لبنان
صواريخ من لبنان تضرب المستوطنات والعدو يخشى الحرب.. الاتفاق الإيراني السعودي على "السكة"
ركَّزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على ما شهدته الحدود اللبنانية من تصعيدٍ عقب إطلاق 34 صاروخًا من منطقة القليلة جنوب صور نحو الجليل الغربي، مشيرةً إلى حالة الإرباك التي عاشها كيان العدو، على صعيد مؤسسة القرار السياسي والأمني التي تدرس أي ردٍ مخافة الانزلاق إلى حرب مع حزب الله في لبنان، وعلى صعيد مستوطنيه الذين فتحوا الملاجئ بأنفسهم تحسبًا من أي تصعيد.
وفي سياق التطورات الاقليمية، اهتمت الصحف بالبيان المشترك الذي وقّعته السعودية وإيران، اثر لقاء وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ونظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أمس، وتضمن إعادة فتح الممثليّات الديبلوماسية خلال فترة أيار. ورجَّحت الصحف أنَّه من المفترض أن ينطلق البلدان بعد هذه الخطوات الملموسة إلى وضع ترتيبات عملية للمساهمة في تسوية ملفّات إقليمية عالقة بينهما.
"البناء": الكيان لتوزيع الرد بين لبنان وغزة… وتفادي معادلة الردع
حضور فلسطين والقدس والأقصى كان مخيباً في المنابر الدولية والعربية، حيث كلام بكلام. فالجامعة العربية تبدي القلق الشديد والأمين العام للأمم المتحدة يعبّر عن الذهول، ومجلس الأمن الدولي الذي عقد جلسة مخصصة لما تشهده القدس والأقصى، فشل في إصدار بيان بسبب الفيتو الأميركي، وواشنطن تحاول التبرؤ من تغطية الاعتداءات الإسرائيلية ببيان يدعو للتهدئة وضمان أمن الأماكن الدينية وأمن المصلين في الأقصى، خصوصاً بعدما ترتب على العدوان المتوحّش على المسجد الأقصى تصعيد عبر الحدود اللبنانية تمثل بإطلاق 34 صاروخاً من منطقة القليلة جنوب صور نحو الجليل الغربي، سقط منها تسعة صواريخ وفقاً للإعلام الإسرائيلي أدت الى اصابة ثلاثة مستوطنين بجروح، واحتراق محطة بنزين وأضرار مادية أخرى.
حكومة بنيامين نتنياهو التي حاولت استجماع ما بقي من شتات قوتها للتصرّف على طريقة الطرف القوي، اكتشفت أنها عاجزة عن المخاطرة، فمصطلح تجنب الانزلاق إلى الحرب تكرر على ألسنة العسكريين والأمنيين، وصولاً الى التعبير الصريح قبل اجتماعات أمنية وعسكرية ووزارية وبعدها، وهم يؤكدون يجب تفادي الاصطدام مع حزب الله ومعادلات الردع.
ما توصل إليه قادة الكيان وفقاً لإذاعة جيش الاحتلال قبل منتصف الليل هو توزيع الرد بين لبنان وغزة، والمقصود في لبنان مناطق يمكن أن لا يستدرج استهدافها رداً من المقاومة الإسلامية، وفي غزة مواقع عسكرية وقيادية لحركة حماس التي حمّلها جيش الاحتلال مسؤولية الصواريخ، واللافت قبل الرد المفترض أن المصلين في المسجد الأقصى تمكّنوا ليلة أمس، بخلاف الليلتين الماضيتين من إكمال صلواتهم دون التعرّض لأي اقتحامات كنتيجة فورية لسقوط الصواريخ على الجليل الغربي، وفي لبنان حيث الترقب سيد الموقف أكدت مصادر متابعة أن المقاومة في أعلى درجات الجهوزية تتابع عن كثب ما سوف يقوم به الاحتلال ومعادلاتها واضحة، أي استهداف لأي موقع أو شخصية في لبنان، والمقصود واضح، استهداف مواقع وشخصيات لبنانية أو فلسطينية، سوف يعني استدراج الرد السريع والقوي.
وإذ سيطرت حالة من الاسترخاء السياسي على المشهد الداخلي وأرجأت الملفات الى ما بعد عطلة الأعياد، خيّم التوتر على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة بعد إطلاق صواريخ على كيان الاحتلال مصدرها لبنان، وفق ما قالت حكومة العدو.
وأعلنت القناة 14 في تلفزة الاحتلال الإسرائيلي أنّ 100 صاروخ أطلقت من لبنان خلال 10 دقائق على مستوطنات وبلدات شمالي «إسرائيل». وطلبت سلطات الاحتلال من سكان المناطق الحدودية مع لبنان دخول الملاجئ وقد دوّت صفارات الإنذار بشكل متواصل في منطقة الجليل الغربي.
ولفتت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنّه تمّ إخلاء شواطئ نهاريا، فيما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن «تقديرات تشير إلى إطلاق 15 صاروخاً من لبنان باتجاه «إسرائيل»»، مؤكدة «إصابة شخصين بشظايا صاروخية جراء القصف».
وسارع جيش الاحتلال إلى الرد على إطلاق الصواريخ بقصف بالمدفعيّة الثّقيلة أطراف بلدة القليلة في جنوب لبنان. وذكر المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي، أنّ «الحكومة اللبنانية تتحمل المسؤولية، عندما أطلق من داخل أراضيها قذائف صاروخية نحو «إسرائيل». إطلاق تلك القذائف يعتبر حدثًا خطيرًا». وزعم في تصريح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أنّ «الجهة التي أطلقت القذائف الصاروخية من لبنان، هي حماس في لبنان»، مشيرًا إلى «أننا نفحص أيضًا إمكانية تورّط إيران، في اطلاق القذائف الصاروخية من لبنان».
وأفادت إذاعة جيش الاحتلال، بأنّ «التقييم الأولي هو أنّ هجومًا في غزة ولبنان سيحدث الليلة» (أمس).
ونقل موقع «أكسيوس» الأميركي، نقلًا عن مسؤول إسرائيلي رفيع، أنّه «من المتوقع أن يكون هناك رد قاس ضد حركة «حماس» الفلسطينية في غزة».
وعلى مقلب آخر، نفذ الجيش اللبناني انتشاراً مكثفاً وواسعاً على الحدود مع فلسطين المحتلة، لتحديد موقع إطلاق الصواريخ. وأعلن الجيش أنّ «بتاريخ 6 نيسان، أُطلِق عدد من الصواريخ من محيط بلدات القليلة والمعلية وزبقين في قضاء صور، باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة. يقوم الجيش اللبناني بتسيير دوريات في المنطقة، بالتنسيق الوثيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان».
وبدوره فتح لبنان تحقيقاً بالتعاون مع اليونيفيل لمعرفة الجهة المسؤولة عن إطلاق الصواريخ.
وذكرت وزارة الخارجية اللبنانية، تعليقًا على حادثة إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، أنّ «لبنان مستعدّ للتعاون مع اليونيفل، واتخاذ الإجراءات المناسبة لعودة الهدوء والاستقرار».
وحذرت من «نيات إسرائيل التصعيدية، التي تهدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين»، مؤكدة أنّ حرص لبنان على «الهدوء والاستقرار، ويدعو المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف التصعيد».
وجاء البيان بعد اجتماع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، مع وزير الخارجية عبد الله بوحبيب.
من جهته، أعلن نائب مدير مكتب «اليونيفيل» الإعلامي كانديس آرديل، أنّه «تمّ إطلاق عدّة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه «إسرائيل»، بعد ظهر اليوم (أمس) وأَبلغ الجيش الإسرائيلي، «اليونيفيل» أنّه فعّل نظام القبّة الحديديّة الدّفاعي ردًّا على ذلك». وأوضح في بيان، أنّ «رئيس بعثة «اليونيفيل» وقائدها العام اللّواء أرولدو لازارو، على اتصال بالسّلطات على جانبَي الخط الأزرق»، مشدّدًا على أنّ «الوضع الحالي خطير للغاية، و»اليونيفيل» تحثّ على ضبط النّفس وتجنّب المزيد من التّصعيد».
وليل أمس، عقد المجلس الأمني المصغر في كيان الاحتلال اجتماعاً برئاسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال «إننا سنضرب أعداءنا وسيدفعون ثمناً لعدوانهم»، مشيرًا إلى أنّه «ليس لدينا رغبة في تغيير الوضع الراهن للأماكن المقدسة، في القدس».
ودعا إلى «تهدئة التوترات وسنعمل بحزم ضد المتطرفين الذين يستخدمون العنف»، لافتًا إلى أنّ «الخلافات الداخلية لن تمنعنا من مواجهة أعدائنا، على كل الجبهات».
وشددت مصادر «البناء» على أن حزب الله لم يطلق أي صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كيان الاحتلال بل إن مصادر الصواريخ هو منظمات فلسطينية»، مستبعدة «توسع نطاق التوتر وتدحرج الأمور الى حرب عسكرية»، متوقعة أن تتراجع «إسرائيل» عن تهديداتها لأسباب عدة أهمها انشغالها بالانقسام الداخلي والانكفاء الأميركي عن ملفات المنطقة وتوحّد جبهات المقاومة من لبنان الى سورية الى فلسطين والقرار المتخذ من حركات ودول محور المقاومة بتوحيد الجبهات ضد اي حرب تشنها «اسرائيل»».
ويعتقد خبراء عسكريون أن من مصلحة «اسرائيل» نقل المعركة من داخل الكيان الى ساحات أخرى من ضمنها لبنان لاستدراج التدخل الدولي لفرض معادلة أمنية جديدة مع لبنان تضمن لها مصالحها الأمنية لسنوات عدة، لكنها تخشى ردة فعل المقاومات في المنطقة ولا تضمن أن تحسم أي حرب تشنها على أي دولة في المنطقة»، ولا يستبعد الخبراء أن تكون الصواريخ إشارة من محور المقاومة ومن حركات المقاومة لـ»اسرائيل» بأن الحرب لم تعد بعيدة واننا سنخوض الحرب من جبهات متعددة ولن تستطع «إسرائيل» أخذ هذا المحور فرادى».
في المقابل أكد رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيد هاشم صفي الدين، أنه «إذا كان الصهاينة يعتقدون أن بإمكانهم أن يدنسوا المسجد الأقصى عليهم أن يعرفوا أن السعي لتحقيق أهدافهم باستهداف المقدسات أو استهداف المسجد الأقصى لهدمه أو إحراقه أو النيل من كل مقدساتنا فإنه سوف يلهب المنطقة بأكملها». وأضاف «لذا اليوم الموقف هو أن كل من سار بركب التطبيع والمهادنة وبركب الخداعة والكذب على أمتنا الإسلامية والعربية، على هؤلاء أن يعيدوا النظر في سياساتهم».
واعتبر صفي الدين، أن «الشعوب ستلفظهم لأن الشعوب الإسلامية والعربية مع الأقصى ومع القدس، إن هؤلاء الذين أعطوا بعض الطمأنينة للصهاينة مما شجعهم لأن يتجرأوا على المسجد الأقصى وعلى المعتكفين والمصلين في المسجد الأقصى، عليهم أن يعرفوا أن من يعطي بعض الطمأنينة للعدو في عدوانه هو شريكه في هذا العدوان ويتحمل المسؤولية وسيحاسب بين يدي الله». وأمل أن «تكون هذه الأحداث فرصة ومناسبة لإعادة التأكيد على الخيار المقاوم الذي تحتاجه أمتنا، نحتاجه في فلسطين ونحتاجه في لبنان، ونحتاجه في كل مواقع المواجهة مع الأعداء من أجل أن تبقى أمتنا الأمة القوية والمقتدرة والصابرة والتي تصنع مستقبلها بنفسها».
"الأخبار": إيران - السعودية: الاتفاق «في السليم»
حسم اللقاء الجديد في بكين بين وزيرَي خارجية السعودية، فيصل بن فرحان، وإيران، حسين أمير عبداللهيان، الجدل حول إمكانية انتكاس اتّفاق البلدَين قبل نحو شهر على استئناف العلاقات، وفق ما راهن عليه متضرّرون من التفاهم. إذ دفع اللقاء في اتّجاه تسريع وتيرة استئناف العلاقات التي صارت عودتها مسألة أسابيع قليلة أو حتى أيام، كما أظهر قوّة القرار السياسي لدى الجانبَين بالمضيّ في هذا الطريق، ممّا أزعج إسرائيل والولايات المتحدة اللتين اعتبرت تقارير صادرة فيهما أن الاتفاق وجّه ضربة لآمالهما بتأسيس محور ضدّ طهران في الشرق الأوسط
حينما اشتكى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، من طول الرحلة بين طهران وبكين حيث التقى نظيره السعودي، فيصل بن فرحان، أمس، عاجله الأخير بالقول إن «الرحلة بين الرياض وطهران لا تزيد على ساعتين». هذا الكلام الذي نقلته وسائل الإعلام السعودية عن الوزيرَين، يشير إلى أن ثمّة رغبة لدى المملكة في الانتقال إلى العمل المباشر بين الجانبَين، ما من شأنه أن يسرّع عملية تذليل الخلافات، سواءً الثنائية أو في ما يخصّ الملفّات الإقليمية المشتركة.
مسألة العلاقات الثنائية صارت محسومة، بل إن خطوات ملموسة جرى الإعلان عنها في البيان المشترك الصادر بعد الاجتماع، والذي أكد فيه الجانبان اتّفاقهما على إعادة فتح بعثاتهما الديبلوماسية خلال المدّة المتّفق عليها في إعلان بكين الموقّع في 10 آذار الماضي، وهي شهران (باقٍ منها نحو شهر). وعليه، من المفترض أن ينطلق البلدان بعد ذلك في وضع ترتيبات عملية للمساهمة في تسوية ملفّات إقليمية عالقة بينهما، كاليمن وسوريا والعراق ولبنان وغيرها، علماً أنه في حالة اليمن ثمّة انعكاس في الاتّجاهَين، بمعنى أن الهدنة اليمنية القائمة منذ أشهر أسهمت في التوصّل إلى الاتفاق السعودي - الإيراني، في حين عاد الأخير نفسه وانعكس مزيداً من الاسترخاء على خطوط القتال.
وتحدّث الوزير الإيراني، في تغريدة على «تويتر»، عن «بداية العلاقات الديبلوماسية الرسمية بين طهران والرياض، واستئناف رحلات مراسم العمرة والتعاون الاقتصادي والتجاري، وإعادة فتح ممثّليات البلدِين في إيران والسعودية»، في حين اعتبر الوزير السعودي أن استئناف العلاقات خلَق أجواء إيجابية في المنطقة برمّتها. والظاهر أن قوّة القرار السياسي لدى الجانبَين ستدفع نحو تعاون يفوق بكثير ذلك الذي كان قائماً قبل قطع العلاقات في مطلع العام 2016، يساعد عليه دور ديبلوماسي صيني متنامٍ في المنطقة على حساب التأثير الأميركي المتراجع. إذ واكبت وزارة الخارجية الصينية الاجتماع الذي جرى برعاية وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، بالتأكيد أنها ستعمل مع دول المنطقة «لتنفيذ مبادرات تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار والتنمية» في الشرق الأوسط.
وفي البيان المشترك، شدّد الجانبان على «أهمية متابعة تنفيذ اتّفاق بكين وتفعيله، بما يعزّز الثقة المتبادلة ويوسّع نطاق التعاون، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة». كما أكدا «حرصهما على بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، الموقّعة في 17 نيسان 2001، والاتّفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقّعة في 27 أيار 1998». أيضاً، اتفقا «على المضيّ قُدماً في اتّخاذ الإجراءات اللازمة لفتح سفارتَي البلدين في الرياض وطهران، وقنصليتَيهما العامّتين في جدة ومشهد، ومواصلة التنسيق بين الفِرق الفنية من الجانبين لبحث سبل تعزيز التعاون بما في ذلك استئناف الرحلات الجوية، والزيارات المتبادلة للوفود الرسمية والقطاع الخاص، وتسهيل منح التأشيرات لمواطني البلدين بما فيها تأشيرات العمرة».
كذلك، عبّر الجانبان «عن تطلّعهما إلى تكثيف اللقاءات التشاورية، وبحث سبل التعاون لتحقيق المزيد من الآفاق الإيجابية للعلاقات بالنظر إلى ما يمتلكه البلدان من موارد طبيعية، ومقوّمات اقتصادية، وفرص كبيرة لتحقيق المنفعة المشتركة للشعبين الشقيقين. وأكدا استعدادهما لبذل كلّ ما يمكن لتذليل أيّ عقبات تواجه تعزيز التعاون بينهما»، «في كلّ ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وبما يخدم مصالح دولها وشعوبها». وتبادل الوزيران السعودي والإيراني الدعوات لزيارات متبادلة وعقد اجتماعات ثنائية في العاصمتَين، ورحّب كلّ منهما بالدعوة التي وجّهها الآخر إليه.
على الضفة الإسرائيلية، كتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «الاتفاق السعودي - الإيراني وجّه ضربة قاسية إلى آمال إسرائيل والولايات المتحدة بتأسيس محور ضدّ طهران»، وربّما استخدام المجال الجوي السعودي لتوجيه ضربة إلى المشروع النووي الإيراني.