معركة أولي البأس

لبنان

ساعات أخيرة قبل بدء مهلة "الـ60 يومًا" الرئاسية.. وترقّب لمواقف الرئيس برّي غدًا
30/08/2022

ساعات أخيرة قبل بدء مهلة "الـ60 يومًا" الرئاسية.. وترقّب لمواقف الرئيس برّي غدًا

غلبت التطورات الأخيرة في الشارع العراقي خلال الساعات الماضية على ما سواها، في حين أن المراوحة في الملفات اللبنانية بقيت سيدة الموقف، وعلى ساعات أخيرة فاصلة من بدء المهلة الدستورية لبدء البحث عن رئيس جديد للجمهورية، اهتمت الصحف الصادرة في بيروت بعدة ملفات أبرزها الترقب لمواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري غدًا في كلمته بمناسبة ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه.
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أكد أمس أنه سيسعى لتشكيل حكومة جديدة قبل انتهاء ولايته، في حين لا جديد يذكر في هذا الملف، في حين تزداد الأزمات المتحكمة برؤوس العباد، والتي ليس آخرها خفض إضافي للدعم على البنزين من قبل مصرف لبنان.

 

"البناء": برّي لمشاورات حكوميّة واستكشاف رئاسيّ وكلمة غداً
خطفت بغداد الأضواء الدولية والإقليمية عن ملفي الحرب في أوكرانيا ومفاوضات الملف النووي الإيراني، بعدما تسارعت الأحداث فيها نحو خطر الفوضى في ظل الاشتباكات التي اندلعت بين التيار الصدري والجيش العراقي، وبعدما أعلن رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي بدء عملية لإخلاء المنطقة الخضراء من المتظاهرين الذين يتبعون للتيار الصدري، والذين هاجموا المقرّ الرئاسي والقصر الحكومي، في تحرك ضاغط لفرض قرار حل البرلمان على المحكمة الاتحادية التي يفترض أن تبت بالأمر اليوم، وجاء التحرك في الشارع تتمة لإعلان السيد مقتدى الصدر اعتزال العمل السياسي، منعاً لتلقيه الضغوط للتدخل مع تحركات الشارع، إلا إذا قبلت شروطه بحل البرلمان، وجاءت خطوة الصدر إثر إعلان المرجع الديني كاظم الحائري الذي يمثل المرجعية الدينية الوحيدة الداعمة للسيد مقتدى الصدر، اعتزال المرجعية ودعوة مؤيديه لإعلان تأييدهم للإمام علي الخامنئي، موجهاً انتقادات قاسية للصدر ومواقفه وتصديه للمسؤولية والقيادة، وكان لافتاً أن الكاظمي الذي ينظر إليه من الإطار التنسيقي الذي يضمّ خصوم الصدر، بصفته حليفاً للصدر، ويتهم بتقاسم الأدوار معه منذ اعتصام جماعة التيار الصدري في داخل البرلمان دون أن تتصدى لهم القوى الأمنية، قد اتخذ قرار إخلاء المتظاهرين من المنطقة الخضراء وما يمثله ذلك من إفراغ لخطوة الصدر من محتواها، ومع الاشتباكات التي تواصلت ليلاً اعلن مكتب الصدر عن إضرابه عن الطعام حتى توقف الاشتباكات.

لبنان الذي تجاوز مخاطر الفوضى العراقيّة رغم كل المخاطر التي عبر بها منذ انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، التي تزامنت مع مثيلتها التشرينية في العراق، لا يزال يواجه خطر الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، والفراغ الدستوري، بينما يبدأ العد التنازلي لاستحقاقين كبيرين، حيث يدخل ليل الأربعاء الخميس المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، كما تنتهي المهلة التي حدّدها كيان الاحتلال لبدء استخراج الغاز من حقل كاريش في بحر عكا، وهو الموعد الذي بنت عليه المقاومة إنذارها للاحتلال، بأنه اذا بدء الاستخراج فستكون منصاته في البحر المتوسط أهدافاً مشروعة للمقاومة، ما لم يسبق ذلك الاعتراف بحدود لبنان البحرية ورفع الحظر الأميركي عن قيام الشركات العالمية بالتنقيب والاستخراج من الحقول اللبنانية.

في مقاربة هذين الاستحقاقين يعجز لبنان عن استيلاد حكومة دستورية تواكبهما، سواء في الحاجة لحكومة تدير القضايا الملحة التي لا تستطيع انتظار انتخابات رئيس للجمهورية، أو لمواكبة خطر العجز عن انتخاب رئيس جديد ضمن المهلة الدستورية والحاجة لحكومة كاملة الصلاحيات الدستورية لتولي صلاحيات رئيس الجمهورية، وكذلك لمواكبة واتخاذ القرارات اللازمة في ملف ترسيم الحدود سواء وصلت المفاوضات إلى اتفاق او الى طريق مسدود، حيث يحتاج قرار الإبرام او قرار السير بتعديل مرسوم الخط 23 نحو اعتماد الخط 29 إلى حكومة كاملة الصلاحيات.

في الملف الحكوميّ كان الجديد كلام رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد عن الدعوة لتعويم الحكومة الحالية، بينما كان العنوان الحكومي حاضراً في لقاءات رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط، بينما يبدأ بري مسار الاستكشاف الرئاسي مع اقتراب موعد بدء المهلة الدستورية، فيما يترقب اللبنانيون ما سيقوله في كلمته غداً في ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر.

تكثّفت الاتصالات واللقاءات السياسية في اليومين الفاصلين عن بدء العد العكسي للاستحقاقات الداهمة في الأول من أيلول.. موعد الدخول بالمهلة الدستورية لاستحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية، والموعد المفترض لبدء العدو الاسرائيليّ استخراج الغاز من حقل كاريش، وما بينهما مساعي تأليف حكومة جديدة قبل تحوّل المجلس النيابي الى هيئة ناخبة ليكون هناك حكومة كاملة الصلاحيات إذا تعذّر انتخاب رئيس للجمهورية ودخلت البلاد في مرحلة الفراغ الرئاسي، بموازاة سجال إعلاميّ سياسيّ دستوريّ تحوّل الى «معركة طائفية» حول صلاحيات حكومة تصريف الأعمال في فترة الشغور الرئاسي.

وشهدت عين التينة أمس، حركة سياسية وزوار لافتة وسط مساعي يقوم بها الثنائي حركة أمل وحزب الله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري على خط تأليف الحكومة.

وفي سياق ذلك، استقبل بري الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في عين التينة. وغادر الأخير من دون الإدلاء بأي تصريح.

وعلمت «البناء» أن لا جديد على صعيد المشاورات الحكومية والأمور تدور في حلقة مفرغة وتتمحور حول النتائج التي خرج بها الاجتماع الأخير بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية ميشال عون، رغم استمرار النقاش حول العقد القائمة وتقديم اقتراحات عدة من قبل أكثر من وسيط لتقريب وجهات النظر بين الرئيسين لا سيما الخلاف حول الجهة التي ستسمّي وزيري الاقتصاد والمهجرين، في ظل إصرار عون على تسميتهما مقابل تمسك ميقاتي بأن يكون وزير الاقتصاد من عكار وينال موافقة رئيس الجمهورية، وكذلك أن يكون وزير المهجّرين من حصة رئيس الحزب الاشتراكي. ووفق المعلومات يجري البحث عن أسماء وسطية تنال موافقة الرئيسين عون وميقاتي.

ونقل زوار الرئيس ميقاتي عنه لـ»البناء» تأكيده أن المشاورات مستمرة لتأليف حكومة وهو لن يألو جهداً لتحقيق هذا الهدف لاحتواء أي تداعيات محتملة للفراغ الرئاسي ولتدهور الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والأمنية. وشدّد ميقاتي وفق الزوار على تمسكه بنصوص الدستور وبصلاحيات رئاسة الحكومة. واشار الزوار الى أن لا وقت محدّد لزيارة ميقاتي الى بعبدا للقاء الرئيس عون لكن قد يكون في أي لحظة.

وأكد أن النقاش مع عون مفتوح وأبدى استعداده للوصول الى تفاهم حول النقاط الخلافية. لكن على المحيطين بالرئيس عون التراجع عن شروطهم التعجيزية التي تمسّ صلاحيات الرئيس والتوازنات السياسية والأعراف.

وترى مصادر سياسية لـ»البناء» أن كل الإشاعات التي تصدر من هنا وهناك كسحب التكليف من رئيس الحكومة والدعوة الى استشارات نيابية جديدة مجرد هرطقة دستورية لا وجود لها في «كتاب الدستور» وبات الامر أكثر صعوبة بعد بيان المجلس الاسلامي الشرعي.

واستقبل بري رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط الذي قال: «بحثنا مع الرئيس بري في مختلف الملفات ومن بينها الشأن الحكومي».

وعاد جنبلاط وأعلن عبر حسابه على «تويتر» أنه وخلال اللقاء مع الرئيس برّي، جرى التأكيد على «الإصلاحات المطلوبة والموازنة، وضرورة معالجة ملف الكهرباء، وإكمال التفاوض مع صندوق النقد، وعلى إجراء انتخابات الرئاسة بالمهل الدستورية».

وتتجه الأنظار الى المواقف التي سيطلقها الرئيس برّي في خطابه في الذكرى الرابعة والأربعين لتغييب الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه عصر الاربعاء المقبل في احتفال تقيمه حركة أمل في صور، وأشارت أوساط حركية مطلعة لـ»البناء» الى أن «خطاب الرئيس بري سيتضمن جملة محاور وعناوين تتعلّق بآخر تطوّرات متابعة قضية الإمام الصدر وأخويه، والأزمة الحكومية وضرورة انتخاب رئيس جمهورية ضمن المهل المحدّدة والتحذير من مغبة الدخول في الفراغ ومخاطره، كما سيعرّج على الملفات الاقتصادية والمالية كقانون الكابيتال كونترول، ومطالب وإضراب القطاع العام وملف ترسيم الحدود وسيجدد التمسك بالمقاومة للدفاع عن لبنان وحماية حدوده وثرواته الطبيعية».

وأكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد خلال حفلٍ تأبيني في الجنوب أن «بلداً من دون حكومة لا يمكن أن يستقرّ وضعه والدّلع الذي نعايشه في طريقة ​تشكيل الحكومة​ لا محلّ له الآن، ونحن لا يعنينا من يأتي ومن يذهب ومن يعود، بل عوّموا هذه الحكومة لتكون حكومة كاملة الصلاحيات».

شدّد رعد على «ضرورة إعادة النظر في الإجراءات التي تتخذها الحكومات وإلى ضرورة متابعة هذه الحكومات ومراقبتها للضغط عليها من أجل تحسين أدائها، أمّا أن نستسلم للعجز وأن نبدي عدم اهتمام وعدم تحمّل مسؤولية فهذا ما يريده عدوّنا لأنه لا يريدنا أقوياء وموحّدين ولا يريد لنا استقرارًا في بلدنا، إنما يريد أن يُهيئ العوامل التي تؤدي إلى انقسامنا على المستوى الداخلي وضعفنا حتى يأتي إمّا غازيًا أو مستخدمًا الضغوط من الخارج».

ولفت رعد، إلى أن «آخر تقرير لديوان المحاسبة​ عن ​وزارة الاتصالات​ أنّه في سنة 2021 هناك 6 مليارات دولار أميركي هدر ونحن نموت من أجل أن نجمع مليار دولار لنأتي بالأدوية​ المزمنة لمرضانا، وبين أيدينا 6 مليارات دولار نهدرها، والهدر هو التعبير الدبلوماسي عن السرقة».

من جهتها، دعت كتلة «اللقاء الديمقراطي»، بعد اجتماعها الدوري في كليمنصو بحضور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ​وليد جنبلاط​، والنائب ​تيمور جنبلاط إلى «ضرورة احترام الاستحقاقات الدستورية وإنجازها في مواعيدها، خصوصاً انتخابات ​رئاسة الجمهورية​«، مؤكدةً «ضرورة السعي الجدّي لتشكيل حكومة والتزام نصوص الدستور لجهة قيام الحكومة الحالية بمهامها كاملة من دون أي اجتهادات دستورية في حال الوقوع بالشغور الرئاسي».

وأطلق رئيس الجمهورية سلسلة مواقف أمام زواره من جملة ملفات سياسية واقتصادية وقضائية، وقال: «أسعى الى ​تأليف حكومة​ قبل موعد مغادرتي قصر بعبدا، يتمسّكون هم بأقاويلهم ومزاعمهم بأني لا أرغب في تأليف حكومة». واعتبر أن «الفساد كان له الدور الأكبر في ما وصل اليه لبنان راهناً فيما لم يتحدث عنه أحد»، وذكّر بالكلمة التي القاها خلال الإفطار الذي أقامه خلال شهر رمضان في العام 2019 والتي ركز فيها على الفساد والانهيار الذي يشهده لبنان، قائلاً: «رغم ما قوبلت به الكلمة من تصفيق من قبل الحضور، فإنه ومنذ ذلك الحين لم يعد أحد يتحدث عن الفساد والسرقات، رغم تكرار مطالبتنا بالتدقيق الجنائي والمضي بمكافحة الفساد».

وأضاف: «لقد انهار اقتصادنا كما انهارت الليرة اللبنانية في ظل ما نشهده من سرقات وفي ظل واقع الإدارة السيئ، فضلا عن وضع ​القضاء​ حيث تمّت على سبيل المثال لا الحصر إحالة حاكم ​مصرف لبنان​ الى القضاء، فاين أصبحت الدعوى القضائية بحقه؟ هل لحقت بالتحقيق في تفجير ​مرفأ بيروت​؟ ان هذا الواقع غير مقبول ولطالما فضحت أعمالهم جميعاً من دون تسميتهم، لان كلمة الحق يجب ان تبقى هي السائدة دوماً».

وعن ملف ​ترسيم الحدود البحرية​ «ووجود رغبة لدى البعض في لبنان في عدم إنجاز الملف الا بعد انتهاء ولايته»، اكد الرئيس عون على هذا الأمر، داعياً «الى مراجعة رئيس مجلسي النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي في هذا المجال، لكونهما يملكان المعطيات اللازمة حول كل ما يحصل في هذا الملف». وشدد على «ان من يحارب الفساد ويعمل من أجل اتخاذ اجراءات جدية حول التحقيق المالي الجنائي، لن يكون محبوباً، وبالتالي انا اشكّل مصدر أذية لمعرقلي التدقيق الجنائي، لأنني أطالب باستعادة اموال مسروقة من المواطنين».

 


"الأخبار": الحكومة المستقيلة تستمرّ بقوة «استمرار السلطات الدستورية»

ثمّة عبارة مأثورة لـ«بطريرك» القانون الدستوري جورج فيديل، مفادها ان «لا مشكلة دستورية ليس لها حل وفق المبادىء الدستورية. سوى ذلك لا مشكلة دستورية». في لبنان يُدِّرب السياسيون عقولهم على المعضلات ويسلّونها بها، كي تبقى بلا حل الا الذي يكفل دوامها

تدور معظم الآراء والاجتهادات والفتاوى، المتعارضة في معظمها - وهي وظيفتها الفعلية - المسيّسة بمذاهب المعنيين بها، من حول مسألتين تبدوان معضلتين دونما ان تكونا كذلك: أولاهما، بعد المادة 49 من الدستور المحدِّدة ولاية رئيس الدولة ست سنوات لا تنقص دقيقة ولا تزيد دقيقة وتأكيد الرئيس ميشال عون انه لن يبقى في منصبه بعد الدقيقة الاخيرة لولايته، ستخلو رئاسة الجمهورية من شاغلها ان لم تقع اعجوبة انتخاب الخلف في المهلة الدستورية. ثانية المعضلتين هي المصير المعروف سلفاً لحكومة تصريف الاعمال برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي. ستنتقل اليها حكماً صلاحيات الرئاسة الاولى ما ان تشغر في الموعد الدستوري.

لأن النظام واللبنانيين خبرا التجربة ثلاث مرات قبلاً، عشية اتفاق الطائف وغداته، يصبح حدث الشغور عادياً، متوقَعاً، قليل الاهمية، ويكاد لا يبعث على القلق. كذلك الافرقاء المعنيون به، شهدوا التجارب الثلاث المنقضية لاكثر من ثلاثة عقود خلت، ولا يزالون اياهم يعيدون الكرّة مجدداً كأنها المرة الاولى. يُحدِثون الفراغ ويستمرون في ظله وينتعشون من بعده. هكذا دواليك. كل ما يجري في الداخل مدروس.

الجدل المستعرّ حالياً، وقد دخل عليه ضيوف جدد هم المراجع الدينية في هذا الجانب او ذاك صارت تفتي به بدورها، لا يتحدّث عن تأليف حكومة جديدة كما لو انه استحقاق دستوري في ذاته ملزم لاعادة تكوين سلطة اجرائية عاملة بصلاحياتها كلها، ولا يتحدّث عن انتخاب خلف لعون كما لو انه ايضاً استحقاق دستوري في ذاته لقرب انتهاء ولاية الرئيس الحالي، بل يدور الجدل ذاك من حول سبل الاستعداد لولوج شغور في الرئاسة، وايجاد آليات التكيّف معه وفيه، والتحوط للوقت الذي قد يستغرقه. لذا كثرت في الآونة الاخيرة، ولن تتوقف حتماً قبل 31 تشرين الاول، الآراء المتنافسة على تأكيد الذات في حوزة الافرقاء جميعاً: الذين لا يريدون خروج مَن لا يريد البقاء في قصر بعبدا، والذين يريدون مَن ليس في وسعهم اخراجها ورئيسها من السرايا. على نحو كهذا، سيستمر امرار الوقت ويتضاعف تسعيره بدءاً من الساعة الصفر من منتصف ليل الاربعاء - الخميس، وهو موعد بدء المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس الجديد.

ليست حكومة ميقاتي هي المعنية بالمهلة الدستورية، ولا دور لها حيالها، ولن تجد سبباً كي تلتئم او تتخذ قراراً في خلالها. قد يكون رئيسها معنياً - وهو كذلك اذا شاء - بصفته رئيساً مكلفاً تأليف الحكومة الجديدة، دونما ان يتحمس بالفعل للمهمة هذه التي لا يريدها في الاصل، كي تمكث حكومته المستقيلة في صلاحيات رئيس الجمهورية بعد 31 تشرين الاول، الا اذا سلّم له عون، مجاناً، اعادة تعويمها باصدار مراسيم جديدة بتأليفها على ما هي عليه الآن.

المراجع الدينية تحلّ ضيفاً على الاجتهادات والآراء الدستورية فتفتي بها

في الايام المنصرمة توالت اقتراحات المجتهدين. قيل اولاً ان الحكومة المستقيلة لا تملك ان تتسلم صلاحيات الرئاسة الاولى متى شغرت، لأنها مستقيلة بحكم الدستور بعد بدء ولاية البرلمان الجديد وليس بإرادة رئيسها. قيل كذلك ان استقالتها تقيّدها بالنطاق الضيق لتصريف الاعمال المانع توليها صلاحيات رئيس الجمهورية. ما قيل ايضاً منسجم مع ما كان قاله رئيس الجمهورية في ما مضى انه لا يسلّم الفراغ الى فراغ، لا تحلّ حكومة مستقيلة منقوصة الشرعية الدستورية في صلاحيات سلطة مكتملة الشرعية الدستورية. الا ان الرئيس كرّر مجدّداً، مرة تلو اخرى، انه سيغادر قصر بعبدا في لحظة انتهاء ولايته.

احدث الآراء جرى تداوله بضع ساعات فقط، ثم طُوي للفور عندما حُمِلَ اقتراح الى وزير سابق للعدل، قاضٍ، موصوف بالحكمة والعلم والتعقل، يُسأل رأيه في فكرة غير مسبوقة، مفادها ان يصير الى اصدار مرسوم قبول استقالة حكومة ميقاتي لحرمانها من تولي صلاحيات الرئيس عندما يشغر المنصب. في الغالب يصدر مرسوم قبول استقالة حكومة بالتزامن مع مرسومين متمّمين للاول: تسمية رئيس مجلس الوزراء وتأليف الحكومة الجديدة. عِبرة هذا التزامن، تفادي وقوع فراغ دستوري في المدة الفاصلة بين استقالة حكومة وتأليف اخرى تخلفها، وهو مغزى النطاق الضيق لتصريف الاعمال. المعتاد لدى استقالة حكومة، صدور بيان ينطوي على قبول استقالتها والطلب منها تصريف الاعمال - وذلك يعني ابقاءها في الخانة القانونية الموقتة المحددة الوظيفة - ريثما تؤلف حكومة تأتي من بعدها. بيد ان صدور مرسوم قبول الاستقالة - اياً يكن توقيته - وهو الذي يمثل طبيعتها الدستورية الملزمة، يجعلها فاقدة كل شرعية وكيان. ما توخاه القائلون بالرأي هذا، ان رئيس الجمهورية لا يغادر عندئذ منصبه - وان انتهت ولايته - كي تستمر من خلاله السلطة الاجرائية ويبقى يمثلها الى ان يؤتى بحكومة جديدة.

لم يكن جواب وزير العدل السابق، القاضي، شافياً لمَن وجّه اليه السؤال بكثير من التحليل السياسي. ما قاله كان الآتي:
1 - لا فراغ في السلطات الدستورية العامة التي تؤمن استمرار الحياة الوطنية. السلطات الدستورية العامة هي التي تسيّر المصالح العامة.
2 - تستعيد الحكومة المستقيلة صلاحياتها كاملة وتمارسها، ويصبح تصريف الاعمال وراءها.
3 - ليس ثمّة فرق جوهري او ذو مغزى بين حكومة مستقيلة بحكم الدستور، او مستقيلة بارادة رئيسها، او مستقيلة بأي من الحالات الاربع الاخرى المنصوص عليها في المادة 69، بما فيها تعرّض رئيسها الى مكروه ما يجعلها ايضاً بحكم المستقيلة. اياً تكن الحالات الست هذه ومبرّرها وشروطها، قاسمها المشترك هو الاستقالة. ما ان يشغر منصب رئيس الجمهورية تحلّ للفور محله، كاملة الصلاحيات والوظائف، الى ان يُنتخب رئيس جديد.


 
"اللواء": «الملف الحكومي» مستمر .. وحزب الله لتعويم الحكومة المستقيلة
كأن بيروت عاصمة لبنان، لا يكفيها ما تعاني، من نفايات وأزمات وصراعات فارغة، وغلاء وانعدام الخدمات من صفر ماء الى صفر كهرباء الى موت الرواتب والمعاشات، حتى تكاد تطبق على أنفاسها ازمة نفايات تتجدد.
فالمار في شوارع بيروت، من فردان الى الحمراء، فعائشة بكار والظريف، والوتوات والمصيطبة والمزرعة لا يرى في ظلمة الليل، سوى «النكاشين» (وهم فئة تظهر ليلاً تبحث عن اشياء مدفونة في النفايات المتراكمة في الحاويات) وبعض الهررة التي تبحث عن بقايا طعام تالف، على الرغم من الاتصالات الجارية او التي جرت لرفع النفايات والكلام عن عودة مطمر الجديدة لاستقبال نفايات بيروت وبعض الضواحي المحيطة بها، وتعهد محافظ بيروت بتوفير الحماية للمطمر، والحد من فوضى «النكيشة».
وسط هذا الاختناق، في الملف الحكومي «لغز الألغاز» على الرغم من تسليم الاطراف، من بعبدا الى عين التينة والسراي وحزب الله بضرورة التوصل الى حكومة جديدة او تعويم الحكومة القائمة بثقة جديدة للحؤول دون الوقوع في الفراغ القاتل، الذي يمكن ان يجر الى ويلات لا تحمد عقباها من انهيارات، قد تصل الى الامن، ولعل مشهد بغداد بدءاً من الليلة الماضية دليل على خطورة الاوضاع في عواصم المنطقة التي تشهد صراعات، يدخل فيها العامل الايراني بقوة وسط اعتراضات داخلية على هذا العامل او الدور..
واكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن أي اتصال في الملف الحكومي لم يسجل وبالتالي بقي اللقاء المنتظر بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف معلقا، دون معرفة ما إذا كان من تطور ما يسجل اليوم.
وقالت المصادر إن ما قاله رئيس الجمهورية بشأن تأليف الحكومة قد يعطي مؤشرا إلى عدم إقفال الأبواب أمام تأليف الحكومة، لافتة إلى أن هناك توقعات بأن يتحدث رئيس الجمهورية في هذا الملف وغيره أمام زواره في الأيام المقبلة.
ولاحظت مصادر سياسية متابعة ان ثمة «بلِف سياسي» وتسويق كاذب على جبهة الاعراب عن تأليف الحكومة وسط انقطاع واضح عن اي مسعى جدّي لحلحلة العقبات او العقد.
واشارت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة، انه لم يطرأ اي تطور ايجابي باتجاه تحريك مسار التشكيل قدما الى الامام وقالت انه بالرغم من كل محاولات تضييق شقة الخلاف بين رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي وبين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، لم تتكلل بالنجاح واستمرت المواقف متباعدة، بالرغم من طرح أكثر من صيغة لتجاوز الخلاف وبقيت مشكلة الثلث المعطل التي يطالب بها عون وفريقه السياسي بقيادة النائب جبران باسيل، تشكل العقبة الاساس امام تحريك مسار تشكيل الحكومة الجديدة قدما الى الامام.
واوضحت المصادر ان التباين في الاساس كان بخصوص طرح ميقاتي تشكيلته الوزارية من اربعة وعشرين وزيرا، فيما طالب عون بتوسعتها لتضم ست وزراء دولة، وهو مارفضه الرئيس المكلف معللا ذلك بجملة اسباب اهمها صعوبة تمرير الحكومة في المجلس النيابي واقناع الرأي العام عموما فيها،بينما تشكيلة الاربع وعشرين، تبدو مقبولة اكثر، نظرا لانها شبيهة بحكومة تصريف الأعمال ولا تضم وجوها استفزازية غير مقبولة.
ولئن كانت كلمة الرئيس نبيه بري في ذكرى تغييب الامام السيد موسى الصدر في صور بعد ظهرغد محل ترقب وانتظار، فإن النقاش النيابي الدائر حول الكابيتال كونترول، ما يزال يشغل الاوساط الرسمية والنيابية والاقتصادية.
وحضر الملف الحكومي والتشريعي في لقاء الرئيس بري مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، على مدى نصف ساعة، من دون ان يكشف ميقاتي عما دار خلال اللقاء.
وحضرت المواضيع اياها في لقاء بري مع رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط الذي شدد على اهمية تأليف الحكومة.
وسجل حزب الله موقفاً جديداً في ما خص الوضع الحكومي، اذ طالب رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بتعويم الحكومة المستقيلة.
وقال: «بلدٌ من دون حكومة لا يمكن أن يستقر وضعه، والدلع الذي نعايشه في طريقة تأليف الحكومة لا محل له الآن، ونحن لا يعنينا من يأتي ومن يذهب ومن يعود، بل عوموا هذه الحكومة لتكون حكومة كاملة الصلاحيات».
شكاوى عون
اما في بعبدا، وعلى الرغم من انعدام الاتصالات بشأن تأليف الحكومة، فقد افاض الرئيس ميشال عون في الكشف عن معاناته، فاتحاً النار مواربة على الرئيسين بري وميقاتي وبعض الوزراء..
فهو اكد امام وفد اعلامي عن ان البعض في لبنان لا يرغب بانجاز ملف ترسيم الحدود، الا بعد انتهاء ولايته، داعياً الى مراجعة رئيسي مجلسي النواب والوزراء في هذا المجال «كونهما يملكان المعطيات اللازمة حول كل ما يحصل في هذا الملف». وشدد على «ان من يحارب الفساد ويعمل من اجل اتخاذ اجراءات جدية حول التحقيق المالي الجنائي، لن يكون محبوباً، وبالتالي «انا اشكّل مصدر اذية لمعرقلي التدقيق الجنائي، لانني اطالب باستعادة اموال مسروقة من المواطنين». وتحدث عن الحملات التي تستهدفه، مشيراً الى انه، ومنذ عاد الى لبنان، تقدم بالكثير من مشاريع القوانين التي فاقت الـ220 « لم يبصر منها النور سوى نحو 50 قانوناً فقط، فيما الباقي لا يزال ينتظر ومنها على سبيل المثال قانون ضمان الشيخوخة، وقانون انشاء محكمة لمحاكمة مرتكبي الجرائم المالية بحق الدولة وغيرها».
‎ورداً على سؤال عن التحرك في الملف الحكومي وموقف الدول الخارجية منه، اعلن الرئيس عون ان الخارج يتحدث ايجاباً حول تشكيل الحكومة. ولا شك ان هناك عقبات لا تزال تعترض عملية التأليف، انما المسار لم يتوقف والمشاورات لا تزال قائمة، منبها الى «السلوك المزدوج» في التعاطي مع هذا الملف.
ولاحظ: «فيما اسعى الى تأليف حكومة قبل موعد مغادرتي قصر بعبدا، يتمسكون هم باقاويلهم ومزاعمهم باني لا ارغب في تأليف حكومة». ونبه الرئيس عون من «تأثير الرشاوى والاضاليل على الرأي العام في البلاد فيما الحقيقة غائبة كليا».
وعن بقائه في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته قال عون بصراحة، انه لن يبقى بل سيغادر عند الساعة 12 ليل 31 ت1 القصر الى مقر اقامته.

 


"الجمهورية":  «مهلة الـ60» تنطلق.. تحذير مالي وقلق أمني وحذر بحري
غداً تنطلق صفّارة مهلة الستين يوماً لانتخاب رئيس الجمهورية، ويبدأ العد التنازلي لليوم الموعود المخبّأ في جعبة رئيس المجلس النيابي نبيه بري صاحب صلاحية الدعوة الى الجلسة الانتخابية.

وغداً، كما بات معلوماً، سيحدد رئيس المجلس في خطاب ذكرى تغييب الإمام موسى الصّدر من صور، خارطة الطريق التي سينتهجها قبل توجيه الدعوة الى جلسة الانتخاب، الاساس فيها وضع الجميع امام مسؤولياتهم للوصول الى استحقاق رئاسي سليم معافى من أي شوائب او تعقيدات، وتجنّب حدوث فراغ في سدة الرئاسية الاولى، وما قد يترتّب عليه من وضع شاذ وسلبيات على مجمل المشهد الداخلي.

التأليف ممكن.. ولكن

واذا كانت كل حواس البلد ستتركّز خلال الشهرين المقبلين على الاستحقاق الرئاسي ومحاولة البحث عن الرئيس العتيد، الا انّ ذلك بحسب مصادر معنية بملف التأليف لا يعني توقّف محاولات استيلاد حكومة جديدة، حيث أن هذا الامر يبقى واردا حتى آخر لحظة من عمر ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو ما تبدّى في حركة اتصالات تجري بعيدا عن الأضواء لبلورة مخارج تزيل العقبات الماثلة في طريق التأليف، الا انّ هذه الاتصالات لم تصل الى نتيجة بعد.

وبحسب مصادر سياسية موثوقة لـ»الجمهورية»، فإنه على الرغم من عمق الفجوة بين رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، ثمة ما يوجِب الاستمرار في محاولات ردمها والسعي الى تشكيل حكومة حتى ولو في الامتار الاخيرة من ولاية عون، وهو مصلحة البلد والحفاظ على استقراره على كل المستويات. فأيّاً كان شكل الحكومة، سياسية، او غير سياسية، تكنوقراط صافية او مختلطة ومطعّمة بسياسيين، حكومة من 24 وزيراً أو موسعة من 30، وحتى الابقاء على الحكومة الحالية كما هي واعادة اصدار مراسيمها من جديد، كل ذلك هو افضل بكثير من لا حكومة كما هو الحال حالياً، ويجنّب البلد الوقوع في مطبّات، ومنزلقات غير متوقعة وغير محسوبة وغير محمودة النتائج.

أولوية التأليف

وفي معلومات «الجمهورية» فإن الملف الحكومي، الى جانب ملفّات اخرى، كانت بالأمس مَحل تداول بين الرئيسين بري وميقاتي في عين التينة. مع تأكيد مصادر مجلسية على الاولوية المُلحّة في هذه المرحلة لتأليف حكومة ترعى شؤون الناس وتلبي متطلبات البلد الذي يشهد انهيارات متتالية في مختلف قطاعاته، اضافة الى مبادرة الحكومة الحالية الى القيام بدورها وتحمّل مسؤولياتها في هذه المرحلة الصعبة، حتى ولو كانت في اضيق حدود تصريف الاعمال للتخفيف من معاناة اللبنانيين، التي بلغت حداً يُنذر بمصاعب ومنزلقات خطيرة جدا فيما لو استمر الحال على ما هو عليه من انحدار وفلتان.

وتشير المعلومات الى أنّ رئيس المجلس النيابي بصدد الدعوة قريباً الى جلسة تشريعية لإقرار مجموعة من الملفات المهمة، والتي لها ارتباط بالاصلاحات المطلوبة، وبمتطلبات صندوق النقد الدولي تمهيداً الى عقد اتفاق تعاون بين لبنان والصندوق يؤدي الى شيء من الانفراج في افق الازمة الداخلية.

والمواضيع نفسها عرضها الرئيس بري مع رئيس اللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنيلاط الذي كتب على حسابه على تويتر: «خلال اللقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، جرى التأكيد على «الإصلاحات المطلوبة والموازنة، وضرورة معالجة ملف الكهرباء، وإكمال التفاوض مع صندوق النقد، وعلى إجراء انتخابات الرئاسة بالمهل الدستورية».

عون

الى ذلك، اكد رئيس الجمهورية ميشال عون امام وفد نقابة العاملين في الاعلام المرئي والمسموع انّ «هناك عقبات لا تزال تعترض عملية التأليف، انما المسار لم يتوقف والمشاورات لا تزال قائمة». ونبّه الى «السلوك المزدوج في التعاطي مع هذا الملف». وقال: «نرى يوميا محاكمة النوايا بحيث انه فيما أسعى الى تأليف حكومة قبل موعد مغادرتي قصر بعبدا، يتمسّكون هم بأقاويلهم ومزاعمهم بأني لا ارغب في تأليف حكومة».

وردا على سؤال أشار الى «صحة المعلومات التي تتحدث عن رغبة البعض في عدم انجاز ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية الّا بعد انتهاء ولايته الرئاسية»، داعيا الى «مراجعة رئيسي مجلسي النواب والوزراء في هذا المجال، كونهما يملكان المعطيات اللازمة حول كل ما يحصل في هذا الملف».

الحزب والتعويم

وبرز في السياق الحكومي ما اشار اليه رئيس كتلة المقاومة النائب محمد رعد، حيث قال في احتفال في الصرفند: «المطلوب منّا أن نَعي خطورة اللحظة التي نحن بصدد التصدي لها، وأن نتماسك داخليًا وأن ننظّم صفوفنا ونحرص على وحدتنا، وأن لا تأخذنا أمواج التفرقة لا على وسائل التواصل الاجتماعي ولا عبر التنافسات الداخلية على هذا الموقع». واضاف: «بلد من دون حكومة لا يمكن أن يستقرّ وضعه والدّلع الذي نُعايشه في طريقة تشكيل الحكومة لا محلّ له الآن، ونحن لا يعنينا من يأتي ومن يذهب ومن يعود، بل عَوّموا هذه الحكومة لتكون حكومة كاملة الصلاحيات».

تحذير

وفي السياق نفسه، نقل عن مسؤول مالي دولي قوله لشخصيات اقتصادية لبنانية التقته في الآونة الاخيرة، بأنّ وضع وصل الى النقطة الاخيرة من خط الخطر الذي تسلكه أزمته منذ ما يزيد عن سنتين، وما بعد هذه النقطة، والقادة اللبنانيون لم يحسنوا ادارة بلدهم وحَرف الوضع فيه عن سكة الخطر، واكثر من ذلك هم من تسبّبوا في هذه الكارثة، وهم باتوا الآن امام خيار من اثنين امّا ان يبادروا الى توفير العلاج وتجاوز حساباتهم، وامّا ترك لبنان يسقط.

وكشف المسؤول انّ المجتمع الدولي وقفَ مع لبنان، وانتظر بلا أي جدوى بروز خطوات علاجية من الجهات المسؤولة في الدولة، وفوجىء بلامبالاة المسؤولين التي دفّعت الشعب اللبناني ثمنا كبيرا، وأدخلته في وضع مأساوي. وقال: لسنا نفهم لماذا هذا التلكؤ في مقاربة الملفات الاصلاحية، سواء على صعيد الادارة او هَيكلة المصارف، او قطاع الخدمات المشلول بالكامل، ولا سيما ترك قطاع الكهرباء يزداد اهتراء، وثمة معطيات تَرِد الينا من لبنان، تؤكد انه لن يطول الوقت ليصبح وضع الكهرباءمعدوماً بالكامل.

واستغرب المسؤول ما سمّاه «التخبّط في مقاربة ملفات اساسية، فقد اقرّ المجلس الينابي منذ فترة قانونا متعلقا بالسرية المصرفية، وهذا امر جيد، ولكن المستغرب في هذا المجال، ان يبقى هذا الملف عرضة للاخذ والرد، وما اذا كان قد وقّع ليأخذ طريقه الى النفاد ام لم يوقّع. ولفت الى ان ثمة بنودا اساسية تشكل جوهر العملية الاصلاحية، أوّلها القضاء وتنزيهه، وثانيها قانون الكابيتال كونترول، حيث لا نستطيع ابدا ان نتفهّم هذا التقاعس الصادم حيال هذا الامر، برغم ان هذا الامر يشكل السبيل الاساس لحفظ ما تبقى من عملات صعبة في لبنان. يُضاف الى ذلك ما تسمّونها في لبنان «خطة التعافي»، فأين هي؟ ولماذا لا يُصار الى بلورتها بصورتها النهائية؟

وخلص المسؤول المالي الدولي الى القول: وجود اي خطة، مهما كان اسمها، خطة تعاف، خطة انقاذ، خطة نهوض، افضل من لا خطة. فالمطلوب وضع هذه الخطة، وتطبيقها، وإم لم تكن وافية، يُصار الى تحسينها وتطويرها وسد اي ثغرة فيها. اما البقاء كما هو عليه الحال الآن، معناه إبقاء لبنان في المجهول.

مصير الموازنة

الى ذلك، كشفت مصادر نيابية لـ«الجمهورية» ان العقدة الماثلة في طريق الحكومة والمتمثّلة بتحديد سقف الدولار الجمركي، ما تزال قائمة، لا بل انها اكثر من مستعصية، حيث لا يَبدر عن الحكومة اي شيء في هذا المجال.

ولفتت المصادر الى استحالة اقرار الموازنة العامة للسنة الحالية، ما لم يتم تحديد سقف للدولار الجمركي، ولكن ليس على النحو الذي يزيد من الاعباء على اللبنانيين وفق ما كان مقترحاً احتساب الدولار على سعر 20 الف ليرة، علماً انّ بعض الجهات في الحكومة تبالغ في رمي الارقام، وصولاً الى ما اعلنه نائب رئيس الحكومة الذي اقترح ان يعتمد سعر الدولار الجمركي على اساس منصة صيرفة اي ما فوق 27 الف ليرة. ومع ذلك تحاول ان تُلقي بهذه الجمرة على المجلس النيابي برغم ان هذا الامر من صلاحية الحكومة وحدها وفق ما أجيز لها في قانون الموازنة في العام 2018 الذي منحها حق التشريع الجمركي حتى العام 2023.

الأمن مهدد!

في موازاة الضغط المالي والمعيشي، برزت في الساعات الاخيرة تحذيرات امنية من عودة بروز العامل الارهابي، بعد إلقاء القبض على مجموعات داعشية بدأت تتحرّك في بعض المناطق اللبنانية. وآخرها في منطقة النبطية، حيث تمكنت القوى الامنية من كشف احدى الخلايا الارهابية التابعة لتنظيم «داعش»، وألقت القبض على أفرادها.

وقال مرجع امني لـ»الجمهورية» انّ الوضع الامني شديد الدقة والحساسية، وجُهد الاجهزة الامنية مُنصَب على تحصينه، ومنع الخلايا الارهابية النائمة من ان تستغل الوضع القائم في لبنان في ظل الازمة الاقتصادية والمالية، وتحاول ان تربك الوضع اكثر بعمليات تخريبية.

واذ شدد المرجع على ان الوضع الامني في عين الرعاية الامنية، وممسوك بالكامل وقرار الجيش والاجهزة الامنية ان لا تهاون ابداً مع الارهابيين، اكد على التنبّه واليقظة الدائمة من غدر الارهابيين، مشيراً الى ان القوى الامنية والعسكرية تقوم بواجباتها في السهر على الامن، ومكافحة الإرهابيين، وتبذل اقصى طاقاتها لردع أي محاولة للمسّ بأمن اللبنانيين والاستقرار العام. وثمة توقيفات بشكل شبه يومية لعناصر ارهابية، ما يؤكد أنّ عيون الجيش والاجهزة ساهرة.

وفي السياق الامني، احتفل الامن العام اللبناني امس بعيده السابع والسبعين، وكانت كلمة لوزير الداخلية بسام مولوي في الاحتفال الذي أقيم في مقر المديرية العامة للامن العام اكد فيها «وطنية العناصر وولاء هذه المؤسسة للوطن، وان هدفها الوحيد الحفاظ على المؤسسات والدولة». فيما اعتبر المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، في كلمته، أنّ لبنان «يمرّ بواحدة من اصعب واقسى ازماته عبر تاريخه، في ظل اضطرابات تجتاح العالم والمنطقة، وتغييرات جيو-سياسية يعتقد كُثر من سالكي دروبها انها محطة من محطات السلام والازدهار والبناء، فيما نحن نرى ان كل ما يجري من حولنا يشكّل دعوة إلينا لخوض هذه التحديات ومواجهة انعكاساتها السلبية علينا. كيف لا؟ ونحن اصحاب الارض المحتلة والثروات الدفينة، التي يُمنع عنّا حتى الآن استكشافها والتنقيب عنها واستخراجها بفعل الغطرسة الاسرائيلية. لكن حقنا لن يضيع والاحتلال لن يستمر بل سيزول، ليس لشيء الا لأن لبنان اقوى مما يعتقده كثر. فالارض ارضنا والمياه مياهنا والسماء سماؤنا. ولأن اللبنانيين هم اصحاب الحق، فهم الاقوى. وقد قيل بالامس «ما ضاع حقّ وراءَهُ مُطالب»، واليومَ نقولُ: «ما ضاع حقّ وراءه مُطالب وقوة تحميه وتستعيده».

إحتمالات أيلول

وفي مكان أمني آخر، طافَ الجو العام على تساؤلات حول ما قد يحمله شهر ايلول المقبل من تطورات واحتمالات ربطاً بالتهديدات المتبادلة بين اسرائيل و»حزب الله» حول الاستعدادات الاسرائيلية لاستخراج الغاز من حقل «كاريش» خلال الشهر المقبل.

واللافت في هذا السياق، ما يقوله معنيون بملف ترسيم الحدود لـ«الجمهورية» من انّ الغموض هو السيّد على هذا الصعيد، حيث لا يمكن توقّع ما سيؤول اليه الحال في ايلول، فيما لو نفّذت اسرائيل قرارها ببدء استخراج الغاز في الحقل المذكور. الّا ان خبيراً امنياً قال، ردا على سؤال لـ»الجمهورية»، في الشكل والجوهر كل اسباب الحرب قائمة، والموقف متصاعد سواء من قبل اسرائيل او من قبل «حزب الله». وانا بالتأكيد لا آمن لاسرائيل وغدرها، ولكن أسال هل ثمة من يريد الحرب؟ لا اعتقد، كما لا اعتقد انّ اسرائيل ستبدأ باستخراج الغاز، اقول ذلك ربطاً بما يروّج له الاعلام الاسرائيلي بأنّ الموعد الذي حددته اسرائيل لاستخراج الغاز ليس نهائيا بل هو قابل للتعديل. وانّ موعد توقيع اتفاق بين لبنان واسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية قد اقترب، ما يعني ان التعويل ما زال قائماً على مهمة الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين.

ورداً على سؤال آخر، قال: في حال حصلت مفاجآت فإنّ الحرب إن وقعت ستكون آثارها صعبة على كل اطرافها، وهذه الصعوبة قد تكون المانع الاساسي لاندلاعها.

الى ذلك، قال رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيد هاشم صفي الدين في احتفال امس: «نحن في «حزب الله» أخذنا على عاتقنا أن لا يغرق البلد حتى تستهدفه أي قوة خارجية». ودعا الى «أن تكون الأولوية للإنقاذ الذي يعطي الأمل للناس في تحسين وضعها المعيشي والاقتصادي والحياتي والخدماتي، إن كان على مستوى ترسيم الحدود أو الاستحقاقات السياسية والاقتصادية»، مؤكداً أن «لبنان قادر على ذلك وليس عاجزاً إلّا في العقول المُتعفّنة والسياسات التي لا تعرف إلا المناكفات». وقال: «كلما أراد العدو أن يحشرنا من أجل أن يأخذ منّا ما لم يستطع أن يأخذه في المعركة، كلما صبرنا وتحمّلنا وواجَهنا مع تضحيات لنصل إلى نتيجة أفضل، ونحن اليوم على مستوى المقاومة في الموقع الأفضل».

الحكومة اللبنانية

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل