لبنان
شقراء تودّع المجتهد المقاوم السيد محمد علي الأمين
داني الأمين
عم الحزن صباح اليوم، قرى وبلدات جبل عامل، بعد نبأ وفاة العلاّمة المجتهد السيد محمد علي الأمين، بعد عمر مليء بالعطاء والجهاد. رحل السيد الأمين تاركاً بصماته التي لا تحصى، التي جسدها بمواقفه الداعمة للمقاومة والجهاد، فهو من مواليد بلدة شقراء، العام 1920، تلقّى علومه الأولى في مدرسة شقراء الدينية، التي كانت آخر الكتاتيب في جبل عامل. قبل أن يؤسس مدرسة في البلدة، في أواخر الثلاثينات. وبعد سنوات من الكد والتدريس، توجّه الى النجف الأشرف لمتابعة تحصيله العلمي، ليعود عالما برتبة مجتهد. وفي جبل عامل، رافق سماحة السيد موسى الصدر، وأصبح من المقربين اليه، وأسس معه معهد الدراسات الاسلامية في مدينة صور. كما تسلّم ادارة المعاهد الدينية التي أسسها السيد الصدر. وذكر الراحل الأمين هذه المرحلة حين قال " بسبب الصعوبات التي كان يعاني منها طلاّب العلم في النجف الأشرف، من أبناء جبل عامل، حضر الى منزلي في العام 1964 الامام السيد موسى الصدر وقال لي علينا أن نفتح معهد للدراسات الاسلامية في صور، للتخفيف من معاناة الطلاّب، قبل بدئهم بدراسة البحث الخارجي في النجف، وهذا ما كان، لقد بدأنا في التدريس في المعهد، وسرعان ما ازداد عدد الطلاّب، من بينهم القادمين من أفريقيا والفليبين وسيراليون وغيرها، اضافة الى الطلاّب اللبنانيين، الذين كان من بينهم آنذاك العلامة الشهيد السيد عباس الموسوي، والعلامة الشيخ عفيف النابلسي والعلامة الشيخ علي ياسين، كل هؤلاء درسوا مقدماتهم في المعهد، حيث كنت أقوم بتدريس علوم النحو والمنطق وغيرها. حتى أن السيد موسى الصدر قرّر آنذاك أيضاً البدء بتدريس العلوم الخاصة بقراءة العزاء والتدريب عليها، اذ كان عدد قرّاء العزاء حينها اثنين فقط، هما السيد علي الحكيم، اطال الله في عمره، والمرحوم الشيخ علي الطحيني"، ويبيّن الأمين أن " المعهد استمرّ بالتدريس حتى العام 1976، عندما قام العدو الاسرائيلي بقصف المنطقة ما اضطرّ الطلاّب الأجانب الى ترك لبنان بطلب من سفارات بلادهم، وبقي الطلاّب اللبنانيون الذين انتقلوا بعدها الى النجف ألأشرف لمتابعة علومهم". وقد ساهم السيد الأمين في تأسيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، وظلّ عضواً في هيئته الشرعية الى حين وفاته، كما عيّن مفتياً لقضاء بنت جبيل لمدة تزيد على أربعين سنة، وعرف بسعة علومه وتعمقه في علوم القرآن والفقه والنحو والصرف والأدب، وبذكائه الحاد، وكان حفّاظة من النوع النادر، حتى أنه ظلّ يحفظ القصائد في آخر أيامه، بعد أن ضعف بصره، مستعيناً بالمقربين منه.
بقي السيد الراحل صامداً في جبل عامل في بلدته شقراء، حيث عاصر كل الحروب الصهيونية على لبنان. وفقد ولده الشاب محسن في منتصف الثمانينات بعد أن تعرّض للخطف من قبل احدى الميليشيات في بيروت ولم يعرف مصيره حتى الأن.
وكان مكافحا ومدافعا عن المقاومة وخطّها ووثّق هذا الموقف في مئات الخطب التي ألقاها خلال تأبينه للشهداء، الذين صلّى على المئات منهم. وشوهد وهو يبكي عليهم . خصوصا في فترة الحرب ضد سوريا التي كان يعدّ الشهداء فيها " طليعة الدفاع عن الدين والأمة". داعياً في خطاباته الى " الجهاد ودعم المقاومين الشرفاء لمواجهة التكفيريين، وحماية للمقدّسات وحرم السيدة زينب".
طلب في أيامه الأخيرة مقابلة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، فكان له ذلك، واستمرّ لقائه لساعات طويلة.
يشيّع الجثمان الطاهر للراحل السيد الفقيد، ويوارى الثرى في بلدته شقراء، اليوم الجمعة، الساعة السادسة من بعد الظهر، في جبان البلدة.