لبنان
زيارة الموفد القطري لبيروت لتوفير طريق إقليمي – دولي يسمح بتمرير التسوية الرئاسية
توقفت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الثلاثاء بكثير من الاهتمام عند زيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي إلى بيروت، أمس، ووصفتها بأنها استطلاعية وتهدف لتوفير طريق إقليمي – دولي يسمح بتمرير التسوية الرئاسية في لبنان.
الأخبار
ورأت صحيفة "الأخبار" أن هذه الزيارة أتت "على وهج حراك متصاعد تقوده باريس في اتجاه أكثر من دولة، ويهدف إلى توفير طريق إقليمي – دولي يسمح بتمرير التسوية التي تطرحها فرنسا لفكّ أسر الرئاسة الأولى من تعقيداتها الداخلية والخارجية. زيارات الموفد القطري شملت رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، والبطريرك الماروني بشارة الراعي، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وعددًا من الأحزاب، منها حزب الله، على أن تُستكمل اليوم. وإذا كانَ من المُبكِر الإحاطة بأبعاد الزيارة، فإن الثابت الوحيد الذي يُمكِن استخلاصه من المباحثات، هو محاولة قطر تكريس دورها المحوريّ كعرّاب لتسويات رئاسية، تكرارًا لتجربة العام 2008 التي أدّت إلى انتخاب قائد الجيش السابق ميشال سليمان رئيساً للجمهورية.
وأشاعت زيارة الوزير القطري انطباعات بإمكان حمله معطيات أو اقتراحات معيّنة للمساهمة في إنهاء الفراغ، في ظلّ إشاعات عن أن «الخليفي حاول تسويق اسم قائد الجيش جوزيف عون، بشكل غير مباشر»، وأن زيارته هذه «تأتي في إطار جسّ نبض القوى السياسية في حال ترشيح عون»، ربطاً بالحراك الذي قامت به الدوحة قبلَ شهور بدعوة عون إلى قطر، والنقاش معه في أمر ترشيحه، فضلاً عن محادثات بين مسؤولين قطريين ورئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل لمحاولة إقناعه بعون.
في المقابل، أكّدت مصادر سياسية لـ «الأخبار» أن "الخليفي لم يدخل في لعبة الأسماء، لكن كان واضحًا من خلال كلامه مع من التقاهم، أنه يجري جولة استطلاع، استعدادًا لحجز دور قطري ما لم تتضّح صورته بعد، بخاصّة أن قطر تتصدّر قائمة الجهات الداعمة للبنان من خلال تقديم مساعدات في غالبية المجالات، لا سيما الطبية، إلى جانب المساعدات المالية والعسكرية المقدمة للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الأخرى». ونفت المصادر ما قيلَ عن «محاولة الموفد القطري استبعاد اسم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية من قائمة المرشحين، لكنه حتمًا لا يملك مشروعاً رئاسياً مستقلاً عن المملكة العربية السعودية، وكل كلامه يبقى ضمن الكادر السعودي والكلام الديبلوماسي الذي قاله الممثل القطري في باريس خلال الاجتماع الخماسي، إلا أن القطري يملِك قدرة على التحرك بهامش أكبر باعتبار أن لديه مساحة حركة أوسع مع الأطراف المؤثرين خارجياً وداخلياً». هذه الأجواء تقاطعت مع ما أكدته مصادر قريبة من دار الفتوى والرئيس ميقاتي، مشيرة إلى أن «الخليفي في لقائه مع المفتي ومع رئيس الحكومة شدد على أن موقفه يتوافق مع الموقف السعودي».
إلى جانب الحراك القطري، بقيت زيارة فرنجية إلى فرنسا محطّ اهتمام ومتابعة من القوى السياسية في محاولة لاستكشاف حقيقة ما دار بينه وبين المستشار الرئاسي باتريك دوريل، وسطَ كثير من التحليلات عن دخول النقاش مرحلة متقدمة يجري خلالها تحضير جدول أعمال رئاسي يشمل كل الملفات الداخلية والخارجية وموقف فرنجية منها. وأمس، كانَت نتائج الزيارة قد بدأت تتضح أكثر فأكثر رغمَ محاولة إحاطتها بالكتمان. وقالت مصادر معنية إن «الوزير السابق يوسف فنيانوس زارَ أول من أمس رئيس مجلس النواب ووضعه في جو اللقاء، واتضح من كلام الأخير مع مقربين منه بأن الأمور إيجابية من باب أن باريس مستمرة في دعمه وستستكمل مساعيها مع المملكة العربية السعودية في هذا الإطار، من دون المبالغة في التفاؤل»".
النهار
أما صحيفة "النهار" فكتبت تقول: اذا كانت زيارة الموفد القطري وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي لبيروت في جولة شاملة على المسؤولين الرسميين والقوى السياسية، شغلت الأوساط السياسية لجهة ما اوحته بتوقيتها المتزامن مع ترددات التحرك الفرنسي في صدد الاستحقاق الرئاسي في لبنان، فان تطورات الملف الرئاسي لم تحجب الأهمية الكبيرة التي اكتسبها التطور المتصل بإعلان الحكومة التزام اجراء استحقاق الانتخابات البلدية في موعدها الدستوري في أيار المقبل. هو تطور اكتسب دلالات بارزة معنويا ودستوريا وديموقراطيًا، لأنه في حال تنفيذ هذا الالتزام في المواعيد التي حددت للانتخابات، ولم تطرأ عوامل تعرقل الالتزام وتطيح الاستحقاق، سيشكل ذلك اختراقًا بالغ الأهمية بالنسبة إلى لبنان الذي يجتاز ظروفًا معقدة ودراماتيكية وصعوبات هائلة تستبعد كلها إمكانات نجاح التحدي في اجراء هذا الاستحقاق. والواقع أن توجيه وزارة الداخلية امس الدعوة الى الهيئات الناخبة وتحديد مواعيد الانتخابات وتوزيعها على اربع جولات انتخابية في المناطق طوال شهر أيار المقبل مقترنا بتأكيد الإرادة لتوفير قنوات التمويل لهذا الاستحقاق، ومن ثم اصدار التعاميم حول الترشيحات، شكل بمجموعها إنجازات مهمة لإثبات الجدية الكاملة في المضي نحو تنفيذ وإنجاز الانتخابات البلدية. وتتمثل اهمية هذا التطور وسط التخبط الهائل في الازمات الداخلية بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على ازمة الفراغ الرئاسي وتعاظم تداعيات الازمة المالية وكل ما يتصل بالإنفاق المالي للدولة، الامر الذي يجعل التزام اجراء الانتخابات البلدية بمثابة اختراق لم يحسب له كثيرون اذ كانت معظم الأجواء السائدة تتوقع ترحيل هذا الاستحقاق وارجائه لسنة. وإذ كان عدم انعقاد جلسات التشريع لمجلس النواب ساعد في اسقاط أي محاولة لتشريع ارجاء الانتخابات البلدية، فان الشكوك والمخاوف لم تتبدد تمامًا مع إعلان وزارة الداخلية أمس انجاز استعداداتها لإجراء الانتخابات ولو انها تضاءلت الى حجم كبير. ذلك ان ثمة مخاوف لا تزال ماثلة من أفخاخ أو مفاجآت سياسية مفتعلة لدى جهات عدة يرجح انها ليس متحمسة لهذا الاستحقاق بسبب أوضاع ذاتية غير مؤاتية لديها، وهو الامر الذي سيبقي الترقب سيد الموقف في رصد تطورات مسار الاستحقاق نحو المحطات الزمنية التي حددت له.
الموفد القطري
اما في مشهد الاستحقاق الرئاسي، فقد رأت "النهار" أن "الانطباعات زادت ترسخًا حيال عدم حصول أي تطور جدي او معطيات جديدة عقب زيارة رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية لباريس في نهاية الأسبوع الماضي بسبب الجولة التي بدأها امس وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي في بيروت والتي عكست ضمنًا أن قطر ما كانت لتتحرك للحض على تسوية لو كانت معطيات جديدة طرأت على التحرك الفرنسي. ووسط معطيات أولية عن احتمال ان يكون الموفد القطري نقل اقتراحات جديدة وجال بها على المسؤولين تبين ممن التقاهم أنه لم يخض أبدًا في موضوع أسماء المرشحين وأن مهمته تعكس التقاء ثابتًا مع موقف الدول المعنية لجهة التشديد على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية يلتزم العملية الإصلاحية وأن موقف قطر الداعم للبنان ينطلق من التزام انجاز الإصلاحات.
البناء
وكتبت صحيفة "البناء" تقول: "تواجه نيويورك اليوم امتحاناً صعباً في القدرة على ضبط الشارع الذي زحف إليها من أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب الذي يمثل أمام المحكمة بتهم جنائية تتصل بملفات مالية وأخلاقية، فيما تفيد استطلاعات الرأي انّ شعبية ترامب ارتفعت بدلاً من أن تنخفض رغم الطابع المشين للاتهامات التي لا ينكر ترامب حدوثها لكنه يعارض الوصف الجرمي لها، ويعتبر التجريم استهدافاً سياسياً متصلاً بالانتخابات الرئاسية المقبلة، ويشاركه هذا التقييم قادة الحزب الجمهوري ونوابه بمن فيهم المرشحون المنافسون لترامب على نيل تفويض الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية في 2024.
في موسكو التي ودّعت الرئيس الصيني على اتفاقات استراتيجية بين روسيا والصين كشركاء في معركة مواجهة الهيمنة الأميركية وشركاء إقامة معادلة عسكرية تعيد التوازن الى الوضع الدولي، وشركاء في تعاون اقتصادي تكاملي يرفع ميزان التبادل التجاري والاستثماري بينهما الى أضعاف ما هي عليه، هي موسكو التي تتابع يوميات الحرب في أوكرانيا على إيقاع إثبات لا جدوى الدعم الغربي المفتوح لأوكرانيا أملاً باستنزاف الجيش الروسي، حيث تشكل معركة باخموت المفصل الحيوي في مسار الحرب الذي بات هناك إجماع على أنّ الوجهة التي ستنتهي اليها معارك المدينة سوف تطبع مستقبل الحرب بطابعها، وهي موسكو التي تواصل مساعيها لإنجاز المصالحة السورية ـ التركية، وتستضيف لهذه الغاية الرباعية الروسية الإيرانية التركية السورية على مستوى نواب وزراء الخارجية، في مفاوضات سورية ـ تركية صعبة للوصول الى بيان سياسي يتيح انعقاد الرباعية على مستوى وزراء الخارجية تمهيداً لعقد قمة تضمّ الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب أردوغان، في ظلّ اشتراط واضح وضعه الأسد ويعمل نواب الوزراء على صياغته، بالتزام تركيا بالانسحاب من الأراضي السورية، لتعقد القمة الرئاسية على أساسه.
في بيروت بدأ وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية، محمد بن عبد العزيز الخليفي، جولة تمتدّ لأيام وتشمل العديد من الشخصيات والزعامات اللبنانية، في ما وُصف بجولة استطلاع تحجز للدوحة مقعداً في الطاولة الدولية الإقليمية حول الرئاسة اللبنانية، التي تشكل الخماسية التي تشارك فيها قطر وتجتمع في باريس أبرز تجلياتها، وتقول مصادر تابعت زيارة الوزير القطري إنّ الجولة الاستطلاعية لا تخلو من إبداء الاستعداد للمساعدة واستكشاف طبيعة المساهمة المطلوبة من قطر، بما في ذلك فرضية استضافة لقاءات لبنانية مصغرة أو موسعة، وسط أجواء الترقب لنتائج لقاءات باريس التي عقدها الوزير السابق سليمان فرنجية، وما سيكون عليه الموقف السعودي بضوئها.
فيما تخيّم حالة من الاسترخاء السياسي والهدوء الأمني جراء استقرار نسبي في سعر صرف الدولار الأميركي، ملأت زيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الفراغ الداخلي.
وأشارت مصادر «البناء» الى انّ زيارة الموفد القطري تأتي في سياق اهتمام قطر بالوضع في لبنان وباتخاذ الإجراءات والقرارات لتعزيز الاستقرار السياسي والأمني في لبنان من خلال إنجاز الاستحقاقات الدستورية لا سيما رئاسة الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة لإقرار الإصلاحات السياسية والمالية والاقتصادية لوضع خارطة النهوض الاقتصادي بدعم أصدقاء لبنان من الدول العربية والخليجية والجهات المانحة وصندوق النقد الدولي».
ولفتت المصادر الى انّ الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في لبنان مصلحة عربية، وقطرية تحديداً، كون قطر شريكة في كونسورسيوم النفط والغاز في البلوكات الحدودية.
وأوضحت المصادر انّ زيارة الموفد القطري ليست بعيدة عن الأجواء التي تتحدث عن تبدّل في السياسة السعودية تجاه لبنان، وتهدف زيارة الموفد القطري للاطلاع على الأوضاع الاقتصادية وجسّ نبض الأطراف السياسية إزاء إمكانية انتخاب رئيس للجمهورية وحثها على إنجاز هذا الاستحقاق، والمهمّ عند الدولة القطرية وفق المصادر اتخاذ القرارات اللازمة واستمرار برنامج المساعدات للحؤول دون وصول لبنان الى نقطة الانهيار الشامل والارتطام الكبير ريثما تنجز التسوية السياسية".
ولفتت أوساط مطلعة لـ «البناء» الى أنّ المباحثات التي أجراها المسؤولون الفرنسيون مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية كانت إيجابية بعكس ما أوحت بعض وسائل الإعلام بأنّ فرنسا أبلغت فرنجية بوجود فيتو سعودي عليه، موضحة أنّ فرنسا داعمة لترشيح فرنجية لأنها ترى فيه الأوفر حظاً من خلال التوازنات النيابية وكذلك نقطة تقاطع لأيّ تسوية إقليمية دولية لا سيما بين ثلاثي إيران والسعودية وسورية. مشيرة الى انّ زيارة فرنجية الى باريس لا تعني انّ الأمر حُسم، لكنه يتطلب نقاشات طويلة وزيارات عدة، غير أنّ الزيارة الأولى رسمت الخطوة الأولى لرحلة وصول فرنجية الى بعبدا.
وعلمت «البناء» في هذا الإطار انّ السعودية أبلغت الفرنسيين بأن لا فيتو لديها على فرنجية ولا على ايّ مرشح آخر لكن هناك برنامج عمل وسياسة يجب انتهاجها في لبنان لكي تقرّر السعودية دعمها للتسوية. كما علمت انّ اللقاء الخماسي من أجل لبنان والذي عقد أكثر من اجتماع فوّض فرنسا إجراء جولة مباحثات مع القيادات اللبنانية حول الرئاسة وللعودة الى اللقاء لتقييم الأوضاع والبحث بخطوات جديدة.
كما علمت «البناء» أنّ السعودية أبلغت حلفاءها في لبنان بأنها لا تضع فيتو على فرنجية، ولا على أيّ مرشح، لأنّ المنطقة تعيش أجواء انفتاح ومصالحات وتسوية للملفات وقد تنعكس إيجاباً على لبنان بأيّ وقت. وأفيدَ بأنّ اللقاء بين السفير السعودي في لبنان وليد البخاري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لم يكن إيجابياً بعدما سمع جعجع عكس ما يريد، وهذا ما يفسّر تصعيد جعجع المستمرّ، وهو أشار أمس في حديث إذاعي الى أننا «سنفعل كلّ ما بوسعنا لعدم وصول محور الممانعة إلى بعبدا وميزان القوى يسمح بذلك».
اللواء
من جهتها رأت صحيفة "اللواء" أن لبنان انشغل بزيارة الموفد القطري وبتحديد وزير الداخلية والبلديات محمد المولوي تواريخ الانتخابات البلدية اعتباراً من 7 الى 28 أيار المقبل في المحافظات الست.
وكتبت تقول: "جال الخليفي على القيادات السياسية والروحية، ناقلاً حسب معلومات "اللواء" تضامن ودعم قطر للبنان واستمرار وقوفها الى جانبه، وحث المسؤولين والقيادات السياسية على سرعة انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وإجراء الاصلاحات اللازمة، لفتح الباب امام دعم لبنان من الدول الشقيقة والصديقة.
وافادت المعلومات ممن التقاهم، ان الخليفي لم يطرح اي مبادرة او مقترحات او اسماء معينة للرئاسة برغم التسريبات عن دعم قطر لقائد الجيش، بل كان مستمعاً اغلب الوقت، وجرى تبادل الآراء في البرنامج الذي يفترض ان يحمله رئيس الجمهورية لا سيما لجهة تحقيق الاصلاحات والعودة الى الحضن العربي. فيما كان هناك لدى الكتائب شرط ان يكون "رئيساً سيادياً".
ورأت المصادر ان جولة الخليفي قد تفتح الباب لاحقاً لمبادرة قطرية وربما بالتنسيق مع السعودية والادارة الاميركية، في محاولة لتحقيق توافق لبناني حول مرشح رئاسي أو أكثر من واحد.