لبنان
رعد في جولة جنوبية: التمسك بخيار المقاومة أثبت جدواه في مقارعة العدو
جال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب الحاج محمد رعد على عدد من مدن وبلدات الجنوب، لتفقد عدد من المبادرات والمشاريع التي ينفّذها حزب الله من أجل خدمة أهله.
مرفأ الصيادين في صور
بداية الجولة كانت من مرفأ الصيادين في مدينة صور، حيث رعى رعد إطلاق مبادرة "فُلك" لدعم الصيادين وتحسين أوضاعهم المعيشية من خلال تقديم مساعدات عينية ومادية وتأهيل مراكبهم، وذلك بحضور النائبين حسن عز الدين وحسين جشي، ومسؤول منطقة الجنوب الأولى في حزب الله عبد الله ناصر، ورئيس بلدية صور المهندس حسن دبوق، وعدد من العلماء من مختلف الطوائف الدينية.
وتحدث مسؤول ملف المبادرات الشبابية في حزب الله في المنطقة الأولى سلمان حرب معرّفًا الحاضرين بمشروع "ربوة" الذي فعّلته المنطقة الأولى في خططها خلال العام 2022.
بدوه، أشار رعد إلى أن "هذه الوقفة اليوم هي وقفة مع الشرفاء الذين يأكلون الحلال بكد سعيهم، وبقوة ساعدهم متوكلين على الله سبحانه وتعالى"، مضيفًا "نقف اليوم في صور الإباء والامتداد الحضاري، وفي صور التي كانت مصدر إشعاع ولا تزال للتقدم والتغيير والنهوض ومواجهة الغزاة والمحتلين".
وتابع: "نلتقي في صور وعلى هذا الموقع الساحلي الذي يعايشه أهلنا ويستفيدون مما وهبه الله تعالى لأجل لقمة عيش كريم يحظون بها، ونحن نقدر تعب أهلنا وجهدهم وصبرهم وتحملهم للمشاق خصوصًا وسط أزمة اقتصادية خانقة تعصف بالبلاد".
وتوجّه رعد للصيادين بالقول: "نحن نقف معكم وقفة رمزية لنؤكد لكم أننا مهما بذلنا تجاهكم نبقى مقصّرين، وسنبقى نقاسمكم لقمة العيش، ونعيش معكم ونتحسس همومكم وآلامكم، وما نستطيع أن نقدمه من أجل تسهيل مهمتكم، لن نقصر في ذلك إن شاء الله".
وقال: "إنّ ما قدمناه ونقدمه اليوم هو اليسير اليسير مما تستحقونه، وما يجب على الدولة أن تقدمه لكم هو الكثير المطلوب منها أن تقدمه، لأن هذه المنطقة التي حباها الله هذا الجمال والموقع الرائد، تستحق كل اهتمام، ودولتنا التي تتسوّل المساعدات والهبات، تستطيع أن تحوّل كل مرفق من مرافق حياتنا الاقتصادية إلى مرفق منتج، سواء في البحر أو في البر، ولدينا من الثروات والقدرات والإبداعات ما يستطيع أن يحوّل اقتصادنا في هذا البلد إلى اقتصاد منتج يستطيع أن ينهض بكل الأعباء والمصاريف والنفقات التي يحتاجها مواطننا في لبنان".
وأكد رعد أننا "على خطى من سبقنا من علمائنا الأبرار، من السيد عبد الحسين شرف الدين وسماحة الإمام المغيب السيد موسى الصدر، وعلى خطى علمائنا الحاضرين والمواكبين لحركتنا، وعلى خطى الشرفاء من أهلنا الذين لم يبخلوا بصمود وبتضحية من أجل أن يعيشوا معنى الكرامة والحرية في بلد يتوق أهله إلى أن يحفظوا سيادتهم، ويحموا كرامتهم، ولا يمنّ أحد عليهم في العالم بأنه ساعدهم من أجل تحرير أرضهم، أو فرض وجودهم وإثبات حضورهم بوجه عدو غاشم يتهددنا يوميًا في مصيرنا وفي لقمة عيشنا وأمننا واستقرارنا وتنميتنا".
قرى الشعب الحدودية
بعدها انتقل رعد إلى قرى الشعب الحدودية (يارين، أم التوت، مروحين، الزلوطية، البستان، الظهيرة)، حيث تفقد حديقة بلدة يارين التي أعيد تأهيلها ضمن مبادرة "رحمة مهداة"، والتي تخللها ترميم عدد من المنازل، ودعم لأهالي القرى على كافة الصعد.
رعد قال في كلمة له: "أنتم بصمودكم في هذه الأرض تضعون حدًا لمشاريع التسلّط والهيمنة والتوسع "الإسرائيلي"، ولا نبالغ إن قلنا إن ما يجري من اهتزازات على امتداد منطقتنا العربية، هو نتيجة وقفتكم بوجه هذا العدو "الإسرائيلي"، الذي لم يجد بوابة للعبور إلى المنطقة إلاّ من الخلف، ومن التساقط الذي حصل بفعل المبادرات الأميركية، والتي استجاب لها حكام كلّفوا أمتنا على مدى السنوات السابقة الكثير الكثير من التضحيات والهدر في الأموال والعبث في المصير، فأنتم تصحّحون المسار، وصمودكم يفضح كل من قصّر في الماضي ويقصّر في الحاضر، ويتجاهل قدراتكم وإرادتكم وحرصكم على هويتكم وكرامتكم الوطنية والإنسانية".
وأضاف رعد أنتم "منّا ونحن منكم، لكم ما لنا، وعليكم ما علينا، نصبر وتصبرون، نتحمّل وتتحملون، نصمد ونواجه وتواجهون، ومنكم الشهداء الذين قضوا في سبيل الله، ولم يركعوا ولم يتنازلوا ولم يهنوا أمام العدو، نكبر فيكم إرادة الصمود، ونكبر فيكم إيمانكم بحقكم، وهذا هو أول الطريق من أجل أن تهزموا هذا العدو الذي تتواطأ معه معظم قوى الكفر والطغيان في العالم".
وتابع: "إن ما يؤذيكم يؤذينا لأننا وإياكم نواجه مصيرًا واحدًا ونتعرض لخطر مشترك، وكما نحرص على أن تبقى ساحتنا الوطنية والقومية مستقرة ومهيأة لمواجهة التهديد الصهيوني الذي نتعرض له بشكل متواصل، نحرص على أن نشحذ إرادة التحدي لدى شعبنا في كل فئاته وطوائفه ومذاهبه ومناطقه، لأننا نريد أن نواجه العدو بإرادة واحدة وبعزم واحد وبيقين أننا إن نصرنا الله سينصرنا".
وقال رعد إن "مبادرتنا التي قام بها إخوانكم وأبناؤكم برعاية من منطقة الجنوب الأولى في حزب الله، وبتوجيه من مسؤولها ومن المجلس التنفيذي في حزب الله، ليست إلاّ عربونًا رمزيًا لأخوّتنا وتضامننا ولتكفّل بعضنا البعض، وهي بالفعل نعتبرها رمزية"، مؤكدًا أن "ما تقدمونه أنتم أكبر من أن نوفيه، ويكفينا الموقف المشرف الذي ينتصر للحق ويصر على التمسك بخيار المقاومة، لأن هذا التمسك بهذا الخيار، هو الذي أثبت جدواه في مقارعة العدو".
رعد أضاف أن "سنوات مضت منذ أن انتهت حرب تموز عام 2006 والعدو أسير معادلة فرضتها عليه المقاومة، وهي معادلة توازن الردع، فهو لا يستبيح الآن أرضنا وأمننا عبر المواجهات والاعتداءات العسكرية، لا لأنه كريم الأخلاق، ولا لأنه ملتزم بالقانون الدولي، بل لأنه مردوع من قبل المقاومة، ومأسور للمعادلة التي فرضتها عليه هذه المقاومة"، وقال: "سنمضي إن شاء الله لنخضع العدو لإرادتنا، ولنحرر أرضنا المحتلة، ولنستعيد كل كرامتنا، ولنحفظ وجودنا المهاب في هذه المنطقة، ونستعيد هويتنا الوطنية والقومية والإسلامية والإنسانية التي نعتز بها".
وشدد رعد على أنّ "ما يقدّم لأهلنا في هذه القرى هو قليل جدًا في بلد يعيش الأزمات تلو الأزمات نتيجة سياسات خاطئة متراكمة، ونتيجة تآمر على هذا البلد من أجل إضعاف إرادة أبنائه"، معتبرًا أن "هذه الأزمة الأخيرة التي يعيشها البلد، يريد منها الأعداء أن يوظفوها باتجاه إخضاع إرادة شعبنا، ولي ذراع المقاومة، ودفع الشعب اللبناني بأسره للتخلي عن خيار المقاومة، ومن يريد تحقيق هذا الهدف، هم رعاة الكيان الصهيوني وحماته، والذين يمنعون إدانة اعتداء هذا الكيان في المؤسسات الدولية".
بلدة دبل الجنوبية
وانتقل رعد إلى بلدة دبل الجنوبية، حيث كان في استقباله رئيس بلديتها إيلي لوقا، والأب فادي فلفلة وعدد من فعالياتها وأهلها، الذين عرضوا بعض مطالبهم وأطلعوه على أحوالهم وأوضاعهم.
وفي كلمة له، قال رعد: "أحببنا أن نطل على أهلنا في دبل ونتفقد أحوالهم ومطالبهم، ونؤكد معهم على وحدتنا الوطنية وحبنا لهذا الوطن، وعلى استعدادنا لكل ما يلزم من أجل تكريس صمود هذه المنطقة في وجه عدو يتربّص فينا جميعًا"، مضيفًا أن "رسالتنا اليوم هي رسالة شبك أيدي من أجل مصلحتنا الوطنية".
عيترون وبليدا والطيري
بعد ذلك، توجه رعد إلى بلدة عيترون، حيث زار معامل الألبان والأجبان فيها والبرك الزراعية في بلدة بليدا، قبل أن يتفقد مركز الخدمات الزراعية في بلدة الطيري، بحضور عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، ومدير مديرية الجنوب الأولى في مؤسسة جهاد البناء سليم مراد، ومدير مديرية العمل البلدي لحزب الله في المنطقة الأولى علي الزين، وعدد من الفعاليات والشخصيات.
وأشار رعد إلى أننا "اطلعنا في هذه الجولة على هموم الناس وإبداعات المؤسسات التي تعمل في خدمة الناس، والخدمات التي تقدمها مؤسسات حزب الله في سياق رفع مستوى الانتاجية في بلداننا وقرانا ومناطقنا".
وأضاف أن "الإنسان يشعر باعتزاز كبير وبالفخر، بعد أن أثبت أنه على قدر المسؤولية حين صمد بوجه الاحتلال وواجهه، وحين بدأ مشروع تحويل الاستقرار والأمن بعد اندحار الاحتلال إلى مشروع إنتاج متكئًا وبكل تواضع على مبادراته الشخصية والتنظيمية والتعاونية والبلدية، ثم استحلقت بعض مؤسسات الدولة وأجهزتها هذه المبادرات التي صدرت من الأهالي"، وقال: "نحن في هذا السياق لا يسعنا إلا أن نُكبر هذه الأنشطة والجهود التي تبدو في ظاهرها متواضعة، ولكنها في الحقيقة تؤسس بنى تحتية إنتاجية لمجتمعنا في أرض حماها أزكى دم، وحرّرها أزكى دم".
وأشار رعد إلى أن "التعايش الوطني والتماسك والتضامن الوطني في هذه المنطقة الحدودية بالذات، مع حفظ خصوصية المكونات الأهلية في هذه المنطقة، هي علامة تستحق الثناء والاقتداء بها، لا سيما وأنّ ما نشعر به من عيش واحد وتكافل وتضامن بين الأهالي على مختلف وتنوعات انتماءاتهم الطائفية والمذهبية في سياق حفظ خصوصية داخل الوحدة الوطنية، هو علامة فارقة وماركة مسجلة يجب أن تقتدي بها كل المناطق على امتداد وطننا العزيز لبنان".
وأكّد رعد أننا "نقدم على الاستحقاق الانتخابي بمسؤولية نتحمّلها إزاء وطننا من أجل حمايته، وإزاء شعبنا من أجل النهوض به، ومن أجل بناء دولتنا التي يجب أن تتحمل المسؤولية كاملة في توفير مقدمات النهوض الاقتصادي والانتاجي في هذا البلد".
وقال: "إننا نضطلع بمسؤولياتنا في المجلس النيابي من خلال سن القوانين ومتابعة تنفيذ القوانين ومراقبة الحكومة لحسن تطبيقها لهذه القوانين، التي من شأنها أن تسهّل أمور الناس، وأن توفّر الخدمات لهم، وأن تزيل المعوقات من أمام انتاجيتهم، وأن تهيئ كل مستلزمات التماسك الاجتماعي، وتوفّر البنى التحتية في المناطق اللبنانية كافة، وخصوصًا في الأطراف".
ولفت رعد إلى أن "كتلة الوفاء للمقاومة النيابية خلال الدورة الانتخابية وبعض السنوات التي سبقتها، قدمت مجموعة من اقتراحات القوانين ربما يصل عددها إلى ما يقرب الـ28 اقتراح قانون تقدمت بها الكتلة منفردة إلى المجلس النيابي، فيما وقّعنا ووقّع غيرنا من الكتل التي شاركتنا في إعداد بعض الاقتراحات الأخرى، ما يربو على الـ50 اقتراح قانون"، وأكد أن "ما نقدمه من اقتراحات ليس استجابة لطلبات فردية وشخصية يطلبها بعض الأفراد في مجتمعنا، وإنما تلبّي حاجة فئات وجماعات وتجمّعات لها اهتمامات خاصة، وهذا يضمن حسن التنظيم في إدارة هذا المجتمع".
وختم رعد قائلًا: "بقدر ما أبدي سعادتي وسروري مما اطلعت عليه خلال هذه الجولة، بقدر ما أجد نفسي مضطرًا لشكر الإخوة الذين يتابعون هذه الشؤون، سواء كانوا في تنظيم حزب الله، أو في مجتمعنا الحاضن للمقاومة، والمقدّر للجهود التي تدعم الصمود وتعززه"، شاكرًا "عوائل الشهداء الذين قدموا أغلى ما لديهم لنعيش الأمن والاستقرار الذي شاهدناه ولمسناه ويعيشه أهلنا على امتداد هذه المنطقة الحدودية التي نشهد فيها مزيدًا من الأعمال الإنمائية والانتاجية، وإن شاء الله نستكمل الدورة الاقتصادية في هذه المنطقة من خلال تعاوننا وتضافر جهودنا".