لبنان
عيد اسقلال لبنان "صامت".. مساعٍ خارجية لانهاء الفراغ الرئاسي
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الثلاثاء حلول عيد الاستقلال "صامت" يغيب عنه الاحتفالات والعروض العسكرية بدون رئيس للجمهورية، وفي حين تستمر المراوحة والدوران في الفراغ الرئاسي داخليًا، بدأ حراك دولي واقليمي تحديدًا على خط باريس – الرياض، وفقَ ما كشف قصر الإليزيه، كما تتجه الأنظار إلى القمة الأميركية – الفرنسية مطلع الشهر المقبل والتي ستجمع الرئيسين ايمانويل ماكرون وجو بايدن، للبحث في الملف اللبنانيّ كأحد ملفات المدرجة على جدول أعمال اللقاء.
كما اهتمت الصحف بما كشفه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن أن المصرف المركزي سيبدأ العمل بسعر الـ15000 ليرة مقابل الدولار ابتداء من أول شباط 2023، وسيصبح التعميمان 151 و158 على 15000 بدل الـ8000 والـ12000 ابتداءً من أول شباط، مشيرةً إلى أنَّ هذا التعديل سيكون جزءًا من سياسة سلامة القائمة على إطفاء الخسائر من خلال تعدّدية أسعار الصرف.
البناء: لا جديد في الملف الرئاسي وقطبة مخفيّة في لوبي الكابيتال كونترول
مع عيد الاستقلال الذي يحل كئيباً، وفقاً للوصف الذي طرحه رئيس مجلس النواب نبيه بري بصيغة سؤاله، “الاستقلال بدأ قبل 79 عامًا من الآن برئاسة وحكومة… أين نحن اليوم؟”، تغيب الاحتفالات والعروض العسكرية، ويحلّ مكانها أمر اليوم الذي صدر عن قائد الجيش العماد جوزف عون، وركز فيه على التزام المؤسسة العسكرية بمنع العبث بالأمن، وإشارته الواضحة أنه “مع دخولِ البلادِ مرحلةَ الشغورِ الرئاسيّ وارتفاعِ سقفِ التجاذباتِ السياسية، يبقى حِفظُ الأمنِ والاستقرارِ على رأسِ أولويّاتنا. لن نسمحَ بأيِّ مسٍّ بالسلمِ الأهليّ ولا بزعزعةِ الوضعِ لأيّ أهداف”.
اقتصادياً، ردت مصادر خبراء ماليين على الكلام الذي يسخّف إقرار الكابيتال كونترول بالقول إن المال القابل للتهريب قد تمّ تهريبه، فلا جدوى الآن من إقراره، فتقول ان هناك لوبي يريد التهرب من اقرار القانون سواء عبر تحويله الى سلة تتضمن كل شيء حتى لا تتضمن شيئاً، بدلاً من إقرار قانون سريع وعاجل لوقف التحويلات لغير الأغراض المتفق عليها بثلاثة عناوين، إنسانية وتجارية وحكومية، وبحث الباقي على البارد لأنه يحتمل الوقت. وتضيف المصادر أن لبنان منذ العام الماضي بدأ بتحقيق فائض في ميزان المدفوعات، تزيد قيمته عن خمسة مليارات دولار سنوياً، حيث انخفضت المستوردات من 20 مليار دولار سنوياً الى ما بين 8 و10 مليارات تمثل الفاتورة النفطية أكثر من نصفها، وتتحكم بقيمتها حسب أسعار النفط العالمية، بينما يدخل على لبنان سنوياً أكثر من 15 مليار دولار، منها 7 مليارات من تحويلات الاغتراب و6 مليارات من تدفقات الصيف والأعياد والعطل، و3 مليارات من عائدات التصدير، ويعتقد الخبراء أنه لولا تدخل مصرف لبنان بطباعة المزيد من الليرات واستخدامها لسحب هذا الفائض لكان سعر الصرف عرف استقراراً على سعر أدنى بكثير من سعره الحالي، لأن الطلب أقل من العرض، لكن ضخّ مصرف لبنان للمزيد من الليرات لسحب الدولارات هو الذي مكّنه أصلاً من القدرة على بيع قرابة 60 مليون دولار يومياً على منصة صيرفة، مع الحفاظ على قيمة احتياطاته، وتعتقد المصادر أن جزءاً كبيراً من هذا الفائض يتمّ تحويله الى الخارج، ويخشى المستفيدون من التحويلات، سياسيين ومصرفيين وتجاراً ونافذين، من الكابيتال كونترول لأنه سيفرض وقف هذه التحويلات.
يُحيي لبنان اليوم ذكرى الاستقلال من دون رئيس للجمهورية وفي ظل حكومة تصريف أعمال متنازع على دستوريتها وشرعيتها وحدود صلاحياتها في ظل شغور الرئاسة الأولى ولكونها لم تأخذ ثقة المجلس النيابي الحالي وبعدما وقع رئيس الجمهورية مرسوم استقالتها قبل نهاية عهده. كما تحل هذه الذكرى وسط أخطر أزمة يمر فيها لبنان على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية.
ولم يسجل مطلع الأسبوع ولا نهاية الأسبوع الماضي أي جديد على خط الملف الرئاسي باستثناء اللقاء الذي جمع مسؤول التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا وقائد الجيش العماد جوزيف عون، والذي تضاربت المعلومات والمعطيات حياله، بين ما وضعه في إطار التنسيق الأمني المعتاد بين الحزب وقيادة الجيش في عدة ملفات، وبين من ربطه بالمشاورات حول استحقاق رئاسة الجمهورية، وإمكانية التوافق على قائد الجيش للرئاسة كمرشح توافقي في حال انسداد أفق المرشحين الآخرين.
لكن مصادر إعلامية أوضحت أن إعطاء اللقاء الطابع السياسي في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي تحديداً غير دقيق، ولم يتطرّق الى المقاربات السياسية الداخلية والخارجية. ولفتت إلى أن الاستحقاق الرئاسي يبقى أسير الانقسام السياسي حول المرشحين المعروفين وظروفهم المحيطة، والكلام عن ترشيح عون سابق لأوانه.
وأشارت الى أن اللقاء حصل فعلاً الأربعاء الماضي، ويأتي ضمن سياق اللقاءات الدورية التي تجمع عون بصفا وتهدف إلى التنسيق الأمني واستمرار التعاون بين حزب الله والقيادة العسكرية، رغم أن مصادر متابعة لمواقف حزب الله تقول لـ”البناء” إن تاريخ الحزب يقول إنه لا يلبس وجهين فهو طالما أنه يخوض معركة فرنجية ولا يزال يمنحها فرصاً وحظوظاً حتى إشعار آخر يستحيل أن يفتح الباب أمام أي إيحاء بأنه مستعد للبحث بمرشح آخر.
وشدّدت مصادر نيابية لـ»البناء» على أن الأجواء ما زالت على ما كانت عليه ولا تقدّم على أي مسار حيال رئاسة الجمهورية، عدا أن الظروف الداخلية ولا الخارجية ناضجة لإنتاج رئيس للجمهورية، وقد تحتاج الى تجاوز مراحل عدة للوصول الى مرحلة تصفية المرشحين واختيار واحد يكون نقطة تقاطع وتلاقٍ داخلي – إقليمي – دولي، ولذلك قد نحتاج الى فترة اشهر إضافية لكي تتبلور هذه الظروف التي قد تترافق مع سلسلة تطورات وأحداث داخلية – خارجية تفرض تسوية رئاسية – حكومية تفتح الباب أمام انفراجة اقتصادية مؤقتة أو جزئية في لبنان.
وبرأي المصادر فإن باسيل لا يبدو أنه سيتراجع عن موقفه تجاه ترشيح فرنجية، الأمر الذي سيسبب الإحراج لدى حزب الله ويصعب موقفه في توحيد الموقف بين حليفيه لا سيما أن رئيس مجلس النواب نبيه بري متمسك بفرنجية وكذلك حزب الله حتى الساعة ولو لم يعلنا ذلك علناً، لكن المصادر تشير الى أنه في حال وصلنا للتوافق حول فرنجية فسيتم الإعلان عنه كمرشح للثنائي حركة أمل وحزب الله والحلفاء في 8 آذار وسيلقى تأييد ودعم رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط وتكتل الاعتدال الوطني، إضافة الى الموافقة الخارجية عليه، وإلا لن يكون فرنجية مرشحاً من دون أفق واضح. وترى المصادر ايضاً أن المهم تأمين التوافق الداخلي حول فرنجية بأوسع عدد من الكتل النيابية ومن ثم يجري تسويق التسوية الداخلية مع القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في الساحة اللبنانية والتي لا يمكن تجاوزها، وذلك لكي ينطلق العهد بقوة دفع داخلية – خارجية قوية لتأليف حكومة جديدة لكون العهد المقبل سيواجه أضخم أزمة مالية واقتصادية ونقدية واجتماعية في تاريخ لبنان وإن لم يكن محصناً بتسوية صلبة محلياً وخارجياً فلن يتمكن من الانطلاق.
وأكد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد “وجود أزمة في شغور موقع رئاسة الجمهورية”، داعياً إلى البحث عن “الرئيس المناسب، بمعنى أننا نريد رئيساً للجمهورية لا يغدر بنا، ولا يطعننا في ظهرنا، ولا يقدم إنجازنا على طبق من فضة لأعدائنا. وهذا الأمر ليس سهلا لأن هذا الرئيس لا نفرضه ونحن نفتش على صفاته كما غيرنا يفتشون”.
وشدد على ضرورة “التفاهم حول هذا الرئيس” مستدركاً القول: “لكن لا أحد “يقنعنا” برئيس يكون عبداً وخادماً عند الأسياد، الذين يحضنون “إسرائيل” ويدعمونها ويساعدونها، ويأتون “ليخادعونا ويضللونا ويقولوا لنا إننا أصدقاء لكم”. وسأل رعد مستهجناً “أي أصدقاء وأنتم تدعمون “إسرائيل” بكل ما تستطيع به أن تدمر حياتي ومجتمعي ومستقبل وطني؟! وقال: “نحن نعلم جيداً كيف نقدّر ونميّز بوضوح بين العدو الحقيقي والصديق الحقيقي”.
بدوره، قال رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجية، في تصريح على مواقع التّواصل الاجتماعي، عشيّة عيد الاستقلال، أنّ “كلّنا أمام اختبار حقيقي لصون حرّيّة لبنان واستقلاله، بالوحدة والحوار والانفتاح”.
وتشير أجواء التيار الوطني الحر لـ»البناء» الى أن موقف باسيل من فرنجية ليس خطاباً شعبوياً أو استدراجاً للتفاوض على المرحلة المقبلة وبهدف التحاصص مع فرنجية أو مع غيره على الحصص والمواقع الرئيسية في الدولة بالعهد الجديد، ومقايضة الرئاسة بمناصب ومكاسب، بل هو موقف مبدئيّ وخلافيّ مع فرنجية وغيره من المرشحين تجاه مقاربة ممارسة السلطة والحكم وإدارة شؤون البلد والإصلاح وبناء الدولة وتغيير المنظومة الحاكمة أو على الأقل تغيير في أدائها وأي خطوة للتجديد لهذه المنظومة سنغرق مجدداً في الانهيار والفساد ونفقد ما تبقى من أمل لإنقاذ البلد.
وإذ تتجه الأنظار إلى القمة الأميركية – الفرنسية مطلع الشهر المقبل والتي ستجمع الرئيسين ايمانويل ماكرون وجو بايدن، للبحث في الملف اللبنانيّ كأحد ملفات المدرجة على جدول أعمال اللقاء، علمت «البناء» أن الفرنسيين ينشطون ويتحرّكون على أكثر من خط لبناني وأميركي ومع السعودية وحزب الله، في محاولة لبناء أرضية صلبة لأي تسوية ممكنة في مراحل لاحقة، وسيناقش الرئيس الفرنسي مع بايدن اقتراحات حول الاستحقاق الرئاسي والملف اللبناني عموماً، لكن المصادر تنقل عن مسؤولين فرنسيين أن لا نتيجة جدية حتى الساعة ولا رئيس قبل نهاية السنة، وقد يطول أمد الفراغ بسبب الصعوبات التي تواجهها باريس نتيجة التعقيدات السياسية والعسكرية في المنطقة وفي العلاقات بين الدول الاساسية، لا سيما بين أميركا وفرنسا وأوروبا من جهة وإيران وروسيا من جهة ثانية، والاتهامات المتبادلة بينها، إذ تتهم اميركا وأوروبا ايران بتزويد روسيا بمسيّرات متطوّرة، مقابل اتهام إيران للدول الغربية بتأجيج الاحتجاجات الداخلية في ايران لإشعال فتنة فيها، إضافة الى توتر مستجد في العلاقات الإيرانية – السعودية، واتهام إيران للمملكة ايضاً بالتورط بأحداثها الداخلية، وعطفاً على ذلك فيبدو أن الملف اللبناني ليس أولوية لدى واشنطن بظل انشغالها بأوضاعها الداخلية والحرب الروسية – الأوكرانية.
وبعد مواقفها الأخيرة التي لوحت بذهاب لبنان نحو فوضى اجتماعية وانهيار اقتصادي وامني كبير في لبنان، أعلنت مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف، في تصريحات جديدة حول لبنان، أن “عدم انتخاب رئيس للجمهورية سيودي بلبنان إلى فراغ سياسي غير مسبوق، ما ينذر بانهيار الدولة مجتمعياً”.
وأضافت: “لقد وضعنا خططاً لمساعدة لبنان إن كان عبر دعم الجيش اللبناني أو عبر تسهيل اتفاقيات الطاقة أو دعم المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لكن كل هذه التدابير لن يكون لها تأثير ما لم يقم البرلمان اللبناني بعمله بانتخاب رئيس للجمهورية، وقد فشل في ذلك”. وختمت: “هذا الشيء لا نستطيع أن نفعل به شيئاً، فهم عليهم فعل ذلك».
وشدّد قائد الجيش في أمر اليوم للعسكريين لمناسبة الاستقلال، على أن «مع دخول البلاد مرحلة الشغور الرئاسيّ، يبقى حفظ الأمن والاستقرار على رأس أولويّاتنا، ولن نسمح بأيِّ مسٍّ بالسلم الأهليّ».
بدوره، دعا المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم العسكريين في الأمن العام لأن “نكون على أهبة الاستعداد لما قد يحصل على كل المستويات، خصوصاً أننا مسؤولون أمام اللبنانيين لصون الوطن وحمايته في وجه كل العاتيات”.
الديار| ذكرى الإستقلال «كئيبة».. الفراغ يحتلّ البلاد
عيد استقلال «كئيب» يحل اليوم في غياب «الوطن». عيد للفراغ على كافة المستويات دون اي «ضوء في نهاية النفق». وفي غياب كل مقومات الحياة الكريمة، ويأس اللبنانيين من حاضرهم ومستقبلهم، طبيعي ان يغيب الاحتفال الرسمي في ذكرى استقلال فقد كل معانيه الحقيقية. وحده «امر اليوم» من قبل قائد الجيش جوزاف عون للعسكريين منع حرف «بوصلة» دور المؤسسة العسكرية، وذكّر بان اولويتها الحفاظ على الامن.
في هذا الوقت، لا تزال الدوحة «قبلة» العالم رياضيا مع دخول مباريات كأس العالم يومها الثاني، واذا كان «لا صوت يعلو فوق صوت» كرة القدم، فان الديبلوماسية تحركت تحت «عباءة» الحدث الرياضي في اكثر من اتجاه بعد الحضور السياسي الرفيع في الافتتاح، فاجتمع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع نظيره التركي رجب طيب اردوغان في مقدمة لفتح صفحة سياسية جديدة في منطقة تتقلب فيها التحالفات. وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن وصل الى الدوحة لحضور مباراة فريق بلاده، وسيغتنم الفرصة لإجراء محادثات تتعلق بملف النفط والغاز على خلفية الحرب الاوكرانية.
ديبلوماسية «الكرة» التي تقودها قطر يغيب عنها لبنان، كما غاب حتى الآن «المونديال» عن شاشته الرسمية بسبب «التخبط» المعتاد لمسؤوليه. الملف اللبناني ليس على «الطاولة»، ولا احد يلتفت اليه على الرغم من «الموت السريري» القائم حاليا.
هذه الخلاصة توصلت اليها باريس، التي تحاول ملء الفراغ بحراك دون «انياب» ودون آمال كبيرة بالنجاح. ثمة رهان على الوقت دون طائل، والمواعيد التي يضربها بعض المسؤولين اللبنانيين لانجاز الاستحقاق الرئاسي مطلع العام المقبل مجرد «بيع اوهام»، لانه لا يستند بحسب مصادر ديبلوماسية الى اي معطى حقيقي وجدي.
في هذا الوقت، فان تضييع الوقت مستمر داخليا، وابرز دلائله المناورات السياسية غير المنتجة ، وتبادل «التراشق» بمواصفات الرئيس العتيد، فيما يتفوق مجلس النواب على غيره في «اللعب» في الوقت الضائع، وهو ينشغل في هذه الفترة «بفك» «طلاسم» قانون «الكابيتال كونترول»، وكأن ثلاث سنوات لم تكن كافية، فغرق النواب بالامس في «مستنقع» البحث عن تعريف واحد للقانون يشير الى ان الخلافات عميقة، ولا يبدو ان القانون سيبصر النور قريبا. فالخلاف على «جنس» منصة صيرفة ارجأ النقاش الى اجل غير مسمى بعد عقم التعريفات. ورفعت الجلسة حتى مطلع الاسبوع المقبل لمحاولة تعريف الاموال القديمة والجديدة!
حراك باريس «عقيم»
واذا كانت الحركة الرئاسية في الداخل قد هدأت علنا وانتقلت محاولات انضاج «الطبخة» الى «الكواليس»، حيث يحاول كل «معسكر» تنظيم صفوفه دون النجاح حتى الآن في ذلك، تصطدم باريس حتى الآن بانعدام الاهتمام الخارجي بالملف اللبناني. ووفقا لمصادر ديبلوماسية، فانها تنتظر اجوبة سعودية عن «الثمن» المطلوب لإجراء التسوية على الساحة اللبنانية. هي اثمان كانت طلبتها منذ اشهر من الموفدين السعوديين، ولم يحصل عليها الرئيس ايمانويل ماكرون خلال تواصله مؤخرا مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان. وقد فهم الجانب الفرنسي ان الرياض غير جاهزة بعد لفتح النقاش الجدي حول الموضوع، حيث آثر ابن سلمان «الهروب» من تقديم اي التزامات، مفضلا ترك الامور مفتوحة دون اجوبة.
لبنان ليس على «الطاولة»
وفي الوقت نفسه، لا تملك باريس ايضا اجوبة اميركية عن موقع لبنان في جدول اولويات ادارة الرئيس جو بايدن. ولهذا فان ما تقوم به فرنسا حتى الآن يبقى «حركة من دون بركة». وقد ازدادت قناعة الادارة الفرنسية بعدم وجود نية لدى احد في وضع لبنان على «الطاولة» وابعاده عن القضايا الشائكة في المنطقة. وحدها طهران كانت واضحة بترك الملف بين «ايدي» حزب الله، وجزمت انها لن تتدخل باي مقاربة يقبلها . ودون ذلك لا جديد، فالملف اللبناني يبقى مفتوحا على مصراعيه، دون ان تكون هناك مواعيد ثابتة لاي احتمال لإجراء مقايضات. واكتشف الفرنسيون انه ليس هناك من يريد ان «يبيع او يشتري».
الفرصة الضائعة؟
ونقلت شخصية لبنانية بارزة عن ديبلوماسي فرنسي رفيع المستوى، قوله ان فرصة سانحة قد ضاعت عندما تم انجاز «الترسيم» بمعزل عما عداه من قضايا لبنانية شائكة، ويقر ان بلاده لم تنجح في «تهريبها». ووفقا لهذا الديبلوماسي، لم يجد ماكرون مسؤولا لبنانيا يمكن ان يساعده في تعزيز موقف لبنان التفاوضي خلال المفاوضات على «الترسيم»، في محاولة «لاقناع» واشنطن بضرورة عدم عزل هذا الملف الاستراتيجي عن القضايا اللبنانية الملحة، وفي مقدمتها الاستحقاقات الدستورية، والوضع الاقتصادي الصعب. لكن هذا لم يحصل، واصيب المسؤولون الفرنسيون بخيبة امل.
وبرأي باريس لا يملك لبنان اليوم اي «ورقة» قوة يمكن الرهان عليها لمحاولة احداث اختراق في «الجدار» السعودي- الاميركي. ومصدر القلق الوحيد الذي يترك تأثيرا مباشرا بالاحداث، ويغيّر من المواقف الخارجية يرتبط بالامن على الحدود الجنوبية، ولا شيء يوحي بأي اهتزاز قريب يمكن ان يغيّر من اولويات بعض الدول. ولهذا يراهن الفرنسيون على الوقت وليس على اي شيء آخر، لانهم لا يملكون بين ايديهم اي افكار جاهزة او قدرة على الضغط على اي من الاطراف.
سياسة «الابواب المفتوحة»
وهذا ما يفسر سياسة «الابواب المفتوحة» التي تنتهجها باريس مع كل الاطراف اللبنانية، بمن فيها حزب الله، واستقبالها لمقربين من رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، وكذلك رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل. فبالنسبة لها لا يوجد «فيتو» على احد من الاسماء المتداولة، وهم مرشحون طبيعيون بالنسبة اليها، لكنها تحاول قدر الامكان «لبننة» الاستحقاق من خلال حصر الترشيحات اولا بشخصيتين او ثلاث على الاكثر تكون حظوظهما مرتفعة، كمقدمة للبدء «بجس النبض» حول حظوظها.
«فيتوات» وايجابية؟
ويعتقد الفرنسيون، ان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزاف عون، اكثر مرشحين جديين من بين المتنافسين، ويدركون جيدا ان فرص رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل شبه معدومة، وكانوا ينتظرون منه ان يقدم في زيارته الاخيرة تصورا واضحا حيال كيفية الخروج من «المأزق» في شقه الداخلي، لكنه لم يحمل معه اي «خارطة طريق» حيال كيفية التعامل مع الانقسامات العمودية والافقية داخل مجلس النواب وخارجه. ووفقا للمعلومات، حمل باسيل معه «سلسلة « من «الفيتوات»، وايجابية واحدة. فهو اعرب صراحة عن رفضه لكل المرشحين المسيحيين الاقوياء من خارج دائرة «التيار الوطني الحر»، باعتبار انه يتنازل شخصيا عن حقه في الترشح! ولن يهدي الرئاسة لاي من «خصومه» بمن فيهم فرنجية وقائد الجيش. اما ما يراه الفرنسيون ايجابيا في طرحه فهو قبوله المشاركة مع الآخرين بتسمية رئيس «تسوية» يعكس حقيقة ثقل «التيار» في الشارع المسيحي، اي لا بد من ان يكون «صانعا للرئيس» الجديد! وهو امر غير قابل «للتسويق» لبنانيا وخارجيا، اقله في هذه الفترة.
رهان فرنسي؟
اما الرهان الفرنسي الوحيد، فيبقى على القمة الاميركية - الفرنسية الشهر المقبل، حيث سيحاول ماكرون وضع لبنان على جدول الاعمال، وهم سيضغطون في الفترة الفاصلة للحصول على الاجوبة السعودية، التي لا تبدو جاهزة بانتظار تبلور العلاقات المتوترة مع طهران.
الجمهورية: هل يلتقي «القلب» الفرنسي مع «العقلين» الاميركي والسعودي؟
قبل جلسة الخميس النيابية السابعة التي دعا إليها الرئيس نبيه بري أمس لانتخاب رئيس للجمهورية، لا يبدو انّ هناك أي تطور لافت سوى مزيد من الانتظارات. وفي الوقت الذي لم تظهر أي مبادرة خارجية واضحة، ينحو الحديث إلى المسعى الثلاثي الأميركي - السعودي - الفرنسي، على رغم مما يدور حوله من لغط مسبق. وهو ما طرح السؤال عن مدى التلاقي بين «القلب» الفرنسي و»العقلين» الأميركي والسعودي. وعليه، هل من تفسير لهذه المعادلة؟
حتى الأمس القريب ما زال الحديث عن المسعى الفرنسي - الأميركي - السعودي لمساعدة لبنان في تجاوز مسلسل الأزمات التي يعانيها. وقد انطلقت مجموعة من المشاريع والمبادرات الصحية والاجتماعية والتربوية والانمائية التي موّلتها السعودية وفرنسا، بمعزل عن تلك التي تتولّى تمويلها الولايات المتحدة الأميركية. ولم تقارب بعد أي من هذه الدول الثلاث أي خطوة تتصل بالاستحقاق الرئاسي، بعدما تجاهلت بنحو غير مسبوق ما أحاط بالأزمة الحكومية منذ أن انطلقت مع نهاية ولاية المجلس النيابي السابق في 22 أيار الماضي. وهي التي ارتبط تعثر ولادتها بما آلت إليه التطورات، بعدما انتقلت صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة إلى مجلس الوزراء مجتمعاً، ما خلا تلك اللصيقة به منذ ان خلت سدّة الرئاسة مطلع الشهر الجاري.
ليس في ما سبق أي اكتشاف او اشارة إلى أي حدث جديد. فقد أصرّت كل الدول ومعها المؤسسات الدولية والاقليمية والأممية، على اهمية احترام المِهل الدستورية، وأصدرت عشرات البيانات الداعية الى التزام ما يقول به القانون والدستور من دون أي جدوى، حتى انّ بعض ديبلوماسييها سمع كلاماً جارحاً من بعض الأطراف التي اعتبرت أي موقف، ولو اقتصر على النصح، ربطاً بكثير من مطالب اللبنانيين من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومعهما المؤسسات المانحة، لمساعدتهم في تجاوز مجموعة الأزمات التي نمت وتناسلت على اكثر من صعيد.
ولذلك، فقد ابتعد العالم في اول ردّ فعل ملحوظ على مسلسل التجنّي الذي عبّرت عنه اطراف لبنانية اكثر فأكثر عن يوميات اللبنانيين السياسية والحكومية، على الرغم من مجموع المناشدات التي أُطلقت من وقت لآخر. فتجاوب كثير منها في مجالات محدّدة، واستكملت بعض الدول برامج المساعدة التي بدأتها، لتجاوز مخاطر انهيار القطاعات الحيوية التربوية منها والصحية والبيئية والانسانية، عدا عن المساعدات التي بقيت محصورة بالنازحين السوريين والمجتمعات المضيفة بطريقة مذلّة احياناً، عدا عن تلك المشاريع التي ارتبطت بإنتاج الطاقة، بعدما لم توفّر الحكومة ما كان مطلوباً منها من إصلاحات في القطاع وتشكيل الهيئة الناظمة له، لتوفير الدعم المالي لاستجرار الغاز المصري والكهرباء الاردنية عبر الشبكة السورية، فتهاوت وعودهم يوماً بعد يوم، الى ان انتهت على عتبة الوعود الفاشلة، حتى شملت لاحقاً التأخير الحاصل في تطبيق الاتفاقات مع العراق وتبخّر الهبة الإيرانية من الفيول، من دون اي تفسير رسمي بعد.
وإلى هذه المؤشرات التي ما زالت تتحكّم بيوميات اللبنانيين، بقي ملف انتخاب الرئيس على طاولة الجدل البيزنطي، ولم تظهر أي مؤشرات يمكن ان تقود الى احتمال التوصل الى انتخابه بأي طريقة وعلى أي مستوى، في ظلّ مسلسل جلسات الخميس المملة، والتي لم تخرج عن رتابتها بعد، ومظاهر متكرّرة بقيت فيها الاوراق البيض في مواجهة مجموعة من الأسماء الثابتة والمتنقلة بما لا يؤدي الى إنتاجه. وهو ما دفع إلى انتظار المبادرة الوحيدة المحكي عنها، ربطاً بالتحرّك الفرنسي بالتنسيق مع الولايات المتحدة الاميركية والمملكة العربية السعودية، فتوجّهت الأنظار الى مجموعة القمم التي عقد عدد منها مع اقتراب البعض الآخر من مواعيده المقرّرة.
فإلى اللقاء الذي جمع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لم يظهر انّ هناك حراكاً علنياً قامت به باريس. فهي تتكل على سفارتها في بيروت، قبل ان تغيب السفيرة آن غريو عنها منذ عشرة ايام تقريباً، بعدما جالت على معظم القيادات الروحية والحزبية، وعقدت او كلّفت معاونيها الكبار المهمّة، لعقد اكثر من اجتماع مع قيادات من «حزب الله» من دون ان تطلق أي موقف علني.
ولا يتجاهل المراقبون، انّ كل هذه المؤشرات قد تزامنت مع حركة ديبلوماسية سعودية، توّجها الاحتفال، بعد تعطيل العشاء السويسري، بالذكرى الثالثة والثلاثين لتوقيع اتفاق الطائف على اراضيها، وغادر بعدها السفير وليد البخاري إلى بلاده لمزيد من المشاورات، قبل التحركات المزمعة لولي العهد في اكثر من زيارة وقمة، وبقيت اصداء تحركاته وسط تشكيك ما زال قائماً، إن كان لديه وقت كافٍ لمناقشة الجديد على الساحة اللبنانية حسب ما هو متداول في كثير من الأوساط السياسية، طالما انّ أياً من الخطوات المطلوبة خليجياً لم تتحقق بعد. وإنّ العودة إلى ما نُفّذ من «المبادرة الكويتية» كافٍ لتعزيز هذه الشكوك بعدم وجود تلك الغيرة الخليجية السابقة على الوضع في لبنان، والاحتفاظ بالشكوك المشار اليها الى أجل غير مسمّى.
وعلى الرغم من مجموعة المحطات هذه، فقد عُقد الرهان على الحراك الفرنسي الأخير الذي قاده الرئيس ماكرون شخصياً، في لقائه في بانكوك قبل أيام على هامش «قمة بلدان آسيا وجزر المحيط الهادئ» مع الأمير محمد بن سلمان، والتحضيرات الجارية للقمة المنتظرة اول الشهر المقبل في واشنطن مع نظيره الاميركي جو بايدن، بالتنسيق مع قيادات أوروبية والفاتيكان، على امل التوصل إلى خيط يؤدي إلى طرح ما يعانيه لبنان، على دوائر هذه الدول، لإنتاج وساطة تقود إلى حل يُخرج البلاد من مآزقها من دون ما يضمن مثل هذه النتيجة المرتجاة. والدليل، ما استقطبته باريس في الفترة الأخيرة من اجتماعات سعودية ـ فرنسية، قبل ان تستقبل المرشحين الرئاسيين الساعين الى استكشاف المرحلة المقبلة، وكسب ودّها إن كان ذلك يؤهلهم للتقدّم في السباق الى قصر بعبدا.
وإن توقف المراقبون امام هذه المرحلة، فإنّه لا بدّ من الاشارة الى انّ هذه الزيارات لم تُحدث اي تغيير ايجابي او سلبي. فقبل ان يحطّ النائب جبران باسيل رحاله في الإليزيه بلقاءات مع مساعدي الرئيس ماكرون، كان الوزير السابق روني عريجي قد سبقه بصمت اليها، ممثلاً رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، من دون ان تظهر أي نتائج عملية لهاتين الزيارتين، ما خلا تلك التي لا تخرج عن التحليلات والتنظيرات التي توحي بكثير من الرغبات والتمنيات التي لا تقدّم ولا تؤخّر في ما هو مرتقب من أحداث.
وعليه، طُرح مزيد من الأسئلة التي يصعب توفير الأجوبة عنها، وبقي أبرزها إن كان الحديث ممكناً عن تلاقي «القلب» الفرنسي الغيور على بيروت مع «العقلين» الأميركي والسعودي، لمعرفة النتائج التي يمكن ان يقود اليها اي حراك من هذا النوع. وإلى تلك اللحظة، سنبقى نحصي الأوراق البيض ومثيلاتها من أسماء مختلفة ككل خميس، إلى ان يأتي الله بما ليس متوقعاً. ولكن إلى متى؟
الأخبار| سلامة يعلن تعديل سعر الصرف: المضاربات مستمرة
خلال فترة الفراغ الرئاسي، ستطرأ تعديلات جذرية على سعر الصرف. فالدولار الجمركي سيتم تعديله ليصبح 15 ألف ليرة اعتباراً من منتصف الشهر المقبل، فيما سيتم في نهاية كانون الثاني 2023 تعديل سعر الصرف المعتمد رسمياً. هذا ما اتفق عليه بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي كشف أمس عن مسار النصف المتعلق بالتسعيرة المعتمدة رسمياً لسعر الدولار في لبنان، من دون أن يشير إلى السند القانوني الذي سيستعمل لاعتمادها. إلا أنه لفت في مقابلة مع قناة «الحرة» الأميركية إلى أن «بدء العمل بسعر الـ 15000 ليرة مقابل الدولار سيكون في أول شباط 2023، وسيصبح التعميمان 151 و158 على 15000 بدلاً من الـ 8000 والـ 12000». وبموجب هذا التعديل، قال سلامة إن «العمل بالتعاميم السابقة سيبقى سارياً»، لكنه استدرك بأن ذلك مرتبط بإقرار الـ«كابيتال كونترول»، عندها «سنُلغي كل هذه التعاميم، ونصبح محكومين بالتعاطي بين المودعين والمصارف تبعاً للقانون».
يتم التسويق لهذه التعديلات باعتبارها مبنية على أحد الشروط المسبقة للاتفاق مع صندوق النقد الدولي القاضية بـ«توحيد أسعار الصرف»، إلا أن المشكلة في هذا التعديل أنه سيكون جزءاً من سياسة سلامة المتبعة منذ ثلاث سنوات، والقائمة على إطفاء الخسائر من خلال تعدّدية أسعار الصرف. لذا، فإن التعديل الأخير، سيخلق سعر صرف جديداً ليس موجوداً أصلاً، وسيحلّ بدلاً من أسعار صرف قائمة في تعاميم مصرف لبنان حصراً، مثل التعميم 151 الذي يسعّر قيمة الدولار المصرفي بنحو 8000 ليرة ضمن سقف للسحب يبلغ أقصاه 3000 دولار شهرياً، وأيضاً في التعميم 158 الذي يسعّر الدولار بقيمة 12000 ليرة ضمن سقف للسحب يبلغ 400 دولار شهرياً نصفها تدفع بالليرة نقداً والنصف الآخر لا يمكن سحبها إنما تستعمل بواسطة البطاقات المصرفية. بالتالي فإن سعر الصرف الذي سيُعتمد بقيمة 15 ألف ليرة سيكون بمثابة سعر بديل لهذين السعرين، إلا أنه لن يحلّ بدلاً من سعر «صيرفة»، ولا بدلاً من سعر السوق الحرّة، ولن يوقف كل المضاربات التي كانت تحصل للاستفادة من فوارق الأسعار. هذه المضاربات باتت شبه إجبارية لكل من يريد الاستمرار في العيش في لبنان.
إذ أنه في ظل رفض الدولة تصحيح الأجور بشكل طبيعي، تركت للحاكم التصرّف، كما كانت تفعل دائماً، من أجل تقديم دعم عام غير مباشر وعشوائي، وغير مقونن، عن طريق السياسات النقدية. وهذا الأمر ينطبق على الآلية التي تسمح لكل صاحب حساب بأن يستفيد لغاية 400 دولار من عمليات شراء للدولار على سعر صيرفة، ما يحقق له هامش ربح مقارنة مع السوق الحرّة بنحو 30% خلال يوم أو يومين كحدّ أقصى.
في الواقع، إن تعديلاً كهذا على سعر الصرف، سيكون تعديلاً هامشياً في بنية الآليات التي خلقها مصرف لبنان في الفترة الماضية لإطفاء الخسائر. ربما سيكون مقدّمة لتعديلات أخرى تطاول ميزانيات المصارف، علماً بأنها تشمل أيضاً ميزانيات الشركات الخاصة والعامة، بالتالي سيكون له أثر على مداخيل الدولة، إنما لن يكون هذا التعديل، بالتأكيد، سوى تخدير للأزمة المتصلة بمعالجة الخسائر عبر الهيركات المبطن.
بالنسبة للمصارف، سيكون الأثر الأهم متصلاً بانتفاخ التزاماتها في الميزانية، ما قد يطيح بكل رساميلها ضربة واحدة. لكن بحسب مصادر مطلعة، فإن اللعبة التي يعدّ لها سلامة تكمن في أن لدى المصارف موجودات عقارية سيتم إعادة تخمينها، بالإضافة إلى الأصول الخارجية، ليصبح تسعيرها وفق سعر الصرف الجديد عنصر توازن مع الالتزامات التي ستتضاعف نحو 10 مرّات.
وكان سلامة لفت إلى أنه ابتداء من شباط، «سيصبح لدينا سعران هما الـ15000 وصيرفة، فتوحيد سعر الصرف لا يمكن تحقيقه ضربة واحدة، لذلك ستكون هذه المرحلة الأولى لغاية ما تصبح صيرفة هي من يحدد السعر». وعما إذا كان هذا الإجراء سيؤدي إلى رفع أو خفض سعر الصرف، أشار إلى أن «السوق هو الذي يحدد بحسب العرض والطلب، ولكن مصرف لبنان سيكون بالمرصاد. فمثلاً اليوم هناك بالسوق 70 تريليون ليرة، ونحن بإمكاننا لمّ كل الليرات عندما نقرر، الأسواق تعرف هذا الشيء، وإذا قررنا يمكننا وضع مليار دولار لتجفيف السوق من الليرات». واعتبر أن «سعر الصرف اليوم يعتبَر محرراً، فالعمليات تحصل بأسعار متقلبة وحتى سعر البنزين يتبع سعر السوق. ولكن حتى لو أصبح السعر متقلباً، وممنوع أن نشهد تقلبات كبيرة».
وأشار إلى أن «الإحصاءات الأخيرة في مصرف لبنان، تبيّن أنه سيكون هناك نمو بالاقتصاد اللبناني في العام 2022 بحدود 2%. وحركة الاستيراد ارتفعت وشهدنا حركة اقتصادية في الصيف الماضي، والمشكلة هي في القطاع العام الذي يخلق الثقل على الاقتصاد»، مركّزاً على «أهمية معالجة الوضع في القطاع، في وقت نرى فقط تشديداً على القطاع الخاص وقطاع المصارف، مع تناسي الإصلاحات المطلوبة في القطاع العام». وعن تمويل زيادات رواتب موظفي القطاع العام ثلاثة أضعاف، أكد سلامة أن «هذه مسؤولية الدولة وليس مصرف لبنان، وإذا لجأ المصرف إلى الطبع سيخلق تضخماً أكبر من التضخم الناتج من تراجع سعر صرف الليرة. لذلك، المطلوب خطوات إصلاحية بداية وتأمين مداخيل للدولة لتمويل هذه الزيادات».
إقرأ المزيد في: لبنان
01/11/2024