لبنان
بسبب فقدان النصاب.. إرجاء مناقشة موازنة 2022 إلى الاثنين المقبل
رفع رئيس مجلس النواب نبيه بري قرابة الخامسة مساء جلسة مناقشة وإقرار مشروع موازنة 2022 إلى يوم الإثنين المقبل في 26 أيلول الحالي على أن تستكمل بند النفقات، بسبب فقدان الجلسة نصابها بعد خروج عدد من النواب نتيجة اعتراضهم على مشروع الموازنة.
وقد وافق المجلس على زيادة رواتب موظفي القطاع العام والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين بثلاثة أضعاف، وذلك ضمن المساعدات الاجتماعية، كما صادق على نفقات الموازنة العامة.
وكان تابع مجلس النواب، اليوم الجمعة، جلسة دراسة ومناقشة بنود الموازنة عام 2022، وأعطيت الكلمة في بداية الجلسة إلى النائب فراس حمدان، الذي انتقد مشروع الموازنة وعملها وعمل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، معتبرًا أن "هناك حقوقًا للمودعين يجب أن يحصلوا عليها".
ورأى أنّ "الموازنة تفتقد إلى رؤية حقيقية وإصلاحيات، ويجب إعادة النظر بالاقتصاد عبر فرض ضريبة على الثروة وتحفيز القطاعات الانتاجية، أمّا ما هو غير موجود في الموازنة فهو الضمان الاجتماعي والدواء فضلًا عن موضوع الطاقة".
وإذ سأل: "أين الضرائب على الأملاك البحرية؟، أين موازنة مصرف لبنان وماذا لديه؟"، قال: نريد ضرائب على أرباح المصارف".
وتخلل الجلسة كلمة للنائب هادي ابوالحسن، وأخرى للنائبة بولا يعقوبيان اقترحت فيها رد مشروع الموازنة إلى الحكومة.
وزير المال: نسب التضخم فاقت الـ100%... والموازنة خيارنا الوحيد للاتفاق مع صندوق النقد
وردّ وزير المال يوسف خليل بعد ذلك على مداخلات النواب، وتمنّى عليهم "بت المواد التصحيحية والإصلاحية، لإقرار الموازنة التي من شأنها تحسين أوضاع لبنان الاقتصادية وإعادة العلاقات لطبيعتها مع صندوق النقد الدولي"، مشيرًا إلى أنّ "نسب التضخم فاقت الـ100 في المئة، ونعاني من ركود اقتصادي لأكثر من 4 أعوام وعلى هذا الأساس أتت هذه الموازنة".
واعتبر أنّ "إقرار مشروع الموازنة يهدُف إلى إعادة إرساء أسس العمل المؤسساتي وسلامة المالية العامة وضمانتِهما، كما وهو اليوم أيضًا من أبرز الشروط المُسْبَقَة للإتفاق مع صندوق النقد الدولي، والأهم أن إقرار مشروع الموازنة يساهِم في تعزيزِ ثقةِ المواطن والمجتمع الدولي في عزيمة الدولة بالبدء بالإصلاحات المَرجوَّة والنهوض بالإقتصاد بهدف البدء في الخروج من الأزمة".
وقال الخليل إنّ "استيفاء الرسوم والضرائب على أسعار صرف تَتَقارَب مِن مِنصّة صيرفة هو الخيار الوحيد المرجو، لأن اعتماد أسعار صرفٍ ما دون ذلك لتحصيل الواردات، في حين أن الخزينة غالباً ما تُنفِق على أسعار صرف صيرفة وما فوق، تؤدّي الى فجوة في التمويل مما يُشَكِّل ضغوطات مُتفاقِمة على الوضع النقدي ومن ثُمَّ على الأوضاع المعيشّية في البلاد. على سبيلِ المِثال، فإن الدولة تُنفِق اليوم على أسعار صرفِ صيرفة وأسعار صرف السوق بالنسبة للإشتراكات والمساهمات في المنظمات الدولية وتسديد خدمة الدين العام في العُملات الأجنبية بالنسبة للقروض المُيَّسرة كما لتغطيةِ شِراء المحروقات وغيرِها من المواد والمستلزمات التشغيلية، بينما لا تزال تُحَصَّل الإيرادات على سِعر صرف 1500 ليرة لبنانية".
وأشار إلى أن "توحيد سعر الصرف يُساهم في الحَدّ من اللامساواة الإجتماعية الناتجة عن تعدُدِيّة أسعار الصرف وعن إغتِناء شريحة من المجتمع على حساب غيرها، فتأتي السياسات التصحيحية الضريبية للحَدّ من التهرُّب وتعزيز الإلتزام الضريبي وإعادة توزيع الدَّخل من الشرائح المُستفيدة من الوضع الحالي نحوَ الشرائح المُهمّشة، ما يُؤمّن التوازُن والعدالة الإجتماعية، رَكيزة الأَمان الاجتماعي".
على صعيد آخر، كشف الوزير الخليل خلال مداخلة له في الجلسة أنّه اقتُرح "تخفيض سقف الإنفاق في مشروع موازنة 2022 من 47,328 مليار ليرة لبنانيّة إلى 37,859 مليار ليرة، وذلك بغية ضبط عجز الموازنة وحرصًا على الاستقرار المالي والنقدي"، مضيفًا "فقد أصبح عجز الموازنة المرتقب نحو 13500 مليار ليرة أي ما يوازي 36 في المئة من مجمل الإنفاق".
ولفت إلى أنّ "الواردات التي كانت مرتقبة في مشروع الموازنة للعام 2022 لن تحصل بالكامل نظرًا لعدم تفعيل الإجراءات التصحيحية المرجوة في مواد الموازنة، وبما أن سعر الصرف المعتمد لإستيفاء الرسوم والضرائب في مشروع الموازنة (20.000 ل.ل. للدولار الأميركي) كان المحور الأساسيّ في تقدير إيرادات الموازنة عند إعدادها، أتى تعديل الإيرادات المرتقبة بعدما تعذر التوافق على السعر المقترح، آخذاً بعين الاعتبار تطبيق السياسات التصحيحية خلال الأشهر الأخيرة فقط من العام وفق سعر صرف مقترح يقل عن سعر الصرف المعتمد في مشروع الموازنة. مع التأكيد أن اعتماد سعر صرف 20.000 ل.ل. كان ليخفض العجز المرتقب أقله 27 في المئة مقارنة مع اعتماد سعر الصرف المطالب بإعتماده".
وذكر الخليل أنّ مشروع الموازنة سينسجم مع خطة التعافي الإقتصادي التي تبنتها الحكومة في شهر أيار 2022، والذي ستركّز على نقاط معيّنة وأهمها:
1 - توحيد سعر الصرف: الذي يهدف إلى تصحيح الخلل المالي، تفعيل الإلتزام الضريبي، تعزيز الواردات، إستقرار الوضع النقدي، وضمان العدالة الإجتماعية.
2 - إجراءات إصلاحية: منها إعتماد السياسات الضريبية العادلة والتي تهدف إلى تعزيز الإيرادات على المدى المتوسط دون تحميل أعباء إضافية على ذوي الدخل المحدود، وعلى البحث عن موارد جديدة غير مستغلة لتاريخه، كما تعمل على وضع إجراءات لتفعيل الجباية وتمكين الإدارة الضريبية.
3 -تصحيح الأجور: الذي يعتبر من أهم أولويات الإصلاحات المرجوة في المرحلة المقبلة، حيث تراجح الإنفاق على الرواتب والأجور من 12 في المئة من الناتج المحلي قبل الأزمة إلى 5 في المئة في العام 2021، ولكن، من الجدير ذكره أنه ورغم الحاجة الملحة لتعويض القدرة الشرائية وتفعيل الإنتاجية لتأمين الخدمات العامة للمواطنين كافة، إلّا أن أي تصحيح للأجور يجب أن يترافق مع خطة إصلاحية كاملة متكاملة على المدى المتوسط الأمد، تتطلب مسحاً شاملاً للوظائف في القطاع العام بأسلاكه كافة، وإعادة النظر بأسس التوظيف والتقاعد والتعويضات.
وشدّد على أنّ "الهدف الأساسي من الموازنة اليوم تقليص مستويات العجز بهدف إحتواء الحاجات التمويليّة وتخفيض نسب الدين العام لسلامة الوضع الماليّ والنقديّ، فإقرارها يهدف إلى إعادة إرساء أسس العمل المؤسّساتي وسلامة الماليّة العامة وضمانتهما، وهو من أبرز الشروط المسبقة للإتفاق مع صندوق النقد الدولي، والأهم أن إقرار مشروع الموازنة يساهم في تعزيز ثقة المواطن والمجتمع الدوليّ في عزيمة الدولة بالبدء بالإصلاحات المرجوة والنهوض بالاقتصاد بهدف البدء في الخروج من الأزمة".
من جانبه، قال رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي: "نحن على أتمّ الاستعداد منذ هذه اللحظة لنعمل مع مجلس النواب لانقاذ البلد وعلينا تغليب الوطنية على الشعبوية.
وأضاف خلال مناقشة الموازنة: "سنأخذ كل الملاحظات بعين الاعتبار ونعي تمامًا أنّ كل أساسات هذه الدولة متصدّعة وعلينا التعاون جميعًا للتوصل إلى النتيجة المرجوة".
وتابع ميقاتي:" الأدوية المدعومة كانت تُهرّب خارج لبنان وأنشأنا نظامًا لمواكبة تلك الأدوية وتنظيم توزيعها للمواطنين ".
وقال: "طلبنا إجراء مسح وظيفي في كافة الإدارات العامّة وأقترح إعطاء الموظفين 3 أضعاف الراتب".
وأشار ميقاتي إلى أنّ "وزارة الماليّة بدأت بإعداد موازنة العام 2023، وأطلب أنّ نكون واقعيين وهدفنا واحد إنقاذ لبنان ونحن الآن في مرحلة الإنقاذ".
وقبل البدء بالتصويت على بنود الموازنة وبعد انتهاء رد الرئيس ميقاتي قال الرئيس بري: "دعونا نستعمل حقنا القانوني كي نعطي الناس حقوقهم، هناك في الخارج المتقاعدون، وأهالي السجناء، دعونا نحول هذه الموازنة التي قيل عنها أنها موازنة سيئة الى موازنة مقبولة".
بعد ذلك، باشر مجلس النواب بدرس ومناقشة بنود مشروع الموازنة وبدأ بباب النفقات.
ووافق المجلس على زيادة رواتب موظفي القطاع العام والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين بثلاثة أضعاف، وذلك ضمن المساعدات الاجتماعية.
وعلى اثر افتعال بعض النواب الفوضى داخل مجلس النواب، قال رئيس المجلس نبيه بري: "أنا مش بالشارع هون"، فردّت النائبة حليمة قعقور "إيه ما لأنو نحنا بالمجلس بدنا نحترم المجلس". وخرج عدد من النواب من الجلسة، مما أدّى إلى فقدان نصابها.
وأوضح النائب جورج عدوان، أنّنا "نحن من أفقد جلسة مناقشة الموازنة نصابها، وما يحصل خارج المجلس النيابي وداخله يُؤشر إلى أنّنا نعيش في عالمين مختلفين، وعوض السعي لرد أموال المودعين يعملون على تهريبها".
عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب علي فياض، قال عقب الجلسة "كلّ موقف لا يريد الموازنة إنما هو يريد دولة لبنانية مفلسة"، وأضاف "البلد بحاجة إلى موازنة ومن يطلب رد الموازنة لا يمتلك أي بديل ما يعني أننا سنبقى بحالة انهيار".
فياض اعتبر أنّ "العلاج الجوهري هو بخطة التعافي، ولكن هل المطلوب عدم وجود أي موازنة إلى حين إقرار هذه الخطة".
ورأى أنّ "التفاوت في أرقام الموازنة هو عدم السيطرة على سعر صرف الدولار والذي تتحمل مسؤوليته الحكومة لا مجلس النواب".