لبنان
الشيخ الخطيب: انتظار إذن الخارج بمعالجة أزمة النازحين مصيره كاستجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية
اعتبر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ علي الخطيب، أن الخروج من الوضع الذي نعيشه في لبنان يحتاج من الجميع تحمل المسؤولية الأخلاقية والوطنية والخروج من حالة الانقسام الداخلي الحزبي والطائفي التي هي أهم العوامل المساعدة على الفساد، مستنكرًا أن يصل الأمر أن يُتهم أنظف جسم وطني في لبنان وهو المقاومة وبيئتها ويُطالب بنزع سلاحها.
وخلال خطبة عيد الأضحى المبارك التي ألقاها من مقر المجلس، دعا الشيخ الخطيب من المسؤولين اللبنانيين التواصل والتنسيق مع الحكومة السورية لمعالجة أزمة النازحين السوريين التي هي أحد أوجه تخفيف الأعباء عن لبنان، منبهًا إلى أن انتظار الإذن الخارجي في هذا الملف سيكون مصيره مصير الإذن باستجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية.
وقال في خطبتي العيد:
"بارك اللهم لحجاج بيتك الحرام، وتقبّل منهم مناسكهم التي أدوها تنفيذاً لأمرك اذ قلت في كتابك الكريم (ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا) وقلت (وأتموا الحج والعمرة لله) وقلت (فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)، فجعلت الحج مناسك يبتدأ بعد السفر الى الأماكن المقدسة بالإحرام حيث يخلع الحاج كل زينة ويكتفي بالإزار والمئزر غير مخيطة ليتذكر أن الدنيا ليس بدار قرار (وأن الدار الاخرة لهي الحيوان)، متجهاً الى مكة المكرمة مبتدءاً بالطواف حول الكعبة المشرفة سبعة أشواط يصلي بعدها ركعتين تعرفان بصلاة الطواف يتلوها السعي سبعة أشواط بين الصفا والمروة، ثم يأخذ شيئاً من شعره أو اظافره فينهي بذلك ما يسمى بعمرة التمتع، وبذلك يحلّ من الاحرام ليعود الى الاحرام للحج في الوم التاسع من ذي الحجة ليقف في عرفة من بعد ظهر ذلك اليوم الى غروب الشمس وهو يوم عظيم من أيام الله وإن لم يُسم عيداً، لينطلق الجمع الى المشعر الحرام يتعبّدون فيها بالصلاة والدعاء وتلاوة القرآن حتى اذا أشرقت شمس العاشر من ذي الحجة سار الجمع الى منى، ليبدأ أول أعمالها برجم الجمرة الكبرى ثم يضحّي بكبش او ما شابه ولينهي بذلك أهم مناسك الحجّ بالأضحية، ولذلك سُمي بيوم الأضحى الذي جعله الله عيداً للمسلمين وليس للحجيج فقط، ويتشارك المسلمون معاً بالفرحة بهذا اليوم أعاده الله تعالى على جميع اللبنانيين عامة والمسلمين خاصة بالخير والبركة والامن والأمان والصحة والسلامة. والحمد لله الذي جعل هذا اليوم للمسلمين عيدا ولمحمد ذخراً وشرفاً وكرامةً ومزيداً. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والاموات تابع اللهم بيننا وبينهم بالخيرات إنك مجيب الدعوات. بسم الله الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين، اللهم بك آمنا، وعليك توكلنا وإليك أنبنا واليك المصير، وصلّ اللهم على من أرسلته رحمة للعالمين وعلى آله الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين".
وتابع: "أيها الاخوة المؤمنون، كل عام وأنتم بخير وأعاده الله عليكم بالصحة والسلامة وعلى بلدنا بالأمن والأمان، وأن يخرج لبنان واللبنانيون من هذا الواقع المزري الى وضع أفضل والعرب والمسلمين من التفرّق الى التوحّد، ومن المعاناة على كل الأصعدة السياسية والاجتماعية الى حلّ مشاكلهم المختلفة والنهوض ببلادهم. لقد كان الحج أكبر مظهر من مظاهر التوحد بين المسلمين والذي كان دائماً وعلى مرّ تاريخهم الى جانب توحيدهم لله تعالى وإيمانهم وحفظهم وصونهم لكتابه الكريم، الذي يمثّل وحي السماء وخطاب الله للعالمين، وبنبوة رسوله وخُلقه العظيم والصلوات الخمس والصوم والحج والزكاة منارات تعيد الامة الى رشدها كلما شذّت عن الطريق وبَعُدت عن الأهداف التي رسمها الله تعالى لها وأمرها بالسير نحوها لتنهض من جديد. رغم التحديات الكبرى التي واجهتها في تاريخها والعثرات التي وقعت فيها، بقيت هذه الامة ثابتة وبقي الدين حاضراً في وجدان أبنائه، وسيبقى الحج عنواناً من عناوينها الكبرى الى جانب العناوين الأخرى يجمع شتاتها ويعيدها الى الطريق القويم للقيام بتحقيق الأهداف الإلهية الكبرى، والتي تبقى الأمل الوحيد لتحقيق السلام الحقيقي للعالم، وهذا جانب من الحكمة الربانية الى جانب تأكيد العبودية لله تعالى وتوحيده التي ابتغتها في تشريع فريضة الحج وتذكير الامة بالأسس والمبادئ والاهداف التي كانت السبب في وجودها المرتبط بالعبودية لله تعالى وأنها أمة واحدة (إن هذه أمتكم واحدة وانا ربكم فاعبدون) تحمل نفس القيم والاهداف (كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)".
وأضاف "إن حالة التخلّف التي تعاني منها أمتنا اليوم تعود الى أن هذه القيم وهذه الأسس لم تعد تقوم بدورها في حياة الامة، حيث أصبح بعضها مجرد مظاهر بلا مضمون، وجسداً بلا روح، فحافظنا الى حد ما على الصورة والشكل وتركنا الجوهر والمضمون، وحتى الصورة والشكل شُوّها الى حد بعيد، إضافة الى التخلي عن واحد من اهم قواعد الإسلام وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي عملية الإصلاح ومواجهة الفساد، حتى أصبح الفساد القاعدة الحاكمة ليس لدى الطبقة السياسية الحاكمة فقط بل تعدتها الى الشرائح الاجتماعية المختلفة المستفيدة من الفساد أو خائفة على مصالحها المهددة من الحاكم والمتنفّذ. لذلك فإن الخروج من الوضع الذي نعيشه في لبنان يحتاج من الجميع تحمل المسؤولية الأخلاقية والوطنية والخروج من حالة الانقسام الداخلي الحزبي والطائفي التي هي أهم العوامل المساعدة على الفساد، فلا يعقل أن نُدينَ الفساد ونحن جميعاً نرتكبه، ويكتفي كل طرف بتوجيه أصابع الاتهام الى الذين ينتمون الى اخصامه طائفياً او سياسياً او حزبياً، بل وصل الامر أن يُتهم أنظف جسم وطني في لبنان وهو المقاومة وبيئتها ويُطالب بنزع سلاحها، وهو الامر الذي يدل بوضوح على أن هؤلاء يعملون فعلاً على تغطية الفساد وزبائنه، لأنهم يعلمون بأنه ليس باستطاعتهم تحقيق هذا الهدف، مع ان لديهم القناعة بعدم صحة هذا الاتهام، وإنما الهدف هو إرضاء أسيادهم ومواليهم من القوى الخارجية التي تنكّرت لهم في تجارب سابقة واستخدمتهم لتحقيق مآربها ثم تركتهم لشأنهم دون ان تكترث لهم".
واضاف: " آن للبنانيين أن يهتموا بمصالح شعبهم وبلدهم بعد كل هذه التجارب، وليقوموا بأنفسهم بالاتفاق على بناء الدولة على أسس متينة لا يحتاجون معها الى الوقوع في نفس التجارب السابقة من الانقسام السياسي والاحتقان الطائفي، والاحتراب الداخلي الإعلامي أو العسكري مما يؤدي الى تهديم كل ما بنوه، ويحتاجون في إعادة بنائه الى الخضوع الى ما يمليه من يريد تقديم (المساعدة وإعادة الاعمار). إنّ معالجة أزمة النازحين السوريين التي هي أحد أوجه تخفيف الأعباء عن لبنان يستدعي من المسؤولين اللبنانيين التواصل والتنسيق مع الحكومة السورية، وإلا فليخبرونا كيف سيعيدون هؤلاء وبأي طريق، فلا تنتظروا الاذن الخارجي الذي سيكون مصيره مصير الاذن باستجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية، وتعاطوا بمسؤولية في هذه الملفات الوطنية والقومية خصوصاً مع الشقيقة سوريا التي لم تبخل على لبنان يوماً في تقديم الدماء وانجزت ما يسهل وصول الغاز المصري والكهرباء الأردنية، فهي تستحق منا كل الشكر".
وقال: "مبارك للأمة العربية والإسلامية عيد الأضحى وبالأخصّ لجماهيرها ومقاومتها وشهدائها التي تواجه جرثومة الفساد الأكبر الكيان الغاصب لفلسطين وللقدس ومقدسات الامة، العدو الإسرائيلي الذي سيبقى العدو الوحيد ومن يدعمه رغم كل محاولات التطبيع الفاشلة، على أمل ان نرى قريباً محاولات التقريب وإصلاح العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية قد تحققت، وعودة العرب الى سوريا الشقيقة التي لم تتخلف يوماً عن واجبها القومي والإسلامي في نصرة قضاياهم وعلى رأسها دعم المقاومة في لبنان والقضية الفلسطينية والقدس الشريف جنباً الى جنب الجولان والذي لن يبقى تحت رجس الاحتلال".
وعن معنى عيد الاضحى، قال: "أيها الاخوة المؤمنون، أعود الى مسألة عيد الأضحى لنتذكّر ان اهم معانيه هو التضحية والبذل والعطاء في سبيل الله تعالى، وتذكر الفقراء والايتام والمعوزين وما أكثرهم والمرضى وما يعانون في سبيل الحصول على الاستشفاء وثمن الدواء، فانه من أصبح وأمسى ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم، والله الله في الايتام فلا يضيعوا بحضرتكم، فإنها وصية نبيكم وكما جاء في وصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، هذا في الأزمات العادية فكيف ونحن في مصيبة كبيرة، فإذا ما قمنا بواجبنا جاء الفرج من الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم واهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين). ولا تكونوا مصداقاً لقوله تعالى (...وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ* يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ) و اتقوا الله ولو بشق تمرة. كل عام وانتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
الفسادالنازحون السوريونالمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى