مشدّدًا على “أننا نمتلك قدرات استثنائية لمواجهة العدو، ولدى الإسرائيلي حدود ولا يمكنه تجاوز معادلات الردع”. وغداً يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ليرسم المعادلات بوضوح، ينتظره الرأي العام الإسرائيلي بمثل ما ينتظره اللبنانيون والعرب وصناع السياسة في العالم، أمام المكانة التي تحتلها تطورات وفرضيات المواجهة عبر الحدود بين المقاومة وجيش الاحتلال، واحتمالات أن يكون العبور إلى الجليل واحدة من مفردات هذه المواجهة.
داخلياً، كانت التداعيات المتلاحقة في ملف حاكم المصرف المركزي رياض سلامة هي الحدث، فبعد التوجّه الذي رسمه الاجتماع التشاوري للحكومة بترك الحاكم حتى نهاية ولايته في منصبه، تحدّث عدد من الوزراء عن رفضهم بقاءه ومطالبتهم بتغييره، مقترحين بدائل تراوحت بين إقالته وتولي أحد نوابه المسؤولية أو تعيين حارس قضائيّ من بين الخبراء يختاره القضاء لتولي المهمة، وصولاً الى تعيين حاكم جديد، وهو ما بدا أنه توجه البيان الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية، وجاءت مذكرة التوقيف الألمانية بحق سلامة لتشكل صفعة إضافية لموقف الحكومة المربكة، بينما صار السؤال بعد الموقف الأميركي عما إذا كانت الحكومة سوف تنقلب على موقفها وترتضي السير بإنهاء مهام سلامة؟
بقيت مذكرة التوقيف الدولية بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الطاغية على باقي الملفات، وقد شكلت إرباكاً وضياعاً لدى المرجعيات السياسية والأمنية والقضائية في التعاطي معها.
ولفتت مصادر مطلعة على الملف لـ»البناء» الى أن القضاء اللبناني سيضع يده على الملف، ولن يعطي التوجيهات للأجهزة الأمنية لتنفيذ المذكرة الدولية (الأنتربول) بحق سلامة. وكشفت بأن لا قرار بإقالة سلامة في مجلس الوزراء في ظل انقسام حاد في الموقف من هذا الملف عدا عن أن أي قرار بالإقالة يحتاج الى ثُلثي مجلس الوزراء. موضحة أن الأجهزة الأمنية ستلتزم بما يقرره القضاء وتنفذ الإشارات القضائية.
وحضر الملف على طاولة جلسة اللجان المشتركة في مجلس النواب، حيث شدّد نائب رئيس المجلس الياس بو صعب على أن «الأفضل لسلامة أن يستقيل وهذا كان رأي معظم النواب».
إلى ذلك، يستمع المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان اليوم إلى حاكم مصرف لبنان في ضوء تسلّم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات من وزير الداخلية بسام مولوي مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة بحقه عن قاضية التحقيق الفرنسية أود بوروزي، على أن يتخذ القاضي عويدات قراره بعد الجلسة.
ورجّحت مصادر «البناء» أن يصدر قرار قضائي بمنع سلامة من السفر وحجز جواز سفره. وتبلّغ سلامة باستدعائه إلى قصر العدل بواسطة قسم المباحث الجنائية المركزية، وأفادت معلومات أنه سيحضر الجلسة.
وذكر مصدر قضائيّ رفيع لوكالة «رويترز» أن ألمانيا أبلغت لبنان شفهياً بصدور مذكرة توقيف بحق سلامة «بتهم فساد وتزوير وتبيض الأموال والاختلاس».
ونقلت وسائل إعلامية عن مصدر قضائي محلي مطلع بأن القضاء اللّبناني لم يتبلّغ ما أعلن عنه المدعي العام الألماني من صدور مذكرة توقيف غيابية عن القضاء الألماني بحقّ حاكم مصرف لبنان. وأضاف أن المذكرة الصادرة قد تندرج في إطار توحيد الملف الأوروبي المفتوح في نحو خمس دول أوروبية بحق سلامة.
ووفق ما علمت «البناء»، فإن الجلسة التشاورية أمس الأول، لم تخرج باتفاق بين الوزراء على كيفية مقاربة ملف الحاكم، إذ رفض أكثر من وزير إقالة سلامة أو اتخاذ أي إجراءات قضائية بحقه قبل تأمين انتقال سلس في الحاكمية لكي لا تذهب الى الفراغ ما سيؤدي الى تداعيات مالية واقتصادية ونقدية كبيرة، في ظل معلومات عن اتجاه مصارف مراسلة ومصارف عالمية لوقف التعامل مع مصرف لبنان.
وفي سياق ذلك، قالت ثلاثة مصادر مطلعة لـ «رويترز» إن من المرجّح وضع لبنان على «القائمة الرمادية» للدول الخاضعة لرقابة خاصة بسبب ممارسات غير مرضية لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وسيكون وضع لبنان على القائمة بمثابة ضربة كبيرة أخرى لدولة تعاني من تدهور مالي منذ عام 2019 وتكافح للتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
في غضون ذلك، استمرّت مفاعيل المناورة العسكرية التي نفذها حزب الله في الجنوب الأحد الماضي، وقد ظهر حجم تداعياتها السلبية على العدو الإسرائيلي الذي خرج عن صمته بالتعليق على المناورة معبراً عن خشيته من رسائلها ومُقراً بقوة وقدرة المقاومة وضعف قدراته وجبهته الداخلية عن خوض أي حرب مقبلة، مكرراً تهديداته للبنان للتغطية على نقاط ضعفه ولرفع معنويات جيشه ومستوطنيه.
وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الى أن «حزب الله» يخطّط لإرسال قوات خاصة إلى المستوطنات الشمالية وتنفيذ عمليات أسر، وأن مناورته الأخيرة تدلّ على تطوّر قدراته البرية»، موضحة أن «المناورة العسكرية التي أجراها الحزب يوم الأحد قرب الحدود استعراض للقوة أمام أعين الجيش»، معتبرة أن «المناورة كانت أشبه بهجوم على مستوطنات إسرائيلية وتنفيذ عمليات أسر، واستخدم فيه الطائرات بدون طيار وراكبو الدراجات النارية».
ولفتت إلى أن «المناورة أظهرت وجود تحسّن كبير في قدرات وحدات «حزب الله» البرية، ولا سيما قوة الرضوان الخاصة، التي اكتسبت عملياتها خبرة في سورية»، شارحة أن «على ما يبدو وبتوجيه من الأمين العام للحزب حسن نصر الله، تقدّمت هذه الفرقة باتجاه خط التماس مع «إسرائيل»، في خطوة هجومية مهمة للغاية، وبدأت الانتشار في نيسان 2022 وأكملته في غضون عام، بهدف زيادة مستوى الاستعداد للحرب».
بدوره، زعم رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي في مؤتمر «هرتسليا»، بحسب ما نقل عنه المتحدّث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، بأنّ «الحرب في الشّمال ستكون صعبة في الجبهة الدّاخليّة، لكنّنا سنعرف كيفيّة التّعامل معها»، زاعماً أنها «ستكون أصعب على لبنان سبعين ضعفًا، وعلى حزب الله أكثر من ذلك».
وعصر أمس، ألقت طائرة للاحتلال الإسرائيلي مناشير تحذيرية تهديدية لرعاة الماشية ولسكان المزارع المحرّرة في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا.
في غضون ذلك، لم يسجّل الملف الرئاسي أي جديد وسط جمود يعتري المفاوضات بين القوى السياسية والتي عادت الى المربع الأول مع وصول الحوار بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية الى طريق مسدود، علماً أن الحوار بينهما لم يتوقف وفق معلومات «البناء» وإن لم يصل الى نتيجة الأمر الذي يعزز حظوظ فرنجية ويجعله المرشح الجدي الوحيد.
"الأخبار": مذكرة توقيف ألمانية بعد الفرنسية بحق سلامة: مصارف أوروبية توقف التعامل مع لبنان
بعد مذكرة التوقيف الفرنسية، أصدر القضاء الألماني أمس مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للاشتباه في ارتكابه جرائم فساد تتضمن غسل أموال وتزويراً واختلاساً. المذكرة الأوروبية الثانية تزيد من قتامة الصورة السوداوية للحاكم وربما ترخي ظلالاً غير إيجابية على الواقع المصرفي والنقدي. ففي وقت تدفن حكومة نجيب ميقاتي رأسها في الرمال، بدأت مصارف أوروبية عدة قطع علاقتها مع المصارف اللبنانية، ولو بشكل فردي ومن دون تنسيق على مستوى أعلى بعد. غير أن التوقعات تُرجّح أن تكرّ السبحة عاجلاً أم آجلاً لتشمل مصارف المراسلة في أوروبا، في ظل ما يتردد عن قرب إدراج مجموعة العمل المالي FATF لبنان في القائمة الرمادية، ما يضرب سمعة الدولة ويحول دون تعامل أي مؤسسة خارجية مع المصارف اللبنانية مع تصنيف لبنان ضمن البلدان الخطرة المتهمة بتبييض الأموال. علماً أن مجموعة العمل المالي تنسق مع هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، والتي يرأسها سلامة نفسه المتهم بتبييض الأموال واختلاسها.
وبحسب مصادر مصرفية مطلعة، تلقّى المصرف المركزي إشعاراً من مصرف أوروبي كبير بقراره وقف التعامل مع ثلاثة مصارف لبنانية لعدم جني أي أرباح جراء هذه العلاقة، غير أن «هذه قد تكون مجرد ذريعة، وقد يكون الدافع وراء القرار الأحداث القضائية المتسارعة وملاحقة الإنتربول لسلامة».
وأوضح المستشار المالي والنقدي غسان شماس لـ«الأخبار» أن مصارف أوروبية في هولندا وبلجيكا والسويد وبقية الدول الاسكندينافية اعتمدت، بشكل فردي، سياسة De-risking لإنهاء أو تقليص تعاملها مع المصارف التجارية اللبنانية. وتُعتمد سياسة الـ De- risking كإجراء احترازي في حالات عدة، من بينها التخوف من عدم تحقيق أرباح أو السمعة السيئة جراء التورط في عمليات تبييض أموال. لذلك، تفضل هذه المصارف تفادي «وجع الرأس». إلا أن الخشية تكمن في أن تتحول هذه القرارات الفردية إلى كرة ثلج تشمل كل المصارف كما يحدث عادة.
ولفت شماس إلى أنه اختبر الأمر شخصياً قبل أسبوعين عندما حاول تسديد فاتورة في هولندا، فرفض المصرف الهولندي تسلّم الحوالة وأعادها إليه لأن مصارف لبنان باتت على القائمة الرمادية، ما يجعل من قرار بنوك المراسلة وقف تعاملها مع المصارف المحلية قاب قوسين، رغم أن مصارف المراسلة لا تتحمل أي مخاطر طالما أن احتياطات المصارف المحلية مودعة لديها.
وخلافاً لما يُشاع، فإن مصارف المراسلة الأوروبية مهمة بالنسبة للبنان ولو أنها ليست بحجم تلك الأميركية. إذ إن كل تعامل باليورو يمرّ عبر أوروبا، ما سيلقي بثقله على المصارف التجارية وعلى الأفراد الذين سيجدون صعوبة، إن لم يكن استحالة، في إجراء تحويلات مالية إلى كل البلدان الأوروبية أو تلقي تحويلات منها. وفي حال لم تعمد الدولة، بمصرفها المركزي ومصارفها التجارية، إلى تطبيق إصلاحات لإعادة النهوض بالقطاع المنهار والسيئ الصيت، فإن تصنيفها سينتقل من اللائحة الرمادية إلى اللائحة السوداء.
مذكرة توقيف ألمانية
وبعد أسبوع على إصدار القاضية الفرنسية أود بوروزي مذكرة اعتقال بحق الحاكم، أصدر القضاء الألماني مذكرة مماثلة بالتهم نفسها، بناء على ملف أعدّه المدعي العام في دائرة ميونيخ الأولى، والذي كان حضر كل الاستجوابات التي أجراها الوفد القضائي الأوروبي في لبنان.
وعلمت «الأخبار» أن ألمانيا بدّلت صفة سلامة و5 شركاء له من مشتبه فيهم إلى متهمين منذ تشرين الثاني الماضي بعدما تثبّتت من الجرائم المرتكبة على أراضيها. والشركاء الخمسة هم: رجا سلامة، ندي رياض سلامة، مروان عيسى الخوري (ابن شقيقة سلامة)، ماريان الحويك وغبريال إميل جان (يتولى إدارة شركات مملوكة من آل سلامة). علماً أنه، بخلاف باريس، لا وجود لقاضي تحقيق في ألمانيا، وقد يعمد المدعي العام إلى تحويل المتهمين إلى المحكمة مباشرة. واستند القضاء الألماني إلى المادة 261 من قانون العقوبات لطلب التعاون من لبنان بداية، ثم إجراء التحقيقات مع سلامة. كما استند إلى المادة نفسها لإصدار مذكرة التوقيف. وتبلغ عقوبة المتهم بهذه المادة من 6 أشهر إلى 10 سنوات سجناً في الحالات الشديدة الخطورة، وهي عندما يتصرف الجاني بشكل احترافي أو كعضو في عصابة تكرر جريمة غسيل الأموال. ووفق المعلومات، فقد ثبت استخدام سلامة الاقتصاد الألماني لتبييض أمواله المختلسة، مع الشركاء الخمسة، في ثلاثة أماكن مختلفة من ألمانيا.
إلى ذلك، فإن التحقيقات لم تنته بعد، وينتظر القضاء الألماني استجابة لبنان لطلب كشف حسابات رجا سلامة بشكل مفصل، أي كل حركة الحسابات بما فيها لمن ذهبت الأموال المدفوعة وأسماء أصحاب الحسابات أو الشركات المحوّل إليها. كما طالب الألمان، بمفعول رجعي يعود إلى 1/1/2001، بكل التحويلات التي تتعدى مبلغ 10 آلاف دولار. واستندوا إلى القانون رقم 306 الصادر في 3/11/2022، أي قانون السرية المصرفية المعدّل في عهد رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، والذي استخدمته القاضية غادة عون في تحقيقاتها مع المصارف فأحيلت إلى المجلس التأديبي لذلك. وبحسب المعلومات الواردة من ألمانيا، يشمل الطلب حسابات لرجا سلامة في مصرف الاعتماد اللبناني وبنك الاعتماد المصرفي وبنك الموارد وبنك بيبلوس وBLC وBBAC وبنك ميد وبنك عودة. عدد هذه الحسابات والـI-Ban في كل المصارف يبلغ نحو 200 حساب منها 82 في مصرف الاعتماد اللبناني. علماً أن رئيس مجلس إدارة الاعتماد اللبناني صرّح في التحقيق معه أمام القاضي جان طنوس أنه لم يعرف رجا سلامة ولم يسمع به ولا بشركة «فوري»!
وعلم أن التحقيق الألماني لا يزال مستمراً، وينتظر الرد اللبناني ليشمل آخرين. إذ إن الوفد القضائي الألماني الذي حضر في وقت سابق إلى لبنان طلب الاستماع إلى شهود كثر، وموظفين سابقين وحاليين في المصرف، من بينهم: محمد بعاصيري، ناصر السعيدي، أحمد جشي، بطرس كنعان، نعمان ندور، رولا خوري، رجا أبو عسلي، خليل غلاييني، رائد شرف الدين، محمد الحسن. كما طلب الاستماع إلى رؤساء مجالس إدارات مصارف كمروان خير الدين وريا الحسن وسمير حنا؛ وشركاء للحاكم كشقيقه رجا ومساعدته الحويك. وبحسب المصادر القضائية، فإن مدعي عام دائرة ميونيخ الأولى كانت أقسى من بوروزي خلال التحقيق مع رجا ورفعت نبرة صوتها في وجهه خلال الاستجواب.
"النهار": تصنيف سلبي جديد للبنان واللجان لسلامة.. إستقل
فيما تتوهج التداعيات وتتصاعد المخاوف الداخلية الناشئة عن ملف ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قضائيا من القضاء الفرنسي أولا ومن ثم من القضاء الألماني، وقف لبنان امس امام صدمة جديدة تتصل بتصنيف دولي سلبي له مثير للقلق في مسار النتائج الدراماتيكية المتدحرجة الناجمة عن واقع لبنان الانهياري والجانب "الأسود" المتعلق بحالة الفساد الرائجة عنه. وهذه المرة يبدو ان التصنيف السلبي ينحو في اتجاه مالي جديد، اذ افادت وكالة رويترز امس ان ثلاثة مصادر مطلعة ابلغتها إن من المرجح وضع لبنان على "القائمة الرمادية" للدول الخاضعة لرقابة خاصة بسبب ممارسات غير مرضية لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وسيكون وضع لبنان على القائمة بمثابة ضربة كبيرة أخرى لدولة تعاني من تدهور مالي منذ عام 2019 وتكافح للتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وهو ما كانت اشارت "النهار" اليه في 19 ايار الجاري.
وقد أجرى قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة العمل المالي - وهي هيئة معنية بمراقبة الجرائم المالية- تقييما أوليا لاقتصاد لبنان. وبحسب مصدر ديبلوماسي اطلع على نسخة من التقرير الأولي، فإن النتيجة التراكمية لهذا التقييم تضع لبنان "فوق عتبة القائمة الرمادية بعلامة واحدة". ووفقا لمسودة اطلعت عليها رويترز، جرى تصنيف لبنان على أنه ملتزم بالمعايير جزئيا في فئات عدة، منها إجراءات مكافحة غسل الأموال والشفافية في ما يتعلق بالملكية الفعلية للشركات والمساعدة القانونية المتبادلة في ما يتعلق بتجميد الأصول ومصادرتها.
وقال المصدر الديبلوماسي "لبنان يسعى لمزيد من التساهل، ويحاول الحصول على نتيجة أفضل في إحدى الفئات حتى لا يقع ضمن منطقة القائمة الرمادية". وقال نائب رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي والذي يترأس محادثات لبنان مع صندوق النقد الدولي لرويترز إنه لم يطلع على مسودة التقرير، ورفض التعليق على التأثير المحتمل له على هذه المحادثات.
وخلص صندوق النقد في وثيقة تعود لعام 2021 إلى أن إدراج دولة (ما) على القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي قد تؤدي إلى تعطيل تدفقات رأس المال، مع احتمال انسحاب البنوك من التعاملات مع العملاء الموجودين في البلدان عالية المخاطر لتقليل تكاليف الامتثال. كما أن مثل هذا الإدراج يخاطر بإلحاق الضرر بسمعة البلد وتعديلات التصنيف الائتماني، وصعوبة الحصول على تمويل دولي، وارتفاع تكاليف المعاملات.
مذكرة ألمانية
ولعل المصادفة السلبية ان هذا التطور جاء فيما تتوالى فصول التطورات الدراماتيكية في ملف ملاحقة حاكم مصرف لبنان حيث طرأ فصل جديد امس تمثل في ابلاغ ألمانيا لبنان شفهياً بصدور مذكرة توقيف بحق الحاكم رياض سلامة "بتهم فساد وتزوير وتبيض الأموال والاختلاس"، بحسب ما ذكر مصدر قضائي رفيع لوكالة رويترز. ولم يتسن على الفور الوصول إلى أي شخص في النيابة الفيديرالية الألمانية للتعليق. وكان المدّعي العام الفرنسي المختص بالقضايا المالية يوم الجمعة الماضي، قد أكد في بيان أنه أصدر مذكرة توقيف بحق سلامة الذي نفى ارتكاب أي مخالفة.
في المقابل، أفاد مصدر قضائي مطّلع "النهار" بأن القضاء اللّبناني لم يتبلّغ ما أعلن عنه المدعي العام الألماني من صدور مذكرة توقيف غيابية عن القضاء الألماني بحقّ سلامة. وأضاف أن المذكرة الصادرة قد تندرج في إطار توحيد الملف الأوروبي المفتوح في نحو خمس دول أوروبية بحق سلامة.
وفي غضون ذلك ابلغ حاكم مصرف لبنان القضاء اللبناني أنه سيحضر اليوم إلى قصر العدل ليستمع المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان إلى إفادته عن مذكرة التوقيف الغيابية الفرنسيّة الصادرة بحق والمعلمة على النشرة الحمراء للإنتربول الدولي. ويرجح ان يستمع القاضي قبلان إلى افادة سلامة ويقرّر تركه رهن التحقيق ويمنعه من السفر.
وإلى ذلك، عادت أوراق تبليغ رجا سلامة وماريان الحويك إلى قاضي التّحقيق الأوّل في بيروت بالإنابة شربل أبي سمرا مع إتمام التبليغين إلى الجلسة الفرنسيّة للتّحقيق معهما في ٣١ حزيران المقبل بالنسبة إلى رجا و١٣ حزيران بالنسبة إلى الحويك. ورجحت مصادر متابعة أنهما سيمثلان أمام قاضية التحقيق الفرنسية في الموعد المحدد لكل منهما.
وفي هذا الوقت اثار نأي الحكومة بنفسها عن القرار الحاسم بإقالة سلامة او الطلب منه الاستقالة وترك الامر للقضاء مزيدا من التباينات والانقسامات السياسية. وفي هذا السياق حمل رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع على تحالف الممانعة و"التيار الوطني الحر" قائلا: "بعد كلّ ما جرى في لبنان، ولا سيما جهنّم الذي أوصلونا إليه ما زال تحالف أحزاب الممانعة و"التيار الوطني الحر" يدور في النقطة نفسها ويستند على الذهنية ذاتها، ويستخدم المقاربة عينها للأمور". واعتبر ان "طريقة تعاطي هذا التحالف في الحكومة مع موضوع مصرف لبنان على أثر المذكرة الحمراء التي صدرت بحق حاكم المصرف المركزي، تؤكّد أنّه ما زال يتعاطى الشأن العام بالوسيلة والذهنية نفسها وانّ أحزاب محور الممانعة و"التيار الوطني الحر"، إضافة إلى كونهم يتحمّلون المسؤولية الكاملة عما آلت إليه الأوضاع حتى الآن، فتقع عليهم أيضًا مسؤولية ما ستؤول إليه الأوضاع المصرفية والنقدية، واستطرادًا المعيشية في لبنان جراء تعاطيهم غير المسؤول مع قضية مصرف لبنان".