معركة أولي البأس

 

لبنان

القوى منهمكة بالتحالفات في المجلس النيابي الجديد وأثرها على الاستحقاقات المقبلة
19/05/2022

القوى منهمكة بالتحالفات في المجلس النيابي الجديد وأثرها على الاستحقاقات المقبلة

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على كلمة الأمين الام لحزب الله السيد حسن نصرالله التي تناولت الإنتخابات النيابية والتي اعتبر فيها أن  للتهدئة والتعاون مسؤوليّة، مشيرًا الى أن جمهور المقاومة الوفيّ أمّن شبكة الأمان السياسية والشعبية للمقاومة وسلاحها في هذه الانتخابات.

ولفتت الصحف الى المشهد الداخلي الذي لا يزال تحت تأثير نتائج الانتخابات النيابية وأبعادها السياسية وطبيعة التحالفات في المجلس الجديد وأثرها على الاستحقاقات المقبلة، بدءاً برئاسة المجلس النيابي ونائب الرئيس وهيئة مكتب المجلس واللجان النيابية للانتقال بعدها الى استحقاق تكليف وتأليف حكومة جديدة.

"الأخبار": الحجم التمثيلي.. حزب الله أول قوى التغيير ثانياً

بداية مع صحيفة "الأخبار"، التي رأت أنه للمرة الثانية خلال 4 سنوات، يجري اعتماد القانون النسبي في الانتخابات النيابية. رغم تشوّهاته، يتيح القانون تحديد حجم تمثيل الأحزاب التي شاركت في الاستحقاق بدقة. نتيجة انتخابات 2022 أتت كسابقتها: حزب الله الأوّل شعبياً بحصول مرشحيه على أعلى نسبة من الأصوات التفضيليّة، تليه "قوى التغيير".

ارتفع عدد الناخبين الذين شاركوا في انتخابات 2022 إلى 1951683 من 1862103 عام 2018. النسبة الأعلى من التصويت كانت في دائرة الجنوب الثالثة حيث شارك 238 ألفاً و610 ناخبين، فيما سجّلت بيروت الأولى النسبة الأدنى من الاقتراع (48 ألفاً و311 ناخباً). وكان لافتاً العدد الكبير من الأوراق الملغاة أثناء الفرز (57 ألفاً و873)، وكانت النسبة الأعلى منها في دائرة الشمال الثانية (6880 ورقة). فيما ارتفع عدد الأوراق البيضاء (19 ألفاً و308)، كانت نسبتها الأعلى في دائرة الجنوب الثالثة (3042) وأدناها في بيروت الأولى (395).

دائرة الجنوب الثانية (قرى صيدا - صور) كانت الوحيدة التي لم تشهد أي خرق، إذ فاز المرشحون السبعة للائحة «الأمل والوفاء» من دون أن تتمكن أي لائحة أُخرى من بلوغ الحاصل، على عكس دائرتي بيروت الثانية والشمال الثانية حيث وصلت 6 لوائح إلى الحاصل المطلوب. وللدورة الثانية على التوالي، تؤكّد الأرقام أن حزب الله هو الأكثر شعبيةً على الإطلاق بحصول نوابه على 347 ألفاً و171 صوتاً تفضيلياً (مع احتساب أصوات اللواء جميل السيّد)، بزيادة 3951 صوتاً عن عدد الأصوات التي حصل عليها في 2018. ونال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد الرقم الأعلى من الأصوات التفضيليّة في كل لبنان (48 ألفاً و543 صوتاً)، يليه النائب حسن فضل الله (43 ألفاً و234 صوتاً)، فرئيس مجلس النواب نبيه بري (42 ألفاً و91 صوتاً).

قوى «التغيير» كانت الكتلة الأكثر شعبية بعد حزب الله، إذ اقترع 330 ألفاً و527 ناخباً للوائح الـ 24 التي شكّلتها هذه القوى في مختلف الدوائر اللبنانية (من بينها لائحة النائبين أسامة سعد وعبد الرحمن البزري). وتمكّنت 8 لوائح من الوصول إلى حاصل أو 3 على الأكثر، كما مع لائحة «توحّدنا للتغيير» في دائرة الشوف - عاليه التي حازت أعلى رقم من الأصوات التفضيليّة من بين اللوائح، وهو 42 ألفاً و77 صوتاً. فيما سجل المرشح في دائرة بيروت الثانية إبراهيم منيمنة أعلى نسبة أصوات تفضيلية بين قوى الاعتراض (13 ألفاً و281 صوتاً).

وعلى صعيد لوائح قوى الاعتراض، اقترع 141 ألفاً و675 لـ15 لائحة لم تتمّكن من الوصول إلى الحاصل المطلوب، من بينها إحدى اللوائح التي حصلت على 41 ألفاً و20 صوتاً.
وحلّت حركة أمل في المرتبة الثالثة بعدما حصل مرشحوها في كل الدوائر على 176 ألفاً و338 صوتاً تفضيلياً.
وسجّل حلفاء الثنائي الذين ترشّحوا على لوائحه 23 ألفاً و919 صوتاً تفضيلياً. وفي المرتبة الأولى بينهم، حلّ المرشح في دائرة بعلبك - الهرمل ينال صلح بحصوله على 8764 صوتاً. فيما حصلت شخصيات سنيّة مُقرّبة من حزب الله، ولم تترشح على لوائحه، على 59 ألفاً و589 صوتاً تفضيلياً. النسبة الأعلى سجّلها نائب عكار محمد يحيى الذي انضم إلى تكتل التيار الوطني الحر بعد حصوله على 15 ألفاً و142 صوتاً تفضيلياً، يليه حسن مراد بـ9 آلاف و157 صوتاً.

وتمكّن حلفاء الثنائي الدروز ممن ترشحوا على لوائحه أو لوائح مدعومة منه على 2896 صوتاً لطارق الداود، و12 ألفاً و679 صوتاً لكتلة الحزب الديموقراطي اللبناني و10 آلاف و228 صوتاً تفضيلياً لرئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب.
أما حلفاء الثنائي من المستقلين المسيحيين الذين ترشحوا على لوائح وتلقّوا دعمه، فنالوا: 26 ألفاً و861 صوتاً (ناجي البستاني، إيلي الفرزلي، ميشال موسى، إبراهيم عازار...). وحصل على الرقم الأعلى بينهم المرشح على المقعد الماروني في بعلبك - الهرمل عقيد حدشيتي الذي نال 4 آلاف و767 صوتاً.
ومن بين الأحزاب الحليفة للثنائي، نال الحزب السوري القومي الاجتماعي بفرعَيه 8 آلاف و237 صوتاً.

مسيحياً، سُجل تراجع كبير في شعبية التيار الوطني الحر الذي حصل في 2018 على 276 ألفاً و610 أصوات، فيما نال في هذه الدورة 116 ألفاً و665 صوتاً، وكانت أعلى نسبة أصوات تفضيليّة للمرشح في دائرة بعلبك – الهرمل سامر التوم (11 ألفاً و343 صوتاً)، تليه المرشحة على المقعد الماروني عن دائرة كسروان ندى البستاني (11 ألفاً و338 صوتاً تفضيلياً).
وبتراجع التيار الوطني الحر، حل حزب القوات اللبنانيّة في المرتبة الرابعة لبنانياً والأولى مسيحياً بحصول مرشحيه على 171 ألفاً و683 صوتاً تفضيلياً في مقابل 162 ألفاً و78 صوتاً عام 2018. الرقم الأعلى سجّله المرشح القواتي في دائرة بعلبك – الهرمل أنطوان حبشي، إضافة إلى تحالف القوات مع شخصيات مسيحيّة مستقلّة حصلت على أكثر من 30 ألف صوت تفضيلي، من بينها المرشحة في جزين غادة أيوب (7 آلاف و953 صوتاً) قبل أن تعلن انضمامها إلى كتلة القوات النيابية. فيما لم يتمكن حزب سمير جعجع من التحالف مع شخصيات شيعية لها ثقلها، ولم ينل حلفاؤه الشيعة أكثر من 1623 صوتاً.
وحصل حزب الكتائب على 24 ألفاً و516 صوتاً، سجّل نسبتها الأعلى رئيس الحزب سامي الجميل (10 آلاف و466 صوتاً تفضيلياً)، ونسج الكتائب تحالفات مع مسيحيين مستقلين نالوا أكثر من 22 ألف صوت تفضيلي، من بينهم نعمة افرام (10 آلاف و743 صوتاً).

مسيحياً أيضاً، حلّ حزب المردة خلف الكتائب بحصول مرشحيه على 17 ألفاً و977 صوتاً نال الرقم الأعلى منها طوني فرنجية (8945)، إضافة إلى تحالفات مع شخصيات مسيحية مستقلة سجّلت أكثر من 7 آلاف صوت.
ورغم أن الطاشناق يُعدّ الأول شعبياً على الساحة الأرمنية إلا أنه مسيحياً جاء في المرتبة ما قبل الأخيرة التي يحتلّها حزب الوطنيين الأحرار الذي نال في 3 دوائر انتخابية 3 آلاف و637 صوتاً.
ونالت شخصيات مسيحية ترشّحت ضد الأحزاب المسيحيّة الأكثر تمثيلاً (كفريد هيكل الخازن، رينيه معوّض، مجد حرب، ميشال ضاهر) ما يقارب 31 ألفاً و40 صوتاً، كانت النسبة الأعلى فيها لميشال الياس المر (15 ألفاً و997 صوتاً).

درزياً، لم يترك وليد جنبلاط له منازعاً. فحلّ الحزب التقدمي الاشتراكي في المرتبة الخامسة وطنياً، إذ حصل مرشحوه الدروز والسني بلال عبدالله على 66 ألفاً و131 صوتاً تفضيلياً، أعلاها لتيمور جنبلاط (12 ألفاً و917)، إضافة إلى حصول مرشحيه المسيحيين حبوبة عون وراجي السعد على 9 آلاف و184 صوتاً.

الساحة السنية
أما على الصعيد السني، فكانت جمعية المشاريع الخيرية الكتلة السنية الأكثر شعبية وحلّت في المرتبة السابعة في لبنان بحصول مرشحيها على 23 ألفاً و112 صوتاً، أعلاها لمصلحة نائبها عدنان طرابلسي، تليها الجماعة الإسلامية التي حصدت 19 ألفاً و978 صوتاً تفضيلياً.

في المقابل، سُجل حضور شخصيات سنيّة مستقلة كفؤاد مخزومي (10021)، عبد الرحمن البزري (8526)، أسامة سعد (7341)، نبيل بدر (5631)، ليبلغ مجموع هذه الكتلة 31 ألفاً و519 صوتاً.
ونال مرشحون سنة خرجوا من رحم تيار المستقبل ولكنهم لم يترشحوا على لوائح القوات أو الرئيس فؤاد السنيورة، (كمحمد القرعاوي، عمر حلبلب، وليد البعريني، محمد سليمان...) أكثر من 55 ألف صوت، وكانت النسبة الأعلى من هؤلاء لسليمان (11340) والبعريني (11090). في حين حصلت الكتلة السنية التي ارتضت التحالف مع القوات أو السنيورة أو كليهما على 50 ألف و466 صوتاً تفضيلياً (أشرف ريفي، زيدان الحجيري، صالح الشل، طلال المرعبي، خالد ضاهر...). وأتت النسبة الأعلى من الأصوات التفضيليّة لمصلحة ريفي بحصوله على 11 ألفاً و593 صوتاً تفضيلياً و26 ألفاً 285 صوتاً لصالح لائحته في طرابلس.
وفي الإطار عينه، تمكن السنيورة من دعم عشرات المرشحين والمرشحات السنة (لائحة بيروت تواجه مثلاً) من دون أن يكون هؤلاء على تحالف مع القوات. ونال هؤلاء 18 ألفاً و960 صوتاً تفضيلياً، وكانت النسبة الأعلى بين هؤلاء في الضنية لصالح سامي فتفت.

علوياً، صوّت 4969 ناخباً لصالح مرشحين في لوائح تدور في فلك 8 آذار، و1490 لمرشحين علويين من 14 آذار.
أما نسبة الأصوات الأقل التي تمكن فيها نائبٌ من التربع على المقعد النيابي فكانت للمرشح عن مقعد الروم الأرثوذكس في طرابلس جميل عبود (79). في حين نال المرشح على لائحة جمعية المشاريع الخيرية في دائرة بيروت الثانية إياد البنا على ثلاثة أصوات فقط، وهو أقل عدد من الأصوات من بين المرشحين على لوائح تمكنت من الوصول إلى الحاصل!.

تظهر المداولات الأولية، التي تجرى ببطء على هامش نتائج الانتخابات، أن لبنان أمام أيام حاسمة: إما أن يدخل في مواجهة سياسية واسعة تؤدي الى تعطيل عمل المؤسسات، بما فيها المجلس النيابي قبل بدء عمله، أو تفتح الباب أمام تسوية ستكون حكماً مختلفة عما كان سائداً، ربطاً بالواصلين الجدد الى المجلس النيابي. فيما يُنسب إلى شخصيات يجري تقديمها باسم «قوى التغيير» أن مساعيها لتشكيل جبهة سياسية واسعة تتطلّب حسم الموقف من عناوين كثيرة، أهمها من ستنتخب لرئاسة المجلس النيابي، ومدى الاستعداد للمشاركة في حكومة وحدة وطنية موسعة.

في غضون ذلك، برزت ملامح لمواقف الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالوضع في لبنان. في السعودية، مثلاً، يسود مناخ بأن حلفاء الرياض «حققوا إنجازاً يُبنى عليه». ترجمة ذلك أن الفريق القريب من السعودية مستعدّ لمقايضة التصويت أو تسهيل إعادة انتخاب نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي، في مقابل تسهيل فريق حزب الله وحلفائه ترشيح رئيس للحكومة يمثل حلفاء الرياض، بما يعيد إلى هذا الفريق التوازن قبل معركة رئاسة الجمهورية. ويبدو ممّا نقل عن الرياض أن هناك فيتو سعودياً أوّلياً على إعادة تسمية نجيب ميقاتي رئيساً لحكومة انتقالية تستمر حتى الانتخابات الرئاسية، مع تسجيل حركة سياسية غربية في الساعات الماضية أعادت طروحات قديمة إلى التداول، من بينها تسمية نواف سلام لرئاسة الحكومة، علماً بأن ترشيح الأخير طُرح منذ استقالة الرئيس سعد الحريري بعد ١٧ تشرين. ويبدو أن القوى الغربية، وتحديداً الولايات المتحدة التي ترى أن الانتخابات أوصلت إلى البرلمان مجموعة من النواب «التغييريين» و«المستقلين» المعروفين بولائهم لواشنطن، عادت إلى طرح اسم سلام باعتبار أن هناك إمكانية لتأمين غالبية تسمّيه للمنصب تتألف من القوات اللبنانية وحلفائها ومن عدد من النواب الجدد، إضافة إلى قوى سياسية تقليدية. وكان سلام قد رفضَ قبل الانتخابات كل محاولات الرئيس فؤاد السنيورة لإقناعه بالترشح للانتخابات في دائرة «بيروت الثانية»، وعلّل رفضه هذا بأنه «لا يُريد أن يحرق نفسه في هذا الاستحقاق، ما دام اسمه في بورصة المرشحين لرئاسة الحكومة».

ووفق مصادر مطّلعة، فإن طرح سلام إشارة إلى «استمرار المشروع الذي يريد دفع البلاد إلى المواجهة». إذ إن سلام ليس شخصية تسووية، و«من يشجع على هذا الطرح لم يقرأ جيداً نتائج الانتخابات في الأرقام وفي السياسة»، مشيرة إلى أن اسم الرئيس ميقاتي سيبقى مطروحاً محلياً، ومن قبل الفرنسيين أيضاً.
هذه الأجواء تشير إلى آفاق مغلقة في المرحلة المقبلة وإلى خشية من عدم إمكان تشكيل الحكومة التي ستكون حلبة الصراع الأساسية، وخصوصاً أنها تأتي قبيل أشهر من الانتخابات الرئاسية، وأنها من يفترض أن يمسك بمقاليد الأمور في حال الفراغ الرئاسي المرجح في ظل عدم نضوج التسويات الإقليمية.
في غضون ذلك، بدأت المداولات في الصالونات السياسية حول انتخابات رئاسة المجلس الجديد والترشيحات لمناصب رئيسية، من بينها نائب الرئيس وأعضاء مكتب المجلس، فيما فُتحت لعبة المقايضة، وخصوصاً أن خصوم حزب الله يريدون إحراجه بعدم التصويت للرئيس بري، اعتقاداً منهم بأن الحزب غير قادر على ضمان وصول رئيس للمجلس من حلفائه، وأن الأمر يحتاج الى تبريد الرؤوس الحامية، بعدما أظهرت الاتصالات الأولية وجود تحالف متنوع يبدأ بحزب الله وينتهي بالحزب التقدمي الاشتراكي، ويضمّ عدداً غير قليل من الكتل الصغيرة أو المستقلين ممن يمكنهم توفير غالبية بسيطة لإعادة انتخاب بري في حال قرر حزب القوات اللبنانية وبعض المجموعات المعارضة من الواصلين الجدد المقاطعة. وأن بين المقربين من بري من يطرح جدياً ترشيح النائب المنتخب ملحم خلف نائباً لرئيس المجلس، مع محاولة إطلاق حفلة مقايضات على إدارة اللجان النيابية الرئيسية.

"البناء": السيد نصرالله للتهدئة والتعاون مسؤوليّة… ونحو قانون انتخاب لا طائفيّ ونسبيّ ولبنان دائرة واحدة

بدورها، اشارت صحيفة "البناء" الى أن المعارك الانتخابية حطّت رحالها، وأنهى كل طرف معركته الإعلامية لتوظيف نتائج الانتخابات في قراءة يوجّهها نحو الداخل والخارج تؤكد مقارباته، إن لم تستطع تأكيد انتصاره، بعدما صار محسوماً أمر فشل محاولة نيل الأغلبية اللازمة لتشكيل حكومة مواجهة مع المقاومة، كما صار محسوماً تعادل القوى في الساحة المسيحية بين القطبين الكبيرين، التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وانتهت الرهانات على محاولات شطب التيار الوطني الحر أو إضعافه الى حد التهميش، بعدما تمّ تحويله الى هدف حر للرماية خلال سنتين ونصف منذ 17 تشرين الأول، واعتباره الخاصرة الرخوة التي يمكن لزعزعة مكانتها المسيحية توجيه اصابة بالغة للمقاومة، وصارت حدود الاستثمار الممكن في نتائج الانتخابات وتوظيفها، محصورة بالتباهي بفوز هناك أو تسجيل نقطة على الخصم بخسارة هناك، فتباهى التيار بنتائج عكار، ومثله فعلت القوات اللبنانية بفوز بعلبك، وسجل التيار على القوات خسارتها لمقعد في بشري، وسجل عليها خسارتها في جزين، وتباهت قوى التغيير والمجتمع المدني بفوزها، في بيروت والجبل والجنوب والبقاع، وبالمقابل صارت قوى التغيير موضع تندّر بتركيبة لوائحها التي حملت مفاجأة فوز النائب فراس سلوم عن المقعد العلوي في الشمال وظهوره مدافعاً عن المقاومة وسورية، لكن بالنسبة للجميع يفترض أن تكون قد انتهت السكرة وجاءت الفكرة، وباتت على الجميع الإجابة عن سؤال حول خريطة الطريق للمرحلة المقبلة، فلا استحقاق انتخابيّاً قريباً يسمح لأحد بالقول نحتكم غداً للانتخابات والانتخابات انتهت بالأمس، فما هي خطة العمل، غير القدرة على الاستمرار بالمناكفات والسجالات، وتثبيت العجز والفشل، فلا أكثرية نيابية قائمة عفوياً لصالح حلفاء المقاومة، كما كان الحال قبل الانتخابات، يمكن أن تتجه نحوها الأنظار لمطالبتها بتشكيل حكومة وتحمل مسؤولية الحكم، ومَن كان يرغب بنيل الأغلبية لفتح باب المواجهة مع المقاومة فشل في مسعاه، ولا إمكانية لولادة حكومة الا اذا حدث توافق ينتج أغلبية، ولا يكفي لإنتاج هذه الأغلبية أن تلتقي القوات اللبنانية والكتائب ومسيحيي قوى 14 آذار مع مَن يؤيد طروحاتهم لمواجهة المقاومة من قوى التغيير، فمجموع هؤلاء أقل من ثلث مجلس النواب، وليسوا فقط أقل من نصفه المطلوب لنيل الأغلبية، وقوى المقاومة لن تسعى لتشكيل أغلبية بالتعاون مع شخصيات وسطية وبعض نواب التغيير، تحت عنوان مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية وتتحمل المسؤولية، فيما يقوم خصومها بالتفرّج والتهرب من المسؤولية، وتسجيل النقاط.

هذه العناوين كانت محور رئيسي في كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، التي خصصها لتقييم نتائج الانتخابات ورسم آفاق ما بعدها، حيث دعا السيد نصرالله إلى اولوية التهدئة، والانتقال الى البحث في كيفية تحمّل المسؤولية، شارحاً حجم التحديات التي تفرضها أولويات الناس، في الكهرباء والمحروقات والخبز وسعر الصرف ومصير الودائع، ودعا نصرالله للتمييز بين الأحجام النيابية والأحجام الشعبية للقوى السياسية، في ظل قانون انتخابات قائم على عدم اعتماد معايير موحّدة في توزيع الدوائر بقياس عدد ناخبيها وعدد نوابها وبالتالي عدد الأصوات اللازم لنيل مقعد نيابي فيها، ليقول إن المعادلة الديمقراطية اللبنانية لن تستقيم حتى يعتمد قانون انتخاب خارج القيد الطائفيّ على أساس التمثيل النسبيّ في لبنان دائرة واحدة.

الاستحقاق الأول الذي أوحى كلام السيد نصرالله بأنه يحتاج إلى تدوير الزوايا والتفاهمات والنقاشات الهادئة، هو انتخاب رئيس ونائب رئيس لمجلس النواب، وانتخاب هيئة مكتب المجلس ورؤساء اللجان النيابية، فيما قالت مصادر نيابية إن ثنائي حركة أمل وحزب الله يتجه لبدء تشاور مع الكتل النيابية بلا استثناء للتداول في فرص التوافق على سلة متكاملة تضمن توزيعاً عادلاً يتمّ الإجماع عليه يراعي التوازنات الطائفية وأحجام الكتل النيابية، بينما بدأت الكتل تتسابق على الترشيحات، خصوصاً لمنصب نائب الرئيس الذي أعلن التيار الوطني الحر ترشيح النائب الياس بوصعب لنيله، ومثله فعلت القوات اللبنانية بتسمية النائب غسان حاصباني مرشحاً، بينما تحدثت الكتل التغييرية عن التداول بترشيح النائب ملحم خلف لمنصب نائب رئيس المجلس، خلال اجتماع ضم أعضاء جميع الكتل الجديدة، تحت عنوان البحث في الانضمام لكتلة واحدة، وبقيت العقدة التي ستتحكم بترجيح كفة المرشح الأبرز لمنصب نائب رئيس المجلس تتمثل بمعرفة مَن يسبق الآخر للتفاهم مع الثنائي على السلة المجلسيّة بين المتنافسين، فيسير بتسمية الرئيس نبيه بري كرئيس للمجلس الجديد مقابل نيل دعم الثنائي لدعم ترشيح من اختاره لمنصب نائب الرئيس، ليتقاسم الآخرون مناصب رئاسة اللجان المهمة، خصوصاً لجنة المال والموازنة ولجنة الإدارة والعدل.

وأكد السيد نصرالله أن جمهور المقاومة الوفيّ أمّن شبكة الأمان السياسية والشعبية للمقاومة وسلاحها في الانتخابات النيابيّة، رغم كل التهويل والتهديد لإخافة الناس.

بدورها، دعت كتلة “الوفاء للمقاومة” النيابية، في أول اجتماع لها بعد الانتخابات “كل القوى والتيارات والجهات السياسية المتنافسة، إلى وقف السجالات الانتخابية، والتوجّه فوراً نحو مباشرة الاهتمام العملي للنهوض بالوضع البائس للمواطنين وبالوضع المتردّي للدولة ولمؤسساتها التي هشّمتها الأزمة الاقتصادية لغاياتٍ ومآرب سياسيّة أرادت أن تستهدف الخيارات الوطنيّة للبنانيين ولم تتورّع عن التلاعب بسعر العملة الوطنية وبالغذاء والدواء وكلفة العيش وشلّ الإدارة من أجل الضغط لتبديل تلك الخيارات أو التخلي عنها، وتسويق خياراتٍ انهزاميّة مموّهة تتناقض مع المصالح الوطنيّة للبنان واللبنانيين عموماً”.

وجدّدت الكتلة “التزامها العمل من أجل مصلحة لبنان السيد الحر المقاوم ومن أجل صون كرامة اللبنانيين وإعادة بناء دولتهم التي تحترمهم وتقوم بواجباتها إزاءهم على صعيد توفير الأمن والغذاء والصحة والتعليم والعمل والتنمية. وتتعهّد أن تلتزم سياسة حزب الله وتوجيهات سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله في كل مواقفها وأدائها”.

بدوره، لفت رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى “أننا كنا حاسبين 3 و”طلعلنا 2” بعد خرق من قبل قوى التغيير الذين لا نعتبرهم أخصاماً وأهلاً وسهلاً بهم وأنصحهم بأن لا يضعوا شروطاً على أنفسهم كي لا يصبحوا معزولين لأن الواقع شيء والمثاليات شيء آخر”.

وقال “زمطنا بريشنا” بعد هذه المعركة الغريبة العجيبة”، مضيفًا في مؤتمر صحافي: ارتضينا هذا القانون، لكن يجب أن يتم تغييره فهو بحاجة لـ3 أيام و30 كومبيوتر لإجراء الحسابات. وأردف “علينا أن ننظر إلى الأمام لنرى كيف يمكن إنقاذ بلدنا وإذا لم نشارك كلنا في حكومة وحدة وطنية “بكربج” البلد وعلينا أن نتحاور وأن ننفتح على بعض”.

وأكد فرنجية أن “لا علاقة لنتيجة الانتخابات بحسابات الرئاسة ومن ليس معه الأكثرية معه الثلث المعطّل ومن اليوم الأوّل تمّ طرح اسمي ولم أطرح نفسي مرشحاً للرئاسة”.

ولا يزال المشهد الداخلي تحت تأثير نتائج الانتخابات النيابية وأبعادها السياسية وطبيعة التحالفات في المجلس الجديد وأثرها على الاستحقاقات المقبلة، بدءاً برئاسة المجلس النيابي ونائب الرئيس وهيئة مكتب المجلس واللجان النيابية للانتقال بعدها الى استحقاق تكليف وتأليف حكومة جديدة.

وإن كان الاصطفاف السياسي لأغلب الكتل النيابية التي تمثل الأحزاب السياسية ظاهراً بوضوح في المجلس الجديد، فإن العيون منصبّة على النواب المحسوبين على قوى التغيير والمجتمع المدني لجهة مواقفهم واصطفافهم حيال العناوين المحلية والقضايا السياسية الكبرى والاستراتيجية والسيادية، وما إذا كانوا سينضوون ضمن تكتل نيابي واحد أم ضمن تكتلات عدة.

وأفادت وسائل إعلام أن 14 نائباً من “قوى التغيير”، عقدوا اجتماعاً أمس في أحد فنادق بيروت لتشكيل كتلة، ودراسة الخيارات المقبلة في استحقاق رئاسة المجلس واستشارات التكليف وغيرها من الملفات.

وتوقعت مصادر نيابية لـ”البناء” أن تبدأ المشاورات حول استحقاق رئاسة المجلس مطلع الأسبوع المقبل، مشيرة الى أن “الاتفاق سيشمل رئاسة مجلس النواب ونيابة الرئيس وهيئة مكتب المجلس واللجان النيابية ضمن سلة واحدة”، لافتة الى أن غياب أي مرشح شيعي منافس للرئيس بري سيفرض على كافة الكتل النيابية انتخاب بري أو تأمين النصاب لعقد الجلسة لإنجاز هذا الاستحقاق كمدخل لإنجاز بقية الاستحقاقات”، وأوضحت أن الميثاقية تفرض على الجميع الموافقة على رئاسة بري للمجلس ما دام ثنائي أمل وحزب الله متفقاً على هذا الأمر، كما احترم الثنائي الطوائف الأخرى أكان المسيحيين في رئاسة الجمهورية أو السنة في رئاسة الحكومة”. ووصفت المصادر مواقف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية برفض انتخاب بري، في اطار رفع السقف التفاوضي لمقايضة كل واحد منهما، الثنائي بتجيير أصواته لبري مقابل الحصول على نيابة رئاسة المجلس.

وفيما رشحت “القوات” النائب غسان حاصباني لهذا المنصب، أعلن عضو “تكتل لبنان القوي”، ألان عون أن “مرشحنا الطبيعي لمنصب نائب رئيس مجلس النواب هو النائب الياس بو صعب وهناك توازنات جديدة في المجلس وسنرى موقف القوى التغييرية”.

وأعلن النائب ملحم خلف أنه لا يسعى لمنصب نيابة رئاسة المجلس، وتوقعت مصادر “البناء” أن يؤول هذا المنصب الى النائب الياس بوصعب ضمن اتفاق بين ثنائي أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر الذي قد يترك الحرية لأعضائه بهذا الاستحقاق.

وتواصلت المواقف الدولية المرحبة بإنجاز الاستحقاق الانتخابي، والداعية الى إنجاز الاستحقاقات المقبلة بسرعة.

فقد حضّت الخارجية الفرنسية في بيان “جميع المسؤولين اللبنانيين على تعيين رئيس مجلس وزراء من دون تأخير وإلى تشكيل حكومة جديدة لكي تتخذ التدابير الضرورية للنهوض بالبلاد ولكي تقدّم حلولاً يُعتدُّ بها تلبي تطلعات السكان، ولا سيّما بالاستناد إلى الاتفاق الإطار الموقّع مع صندوق النقد الدولي”.

وغرّدت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في لبنان ومنسقة الشؤون الإنسانية نجاة رشدي عبر “تويتر”: “الانتخابات النيابية هي مكسب كبير لشعب لبنان! فنتائجها ليست مكسبًا فرديًا أو مكسبًا لحزب سياسيّ ما، بل ربح حقيقي للبنان. آمل أن يؤدي ذلك إلى مكاسب إصلاحية قيّمة وإلى مستقبل أفضل لشعب، كما أتمنى أن يؤدي إلى استقطاب الأدمغة من جديد مقابل الآثار الفادحة لهجرة الأدمغة التي شهدها”.

وفور انتهاء العملية الانتخابية فوجئ اللبنانيون بتفجر مجموعة من الأزمات دفعة واحدة، فغداة ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، الى ما فوق الـ30 ألف ليرة، سجلت أسعار المحروقات ارتفاعاً جنونياً، لا سيما البنزين والمازوت، وسط إقفال المحطات أبوابها ورفع خراطيمها للحفاظ على مخزونها بانتظار صدور جدول الأسعار الجديد لتحقيق أرباح إضافية، فيما عادت أزمة الطحين والخبز الى الواجهة بقوة مع إقفال المطاحن والأفران وفقد الخبز من الأسواق طيلة يوم أمس. وتفاقمت أزمة الكهرباء الى حدود العتمة الشاملة في مختلف المناطق.

وأعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في بيان، أن “المجلس المركزي وافق على تمديد مفاعيل التعميم الاساسي رقم 161 لغاية نهاية شهر تموز 2022 قابل للتجديد”. كما أكد أن “التعاطي بالأوراق النقدية بالدولار الأميركي مقابل الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية مستمر مع المصارف من دون سقف محدّد على سعر منصّة Sayrafa. وفور صدور هذا التعميم انخفض سعر الصرف الى ما دون الـ 31 ألف ليرة ليقفل مساء أمس على 30500 ليرة.

وكشفت جهات نقابية أن “هناك 35 الف طن من القمح في لبنان تكفي من 3 أسابيع الى شهر، وبعد شهرين سيكون الحصول على الدعم المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي (بالنسبة لدعم القمح)، ووزارة الاقتصاد أكدت أنها ستتولى إدارة الأزمة بأقل الأضرار الممكنة، علما أننا قد نقع في بعض المطبات بالمرحلة المقبلة”.

وأكّد نقيب الأفران في جبل لبنان انطوان سيف أن “الافران لا تمتلك كمية كبيرة من الطحين وهي لا تكفي إلا أياماً عدة بحسب حجم الفرن وكمية استهلاكه”. وقال في حديث اذاعي: “وقعنا في الأزمة و6 مطاحن متوقفة عن العمل بسبب عدم دفع ثمن القمح في الإهراءات”. من جانبه، أشار رئيس تجمّع المطاحن أحمد حطيط الى “اننا عقدنا اجتماعاً مع وزير الاقتصاد لحل المشكلة وقال إنه سيطلب من مجلس الوزراء الجمعة زيادة الاعتمادات لتحويل البواخر الأخرى لكن لا نعلم إذا كان الوضع يحتمل حتى الجمعة وبعض المطاحن تسلّم الطحين وأخرى لا تسلّم المادة لذلك هناك أفران لا تملك الطحين ولا تسلّم الخبز”.

واصطفت السيارات أمس، في طوابير أمام المحطات. وأوضح عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس أن “البنزين متوافر في مستودعات الشركات وفي بواخر في البحر”. وأكد أننا “لسنا في أزمة محروقات في لبنان، لأن الموضوع متعلق ببعض التأخير بإنجاز معاملات صرف الدولار للشركات المستوردة من قبل المصارف وفقاً لمنصة صيرفة ويجب أن يحل الموضوع سريعاً”. وأضاف أن “ الشركات توزع البنزين بكميات محدودة وبعض المحطات انقطعت من المواد بسبب تأخّر تسليمها”.

وعزت مؤسسة كهرباء لبنان زيادة التقنين الكهربائي، الى استهلاك مخزونها من الفيول، بعد رفع القدرة الإنتاجيّة لتغطية فترة الانتخابات النيابية.

"النهار": مؤشرات الانهيار تسابق انطلاقة المجلس المنتخب

هذا، واعتبرت صحيفة "النهار" أنه قطعًا لا يمكن النظر "ببراءة" الى الاندفاعات النارية لمؤشرات الازمة المالية وتحليق سعر الدولار في السوق السوداء وتداعياتهما مجدداً على الارتفاعات النارية في أسعار المحروقات متزامنة مع معالم ازمة في الطحين والخبز والبنزين ومن ثم في التعتيم الكهربائي مجددا ..وكل ذلك متزامنا دفعة واحدة غداة انتهاء اعلان نتائج الانتخابات النيابية بالتقسيط!

ذلك ان الساعات الأخيرة شهدت تطورات مريبة لجهة تحليق سعر الدولار الى ما تجاوز سقف الـ31 الف ليرة ومن ثم اختفاء مادة البنزين في عدد من المناطق كما برزت معالم ازمة فقدان الخبز وبموازاتها ازمة انقطاع التيار الكهربائي "الرسمي".

هذه المؤشرات جاءت وسط تفاقم الغموض المتصل بانطلاق الاستحقاقات التي ستعقب بدء ولاية مجلس النواب المنتخب في 22 أيار الحالي بدءا بانتخاب رئيس المجلس وهيئة مكتبه وهو الاستحقاق الذي يواجه عبره رئيس المجلس "التاريخي" منذ عام 1992 بلا انقطاع نبيه بري للمرة الأولى تحديا كبيرا لجهة وجود كتل وازنة ترفض إعادة انتخابه ولو انتفت المنافسة له لعدم وجود مرشح في مواجهته. كما ان الاستحقاق الثاني الأشد تعقيدا سيكون في تسمية شخصية لتشكيل الحكومة الجديدة في الاستشارات النيابية الملزمة وسط فسيفساء سنية مختلفة عن كل المراحل التي طبعت الحقبات السابقة.

وبرزت في هذا السياق الخطوة التنسيقية المبكرة التي اتخذها عدد من النواب الجدد اذ افيد ان 14 نائباً من نواب "الثورة والتغيير" عقدوا إجتماعاً مساء امس في احد فنادق بيروت بعيدا من الاعلام لتشكيل كتلة ودراسة الخيارات المقبلة في استحقاق رئاسة المجلس والاستشارات وغيرها.

في أي حال بدأت الحكومة بالاستعداد لمرحلة تصريف الاعمال باعتبار انها تعتبر مستقيلة مع نهاية ولاية المجلس الحالي. ومن المقرر ان تعقد غدا في قصر بعبدا الجلسة التي قد تكون الأخيرة لمجلس الوزراء قبل تحول الحكومة الى مرحلة تصريف الاعمال ولذلك اعد للجلسة جدول اعمال فضفاض وكثيف وقياسي من 133 بندا بدا معه ان الحكومة جمعت كل ما كان في جعبتها وادرجته على جدول اعمال جلسة وحيدة، علها تنجز في جلسة ما عجزت عنه على مدى اشهر. وهي بذلك، تسعى ايضاً الى تسهيل مهمتها في مرحلة تصريف الاعمال التي ستطول كما هو واضح، بحيث تسعى الى تأمين الاعتمادات المالية وانجاز الحد الأقصى من المشاريع والمراسيم والأمور التي تقع في اطار تسيير شؤون البلد والمواطنين وادارات الدولة ومؤسساتها عبر إقرار سلف خزينة ونقل اعتمادات، تفادياً لتوقفها عن العمل ووقوعها في الشلل التام، وذلك انطلاقاً من المخاوف القائمة حيال الاحتمالات الكبيرة لتعذر تشكيل حكومة جديدة في فترة سريعة، كما تقتضي الظروف الاستثنائية في البلاد، وهي على أبواب اشهر قليلة من انتهاء الولاية الرئاسية. وابرز جدول اعمال جلسة الغد ما يكفي لتلمس عدد من الرسائل التي ترغب حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في توجيهها، واهمها انها جاهزة لتحمل مسؤولياتها في مرحلة الشلل وقد وفرت كل الجهوزية المطلوبة لذلك مالياً عبر السلف والاعتمادات، وتنفيذياً عبر انجاز المشاريع والخطط الملحة الملوبة منها امام المانحين.
 
وستستهل الجلسة بتقييم لنتائج الانتخابات النيابية، على ان تنتقل مباشرة الى الاستماع الى الوزراء في استعراض لأعمال وزاراتهم، ليصار بعدها الى طرح نائب رئيس الحكومة لاستراتيجية النهوض بالقطاع المالي ومذكرة بشأن السياسات الاقتصادية والمالية. كما ستطرح الجلسة خطط لوزارة الطاقة ايضاً (تعديل المادة 7 من القانون 462 المتعلق بتنظيم قطاع الكهرباء) ومشروع تفويض وزير الطاقة التوقيع على اتفاقيتي شراء الغاز الطبيعي مع مصر وتبادل الغاز مع سوريا، وادرجت بنود تتعلق بعشرات سلف الخزينة بمئات مليارات الليرات لتمويل مختلف الإدارات والوزارات.

وفيما لا تزال القوى السياسية منهمكة في قراءة نتائج الانتخابات النيابية ، تفاقمت الازمات المعيشية بدءا بالإعلان عن ان الافران لا تمتلك كميات كبيرة من الطحين وهي لا تكفي إلا أياماً عدة. وتسببت ازمة ارتفاع أسعار المحروقات بتحركات احتجاجية بعد ظهر امس لاصحاب السيارات العمومية في وسط بيروت. وأوضح عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس ان "البنزين متوافر في مستودعات الشركات وفي بواخر في البحر". واكد اننا" لسنا في أزمة محروقات في لبنان، لأن الموضوع متعلق ببعض التأخير بانجاز معاملات صرف الدولار للشركات المستوردة من قبل المصارف وفقا لمنصة صيرفة ويجب ان يحل الموضوع سريعا". واشارت معلومات، الى إن الشركات المستوردة للنفط لن تسلّم المحروقات إلى المحطات قبل صدور الجدول الجديد للأسعار بشرط رفع سعر صفيحة البنزين 11 ألف ليرة إضافية.

اما على صعيد الكهرباء، فاوضحت مؤسسة كهرباء لبنان انها قامت برفع القدرة الإنتاجية لتغطية فترة الانتخابات النيابية، الأمر الذي أدّى إلى استهلاك مخزونها من المحروقات بوتيرة أسرع خلال تلك الفترة، وافادت بأنّها تفاديا للوقوع في العتمة الشاملة، قد قامت باتخاذ إجراءات احترازية إضافية لإطالة فترة إنتاج الطاقة بحدودها الدنيا لأربعة أيام إضافية تقريبًا.

نصرالله
اما على الصعيد السياسي فاطل مساء امس الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بخطاب مزج فيه بين التصعيد والتهدئة، فدعا الى تهدئة السجالات الإعلامية والسياسية وإعطاء الأولوية لملفات الناس. وإذ اعتبر ان ما حصل في الانتخابات "بالنسبة الى المقاومة هو انتصار كبير ويجب ان نعتز به لان حزب الله لم يخسر لا في عدد النواب ولا في عدد الأصوات"، رأى انه لا يوجد فريق سياسي في البلد اليوم يستطيع الادعاء بان الأغلبية النيابية معه ونحن امام مجموعة كتل نيابية وقوى سياسية ونواب جدد ومستقلين وقد تكون مصلحة لبنان والشعب في ما حصل أي الا يحصل هذا الفريق او ذاك على الأكثرية ". وتابع نصرالله "أن أصوات لائحة الأمل والوفاء في بعلبك الهرمل والجنوب الثالثة وفي الزهراني صيدا وصور ومرشح الثنائي في زحلة حصلوا على أكثر من نص مليون صوت، متسائلاً: هل أنت الذي ليس لديك سوى كم الف صوت تتكلم باسم الشعب اللبناني؟

واكد ان حجم الازمات الموجودة في البلد من كهرباء ودواء وارتفاع سعر الدولار كبير ولن يتمكن فريق معين بمفرده ان يعالجه". وأشار الى ان "كذبة الانتخابات في ظل السلاح سقطت منذ 2005 وفي حينه حصل الطرف الاخر على الأكثرية" متسائلا "اما آن لكذبة انتخابات في ظل السلاح والاحتلال الإيراني ان تنتهي ؟" متهما السفيرين السعودي والأميركي بالتدخل حتى في اللوائح. وقال ان عدد النواب لا يعبر عن الاحجام الشعبية في ظل القانون الحالي. وبدا لافتا ان نصرالله دعا أنصاره الى وقف المسيرات السيارة التي تزعج الناس كما نبه للمرة الأولى الى ان شعار شيعة شيعة يسيء الى اسم الشيعة وتمنى تجنب هذا الشعار لعدم فهمه كاستفزاز طائفي.

ويعقد اجتماع اليوم لتكتل الجمهورية القوية في معراب تتخلله كلمة لرئيس حزب "القوات "سمير جعجع حول نتائج الانتخابات والاستحقاقات المقبلة.

باريس مجدّداً
وفي اطار الاصداء الخارجية حيال الانتخابات اصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بيانا قالت فيه ان " لبنان اجتاز مرحلة مهمة يوم الأحد 15 أيار 2022 بإجراء الانتخابات التشريعية في سياق الأزمة الفادحة التي تعانيها البلاد منذ أكثر من سنتين. وتشيد فرنسا بتنظيم هذه الانتخابات في موعدها المقرر، لكنها تأسف للحوادث والمخالفات التي سجلتها بعثة مراقبة الانتخابات التابعة للاتحاد الأوروبي، وتأمل كشف حقيقة ما جرى. وتحض فرنسا جميع المسؤولين اللبنانيين على تعيين رئيس مجلس وزراء من دون تأخير وتشكيل حكومة جديدة لكي تتخذ التدابير الضرورية للنهوض بالبلاد ولكي تقدم حلول يعتد بها تلبي تطلعات السكان، سيما بالاستناد إلى الاتفاق الإطار الموقع مع صندوق النقد الدولي. وستواصل فرنسا وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني".

من جانبها، اعتبرت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في لبنان ومنسقة الشؤون الإنسانية نجاة رشدي ان "الانتخابات النيابية هي مكسب كبير لشعب لبنان فنتائجها ليست مكسبًا فرديًا أو مكسبًا لحزب سياسي ما، بل ربح حقيقي للبنان. آمل أن يؤدي ذلك إلى مكاسب إصلاحية قيّمة وإلى مستقبل أفضل لشعب، كما أتمنى أن يؤدي إلى استقطاب الأدمغة من جديد مقابل الآثار الفادحة لهجرة الأدمغة التي شهدها".

إقرأ المزيد في: لبنان