لبنان
جلسة "ثامنة" بلا رئيس.. والشيخ قاسم: لانتخاب من يقدِّر نعمة التحرير ودماء الشهداء
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على أنّ الجلسة الثامنة التي عقدها مجلس النواب أمس لانتخاب رئيس للجمهورية أكدت انطباعاً أساسياً بأن ثمة معوقات خارجية تُملي استمرار الوضع في لبنان على ما هو عليه، من دون أي تغيير أقله إلى ما بعد عطلة الأعياد، ما يفرض جدياً التعامل مع مرحلة الفراغ بكل ما تحمله من مخاطر. وتشير أوساط نيابية إلى أن الجلسة أفضت مجدداً إلى معادلة "لا غالب ولا مغلوب"، حيث لا قدرة لأي من الأطراف الداخلية على توفير غالبية لأي من المرشحين الجديّين، في ظل تخبط البلاد في أزمات متصاعدة وانفجار ملفات اجتماعية واقتصادية.
"الأخبار"| قطر تتبنّى المبادرة الأميركية - الفرنسية: مساعدات مقابل انتخاب قائد الجيش
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أنّ الجلسة الثامنة التي عقدها مجلس النواب أمس لانتخاب رئيس للجمهورية أكدت انطباعاً أساسياً بأن ثمة معوقات خارجية تُملي استمرار الوضع في لبنان على ما هو عليه، من دون أي تغيير أقله إلى ما بعد عطلة الأعياد، ما يفرض جدياً التعامل مع مرحلة الفراغ بكل ما تحمله من مخاطر. وتشير أوساط نيابية إلى أن الجلسة أفضت مجدداً إلى معادلة «لا غالب ولا مغلوب»، حيث لا قدرة لأي من الأطراف الداخلية على توفير غالبية لأي من المرشحين الجديّين، في ظل تخبط البلاد في أزمات متصاعدة وانفجار ملفات اجتماعية واقتصادية.
وفي وقت تواصل عرض المسرحية من دون تسجيل تغييرات حقيقية في مشهد صار «معلوكاً»، نالت فيه الورقة البيضاء أكثرية 52 صوتاً و«لبنان الجديد» 9 أصوات وعصام خليفة 4 أصوات وزياد بارود صوتين، بينما تراجع ميشال معوض إلى 37 صوتاً، دخلت حركة الدول المعنية بالملف الرئاسي مساراً بطيئاً، بعد فشل باريس، عبر المشاورات التي تجريها، في تمرير الملف الرئاسي بمعزل عن ملفات المنطقة. إلا أن استمزاج آراء الدول في شأن المرشحين لا يزال مستمراً. وفي وقت يؤكد الفرنسيون الذين يلعبون دور الوكيل عن الأميركيين بأنهم «يرفضون مبدأ ربط الملف الرئاسي بالملف الحكومي، وأن هذا موقف الأطراف الخارجية التي يتشاورون معها»، أشارت مصادر مطلعة إلى أن «للرياض موقفاً آخر لا يزال مبهماً، لكن المعطيات تؤشر إلى أن سقفها يبدأ من تسوية شاملة»، لافتة إلى أن «السعوديين لم يعطوا مباركة لاسم سليمان فرنجية لكن موقفهم لم يكن سلبياً، وهم يفضلون أن يكون رئيس الحكومة المقبل السفير نواف سلام، الأمر الذي ترفضه باريس إذ تفضّل إعادة تسمية الرئيس نجيب ميقاتي».
على أن الإشكالية الرئيسية الداخلية لا تزال محصورة بجدل كبير داخل الجبهتين المتقابلتين. من جانب القوات اللبنانية ليس هناك مؤشر على أنها قادرة، ولو بدعم سعودي، على توفير أي دعم إضافي لمعوض، ولا يبدو أن هناك خياراً بديلاً غير انتظار التوصيات الخارجية بدعم قائد الجيش العماد جوزيف عون. في موازاة ذلك، تزداد الشرذمة في صفوف النواب «المستقلين» و«التغييريين»، والأمر نفسه ينسحب على الحزب التقدمي الاشتراكي الذي نقل عن رئيسه النائب وليد جنبلاط أنه «مستمر في تأييد معوض، لكنه يؤيد الحوار الذي يقود إلى حل توافقي، وهو مستمر بالتشاور مع السعودية في ما خص الملف الرئاسي».
الدخول القطري
وفي جبهة حلفاء حزب الله، تتفاقم المشكلة المتعلقة بعدم توفير إجماع على دعم فرنجية، وسط أجواء تفيد بأن النائب جبران باسيل حسم أمره بصورة نهائية، وأنه لن يسير بفرنجية تحت أي ظرف، في ظل تلقي باسيل وآخرين معطيات مباشرة، من خلال لقاءات عقدت في لبنان وخارجه، بأن العواصم الكبرى مستعدة لتوفير ضمانات لكل القوى السياسية إن سارت في دعم ترشيح قائد الجيش. وعلمت «الأخبار» أن القطريين ليسوا بعيدين من هذا الخيار، بل إن مسؤولاً كبيراً في الدوحة قال ذلك صراحة أمام زوار لبنانيين، مكرراً الإشارة إلى أن بلاده مستعدة للدخول بقوة في برنامج مساعدة لبنان في حال التوافق على قائد الجيش بمباركة أميركية وفرنسية وبغطاء مباشر من البطريركية المارونية.
حكومياً الضوء أصفر
وفي موازاة الملف الرئاسي، لا تزال دعوة الرئيس نجيب ميقاتي الحكومة إلى الانعقاد مثار جدل وتوتر سياسي، هو لا يزال ينتظر مواقف القوى المشاركة في الحكومة، وعلى تواصل يومي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لتحديد الموقف، كما مع حزب الله الذي أكد أن «هذا الأمر لا يزال قيد النقاش». وقالت مصادر مطلعة أن «الحزب ملتزم بالاتفاق مع التيار الوطني الحر وهو يرفض حتى اللحظة انعقاد جلسة لا يشارك فيها التيار ولا يزال يتشاور مع النائب باسيل الذي يرفض رفضاً قاطعاً المشاركة»، مشيرة إلى أنه «لن يتراجع وهو يدرس جدياً التصعيد في وجه أي جلسة يدعو إليها ميقاتي».
موسكو: علاقتنا مع فرنجية تاريخية ومع قائد الجيش مهنية
فيما لا تهدأ محركات الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية في الملف اللبناني، تبدو الجبهة المقابلة باردة للغاية. إذ إن طهران ودمشق توكلان الأمر إلى حزب الله بوصفه «الحليف الموثوق»، فيما تبدو روسيا في حالة تلقي أكثر من مبادرة.
وقد أكّدت مصادر واسعة الاطلاع أن الرئيس السوري بشار الأسد كرر أمام أكثر من زائر أن دمشق مهتمة كثيراً بالملف اللبناني، لكنها تعتبر أن حزب الله هو الأقدر على تشخيص الموقف. وهو أمر يضيف عليه ديبلوماسيون سوريون انشغال دمشق بأوضاعها الداخلية وعلاقاتها التي تركز على تعزيز الوضع الاقتصادي.
وفي الموازاة، تستقبل موسكو موفدين ومسؤولين لبنانيين، يقتصر البحث معهم على دائرة وزارة الخارجية، خصوصاً نائب الوزير ميخائيل بوغدانوف الخبير في شؤون لبنان. وهو التقى أخيراً زواراً ناقشوا معه الملف الرئاسي إلى جانب ملفات أخرى. وقد نقل هؤلاء أن «الموقف الروسي من الملف الرئاسي يؤكد على ضرورة حصول الانتخابات الرئاسية سريعاً». أما في ما يتعلق بأبرز المرشحين، فإن «علاقة تاريخية تربط روسيا بعائلة المرشح سليمان فرنجية»، مع التأكيد على الانفتاح على أي رئيس ينتخبه مجلس النواب «بناء على تعاونه، خصوصاً أن التجربة مع لبنان في السنوات الأخيرة لم تكن مشجعة، مع تبني لبنان السياسة الأميركية في العديد من الملفات ضد روسيا». أما بالنسبة إلى المرشح الجدي «غير المعلن عنه» حتى الآن، قائد الجيش جوزيف عون، فيقول الروس إن «العلاقة معه تقنية حصراً، وترتبط بملف المساعدات للجيش»، مشيرين إلى أنه «سبق أن وجهنا دعوة له لزيارة روسيا عام 2019 لكنه لم يلبّها متذرعاً بالوضع السياسي والأمني الحساس الذي رافق حراك 17 تشرين».
"البناء": التوافق لا يحقق الأغلبية في جلسة الانتخاب... وداعمو معوّض يخسرون الثلث
من جهتها لفتت صحيفة "البناء" إلى أنّ جلسة الانتخاب الرئاسي الثامنة كرّرت الفشل الذي رافق الجلسات السابقة، وبقي التنافس بين التصويت بالورقة البيضاء طلباً للتوافق والإصرار على المرشح ميشال معوض تحت شعار المرشح السيادي، وفيما لم ينجح تصويت الورقة البيضاء بالوصول الى عتبة الـ 65 صوتاً تعبيراً عن امتلاك الأغلبية اللازمة لانتخاب الرئيس، وبحثاً عن كيفية تأمين الثلثين اللازم لتحقيق النصاب لجلسة الانتخاب، خسر حلف ترشيح معوّض فرصة امتلاك الثلث المعطل المتمثل بـ 43 صوتاً بعدما لامسها في جلسات سابقة، فصوّت للورقة البيضاء 52 نائباً، وميشال معوض 37 نائباً، وتوزع 22 صوتاً بين خيارات أخرى بهدف التميز عن الخيارين البارزين.
وبمناسبة انتهاء مهمة السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي أقام الحزب السوري القومي الاجتماعي حفل تكريم للسفير علي، حضرته قيادات حزبية، وتحدث فيه السفير علي عن افتخاره بتمثيل بلده سورية ورئيسها الدكتور بشار الأسد، فيما قال رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان أحببانكم لأنكم مثلتم سورية ورئيسها خير تمثيل رغم أننا لا نستسيغ السفارات بيننا.
وأقام الحزب السوري القومي الاجتماعي حفل عشاء تكريمياً لسفير الجمهورية العربية السورية علي عبد الكريم علي، وحضرت الحفل قيادة «القومي»، يتقدّمها رئيس الحزب أسعد حردان.
وفي كلمته توجّه حردان للسفير السوري قائلاً: «نحن نقدّركم، على كلّ ما قمتم به خلال فترة وجودكم في لبنان، ونشكر سعيكم وجهدكم لترسيخ القيم المشتركة بين أبناء الشعب الواحد في سبيل تعزيز العلاقات بين لبنان والشام. وهو شكر لسورية على صالح مواقفها الثابتة الراسخة مع الحقّ، ووقوفها حاضناً وسنداً وظهيراً لحزبنا، ولمقاومتنا، ولمقاومة كلّ شعبنا، ولفلسطين ولبنان والعراق والأمة كلها».
ولفت حردان الى أننا «في الحزب السوري القومي الاجتماعي، فإني وباسم القيادة الحزبية أتوجّه إليكم بتحية شكر وعرفان على متابعتكم وسهركم وتعبكم مجسّدين بأمانة ومسؤولية حرص القيادة السورية وعلى رأسها الدكتور بشار الأسد على وحدة الحزب وفاعلية دوره وحضوره، وهذا إنْ دلّ على شيء فهو يدلّ على احتضان سورية لمن تشاركتْ معهم معموديةً الدم في كلّ الجبهات، قتالاً ومقاومةً، في معركة المصير والوجود ضدّ الاحتلال الصهيونيّ والإرهاب المتعدّد الجنسيات».
بدوره قال السفير علي عبد الكريم: «أرجو أن يوفّق الحزب القومي الذي أراه رصيداً حيوياً وضرورياً لنهوض لبنان وسورية والمنطقة، وأن يتوحّد القوميون على صورة المستقبل التي يجب أن نعمل لأجله جميعاً، وسورية التي صمدت سنوات ساخنة جداً مليئة بكلّ صنوف العدوان والتزوير والهجمة الشرسة، سورية التي صمدت وانتصرت وتتعافى بتدرّج نراه، نرجو أن يكون متسارعاً وكبيراً وأن يتكامل في ذلك مع الأشقاء في هذا البلد العزيز».
وأكد أن «لبنان وسورية ولو أراد البعض أن يقولوا بأنهم ينأون بأنفسهم لا يستطيع ايّ من الشقيقين أن ينأى بنفسه عن الآخر، لبنان أحوج لسورية ولكن سورية حريصة على أن تكون هذه الخاصرة فيها أمان واستقرار، ونرجو أن يكون هناك تعافٍ اقتصادي وسياسي وأمني واجتماعي، نحن واثقون أنّ المستقبل الذي صمدنا من أجل الوصول الى أفضل صورة فيه، واثقون بأن سورية ماضية إليه بيقين وليس فقط بأمل، ونرجو جميعاً أن نكون أمام قطاف نجاحات وانتصارات وأمان».
وتابع: «هذا العالم الذي يتشكل نرجو أن يكون لنا حصة وازنة فيه ونستبشر خيراً ونشكركم، ونشكر هذه الدعوة الكريمة الذي كنت أتمنى أن أتخفف من الوداع لأني لا أحب الوداع، وكما قال الصديق العزيز (الأمين أسعد حردان) أنا لا أودّع، فسورية ولبنان شعب واحد والتحديات كثيرة، وما يتوجّب علينا لنعمل من أجله ولنصنع كلّ الإنجازات التي تحقق ما نصبو اليه».
ولم تخالف الجلسة الانتخابية الثامنة التوقعات ولم تحمل أي مفاجآت، فجاءت نتيجتها كما الجلسة السابقة مع بعض الفوارق التي تتلخص بعودة النائب فيصل كرامي الى الندوة البرلمانية بعد فوزه بالطعن بنيابة رامي فنج، والثاني انخفاض عدد أصوات ميشال معوّض من 42 الى 37 ما يعد مؤشراً سياسياً على تراجع حظوظه وخسارته بعض أصوات تكتل الاعتدال الوطني في الجلسة الماضية رغم تصويت النائبين مارك ضو ونجاة صليبا لمعوض للمرة الثانية على التوالي، كما يعد رسالة من «الاعتدال» لحزبي القوات اللبنانية والكتائب وكتلة تجدد بأن آن الأوان للتخلي عن مرشح التحدّي والعودة الى الحوار على مرشحين يحظون بأوسع توافق وطني، وقد عزا معوض سبب خسارته صوتَين لقرار المجلس الدستوري بالإضافة الى خسارة 3 أصوات أخرى. أما الفارق الثالث تمثل بزيادة أصوات كتلة الورقة البيضاء.
وعلمت «البناء» أن كتلة الاعتدال لن تمنح أياً من أصواتها الى معوض بعد الآن، بعدما منحته صوتين في الجلستين الماضيتين.
وفي النتيجة فإن المجلس النيابي عاجز عن انتخاب رئيس في ظل التوازنات والمواقف وخريطة التصويت القائمة، ما يعني أن رئيس مجلس النواب نبيه بري سيدعو الى جلستين في الخميسين المقبلين قبل تعليق الجلسات بسبب الأعياد وفق ما أكدت مصادر مجلسية لـ»البناء» على أن يستغل عطلة الأعياد وتعليق الجلسات بالدعوة الى حوارات ثنائية مع رؤساء الكتل النيابية والقوى السياسية لمحاولة التوصل الى تفاهم او توافق على مجموعة أسماء توافقية تستطيع تأمين نصاب الانعقاد وأكثرية الـ65 صوتاً لانتخاب أحدها رئيساً للجمهورية.
وأدلى 111 نائباً بأصواتهم في الدورة الأولى وبعد انتهاء عملية فرز الأصوات، جاءت النتائج على الشكل الآتي: ميشال معوض: 37، زياد بارود: 2، عصام خليفة: 4، ورقة بيضاء: 52، لبنان الجديد: 9، الثوابت: 1، المواقف: 1، بشارة أبي يونس: 1، بدري ضاهر: 1، لأجل لبنان: 1، لولا دي سيلفا: 1، التوافق: 1. وبعد فقدان النصاب رفع الرئيس بري الجلسة الى الخميس المقبل.
وبعد الجلسة قال النائب فيصل كرامي: «صوّتنا مع التوافق ولا مخرج لدينا من هذه الأزمة إلا بانتخاب رئيس جمهورية وبذلك نصل إلى الحلّ الحقيقي للمشاكل التي نُعاني منها». وتابع: «هدفي إيصال مرشّح وليس حرق أسماء وسليمان فرنجيّة هو أعزّ وأعلى من أن نُتاجر باسمه ونحرقه وحتّى اللحظة طروحات ميشال معوّض هي طروحات تحدٍّ».
وأشارت مصادر نيابية لـ»البناء» الى أن الجلسة الثامنة أثبتت مرة جديدة بأن لا طرف يملك قدرة على فرض مرشح على القوى الأخرى والأمر يتطلب الحوار والتوافق والابتعاد عن النكد السياسي وانتظار إشارات الخارج الضوئية»، محمّلة المسؤولية للأطراف التي «لا تزال متمسكة بترشيح معوض من باب المناورة السياسية لا أكثر ولا أقل وتحرق الوقت به حتى تحين لحظة التفاوض الجدي ونضوج الظروف الإقليمية والدولية». كما حمّل مصدر في التيار الوطني الحر عبر «البناء» القوات اللبنانية التي تسد أبواب الحوار مع التيار والأطراف الاخرى وتصر على معوض ما يعيق اي حوار مسيحي – مسيحي على المرحلة المقبلة وعلى رئيس جديد يشكل الأساس الصلب للتفاهم الوطني. مشدداً على ان اي رئيس خارج التفاهم المسيحي لن يستطيع تأمين التوافق والميثاقية.
ولفت نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم إلى أننا نريد رئيساً لديه مواصفات محددة لمصلحة لبنان، يحمل همين أساسيين، الهمُّ الأول إنقاذ البلد اقتصادياً، والهمُّ الثاني أن يكون قادراً على الحوار مع كل الأطراف ليجمعهم من أجل التباحث في القضايا الخلافية والمستقبلية، على أن تُحال القضايا الخلافية السياسية إلى الحوار، ومن هذه القضايا «الاستراتيجية الدفاعية» لا أن تكون متصدرة قبل الإنقاذ».
ورأى أنّ «من يضع الاستراتيجية الدفاعية قبل الإنقاذ، ومن يضع المقاومة قبل الإنقاذ هذا يعني أنَّه يريد أن يعطِّل البلد وأن يمارس ضغوطاً على حساب جوعِ الناس ليحقق أهدافاً سياسية خارجية، هذا لن نقبل به، ولن نوافق على رئيس يسبب الفتن ولا يَقدرُ على أن يقود البلد نحو الخلاص، ولا يقدِّر نعمة التحرير ودماء الشهداء، ويكون خادماً للمشروع الأميركي الإسرائيلي».
في المقابل تشير أوساط نيابية مقرّبة من السعودية لـ»البناء» الى أن «لا تسوية داخلية من دون السعودية حتى لو توافق الفرنسيون والأميركيون، فالدور والتأثير السعودي في لبنان موجود تاريخياً وسياسياً ومالياً ولا يمكن استبعاده، لا سيما أن المملكة حريصة على لبنان وتريد تقديم يد المساعدة لكنها غير راضية لا على الأداء السياسي الداخلي لجهة محاربة الفساد والإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد والجهات المانحة، ولا على السياسة الخارجية، في ظل العجز عن تطبيق اتفاق الطائف وبسط الدولة سيادتها على أراضيها وقرارها الوطني ووقف تهديد أمن الدول الخليجية والعربية»، لافتة الى أن «السعودية منفتحة على الحوار مع أي دولة معنية بالوضع اللبناني ولديها آراء بالرئيس المقبل وهي جزء أساسي من أي تسوية إقليمية – دولية، واي تسوية تحصل من دون تغطية سعودية فلن يكتب لها النجاح».
ويغادر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى السعودية للمشاركة في القمة العربية – الصينية التي تعقد في الرياض اليوم تلبية لدعوة وجّهها إليه الملك سلمان بن عبد العزيز، ومن المتوقع أن يقتنص ميقاتي الفرصة لطرح الملف اللبناني والرئاسي خصوصاً والظروف الاقتصادية الصعبة على المشاركين بالقمة. ووفق المعلومات فإن ميقاتي يجري اتصالاته للتحضير للدعوة الى جلسة للحكومة عبر تأمين ثلثي الوزراء ويجري اتصالات مع الوزراء المحسوبين على التيار والرئيس ميشال عون. الا أن ميقاتي وفق المعلومات سيدعو الى جلسة حتى لو قاطع وزراء التيار. واكد وزير المهجرين عصام شرف الدين أنه لن يحضر الجلسة.
وحضر الملف اللبناني في القمة التي جمعت الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض.
وشكر الرئيس الأميركي نظيره الفرنسي على مساعدة فرنسا في التوصل لاتّفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية «التاريخي» بين لبنان و»إسرائيل».
وأكّد الرئيسان خلال اجتماعهما في البيت الابيض على مواصلة الجهود المشتركة لحضّ قادة لبنان على انتخاب رئيس للجمهورية والمضيّ قدماً في الإصلاحات الجذرية.
وفيما سجل سعر صرف الدولار في السوق السوداء ارتفاعًا جديداً حيث سجل 41250 للمبيع و41350 للشراء. دخل قانون الدولار الجمركي حيز التنفيذ أمس، حيث تفاوتت أسعار السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية بين منطقة وأخرى وبحسب أنواعها، علماً أن جولات المراقبين في وزارة الاقتصاد كانت خجولة بسبب عدم وجود العدد الكافي من المراقبين.
وسجلت أسعار بعض السلع ارتفاعاً في السوبرماركات والمحال التجارية بنسب متفاوتة وصلت الى ٣٠ في المئة رغم نفي نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي ارتفاع الأسعار ٤٠ %. ما يدعو للتساؤل كيف ترتفع الأسعار المستوردة منذ أشهر ولم تلحقها الرسوم الجمركية؟ علماً أن مصادر التجار تشير الى أنها مضطرة لرفع الأسعار لتستطيع استيراد الكميات المطلوبة بعد فترة.
لكن خبراء يتوقعون ارتفاعاً تدريجياً لأسعار المواد التي يلحقها الجمرك في الأسابيع المقبلة عندما تفرغ مستودعات التجار، مشيرين الى أن السلع ذات الإنتاج الوطني المعفية من الرسوم الجمركية لن تستطيع تلبية حاجة السوق اللبناني ما سيدفع اللبنانيين لطلب السلع المستوردة التي سترتفع أسعارها، علماً أن أغلب المواد والسلع تدخل فيها المواد الأولية من تغليف وتعليب وما شابه، ما سيؤدي الى ارتفاع سعرها، ما سيؤدي الى فوضى بتصنيف أي السلع من المشروع رفع سعرها من عدمه.
وأعلنت وزارة الصناعة في بيان أن «يدخل اليوم (أمس) العمل بتسعيرة الدولار الجمركي الجديدة التي حُدّدت بـ 15 ألف ليرة لبنانية. ولن يطال هذا الاجراء الآلات الصناعية والموادّ الأوّلية المستوردة لزوم الصناعة والتصنيع في لبنان. وبالتالي، لن تتأثّر كلفة المنتَج الصناعي الوطني بالتدبير الجمركي الجديد، وسوف يحافظ على سعره المعتاد المعمول به كما كان سابقاً على أساس الدولار بـ 1500 ليرة». وحذرت «كلّ من يستغلّ ويتلاعب ويزوّر الأسعار لتحقيق أرباح من غير وجه حقّ، وعلى حساب المواطن المكتوي أصلاً بنيران الغلاء».
"النهار": إمعان في العقم… واتساع "بلوكات" التعطيل!
بدورها كتبت صحيفة "النهار": قد تكون الانطلاقة غير المفاجئة نوعا ما بالتسعيرة الجديدة للدولار الجمركي من دون صدمات كبيرة بعد خففت وطأة الفصل الثامن من حلقات العقم التي تتسم بها جلسات مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية والتي أضاف اليها عداد الجلسات امس جلسة ثامنة لم تحمل أي مؤشرات جديدة سوى الامعان في العقم العبثي من جهة واتساع “بلوكات” التعطيل حتى على ايدي نواب لا ينتمون الى كتل التصويت بالاوراق البيضاء. وإذ زادت الجلسة قتامة المشهد في ظل الازمة الرئاسية والسياسية المتجهة على نحو واضح الى مزيد من الانسداد لمدة يصعب للغاية وضع حدود زمنية لها ولو من ناحية تقديرية، بدا بديهيا ان تزداد المخاوف الموازية من تصاعد الاحتقانات السياسية في قابل الأيام نظرا الى توقع جولات سجالية وخلافية في شأن ملفي انعقاد جلسات التشريع النيابية كما جلسات مجلس الوزراء علما ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لم يقرر بعد الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء ولا موعدها بعد فيما برزت معالم رفض “التيار الوطني الحر” لعقد الجلسة واتجاهه الى الضغط على الوزراء الذين كانوا يحسبون عليه كما يعمد الى حشر القوى والكتل المسيحية ولا سيما منها “القوات اللبنانية” في خانة العامل الميثاقي لجعلها ترفض انعقاد الجلسات الحكومية. غير ان اوساط السرايا تقول ان اعلان موعد الجلسة لا يزال مرهونا بالاتصالات التي ما زال يجريها الرئيس ميقاتي مع الاطراف السياسيين، وفي حال قرار توجيه الدعوة سيكون ذلك قبل نهاية الاسبوع المقبل، نظرا الى ان ميقاتي سيغادر الى المملكة العربية السعودية للمشاركة في القمة العربية- الصينية التي تعقد في الرياض يوم الجمعة في 9 الجاري، تلبية للدعوة التي وجهها اليه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.
اما الجلسة الانتخابية الثامنة لمجلس النواب امس فلم تكن اكثر من نسخة إضافية عن جلسات الامعان في العقم والعبث الذي ظهر مجددا في الزج باصوات وتسميات لا صلة لها اطلاقا بالسباق الرئاسي حتى ان مجموعات الأصوات المتشرذمة صارت تشكل واقعيا بلوكات ولو محدودة وصغيرة تتنازع لعبة التعطيل مع الكتلة التي تضم الأوراق البيضاء. وهو امر بات يثير مزيدا من الريبة والشبهة في ما اذا كان المقصود الامعان في تضييع البوصلة الدستورية للاستحقاق او توفير خدمة إضافية للقوى المعطلة لانتخاب رئيس الجمهورية.
ووسط هذه الأجواء برز الجانب المعلن حول تطرق الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي ايمانويل ماكرون في بيانهما المشترك امس الى الملف اللبناني اذ رحّب الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون باتّفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية “التاريخي” مع إسرائيل، مؤكّدين “التصميم على مواصلة الجهود المشتركة لحضّ قادة لبنان على انتخاب رئيس للجمهورية والمضيّ قدماً في الإصلاحات الجذرية ”. وإذ أكّد البيت الأبيض، في بيان صدر خلال زيارة الدولة التي يقوم بها ماكرون لواشنطن، “عزم فرنسا والولايات المتحدة على العمل بشكل وثيق لدعم السلام والازدهار في الشرق الأوسط”، ثمّن بايدن “الجهد الفرنسي” في إتمام اتّفاق الترسيم.
الشرذمة
وفي مشهد الشرذمة النيابية المتواصل اردادت مع نتائج الفرز في الجلسة الثامنة “فسيفساء” التلاعب بالاصوات وشرذمتها وتوزيعها في حين كان لافتا ان هذا التلاعب رافقه تراجع في عدد أصوات المرشح ميشال معوض بعدما زاد عدد النواب “الممانعين” بنائبين واستقرت أصوات كتلة الأوراق البيضاء.
ولم تخل الجلسة من مواجهات كلامية وفيما أكّد عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب أنطوان حبشي أنّ “التعطيل ليس حقًا مكتسبًا والممارسات التي تحصل تضع مجلس النواب خارج إطار دوره”. توجه الى الرئيس نبيه بري قائلًا “القصة عندك لتطبيق الدستور وخصوصاً لأن جزءاً من المعطلين هم أقرب المقربين إليك، ونتمنى عليك دعوة النواب الى البقاء في المجلس لتطبيق الديمقراطية” وتابع: “نعيش حالة خطرة ونتعاطى معها باستخفاف بالغ و”القصة عند حضرتك”. ورد بري قائلا: “انا أكثر الناس حرصاً على إنتخاب رئيس للجمهورية “أمس قبل اليوم” وهذا الكلام لا يُوجه لي”.
الدولار الجمركي
في غضون ذلك وضع قرار الدولار الجمركي على سعر 15000 ليرة حيز التنفيذ، ولم يشهد المستهلكون ارتفاعا دراماتيكيا في أسعار السلع والمواد الإستهلاكية. فالأسواق التي إحتاطت مسبقا للضريبة الجديدة، إستطاعت إمتصاص صدمتها، وأعادت برمجة جداول الرسوم والضرائب مع سعر الكلفة، لتضمن القدرة على المنافسة، والمحافظة على الرأسمال في آن واحد. وهذه البرمجة شملت فقط السلع والبضائع التي تشملها الرسوم الجمركية، فيما لوحظ أنه لم تسجل إرتفاعات ملحوظة على المواد الإستهلاكية، المعفاة كليا أو جزئيا من الرسوم الجمركية، وبقيت أسعار الأدوية والمستلزمات الإستشفائية على حالها. أما الإلتباس الذي وقع فيه بعض المتابعين والمراقبين لتطور الأسعار، كما المواطنين الخائفين من الغلاء وتفلت الأسعار، فمرده إلى ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية ووصوله الى عتبة 41500 ليرة، متسببا بإرتفاع أسعار المستوردات التي يسدد ثمنها بالدولار “الفريش”، وسيتواصل ملاحظة إرتفاعات بطيئة طالما يتحرك سعر صرف الدولار صعودا. واعلنت وزارة الصناعة ان هذا الاجراء لن يطال الآلات الصناعية والموادّ الأوّلية المستوردة لزوم الصناعة والتصنيع في لبنان وبالتالي، لن تتأثّر كلفة المنتَج الصناعي الوطني بالتدبير الجمركي الجديد، وسوف يحافظ على سعره المعتاد المعمول به كما كان سابقاً على أساس الدولار بـ 1500 ليرة. وشددت الوزارة على الصناعيين والتجار والمورّدين والموزّعين الالتزام بعدم تغيير الأسعار تحت ذرائع واهية وحذرت “كلّ من يستغلّ ويتلاعب ويزوّر الأسعار لتحقيق أرباح من غير وجه حقّ، وعلى حساب المواطن المكتوي أصلاً بنيران الغلاء”.
غراندي في بيروت
في سياق آخر طالب الرئيس ميقاتي المجتمع الدولي بالتعاون لانهاء أزمة النزوح السوري التي تضغط على لبنان على كل الصعد. وأبلغ الى المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة فيليبو غراندي الذي التقاه امس كما جال على الرئيس بري ووزيري الصحة والبيئة “وجوب تنسيق المفوضية وسائر المنظمات الدولية المعنية مع الحكومة اللبنانية عبر أجهزتها المختصة لحل هذه المعضلة، لانه لا يجوز أن يبقى هذا الملف ورقة تضغط على الواقع اللبناني، في وقت لم تعد للبنان القدرة المالية والخدماتية والسياسية على تحمل تداعيات هذا الملف”. وشدد على أن الاولوية في هذه المرحلة هي لاعادة النازحين السوريين تباعا الى بلادهم بعد استقرار الاوضاع في سوريا”.
واكد غراندي ” تقديرنا الكامل للتحديات الهائلة التي تعانيها البلاد في هذا الوقت، وفي هذا الإطار فإن استضافة مئات ألوف السوريين وغيرهم من اللاجئين هو مسؤولية ضاغطة جدا على البلد”. وقال انه عبر مع المنسق الخاص للأمم المتحدة “ان الأمم المتحدة ستستمر في دعمها، بما في ذلك الدعم الإنساني للشعب اللبناني وكل من يعيش في البلاد، وستزيد دعمها للشعب اللبناني”. اضاف “ان المفوضية السامية لحقوق الانسان مسؤولة عن اللاجئين ونحن نواصل حشد الموارد الدولية لهم وللأشخاص الذين يرغبون منهم في العودة إلى سوريا، وهناك دفعات عادت منذ أسابيع، ونحن نواصل تقديم الدعم لهم”. وقال “نحن نقدر احترام لبنان للعودة الطوعية لسوريا وهو جانب مهم من هذه العملية كما نعمل مع الجانب السوري ومع الحكومة السورية على إزالة العوائق الجدية التي تراكمت على مر السنين والتي تمنع الناس من العودة. حققنا بعض التقدم ولكن لا يزال هناك المزيد من العمل من أجل أن يكون الناس واثقين من اتخاذ القرار بالعودة”.
النازحون السوريونالدولار الجمركي