لبنان
إطلالة للسيد نصرالله اليوم.. رمزيّة التوقيت والدلالات
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على إعلان حكومة العدو، أمس، أنها لن تستخرج الغاز من المنطقة المتنازع عليها مع الجانب اللبناني، وهذه الخطوة التي يُراد لها أن توقف السجالات والاتهامات والتهديدات، فُسّرت كخطوة استباقية لكلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اليوم، وعشية عودة الوسيط الأميركي في ملف الترسيم عاموس هوكشتين نهاية الأسبوع.
وفقاً للتعليقات والتسريبات في الإعلام العبري أمس، فإن أحد أسباب هذا البيان "الشاذ"، الذي شارك فيه الوزراء الثلاثة، وزير الأمن بني غانتس ووزير الخارجية يائير لابيد ووزيرة الطاقة كارين الهرار، هو التهديدات التي بدأت تصدر عن مسؤولين في حزب الله على خلفية وصول المنصة اليونانية بالقرب من حقل "كاريش"، وتموضعها في جواره.
ولفتت الصحف إلى أنّ إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تأتي في توقيت مدروس هو الساعة 8:35، وهو توقيت له مغزى تذكيريّ بعبارة "انظروا إليها إنها في البحر تحترق"، وهي العبارة التي أطلقها السيد نصرالله في مثل هذه الساعة وتلك الدقائق لإطلالته اليوم، عندما دعا اللبنانيين والعرب والعالم إلى مشاهدة البارجة الاسرائيلية "ساعر" في البحر تحترق بعدما أصابتها المقاومة بصاروخ غير متوقع، ورمزية التذكير تربط بما يمكن أن تصل إليه الأمور إذا اندلعت مواجهة كان عنوانها منصات الغاز الإسرائيلية داخل المناطق المتنازع عليها مع لبنان، وما يمكن أن يكون مصيرها، وفقاً لمعادلة "انظروا إليها إنها في البحر تحترق".
الأخبار| "إسرائيل" تستبق كلام السيّد نصرالله: لن نستخرج الغاز من المنطقة المتنازع عليها
بداية مع صحيفة الأخبار التي اعتبرت أنّه في خطوة لافتة وخارج سياقات المقاربة الإسرائيلية للنزاع الغازي مع لبنان، أعلنت حكومة العدو، أمس، أنها لن تستخرج الغاز من المنطقة المتنازع عليها مع الجانب اللبناني. الخطوة التي يراد لها أن توقف السجالات والاتهامات والتهديدات، فُسّرت كخطوة استباقية لكلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم، وعشية عودة الوسيط الأميركي في ملف الترسيم عاموس هوكشتين نهاية الأسبوع.
وبحسب الصحيفة فإنّ اللافت في الإعلان الرسمي الإسرائيلي أنه جاء في بيان مشترك صدر عن وزير الأمن بني غانتس ووزير الخارجية يائير لابيد ووزيرة الطاقة كارين الهرار، وخصص «لرد الشبهات»، كما ورد في التعليقات العبرية، ولتوضيح «حقيقة النشاط» في حقل «كاريش»، مع التشديد على أن لا نية لدى تل أبيب لخرق المنطقة المتنازع عليها مع لبنان أو التنقيب عن الغاز فيها، ناهيك عن الاستخراج.
وفقاً للتعليقات والتسريبات في الإعلام العبري أمس، فإن أحد أسباب هذا البيان «الشاذ»، الذي شارك فيه الوزراء الثلاثة، هو التهديدات التي بدأت تصدر عن مسؤولين في حزب الله على خلفية وصول المنصة اليونانية بالقرب من حقل «كاريش»، وتموضعها في جواره. وقد حرص البيان على التشديد على أن المنصة تتموضع في الجزء الإسرائيلي من الحدود وفي منطقة خارج أي تنازع بحري مع لبنان، على بعد عدة كيلومترات من «كاريش» وإلى الجنوب منه. مع ذلك، أكد البيان أن "إسرائيل" تنظر إلى هذا الحقل بوصفه ذخراً استراتيجياً وهي مستعدة لحمايته تماماً كاستعدادها لحماية بنيتها التحتية الاستراتيجية. لكن، إلى جانب هذا التأكيد، دعا إلى «تسريع المفاوضات بين "إسرائيل" ولبنان بشأن الحدود البحرية»، ما يعدّ رسالة تهدئة.
وكشف موقع «واللا» الإخباري العبري أمس، أن الولايات المتحدة تدفع باتجاه التهدئة ومنع مزيد من المواقف التي تزيد من التوتر الذي ساد بين الجانبين في الأيام الأخيرة. ونقل عن مسؤول رفيع في الخارجية الأميركية أن «الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية مهمّ بشكل أساسي للشعب اللبناني والاستقرار في المنطقة، ونحن متفائلون بحذر بشأن القدرة على التحرك نحو اتفاق يستند إلى الاقتراح الذي قدمته الولايات المتحدة للجانبين في وقت سابق من هذا العام».
ويبدو أن الولايات المتحدة، ومن خلفها "إسرائيل"، تراهن إلى حد كبير على إمكان التوصل إلى تفاهم ما حول الحد البحري مع الجانب اللبناني، بعدما اقترب التنقيب الإسرائيلي كثيراً من المنطقة المتنازع عليها، وبعدما وصلت الأزمة الاقتصادية في لبنان إلى حد غير مسبوق، من شأنه أن يدفع المسؤولين اللبنانيين لتجاوز اعتبارات كانت تدفع إلى رفض الاتفاقات التي اقترحتها واشنطن، وآخرها «استخراج مشترك» للغاز عبر طرف ثالث.
"إسرائيل" معنية بإبعاد نفسها عن إطلاق تهديدات وتهديدات مقابلة من شأنها الإضرار بكل قطاعها الغازي
وحمل البيان الإسرائيلي الذي شدّد على أنّ مهمة المنصة اليونانية وتموضعها هما خارج المنطقة المتنازع عليها، بل ووفق تعبيرات بني غانتس، «بعيداً من الخط الذي يطالب به لبنان (الخط 29) وإلى الجنوب منه عدة كيلومترات»، إشارة في اتجاهين:
أولاً، أن لا نية لدى العدو للخرق عبر إجراءات آحادية الجانب تمس بالحق الغازي اللبناني، وأنه إذا كانت هناك نيات عدائية ابتداءً، وهي فرضية لا يمكن استبعادها، فإن القرار رسا كما يبدو على تجميد وربما صرف النظر عن نيات كهذه.
ثانياً، أن "إسرائيل" معنية، وعلى أعلى المستويات، على إبعاد نفسها والساحة اللبنانية، وتحديداً حزب الله، عن إطلاق تهديدات وتهديدات مقابلة من شأنها الإضرار بقطاع الغاز الإسرائيلي إنتاجاً واستخراجاً وتسويقاً، الأمر الذي يؤدي إلى تداعيات سلبية لا تقتصر على حقل «كاريش»، بل على كل منشآت إسرائيل الغازية في المتوسط، خصوصاً أن لتهديدات حزب الله صدقية، وهي تعطي مفاعيلها حتى من دون الاضطرار إلى تنفيذها لاحقاً.
البناء: إطلالة للسيد نصرالله بتوقيت له مغزى تذكيريّ بعبارة "أنظروا إليها إنها في البحر تحترق"
من جانبها صحيفة البناء لفتت إلى أنّ إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تأتي في توقيت مدروس هو الساعة 8:35، وهو توقيت له مغزى تذكيريّ بعبارة “انظروا إليها إنها في البحر تحترق”، وهي العبارة التي أطلقها السيد نصرالله في مثل هذه الساعة وتلك الدقائق لإطلالته اليوم، عندما دعا اللبنانيين والعرب والعالم إلى مشاهدة البارجة الاسرائيلية ساعر في البحر تحترق بعدما أصابتها المقاومة بصاروخ غير متوقع، ورمزية التذكير تربط بما يمكن أن تصل إليه الأمور إذا اندلعت مواجهة كان عنوانها منصات الغاز الإسرائيلية داخل المناطق المتنازع عليها مع لبنان، وما يمكن أن يكون مصيرها، وفقاً لمعادلة "انظروا إليها إنها في البحر تحترق".
وأضافت البناء أنّه مجرد الإعلان عن الإطلالة ورمزية الساعة 8:35 كان كافياً لاجتماع وزراء الطاقة والحرب والخارجية في كيان الاحتلال، وإصدار بيان يؤكد حرص حكومة الاحتلال على المسار التفاوضي ودعوتها لبنان لتسريع العودة الى المفاوضات، والتأكيد أن سفينة الاستخراج لم تدخل المناطق المتنازع عليها، أي أنها لم تتجاوز الخط 29، في اعتراف إسرائيلي صريح باعتبار تجاوزه شمالاً دخول الى المناطق المتنازع عليها مع لبنان، وإضافة رسالة تطمين بأن حكومة الكيان لا تنوي الاستثمار في المناطق المتنازع عليها.
وفي النقاش الداخلي اللبناني تقول المعلومات إن يوم السبت سيشهد اجتماعاً لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لبلورة موقف لبناني موحّد قبل وصول الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، على قاعدة التوافق على رفض مقترحه الأخير الذي تضمن اقتطاعاً من مساحة لبنان الاقتصادية التي يتضمنها الخط 23، وقالت مصادر مواكبة لملف ترسيم الحدود البحرية والمفاوضات حولها إن الاتجاه هو لتثبيت اعتبار الخط 23 بالمساحة التي يضمنها للبنان هو الحد الأدنى المقبول لبنانياً كحصيلة للتفاوض، وانه في حال عدم الوصول الى هذه النتيجة، فإن التوافق سيكون على توقيع مرسوم تعديل إحداثيات المنطقة الاقتصادية واعتماد الخط 29 بدلاً من الخط 23 والذهاب الى ربط نزاع حول الحدود البحرية على أساس الخط 29، سواء لدى الأمم المتحدة أو في مخاطبة الشركات العالمية المعنية، وصولاً لفتح الباب لما يمكن أن ينجم عن ذلك من إطلاق يد المقاومة في الدفاع عن حقوق لبنان، التي يصبح الخط 29 إطاراً لها ويصير الاستثمار الاسرائيلي ضمنها اعتداء على حقوق لبنان.
وبحسب المصادر المتابعة أكدت أن الرؤساء متفقون على عدم التفريط بنقطة مما يضمنه الخط 23، وهم يجمعون بالقدر ذاته على الرغبة بإنجاح المسار التفاوضي، وتفادي المواجهة، لكن اذا أقفلت أبواب الحل التفاوضي فلن يكون مقبولاً ان تتنعم “إسرائيل” باستخراج ثروات النفط والغاز ولبنان محاصر، ترفض الشركات العالمية التعاون معه، وتشترط إنهاء الترسيم أولاً، ثم يجري إجباره لقبول صيغة تفاوضية مذلة لا تمنحه الا الفتات.
من جهتها دعت مصادر مطلعة على المسار التفاوضي إلى تبني الدعوة لاعتماد شمال الخط 23 لترسيم حدود المنطقة اللبنانية الخالصة وجنوب الخط 29 لترسيم المنطقة الفلسطينية الخالصة وإبقاء ما بين الخطين بمثابة منطقة حرام لا يمكن الاستثمار فيها إلا بالتقابل كمثال حقل قانا مقابل حقل كاريش.
وتكثّفت الاتصالات والمشاورات بين المقار الرئاسية والمسؤولين المعنيين بملف ترسيم الحدود قبيل وصول الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الى بيروت السبت المقبل، في ظل المعلومات عن اجتماع رئاسيّ مقبل يجمع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للبحث في ملف وتحديد الموقف الرسمي والرد على مقترح هوكشتاين.
وأعلن ميقاتي خلال مؤتمر صحافي من المطار أمس، أنه سيعقد قبل نهاية الأسبوع اجتماعاً مع رئيس الجمهورية لبحث الخطوات الواجب اتخاذها في ما يخصّ ترسيم الحدود البحرية مع “إسرائيل”، وناشد الجميع “وقف السجالات في هذا الموضوع”. وعكس موقف ميقاتي استمرار التخبط والتباين بالموقف الرسمي وعدم الاتفاق على أية نقطة أو خط لعودة لبنان للتفاوض وماذا اذا كان خط 29 الخط التفاوضي أو حدودي، بقوله: “الخط ٢٩ هو أصلاً خط تفاوضي وأنا شخصياً لست على استعداد للقيام بأي عمل ارتجالي يعرّض لبنان للمخاطر. هذا الموضوع يحل بدبلوماسية عالية وبروية، والمسألة قيد الحل سلمياً”.
وأشارت مصادر مواكبة للملف لـ”البناء” أن “الموقف اللبنانيّ سيتضح خلال الأيام القليلة المقبلة بعد معرفة ما يحمله الوسيط الأميركي في جعبته من مقترحات جديدة للحل وموقفه من دخول الباخرة الإسرائيلية وما اذا كان سيطلب من “إسرائيل” التراجع ووقف التحضيرات القائمة على قدم وساق لاستخراج الغاز في المنطقة المتنازع عليها”.
لكن “إسرائيل” وفق المصادر دفعت بالباخرة الى تخوم الخط 29 للضغط على لبنان لتحريك الملف والبدء بعملية ترسيم الحدود البحرية وفق المصلحة الإسرائيلية، وبالتالي لا تريد الحرب، فيما الوسيط الأميركي يأتي الى لبنان بالتنسيق مع “إسرائيل” لانتزاع التنازلات من الدولة اللبنانية ولإقناعها بمقترحه السابق بالاستثمار تحت الماء للحقول المشتركة بين لبنان وفلسطين المحتلة، وبالتالي جرّ لبنان للتطبيع النفطي ـ الاقتصادي”.
وعلمت “البناء” في هذا السياق أن “هوكشتاين اشترط على المسؤولين اللبنانيين عدم مفاتحته بالخط 29 كشرط لزيارته لبنان”.
إلا أن نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب اعتبر أن “موقف لبنان قويّ ونفاوض من موقع قويّ وموحّد”. وأوضح في حديث تلفزيوني الى أن “هناك ملاحظات على طرح المفاوض الأميركي هوكشتاين ولبنان متمسك بها ولا تنازل عن أي حق لبناني”.
وأضاف: “أجزم أن هوكشتاين لم يطلب رداً خطياً لا بل فضّل عدم تقديم ردّ خطي في حال عدم قبول لبنان بطرحه إفساحاً في المجال أمام التفاوض قبل الخروج بموقف حاسم”.
وكشف بوصعب أن “الفريق التقني برئاسة الضابط الذي أعدّ الدراسة طرح أمام الرؤساء الثلاثة خطاً مختلفاً عن الخط ٢٩ وبعض المسؤولين السابقين عن الملف تحدّثوا بشيء أمام المفاوض الاميركي وبشيء آخر في الإعلام”، وقال: “انصح من لم يعد في موقعه التوقف عن الكلام، خصوصاً انه يدرك ماذا فعل وماذا قال وماذا طلب وما يجبرنا نطلع نحكيها”. وتابع: “من يزايد اليوم في موضوع توقيع المرسوم ٦٤٣٣ استند الى تقرير فنّي أعده المعنيون في الجيش اللبناني لكن وجهة نظر هؤلاء هي ان الخط ٢٩ ليس الا خطاً تفاوضياً، وبالتالي توقيع المرسوم من دون ان يكون السير بالخط ٢٩ موقفاً نهائياً من قبل التقنيين والسياسيين سيأخذ البلد الى مكان آخر ولا مصلحة لأحد في خيار الحرب، بل مصلحتنا إنجاز الترسيم وهو ما لا يريده العدو”.
واستقبل الرئيس عون وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب الذي أطلعه على الاتصالات الجارية في اطار معالجة قضية التحركات البحرية التي تقوم بها سفينة وحدة إنتاج الغاز الطبيعي المسال قبالة المنطقة الحدودية البحرية المتنازع عليها”. وأوضح بو حبيب ان “الاتصالات الديبلوماسية جارية لمعالجة الوضع الذي نشأ في المنطقة الجنوبية الحدودية في انتظار مجيء الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية السفير اموس هوكشتاين الى لبنان”.
كما بحث بوحبيب مع سفيرة الولايات المتحدة لدى لبنان دوروثي شيا في موضوع ترسيم الحدود البحرية وأزمة الغذاء العالمي وتم التطرّق الى اللقاءات التي كان عقدها بو حبيب في بروكسل وواشنطن ونيويورك ومسألة النزوح السوري وتداعياته على لبنان، كما تمّ البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين.
ويعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم موقف الحزب من تطورات الملف، خلال إطلالة عبر قناة “المنار”، وبحسب معلومات “البناء” فإن نصرالله سيوضح ملف الترسيم بأدق التفاصيل ومن كافة جوانبه، وسيعلن الموقف في نهاية الكلمة، وسيردّ على حفلة المزايدات والاتهامات التي تأخذ عليه عدم اتخاذ خطوات عملية ضد العدوان الإسرائيلي، كما يتطرق الى موقف الدولة ويرد على التهديدات الإسرائيلية”. ولفتت المعلومات الى أن “حزب الله لن ينتظر الدولة إذا بدأت "إسرائيل" باستخراج وسيتخذ خطوات ميدانية لمنعها”. وفي السياق كشفت مصادر مطلعة لـ”البناء” أن “حزب الله شكل فريقاً من التقنيين لدراسة الواقع الميدانيّ وتقديم تقرير لقيادة المقاومة، وإن أظهر أن “إسرائيل” بدأت بالاستخراج فسيبنى على الشيء مقتضاه”.
في المقابل أعلن وزير الدفاع “الإسرائيلي” أن “منصة كاريش للغاز تقع في المناطق الإسرائيلية وليس في المنطقة التي يتم التفاوض عليها بين “إسرائيل” ولبنان.
وأوضح مصدر مطلع ومعني بالملف لـ”البناء” أن المسؤولين الإسرائيليين يلعبون على الكلام وعلى الخطوط بأن الباخرة بعيدة عن منطقة النزاع، لكنه يقصدون الخط بين 1 و23 المعترف به في الأمم المتحدة، وبالتالي لا يقصدون الخط 29 الذين لا يعترفون به مطلقاً”، لذلك على الدولة اللبنانية توقيع مرسوم 6433 وإيداعه لدى الأمم المتحدة وبعدها نثبت حقنا في حدودنا وحقوقنا ضمن الخط 29 التي تتحول رسمياً ودولياً الى منطقة متنازع عليها وبالتالي نثبت أن باخرة التنقيب الإسرائيلية تخرق هذه المنطقة”.
وحذّر المصدر من أن “الإسرائيلي يشغل الدولة اللبنانية بمسألة الاتجاه الذي تمركزت به الباخرة جنوب الخط 29 أو شماله وذلك لحرف الأنظار عن جوهر وحقيقة الاعتداء الإسرائيلي”، ولفتت الى أنه “ليس المهم دخول الباخرة المنطقة المتنازع عليها من عدمه، بل المهم عملية “شفط” النفط والغاز الذي سيبدأ بعد تركيز المنصة ومدّ القواطع الى قعر البحر في حقل كاريش المشترك، إن لم يتخذ لبنان الخطوات السريعة لتدارك الموقف وتثبيت حقه وحماية ثرواته. كما حذّر المصدر من أن “إسرائيل” ستصبح جاهزة لاستخراج أول سنتم مربع من الغاز خلال مدة شهرين الى ثلاثة أشهر إن لم يستطع لبنان ردعها”.
وشدّد المصدر على ضرورة أن يسارع لبنان الى توقيع المرسوم وإرساله الى الأمم المتحدة ثم توجيه إنذار للشركة الراسية على مقربة من الخط 29 بأنها ستنقب في المنطقة المتنازع عنها وإذا لم تلتزم وتعود أدراجها يصار الى تهديدها بالقوة العسكرية.
ودعا المصدر الدولة الى بلورة الموقف الرسمي الموحد بشكل سريع لاستباق زيارة هوكشتاين الى لبنان خلال أيام، وذلك لفرض أمر واقع وذلك لدفع الوسيط الأميركي لثني “إسرائيل” عن عدوانها ودعوة كافة الأطراف الى المفاوضات للبحث عن حل للنزاع وبعدها يعود لبنان الى طاولة التفاوض من منطلق قوة لا موقع ضعف. وقال: “أفهم التأخير بتوقيع المرسوم حرصاً على الوساطة الأميركية وعلى مسار التفاوض وعدم وجود خطر داهم، لكن لا نفهم التريث والتمهل بموضوع المرسوم بعدما أعلنت “إسرائيل” دخول الباخرة للبدء باستخراج الغاز”.
وربطت أوساط سياسية بين الحصار الأميركي – الخليجي على لبنان وبين ملف ترسيم الحدود، مشيرة لـ”البناء” الى أن “الأميركيين جمدوا عملية استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن الى لبنان للضغط على الحكومة اللبنانية للتنازل بملف ترسيم الحدود لصالح "إسرائيل"”.
وفي سياق ذلك، دعا وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال، وليد فياض، المجتمع الدولي إلى “التدخل لإنصاف لبنان في أحقيته باستخراج النفط والغاز من مياهه الاقليمية في البحر الابيض المتوسط”، مؤكداً أنّ “الموافقة النهائية من الإدارة الأميركية على مشروع جرّ الكهرباء من الأردن إلى لبنان عبر سورية، لم تصدر بعد، وأن هناك تأخيراً عن التوقعات بالرد منذ نحو 3 أشهر”.
وقال فياض على هامش مؤتمر إقليمي للحوار حول الطاقة بين منطقة الشرق الأوسط وأوروبا يقام في الأردن بدعم ألماني: “إنّ هناك حاجة لإنهاء الموافقات على جر الكهرباء إلى لبنان من الأردن عبر سورية قبل أشهر الصيف المقبلة، وإن لبنان في الوقت ذاته لا بد أن يبحث عن بدائل أخرى لتزويده بالطاقة”.
على صعيد آخر، تم تأجيل جلسة استجواب مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون أمام المجلس التأديبي الى 6 تموز المقبل، بعد أن تقدمت بطلب استمهال لتعيين محامٍ. وقالت عون عند وصولها الى قصر العدل للمثول أمام المجلس التأديبي: “أنا ملفي نظيف ولأني وقفت ضد المنظومة الفاسدة عم بتحارب”.
النهار: المفاوضات على الحدود البحرية بين لبنان و"إسرائيل" على خلفية الانتخابات الرئاسية المقبلة
بدورها صحيفة النهار رأت أنّ الجدل الذي نشأ في لبنان حول تنقيب "إسرائيل" عن الغاز في حقل “كاريش” في غياب اتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، ليس مستغرباً لا في توقيته ولا في مصادر انتشاره. فقد أُثير هذا الجدل بحجة أن التنقيب الإسرائيلي بدأ في منطقة “كاريش”، في حين أن شركة “انرجيان” Energean الإسرائيلية اليونانية المسجلة في لندن ربطت حقل انتاجها للغاز في “كاريش” بأنبوب الغاز في آذار الماضي بعدما تم انجاز العمل الاستكشافي والتنقيبي وبدأ الإنتاج. وهذا الخط ينقل الغاز من “كاريش” الى منطقة الشاطئ التي تبعد مسافة 90 كيلومترا عن مركز الإنتاج حيث توجد منظومة إعداده لاعادة ربطه بالانبوب الداخلي الإسرائيلي للتوزيع على المستهلكين، وجزء منه يصدَّر الى شرق المتوسط.
وكانت الشركة الإسرائيلية اليونانية بدأت حفر الآبار عام 2019 في “كاريش” وهي الآن تستعد لاستخراج الغاز في الأيام المقبلة. وهذا يعني ان التنقيب والتطوير حصلا في “كاريش” قبل سنوات ولم ينتظر الجدل العقيم الدائر في لبنان الذي يتخبط بخلافاته وانهياره الاقتصادي والسياسي. لكن توقيت الجدل في شأن المفاوضات على الحدود البحرية بين لبنان و"إسرائيل" له خلفية أساسية حاليًا هي الانتخابات الرئاسية المقبلة في لبنان ونيّة صهر رئيس الجمهورية النائب جبران باسيل ان يكون خليفة عمه، وان يعقد صفقة مع الاميركيين لرفع العقوبات عنه وافساح المجال أمامه ليكون الرئيس المقبل، بحسب الصحيفة.
وتابعت الصحيفة، الأسئلة المطروحة هي: لماذا ألحّ المسؤولون اللبنانيون على دعوة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين للمجيء إلى لبنان، وماذا في جعبتهم يقدمونه إليه؟ ولماذا استجاب المفاوض الأميركي إذا كان فعلًا سيحضر في نهاية الأسبوع الجاري؟ وهل هناك قنوات أميركية – لبنانية تعمل وراء الكواليس لحوار سرّي بين الطرفين، وهذا احتمال كبير يتردد في أكثر من وسط غربي، إذ لا يمكن لهوكشتاين أن يتحدث مع باسيل مباشرة لأن الأخير يخضع لعقوبات أميركية، لكنه قد يطمح إلى إنجاز معيّن مع الجانب اللبناني مثلما فعل جاريد كوشنر مع دولة الإمارات في اتفاق إبراهام.
وأضافت الصحيفة، ربما يتطلع هوكشتاين إلى مثل هذا الإنجاز مع لبنان، خصوصًا أنه يدرك تمامًا أن باسيل هو الذي بامكانه أن يقدم التنازلات ويعطي نتيجة للمفاوضات لأنه يملك كل نفوذ عمه وهو معروف بأنه رئيس الظل في الأوساط الاميركية. وهوكشتاين يدرك أن الرئيس ميشال عون ابقى مرسوم تعديل الخط 23 إلى 29 من دون توقيعه لأسبابه الخاصة. ومصلحة البلد كانت تقتضي أن يوافق على خط فريديريك هوف ويتم الاتفاق عليه، وكان عليه أن يدفع حينئذ إلى المضي قدمًا في قبوله وإقناع حلفائه بانه الخط الواقعي الذي يسمح بعودة الشركات الى التنقيب في لبنان.
وكانت “النهار” سمعت من مسؤول في شركة النفط العملاقة “توتال” أنها لن تبدأ التنقيب والعمل في البلوك 9 طالما أنه لن يكون هناك اتفاق على الحدود البحرية بين لبنان و"إسرائيل". والواقع هو على عكس ما يدّعيه نائب حزب الله محمد رعد من انه سيأتي بشركات للتنقيب، فأي شركة عالمية لن توافق على التنقيب والاستكشاف واستثمار المليارات من الدولارات في منطقة متنازع عليها. ربما كان رعد يفكر بشركة إيرانية للحفر والتنقيب، لكن الحقول النفطية الإيرانية نفسها تحتاج الى تطوير وصيانة، ولا يمكن للإيرانيين القيام بها بسبب العقوبات الدولية على المعدات وآليات الحفر، وإيران لا تملك القدرات التمويلية التي تملكها حاليًا الشركات العملاقة.
لذا كان من الأفضل أن يوافق لبنان على الخط 23 ولا يدخل في مناورات رئاسية لمصلحة السيد باسيل الذي أبقى لبنان من دون كهرباء لأكثر من عقد، وهو مستمر في السيطرة على قطاع الطاقة لمصالحه الخاصة. فالقنوات الأميركية موجودة وتُستخدم بين هوكشتاين وباسيل لمصلحة إتمام اتفاق حدودي بين "إسرائيل" ولبنان، لكنه لن يكون لمصلحة الأخير إذا كان من ضمن صفقة لتسلّم باسيل الرئاسة في الأشهر المقبلة، بحسب الصحيفة.