لبنان
أموال السحب الخاصة مهددة.. وتدخل سعودي بالانتخابات النيابية
أكثر من ملف حاز على اهتمامات الصحف المحلية الصادرة اليوم، من بينها تبديد الحكومة أموال حقوق السحب الخاصة التي حصل عليها من صندوق النقد الدولي في ظل اعتراض من وزير الأشغال علي حمية. كما ركّزت الصحف على التدخل السعودي السافر في الانتخابات النيابية اللبنانية، ومصير الملفات الاقتصادية والمعيشية المعلّقة الى ما بعد الانتخابات.
حمية يعترض على تسديد 220 مليون دولار لصناديق خارجية دون تدقيق
ذكرت صحيفة "الأخبار" أن وزير المال يوسف خليل عرض على مجلس الوزراء تسديد 220 مليون دولار من أموال حقوق السحب لقاء استحقاقات على لبنان تجاه الخارج غير مدفوعة لغاية 31/3/2022، ومعظمها عبارة عن اشتراكات في مؤسّسات وصناديق عربية ودولية، أي ما يعادل 20% من قيمة الحقوق البالغة 1.139 مليار دولار. هذا الأمر أثار حفيظة بعض الوزراء، ولا سيما أن جزءاً كبيراً من هذه المؤسّسات والصناديق لم يعد يدفع للبنان كالسابق منذ عامين أو أكثر، فيما الجهات هي نفسها سبق لها أن أشارت إلى إساءة استخدام تلك القروض وعدم تنفيذها وهدر أموالها.
وبحسب وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، فإن اعتراضه على هذا الطرح، خلال الجلسة الأخيرة، جاء على خلفية أن "أيّ إنفاق ولو دولار واحد من أموال الحقوق يجب أن يتم وفق دراسة جدوى لمعرفة منافعه وماذا يفيد الدولة والشعب. وأيضاً يفترض أن يحتوي على تفاصيل للإجابة عن كيفية الإنفاق ولمصلحة أيّ جهة والهدف من ورائه".
وأضاف حمية لـ"الأخبار" إنه طلب "مع بعض الزملاء جدولاً مفصّلاً يفنّد كل حالة بحالتها، وليس مجرد تعداد لأسماء الصناديق والمنظمات وقيمة المبلغ المستحق كما حصل. وقد أكد رئيس الحكومة أن أي مبلغ سيُدفع سيكون بموافقة الحكومة وملحقاً بالتفاصيل لكل حالة بحالتها". ذلك "لا يعني أننا ضد الانفتاح على كل دول العالم والتعامل مع هذه الصناديق، لكن حقنا الاطلاع على المبالغ المالية المستحقة على الدولة وكيفية صرفها، لا أن تجمع في سلة واحدة ويقال لنا إنها حاجة ملحة وقبل التفاوض مع الجهات كافة لمحاولة خفض هذه المبالغ أو حتى إعادة جدولتها وغربلة الاشتراكات التي يجب إبقاؤها وتلك التي يمكن التخلي عنها".
جعجع حليف السعودية الوحيد.. وهذا ما تحضره الرياض للانتخابات
في إطار التدخلات الخارجية في الانتخابات النيابية اللبنانية خلافًا للقوانين، أّكدت مصادر متابعة لصحيفة "الأخبار" أن للرياض "حليفاً رئيسياً هو سمير جعجع"، أما في ما يتعلق بالطائفة السنية فـ"ليس هناك قيادة سنّية تتبناها المملكة، بل تتبنى توجهاً عاماً ضد حزب الله ورئيس الجمهورية ميشال عون"، وخصوصاً أنها "لم تعُد تنظر إلى الانتخابات كمحطة مفصلية لتغيير الوضع الراهن". ضمن هذا الإطار، يدخل "الدعم" الذي تقدمه السعودية للرئيس فؤاد السنيورة، والذي تدّعي مصادره بأنه "دعم كلامي حتى الآن". أما ما يؤكده ناشطون انتخابيون في دائرة "بيروت الثانية" عن أموال يوزّعها السنيورة وفريقه الانتخابي، ما يطرح علامات استفهام عمّا إذا كان "الدعم المالي" قد وصل، فتنفيه مصادر مطلعة لـ"الأخبار"، مشيرة إلى أن "المال الذي بدأ يُصرف هو من تمويل شخصيات بيروتية تدعم حركة السنيورة"، لافتة إلى أن الأخير "موعود بالمساعدة السعودية".
وبحسب الصحيفة، حتى الآن، لم تتوافر المعطيات الكافية عن الجهات والجمعيات والمجموعات التي تحظى أو ستحظى بهذه المساعدات، لكن الأكيد أن "القوى السياسية التقليدية، باستثناء حزب القوات، المعروفة بقربها من المملكة لم تصرف لها أي ميزانية"، كما تقول مصادر مواكبة للحراك الانتخابي، مؤكدة أنه "على عكس ما يروّج له، لا تضع المملكة العاصمة بيروت أولوية بقدر ما تركز على مناطق أخرى يعتبر فيها إفقاد حزب الله أو حلفائه مقاعد خسارة حقيقية للحزب الذي أعلن أمينه العام أنه يخوض أيضاً معركة إنجاح حلفائه".
سوريا لن تتدخل بالانتخابات النيابية.. وأبوابها مشرعة لعلاقات أمتن
من جهتها، ذكرت صحيفة "الجمهورية" أن القيادة السورية أبلغت أكثر من شخصية طرقت بابها في الأشهر الثلاثة الاخيرة، أنّها لن تتدخّل بالتفصيل في الانتخابات النيابية، لا على صعيد اللوائح ولا صعيد التسميات ولا حتى على صعيد تقريب وجهات النظر بين حلفائها المتخاصمين، وأن هذا الأمر هو قرار صادر عن رأس القيادة وليس نتيجة اي استنتاجات او تجاذبات.
في هذا الاطار تنفي معلومات "الجمهورية" أن تكون القيادة السورية قد تدخّلت في سحب أي مرشّح لمصلحة آخر، أو في فرض أي شخصية على لوائح حلفائها، أو أنها تسعى الى تشكيل كتلة في المجلس النيابي الجديد.
وبحسب مصدر سياسي سوري للصحيفة، فإنّ القيادة السورية تعتبر انّ انتصار حلفائها في الانتخابات هو كفيل بتشكيل ضمان سياسي لها، وبالتالي لا حاجة الى تكوين كتلة نيابية لا تقدّم ولا تؤخّر في الشكل ولا في المضمون.
وتشير أجواء دمشق الى أن مرحلة ما بعد الانتخابات ستكون مفصلية بالنسبة الى اعادة تطبيع العلاقات اللبنانية ـ السورية بمقدار أكبر، وأنّ أبواب سوريا ستكون مشرّعة أمام الحكومة اللبنانية في مجالات عدّة وخصوصاً في مجالات التعاون في قطاعي الزراعة والصناعة.
ماذا طلب باسيل من الراعي؟
في سياق آخر، بَدت عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي في عيد الفصح امتداداً لـ"الخطاب المعارِض" الذي يعتمده منذ فترة طويلة في أدبياته، بحسب صحيفة "الجمهورية" التي أكدت أن رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل كانا يفضّلان بطبيعة الحال ان يرسم البطريرك كل الصورة بكل أبعادها، خصوصًا عشية الانتخابات النيابية حيث يصبح لرأي بكركي تأثيره على الناخبين، ولا سيما منهم الرماديين، وهؤلاء يشكلون فئة وازنة في البيئة المسيحية في استطاعتها ترجيح كفة على أخرى.
من هنا، تَعمّد باسيل أن يلفت، قبَيل مغادرته الصرح البطريركي، الى أن ما أدلى به الراعي هو جزء واسع من الحقيقة وليس كل الحقيقة، مُحاولاً استكمالها انطلاقاً من زاوية الرؤية لديه عبر "التصويب المشفّر على خصومه من خلال الاستعانة بحقائق دينية لا تخلو من اسقاطات سياسية.
واللافت بحسب "الجمهورية"، أنّ رسائل باسيل "المرمّزة" من بكركي وُجّهت الى المعنيين بمعرفة مسبقة من الراعي الذي اطلع على فحواها من رئيس التيار قبل أن يُفصح عنها أمام الإعلاميين.
وتفيد معلومات الصحيفة أنّ أحد الصحافيين عندما حاولَ استصراح باسيل عن رأيه في كلمة الراعي، أبدى استعداداً للكلام لكنه طلبَ اولاً استئذان البطريرك الماروني لأنه يرفض ان يصرّح من داخل بكركي قبل الاستحصال على إذنه لاعتبارات بروتوكولية. وبالفعل توجّه باسيل نحو الراعي وسأله عما اذا كان يأذن له بالكلام من الصرح تعليقاً على عظته، فقال له البطريرك: "اكيد فيك تحكي، ولكن ماذا ستقول؟". هنا، عرض له باسيل النقاط التي عاد وشرحها أمام الإعلام، فرحّب الراعي، واقترح عليه أكثر من مرة ان يُدلي بها وهو الى جانبه، الا انّ باسيل فضّل ان يُبدي رأيه خارجاً في ساحة الصرح.
وكان باسيل قد أشار الى انّ البطريرك عبّر عن واقع نعيشه جميعاً، ونوافقه على معظم الذي قاله، غير أن الانسان لا يستطيع قول الحقيقة كاملة في كلمة واحدة، "وفي رأينا أولاً ان الذين لا يريدون ان يتدحرج الحجر هم كثر من اللبنانيين ومن كل الجهات والتوجهات، وثانياً الذين سلّموا المسيح هم من أبناء جنسه وبثلاثين من الفضة للأسف. وثالثاً، إنّ المعروفين في التاريخ لا يزالون مستمرين في الحاضر، كالذين فَبركوا ولفّقوا خبرية إزالة الحجر وان تلاميذ المسيح هم الذين أخذوا جسده، وذلك حتى يضربوا معنى القيامة".
قريبون من "التيار الحر" أوضحوا لـ"الجمهورية" أنّ "القوات اللبنانية" هي في طليعة المقصودين لأنّ ما أورَده باسيل ينطبق عليها "حَفر وتنزيل" وفق مقاربتهم، ويضيفون: "المقصودون كذلك أولئك الذين ساهموا من خلال سياساتهم وفسادهم على امتداد عقود في الوصول إلى الهاوية، فإذا بهم يحمّلون العهد والتيار وزر الانهيار ويحاولون التهرّب من مسؤوليتهم هم عن الازمة والمعالجة".
ولا يفوت القريبون من التيار التأكيد انّ "سرائيل" معنية أيضا بجانب من الاسقاطات السياسية - التاريخية التي تضمّنها موقف باسيل من داخل الصرح البطريركي.
ترحيل ملفات الى ما بعد الانتخابات
من جهة ثانية، رجّحت مصادر نيابية لصحيفة "البناء" أن ترحّل الملفات السياسية والمالية والاقتصادية الى ما بعد الانتخابات بانتظار تسوية سياسية محلية - خارجية تمهد لتأليف حكومة جديدة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية على أن تعمل الحكومة الجديدة على تطبيق الاتفاق المبدئيّ مع صندوق النقد الدولي.
وأشارت مصادر مطلعة لـ"البناء" الى "دور فرنسي فاعل في تحضير البيئة الداخلية والإقليمية لاتفاق سياسي داخلي يسهل تطبيق الإصلاحات واستكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي وعقد مؤتمرات الدعم الدولية للبنان لا سيما مؤتمر سيدر لاستعادة النهوض الاقتصادي"، كما لفتت إلى أن "باريس تجري اتصالات مع أكثر من دولة إقليمية لا سيّما السعودية وإيران للتمهيد لحوار لبناني – لبناني في فرنسا أو في لبنان لإنتاج تسوية سياسية جديدة تحفظ الحد الأدنى من الاستقرار السياسي والاقتصادي وتحول دون الوصول الى الانهيار الكامل"، ولفتت الى أن "العودة الخليجية والسعودية الى لبنان هي جزء من تمهيد الساحة الداخلية لمرحلة ما بعد الانتخابات". وأوضحت المصادر أن "سياسة الحصار التي فرضها الأميركيّون على لبنان لإسقاط البلد على رأس حزب الله ووضعه في مواجهة مع بيئته الشعبية والوطنية لفرض الشروط عليه، باءت بالفشل، ولم تؤدِ إلى نتيجة، ما دفع بالأميركيين والخليجيين لتعديل سياساتهم في لبنان بتسهيل ودعم فرنسي للعودة الى لبنان للحفاظ على المصالح والنفوذ الأميركي الخليجي فيه".