لبنان
نتنياهو يُعلّق التعديل القضائي مؤقتًا.. وميقاتي يُنهي أزمة التوقيت الصيفي
توقفت الصحف اللبنانية عند الحدث الأبرز إقليميًا، وهو تعليق رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو إجراءات تعديل النظام القضائي منعًا لوصول الكيان إلى حرب أهلية خصوصًا بعد اتساع حدة الانقسام بين المكونات السياسية والتصعيد الذي شهدته ساحات الاحتجاجات الإسرائيلية خلال الأيام الماضية، بالتزامن مع الاضرابات التي شلَّت كيان العدو، والتهديد الأكبر القاضي بتفكّك المؤسسات الأمنية بعد تمرّد ضباط وجنود الاحتياط عن الالتحاق بالخدمة.
لبنانيًا، اهتمت الصحف بإعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التراجع عن قرار الإبقاء على التوقيت الشتوي خلال شهر رمضان، ابتداءً من ليل الأربعاء الخميس. وذلك في جلسة استثنائية عقدها المجلس ببند وحيد هو بند التوقيت. قرار ميقاتي أتى بعد حملة "انتقادات" اشعلت البلاد افتراضيًا وذلك لإخماد نار الفتنة التي يُراد البعض جرّ البلد إليها خصوصًا بعد أن أخذ الموضوع بُعدًا طائفيًا ومذهبيًا.
"الأخبار": «بيبي» يُلاعب خصومه: الأزمة تتأجّل... ولا تنتهي
«كآوس»، أو الربّة الأوليّة للكون في الأساطير الإغريقية الغابرة، تحيل إلى الظلام والفراغ غير المحدودَين، حيث يوجد السديم الذي منه انبعث أوّل شيء وكلّ شيء. يستحضر الإسرائيليون «الربّة» كتعبير عن «التوهو فافوهو» أو الفوضى والتيه الشاملَين، لوصف الفراغ والظلام الذين آل إليهما الحلم الصهيوني، وصولاً إلى تشبيه الطريقة التي يَجري من خلالها الدفاع عن هذا الحلم اليوم بين أخوين ينهشانه، بغربان «تتناتش» جثة.
لم تكن التظاهرات العاصفة ليلة الأحد - الإثنين سوى عيّنة ممّا قد تفضي إليه حالة التناحر والانشقاق العمودي الذي اختصر أخيراً عقوداً طويلة من الخلافات المتأصلة بين «أسباط» إسرائيل. تجلّى التصعيد في مظاهر التخريب والتكسير التي اجتاحت شوارع المدن الرئيسة، ووصول المتظاهرين إلى شارع غزة في القدس، على بعد أمتار قليلة من مقرّ رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي دفع بقادة جهاز الأمن الداخلي «الشاباك» إلى التدخل، في وقتٍ ينشغل هذا الأخير بحالة المقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية والقدس المحتلّتَين. واضطرّت «الوحدة 730» الأمنية لإخراج عائلة نتنياهو إلى مقرّ «الشاباك» في القدس، بعدما تجاوز المتظاهرون في تلك الليلة الحواجز حول منزله، فيما عبّر مسؤولون كبار في الشرطة عن قلقهم إزاء «فقدان السيطرة».
أحداث تلك الليلة كانت مفصليّة بالنسبة للمسار الذي سيقرّر نتنياهو سلوكه. فقد تلقّى الأخير «طعنة في الظهر» من وزير الأمن، وأحد صقور «الليكود»، يوآف غالانت، عندما قرّر الخروج في مؤتمر صحافي خلافاً لرغبة رئيسه، والدعوة إلى وقف خطّة «الإصلاح القضائي»، بينما كان رئيس الوزراء يتابع زيارته في العاصمة البريطانية لندن. حدا ذلك بنتنياهو إلى إقالة غالانت، في محاولة لإظهار نفسه ممسكاً بزمام الأمور وصاحب الكلمة العليا. غير أنه إمّا لم يتوقع حدّة انفجار الشارع، وإمّا كان يقرّر انطلاقاً من حالته النفسية -العقلية. وفي هذا الإطار، اعتبرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه «حان الوقت لأن يُبلغ نتنياهو الجمهور ليس فقط عن صحّته الجسدية، ولكن أيضاً عن حالته العقلية، بما في ذلك الحبوب التي يتناولها. يحقّ للمواطنين أن يعرفوا تحت تأثير ماذا أو من يخضع رئيس حكومتهم»، مضيفةً أنه «لا توجد طريقة أخرى لشرح أحداث اليوم الأخير (ليل الأحد - الإثنين) إلا كحالة ذهنية (تحكّمت بقرارات نتنياهو)». فبعد كلّ مشاهد تلك الليلة، قرّر رئيس الوزراء «الوقوف بقوة ضدّ العصيان» كما كتب في تغريدة على صفحته في موقع «توتير»، قبل أن يتراجع في «الدقيقة الـ90».
كل هذا ظلّ في كفة، حتى انبلج فجر الإثنين، وانتهت لجنة الدستور والقانون من التصويت على الصيغة «المخفّفة» من مشروع قانون تعيين قضاة المحكمة العليا، مجهزّةً إياه للتصويت بالقراءات المختلفة في الهيئة العامة لـ»الكنيست». وكأنه لم يكن ينقص المعسكر المعارض إلّا تقدّم إضافي في انقلاب معسكر «المؤمنين» لتصعيد «ثورتهم» الهادفة إلى استرجاع «إسرائيل اليهودية الديموقراطية - اللبيرالية» التي ينازعون لأجلها. وفي غضون ساعات قليلة فقط، شُّلت إسرائيل تماماً؛ إذ للمرّة الأولى منذ ثلاثة شهور على بدء التظاهرات، قرّرت «الهستدروت» (اتحاد النقابات العماليّة) الانضمام إلى الاحتجاجات ضدّ الإصلاحات القضائية. قرار دراماتيكي بدا أشبه بقنبلة عنقودية لم تسلم من آثارها أيّ مؤسّسة. فقد «احتُجز» 73 ألف مسافر في «مطار بن غوريون» بعدما توقّفت فيه حركة الملاحة الجوية بانضمام شركات الطيران وعامليها إلى الإضراب، ومثلها فعل عمّال شركة الكهرباء، وميناءي حيفا وأسدود البحريين، إضافة إلى الفنادق والمطاعم والكافيهات، وصولاً إلى المجمّعات التجارية الضخمة والمولات، ومراكز التسوّق، فضلاً عن الجامعات والمدارس، والسلطات المحلية، وقبلها شركة «رافئيل» للصناعات الحربية، وسفارات إسرائيل حول العالم، وغيرها الكثير من الأجسام والمؤسّسات الحيوية.
انضمام هذه المؤسّسات إلى الإضراب أتى بالتوازي مع تصاعد حالة الغليان في الشارع الإسرائيلي، فيما ظهرت حكومة نتنياهو فاقدة للسيطرة ومرتبكة. إذ خاض أطرافها مداولات ساخنة شملت من بين أمور كثيرة اقتراح الاستفتاء العام على الخطّة، وأفضت في النهاية إلى خروج نتنياهو، تحت وطأة ابتزاز كبير مارسه ضدّه وزير «الأمن القومي»، إيتمار بن غفير، بخطاب أمام الإسرائيليين أعلن فيه تجميد الخطّة إلى ما بعد العطلة الشتوية لـ»الكنيست» (أي إلى الـ30 من نيسان المقبل)، داعياً إلى البدء في حوار مع المعارضة للتوصّل إلى تسوية. وقبيل خطابه، أعلن بشكل مبطن دعمه لتظاهرات أنصاره؛ إذ دعا اليمين و«اليسار» على حدّ سواء إلى نبذ مظاهر العنف في التظاهرات التي دعت إليها التنظيمات اليمينية وفي مقدّمتها تنظيم «لا فاميليا»، وزعيما «الصهيونية الدينية» و«عوتمساه يهوديت» بتسلئيل سموترتش وإيتمار بن غفير، في القدس وتل أبيب للتعبير عن تأييد «الانقلاب القضائي» بوجه المعارضين من مئات آلاف المحتجين.
من جهته، كشف بن غفير أنه حتى في ظلّ عدم التوصّل إلى تسوية خلال مهلة الشهر (العطلة الشتوية) مع المعارضة، فإن تمرير التشريعات سيستمرّ مع بدء الدورة الصيفية. وقال، في بيان مقتضب، إنه «وافق على التخلّي عن حق النقض (الفيتو) على إرجاء التشريعات، مقابل التزام من نتنياهو بتمريرها خلال الدورة الصيفية للكنيست حتى إذا لم يتمّ التوصّل إلى اتّفاق مع المعارضة». ولم يتنازل بن غفير إلا بعدما تلقّى أيضاً ضوءاً أخضر من نتنياهو لإقامة ميليشيات مسلحة تحت مسمّى «الحرس القومي» بهدف قمع فلسطينيّي الداخل. وبالعودة إلى قانون تعيين القضاة بصيغته المخفّفة، فقد أعلن نتنياهو في خطابه أنه «انطلاقاً من الرغبة في منع شقاق واسع في الأمة، قررتُ تأجيل القراءتين الثانية والثالثة من أجل التوصل إلى توافق واسع في الآراء»، مؤكداً أن قراره أتى بالتنسيق مع شركائه في الائتلاف الحكومي.
على المقلب الآخر، وبينما ظهر قادة العسكر المعارض خلال التظاهرات في خطابات حازمة أكدوا من خلالها نيتهم البقاء في الشارع إلى حين «الوقف الفعلي لعملية التشريع وصولاً إلى إقرار دستور»، تراجع هؤلاء خطوة إلى الوراء عقب خطاب نتنياهو؛ إذ أعلن زعيم المعارضة، يائير لابيد، أن معسكره «بحاجة إلى التأكد من أن نتنياهو لا ينغمس في التحايل والخديعة»، في إشارة إلى «التجربة السيئة معه في الماضي». مع ذلك، قال إنه «إذا خاضت الحكومة حواراً حقيقياً وعادلاً، فيمكننا الخروج من لحظة الأزمة هذه أقوى وأكثر اتحاداً، ويمكننا تحويل ذلك إلى لحظة حاسمة في قدرتنا على العيش معاً». أمّا وزير الأمن السابق، بيني غانتس، فأظهر مرونة أكبر بترحيبه بقرار نتنياهو، قائلاً: «سأبقى معارضاً لهذه الحكومة لكنني سأدعم الحوار». وأضاف أنه «سيعمل من أجل التوصّل إلى اتفاق إذا كانت الحكومة صادقة». لكن زعيمة حزب «العمل»، ميراف ميخائيلي، رأت أن خطاب نتنياهو «مليء بالأكاذيب والتحريض ولا يجب أن نقع في فخّه»، معتبرةً أن رئيس الحكومة «يكسب الوقت على حساب ديموقراطيتنا، يجب أن يستمرّ الاحتجاج ويتعزز». وتقاطع موقف ميخائيلي مع موقف قادة الاحتجاج في الشارع، إذ أعلن هؤلاء، طبقاً لموقع «واينت»، نيتهم التظاهر اليوم، ويوم السبت المقبل، وخصوصاً في «كبالان»، مركز التظاهرات، من أجل «استعادة الديموقراطية». من جانبه، لم يقف وزير الأمن المُقال، يوآف غالانت، مكتوف الأيدي، بالرغم من تجاهل نتنياهو له خلال خطابه الذي بُثّ في ساعة الذروة. وقال في تغريدة له على موقع «توتير»: «أرحب بقرار وقف التشريعات لمصلحة الحوار»، فيما أعلن رئيس «الهستدروت»، أرنون بار ديفيد، إلغاء الإضراب الذي أعلن عنه صباح أمس، مشيداً بقرار نتنياهو، وعارضاً في الوقت نفسه «المساعدة في وضع تعديلات تحظى بتوافق واسع».
في المحصّلة، أعطى نتنياهو الإسرائيليين «حقنة تحت الجلد» بظهوره كمن تراجع خطوة إلى الوراء، على اعتبار أن الشرخ في المجتمع الإسرائيلي وصل إلى مستويات محظورة وخطيرة. على أن إبرته هذه هي تعبير إضافي عن شرائه الوقت بغية الإيغال في مشروع السيطرة على مؤسّسات الدولة وإحكام القبضة. مشروع سيُستأنف مع نهاية الشهر المقبل، عندما يعود وشركاؤه من العطلة للهيمنة على كلّ ما يرونه «معوقاً» و«عقبة» أمامهم.
"البناء"| ميقاتي يدفع الضرر الأعلى بالضرر الأدنى: وأد الفتنة أعلى مرتبة من صلاحية التوقيت
أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التراجع عن قرار الإبقاء على التوقيت الشتوي خلال شهر رمضان، فرصة لتنفيس الاحتقان الذي قسم اللبنانيين بصورة مريعة ومرعبة خلال اليومين الماضيين، حيث افتقدت كل التحليلات والمواقف التي تدعي حسابات لاطائفية الى تظهير أي تفاعل من خارج طائفتها يمنحها صفة الوطنية، بحيث كان على الرئيس ميقاتي، كما تقول مصادر مقربة منه، أن يدفع الضرر الأعلى بالضرر الأدنى، فيرتضي التنازل عن صلاحياته الإجرائية في مسألة التوقيت، ويلجأ إلى مجلس الوزراء لتغطية هذا التنازل، وهو كان بالأصل في قراره قد لحظ العودة إلى مجلس الوزراء، لكنه لم يعد إليه لتثبيت الإقرار بل للتراجع عنه، لأنه وضع يده على خطر فتنة لا بدّ من وأدها، واعتبار ذلك أعلى مرتبة من التمسك بصلاحية التوقيت، رغم اغتصاب مرجعيات سياسية وروحية لهذه الصلاحية بصورة مستغربة، فأعلن كل منها توقيتاً، بدا معه لبنان للأسف يعمل بتوقيتين إسلامي ومسيحي، لا صيفي وشتوي.
وسحب مجلس الوزراء فتيل التوتر الطائفي الذي طبع الأيام القلية الماضية، بالعودة عن قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، وقرّر العودة الى التوقيت الصيفي ابتداءً من ليل الأربعاء الخميس. وذلك في جلسة استثنائية عقدها المجلس ببند وحيد هو بند التوقيت.
وقد تمكنت الوساطات والاتصالات التي قاد جزءاً منها رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط في تجنيب لبنان الشر الطائفي المستطير، وقد علمت «البناء» أن «ردود الفعل على قرار وزاري لم تقتصر على حزب أو فريق سياسي بل شملت مختلف القوى المسيحية التي زايدت على بعضها البعض واتخذت الردود منحى طائفياً، وكادت أن تشتعل البلاد، ما دفع برئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى الاستجابة للوساطات وإخماد نار الفتنة التي يريد البعض جرّ البلد إليها من حيث يدري أو لا يدري، وعرض الموضوع على مجلس الوزراء لأخذ القرار المناسب لكي يتحمل الجميع مسؤولياته ولكي لا يتحمّلها الرئيس ميقاتي وحده». وعلمت «البناء» أن كل وزير أدلى بدلوه في إبداء رأيه تجاه هذا الملف، وكان نقاشاً بناءً ولو أنه اتسم بالحدية، لكن أغلب الوزراء شدّدوا على ضرورة العودة عن القرار لأسباب وطنية ولإنقاذ البلد من مصالح ومطامع واستغلال البعض لأهداف سياسية».
وكان لموقف جنبلاط الذي وجه انتقادات الى ميقاتي وأرسل له النائب هادي أبو الحسن موفداً لعرض وساطة لإنهاء الأزمة قبل تفاقمها وانعكاسها على الشارع المشتعل أصلاً، دور أساسي في تراجع ميقاتي وفق معلومات «البناء» وكذلك موقف البطريركية المارونية الذي شكل عاملاً حاسماً بقرار ميقاتي الذي جمع مجلس الوزراء ليكون قراره المخرج المناسب للتراجع.
وإذ اعتبرت أوساط حزبية مسيحية لـ»البناء» أن «الفيديو المسرب عن حديث رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي واتخاذهما قرار تأجيل التوقيت الصيفي أثار استفزاز شريحة واسعة من اللبنانيين وظهر جلياً الاستفراد بالحكم وتجاهل موقع رئاسة الجمهورية وإمعان بضرب الشراكة الوطنية وكأن لا رئاسة جمهورية ولا رئيس، فضلاً عن أنه مخالف للقانون ويضرّ بمصلحة لبنان وتواصله مع الخارج»، في المقابل تتهم مصادر في كتلة التنمية والتحرير رئيس التيار الوطني الحر ورئيس القوات سمير جعجع باستغلال الفيديو لشدّ العصب الطائفي للتوظيف السياسي وتعزيز تموضعهم في الملف الرئاسي، مشيرة لـ»البناء» الى أن «الخطابات التي أعقبت نشر الفيديو تؤكد استمرار سياسة تقسيم البلد والدعوات الى الفدرلة والطلاق مع المكونات الأخرى في البلد والتي جاهرت بها قيادات حزبية عدة تحت عنوان اللامركزية الموسعة التي تشكل انقلاباً على اتفاق الطائف». وتمنت المصادر لو يتفق المسيحيون على انتخاب رئيس للجمهورية كما اتفقوا على رفض قرار الحكومة.
وكان ميقاتي أطلق سلسلة مواقف بعد جلسة مجلس الوزراء، مشيراً الى أن «المشكلة ليست ساعة شتوية او صيفية تمّ تمديد العمل بها لأقل من شهر انما المشكلة الفراغ في الموقع الأول في الجمهورية، ومن موقعي كرئيس للحكومة لا أتحمل اي مسؤولية عن هذا الفراغ بل تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية وبالدرجة الأولى الكتل النيابية كافة تلك التي فضّت النصاب خلال 11 جلسة انتخاب سابقًا، وتلك التي تعهدت بعدم تأمينه في جلسات لاحقة من دون أن تتفق على مرشح يواجه مرشح الفريق الآخر».
وقال ميقاتي: «أمام هذا الاستعصاء، وأمام الدفع لجعل رئاسة الحكومة المسؤول الأول عما آلت اليه البلاد، قررت دعوة مجلس الوزراء اليوم لعرض ما سبق وورد في مذكرتي تاريخ 23 الحالي، بوجوب عرض الموضوع على مجلس الوزراء، وكان نقاش هادئ، حيث أبدى كل وزير رأيه وقرّر المجلس الإبقاء على قرار مجلس الوزراء رقم 5 تاريخ 20-8-1998 باعتماد توقيت صيفي وشتوي من دون اي تعديل في الوقت الحاضر، ويبدأ التوقيت الجديد منتصف ليل الأربعاء – الخميس المقبل، لأننا اضطررنا ان نأخذ فترة 48 ساعة لمعالجة بعض الأمور التقنية بموجب المذكرة السابقة، فأعطينا وقتاً لإعادة تعديلها».
ولفت ميقاتي إلى أننا «اليوم حللنا مشكلة واحدة لمواجهة الضخّ الطائفي وإسكاته، لكنني أضع الجميع امام مسؤولياتهم الوطنية في حماية السلم الأهلي والاقتصاد الوطني وعمل المرافق العامة. من هنا أدعو الجميع لانتخاب رئيس جديد للبلاد وتأليف حكومة جديدة من دون إبطاء. لقد تحمّلت ما ناءت تحته الجبال من اتهامات وأضاليل وافتراءات، وصمدت وعانيت بصمت غير اني اليوم أضع الجميع أمام مسؤولياتهم. وختم: ليتحمل الجميع مسؤولياتهم في الخروج مما يعانيه اللبنانيون. فالمسؤولية مشتركة ولا يمكن، ومن غير العدل أن تلقى على عاتق شخص أو مؤسسة ويقف الآخرون متفرجين او مزايدين. اللهم اشهد أني عملت ما في وسعي فلا تكلفني ما لا طاقة لي به. اللهم اشهد اني قد بلغت. اللهم اشهد اني قد بلغت».
وترك قرار مجلس الوزراء ارتياحاً لدى الأطراف المسيحية السياسية والروحية، فاعتبر جعجع أن «قرار الحكومة اليوم… فضيلة».
وأبدى البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال اتصال هاتفي أجراه مع ميقاتي، «ارتياحه للقرار الذي صدر عن جلسة مجلس الوزراء في شأن العودة إلى التوقيت الصيفي». وأكد الراعي أن «لبنان يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة إلى المزيد من القرارات الحكيمة التي توحّد اللبنانيين وتبعد كل أشكال الانقسام بينهم». وشددا على «ضرورة تجاوز أي اختلاف في وجهات النظر بروح وطنية جامعة، بعيداً من كل معيار طائفي أو فئوي». وجددا تأكيد «عدم إعطاء موضوع التوقيت الصيفي أي بعد طائفي أو فئوي». كما توافقا على أن «المدخل الأساسي لانتظام عمل المؤسسات الدستورية هو انتخاب رئيس للجمهورية». ودعوا «كل القوى المعنية بهذا الاستحقاق إلى مضاعفة جهودها لإتمامه في أسرع ما يمكن».
"الديار": عودة الحكومة الى التوقيت الصيفي تفكك «الصاعق الطائفي» ولا تلغيه
بعد ساعات من الاحتقان الطائفي في البلاد، تم سحب «فتيل» التوقيت الصيفي من التداول منعا من استغلاله طائفياً ومذهبياً، فقررت الحكومة تطبيق التوقيت الصيفي بدءا من ليل الاربعاء الخميس. ووفقا لمصادر سياسية بارزة، كان تدخل الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام مؤثرا، لكن الحل خرج بعد اتصالات حثيثة ادارها حزب الله من وراء الكواليس بعد فشل محاولة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مع ميقاتي عبر النائب هادي ابو الحسن، ودخوله على خط الضغط على رئيس حكومة تصريف الاعمال باعلان وزير التربية عدم التزام المدارس بقراره. بعدها تم الاتفاق على عقد جلسة حكومية والعودة عن القرار لوأد فتنة مفتعلة في البلاد تركت الكثير من الندوب المقلقة جدا على الرغم من بقائها في العالم الافتراضي.
واوضح ميقاتي ان قرار الـ 48 ساعة هو «لإعطاء الوقت لإصلاح بعض الأمور»، ان المشكلة ليست في «الساعة» وانما في الفراغ الرئاسي داعيا «الجميع إلى انتخاب رئيس جديد للبلاد وتأليف حكومة جديدة من دون إبطاء» وأن يتحمّلوا مسؤولياتهم «في الخروج مما يعانيه اللبنانيون، فالمسؤولية مشتركة ولا يمكن ومن غير العدل أن تُلقى على عاتق شخص أو مؤسسة ويقف الآخرون متفرجين أو مزايدين، مؤكداً أنّ القرار لم يكن طائفياً. وقال إنّ «استمرار العمل بالتوقيت الشتوي حتى نهاية شهر رمضان الذي تشاورت بشأنه مع رئيس مجلس النواب سبقته اجتماعات مكثّفة على مدى أشهر بمشاركة وزراء ومعنيين»، مؤكداً أنّ «قرار تمديد العمل بالتوقيت الشتوي كان الهدف منه إراحة الصائمين خلال شهر رمضان لساعة من الزمن من دون أن يسبّب ذلك أي ضرر لأيّ مكوّن لبناني آخر، علماً أنّ هذا القرار اتُخذ مراراً في السابق. وقال أنّ «كرة النار أصبحت جمرة حارقة، فإما نتحمّلها جميعاً وإما نتوقف عن رمي التهم والألفاظ الشائنة ضد بعضنا بعضا. وأشار إلى أنّ «أسهل ما يمكن أن أقوم به هو الاعتكاف عن جمع مجلس الوزراء وأصعب ما أقوم به هو الاستمرار في تحمّل المسؤولية». وشدّد على أنّ «الطائفة السنية ما كانت يومًا إلا وطنية بالمعنى الشمولي وحافظت عبر التاريخ على وحدة البلاد والمؤسسات وعملت عبر نخبها وقياداتها على صياغة مشاريع وطنية لا طائفية منذ الاستقلال»، معتبراً أنّ «الطائفة السنية كانت ولا تزال وستبقى أمّ الصبي التي تمارس الفعل الوطني اللاطائفي على الدوام.
وفي خطوة باتجاه تبريد الاجواء بعد اعلان بكركي رفضها لقرار التوقيت، ابدى البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال اتصال هاتفي أجراه مع ميقاتي، «ارتياحه للقرار الذي صدر عن جلسة مجلس الوزراء في شأن العودة إلى التوقيت الصيفي، مؤكدا أن «لبنان يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة إلى المزيد من القرارات الحكيمة التي توحد اللبنانيين وتبعد كل أشكال الانقسام بينهم». وجددا تأكيد «عدم إعطاء موضوع التوقيت الصيفي أي بعد طائفي أو فئوي!