لبنان
سفن الفيول الإيراني جاهزة خلال أيام للإبحار إلى لبنان.. وطبخة الحكومة تنضج قريبًا
اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت بأجواء التفاؤل الحكومية التي باتت على بعد أيام قليلة من مرحلة نضوج الطبخة بانتظار عودة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي إلى البلاد، وسط لقاءات ومحاولات على أكثر من جانب لتفكيك العقد المتبقية أمام الولادة الحكومية المرتقبة.
وفي موضوع ترسيم الحدود بين لبنان والعدو الصهيوني، كان بارزا كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس أن المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية باتت في مراحلها الأخيرة، والذي جاء خلال استقباله المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا فرونتسكا في بعبدا.
"الأخبار": طبخة الحكومة تنتظر عودة ميقاتي
فيما يتواصل السجال السياسي حول مصير الحكومة والبحث في الاستحقاق الرئاسي، كان لبنان أمس على موعد أولي مع فرصة كسر العتمة الشاملة. إذ عادَ موضوع الهبة الإيرانية من الفيول إلى الواجهة، مع إجراء الوفد اللبناني التقني الموجود في طهران محادثات «ناجحة» مع المسؤولين الإيرانيين، سيعد بنتيجتها تقريراً لوزير الطاقة وليد فياض فور عودة الوفد إلى بيروت غدا.
وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، أمس، أن «مسألة إرسال وقود مجاني إلى لبنان لم تطرح»، فيما لفت إلى أن «طهران تحاول مساعدة بيروت على حل مشكلاتها الاقتصادية». وكالعادة، استخدم كلام كنعاني للتصويب على الهبة باعتبار أن «الكلام عنها كذبة وغير صحيح»، قبلَ أن تعلن السفارة الإيرانية في بيروت أن «السفن المحمّلة بالفيول الإيراني ستكون جاهزة خلال أسبوع أو أسبوعين للإبحار إلى لبنان والرسو في الميناء الذي يحدّده الجانب اللبناني». وفي كلام لقناة «المنار» أشارت مصادر السفارة إلى أن الوفد اللبناني الموجود في إيران يجري محادثات مع وزارتي الطاقة والنفط الإيرانيتين حول ثلاثة مواضيع هي: مساعدة لبنان في مجال الفيول وفق الاتفاق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الطاقة والمياه وليد فياض، إصلاح شبكة الكهرباء وبناء معامل لتوليد الطاقة الكهربائية.
وأكّدت مصادر مطلعة لـ «الأخبار» أن «الجانب الإيراني أكد جاهزيته لإرسال باخرة من الفيول أويل، لكن يحتاج إلى عملية استبدال كما يحصل مع الفيول العراقي ليوافق المواصفات اللبنانية». وفي ما يتعلق بالمعامل، قالت المصادر إن «وفد وزارة الطاقة غير مختص بالمعامل بل بالمشتقات النفطية»، و«إذا كانت الحكومة اللبنانية جدية فعلاً وصادقة النية فإن الأمور تسير باتجاه إيجابي».
الملف الحكومي
في غضون ذلك لم يُبدّد الارتياح الناجِم عن «تبريد» الأجواء الحكومية المخاوِف من عرقلة تشكيلها مُجدداً. علماً أن ورشة تذليل التعقيدات التي كانت تعترض تعويم الحكومة المستقيلة لا تزال مستمرة، وقد رست أخيراً على تراجع الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي عن سقوفهما وفقَ قاعدة «إبقاء الحكومة الحالية مع إجراء تعديلات تطاول عدداً من الوزراء فيها، سني وشيعي ودرزي ومسيحي». وإذا كانَ ثبات رئيس الجمهورية على موقفه من «حقه في تسمية الوزيرين الدرزي والسني بدلاً من وزير المهجرين عصام شرف الدين ووزير الاقتصاد أمين سلام» قد يعكِس صعوبة ما زالت تعتِرض بلوغ مرحلة الإعلان عن ولادة حكومة جديدة، أشارت مصادر مطلعة إلى أن «ميقاتي في الأسبوعين الأخيرين صارَ مقتنعاً بأن عناده سيكون أكثر كلفة من تشكيل حكومة تكون لرئيس الجمهورية وفريقه حصة وازنة فيها». إذ في اللحظة التي تترافق فيها عملية خلط الأوراق في ما يتعلق بالأسماء والمواصفات، فإن الجميع ينصَت إلى الفراغ الدستوري في حال فشل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مؤكدة له أنه «في هذه الحالة لن يواجه عون والتيار الوطني الحر وحدهما بل سيضع نفسه في وجه كل المرجعيات المسيحية، الدينية منها والسياسية، لأن أحداً منها لن يقبَل بأن تستولي حكومة تصريف الأعمال على صلاحيات رئيس الجمهورية وسيكون هو في وضع حرِج».
وقالت المصادر إن «اليومين الماضيين لم يحمِلا جديداً على صعيد التسمية، في وقت تراجع فيه اسم الوزير السابق صالح الغريب باعتبار أنه لا يجوز تعيين شخصية استفزازية لرئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، رغم الرسالة التي حملها الوزير وائل أبو فاعور لميقاتي بأن جنبلاط لن يتدخل في التسمية، «لكن لا يُمكن إلا مراعاة جنبلاط بينما لا تزال قضية قبرشمون مفتوحة». وأضافت المصادر أن «الرئيس عون لم يكشف بعد عن الأسماء التي يريدها وأنه في انتظار عودة رئيس الحكومة من الخارج».
البخاري أبلغ جنبلاط رفض الرياض رئيساً من 8 آذار أو مقرباً من حزب الله
من جهة أخرى، وفي إشارة واضحة إلى «عودة» الرياض إلى لبنان من بوابة الاستحقاق الرئاسي، زار السفير السعودي في بيروت وليد البخاري كليمنصو حيث التقى جنبلاط للبحث معه في الملف الرئاسي. وتأتي هذه الزيارة بعدما كُشف عن لقاءات في باريس ضمّت المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا والبخاري ومستشار الرئاسة الفرنسية السفير باتريك دوريل ومسؤولين فرنسيين آخرين للبحث في الاستحقاق اللبناني. وقالت مصادر اللقاء إن «البخاري وضع جنبلاط في جو هذه اللقاءات وأبلغه الموقف السعودي من الاستحقاق، ورفض الرياض أن يكون رئيس الجمهورية المقبل من فريق 8 آذار أو مقرباً من حزب الله».
في سياق آخر، وفيما يعيش قصر «العدل» غلياناً قضائياً وشعبياً بفعل اعتكاف القضاة وتحركات الأهالي (أهالي الضحايا والموقوفين في انفجار مرفأ بيروت، وأهالي الموقوفين في قضية اقتحام المصارف) علمت «الأخبار» أن رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبّود أجّل الجلسة التي كانَ من المقرر عقدها أمس للبت في اسم القاضي الرديف للمحقق العدلي في القضية القاضي طارق البيطار. ووفقَ مصادر «العدلية» فإن الجلسة ستُعقد اليوم في حال لم يُعمَد إلى تأجيلها مرة جديدة تهرباً من تنفيذ القرار، كاشفة أنه «اجتمع قبل يومين، بناء على طلب منه، مع بعض أهالي الضحايا المعروفين بانتمائهم الحزبي».
"البناء": سفن الفيول الإيرانيّ للإقلاع الى لبنان
بعد محاولات الترويج لتراجع إيران عن هبة الفيول الإيراني، بترجمة مشوّهة لكلام الناطق بلسان الخارجيّة الإيرانية عن عدم طرح قضية الهبة للنقاش مع الوفد اللبناني نظراً لطبيعته التقنية، أدار السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني سلسلة اتصالات مع طهران أفضت الى إعلانه ان السفن الايرانية جاهزة للانطلاق نحو لبنان خلال أسبوع أو أسبوعين، بينما تنتظر طهران التوافق على الشؤون غير التقنية مع رئيس الحكومة ووزير الطاقة بعد عودة الوفد التقني من طهران، واطلاع المسؤولين اللبنانيين على تقريره من جهة، وعودة رئيس الحكومة من زيارة نيويورك ومشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، بينما نقلت مصادر إعلامية عن الوفد التقني الذي يزور طهران منذ ثلاثة أيام ذهوله بتنوّع الخيارات والإمكانات المتاحة لدى الإيرانيين، سواء لجهة الوقود اللازم لتشغيل معامل الكهرباء، أو لجهة القدرة على توفير ما يكفي لتأمين الكهرباء لكل لبنان في يوم واحد، كما قال أحد أعضاء الوفد، عبر خطة تدمج نقل معامل صغيرة مؤقتة قابلة للتشغيل الفوريّ، تؤمن حاجة لبنان من الطاقة ريثما يتم الانتهاء بالتتابع من بناء المعامل الكبرى، وتصحيح وضع شبكات النقل ومحطات التحويل وتعزيزها، مع تأمين الوقود اللازم لتشغيل المعامل. وتقول مصادر سبق واطلعت على العروض الإيرانية التي تمّ تقديمها الى لبنان، أن إيران أبدت الاستعداد مراراً لربط هذا المشروع الشامل بتسهيلات مالية تطال طريقة الدفع، وشكل التعاقد، حيث لا مانع من أن تدفع الدولة اللبنانية بالليرات اللبنانية ثمن الطاقة المنتجة وفق تعرفة يتم تقديرها بما يقارب سعر الكلفة، ويتضمن أخذ قدرة الدولة الراهنة بالاعتبار، ويتضمن بعض الهبات، التي منها كميات الفيول التي فتح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الطريق لتأمينها.
في الشأن السياسي اللبناني، تقدّم الحديث عن تشكيل الحكومة، رغم غياب الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، لوجوده في لندن مشاركاً بمأتم الملكة البريطانية اليزابيث الثانية، وهو في طريقه إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعنوان الحديث التفاؤل بتقدّم خيار تشكيل الحكومة على الفراغ، مع احتمال مرجّح لعدم إمكان انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، ما يعرّض لبنان لفوضى دستوريّة في ظل الانقسام حول أهليّة حكومة تصريف الأعمال لتولي صلاحيات رئيس الجمهورية، وما سينجم عن ذلك من تذرّع أميركي إسرائيلي بتعطيل مفاوضات الترسيم البحريّ وإسقاط لقدرة المقاومة على فرض معادلاتها، طالما أن الجانب الإسرائيلي يؤكد جاهزيته للاتفاق وأنه ليس مسؤولاً عن التعطيل، وفي حضور هذه المخاطر يبدو أن خيار الحرب حول حقول الغاز صار على موعد مع الشهر المقبل ما لم يتم التوصل لتفاهم نهائي قبل نهاية عهد الرئيس ميشال عون، وحيث يبدو أن تشكيل حكومة جديدة تشكل مرجعية دستورية مؤهلة لمتابعة التفاوض حول الترسيم إذا تأخر لما بعد نهاية الولاية الرئاسية، بضعة أيام أو اسابيع قليلة، ويبقى خيار المقاومة بفرض معادلاتها قائماً إذا فشل التفاوض بوجود حكومة كاملة الصفات الدستورية، ووفقاً لمصادر تتابع الملف الحكوميّ يبدو أن التوافق قد حسم على حكومة من 24 وزيراً تعتمد الحكومة الحالية كأساس لتشكيلها، وتربط تغيير أي وزير بطلب مرجعيّته أو إذا رغب أحد الرئيسين بتغييره بشرط موافقة المرجعية التي قامت بتسميته.
ولا تزال السحب السوداء تظلل المشهد الداخلي في ظل ارتفاع حدة الخلافات السياسية، وتسارع وتيرة الانهيارات الاقتصادية والاجتماعية والنقدية، وتفاقم الأزمات المتعدّدة وارتفاع سعر صرف الدولار الى معدلات قياسيّة منذ بدء الأزمة، واستمرار إقفال المصارف بالتزامن مع انطلاق شد الحبال السياسية حول الاستحقاقات الدستورية لا سيما رئاسة الجمهوريّة فضلاً عن ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية.
وفي ظل هذا المشهد السوداويّ برز بصيص أمل من النافذة الحكومية، حيث حملت وقائع مشاورات الايام القليلة الماضية أجواء تفاؤلية حذرة بقرب تأليف حكومة جديدة بعدما تمكنت المفاوضات غير المباشرة على خط بعبدا – السراي الحكومي من تجسير الهوة بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، وفق مصادر معلومات «البناء» والتي كشفت أن الحل يقضي بتنازل الطرفين عن شروطهما، الأول تراجعه عن طرح توسيع الحكومة الى 30 وزيراً بإضافة ستة وزراء دولة، مقابل تنازل ميقاتي على مطلبه تعديل وزراء محسوبين على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر. وبحصيلة المشاورات وفق المعلومات فقد اقتصر التعديل على 4 وزراء ينتمون الى قوى عدة: وزيرة الدولة نجلى رياشي المحسوبة على رئيس الجمهورية، وزير المالية يوسف خليل المحسوب على حركة أمل والرئيس نبيه بري حيث سيجري استبداله بالنائب السابق ياسين جابر، علماً أن مصادر مقربة من عين التينة أشارت لـ»البناء» الى أن الأمر غير محسوم لا سيما وأنه كما جرت ودرجت العادة أن الرئيس بري لا يفصح عن أسماء وزرائه إلا بالوقت المناسب وقبل صدور مراسيم تأليف الحكومة بدقائق.
كما وتغيير وزير المهجرين عصام شرف الدين المحسوب على الحزب الديموقراطي اللبناني، على أن يجري تعيين بديل له بالتنسيق بين الديمقراطي ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط وتمّ التداول باسم الوزير السابق صالح الغريب لكن قوبل بتحفظ الاشتراكي، أما وزير الاقتصاد أمين سلام فحصل لقاء جمعه بالرئيس ميقاتي وحصل توافق على إبقائه في منصبه شرط موافقة تكتل عكار النيابي عليه.
وعلمت «البناء» أن ميقاتي متمسك بتغيير الوزير شرف الدين لأسباب عدة أبرزها مواقفه التي صوبت مراراً على رئيس الحكومة، كما تمسك ميقاتي بأي آلية أو صيغة لتمثيل تكتل عكار لكونه سمى ميقاتي لتشكيل الحكومة أولاً ونظراً لعدم تمثله في الحكومة الحالية ثانياً.
وأفيد أن اللقاء الذي جمع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والأمير طلال أرسلان يصب في اطار التشاور بين الحزبين في ملفات عدة لا سيما تذليل العقد في الملف الحكومي.
كما علمت «البناء» أن «مساعي تأليف الحكومة تتكثف بمشاركة مختلف الأطراف في ظل جهود بارزة للرئيس بري ولحزب الله على خط عون – ميقاتي، على أن تستكمل المشاورات في التفاصيل بعد عودة ميقاتي من جولته الخارجية في بريطانيا، حيث شارك بمراسم دفن الملكة اليزابيت والى نيويورك للمشاركة بأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتوقعت المصادر ولادة الحكومة نهاية الشهر الحالي أو مطلع الشهر المقبل إذا ما حصلت عراقيل أو مطالب إضافية أعاقت التأليف لا سيما عقدة استبدال الوزير الدرزي.
وإذ لم تعلق مصادر بعبدا على الأجواء التفاؤلية بانتظار عودة ميقاتي، أشارت أوساط مواكبة للملف الحكومي لـ»البناء» أن الحكومة الجديدة ستكون نسخة عن الحكومة الحالية بتركيبتها وعدد وزرائها وتوازنها السياسي والطائفي مع بعض التعديلات التي ستطال بعض الوزراء لكي تلحظ التغير الحاصل على خريطة المجلس النيابي. وكشفت الأوساط أن جميع الأطراف تحسست مخاطر الدخول الى الفراغ الرئاسي بحكومة متنازع على صلاحياتها وموقعها الدستوري وأن ميقاتي فهم رسالة بعبدا والنائب جبران باسيل بأن وزراء التيار سيعطلون حكومة تصريف الأعمال في حالة الفراغ الرئاسي ولن يسمحوا لها بوراثة صلاحيات رئيس الجمهورية ما سيحول ميقاتي الى رئيس مكبّل ومقيد بفيتو وزير واحد ويفقد تكليفه أيضاً، الأمر الذي سيؤدي الى اشتباك دستوري وسياسي وطائفي سيؤدي الى تسريع الانهيار الكامل والشامل الذي شهدنا عينات ميدانية منه الأسبوع الماضي الذي ازدحم بالأحداث الأمنية المختلفة لا سيما عمليات العنف في الشارع التي أعقبت اقتحامات المودعين للمصارف والقفزات القياسية لسعر صرف الدولار الذي لامس عتبة الأربعين ألفاً مساء أمس.
وفي ضوء مناخ التفاؤل الحكومي، ومع انقضاء 20 يوماً من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، برزت زيارة السفير السعودي وليد البخاري الى كليمنصو، حيث التقى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي أعلن بعد اللقاء أن «السفير السعودي اكد له ضرورة التزام المواعيد الدستورية وانتخاب رئيس للجمهورية».
ولفت جنبلاط الى اننا «تداولنا في العديد من الأمور، لكنه أكد حرص المملكة التاريخي على الاستقرار اللبناني واتفاق الطائف والدستور، وعلينا نحن اللبنانيين أن نحترم المواعيد الدستورية وننتخب رئيساً».
وكان سعر صرف الدولار سجل ارتفاعاً تدريجياً بلغ الـ39 الف ليرة في اليوم الأول من إضراب المصارف التي عقدت جمعيتها اجتماعاً للتداول بآخر التطورات التي استمرت تداعياتها في الشارع، إذ وقع إشكال أمام مدخل قصر العدل في بيروت، بين أهالي وأصدقاء الموقوفين في قضية اقتحام بلوم بنك محمد رستم وعبد الرحمن زكريا، وبين عناصر من الجيش اللبناني حاولوا إبعاد المعتصمين عن مدخل القصر بما يمكن للقضاة والموظفين من الدخول والخروج. وحصلت عملية تدافع وهرج ومرج، ونجح الجيش في إبعادهم عن البوابة الرئيسية بضعة أمتار وأعاد الأمور إلى طبيعتها ما أدى الى جرح عدد من عناصر الجيش. وافيد أن النيابة العامة التمييزية طلبت من تحري بيروت إحالة محضر التحقيق مع الموقوفَين في قضية الاقتحام على النيابة العامة الاستئنافية في بيروت للادعاء بانتظار ترك الموقوفَين أو احالتهما موقوفين أمام قاضي التحقيق الاول.
وإذ علمت «البناء» أن القضاء يتعرّض لضغوط من جمعية المصارف لتشديد العقوبات على مقتحمي المصارف وتكليف القوى الأمنية القيام بإجراءات مشددة على مداخل المصارف خلال الدوام الرسمي لحمايتها وعدم تكرار الاقتحامات لكي يتسنى لموظفي المصارف القيام بواجباتهم وأعمالهم براحة وأمان، علمت «البناء» أيضاً أن اتصالات سياسية – قضائية – مصرفية تجري لفك إضراب المصارف لتفادي التداعيات الخطيرة التي ستنتج على سوق الصرف وسير عمل المؤسسات والمرافق والنشاط الاقتصادي والتجارة الخارجية، مع تحذير الخبراء الاقتصاديين من أن استمرار إضراب المصارف سيؤدي الى توقف منصة صيرفة وصرف رواتب الموظفين وتوقف التواصل بين المصارف ومصرف لبنان والمصارف المراسلة».
ولفتت مصادر سياسية واقتصادية لـ»البناء» الى أن «لا يمكن حل الأزمة المصرفية واستعادة الودائع لأصحابها بالقوة ولا بالضغط والفوضى، بل علاج الأزمة بالسياسة يكمن بإنجاز الاستحقاقات الدستورية كتأليف الحكومة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وإقرار القوانين الإصلاحية وهذا مناط بمجلسي النواب والوزراء لا سيما خطة التعافي الاقتصادي والكابيتال كونترول وغيرهما، وكذلك استمرار التفاوض مع صندوق النقد الدولي»، وربطت المصادر بين «عمليات الاقتحامات ومسلسل الاحداث الأمنية الأخيرة وتحرك الشارع وبين الخلاف السياسي الذي بلغ أشده على الحكومة»، مشيرة الى تقدم مساعي تأليف الحكومة خطوات الى الامام بعد أسبوع العنف الأمني.
وأشار رئيس اتحاد نقابة موظفي المصارف جورج الحاج، أن «جمعية المصارف طلبت من كل المصارف الإقفال، ولكن هناك بعض الأمور الداخلية التي تستوجب ان ينزل عدد من الموظفين بالإدارة العامة لمتابعة اعمالها مع المصرف المركزي».
"البناء": ميقاتي في بعبدا قبل نهاية الأسبوع
بات بحكم الثابت ان الطبخة الحكومية ستكون على الطاولة، قبل نهاية هذا الاسبوع، وفور عودة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من نيويورك، حيث مثل لبنان في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة وشارك بجنازة ملكة بريطانيا اليزابيث والمرجحة (أي العودة) بعد غد الخميس، بالتزامن مع عودة المصارف الى العمل، وفتح ابوابها امام الزبائن بعد اقفال ثلاثة ايام، بدأت امس وتنتهي غداً، مع ارتفاع ملحوظ في سعر صرف الدولار في السوق السوداء الى ما فوق الـ39 الف ليرة لبنانية، ولجوء مصرف لبنان الى رفع سعر صيرفة 600 ليرة لبنانية دفعة واحدة لتحاكي الارتفاع المستمر في سعر دولار السوق السوداء، مع قفزة جديدة في اسعار المحروقات، وهستيريا في اسعار السلع والضروريات لمعيشة المواطن بأصنافها كلها تقريباً.
واذا كان الامر على هذا النحو، من غير الجزم تماماً باجتياح قطوع التأليف، فإن الملف الرئاسي، بدا هو الاخر، قد دخل سباق من دون تزاحم، مع ملفات اخرى، من بينها الموازنة للعام 2022، والتي حددت جلسة قبل فرط النصاب الاسبوع الماضي لها، الاثنين في 26 الجاري.
وقالت مصادر سياسية لـ«اللواء» أن ما من عنصر جديد في الملف الحكومي بسبب وجود الرئيس ميقاتي في الخارج، على أن يتم بحث ملف التأليف بعد عودته من نيويورك وفق ما أكد لرئيس الجمهورية.
وقالت المصادر إن الجو في المبدأ تفاؤلي وهناك كلام عن ولادة الحكومة قبل نهاية الشهر الحالي، ولفتت إلى أن المعطيات لا تزال على حالها أي صيغة الـ٢٤ وزيرا مع تبديل وزير أو وزيرين، مشيرة إلى أنه لا يزال الاسم الدرزي البديل محور نقاش في ضوء البحث عن وزير لا يشكل استفزازا للنائب السابق وليد جنبلاط ووزير سني اي وزير الاقتصاد مع العلم أنه ليس واضحا إذا كان الرئيس ميقاتي حسم أمره بتبديله ام لا، فهو كان يرغب في تبديله لكن الرئيسين عون وميقاتي لم يبحثا في اجتماعهما الأخير في هذه التفاصيل واتفقا على صيغة الـ٢٤ وزيرا وتحريك الملف الحكومي.
وقالت أن الحكومة الثلاثينية ليست موضع نقاش وإن طرح حكومة ال ٢٤ هو الذي يتقدم، وأشارت إلى أنه من غير المتوقع حصول أي أمر جدبد قبل عودة الرئيس المكلف من نيويورك، وشددت أن المعطيات حتى الآن مشجعة.
بخاري في كليمنصو
على ان الابرز، بالتزامن مع الاستعدادات الجارية لاجتماع دار الفتوى النيابي السبت المقبل في دار الفتوى بدعوة من المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، وبعد عودته من باريس، حيث شارك في الاجتماع الفرنسي - السعودي حول لبنان، مع سفيرة فرنسا في بيروت آن غريو، زار سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد بخاري كليمنصو، والتقى بالنائب السابق وليد جنبلاط بحضور النائبين تيمور جنبلاط ووائل ابو فاعور، في لقاء استغرق 45 دقيقة، لم يتحدث بعده السفير بخاري او يرد على اسئلة الصحافيين، لكن جنبلاط قال: أكد لي السفير السعودي ضرورة التزام لبنان بالاستحقاق الرئاسي، وبالتالي علينا ان ننتخب رئيساً للجمهورية ضمن المهلة الدستورية.
إذاً، تنقل الحدث امس، بين القصر الجمهوري وعين التينة ونيويورك، ووزارتي المالية والعدل وجمعية المصارف، وحركة المواطنين في الشارع، المحتجين على اكثر من موضوع، فيما توجه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي امس، من لندن الى الولايات المتحدة الاميركية لترؤس وفد لبنان الى اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة في نيويورك. بعدما شارك وعقيلته نهاراً في مراسم الجنازة الرسمية لملكة بريطانيا إليزابيث الثانية التي اقيمت في كاتدرائية وستمنستر في لندن.
وفد صندوق النقد
وكان البارز امس ايضا استقبال الرئيس نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة رئيس بعثة «صندوق النقد الدولي» ارنستو ريغو راميريز على رأس وفد من الصندوق، حيث تم عرض لمراحل الحوار القائم بين لبنان والصندوق والتشريعات التي أنجزها المجلس النيابي، وسط معلومات عن موقف سلبي لوفد الصندوق.
وجدد الرئيس بري التأكيد على «إصرار المجلس النيابي تكثيف عمله لإنجاز ما هو مطلوب منه على صعيد التشريعات الاصلاحية والتعاون مع السلطة التنفيذية في هذا الاطار وحفظ حقوق المودعين».
وعقد وفد الصندوق اجتماعاً مع نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي ووزيرا المالية يوسف خليل والاقتصاد أمين سلام. ولاحقاً، زار الوفد وزير المالية في مكتبه.وجرى البحث في مواضيع التفاوض المرتبطة بوزارةالمالية، خصوصاً في ما يتعلق بالاطار الكلي وموازنة 2023.
وبعد الاجتماع قال الوزير الخليل: «لقاؤنا مع وفد صندوق النقد الدولي تركز حول موازنة العام 2023 كأساس وعلى الفارق بينها وبين موازنة العام 2022، وهم شددوا على مقاربة الأمور بجدية كبيرة خصوصاً وأن دعم الصندوق لدول العالم الثالث أو البلدان المهددة بالفقر قد انخفض نظراً لانخفاض إمكانياته لدعمها.
وأضاف: نحن في مرحلة صعبة جداً لقد سبق ان تخلفنا عن سداد ديون مهمة، وباتت امامنا مشكلة هي عدم قدرتنا على الحصول على دعم من الخارج خصوصاً بعد الازمة الأوكرانية، حيث أصبح الاهتمام الدولي يتركز عندها وبتنا أمام واقع الاعتماد على أنفسنا أكثر من أي وقت مضى، وهذا ما نحاول القيام به وعلينا جميعاً مسؤولين ومواطنين وعي أهمية الوقوف صفاً وحداً وفي جهد واحد من اجل المعالجة، لا ان نطلق الاتهامات والمواقف الشعبوية. فمن السهولة الانتقاد لكن ما العمل هنا يبقى السؤال الكبير الذي يجب إيجاد الاجابة عليه وما هو الحل.
اضراب المصارف
نفذت المصارف في لبنان الاضراب لمدة ثلاثة ايام أيام متتالية اعتباراً من يوم امس، واقفلت كل فروعها في كل المناطق «استنكاراً وشجباً لما حصل وبغية اتخاذ التدابير التنظيمية اللازمة»، بعد عمليات اقتحام المودعين لعدد من المصارف. وفق ما أعلنت جمعية المصارف في بيان لها يوم الجمعة.
لكن بعض المعلومات اشارت الى أنَّ إلتزام المصارف بالإضراب شمل الفروع فقط، إلا أن الإدارات ظلت تعمل بشكل طبيعي، داخل أبواب مغلقة، وأن مصرف لبنان يتعامل معها، والعمل مستمر بمنصة «صيرفة». كما إنّ بعض المصارف اتخذت قراراً بالسماح للمواطنين بسحب الدولار من الصرافات الآلية على سعر منصة «صيرفة»، استناداً للتعميم رقم 161. وبقيت عمليات السحوبات طبيعية برغم الإضراب الذي يشهده القطاع المصرفي.
وعقدت جمعية المصارف اجتماعاً امس لتقييم تحركها واجراءاتها، فيما وقع اشكال أمام مدخل قصر العدل في بيروت، بين أهالي وأصدقاء الموقوفين في قضية اقتحام بلوم بنك محمد رستم وعبد الرحمن زكريا، وبين عناصر من الجيش اللبناني حاولوا ابعاد المعتصمين عن مدخل القصر بما يمكن للقضاة والموظفين من الدخول والخروج. وحصلت عملية تدافع وهرج ومرج، ونجح الجيش في إبعادهم عن البوابة الرئيسية بضعة أمتار وأعاد الأمور إلى طبيعتها، وبقي الاعتصام قائماً بانتظار قرار النيابة العامة سواء بإطلاق سراح الموقوفين أو إبقائهم قيد التوقيف والادعاء عليهم.
لكن تجدد الاشكال عصراً بعد عدم صدور قرار بترك الموقوفين، وافيد عن تكسير آلية تابعة للجيش امام قصر العدل فردت عناصرالجيش يرد بإطلاق النار في الهواء لإبعاد المتظاهرين. وقام عدد من المحتجين بقطع الطريق واشعال النار بحاويات النفايات.
ولاحقاً افادت قيادة الجيش عن اصابة 4 عسكريين بعد تعرضهم للرشق بالحجارة والاعتداء بالعصي من قبل متظاهرين قرب قصر العدل – بيروت، وتم توقيف عدد من مثيري الشغب.
وافيد أن النيابة العامة التمييزية طلبت من تحري بيروت إحالة محضر التحقيق مع الموقوفَين في قضية الاقتحام على النيابة العامة الاستئنافية في بيروت للادعاء بإنتظار ترك الموقوفَين أو احالتهما موقوفين أمام قاضي التحقيق الاول.
ميشال عونالحكومة اللبنانيةترسيم حدود لبنانالفيول