لبنان
الثنائي الشيعي يرسم خريطة ما بعد الإنتخابات: إستخراج النفط وتحصين حقوق المودعين
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على الخطابات الإنتخابية قبل أربعة أيام من انطلاق استحقاق 15 أيار المنتظر، إذ اشتدت الحماوة الانتخابية وارتفع منسوب التوتر السياسي، وكان الخطاب الأبرز الذي ألقاه كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله، اللذين رسما فيه خريطة طريق سياسية اقتصادية للخلاص من مآسي بلدهما، عبر إستغلال ثروات لبنان من الغاز والنفط في مياهه الإقليمية وكيفية التعامل مع مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، بالإضافة الى تحصين حقوق المودعين من أي محاولة للتضييع أو التمييع، وذلك عبر الدعوة لإصدار قانون يضع خطاً أحمر يمنع أي مساس بهذه الحقوق.
"البناء": بري: العابرون للسفارات يريدون الانتقام لـ 17 أيار ومهلة شهر للتفاوض قبل بدء التنقيب ونصرالله: كنزنا في البحر
بداية مع صحيفة "البناء" التي اعتبرت أن ثنائي حركة أمل وحزب الله أخرج على لسان رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله، في كلمتين متتاليتين خريطة طريق سياسية اقتصادية للخلاص، بعدما تلاقت الكلمتان عند توصيف الاستحقاق الانتخابي بتصفية حساب يريد أن يجريها خصوم المقاومة لحساب أعدائها في الخارج انتقاماً من انتصاراتها. ومثلما وصف السيد نصرالله الحملات التي تستهدف المقاومة بحرب تموز سياسية، قال الرئيس بري إن الحملة التي تقودها اللوائح العابرة للسفارات تريد الانتقام لاتفاق 17 أيار الذي أسقطته المقاومة وانتفاضات الشعب اللبناني وقواه الوطنية، وكذلك الانتقام من انتصار 25 أيار الذي انتهى بتحرير جنوب لبنان من الاحتلال، لأنه حقق فائضاً من الكرامة يفوق قدرة هؤلاء على تحمّله، وفيما ذهب السيد نصرالله الى اعتبار الاستحقاق الانتخابي استفتاء بين خياري السلم الأهلي والحرب الأهلية، ومعبراً حتمياً نحو أحدهما وفقاً لوجهة تصويت الناخبين، اعتبر الرئيس بري الاستحقاق استفتاء على منظومة قيم المقاومة والكرامة، في مقابل منظومة قمة الفساد والنفاق، التي قال السيد نصرالله إنها تتكوّن من أحزاب شاركت في السلطة منذ الخمسينيات وفجأة خلعت ثوبها ولبست ثوب الثوار والتغيير.
الخطة التي حضرت في كلمتي كل من الرئيس بري والسيد نصرالله تناولت الشقين السياسي والاقتصادي، ففي الشق السياسيّ دعا برّي لقانون انتخاب خارج القيد الطائفي وفق نظام النسبية واعتماد الدوائر الموسّعة وإنشاء مجلس للشيوخ، فيما دعا نصرالله لاعتماد سن الـ 18 سنة لممارسة حق الانتخاب، ملاقياً بري في مفهوم الشراكة الوطنية، معتبراً أنه في لبنان القلق بفعل تكوينه القائم على الأساس الطائفي من مجموعة من الأقليات، تصير الشراكة قدراً لا مجرد خيار صحيح، مضيفاً معادلة الدولة العادلة والقادرة بشرح مفصل لمضامينها، وفي الطليعة بناء الجيش القادر على حماية لبنان من أخطار العدوان والأطماع بمياهه وأراضيه وثرواته، قائلاً إن «الدولة العادلة والقادرة هي القادرة على حماية سيادتها وثرواتها من أي عدوان او تسلط أو هيمنة أو انتقاص لا أن تلقي بأعباء التحرير على شعبها»، مؤكداً أن ليس في لبنان مجال لطائفة تقود النظام ولا لحزب قائد.
في الجانب الاقتصادي عنوانان رئيسيان تقاطعت عندهما كلمتا بري ونصرالله، الأول هو تحصين حقوق المودعين من أي محاولة للتضييع أو التمييع، وذلك عبر الدعوة لإصدار قانون يضع خطاً أحمر يمنع أي مساس بهذه الحقوق، فيما اضاف نصرالله الى مبدأ التحصين الالتزام بتحميل المصارف النصيب الأكبر من مسؤولية الأزمة وأكلافها وخسائرها، أما العنوان الثاني فيتعلق بمستقبل ثروات لبنان من الغاز والنفط في مياهه الإقليمية وكيفية التعامل مع مفاوضات ترسيم الحدود البحرية. وفي هذا السياق جدّد نصرالله شرح نظريته حول ان هذه الثروات تمثل كنزاً للبنان، الذي يملك بمقاومته ما يكفي من القوة لاستثمار هذا الكنز، بدلاً من مشروع التسوّل الدولي المهين، الذي يراق معه وجه لبنان ويتم تغيير هويته الثقافية، فيصير بلد كم الأفواه بدلاً من بلد الحريات، ويصير بلد الاستتباع بدلاً من بلد السيادة والعنفوان. وكانت الإضافة الهامة للرئيس بري اعلانه منح مهلة شهر للتفاوض كي يظهر الغث من السمين، يطلب بعدها من الشركات التي رست عليها التلزيمات أن تبدأ بالتنقيب، وفي حال تخلفها يتم إسناد التلزيم لشركات سواها، ووفقاً لمصادر تتابع ملف التفاوض فإن الرهان الأميركي على ضغط الانتخابات والحملات الانتخابية، الذي كان مأمولاً منه تخفيض سقف لبنان التفاوضي عبر محاولات إضعاف حضور المقاومة قد جاء بنتائج عكسية. وتجزم المصادر ان الأميركيين والإسرائيليين قد يسارعون لتقديم عروض تفاوضيّة جديدة في محاولة لإنقاذ المفاوضات وتفادي جولة مواجهة يعلمون أنها لغير صالحهم، وأنه كلما صارت يد المقاومة حاضرة في معادلة الثروات البحرية زادت الخسائر الإسرائيليّة الماديّة والمعنويّة.
وعشية الصمت الانتخابي للمرحلة الثانية من الانتخابات للطاقم الإداري والوظيفي المكلف تنظيم العملية الانتخابية، وعلى مسافة أربعة أيام من انطلاق استحقاق 15 أيار المنتظر، اشتدت الحماوة الانتخابية وارتفع منسوب التوتر السياسي، حيث تناوب رؤساء اللوائح والكتل النيابية والقيادات السياسية والمرشحون المستقلون على المنابر لإفراغ حواصلهم وثقلهم السياسي وتلاوة الخطابات الانتخابية لمخاطبة ناخبيهم وجمهورهم لشدّ العصب الطائفي والانتخابي لرفع الحواصل الانتخابية ونسب الاقتراع، مطلقين سلسلة مواقف بارزة ستطبع مرحلة ما بعد الانتخابات.
وبعد انتهاء خطاب السيد نصرالله، خرج رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بخطاب انتخابي الى جمهوره في دائرة المتن، وشن هجوماً عنيفاً وواسعاً على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وعلى رئيس حزب الكتائب سامي الجميل.
واعتبر باسيل أن «الأحزاب والثورة اجتمعا من أجل شن حرب إلغاء انتخابية على التيار» وقال: «نحن كتبنا قبل الانهيار وبعده ما ينبغي أن يعمل، لكن أنتم يا أحزاب النكد السياسي وثورة الشتائم، ما هو برنامجكم؟ لم تكتبوا فكرة، ولم تطرحوا حلاً، وكلما قدمنا اقتراحا ترفضونه. وكلما سألناكم ما هو البديل، تقولون سنرى بعد الانتخابات».
وسأل: «هذه الانتخابات تمس وجودكم ومصيركم أيها اللبنانيون وليس وجود التيار فحسب، لأنه سيطرح فيها من سيمثلكم في المؤسسات، من سيمثلكم على طاولة الحوار، مَن سيمثلكم في أخذ القرار؟ مَن يقدر على مواجهة أكبر دولة في العالم إذا أرادت أن تلغينا من بلدنا، ومع أكثر شخص في لبنان يخشى الجميع مواجهته اذا أراد إلغاء دورنا؟ مَن سيحصل لكم حقوقكم السياسية أو المالية؟ ويقاتل الكل ليعيد لكم أموالكم كما أعاد لكم حقوقكم السياسية؟ وأعاد لكم تمثليكم في الحكومة وفي مجلس النواب وفي رئاسة الجمهورية وفي الإدارة والاقتصاد؟ مَن سيمثلكم على طاولة القرار ليحفظ لكم دورا وبلدا؟ مَن؟».
وتتجه الأنظار الى الشارع السني المنقسم بين الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل وبين دار الفتوى والرئيس فؤاد السنيورة، ووسط تساؤلات حول خيارات هذا الشارع نحو الالتزام بقرار الحريري بمقاطعة الانتخابات، أو الاستجابة للفتوى الدينية لدار الفتوى والاقتراع بعد ضغوط سعودية على المفتي عبد اللطيف دريان لإصدار تعميم للمساجد لدعوة المواطنين للاقتراع وفق مصادر مطلعة على الواقع السني لـ«البناء»، والتي شددت على أن دار الفتوى تعرضت لضغوط وطلبات مباشرة من السفير السعودي في لبنان وليد البخاري باستخدام ثقل ومَوْنة وتأثير دار الإفتاء السني لحث الناخبين السنة على الاقتراع بكثافة، وذلك بعدما وصلت أصداء التقارير والدراسات والإحصاءات الانتخابية تكشف وجود خطر على اللوائح المدعومة من السعودية. إلا أن الحريري رفض مطلباً سعودياً عبر الإمارات بتوجيه دعوة مباشرة للشارع المستقبلي والسني عموماً للاقتراع، ما دفع السعودية للجوء الى دار الفتوى للعب هذا الدور وتأدية هذه المهمة.
وتوقفت أوساط سياسية عبر «البناء» عند الحركة الانتخابية والسياسية النشطة للسفير السعودي في لبنان وجولاته المكثفة على المناطق والدوائر واللقاءات الشعبية التي ينظمها، في محاولة لاستخدام تأثير السعودية الديني والسياسي والمالي لتجييره لصالح الاقتراع للوائح المدعومة من المملكة لا سيما لوائح القوات اللبنانية والسنيورة وحزب الكتائب وبعض تجمّعات المجتمع المدني، ما يعد تدخلاً فاضحاً بالعملية الانتخابية وبالشؤون الداخلية اللبنانية، وبالتالي انتهاكاً للقوانين والأصول الدبلوماسية. متسائلة عن دور الحكومة ووزارتي الخارجية والداخلية وهيئة الإشراف على الانتخابات إزاء هذا الخرق الفاضح لا سيما الإنفاق المالي الذي يحصل في مناطق عدة».
وفي سياق ذلك، كشف رئيس الجمهورية ميشال عون أنّ «ثمة تقارير وردت إليه عن لجوء بعض المرشحين الى استخدام المال الانتخابي، الامر الذي يستوجب تدخل هيئة الإشراف على الانتخابات والجهات القضائية المختصة، لمنع استمرار هذه التصرفات التي يمكن ان تؤثر سلباً على خيارات الناخبين».
وفي أول موقف أميركي منذ فترة طويلة حيال الانتخابات النيابية اللبنانية، أشار المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد براس، إلى «أننا نريد أن نرى انتخابات حرة ونزيهة وشفافة في لبنان، ومن الواضح أن هذه الانتخابات ستبلغ ذروتها في 15 أيار»، وأعرب عن أمله في «تشكيل حكومة ممثلة للشعب اللبناني بعد الانتخابات بوقت قصير»، وأردف أن «عدم الاستقرار الحكومي كان دافعًا رئيسيًا لكثير من المحن التي عانى منها الشعب اللبناني». وذكر في حديثٍ تلفزيوني «أننا نواصل العمل مع الشعب اللبناني، ومن الواضح أن صندوق النقد الدولي يتفاوض مع الحكومة اللبنانية، وسنفعل ما في وسعنا لتقليل بعض العبء الإنساني الذي ألقته سنوات من عدم الاستقرار والفساد على الشعب اللبناني».
في غضون ذلك، أشار وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب في مؤتمر «دعم مستقبل سورية والمنطقة»، في العاصمة البلجيكية بروكسل، في دورته السادسة أن «تكاليف النزوح على لبنان بلغت حوالي 3 مليارات دولار سنوياً اي 33 مليار دولار خلال 11 سنة كما ان هناك ارتفاعاً في مستوى البطالة ووضع البنى التحتية الى أسوأ ونسب الجريمة ترتفع وأكثر من الثلث من المسجونين في السجون اللبنانية هم سوريون وعدد الاطفال السوريين الذين يولدون في لبنان أكثر من اللبنانيين. اضافة الى ذلك نتج عن وجود النازحين السوريين خلل في التوازن الديمغرافي في لبنان وبحسب الدراسة أكثر من 75 في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر».
وفي الذكرى الرابعة عشرة لمجزرة حلبا، لفتت عمدة الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي في بيان أنّ «مجزرة حلبا، هي واحدة من المجازر الموصوفة ضد الإنسانية، ففعل مرتكبيها لم يقتصر على القتل وحسب، بل تعداه إلى التمثيل بجثث شهداء المجزرة، للدلالة على غريزة الإجرام والإرهاب».
"الأخبار": أولويّة المقاومة استخراج النفط والغاز من البحر
بدورها رأت صحيفة "الأخبار" أنه لا يبدو أنّ كثيرين التقطوا من المواقف التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أول من أمس، من ملفّ النفط والغاز في البحر، البعد الذي يتجاوز منع العدو من العبث بحقوق لبنان. وقد كرّر نصر الله، أمس، الحديث عن الملف من زاوية أنه يفترض أن يكون عنواناً رئيسياً في الإدارة العامة لقدرات لبنان في مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية. وهو كلام لاقاه فيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي شدّد على «أننا لن نفرّط بحقّنا ودمنا تحت أيّ ضغط وتهديد». ما يحتاج الى متابعة هو أن موقف حزب الله وحركة أمل يتّخذ بعداً جديداً يقوم على وضع استراتيجية، يجري النقاش حولها مع الحلفاء في الحكومة الحالية ومع الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر، حول ضرورة اعتبار مهمة التنقيب عن الغاز أولوية مركزية في المرحلة المقبلة، ضمن سياق يستهدف السير في مشاريع لإنشاء معامل لتوليد الطاقة الكهربائية.
وقد كان نصر الله أمس أكثر وضوحاً في إشارته الى أنّ على لبنان العمل على إطلاق عمليات التنقيب لعدم الذهاب الى مزيد من الديون، وهو ما يندرج في إطار مقاربة جديدة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي والدول المانحة من جهة، وفي النقاش مع الجهات اللبنانية التي تستعجل بيع الأصول الرئيسية للدولة واستخدامها في سداد الديون.
الأمين العام لحزب الله كرّر التذكير بأنّ المقاومة ستكون حاضرة لحماية أيّ قرار لبناني باستقدام شركات عالمية للتنقيب، مجدّداً الحديث عن قدرة المقاومة على تحقيق توازن مع العدو يمنعه من أن يحول دون إطلاق يد لبنان في العمل أيضاً، مؤكّداً أن «ما نحتاج إليه هو امتلاك جرأة التلزيم، وإذا أراد العدو منعنا من التنقيب فإننا قادرون على منعه»، مع إشارة أكثر وضوحاً في بعدها التحذيري ليس الى العدو فقط، بل الى الشركات العالمية، عندما أكد أن في مقدور المقاومة البعث برسائل إلى الشركات نفسها وليس إلى العدوّ إن اقتضى الأمر.
تهديد سعودي لهاشمية لدعوة المستقبل إلى الاقتراع: الحريري نحو مؤتمر تأسيسي لـ «المستقبل»
لم يعُد الكلام عن رفض سعد الحريري الامتثال للأوامر السعودية مجرّد تحليلات. المسار الهجومي الذي تستكمِله الصحف السعودية ضده يؤّكد تمسّكه بمقاطعة الانتخابات ورفض دعوة أنصاره للمشاركة، فيما تؤكّده مصادر قريبة منه أنه «لن يأتي إلى لبنان قبلَ 15 أيار». ارتفاع وتيرة الهجوم يأتي قبلَ أيام قليلة من يوم الاقتراع، وفيما يسود الأوساط السنية على اختلافها انطباع واحد مفاده أن كل «التحشيد» الذي قامَ به السفير السعودي في بيروت وليد البخاري لم يُثمِر التجاوب المطلوب، إلى حدّ أن الرئيس فؤاد السنيورة، أكثر المستفيدين من الدعم السعودي على الساحة السنية مادياً ومعنوياً، يشكو والمرشحين على اللائحة المدعومة منه في دائرة «بيروت الثانية» من ضعف وضعيتهم الانتخابية. إذ إن «التحريّات» الانتخابية والشعبية كشفت أن التهويل بحزب الله والاجتماعات والمشاورات «فوقَ العادة، وعمليات الإقصاء وفرض التحالفات والتفاهمات الاضطرارية لم تستطِع أن تدفع الناخب السني إلى تجرّع مشروع السنيورة»، المتهّم في العاصمة بأنه «لا يصرف على حملته الانتخابية كما يجِب»، فضلاً عن نكرانه «جميل رفيق الحريري الذي لم يذكره في مقابلاته التلفزيونية».
هذه المعطيات جعلت من السنيورة والمقربين منه أخيراً يشعرون بخطر حقيقي، استلزَم «استدعاء» رئيس جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية أحمد هاشمية، أخيراً، إلى لقاء مع السنيورة. وعلمت «الأخبار» أن اللقاء حضره موظف أمني من السفارة السعودية في بيروت بلباس مدني، طلب من هاشمية، بتهديد مبطّن، دعوة الناس إلى المشاركة، فردّ الأخير بأن «هذا القرار عند الحريري». وعلمت «الأخبار» أن هاشمية وأحمد الحريري «غادرا البلد قبلَ أسبوع».
مصادر قريبة من الرئيس الحريري أكدت لـ «الأخبار» أنه «لن يأتي إلى لبنان، ولن يُلقي كلمة قبلَ الانتخابات»، وكشفت أنه ينوي الحضور بعدَ الانتخابات «لإطلاق مؤتمر تأسيسي جديد بعد حصر عدد من استقالوا من التيار وقرروا الانضمام إلى السنيورة والعمل في ماكينته الانتخابية، أو في ماكينات أخرى لمرشحين في بيروت مثل رئيس نادي الأنصار نبيل بدر أو فؤاد مخزومي».
غيرَ أن إعادة هيكلة «المستقبل» تنظيمياً دونها عقبات، وفقَ ما تقول مصادر في التيار، أشارت إلى «تجاوزات حصلت بعدَ إعلان الحريري تعليق العمل السياسي والانتخابي»، إذ واصل مقربون منه العمل بشكل سّري لدعم لوائح وأشخاص. وهؤلاء كانوا يطلبون من بعض المنسقين، بخاصة في الشمال، أن يكونوا جزءاً من ماكينات انتخابية، وفقَ ما قال أحد قياديي التيار سائلاً: «كيف سيتعامل الحريري مع هذه الحالة إذ كان بعض هؤلاء كُلّفوا مباشرة من أحمد الحريري الذي طلب من منسق في جبل لبنان تفعيل الماكينة الانتخابية لمصلحة المرشح مروان حمادة، كما تلقّى الطلب نفسه من اللواء عماد عثمان، لكنه رفض إلا إذا كانَ هناك توجيه مباشر من سعد الحريري، فيما التزم آخرون ما طٌلب منهم؟».
ومن بين «الاجتهادات» التي قامَ بها هؤلاء، يذكر القيادي أنه «بعدَ عودة الأحمدين (الحريري وهاشمية) من زيارة سابقة إلى أبو ظبي، جرى التواصل مع النائب السابق مصطفى علوش وطلب منه تشكيل لائحة تضم كريم كبارة وسامي فتفت وعثمان علم الدين، إضافة إلى مرشحتين من آل منقارة وآل غندورة»، لكن «أحمد الحريري عمل بالتنسيق مع فتفت على إخراج علم الدين من اللائحة، واستبعاد هيثم المبيض لقربه من الرئيس الحريري»، كما يترّدد أنه «حاول التواصل مع المرشح عمر حرفوش لتحقيق مكاسب مادية منه»، قبلَ أن يطلب منه الرئيس الحريري الابتعاد بعد انتشار رائحة السمسرة الانتخابية.
"النهار": التعبئة في الذروة واستدراج متزايد للمراجع الدينية
أما صحيفة "النهار"، رأت أنه لم يكن أدلَ على التوهج المحموم في الأيام القليلة المتبقية الفاصلة عن الاحد الانتخابي الكبير من ان تنبري زعامات الصف الأول وتتزاحم على احتلال واجهات المهرجانات والاحتفالات والمنابر الانتخابية في عملية تحفيز وتعبئة وشد عصب شاملة يراد منها حض اللبنانيين على المشاركة بكثافة في الانتخابات النيابية لئلا تصطدم "حسابات الحواصل" الثابتة بصدمات ومفاجآت غير محسوبة. واذا كانت الساعات الأخيرة شهدت تظاهرة لافتة ونادرة لهذا السباق في اطلاق المواقف المتطايرة في فضاء المشهد الداخلي المتوهج سياسيا وحزبيا والمنتظر توهجا شعبيا لا يزال دون مستوى هذه التعبئة الحارة ، فان ما استوقف المراقبين أيضا في التدليل على الطابع المفصلي للاستحقاق هو الانخراط القوي الاستثنائي للمراجع الدينية ولا سيما منها الإسلامية الشيعية ثم السنية في التعبئة الشعبية للمشاركة في الانتخابات.
وبعدما اعتبرت مواقف المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان في عيد الفطر بمثابة سابقة اصدار "فتوى" او "تكليف شرعي" للشيعة بانتخاب لوائح الثنائي الشيعي، بدا لافتا امس أصدار المديرية العامة للأوقاف الإسلامية امس بتوجيه من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، تعميما الى أئمة وخطباء المساجد في لبنان لدعوة اللبنانيين في خطبة الجمعة المقبلة إلى المشاركة الواسعة وبكثافة في الانتخابات واذا كان التعميم لم يلحظ أي "تورط" في انحياز انتخابي لاي فريق وحث المواطنين على "النزول الى صناديق الاقتراع للانتخاب وعدم التهاون في ممارسة هذا الاستحقاق الذي هو فرصة للتغيير بالتصويت لمن يرونه يحافظ على لبنان" ، فان ذلك لم يحجب الخلفية المكتومة لهذه الخطوة التي جاءت وسط تصاعد التجاذب الحاد على الساحة السنية لمصلحة الاتجاه للمشاركة في الانتخابات في مواجهة الاتجاه لمقاطعتها من جانب "تيار المستقبل" وانصاره ومؤيديه. واتخذت التجاذبات السنية دلالات ساخنة للغاية في ظل احتدام الحملة العنيفة المتواصلة التي تشنها منذ أيام صحف سعودية على الرئيس سعد الحريري والتي بلغت عبر احدى هذه الصحف حدودا غير مسبوقة وغير مألوفة في التعامل مع أي زعامة لبنانية او عربية او اجنبية بهذا المستوى من الحدة والتهجم الشخصي والسياسي.
واتخذت التعبئة التصاعدية للانتخابات ذروة شمولية في مشهد الزعامات السياسية والحزبية تنخرط بقوة في الاطلالات المتزامنة واطلاق المواقف من الاستحقاق ومن مختلف الملفات .
بري والسيد نصرالله
وفي هذا السياق بدا لافتا ان رئيس مجلس النواب نبيه بري خصص الحيز الاساسي من رسالة وجهها امس للدفاع عن الثنائي الشيعي في ظل ما اثاره من مواقف مناهضة منه. ورد بري مدافعا بقوله "إن التحالف بين حركة أمل وحزب الله ليس تحالفاً طائفياً من أجل استقواء طائفة على أخرى وليس تحالفاً إنتخابياً لكسب أكثرية من هنا أو هنالك وهو تحالف راسخ رسوخ الجبال بمثابة علاقة بين الروح والجسد الواحد، والمقاومة لا تزال حتى هذه اللحظة الراهنة التي يستبيح فيها العدو سيادة لبنان ويهدد ثرواته وينفذ مناوراته حتى في يوم الإنتخابات على طول الحدود مع لبنان تمثل حاجة وطنية ملحة الى جانب الجيش". ودعا الرئيس بري "للإقتراع بكثافة ودون تلكؤ لتأكيد التمسك بالمقاومة نهجاً وثقافة وسلاحاً الى جانب الجيش والشعب والمقاومة".
واظهاراً لوحدة الحال في الانتخابات عمد كل من بري والأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الى الاستشهاد بمواقف الاخر. وبعد وقت قصير من رسالة بري القى نصرالله كلمة في مهرجان للحزب في الضاحية الجنوبية وتناول فيها المناورة الإسرائيلية الجارية، فقال "أن رئيس حكومة العدو نفتالي بينت ذهب للإشراف على المناورة وصرّح بأن الكيان لا يريد مواجهة مع أحد، وبعد يوم القدس بأيام أُبلغت عبر قنوات دبلوماسية رسالة مفادها أنَّ الإسرائيليين لا يريدون القيام بأي عمل تجاه لبنان . ولكن نحن لا نثق لا بكلام العدو ولا بكلام رئيس حكومته وسُنبقي الإستنفار حتى انتهاء المناورة". ولفت الى "أن كل ما قاله دولة الرئيس نبيه بري يعبر عن توجهات ومضامين الثنائي الذي يقف بقوة وصلابة ويواصل الطريق، بالمقابل اعتبر أنه لا يمكن لأحد أن يكون بديلًا عن الدولة ونحن لا نطرح أنفسنا دولة إلى جانب الدولة ولا حزبًا بديلًا عن الدولة ونحن نؤمن ونساهم في تحقيق هذا الأمر". واشار الى "أن هناك كثيرين جربوا أن يُحدثوا خلال الفترة السابقة تغييرات دراماتيكية فذهب البلد باتجاه الحرب الأهلية التي نعتبرها خطا أحمر ويجب أن ينظر إلى من يدفع باتجاهها على أنّها خيانة".
جعجع... وباسيل
في المقابل اعتبر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في كلمة امام مهرجان للائحة "القوات" في دائرة بيروت الاولى أن "كل صوت لأي مرشح على لائحة التيار الوطني الحر في بيروت الاولى يصب تلقائياً لمصلحة حزب الله ولـجهنم الحقيقي الذي نعيش فيه اليوم" . ورأى ان "من يقول انه "مجتمع مدني" لا يمكنه أن يترشح الى الانتخابات ويبقى "مجتمع مدني"، فلا يوجد لوائح مجتمع مدني بل هناك لوائح للأحزاب مثل لائحة القوات اللبنانية وهناك لوائح سياسية اخرى تتخذ عنوان "المجتمع المدني" لكسب بعض الأصوات". ولفت الى أنه "اذا كان بعض الاحزاب سيئة فهذا لا يعني ان مفهوم الاحزاب سيّء، ومن لديه حد ادنى من الموضوعية عليه تسمية الامور كما هي والقول من هو فاسد ومن ليس فاسداً، من سرق ومن لم يسرق، من وقف مع سيادة لبنان ومن لم يقف مع السيادة. وبالنسبة للمستقلين، لنفترض فوز احدهم في الانتخابات النيابية، هل يمكن لأحد الاجابة عمّا يمكنه أن يفعل بمفرده؟ هناك اشخاص جيدين بالفعل، ولكن علينا تحديد الامور كما يجب وعدم شيطنة كل الاحزاب، هناك اشخاص مسؤولون واشخاص غير مسؤولين".
وشن رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل هجوما جديدا على "القوات" من دون ان يسميها وقال في مهرجان للتيار في المتن " من يسمع البعض يعتقد انهم ذاهبون في ١٥ أيّار الى حرب، لأنهم بالفعل ذاهبون الى حرب الغاء للتيار خطّطوا لها واشتغلوا لها منذ 17 تشرين". وأضاف: "نحن ذاهبون الى الانتخابات حاملين بقلبنا وجع الناس والخوف على المستقبل وبين إيدينا خارطة طريق واضحة للإنقاذ وتطوير النظام وإعادة بناء الإقتصاد واستعادة الأموال بالقوانين. وهم ذاهبون الى الانتخابات وقلوبهم مليئة بالحقد وعيونهم بالكذب، ويحملون بايديهم سواطير المال لقطع رؤوسنا".
الياس وميشال المر
وفي مهرجان اقامته لائحة المرشّح ميشال الياس المرّ في بتغرين قال المرشح ميشال المر ان برنامجه "يقضي بأن أتبنى مطالب الناس وأعمل قدر المستطاع على خدمتهم وتخفيف معاناتهم وان برنامجي يهدف إلى فصل السياسة والخلافات السياسية عن الحقوق الأساسية للمواطن والمواطنة المتنية لأن الشعارات الكبيرة لا تُشبع طفلاً ولا تؤمِّن الدواء لمريض ولا الدِفءَ لكبار السن في أيام البرد" .
والقى نائب رئيس الوزراء السابق الياس المرّ كلمة حذر فيها من ان "البلد ينهار والناس تعاني الأمرين وهم ما زالوا كما كانوا قبل 30 سنة يتقاتلون ويتبادلون الاتهامات ولا يفكرون الاّ في أحجامهم ومصالحهم .. يرفعون شعار التغيير ويأتون بمرشحين تعتير". واعلن "اننا رشّحنا ميشال المرّ لأنه يحمل هموم الناس ويشعر بوجعهم ولأنه يحمل أمانة غالية من أبو الياس دولة الرئيس الراحل ميشال المر" موضحا ان "وصية أبو الياس هي الاستمرار في خدمة الناس والوفاء لمن كان وفياً معنا لأكثر من ستين سنة ونحن لن نتخلى عن هذه الامانة لا اليوم ولا بعد مئة سنة".