لبنان
تحريض إسرائيلي على الفيول الإيراني.. وتفاؤل حذِر في ملف ترسيم الحدود
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على الإعلان "غير الرسمي" عن تفاهم مبدئي بين لبنان وإيران على هبة الفيول لإنتاج الطاقة الكهربائية، والذي بدأ "شغل" المتضررين، وخصوصاً الفريق الموالي للسعودية، وفي مقدّمه القوات اللبنانية بالسعي إلى التقليل من الأمر والتشكيك في حصوله، إضافة إلى جهات أخرى فاتحت السعوديين بعدم ترك إيران تتولى ملفات حيوية كهذه، وبضرورة إقناع الأميركيين بأن ذلك سيكون مدخلاً لتوسيع نفوذ طهران في لبنان، على حدّ زعمها.
الأخبار| الفيول المجاني رهن إجراءات رسمية تنتظر ميقاتي: "إسرائيل" وحلفاء السعودية يحرّضون على الهبة الإيرانية
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أنَّه مع الإعلان غير الرسمي عن تفاهم مبدئي بين لبنان وإيران على هبة الفيول لإنتاج الطاقة الكهربائية، بدأ «شغل» المتضررين، وخصوصاً الفريق الموالي للسعودية، وفي مقدّمه القوات اللبنانية التي تسعى إلى التقليل من الأمر والتشكيك في حصوله، إضافة إلى جهات أخرى فاتحت السعوديين بعدم ترك إيران تتولى ملفات حيوية كهذه، وبضرورة إقناع الأميركيين بأن ذلك سيكون مدخلاً لتوسيع نفوذ طهران في لبنان.
هذه المواقف غير المعلنة لبنانياً، عبّر عنها وزير الحرب في كيان العدو بني غانتس الذي حذّر من تداعيات مثل هذه الخطوة في ما قد يكون تمهيداً لبذل جهود تهدف الى تعطيلها. وقال غانتس إن «اعتماد لبنان على الطاقة من إيران يمكن أن يؤدي إلى إقامة قواعد إيرانية على الأراضي اللبنانية وزعزعة الاستقرار الإقليمي»، و«سيدفع المواطنون اللبنانيون الثمن». ورأى أن إيران «تسعى إلى شراء لبنان من خلال توفير الوقود لبناء محطات طاقة».
وفي انتظار استكمال الخطوات الإدارية والسياسية مع عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى بيروت، أسفرت زيارة الوفد التقني اللبناني لطهران عن إعلان إيران تقديم 600 ألف طن من الوقود الإيراني هبة للبنان، علماً أن تعبير «الوقود الإيراني» التبس على البعض، فيما المقصود به الـ«فيول أويل». إذ إن الوفد اللبناني أبلغ مضيفيه بإمكانية تشغيل بعض المعامل لمدّة خمسة أشهر بـ 100 ألف طن «فيول أويل» و500 ألف طن «غاز أويل»، فيما أعطى المسؤولون الإيرانيون موافقتهم على تقديم 600 ألف طن من الـ«فيول أويل». وهذه الكمية قد لا تكون مطابقة بمواصفاتها لأيٍّ من الفئتين (أ) أو (ب) التي تحدّث عنها وزير الطاقة وليد فياض في الكتاب الذي أرسله إلى السفير الإيراني. ويعني ذلك أن على لبنان أن يجري عملية مبادلة لهذه الكمية بأخرى تحمل مواصفات مطابقة للوقود المستعمل في معملَي دير عمار والزهراني. وبالتالي، فإن الحصيلة ستكون حصول لبنان على نصف الكمية أو أقلّ (كما هي الحال مع الفيول العراقي. إذ يمنح العراق لبنان نحو 80 ألف طن شهرياً، تستبدل بـ 30 ألف طن مطابقة للمواصفات).
من هنا، وجد البعض «ثغرة» للتبخيس في العرض الإيراني والتشكيك فيه، علماً أن ما يعرضه الإيرانيون مجاني تماماً. إلا أن هناك، على ما يبدو، من يشعر بأن له باعاً في التسوّل يمكّنه من التشكيك في أصل الهبة وتعقيداتها التقنية. فإيران، بمعزل عن أي أهداف يمكن إسقاطها على الهبة، ستستغني عن كمية لازمة لشعبها على أبواب الشتاء، وستقدّمها للبنان رغم الحصار الأميركي عليها. وبادرة حسن النية هذه قد تكون فاتحة لأعمال أخرى في مجال تطوير شبكات الكهرباء والاستثمار في معامل الإنتاج.
المشكلة الأساسية هنا أن إيران، كأيّ دولة في العالم، تريد أن يتم التعامل معها علناً. وبالتالي فإنّ الهبة ينبغي أن تتخذ شكلاً رسمياً، أي أنها تتطلب توقيع مذكرات تفاهم، وقبولاً رسمياً من الطرفين بها، فضلاً عن التعقيدات المتعلقة بعملية المبادلة. ويفترض أن يحاول لبنان إقناع الإيرانيين بمنح الهبة خالصة من عملية التبادل، حتى لا يقع في فخ الشركة التي ستتولى عملية الاستبدال لجهة السمسرات والعمولات، أو لجهة خشية بعض الشركات من التعامل مع بلد مُعاقَب أميركياً.
الكمية التي سيحصل عليها لبنان، وما ستنتجه من ساعات تغذية، مرتبطة بعوامل متغيرة من بينها سعر الفيول أويل وسعر الغاز أويل في السوق الدولية، فضلاً عن القدرة الإنتاجية للمعامل اللبنانية والقدرة التوزيعية في ظل العرض والطلب. فلو كان الأمر في موسم الصيف في ذروة الطلب الاستهلاكي على الكهرباء، لكان يمكن القول إن متوسط عدد ساعات التغذية التي سيحصل عليها كل مسكن أقل من 6 ساعات يومياً بالاستناد إلى كل عمليات التشغيل بواسطة الوقود الإيراني والعراقي وغيره، أما اليوم في فصل الخريف وفي مطلع الشتاء، فإن الطلب سيكون في أدنى مستوياته وربما يصل معدل التوزيع إلى 8 ساعات تغذية بالكهرباء يومياً.
"إسرائيل": الفيول يمكن أن يؤدّي إلى إقامة قواعد إيرانية على الأراضي اللبنانية!
وبمعزل عن النقاش السياسي، من الواضح، بحسب المعلومات، أن الموافقة اللبنانية لم تأتِ إلا بعد ضوء أخضر أميركي للرئيس ميقاتي يتيح له قبول هبة الفيول الإيراني. لذا، كان هناك إصرار من ميقاتي نفسه على أن يذهب وفد تقني إلى إيران للاتفاق على المواصفات، رغم أن وزير الطاقة كان قد أرسل كتاباً في 28 تموز 2022 إلى سفير إيران في لبنان يبلغه فيه بحاجات لبنان الشاملة وبمواصفات كل نوع من الوقود الأحفوري المستعمل في معامل إنتاج الكهرباء.
وجاء في الكتاب أن معدل كميات الاستهلاك السنوية من كل نوع ومواصفاته هي على الشكل الآتي:
- الفيول أويل الثقيل فئة (أ): مليون طن سنوياً.
- الفيول أويل الثقيل فئة (ب): 0.45 مليون طن سنوياً.
- غاز أويل: 1.35 مليون طن سنوياً.
- الغاز الطبيعي 1.5 مليون متر مكعب.
ويضيف الكتاب: «جاءت هذه الأرقام بناءً على معدل استهلاك الطاقة في الأعوام المنصرمة وفي حال رغبتكم في الحصول على معلومات إضافية، إبلاغنا بمضمون أسئلتكم ليصار إلى الإجابة عنها في أسرع وقت ممكن». والكتاب مرفق بجداول مفصّلة عن الكميات والمواصفات.
وبقي الأمر نائماً حتى أعلن ميقاتي موافقته على إرسال الوفد التقني إلى إيران مطلع الشهر الجاري. وفي 7 أيلول، أصدر فياض قراراً بتشكيل الوفد وأبلغ السفارة الإيرانية في لبنان بالأسماء.
البناء: ازدياد التفاؤل اللبنانيّ بمسار الترسيم بعد لقاءات ميقاتي – بلينكن وبو صعب – هوكشتاين
من جهتها أشارت صحيفة "البناء" إلى لقاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، على هامش الجمعية العامة في نيويورك، وكانت سبقته لقاءات جمعت نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب مع المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين، الذي حضر لقاء ميقاتي بلينكن، وقالت مصادر تابعت اللقاءات إن لبنان سيتسلم مسودة الاتفاق خلال الأسبوع المقبل، وإن تقدماً بارزاً سجل على طريق التوصل الى الاتفاق النهائي.
لا تزال الأجواء الإيجابيّة تظلّل المشهد الداخلي، في ضوء الموجات التفاؤليّة الآتية بالتوالي من نيويورك الى بيروت، على صعيد ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، إذ حصل شبه إجماع في لبنان ولدى الاحتلال الإسرائيليّ على تذليل العقد التقنيّة والأمنيّة والاقتراب من توقيع اتفاق الترسيم خلال أيام أو أسابيع قليلة وقبل الانتخابات الإسرائيلية، بموازاة ترقّب داخليّ لعودة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في 26 الحالي، وفق معلومات «البناء» لاستئناف المشاورات بالملف الحكومي، والتي توقعت تأليف حكومة نهاية الشهر الجاري أو مطلع الشهر المقبل.
وخيم التفاؤل الحذر على المرجعيات الرئاسية التي تؤكد مصادرها لـ»البناء» أن المفاوضات مع الموفد الأميركي عاموس هوكشتاين تقدمت خلال اليومين الماضيين في نيويورك وتمكنت من إيجاد الحل للعقد الأخيرة لا سيما خط الطفافات الذي تعتبره «إسرائيل» شريطاً أمنياً لحماية المناطق المحتلة المحاذية للحدود اللبنانية لا سيما تلك الواقعة على الساحل الفلسطيني، وبالتالي الكرة في ملعب المبعوث الأميركي لصياغة مسودة اتفاق لعرضه على الطرفين على طاولة الناقورة لتنقيحه وإدخال بعض التعديلات ثم اقراره في وقت قريب.
وتوضح أن طرح هوكشتاين يتضمن جعل المنطقة الفاصلة بين الخط 23 وخط هوف منطقة أمنية فاصلة برعاية الأمم المتحدة وأن لا تكون منصة تنقيب واستخراج نظراً لموقعها الحساس على الساحة الفلسطينية وكاشفة للمواقع الإسرائيلية المتقدمة الأمنية والسياحية. لكن هذه النقطة لم تحل كاملة بل هناك بعض التحفظات والضمانات التي يطلبها لبنان لا سيما تأثير هذا الخط الأمني على ترسيم الحدود البحرية والبرية معاً، وتحديداً وضعية النقطة B1 ورأس الناقورة.
وأشارت مصادر سياسية لـ»البناء» الى أن موقف الدولة الموحد وسلاح المقاومة وتهديدات السيد حسن نصرالله هي التي أجبرت «إسرائيل» على التراجع وتقديم التنازلات أولاً بتأجيل الاستخراج الى تشرين الثاني، وثانياً التعهد بتوقيع الترسيم قبل الانتخابات الإسرائيلية، وثالثاً منع العدو من الاعتداء على لبنان، وبالتالي حماية الثروة اللبنانية من السرقة والقرصنة الإسرائيلية وحماية حقوق لبنان وتثبيتها لاحقاً باتفاق برعاية أميركية والأمم المتحدة.
وتكشف المصادر أنه «لو لم يعد هوكشتاين الى بيروت وبطروحات وأجواء ايجابية لكان لبنان بصدد توقيع المرسوم 4633 وارساله الى الأمم المتحدة واعتماد الخط 29 رسمياً كحدود لبنان». وتوضح أن «"إسرائيل" استغلت الخطأ الذي ارتكبته اللجنة التفاوضية التي ذهبت الى قبرص في العام 2007 ورسمت الخط 1 وكانت مؤامرة قبرصية - إسرائيلية على لبنان، كما تستغل الآن الأوضاع الاقتصادية الصعبة في لبنان لفرض تنازلات عليه بملف الترسيم».
وعلمت «البناء» أن الفرنسيين أبلغوا مسؤولين لبنانيين أن فرنسا سيكون لها دور أساسي ومحوري في استثمار النفط والغاز في لبنان عبر شركاتها لا سيما توتال وذلك بعد توقيع اتفاق الترسيم».
ونقلت وسائل إعلام محلية عن جهات متابعة لحركة الموفد الأميركي أن «الأخير أصبحت لديه صورة كاملة وموثقة عن المطالب اللبنانية، والحديث اليوم يتمحور حول مسار المنطقة الآمنة التي تطالب بها «إسرائيل» والتي تقدر بـ3 كلم، الا أن هناك خشية من أن تؤدي هذه المطالبة الإسرائيلية لخلاف خصوصاً حول منطقة رأس الناقورة«. واشارت الى أن «هوكشتاين عقد اجتماعين مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب وآخر مع ميقاتي، وأكثر من اجتماع مع الجانب الإسرائيلي».
وأضافت: «إذا كان الرد الإسرائيلي على المقترح اللبناني إيجابياً، فقد يتم التوقيع على اتفاق الترسيم خلال أيام، ومتفائلون بذلك، لأن الإسرائيليين أكثر إلحاحاً للاستخراج نظراً لحاجتهم الى المزيد من البيع، وهم يدركون أن حزب الله يستطيع عرقلة مخططاتهم».
وواصل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي جولة لقاءاته في نيويورك، فبعد لقائه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، التقى أمس وزير خارجية الولايات المتحدة الاميركية انتوني بلينكن، بحضور وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب، ووكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، والمبعوث الاميركي هوكشتاين. ووصف بلينكن اللقاء بالمثمر، وتمّت مناقشة الحاجة الى إجراء انتخابات رئاسية في الوقت المناسب وضرورة تنفيذ الإصلاحات لدعم الشعب اللبناني. وشدّد بلينكن على أن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع لبنان من أجل تحقيق السلام والازدهار، "على حدّ قوله".
وأوضح ميقاتي من جهته أنه جرى بحث مجمل الملفات وتم التشديد بشكل خاص على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية، كما أنه تمنى دعم لبنان من كل من هو قادر على ذلك. وقال ميقاتي: «تطرقنا الى المواضيع المتعلقة بالنازحين السوريين والاتفاق مع صندوق النقد الدولي والكهرباء، وبشكل خاص الملف التربوي، ونحن على أبواب عام دراسي جديد. لمسنا كل تجاوب». وكشف أن ملف ترسيم الحدود البحرية يشهد تقدماً كبيراً.
وكشفت مطلعون على اللقاء وفق مصادر اعلامية أن «بلينكن شدد على الحاجة الملحة لاتفاق بحري والإدارة الأميركية ستواصل التعاون مع لبنان من أجل استقرار المنطقة».
وردّ المطلعون على سؤال حول مقصد بلينكن بضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية بالوقت المناسب، أجابوا: «بلينكن يقصد أن تتم الانتخابات بالمواعيد الدستورية، وبالتالي فهناك تطابق بالرأيين الأميركي والفرنسي حول أهمية الالتزام بالمواعيد الدستورية لانتخابات الرئاسة».
وعلمت «البناء» أن «لقاء ماكرون والرئيس الإيراني استمر ساعة و30 دقيقة، ساعة و25 دقيقة بحث بمفاوضات جنيف والتعقيدات القائمة أمام توقيع الاتفاق لكون هذا الملف أولوية فرنسية ويسمح لها بإحياء استثماراتها الكبيرة في إيران، كما بحث الرئيسان بخمس دقائق الملف اللبناني».
وتحول اتفاق الترسيم الى نقطة خلاف أساسية في الداخل الإسرائيلي لا سيما بين رئيس وزراء الاحتلال يائير لابيد، ورئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو الذي اتهم لابيد بـ»الاستسلام لحزب الله». واعتبر لابيد أن هذا «يضر بمفاوضات «إسرائيل» وبأمننا ومصالحنا الدبلوماسية والاقتصادية».
ولفت إلى «أننا في مفاوضات معقدة للغاية ومتقدمة، وأعطيت فرق التفاوض لدينا تعاليم واضحة للغاية حيث تكون مطالبنا الأمنية والدبلوماسية والاقتصادية محفوظة، بالتنسيق مع وزير الدفاع. إذا حصلنا على هذا مع حماية هذه التعاليم فهذا جيد، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فإن "إسرائيل" قوية وتعرف كيف تدافع عن نفسها»، وأردف: «أنني ما زلت أستخدم عبارة (تفاؤل حذر)».
من جهتها، كشفت المستشارة القانونية لحكومة الاحتلال غالي باهارف ميارا، بحسب ما نقلت صحيفة «هآرتس« العبرية، أنها «ستدافع أمام المحكمة العليا عن اتفاقية تنظيم الحدود البحرية لـ»إسرائيل» مع لبنان ولن تخضع لقانون أساسي ألا وهو الاستفتاء».
وأفادت الصحيفة نقلاً عن مسؤول سياسي رفيع، بأن «هذا يعني أن الاتفاق لن يعرض للجمهور إلا بعد الموافقة عليه»، ولفت إلى أن «مجلس الوزراء السياسي والأمني سيكون مطالباً بالموافقة على الاتفاق، وأنه لن يعرض على الكنيست للمصادقة عليها قبل التوقيع عليه».
كما نقلت «هآرتس»، عن سياسي بارز آخر، أنه «يمكن للمحكمة أن تتبنى موقف الحكومة الإسرائيلية، والذي بموجبه يُسمح لحكومة انتقالية بالتوقيع على الاتفاقية»، وأضاف أنه «ليست هناك حاجة لإجراء استفتاء، ولكن يمكن للقضاة أيضًا أن يقرروا خلاف ذلك.. سؤال معقد».
وفي غضون ذلك سجلت المفاوضات على صعيد هبة الفيول الإيراني تقدماً اضافياً وفق معلومات «البناء» باتجاه توقيع اتفاق بين الحكومتين اللبنانية والإيرانية لتزويد لبنان بالطاقة وفق ما يطلبه لبنان والعرض المقدّم، الاتفاق ينتظر عودة ميقاتي الى بيروت.
الا أن هذا التطور لاقى غضب العدو الإسرائيلي الذي يريد إبقاء لبنان يغرق بأزماته الكهربائية والاقتصادية والمالية، فعمل على تحريض اللبنانيين على إيران وإطلاق رسائل التهديدات للغرب لتعطيل أي تعاون لبناني – إيراني في الطاقة. فقد زعم وزير الدفاع في حكومة الاحتلال بيني غانتس، في تصريحات نقلتها صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن «إيران تحاول من خلال حزب الله، شراء لبنان من خلال توفير الوقود وبناء محطات الطاقة، وقد يؤدي اعتماد لبنان في مجال الطاقة على إيران إلى إقامة قواعد إيرانية على الأراضي اللبنانية، وزعزعة الاستقرار في المنطقة، والمواطنون اللبنانيون سيدفعون الثمن على غرار السوريين».
على صعيد آخر، وفيما سجل سعر صرف الدولار ارتفاعاً طفيفاً بعد مسلسل انهياره أمس الأول، وبعد اليوم الثاني على اضراب المصارف، أعلنت جمعية المصارف في بيان الى أن «المصارف ستُبقي أبوابها مغلقة قسرياً في الوقت الحاضر خاصة في ظل غياب أية إجراءات أو حتى تطمينات من قبل الدولة والجهات الأمنية كافة بهدف تأمين مناخ آمن للعمل».
وتخوّف مصدر سياسيّ وأمنيّ عبر «البناء» من التداعيات الاجتماعية والأمنية لصعود وهبوط الدولار التي تتحكم به «مافيات» كبيرة مغطاة من نافذين في الدولة، يتلاعبون بالعملة الوطنية لتحقيق أرباح وبالوقت نفسه استخدام الدولار الى سلاح سياسي بالصراع الداخلي وللضغط الخارجي.
وواصلت بعثة صندوق النقد الدولي برئاسة السيد ارنستو راميرز، جولتها على المسؤولين، فعرضت مع رئيس الجمهورية ميشال عون الاتفاق بين الصندوق والحكومة، وأعلن عون أنه «كان ينتظر تحقيق العديد من الإجراءات الإصلاحية المتفق عليها مع صندوق النقد، الا ان عراقيل عدة برزت من عدد من الأطراف في الداخل أخّرت تحقيق ما كان مطلوباً».
بدورها، لفتت بعثة الصندوق الى أن «اقتصاد لبنان ما زال يعاني من ضغط شديد بسبب الجمود المستمر في الإصلاحات المطلوبة»، مشيراً الى أن «استكمال الإجراءات المسبقة أمر مطلوب لكي يدرس الصندوق طلب لبنان الحصول على برنامج مالي». وشدد الصندوق على أنه «يجب الاعتراف بالخسائر الكبيرة في القطاع المصرفي اللبناني ومعالجتها مقدماً، ويجب حماية صغار المودعين في لبنان بشكل كامل».
النهار: واشنطن تستعجل اتّفاق الترسيم وأزمة المصارف تتفاقم
بدورها كتبت صحيفة "النهار": تحت اعين بعثة صندوق النقد الدولي الزائرة والفاحصة والتي لم تخف اطلاقا شهاداتها وتقاريرها وتقويماتها السلبية لمجمل أداء السلطة اللبنانية حيال الانهيار والقصور في الإصلاحات، اندلعت “معركة” تجاذبات وتعقيدات إضافية هذه المرة بين وزارة الداخلية وجمعية مصارف لبنان، أدت الى تطويل امد اقفال المصارف واضرابها المفتوح الى موعد غير محدد. فقد رفضت وزارة الداخلية وضع خطة امنية خاصة بحماية المصارف، فردت هذه بتمديد الاقفال بلا موعد وبدت الازمة متجهة الى افق تصعيدي بما يسحب “التشويق” عن ملفات وازمات أخرى متناسلة.
ولعل اللافت ان وقائع الازمات المتصلة بالملفات المالية والاجتماعية بدت كأنها تعرضت لتسخين حاد إضافي في هذه الفترة التي تشهد تصاعد الكلام عن تعويم الحكومة الحالية كأسرع الحلول العاجلة لبت الاستحقاق الحكومي قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون وتحسبًا للشغور الرئاسي. كما تطغى تداعيات الازمات على المعطيات المتنامية البارزة حيال التبشير بإمكان التوصل في وقت قريب جدا الى اتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و"إسرائيل" بوساطة أميركية، بما يؤكد المعطيات التي تتوافر لدى المسؤولين اللبنانيين من ان واشنطن وضعت ملف الترسيم في مقدم أولوياتها الخارجية في هذه الفترة استباقا حتى للانتخابات العامة في "إسرائيل" والانتخابات الرئاسية في لبنان خلافا لكل الانطباعات السابقة الأخرى. وبرز ذلك في أي حال في الاجتماع الذي عقده رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي فجر الاربعاء بتوقيت بيروت مع وزير خارجية الولايات المتحدة انتوني بلينكن في نيويورك والذي حضره عن الجانب الاميركي وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، والموفد الاميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية عاموس هوكشتاين. فقد أفادت المعلومات بان الجانب الأميركي يدفع قدما وعلى قدم المساواة بإنجاز التفاهمات للتوصل الى اتفاق لبناني – إسرائيلي حول الترسيم بضمانات أميركية واممية كما يحض على انجاز الاستحقاق الرئاسي ضمن مواعيده الدستورية.
وأكد بلينكن أنه “عقد لقاء مثمرا مع الرئيس ميقاتي وتمت مناقشة الحاجة الى اجراء انتخابات رئاسية في الوقت المناسب وضرورة تنفيذ الإصلاحات لدعم الشعب اللبناني. وشدّد بلينكن على أن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع لبنان من أجل تحقيق السلام والازدهار” . وأوضح الرئيس ميقاتي من جهته أنه جرى بحث مجمل الملفات وتم التشديد بشكل خاص على ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية، كما أنه تمنى دعم لبنان من كل من هو قادر على ذلك.وقال ميقاتي “تطرقنا الى المواضيع المتعلقة بالنازحين السوريين والاتفاق مع صندوق النقد الدولي والكهرباء، وبشكل خاص الملف التربوي. لمسنا كل تجاوب”. وكشف أن ملف ترسيم الحدود البحرية “يشهد تقدما كبيرا”. يشار الى ان ميقاتي عقد لقاءات أخرى عدة امس كان ابرزها مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي كما شارك في لقاء حواري عن الامن الغذائي في العالم بدعوة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والقى كلمة في المناسبة.
صندوق النقد
ووسط ذلك لم تغب معالم تصفيات الحسابات الداخلية التي يتبعها العهد في اخر اسابيعه لغسل تبعته عن الانهيار في لقاءاته الديبلوماسية. وتبعا لشعاره “ما خلونا” الذي يكرره في كل مناسبة اعتبر رئيس الجمهورية في لقائه امس مع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي ارنستو راميرز ووفد من البعثة انه “كان ينتظر تحقيق العديد من الإجراءات الإصلاحية المتفق عليها مع صندوق النقد، الا ان عراقيل عدة برزت من عدد من الأطراف في الداخل اخّرت تحقيق ما كان مطلوباً والذي يشكل بداية لعملية النهوض الاقتصادي في البلاد، لا بل ان هذه العراقيل عمقت نسبة التراجع في الوضع الاقتصادي”.
واعلن صندوق النقد الدولي في بيان في ختام زيارة فريق من خبرائه إلى لبنان، ان “تقدم السلطات اللبنانية في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة للإفراج عن أموال إغاثة من الصندوق ما زال بطيئا للغاية”. وقال الصندوق:”على الرغم من الحاجة الماسة لاتخاذ إجراءات تعالج الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العميقة في لبنان، فإن التقدم في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها بموجب اتفاق نيسان على مستوى الخبراء، ما زال بطيئا للغاية”
وهذا أول تقييم علني من صندوق النقد الدولي لأداء لبنان في تنفيذ الإصلاحات، التي تشمل قوانين بشأن الضوابط على رأس المال والسرية المصرفية وموازنة عام 2022.
واتفق لبنان مع صندوق النقد الدولي على تنفيذ قائمة من عشرة إصلاحات كي يحصل على ثلاثة مليارات دولار للحد من انهياره المالي، الذي أدى إلى سقوط ثمانية من كل عشرة أشخاص في براثن الفقر.
وجاء في بيان الصندوق أيضا أن “خطة التعافي المالي للبنان يجب أن تحترم التسلسل الهرمي المعترف به دوليا للمطالبات، إذ تتلقى الدولة والمودعون حماية أكبر من القطاع الخاص”. وقال: “إنه يجب حماية صغار المودعين في لبنان بشكل كامل والحد من اللجوء إلى الموارد العامة”.
أزمة المصارف
وفيما بقي الوضع الاقتصادي والمالي والمصرفي في الواجهة اتخذت ازمة المصارف وجهة جديدة اذ اعلنت جمعية المصارف انه “بنتيجة الإتصالات المكثفة التي أجرتها الجمعية مع الجهات المعنية ولان المخاطر ما زالت محدقة بموظفي المصارف وزبائنها المتواجدين داخل الفروع، وفي ظل استمرار الجو التحريضي الذي يقف وراء هذه المخاطر والتهديدات، فان المصارف ستُبقي أبوابها مغلقة قسرا في الوقت الحاضر خاصة في ظل غياب أية إجراءات أو حتى تطمينات من قبل الدولة والجهات الأمنية كافة بهدف تأمين مناخ آمن للعمل”.
وجاء ذلك عقب نفي وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي في حديث لـ”النهار” بشكل قاطع “أن تكون الوزارة أو الأجهزة طلبت من المصارف الاستمرار في الإضراب أو نصحتها بذلك”، موضحاً أنه على “المصارف حماية مؤسساتها وموظفيها والمودعين وحقوقهم، بينما يكون على الدولة حماية النظام العام في البلاد وليس مؤسسات خاصة في وجه باقي المواطنين”. ودعا مولوي المصارف الى فتح أبوابها وتعزيز وسائل الحماية لديها ومنع الاكتظاظ بين الموجودين فيها وتحمّل مسؤولياتها. واكد أنه ليس مع إضراب المصارف أو إضراب الموظفين لأن ذلك “سيؤدي الى تعميق الأزمة وزيادة البلبلة ومضاعفة الضغط على المواطنين”.
وفي المسار القضائي لهذه الازمة صدر امس قرار عن قاضي التحقيق في بيروت القاضي شربل أبو سمرا في قضية اقتحام “بلوم بنك” – فرع السوديكو بترك الموقوفين عبد الرحمن زكريا ومحمد رستم بكفالة مالية مع منع السفر لستّة أشهر، والإبقاء على عبدالرحمن زكريا وإحالته على المحكمة العسكرية لوجود مذكرات توقيف بحقّه سابقاً. ونفذ عدد من الناشطين وأهالي وأصدقاء الموقوفين محمد رستم وعبد الرحمن زكريا، اعتصاما أمام قصر العدل في بيروت، للمطالبة بتخلية سبيلهما. ولم يؤد قرار تخلية سبيلهما الذي أصدره قاضي التحقيق الأول لقاء كفالة مالية قدرها خمسة ملايين ليرة عن كل منهما، الى فض الاعتصام بسبب إحالة الموقوف زكريا على المحكمة العسكرية لوجود مذكرة توقيف غيابية بحقه، وقد حصل تدافع من الناشطين ومحاولة للاقتراب من مدخل قصر العدل، الا أن القوى الأمنية منعتهم. كما حصل تلاسن بين ناشطين ووكيل بنك “لبنان والمهجر” لدى دخول الأخير الى قصر العدل. وبعد الظهر تم اخلاء سبيل الموقوفين بعد دفع الكفالات.
وفي تطور قضائي اخر عدل مجلس القضاء الاعلى عن تعيين محقق عدلي إضافي في ملف إنفجار المرفأ، وهو كان قد إجتمع اول من أمس للبحث في هذا الموضوع من دون التوصّل إلى نتيجة بسبب وجود تباين في وجهات النظر. ووفق معلومات من مصادر قضائية، فإن إختلافاً في الرأي حصل لجهة إختيار القاضي الرديف، ما إستتبع رفع الجلسة من قبل رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود.
وتضيف المصادر أن “حل هذه المسألة يكون عبر التوقيع على التشكيلات القضائية من وزيري العدل والمال ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، أو في حال عدم التوقيع على هذا المرسوم كما يفترض وفي أسرع وقت من الممكن حينها تشكيل الهيئة العامة لمحكمة التمييز من رؤساء الغرف الأصيلين والمنتدبين”.
مصرف لبنانالكهرباءالمصارفالحكومة اللبنانيةصندوق النقد الدوليترسيم حدود لبنانالحدود البحرية اللبنانيةالفيولعاموس هوكشتاينحقل كاريش