لبنان
انتهاء جلسة التحقيق الثانية مع سلامة.. والليرة إلى مزيد من الانهيار
اهتمت الصحف الصادرة اليوم في بيروت بانتهاء الجلسة الثانية من التحقيق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول التحويلات إلى شركة "فورلي"، والتي حضرها محققون أوروبيون، والتي جرت على مدى يومين في قصر العدل، والتي خرج منها الحاكم مرتاحًا، على أن تستكمل التحقيقات معه في شهر أيار بحسب القاضية الفرنسية أود بوروزي.
وفي وقت يبدو فيه سلامة خارجًا من نفق التحقيقات مجتازًا مرحلة صعبة، يستمر التدهور الكبير في سعر صرف العملة الوطنية مقابل الدولار، وتحلّق الليرة اللبنانية فوق سقف الـ100 ألف لكل دولار واحد، في انهيار لم يسبق له مثيل في تاريخ البلاد، في ظل غياب أي إجراءات من قبل الدولة للوقوف بوجه كرة الثلج المالية المتدحجرة وتأثيراتها على يوميات اللبنانيين.
"الأخبار": استدعاء سلامة إلى باريس للتحقيق في ملف تبييض الأموال
انتهت جلسات استجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة التي جرت على مدى يومين في قصر العدل حيث مثل أمام القاضية الفرنسية أود بوروزي في إطار التحقيقات القائمة ضد سلامة وشقيقه رجا ومعاونته ماريان الحويك. وقررت العودة إلى بيروت نهاية الشهر المقبل لاستجواب رجا وماريان بالإضافة إلى موظفين في المصرف المركزي ومصرفيين من البنوك اللبنانية. لكنها فجرت مفاجأة قبل مغادرتها بأن وجهت دعوة إلى سلامة للمثول أمامها منتصف أيار المقبل من دون أن تحدد الصفة التي سيمثل فيها.
وقد استكملت بوروزي يوم أمس ما كانت قد بدأته في الجلسة الأولى لناحية طرح أسئلة تتعلق حول حركة الأموال ما بين مصرف لبنان وشركة فوري لصاحبها رجا سلامة وحسابات باسمهما في عدة دول أوروبية. وعلمت «الأخبار» أن بوروزي كانت طلبت من سلامة أول من أمس إحضار مستندات تخص بعض التحويلات، لكنه لم يأت بها أمس، معتبراً أن الأمر لا يفيد في التحقيق، لكنه كان شديد التوتر، إلى درجة أنه اعترض من جديد على وجود ممثلي هيئة القضايا في وزارة العدل في الجلسات، عازياً اعتراضه إلى كون الهيئة صارت خصماً له بعد ادعائها عليه. لكن القاضي شربل أبو سمرا رفض طلبه استناداً إلى أن المعاهدات الدولية تجيز الحضور.
لكن ما لفت انتباه ديبلوماسيين فرنسيين واكبوا التحقيقات، أن سلامة كان أكثر ارتياحاً قبل وصوله إلى الجلسات، وأن طريقة تعامل القاضي أبو سمرا معه تركت انطباعاً سلبياً لدى الفريق الفرنسي. وقال هؤلاء «مارس أبو سمرا المحاباة في علاقته مع سلامة وإدارته للجلسة. وكان يهتم بتفاصيل كثيرة تؤمن راحة الحاكم، من طريقة اختيار الكرسي الذي يجلس عليه، إضافة إلى توفير الضيافة له كل الوقت، بما في ذلك السماح له بتدخين السيجار، والتدخل مراراً لتوضيح ما تقوله القاضية الفرنسية».
وعندما أبلغت الأخيرة سلامة أنه مدعو للمثول أمامها في أيار المقبل، تدخل أبو سمرا رافضاً. وقال في اتصال مع «الأخبار» بأن «مكتبه في قصر العدل ليس عنواناً خاصاً لسلامة وبالتالي يفترض بالقاضية الفرنسية إبلاغه وفق ما تقتضيه الأصول أي باستنابة قضائية رسمية موجهة إلى النيابة العامة التمييزية». ورداً على سؤال حول موضوع الاستدعاء إلى باريس أجاب أبو سمرا بأن «ثمة دعوى في فرنسا تتعلق بممتلكات يدقق بمصدر أموال شرائها ولا علاقة لنا بالموضوع».
وكان سلامة أمس أشد توتراً من أول من أمس، خصوصاً أن الأسئلة كانت مكثفة وسريعة، وهو أعد مطالعة دفاعية استند فيها إلى أوراق ووثائق يمكن إيجاز مضمونها، بأن كل ما قام به في عمله في مصرف لبنان، بما في ذلك ما يتعلق بشركة «فوري» إنما تم وفق الأصول، وأن لديه الموافقات الكاملة من المؤسسات المعنية في المصرف، من المجلس المركزي ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان وكذلك الهيئات الرقابية، وأنه لم يرتكب أي مخالفة توجب الاشتباه به. ومع ذلك كان شديد الارتباك عندما سألته القاضية الفرنسية عن كيفية حصوله على أرباح كبيرة. وسألته مباشرة: كيف يحصل أنك كنت تملك مبلغاً بـ15 مليون دولار صاروا خلال أقل من عشر سنوات بقيمة تجاوز الـ 100 مليون دولار. فرد سلامة بأن لديه استثماراته الكثيرة في لبنان وخارجه، وأن حساباته هذه لا علاقة لها بحسابه في المصرف المركزي ولا تتناقض مع وظيفته وفقاً لأحكام قانون النقد والتسليف.
ادعاء الدولة
أما بشأن مشكلته مع هيئة التشريع والقضايا في وزارة العدل، فقد أوضحت مصادر وزارة العدل أن سلامة تحفظ خلال الجلسة الأولى على وجود القاضية هيلانة اسكندر إلا أن أبو سمرا بالتشاور مع بوروزي رفضا تحفظه وقررا متابعة الإجراءات بحضورها. ونفت المصثادر أن تكون وصول ردّ من وزير المال يوسف خليل حول طلبها منه بيان الرأي بشأن اتخاذ الدولة اللبنانية صفة الادعاء الشخصي في التحقيق الذي تجريه القاضية الفرنسية. وعلم ان وزارة العدل أبلغت الوزير خليل أنها «تعتبر عدم رده بمثابة موافقة ضمنية» وهو ما دفعها إلى إرسال رسالة إلكترونية إلى محكمة الاستئناف الفرنسية لإبلاغها باتخاذ الدولة اللبنانية صفة الادعاء الشخصي ضد كل من الأخوين سلامة والحويك وكل من يظهره التحقيق، وقالت: «أتحمل مسؤوليتي عن كل عمل أقوم به وواجباتي الحفاظ على أموال الدولة والدفاع عن حقوقها».
سلامة كان شديد التوتر دخن السيجار واستراح لكنه لم يحضر مستندات كما وعد القاضية الفرنسية
وبحسب المصادر فإن السبب الرئيسي وراء الادعاء ضد الثلاثة وطلبها الحجز على ممتلكاتهم وتجميد حساباتهم وحسابات عائلاتهم، هو ادعاء النيابة العامة ضدهم وتحريك الحق العام. فبالاستناد إلى المادة 67 من الأصول الجزائية، يمكن للمتضرر من الجريمة التقدم بادعاء شخصي إلى قاضي التحقيق تبعاً للدعوى العامة التي حركها ادعاء النيابة العامة. وفي هذه الحالة الدولة اللبنانية هي المتضررة وإسكندر هي ممثلة عن الدولة بصفتها رئيسة هيئة القضايا. وعدم الادعاء يعني إهدار أكثر من 300 مليون دولار من الأموال المحتجزة في الخارج وفقاً لما أكدته بوروزي في رسالتها، موضحة بأن للمدعين فقط الحق باسترجاع هذه الأموال.
سلامة مربك
وبينما لم تتوضح الصفة التي سيمثل فيها سلامة أمام القضاء الفرنسي في أيار المقبل، كان الحاكم حريصاً في بيان أصدره أمس أنه ذهب إلى الجلسات بمفرده من دون محام لأنه استدعي «كمستمع إليه لا كمشتبه فيه ولا كمتّهم»، وأكد إعادة تقديم «الأدلّة والوثائق التي كان تقدّم بها إلى القضاء في لبنان والخارج، مع شرح دقيق لها»، مشيراً إلى أنّه «يتبيّن من هذه الوثائق والكشوفات أن المبالغ الدائنة المدوّنة في حساب المقاصة المفتوح لدى مصرف لبنان الذي حُوِّلَت منه عمولات إلى فوري سُدِّدَت من جهات أخرى، ولم يَدخل إلى هذا الحساب أيّ مال من مصرف لبنان، ولم يكن هذا الحساب مكشوفاً». وتابع سلامة بنفي ارتباط حسابه الشخصي في «المركزي» بالحسابات التي تودَع فيها الأموال العائدة إلى المصرف أو تحويل أي أموال منها إلى حسابه، قائلاً إن التحاويل إلى الخارج الخاصة به، ومهما بلغت، مصدرها حسابه الشخصي».
واعتبر سلامة كل الإخبارات بحقه في الخارج والداخل معطوفة على ما سماه بـ»الحملات الإعلامية المستمرة» لأكثر من سنتين «تعطشاً للادّعاء عليّ وللضّغط على القضاء والمزايدة عليه». ولفت إلى مواكبة هذه الحملات من «بعض السياسيين من أجل الشعبوية اعتقاداً منهم أنّ هذا الأمر يحميهم من الشبهات والاتهامات، أو يساعدهم على التّطنيش عن ماضيهم أو يعطيهم عذراً لإخفاقاتهم في مواجهة الأزمة وحلها. وختم بالقول: «الأوطان لا تُبنى على الأكاذيب».
«لو موند» الفرنسية: بحث عن إمبراطورية الحاكم
بالتزامن مع انتهاء مهمة الوفد القضائي الفرنسي، نشرت مجلة Le monde تحقيقاً تحت عنوان: لبنان... في محركات نظام سلامة لتعدّد الامتيازات التي تمتع بها حاكم مصرف لبنان في الخارج من العقارات الفخمة في «المثلث الذهبي» الباريسي إلى الحسابات المصرفية في المصارف السويسرية إلى الشركات الاستثمارية في لوكسمبورغ. امتيازات استند إليها محام ونشطاء في مكافحة الفساد منذ سنوات لمحاولة تفكيك خيوط الشبكة المبهمة التي حققها سلامة متنقلاً بين ملاذ ضريبي وآخر بمساعدة وتسهيل عدد من المحيطين به، وهو ما أدى إلى مراكمته إرثاً يقدر بمئات ملايين من اليورو في أوروبا. واعتبرت الصحيفة أن ثمة أجزاء كاملة متعلقة بإمبراطورية سلامة المالية يتعيّن الكشف عنها إلا أن عمل النشطاء يتابع اليوم من القضاة الأوروبيين واللبنانيين. هؤلاء يشتبهون بتحويل عشرات ملايين من اليورو من مصرف لبنان الذي يحكمه سلامة منذ ثلاثين عاماً لتبييضها في أوروبا في إطار إساءة استخدام عمله الوظيفي. وأورد التحقيق تفاصيل جلسات استجواب سلامة في بيروت في اليومين الماضيين بالإضافة إلى استعادة زمنية لكل تفاصيل ملف سلامة منذ بدء التحقيقات الأوروبية في العام 2020 وما كشفته من عمليات تبييض في أكثر من سبع دول أوروبية بمساعدة من مصارف لبنانية وما تبعها من تدخلات سياسية لحماية سلامة في لبنان منعاً للتوسع في التحقيق محلياً؛ ومن أبرز هؤلاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
"البناء": "الدكتيلو" ينظم احتفالية إعلامية لبطولات سلامة القضائية
عاد الدكتيلو، الذي كان يرمز في الماضي إلى تعاميم الشعبة الثانية، يوم كانت مخابرات الجيش تعمّم على الصحافة ما يجب أن تتضمنه عناوين اليوم الثاني، ولكن هذه المرّة ليست مخابرات الجيش بل خلية الإعلام الخاصة بحاكم مصرف لبنان التي تموّل العديد من القنوات التلفزيونية والصحف والإعلاميين والمواقع الإلكترونية، لتخرج مانشيت واحدة في مقدمات نشرات الأخبار والتعليقات، مضمونها احتفالية بشجاعة وثبات ودقة ومهنية وحرفية وإتقان حاكم المصرف، لدرجة بات يستحق وسام الجمهورية من رتبة المتهم البريء، وصار السؤال عن جدية التحقيقات التي قال مصدر قضائي لكل وسائل الإعلام إنه معجب بأداء سلامة خلال التحقيق وقد أذهله بقدرته على الإقناع وامتلاكه أعصاباً باردة، فلم تعد مشكلة أن شقيقة سمسار بيع سندات لحساب مصرف لبنان مقابل عمولات يسدّدها الحاكم، وهو يعلم أن الزبائن يأتون الى شقيقه لأنه شقيقه، أي قمة الفساد، لكن يكفي أن ما سدّده له من عمولات من حساب المصرف هي مبالغ وردت من هؤلاء الزبائن، حتى كاد العدل يصرخ تحت وطأة سياط هؤلاء الجلادين، بريء والله بريء، والإعلاميون يردّدون كالببغاء أن الأسئلة بلغت مئة وستة وثمانين، يا الله لعبقرية وذكاء سلامة، يستحق جائزة نوبل للدقة وبرود الأعصاب، ولو كان مجرماً، فيكفي أنه ذكي وأعصابه باردة والاسئلة مئة وستة وثمانين، والتساؤل أمام هول الكارثة الأخلاقية التي شهدناها امس، هو هل ما يجري مجرد مسرحية ستنتهي ببراءة سلامة ومنحه حصانة من أي ملاحقة بعد نهاية ولايته، دون أن يسأله أحد، بأي حق أنفق سبعين مليار دولار من ودائع اللبنانيين على تثبيت سعر الصرف؟ وها هو السعر يبلغ زيادة قرابة مئة ضعف؟ ومن سيعيد الودائع؟
خطف قصر عدل بيروت لليوم الثاني على التوالي الأضواء المحلية والذي شهد الجلسة الثانية للاستماع إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من قبل قاضي التحقيق الأول في بيروت والوفد القضاء الأوروبي الذي غادر بيروت بعدما أخذ ما يريده من أجوبة واستيضاحات من سلامة حول عمليات تبييض أعمال بين لبنان ودول أوربية عدة، ونقل هذه الأجوبة الى السلطات القضائية الأوروبية لاتخاذ صفة الادعاء على سلامة إذا استوجب ذلك، على أن يعود الوفد مطلع الشهر المقبل الى بيروت لاستكمال التحقيقات وفق معلومات “البناء”. وفي هذا الوقت يتولى القضاء اللبناني متابعة التحقيقات مع الحاكم الأسبوع المقبل في قضايا غسل أموال، بحسب ما أشارت أوساط قضائية لـ”البناء”.
وكانت انتهت جلسة الاستماع إلى سلامة قرابة الاولى من بعد ظهر أمس والتي بدأت عند التاسعة أمام الوفد الأوروبي.
وأشارت مصادر قضائية الى أنّ “الحاكم المركزي ظهر هادئاً ومتماسكاً في جلسة الاستجواب وأجاب على كلّ الأسئلة التي طُرحت عليه”. وأفادت المصادر أن القاضي شربل أبو سمرا عقد اجتماعاً تقييمياً مع الوفد القضائي الأوروبي بعيد جلسة الاستماع إلى سلامة وأبدى الوفد رغبته بالعودة في نهاية نيسان. وأشارت المعلومات إلى أن “القاضي أبو سمرا رفض اعتبار إعلام سلامة بجلسته في باريس في أيار المقبل شفهياً بمثابة تبليغ رسمي وطلب أن يتم ذلك وفقاً للأصول بواسطة النيابة العامة التمييزية عبر استنابة قضائية جديدة”. وبعد انتهاء جلسة الاستماع أبلغت القاضية الفرنسية أود بوروزي سلامة بوجوب حضور جلسة له أمامها في منتصف أيار المقبل”.
وغادر القضاة الأوروبيون، على أن يعودوا الى بيروت الشهر المقبل لمتابعة تنفيذ الاستنابات القضائية. وأشارت المعلومات القضائية الى أنّ “الجلسات المقبلة ستكون مع كلّ من رجا سلامة ومريان الحويك».
وعلمت “البناء” أن القاضي أبو سمرا حدّد جلسة أخرى للاستماع إلى سلامة بدعاوى واتهامات أقامها القضاء اللبناني وذلك الأسبوع المقبل من دون حضور القضاء الأوروبي.
وإثر انتهاء الاستجواب بق سلامة “البحصة” وشن هجوماً معاكساً رد فيه على خصومه، ولفت في بيان إلى “انني حضرت جلسة دعا اليها الرئيس شربل ابو سمرا، دون رفقة المحامي، اذ أن حضوري كان كمستمع اليه لا كمشتبه فيه ولا كمتهم، لقد حضرت احتراماً مني للقانون وللقضاة، وتحفظت لوجود حضرة القاضية اسكندر لأنها خصم وقد تدخلت بالدعوى اللبنانية ضدي، وتحفظي ناتج عن الإخلال بمبدأ المساواة بين الفرقاء».
وأضاف: “أكدت خلال الجلسة الادلة والوثائق التي كنت قد تقدمت بها الى القضاء في لبنان والخارج مع شرح دقيق لها. يتبين من هذه الوثائق والكشوفات ان المبالغ الدائنة في حساب المقاصة المفتوح لدى مصرف لبنان والذي حوّلت منه عمولات الى “فوري « (foory)، كانت قد سددت من اطراف اخرى ولم يدخل الى هذا الحساب اي مال من مصرف لبنان ولم يكن هذا الحساب مكشوفاً في اي لحظة. كما يتبين من هذه الكشوفات ان حسابي الشخصي في مصرف لبنان غير مرتبط بالحسابات التي تودع فيها الأموال العائدة الى المصرف ولم تحول الى حسابي أموال من مصرف لبنان. وان التحاويل الى الخارج الخاصة بي، ومهما بلغت مصدرها حسابي الشخصي. لقد لمست ولأكثر من سنتين سوء نية وتعطشا للادعاء علي».
وأضاف: “ظهر سوء النية من خلال حملة إعلامية مستمرة تبنتها بعض الوسائل الاعلامية والتجمعات المدنية منها أوجدت غب الطلب لتقديم إخبارات في الداخل وفي الخارج وذلك للضغط على القضاء والمزايدة عليه. فأصبح مدنيون وصحافيون ومحامون يدعون انهم قضاة، يحاكمون ويحكمون بناء لوقائع قاموا بفبركتها. واكبهم بعض السياسيين من أجل الشعبوية اعتقاداً منهم ان هذا الأمر يحميهم من الشبهات والاتهامات او انه يساعدهم على التطميش عن ماضيهم او يعطيهم عذراً لإخفاقاتهم في مواجهة وحل الازمة، ناسين ان الاوطان لا تبنى على الاكاذيب”.
في المقابل، برزت تغريدة النائب جميل السّيّد بقوله: “كلا! رياض سلامة ليس وحده مسؤولاً والتركيز عليه وحده هو إنحراف للعدالة!”. ولفت إلى أنه “هو محاسب المافيا التي تضم زعماء وسياسيين وقضاة وضباطاً ورجال دين وأعمال ووسائل اعلام مختلفة ومواقع أخبار وإعلاميين يدّعون العِفّة”.
ونصحه قائلاً: “إفضح أسماءهم وأحمي نفسك قبل أن يقتلوك لطمْس الحقيقة وحماية رؤوسهم”.
واستبعدت مصادر مطلعة لـ”البناء” صدور قرار ظني قريب بحق سلامة أو مذكرة توقيف بحقه، ولا تقديم استقالته ولا إقالته، لكون الظروف الحالية السياسية والاقتصادية والمالية لا تسمح بقرار قضائي أو سياسي أو حكومي كهذا، إذ لم تنتهِ ولايته بعد ولا يمكن تعيين بديل له في الوقت الراهن، والأفضل تمرير المرحلة حتى انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة جديدة وإجراء تعيينات في الحاكمية ومناصب أخرى ويكون الى ذلك الحين قد انتهت ولاية سلامة ويجري انتقال الحكم في الحاكمية بسلاسة ووفق الأصول القانونية وفي ظروف سياسية هادئة وطبيعية”.
ودعا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والحكومة الى “المسارعة الى تعيين حاكم مصرف مركزي، إن ثبت أن رياض سلامة قدم استقالته، او اذا اقيل، لان الوضع لا يحتمل تسيير أعمال في الحاكمية، بل تعيين حاكم أصيل من نظيفي الكف والسمعة، ابيض ناصع، يملك الخبرة الكافية لاستعادة الثقة لأن الامر طارئ ومستعجل وخطير”.
وإذ تربط مصادر نيابية لـ”البناء” بين الأزمة المصرفية – القضائية وبين الضغط القضائي على الحاكم، بالارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار في السوق السوداء والذي بلغ 110 آلاف ليرة أمس، استمر إضراب المصارف بغياب أي توجه لفك الإضراب مطلع الأسبوع حتى الساعة بانتظار عودة ميقاتي من الخارج، لاستكمال الاتصالات بين جمعية المصارف والقضاء لإحياء الهدنة الأخيرة بين الطرفين.
ويشير خبير اقتصادي لـ”البناء” الى أن سعر الصرف يتأثر بكل الأحداث والتطورات في لبنان، لا سيما إضراب القطاع المصرفي الذي حال دون تمكن مصرف لبنان من ضخ الدولار عبر منصة صيرفة ما جفف الدولار مقابل ارتفاع الطلب عليه من التجار وغيرهم لتمويل الاستيراد ما تنشط عمليات المضاربة في السوق السوداء”. ويضاف الى ذلك وفق الخبير “عدم وجود رادع وقوانين تضبط السوق السوداء وتحكم التطبيقات الالكترونية خارج لبنان وعدم تدخل مصرف لبنان جدياً للجم السوق السوداء، اضافة الى النزاع القضائي المصرفي وعدم إيجاد حلول جذرية واقتصار المعالجة على “أبر المورفين” ما يجدد الإشكالية فور انتهاء مفعولها.
ويحذر الخبراء من استمرار الانهيار بالعملة الوطنية والتداعيات الخطيرة على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، مشيرين الى خلل اجتماعي كبير يكمن في تدني قيمة رواتب الموظفين لا سيما القطاع العام في ظل “دولرة” الأسواق بمختلف السلع والخدمات من الفواتير والرسوم المسعّرة وفق صيرفة كالكهرباء والاتصالات الى الدولار الجمركيّ وفق سعر 45 ألف ليرة وتسعير المواد الغذائية بالسوبرماركات والصيدليات والطبابة بدولار السوق السوداء، فيما بقيت رواتب القطاع العام على حالها باستثناء الزودة الأخيرة التي لا تُغني ولا تُسمن من جوع، فيما يأخذ المودعون ودائعهم وفق الدولار المصرفي 15 ألف ليرة، ما يخلق فجوة كبيرة بين المواطنين في القطاعين العام والخاص وكذلك المصالح والمهن الحرة، ما يؤدي الى انهيارات في البنية الاجتماعية وصراع داخل الطبقات وزيادة الجريمة الاجتماعية والفوضى الامنية”، ما يتوجب على الحكومة وفق الخبير “درس مؤشر الغلاء ونسبة التضخم ورفع الأجور بنسب معتدلة”، لكن الخبير يشير الى أن الحكومة غير قادرة على تحسين الرواتب في الوقت الحالي بظل العجز في الخزينة وغياب الموازنة بظل الإضرابات والشلل الذي يطال مؤسسات الدولة الدستورية والمرافق العامة، وسيتم التعويض بالمساعدات الإنسانية وبعض قروض البنك الدولي لسد بعد الحاجات الأساسية للمواطنين لا سيما الشرائح الفقيرة.
واستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي الى لبنان إرنستو ريغو راميريز Ernesto Rigo Ramirez على رأس وفد من الصندوق، حيث تم عرض للوضعين للمالي والاقتصادي بعمق ومراحل الحوار القائم بين لبنان والصندوق والتشريعات الإصلاحية التي أنجزها المجلس النيابي في هذا الإطار محذراً من “المخاطر الكامنة فيما لو تأخرت المعالجات المطلوبة والضرورية”.
وعقد في باريس ليل أمس اجتماع فرنسي – سعودي، شارك فيه عن الجانب الفرنسي كل من مستشار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأدنى باتريك دوريل والموفد الشخصي للرئيس الفرنسي المكلف متابعة ملف لبنان بيار دوكان، وعن الجانب السعودي والمستشار في الديوان الملكي نزار العلولا والسفير السعودي لدى بيروت وليد البخاري.
ودعا مصدر نيابيّ الى عدم الرهان على التطورات الخارجية لإنجاز تسوية في لبنان، مشيراً لـ”البناء” الى أن على القوى السياسية اللبنانية التفاهم والحوار للتوافق على مرشح يمتلك مواصفات مشتركة ويحظى بدعم أغلبية المجلس النيابي.
ولفتت أوساط نيابية في الحزب الاشتراكي لـ”البناء” الى أننا لا زلنا على موقفنا الذي أعلنه رئيس الحزب وليد جنبلاط برفض مرشح التحدّي من كلا الطرفين والعمل على جوجلة المواصفات والأسماء للاتفاق على مرشح توافقي”، لافتة الى أننا لسنا ضد رئيس المردة سليمان فرنجية إذا كان لديه فرصة كبيرة بالفوز، لكن أطراف عدة تعتبره مرشح تحدّ ولم يتمكن الداعمون له من توفير النصاب لانعقاد الجلسة فضلاً عن المشكلة الأساسية التي تعترض وصوله حتى الساعة وهي التغطية المسيحية في ظل الانقسام الحالي بين القوى المسيحية”. وأشارت الأوساط الى أن “مبادرتنا قد تكون الحل من خلال الأسماء التي طرحها جنبلاط على الأطراف للتوافق ويمكن أن تتوسع سلة أو لائحة الأسماء لتشمل مرشحين آخرين يمكن أن يشكلوا نقطة تلاقٍ وتوافق داخلي وخارجي”.
في المقابل، يتمسك الثنائي حركة أمل وحزب الله بفرنجية، ولفت رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، الى “أن إنجاز الاستحقاق الرئاسي هو المدخل لإعادة ترتيب الأمور وتصويب البناء وإعادة الحياة الى طبيعتها، والاعتماد على أنفسنا في بناء دولتنا واقتصادنا وإنتاجنا وثقافتنا وتربيتنا، فنحن الآن نهيئ لإنجاز هذا الاستحقاق بأسرع وقت ممكن».
ولفت إلى “أننا أعلنّا دعمنا لمرشح نرى فيه الأهلية المناسبة في هذه المرحلة لرئاسة الجمهورية، وما تفترضه هذه الرئاسة في هذه المرحلة من مواصفات ومهام قادر على أدائها، ومستعدّ للملمة ما يمكن لملمته داخل البلاد، والتعاون مع من يمكن أن يتعاون من أصدقاء خارج البلاد من أجل أن ننهض مجدداً بالوضع العام، الذي أُنهك على كل المستويات في هذا البلد”.
وشدّد رعد، على أنه “هناك أجواء قد تأتي مساعدة لكن لا تراهنوا على الخارج من اجل أن ننجز استحقاقات الداخل. الاستحقاق الداخلي ننجزه نحن كشعب يعرف ما يريد وقادر على أن يحقق الإنجازات. نعم الاجواء الاقليمية والدولية قد تأتي كسحابة مناسبة تساعد على الإسراع في القيام بما يلزم في الداخل، فهذه هي طبيعة الامور وهذا هو مقدار ما يمكن ان يراهن عليه من الخارج. نحن كشعب من يقرّر من ننتخب وكيف ننتخب، الآخرون لديهم مشاكلهم ويريدون تسوية اوضاعهم، لكن لأننا لسنا جزيرة معزولة اذا سويت الاوضاع من حولنا فسينعكس ذلك مناخاً إيجابياً يساعد في تسريع الخطوات التي تتطلب منا الانجاز”.
"اللواء": سلامة يجتاز «الممر الصعب».. و104 أيام باقية له في المركزي
طويت صفحة اختلط فيها الواقعي مع غير الواقعي، بانتهاء الجلسة الثانية مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي ابلغ لدى مغادرته انها الاخيرة حول التحويلات الى شركة فورلي التي كانت وسيطا بين عمليات مالية مع الدولة اللبنانية، عبر مصرف لبنان، بانتظار الشهر المقبل، حيث يعود فريق التحقيق الاوروبي للاستماع الى شقيقه رجا سلامة ومساعدته ماريان الحويك.
بدا سلامة انه اختار «الممر الصعب» للنجاة من الملاحقة، على الرغم من ادعاء الدولة عليه بالتهم اياها التي ذكرها المحامي العام القاضي رجا حاموش لجهة تبييض الاموال، والتزوير واستخدام المزور والاختلاس.
وعليه، ومع هذا العبور، بدا سلامة اكثر قابلية لانهاء وظيفته كحاكم لمصرف لبنان من دون ملاحقات معروفة المصدر، في الاول من 1 تموز المقبل، اي بعد مرور 104 ايام بالتمام والكمال بدءا من اليوم.
وقالت المعلومات ان اسئلة المحققين الاوروبيين تركزت على الموضوع الذي جاء من اجله الوفد الاوروبي ولا علاقة له لا بسياسة المصرف او الهندسات المالية او ما شابه.
وعندما غادر سلامة قصر العدل اعلن انه تبلغ ان جلسة امس للاستماع اليه كانت الاخيرة، وعليه بادر منذ وصوله الى مكتبه الى اعلان بيان، غمز فيه من قناة محاولات استهدافه، إذ لاحظ انه «لمس منذ سنتين سوء نية وتعطشاً للادعاء عليه باخبارات غب الطلب، بمواكبة بعض السياسيين من اجل الشعبوية لحماية انفسهم من الشبهات والاتهامات.
الثنائي: فرنجية المرشح
والبحث بالتسوية رئاسيا، بانتظار ما يمكن ان يسفر عنه لقاء الاليزيه الفرنسي- السعودي حول لبنان من باب اطلاق صندوق المساعدات للبنان... بانتظار التفاهم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وحسب مصادر «الثنائي» فان رسالته عبر الوسطاء للقاء باريس، تلخصت بموقف واضح: بحسم الامر، «فرنجية او لا احد»، على خلفية الموقف الذي اتخذه حزب الله عند ترشيح الرئيس السابق ميشال عون عام 2016.
وحسب مصادر قيادية في «الثنائي الشيعي» فان ثمة رهانا على ان يشكل لقاء باريس نقطة تحول اساسية حول الملف الرئاسي في لبنان.
وقالت المصادر لـ«اللواء» ان مقاربة مسيحية عند بعض القوى ستكون واضحة من ترشيح النائب السابق سليمان فرنجية، كاشفة عن معلومات ان «الثنائي» على استعداد للبحث في اعطاء صلاحيات استثنائية لاية حكومة جديدة اذا انتخب فرنجية رئيساً.
وحسب معلومات «الثنائي» فان اللقاء الفرنسي – السعودي ليس تكملة للقاء الخماسي، بل لوضع صيغة التسوية على السكة، لجهة تثبيت فرنجية مقابل اية شخصية سنية (نواف سلام او غيره) يتم الاتفاق عليها لرئاسة الحكومة، ويشارك في اللقاء عن الجانب الفرنسي كل من مستشار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لشؤون الشرق الادنى باتريك دوريل، والموفد الشخصي للرئيس الفرنسي المكلف متابعة ملف لبنان بيار دوكان، وعن الجانب السعودي المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا والسفير السعودي لدى بيروت وليد البخاري. واشارت معلومات الى انه سيضع خريطة طريق للاستحقاق الرئاسي مع المبادئ والاسس للحل، على ان يعرض على «اللقاء الخماسي» قبل ذلك.
وفي الحراك الداخلي، لم يسجل امس سوى لقاء بين رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل ورئيس «حركة الاستقلال» النائب ميشال معوض في اطار التنسيق المستمر بين اركان المعارضة وجرى بحث في اخر المستجات ولا سيما الاستحقاق الرئاسي.
الاجتماع حضره النائب الياس حنكش، و«جرى التشديد في خلاله على اهمية تنسيق المواقف وتوحيد الجهود لوصول رئيس سيادي انقاذي يمنع دخول لبنان في دوامة انهيار جديدة».
بالمقابل، قالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» انه بين الحديث عن تزخيم الملف الرئاسي واستمراره في حال المراوحة بات واضحاً ان ما من كفة راجحة فيه، والتعويل على دخوله في فصل جديد ينتظر ساعة الصفر.
واوضحت المصادر ان المحركات المعطلة في هذا الملف تتطلب تعديلات محددة، وهذا الامر لم يظهر بعد، ولفتت الى ان هناك انتظارا لتلمس نتائج الحراك الخارجي وانعطاسه على الملف الرئاسي الذي لا يزال اسير المواقف الاستباقية منه، ولا سيما بالنسبة الى مواصفات الرئيس العتيد.
في الوقت نفسه، مضى التيار الوطني الحر، وفي خطة استباقية، الى استنهاض «القوات اللبنانية» للالتقاء معها بوجه ترشح فرنجية، من زاوية انه «مرشح حركة امل وحزب الله»، وهو امتداد للمنظومة (حسب التعبير العوني) وتحديد لنفوذ 8 اذار (بالتعبير القواتي).
وفي اطار متصل، اشارت مصادر سياسية إلى أنه بعد الاتفاق السعودي الايراني واعلان خطوطه العريضة في البيان الرسمي الصادر،لاسيما ما يتعلق باحترام سيادة الدول وعدم التدخل بشؤؤنها الداخلية،اصبح معلوما للجميع ان مرحلة التوتر والعداوات السائدة بالمنطقة في طريقها الى الزوال، اذا تم الالتزام بمضمون الاتفاقية الموقعة بين البلدين برعاية صينية، ولا بد للاطراف اللبنانيين الأساسيين، ولاسيما حزب الله المرتبط بايران، والاطراف الاخرى بالمعارضة من كل المكونات، الاخذ بعين الاعتبار هذا الحدث المهم، والاستفادة منه ، للتخفيف من حدة الخلافات القائمة والانطلاق نحو التفاهم وصياغة علاقات تقارب ولاتباعد بين الجميع،والمباشرة الفعلية بحل الازمة الضاغطة من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية بروح التفاهم التي ترضي الجميع،وتتجاوز حال الخصومة والاستفزاز التي تحكم العلاقة بينهما، والتي ادت إلى الفراغ الرئاسي والخراب في مختلف مؤسسات الدولة اللبنانية واداراتها الرسمية.
ولكن المشكلة من وجهة نظر المصادر السياسية،ان كل الاطراف تعي أهمية الاتفاق السعودي الايراني، وتاثيره ميدانيا وفي وقت لاحق على لبنان والدول التي كانت مسرحا للتوتر والحروب والفتن الايرانية بالمنطقة، هي ان كل طرف ينتظر ما سيقدم عليه الطرف الاخر ، ما يدخل البلد في حال من الجمود السياسي، بالتزامن مع الاهتراء السياسي والاقتصادي الذي بلغ حدا، يتجاوز تحمل معظم اللبنانيين وقدراتهم.
وقالت المصادر ان مايتكشف يوما بعد يوم،عن وجود ملاحق غير معلنة للاتفاق، تحدد كيفية تنفيذه ومراعاته لمصالح استراتيجية لكلا البلدين ،والمناطق التي يشملها، يظهر ان مفاعيل الاتفاق تتجاوز التحفظات والطموحات التي يبديها ضمنا، احد الاطراف من هنا اوهناك، اما للاستقواء لتحسين شروطه ،او مواقعه ، ولن تفيد بشيء،بل ستؤدي الى اطالة أمد الفراغ الرئاسي، واستفحال الازمة المالية والاقتصادية، وفي النهاية يضطر الجميع للسير قدما، بما قد يفرض عليهم من الخارج من تسويات متفاهم عليها،وتكون نتيجتها خسارة اللبنانيين الوقت دون سدى وعلى حسابهم كما يحصل باستمرار.
صندوق النقد عند برّي
على صعيد آخر، إستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي الى لبنان إرنستو ريغو راميريز على رأس وفد من الصندوق، «حيث تم عرض للوضعين للمالي والاقتصادي بعمق، ومراحل الحوار القائم بين لبنان والصندوق والتشريعات الإصلاحية التي أنجزها المجلس النيابي في هذا الإطار، محذرا من المخاطر الكامنة فيما لو تأخرت المعالجات المطلوبة والضرورية».
وعلى صعيد التشريع، تردد ان اتصالات تجري بعيداً عن الأضواء للتحضير لعقد جلسة تشريعية إستثنائية للمجلس النيابي ببندين وحيدين، ولهذه الغاية تقدم النائب ميشال ضاهر باقتراحي قانون يتعلق الأول بطلب التمديد للمجالس البلدية والإختيارية بعدما تبين أن لا اعتمادات مالية تسمح بإجراء هذه الإنتخابات حتى الآن، والثاني يتعلق بطلب تعديل المادة الخامسة من قانون النقد والتسليف بما يجيز لمصرف لبنان طباعة أوراق نقدية تفوق قيمتها المئة ألف.لكن مصادرمكتب المجلس قالت لـ «اللواء»: ان النائب ضاهر يدفع بهذا الاتجاه لكن اي شيء لم يتبلور بعد.
التحقيق مع سلامة
إستُكملت امس جلسة الاستجواب الثانية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعد حضور سلامة وقاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، ورئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر والوفد الأوروبي، إلى قصر العدل في بيروت.
وانتهت جلسة الإستماع إلى سلامة قرابة الاولى من بعد الظهر أمام الوفد الأوروبي، وقال سلامة: إن جلسة اليوم كانت الجلسة الأخيرة إليه .وغادر قصر العدل في بيروت .
وأفادت مصادر قضائية بأن حاكم المركزي ظهر هادئاً ومتماسكاً في جلسة الإستجواب وأجاب على كلّ الأسئلة التي طُرحت.لكن مصادراخرى قالت: انه على عكس ما اشيع سلامة كان قلقاً من الاسئلة التي كانت تطرح عليه في جلسة الامس، ولم يكن يتوقع ان يكون هناك يوم ثان من التحقيق اليوم.
بعد انتهاء جلسة الإستماع إلى سلامة من قبل الوفد الأوروبي، أعطته القاضية الفرنسية أود بوروزي علماً بوجوب حضور جلسة له أمامها في منتصف أيار المقبل في باريس، لكن القاضي أبو سمرا رفض اعتبار إعلام سلامة بجلسته في باريس في أيار المقبل شفهياً بمثابة تبليغ رسمي. وطلب أن يتم ذلك وفقًا للأصول بواسطة النيابة العامة التمييزية عبر استنابة قضائية جديدة.
وعقد أبو سمرا عقد إجتماعا تقييميا مع الوفد القضائي الأوروبي بعيد جلسة الإستماع إلى سلامة وأبدى الوفد رغبته بالعودة في نهاية نيسان للاستماع الى كل من رجا سلامة وماريان الحويك.
وقال القاضي أبو سمرا لقناة «الحدث»: أنَّ سلامة أجاب على كل أسئلة المحققين الأوروبيين. ولم أسأل القاضية الفرنسية عن موعد انتهاء التحقيق وإصدار الحكم في قضية سلامة.
وأضاف: أن رئيسة هيئة القضايا بوزارة العدل حضرت التحقيق مع سلامة كمدعية».
ولاحقاً، اصدر سلامة بياناً مكتوباً مما قال فيه: أنني حضرت جلسة تحقيق بصفة مستمع إليه، لا كمشتبه به ولا كمتّهم وحضرت إحتراماً منّي للقانون. وأكّدت خلال الجلسة على الأدلة والوثائق، التي كنت قد تقدّمت بها إلى القضاء في لبنان والخارج مع شرح دقيق لها.موضحا انه تحفظ على وجود القاضية اسكندر نظرا لوجود خصومة ضاية بينهما.
اضاف: أكدت خلال الجلسة الادلة والوثائق التي كنت قد تقدمت بها الى القضاء في لبنان والخارج مع شرح دقيق لها. يتبين من هذه الوثائق والكشوفات ان المبالغ الدائنة في حساب المقاصة المفتوح لدى مصرف لبنان والذي حولت منه عمولات الى «فوري» (foory)، كانت قد سددت من اطراف اخرى ولم يدخل الى هذا الحساب اي مال من مصرف لبنان ولم يكن هذا الحساب مكشوفا في اي لحظة. كما يتبين من هذه الكشوفات ان حسابي الشخصي في مصرف لبنان غير مرتبط بالحسابات التي تودع فيها الاموال العائدة الى المصرف ولم تحول الى حسابي أموال من مصرف لبنان. وان التحاويل الى الخارج الخاصة بي، ومهما بلغت مصدرها حسابي الشخصي. ولقد لمست ولاكثر من سنتين سوء نية وتعطشا للادعاء علي.
وتابع سلامة: ظهر سوء النية من خلال حملة اعلامية مستمرة تبنتها بعض الوسائل الاعلامية والتجمعات المدنية، منها أوجدت غب الطلب لتقديم إخبارات في الداخل وفي الخارج وذلك للضغط على القضاء والمزايدة عليه. فاصبح مدنيون وصحافيون ومحامون يدعون انهم قضاة، يحاكمون ويحكمون بناء لوقائع قاموا بفبركتها. واكبهم بعض السياسيين من أجل الشعبوية اعتقادا منهم ان هذا الامر يحميهم من الشبهات والاتهامات، او انه يساعدهم على «التطميش» عن ماضيهم او يعطيهم عذرا لاخفاقاتهم في مواجهة وحل الازمة، ناسين ان الاوطان لا تبنى على الاكاذيب.
"الجمهورية": الرئاسة تحت ركام السياسة.. العين على مشاورات باريس
يستحيل في الوضع الراهن التكهن بإمكان أن تنبعث من تحت ركام السياسة وتناقضاتها فرصة جدّية لفتح الأفق الرئاسي المسدود، تُشعر اللبنانيين بأنّ معطّلي الحياة في لبنان قرّروا أن يرأفوا بوطن صار عنواناً للبؤس في العالم، وبشعب بات كناية عن كائنات بشرية مسلوبة الإرادة، تحكي مع نفسها، ومع اوجاعها، ومع امراضها، بطونها خاوية، وجيوبها فارغة، وحاضرها مسروق، ومستقبلها مقتول، واحلامها ميّتة، ومصيرها الأسود على كف عفاريت المجهول.
هي دعوة برسم معطّلي الحياة في لبنان، لمغادرة محمياتهم، والخروج من خلف متاريسها وتصفّح وجوه الناس، لعلّهم يرون الموت الزّاحف جوعاً ووجعاً إلى هؤلاء المنكوبين، ويقرأون ما كتبته الأزمة على وجوههم بالخط العريض، بأنّه لم يعد للحياة معنى في هذا البلد. هي دعوة على كل لسان، تبحث في عتمة الأزمة عن كائن سياسي عاقل مسؤول يتلقفها وينتفض على تراخيه ولامبالاته، ويبادر إلى النّجدة.. ولكن حتى الساعة لا حياة لمن تنادي.
الأمن الاجتماعي على النار، الدولار على مساره الصّاروخي، واسعار الأساسيات صارت فوق الخيال، وصفيحة البنزين فوق المليوني ليرة، والفاجعة تتعاظم، تقابلها فاجعة أكبر وأعظم، تتبدّى في الاستسلام الكلّي لما تبقّى من سلطة، لإفلاسها وعجزها عن توفير حتّى جرعة مسكنات مؤقتة، للالتهابات الخبيثة التي تضرب الجسم اللبناني في كلّ مفاصله الاقتصادية والمالية والمعيشية.
اما أسوأ تجلّيات الفاجعة، فيتبدّى في فيلم العبث الطويل، الذي يتواصل عرضه على المسرح السياسي، وأبطاله مكوّنات ملتزمة ورشة تدمير البلد، وتتلهّى بسياسات لئيمة تسابق بعضها البعض على سدّ آفاق الانفراج، وإعدام فرص التلاقي على حسم الملف الرئاسي، كخطوة أولى لإعادة تجميع اجزاء الدولة المفكّكة، وانتشال البلد وشعبه من الرمال المتحرّكة التي تبتلعها.
تحركات مقلقة!
لا تغيير في صورة الداخل، فالاسطوانة ذاتها تتكرّر على مدار الساعة، وتدور في حلقة الانقسام، وتديرها إرادة تعميق الأزمة أكثر، لا تكترث للمدى الذي سيبلغه، ولا تبالي بأي عوامل قد تطرأ تضيف على الأزمة مخاطر ربما تكون اكبر منها، وما يجري على الحدود الجنوبية لا يبدو أمراً عابراً، في ظلّ التحرّكات العسكرية الاسرائيلية التي تزايدت في الآونة الاخيرة في محاذاة الحدود اللبنانية، والتهديدات التي اطلقها قادة العدو في اتجاه لبنان، غداة ما سمّتها اسرائيل «عملية مجيدو» قرب الحدود، الاثنين الماضي.
هذه التطورات تبدو مقلقة على حدّ تعبير مصادر مسؤولة، أعربت لـ»الجمهورية» عن خشيتها من ان تكون تلك التحركات العسكرية مقدّمة لتصعيد اسرائيلي، ومحاولة لفرض واقع جديد انطلاقاً من الحدود الجنوبية، وهو الامر الذي يوجب على المستويات اللبنانية على اختلافها، التنبّه مما يبيته العدو ضدّ لبنان.
وإذ لفتت المصادر، انّ اسرائيل تعيش مأزقاً داخلياً وصفه قادة العدو بأنّه الأخطر في تاريخ اسرائيل، أعربت عن مخاوفها من أن تحاول حكومة نتنياهو، تغطية هذا المأزق بالهروب إلى افتعال توترات خارج الحدود.
وفيما أكّدت مصادر أمنية لبنانية لـ»الجمهورية»، انّ الوضع في منطقة الحدود هادىء، حيث لا تظهر أية امور خارج المألوف، والجيش اللبناني على تنسيق كامل مع قوات «اليونيفيل»، لوحظ أنّ «حزب الله» ما زال معتصماً بالصمت حيال عملية مجيدو، وكذلك حيال التحركات الاسرائيلية، حيث لم يقارب ذلك بأي موقف اعلامي، فيما تحدثت بعض المصادر عن أنّ الحزب وضع عناصره في جهوزية كاملة تحسباً لأي طارئ اسرائيلي.
وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية»، انّ القنوات الديبلوماسية شهدت حركة مكثفة على أكثر من خط، في الايام الاخيرة، والبارز فيها تأكيدات اميركية ودولية على تجنّب اي عمل يهدّد الاستقرار على جانبي الحدود بين لبنان واسرائيل.
وبالتوازي مع تأكيدات «اليونيفيل» بأنّها لم تلحظ أموراً غير عادية على الحدود، أبلغت مصادر أممية إلى «الجمهورية»، تأكيدها على ضبط النفس على الجانبين اللبناني والاسرائيلي، وقولها: «انّ على جميع الاطراف ان يتجّنبوا أي خطوات استفزازية من شأنها أن تقود الى تصعيد وتتسبب بمخاطر على الأمن والاستقرار في تلك المنطقة».
العين على باريس
وفيما بات محسوماً أنّ الخط الرئاسي مقطوع بالكامل داخلياً، ومواقف القوى المتصارعة على رئاسة الجمهورية تؤكّد أنّ فرصة أي حلّ داخلي هي من سابع المستحيلات، وهو الأمر الذي بات مسلّما به لدى كل اللاعبين على حلبة هذا الاستحقاق. ما يعني إبقاء هذا الملف عالقاً إلى ما شاء الله.
وإذا كان بعض المعنيين بالملف الرئاسي يعتبرون «انّ انسداد الداخل، وعدم بلوغ توافق على أي من المرشحين المتداولة اسماؤهم حالياً، يرميان الكرة تلقائياً إلى الخارج، ليتولّى الاصدقاء مهمّة إخراج رئاسة الجمهورية من تحت ركام التناقضات، لكن هذه المهمة ليست سهلة على الاطلاق». فإنّ العين بالتالي على اجتماع باريس بين الجانبين الفرنسي والسعودي بمشاركة المستشار نزار العلولا والسفير السعودي في لبنان وليد البخاري ومستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل، الذي قد يؤسس بحسب المصادر، إلى الحلحلة المنتظرة على الخط الرئاسي. الّا أنّ مصادر سياسية أخرى تفضّل ألّا تتسرّع في التقدير وافتراض نتائج ايجابية قد لا تحصل، وتترك هذه النتائج تخبر عن نفسها بنفسها. وقالت لـ»الجمهورية»، انّ «اي نقاش سواء في الداخل او في الخارج، هو امر مفيد، يؤمل ان يخدم العملية السياسية ويقرّب اللبنانيين من خط التوافق على رئيس».
ولفتت الانتباه إلى انّ «ليس في الأفق ما يؤشّر إلى تطورات نوعية، تدفع الى ان نتوقع ان ينتهي اجتماع باريس اليوم، إلى غير ما انتهى اليه الاجتماع الخماسي الفرنسي - الأميركي - السعودي - المصري - القطري، في العاصمة الفرنسية في السادس من شهر شباط الماضي».
واكّدت المصادر، انّه وفق المعطيات السابقة للاجتماع الثنائي الفرنسي- السعودي في باريس، فليس لدى اي طرف شقيق أو صديق للبنان النيّة في أن يلعب الدور الذي يملي من خلاله على اللبنانيين ما يعتبرها حلولاً ملزمة لهم. كما ليس لدى هؤلاء في الأساس القدرة على فرض اي حلّ، والجميع يدركون ذلك وتحديداً الفرنسيون والسعوديون، ويدركون ايضاً انّ أي حل خارجي لن يُكتب له النجاح ما لم تكن له أرضية النجاح في لبنان، بل قد يكون عنصراً من شأنه أن يزيد من عوامل التوتر. ومن هنا تأكيدهم المتواصل على الاتفاق بين اللبنانيين».
إشارات ايجابية
وفيما سبقت الاجتماع الثنائي في باريس إشارات وصفت بالإيجابية، رجّحت ان يليه تحرّك فرنسي- سعودي في اتجاه بيروت، قالت مصادر ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية لـ»الجمهورية» انّ هذا الاحتمال قائم.
ولفتت المصادر الديبلوماسية، إلى انّ النقاشات حول الملف اللبناني، سواء اكانت في باريس او في غيرها، تؤشر إلى مدى الأهمية التي يوليها اصدقاء لبنان لمساعدته في تخطّي أزمته، ولكن في مطلق الاحوال، تبقى المسؤوليّة الأساس على اللبنانيين في أن يتجاوبوا مع هذه الجهود، وانتخاب رئيس للجمهورية يؤمّن مصلحة لبنان والشعب اللبناني.
واكّدت المصادر رداً على سؤال: «انّ الاجتماع الثنائي الفرنسي- السعودي ليس منعزلاً عن اجتماع الدول الخمس في شباط الماضي، بل يندرج في سياق ما تمّ التوافق عليه خلاله، بأن يشكّل اصدقاء لبنان عاملاً مساعداً للبنانيين على انتخاب رئيسهم».
ورداً على سؤال آخر، تجنّبت المصادر تأكيد ما اذا كانت النقاشات الجارية تقارب اسماء بعض المرشحين الجدّيين (رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، قائد الجيش العماد جوزف عون)، او أي اسماء او خيارات اخرى بديلة، واكتفت بالقول: انّ النقاشات لم تتوقف، بل سارت بأشكال مختلفة في الفترة الاخيرة، وهي تقارب الملف الرئاسي في لبنان كنقطة اساسية في مسار إخراج لبنان من أزمته الصعبة، وانّ على المجلس النيابي في لبنان أن يقوم بواجبه في اختيار الرئيس.
وعمّا تردّد على لسان بعض المسؤولين الفرنسيين بأنّ باريس تفكر في اتخاذ إجراءات صارمة وقاسية بحق من يعطّل مسار الحل في لبنان، لم تؤكّد المصادر الديبلوماسية او تنفِ ذلك، وقالت: «ما تأمله باريس هو الّا تصل الامور إلى هذا الحدّ. والمطلوب من المسؤولين اللبنانيين إخراج لبنان من المأزق الدستوري الذي يمنع انتخاب رئيس الجمهورية».
وكانت المتحدثة باسم الشؤون الخارجية الفرنسية آن كلير لوجندر، قد كشفت قبل ثلاثة ايام، أنّ باريس تبحث مع حلفائها ما اذا كان الوقت قد حان كي يواجه من يعرقل عملية كسر الجمود الدستوري في لبنان العواقب.
الدولاررياض سلامةالليرة اللبنانيةمصرف لبنانالقضاء