لبنان
لتسريع الانهيار.. عقوبات أميركية على مقلد والدولار تجاوز الـ 55 الف ليرة
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم من بيروت على العقوبات التي أصدرتها وزارة الخزانة الأميركية على إحدى شركات الصيرفة المتعاقدة مع مصرف لبنان التي يملك الاقتصادي حسن مقلد بعض حصصها، بالطريقة ذاتها للعقوبات على بنك الجمال والغاية تسريع الانهيار الإقنصادية في البلد، وسوف يقوم مصرف لبنان الذي قام بترخيص الشركة بتجميد أموالها.
كما تناولت الصحف قرار النائب العام التمييزي غسان عويدات بكف يد المحقق العدلي في قضية المرفأ القاضي طارق البيطار بحكم القانون.
"البناء": الدولار تجاوز الـ 55 الف ليرة… وعقوبات أميركية على مقلد لتسريع الانهيار
نفذ كل من رياض سلامة وطارق البيطار المهمة التي أسندت اليهما في دفع لبنان نحو الانهيار وفقاً لخطة وزارة الخارجية الأميركية كما أعلنتها معاونة الوزير باربرا ليف، تحت شعار الانهيار مطلوب لأن البناء من تحت الرماد أفضل، وطريق الانهيار تعني أخذ لبنان نحو الأسوأ، كما قالت حتى يتحرك الشارع، ولو اقتضى ذلك أن تتفكك الدولة والأجهزة الأمنية، وترتفع موجات الهجرة، والذي يجري من قطع طرقات يستثمر على أوجاع الناس وغضبها ليس الا الموجة الأولى لوضع الناس في مواجهة الأجهزة الأمنية ضمن خطة تفكيكها التي تحدثت عنها باربرا ليف.
النيابة العامة التمييزية تحاول تخفيف وطأة قنبلة البيطار، فتوجه الأجهزة الأمنية بعدم السير بمذكراته واستدعاءاته واعتبارها منعدمة الوجود، لكن الأسوأ حصل ولا يزال يحصل، ومجلس القضاء الأعلى الذي قدم كل الدعم البيطار مرتبك وعاجز يحصد ثمار الفشل يوم توهّم البعض أنه يخوض معركة الدفاع عن القضاء واستقلاله عن السياسة، أو حاول البعض تقديم أوراق الاعتماد للخارج أملا بحجز مقعد في السياسة، لكن الحصيلة واحدة وهي سقوط مدوٍّ للمؤسسة القضائية بضربة البيطار، تماماً كما أسقط حاكم المصرف المركزي النظام المصرفي الذي جمع قرابة مئتي مليار دولار بددها سلامة ومعه أصحاب المصارف، موزعاً رشوة الصمت على السياسيين بتغطية موازنات عشوائية تتضمن التوظيفات والتلزيمات خدمة للمحسوبيات، ورشوة للبنانيين بإنفاق ودائعهم على تثبيت سعر الصرف وتركهم يلتذذون بطعم دمائهم وهم يتوهمون أنهم في نعيم القدرة الشرائية لليرة، وندم السياسيين أو محاولة بعضهم الاستلحاق لا يغيران من أننا في الأسوأ وأن الأشد سوءاً على الطريق، طالما ان أحداً لا يجرؤ على القول لحاكم المصرف كفى، رغم ما يواجه من دعاوى في أرجاء الدنيا بتهم جرائم اختلاس وتبييض أموال.
المال والقضاء يتداعيان، مع تفكك المؤسسة العدلية وانهيار المؤسسات المالية وانهيار الليرة، والأميركي حاضر ليكمل فيُصدر بيان دعم لالبيطار تحت شعار الدعوة لتسريع التحقيق، ويصدر عقوبات على إحدى شركات الصيرفة المتعاقدة مع مصرف لبنان التي يملك الاقتصادي حسن مقلد بعض حصصها، بالطريقة ذاتها للعقوبات على بنك الجمال، لتسريع الانهيار، فشركة مقلد أنشأت رأسمالها على مساهمات ضاعت اليوم مع العقوبات التي طالت الشركة وسوف يقوم مصرف لبنان الذي قام بترخيصها بتجميد أموالها.
لبنان عشية الأيام الأشد سوءاً التي بشّرت بها ليف، فهل ينتبه المعنيون ويسارعون الى كف يد البيطار وسلامة مهما كانت العوائق، وينتبهون أن لا ضرورة توازي هذه الضرورة لمنع الأشد سوءاً؟
وعلى وقع عودة تحريك الشارع والارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار في السوق السوداء والذي تخطى الـ55 ألف ليرة للدولار الواحد، تكثفت الاتصالات واللقاءات بين مختلف الأطراف السياسية، في محاولة للتوصل الى تسوية للأزمة الرئاسية. وبرزت في هذا الإطار الحركة السياسية لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي أجرى خلال هذا الأسبوع مروحة لقاءات ومشاورات مع مختلف الأطراف، اضافة الى فتح قناة تواصل مع السعودية.
وبعد زيارة وفد حزب الله الى كليمنصو ولقاء جنبلاط، وبعد اللقاء بين حزب الله والتيار الوطني الحر في ميرنا الشالوحي، أفيد عن اجتماع عقد أمس بين جنبلاط ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في منزل ابنة جنبلاط داليا.
وأشارت مصادر سياسية مطلعة لـ»البناء» الى أن «مسلسل الأحداث التي انطلقت منذ بداية العام الحالي لا سيما اقتحام قصر العدل وعودة أزمة تحقيقات انفجار المرفأ واعتصام نواب التغيير والتلاعب بسعر صرف الدولار ووجود الوفود القضائية الأوروبية في لبنان وتدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية والانهيار المتتالي للعملة الوطنية، عوامل ضغط دفعت الجميع الى استشعار خطر كبير على البلد، وتفعيل قنوات الحوار بين الجميع لإحداث خرق في الجدار الرئاسي».
ووفق مصادر مطلعة على لقاء الحزب والاشتراكي في كليمنصو لـ»البناء» قال جنبلاط خلال اللقاء مع الحزب أن البلد لم يعد يحتمل والشارع يغلي ويجب الخروج من الأزمة لكن وفد الحزب كان مستمعاً ولم يعلق وطرح جنبلاط ثلاثة أسماء، وهم الوزير السابق جهاد أزعور وصلاح حنين وقائد الجيش العماد جوزيف عون، لكن الحزب لم يبدِ حماسة لهذه الأسماء».
وبعد اللقاء توجّه النائب وائل أبو فاعور الى الرياض موفداً من جنبلاط وفق معلومات «البناء» لوضع القيادة السعودية في أجواء لقاءات جنبلاط السياسية، وكان الجو السعودي بأن المملكة لا تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية لكنها سبق وأعلنت مواصفاتها للرئيس المقبل بأن لا يطعننا بالظهر ولا ينضوي ضمن الحلف الإيراني – حزب الله ورئيس يتوافق عليه اللبنانيون ويتمسك بالإصلاحات».
ووفق المعلومات أيضاً فإن ثنائي حركة أمل وحزب الله لم يعلن حتى الساعة رئيس تيار المرده سليمان فرنجية مرشحاً، لكنه متمسك به في اللقاءات الداخلية وسيطرحه كمرشح رسمي في اللحظة الإقليمية والدولية المناسبة، لكن التيار الوطني الحر لا يزال يرفض فرنجية وقائد الجيش.
ووفق معلومات «البناء» فقد زار الوزير السابق وديع الخازن أمس، البطريرك الماروني مار بشارة الراعي الذي طلب من الخازن الترشّح.
وأشار النّائب علي حسن خليل، الى أنه «إذا جمع رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية 65 صوتاً من دون الكتلتين المسيحيتين، سنمضي به، فأولويتنا التوافق لكن عندما تصبح المعركة معركة أرقام فكل طرف يقوم بمصلحته».
ولفت في حديث تلفزيوني الى أنه «من قال إن فرنجية لن ينال أي صوت من الكتلتين المسيحيتين؟ وبالتأكيد حضور «التيار الوطني الحر» في أي جلسة مفترضة لانتخاب فرنجية يعطي قدرة أكبر على التمثيل»، معتبراً أنه «بكّير كتير» لإعلان استحالة وصول فرنجية، فالمعركة ما زالت في بدايتها وتمسّك رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، بترشيح ميشال معوّض لا يمنع أن يعطي رأيه في ترشيحات أخرى عندما يتم الإعلان عنها، وعدم إعلان فرنجية ترشيحه قبل جمع الأكثرية يدلّ على جديته».
"الأخبار": عقوبات أميركية على حسن مقلد وولديه وشركاته
أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية (OFAC)، أمس، الخبير المالي حسن مقلد وولديه ريان وراني على لائحة العقوبات بتهمة تسهيل الأنشطة المالية لحزب الله. وبحسب بيان الوزارة، فإن مقلد «الصراف اللبناني والخبير المالي يلعب دورًا رئيسيًا في تمكين حزب الله من مواصلة استغلال الأزمة الاقتصادية في لبنان وتفاقمها. كما أُدرجت على اللائحة شركة «CTEX Exchange»، للخدمات المالية التي يملكها مقلد وابناه الذين «يسهلون الأنشطة المالية لدعم حزب الله»، إضافة إلى شركتي LCIS للمعلومات والدراسات، وLCPMR للنشر والإعلام والبحوث والدراسات اللتين يملكهما مقلد أيضاً.
وأوضح وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برايان إي. نيلسون، أن الإجراءات التي اتخذتها وزارة الخزانة هي «ضد صراف فاسد، يقوم عبر هندساته المالية، بدعم وتمكين حزب الله ومصالحه على حساب الشعب والاقتصاد اللبناني». ووصف البيان مقلد بأنه «خبير اقتصادي عمل بالتنسيق على نحو وثيق مع كبار المسؤولين الماليين في حزب الله لمساعدة الحزب على ترسيخ وجوده في النظام المالي اللبناني. وهو يعمل مستشارًا ماليًا للحزب وينفذ صفقات تجارية نيابة عن المجموعة في جميع أنحاء المنطقة». كما أنه «يمثل حزب الله في المفاوضات مع المستثمرين والشركاء المحتملين وحتى المسؤولين الحكوميين الأجانب». إذ «نسق مقلد مع مسؤولين في الحزب على مجموعة واسعة من القضايا»، تشمل «الصفقات التجارية التي تشارك فيها روسيا» فضلاً عن «الجهود المبذولة لمساعدة حزب الله في الحصول على أسلحة». وأشار إلى أن مقلد«أقرّ علناً بأنه لعب دور الوسيط في المفاوضات بين المصرف المركزي وحزب الله». وهو «أسس منتصف عام 2021، شركة CTEX كواجهة مالية لحزب الله»، مشيراً إلى أن «المسؤول المالي الكبير في حزب الله محمد قصير ونائبه محمد قاسم البزال هما وراء إنشاء الشركة». ولفت إلى أن «مقلد حصل على ترخيص من مصرف لبنان لتحويل الأموال داخل لبنان وخارجه»، وفي غضون عام «حصلت الشركة على حصة كبيرة في سوق تحويل العملات في لبنان». وذكر أنه «بحسب المعطيات، كانت الشركة تجمع ملايين الدولارات الأميركية لمصلحة مصرف لبنان المركزي». وفي الوقت نفسه «كانت تقدم دولارات أميركية لمؤسسات حزب الله وتجنّد صرافين موالين له». وأشار البيان إلى أن مقلد «يفوض أموال الشركة (CTEX) مباشرة إلى محافظ البنك المركزي ويتلقى بالمقابل عمولات بمئات آلاف من الدولارات يوميًا»، و«بينما كان لبنان لا يزال يواجه أزمة اقتصادية ومالية حادة ومستمرة منتصف عام 2022، كان مقلد يعمل مع مسؤولي حزب الله للاستفادة من جهود المستثمرين والمغتربين لكسب المال في القطاع المالي اللبناني وتحويل الأموال النقدية إلى خارج لبنان. كما عمل على توسيع شركة CTEX خارج لبنان». وعلم أن مقلد سيصدر بياناً خلال الساعات المقبلة يفنّد فيه اتهامات وزارة الخزانة الأميركية.
"النهار": مواجهة قضائية ضارية... ومتاهات انهيارية مخيفة!
ثمة ثابتة تاريخية لم ينجح في طمسها جميع الذين حاولوا تزوير أسباب اندلاع الحرب في لبنان عام 1975 ورميها على المكوّن الطائفي وحده وتبرئة المفجّر الفلسطيني، وهي أن العامل الداخلي الأساسي الذي أسهم في إشعال الحرب تمثل في "فيتو" سياسي – طائفي معروف على نشر الجيش اللبناني لقمع التمدد الفلسطيني. أسهمت مفاعيل ذاك القمع السياسي آنذاك تباعاً وبسرعة في انفجار وحدة الجيش وانقسامه على أبشع الصور الطائفية وكان ما كان. مناسبة التذكير بهذه الحقيقة السوداء الآن تتصل بمخاوف متعاظمة من أن يكون القضاء اللبناني الذي يخوض معمودية تشرذم وتخبّط غير مسبوقة تحديداً منذ انفجار مرفأ بيروت بلغ مرحلة متقدمة من التعرض لمؤامرة مماثلة لمؤامرة 1975 ولو بدوافع ظاهرية لا ترتبط حصراً بالبعد الطائفي.
فجّر المحقق العدلي في ملف ثالث أكبر انفجار تقليدي عرفه العالم القاضي طارق بيطار قبل ساعات ما يصح أن نعتبره أول سابقة متجرئة من نوعها على حصارين: حصار القيادات والمنظومة السياسية المتواطئة على “دفن” حقائق مجزرة المرفأ، وحصار التخبط المرعب داخل السلطة القضائية منذ 13 شهراً هي عمر حشر هذا القاضي في زاوية التعجيز والشلل والخنق. قام طارق بيطار باختراق ناري نادر قياساً بالأصول القضائية التقليدية الشديدة الحذر والتروّي والتحفظ بدليل استحالة العثور على سابقة اجتهد فيها محقق عدلي أو قاضٍ لنفسه بما يتيح له كسر القيود القضائية التي كبّلت مهمته كما فعل بيطار. اشتعلت وستشتعل حرب اجتهادات قضائية وقانونية وحقوقية حول صلاحية وأحقية هذا التطوّر النادر كما ستشعل المبادرة النار في كل حنايا المشهد السياسي المتعفن بأزمات صنعها وأسهم في زج لبنان فيها معظم المتورّطين في محاولات دفن التحقيق العدلي في مجزرة المرفأ.
تبعاً لذلك، سيكون من الخطورة القصوى عدم التنبّه الى أن الساعات والأيام المقبلة ستشهد تركيزاً جانحاً بقوة عاصفة على دفع الجهات الرسمية السياسية التي تلوذ بقوى مناهضة معروفة للمحقق العدلي، كما الجهات القضائية الرافضة لخطوته الأخيرة على الجوانب التي تغذي تخبّط القضاء وزعزعته والإمعان في إضعافه في ما يخدم العودة بقوة الى الحصار الذي كسره بيطار من خلال أبشع التوظيفات مهما تنوّعت وسائلها.
لن نجزم أبداً بأن انقضاض طارق بيطار على محاصريه محسوم نجاحه لأن طابع مبادرته مباغت الى حدود واسعة وتحتمل الكثير من الاحتمالات. ما هو محسوم أن طارق بيطار شكل حالة نادرة في التجرؤ والصمود والشجاعة والوقوف في وجه مؤامرة موصوفة تتمدّد تباعاً بصرف النظر تماماً عما إن كان بين من يطاردهم أبرياء أو مظلومون أو متورطون، فهنا تقبع العدالة حين يصح الصحيح في الإجراءات القضائية. المعنيّ الأول الآن بمنع انتصار المؤامرة على القضاء هو القضاء أولاً ومعه كل الرأي العام الحر الذي يتعيّن عليه استقاء التجربة من تاريخ بلد هو صنو الهشاشة نفسها التي قد تأخذه في لحظة الى أسوأ ما عرفه من تجارب. ولا حاجة باللبنانيين الى التوقف عند الغرغرة السخيفة التي يراد منها تخوين كل من ينتفض على قيود الفيتوات الطائفية والسياسية كتلك التي حاصرت المحقق بيطار أو رميه بتبعة الارتباط بتوجيهات غربية، لأن السؤال “الانقلابي” الذي يواجه به هؤلاء هو من يمكن أن يكشف للبنانيين سبب الذهاب الى حدود تقويض القضاء وشرذمته وإضعافه بهذا العصف الشرس بعد انفجار العصر في مرفأ بيروت؟