لبنان
جولات مناقشة الموازنة مستمرة.. وسجالٌ حاد بين "القوات" و"المستقبل"
ركَّزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الأربعاء 26-1-2022 مواصلة مجلس الوزراء جلساته المكثفة لمناقشة مشروع الموازنة لعام 2022 والذي سيستكمل اليوم، وسط محاولتها أن توائم بين "خطة التعافي" والواقع المعيشي الصعب الذي يعانيه اللبنانيين.
كما تناولت الصحف اشتعال الجبهة بين حزب "القوات اللبنانية" وتيار "المستقبل" في حين تتواصل ردود الفعل السياسية على قرار سعد الحريري تعليقه العمل بالحياة السياسية، كذلك توقفت الصحف عند توقيع لبنان وكل من الأردن وسورية اليوم على اتفاقيتين مع الأردن لتزويد الطاقة الكهربائية من الأردن، وأخرى مع كل من الأردن وسورية لعبور الطاقة عبر سورية إلى لبنان.
الأخبار: المستقبل «يبقّ» بحصة جعجع: متورّط في التآمر حتى النخاع
أخيراً، «بقّ» تيار «المستقبل» البحصة. هذا ما لم يفعله رئيسه قبل خمس سنوات، بعد احتجازه في المملكة العربية السعودية وإجباره على تقديم استقالته، بالتآمر مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي، وحده من بين كل القيادات في لبنان، دعا الى قبول استقالة الحريري. آنذاك، لمّح رئيس الحكومة السابق إلى تلقّيه طعنة غادرة من «الحلفاء»، ولوّح بـ«بقّ» البحصة التي علقت في حلقه منذذاك، فيما لم يتوقف الهمس يوماً في كواليس التيار الأزرق عن «المتآمر الأكبر» على الحريري والمحرّض الأول عليه لدى «ولاة الأمر» في الرياض.
بيان «استسلام» الحريري للضغوط السعودية، عصر الاثنين، أخرج جمهور «المستقبل» ومسؤوليه عن هدوئهم. كل الأطراف السياسية استشعرت حراجة الخطوة الحريرية وخطورة تداعياتها، فيما سمير جعجع، وحده أيضاً، واصل غرز سكينه في جرح «المستقبل» المفتوح، طامحاً بعد مشاركته في إطاحة الحريري، إلى تطويب نفسه «وريثاً» لتياره، وزعيماً لسنّة لبنان، علماً بأنه نقل عن أوساط قريبة من تيار «المستقبل»، في اليومين الماضيين، أن من بين شروط «بيان الاستسلام» تجيير الجمهور الأزرق، في الانتخابات المقبلة، للمدان باغتيال زعيم تاريخي للسنّة هو الرئيس الراحل رشيد كرامي، والخارج من سجنه بعفو نسجه الحريري الابن نفسه. وإذا كان زعيم «المستقبل» قد رفض تنفيذ هذا الشرط، ضمناً، عندما نفض يده من كل ما يتعلق بالانتخابات، يبدو أن زعيم القوات ماضٍ، من طرف واحد، في تنفيذ الأجندة السعودية في هذا السياق.
هكذا، وكأن ما أعلنه الحريري الاثنين كان بياناً انتخابياً لا بيان انسحاب، غرّد جعجع أمس بأنه «متعاطف مع الحريري»، لكنه «مصرّ على التنسيق مع الإخوة في تيار المستقبل وأبناء الطائفة السنية». تغريدة كانت كافية لتفجير الاحتقان المستقبلي على مواقع التواصل الاجتماعي، فشنّ أنصار «المستقبل» هجوماً على «الغدّار الذي طعن سعد الحريري». عضو كتلة المستقبل النائب وليد البعريني وصف موقف جعجع بأنه «خبيث يُحاول الظهور عبره بمظهر الحريص على تيار المستقبل ولعموم أهل السنّة في لبنان (...) وقد أثبتت كل الأحداث الماضية أنه متورّط حتى النّخاع في طعن تيار المستقبل ورئيسه في ظهورهم وفي رقابهم، وهذه حقائق ثابتة ولم تعد تخفى على أحد».
ورأى أن «ادّعاء الحرص والاهتمام للقفز الى المقدمة لوراثة تيار المستقبل لا يعدو كونه محاولات مكشوفة سترتدّ على صاحبها بالخيبة والخذلان، لأن السنّة كانوا وسيبقون أهل دولة وأهل وفاء، ولن يسمحوا لمن طعنهم بأن يتوثّب نحو حمل رايتهم وتقدم صفوفهم». فيما سخر منسق الإعلام في التيار، عبد السلام موسى، من جعجع الذي «يُصرّ على التنسيق معنا ونحن لا نشارك في الانتخابات»، موجّهاً نصيحة إليه: «لعاب بملعبك وما تطلع ع كتافنا».
وكان جعجع قد غرّد مطلع الشهر الجاري بأنّ «الأكثرية السنيّة هم حلفاؤنا بطبيعة الحال على المستوى الشعبي لا القيادي»، ما دفع الأمين العام لـ«المستقبل» أحمد الحريري إلى «نصيحته، بأن «يترك الأكثرية السنيّة بحالها ويتوقّف عن سياسة شقّ الصفوف بينها وبين قيادتها السياسية».
إلى ذلك، كانت لافتة تغريدة رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل، بأن «هناك من اختار أن يتعاقَب حتى يمنَع الحرب الأهلية، وآخر وافق على الانسحاب حتى لا يسمح بالحرب الأهلية، وهناك أحد مصمّم على الحرب، وغير مهتمّ إذا طعن حليفه بالظهر أو خان تفاهماً لمصالحة تاريخية، والمهمّ أن ينفّذ أجندة خارجية توقع الفتنة بلبنان».
البناء: هل تدعو دار الفتوى للمقاطعة… ويعلن جنبلاط الانسحاب تضامناً مع الحريريّ؟
يدور النقاش حول الجواب اللبناني على الورقة الخليجية التي حملها وزير خارجية الكويت، وقالت مصادر متابعة لهذا النقاش إن لا مشكلة لبنانيّة مع أغلب ما ورد في الورقة، وتبقى نقطتان للنقاش، واحدة يرغب لبنان بإخضاعها لحوار لبناني خليجي حول التعامل الإعلامي ورسم حدود العلاقة بين الالتزام اللبناني بما يرغب به الوزراء العرب، وبين حرية التعبير والتعدد السياسي، أسوة بما تتعامل بموجبه الحكومات العربية في هذا المجال مع حكومات دول أجنبية تربطها بالخليج علاقات مميّزة. والنقطة الثانية التي يظن البعض أنها عقدة لبنانية وهي المتصلة ببنود مكرّرة تحت عنوان بسط السيادة وحصر السلاح وتطبيق القرار 1559. وفي هذا المجال يدور الجواب اللبناني حول شرح إجماع اللبنانيين في إتفاق الطائف علي هذه الأهداف، ولكن مع وضع خريطة طريق تبدأ بتحرير الأراضي المحتلة بكل الوسائل المتاحة كما نصت وثيقة الطائف، وجاء القرار 1559 الذي انقسم حوله اللبنانيون وتلته حرب تموز 2006 التي دعمتها دول أجنبية وعربية لسحب سلاح حزب الله وانتهت بالقرار 1701 الذي أصبح بعرف المجتمع الدولي خريطة طريق للقرار 1559، لجهة ترتيب المراحل بالبدء بالانتقال من وقف الأعمال العدائية الى وقف اطلاق نار دائم بعد حل القضايا العالقة وفي مقدمتها قضية مزارع شبعا. وقد تعامل مجلس الأمن الدولي مع هذا التلازم بين القرارين بهذه الطريقة منذ أعوام ولا يزال.
في الشأن السياسي اللبناني وتفاعلات وتداعيات قضية إنسحاب الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل من المشهدين السياسي والإنتخابي لا تزال المواقف تتظهر تباعاً وتطرح معها الأسئلة، وابرز ما يتم تداوله من اسئلة بعد بروز توتر حاد بين جمهور تيار المستقبل وقادته، رداً على ما قاله رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وما بدا في موقع الشماتة، يطال مواقف الأطراف الأخرى. وفي هذا السياق برز كلام لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، الذي غلب عليه الطابع التضامنيّ، والإشارة للتمييز بين الحريري وجعجع بالقول، هناك مَن يعاقَب لرفضه الحرب الأهلية ومن يسعى لهذه الحرب تنفيذاً لأجندة خارجية. ويبقى هذا الموقف الوجداني مبدئياً بإنتظار توضيح صورة الموقف سياسياً، ولم تخف مصادر متابعة للموقف انه قد يكون شبيهاً بالموقف من احتجاز الحريري عام 2017 دون ان توضح الكيفيّة، بينما طرحت أسئلة حول احتمال دعوة دار الفتوى لإجتماع موسّع يخرج بدعوة لمقاطعة الانتخابات بصورة تستعيد مشهد المقاطعة المسيحية عام 1992، بينما تدور أسئلة مشابهة حول احتمال إعلان رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط لموقف تضامني مع الحريري والمستقبل بعدم المشاركة في الانتخابات.
وبقي قرار الرئيس سعد الحريري تعليق العمل السياسي والعزوف مع تيار المستقبل عن خوض الانتخابات النيابية، يلقي بثقله على المشهد الداخلي، وسط صدمة وذهول لا زالت تقضّ مضجع المستقبليين من النواب والمسؤولين في التيار وكذلك الشارع السني الذي يعيش حالة إحباط وقلق ونار غضب تحت الرماد قد تشتعل في أية لحظة إذا توافرت ظروف وفتائل تفجير الساحة الداخلية.
وواصلت الأوساط السياسية تحليل أبعاد خطوة الحريري وتقييم الموقف والتداعيات المرتقبة مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية وما سيرافقها من تصعيد الخطاب السياسي والطائفي والفوضى في الشارع على وقع تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية مع تصعيد الضغط السعودي – الخليجي – الأميركي على لبنان عبر المبادرة الكويتية التي تحمل في طياتها شروط استسلام تفرض على لبنان.
وقطعت مراجع سياسية وروحية الشك باليقين بوجود بالأسباب الخارجيّة لقرار الحريري وأنه يخفي قراراً سعودياً وأميركياً بإقصاء الحريري عن المشهد السياسي، بحسب ما علمت «البناء»، لذلك صمتت المراجع السنية السياسية والدينية وأبدت تفهماً لهذا الخيار. وعلمت «البناء» أن الرئيس فؤاد السنيورة والمفتي عبد اللطيف دريان حاولا إقناع الحريري بالعدول عن قراره وشرحا له تداعيات هذا القرار، لكنه أصرّ على موقفه.
وبموازاة العامل السياسي الخارجي، عزت أوساط سياسية سنية قرار الحريري لأسباب مادية وسياسية داخلية، لكن مصادر وزارية وسياسية لفتت لـ«البناء» أن «الحريري لم يصل الى هذا القرار بضغط داخلي، بل بضغط خارجي بدأ منذ العام 2017 ويعيدنا بالذاكرة الى تلاوة الحريري بيان استقالته خلال احتجازه في السعودية وهو اليوم يدفع ثمن عدم تقديم استقالته من بيروت». ولفتت المصادر الى «أن الحريري تعهّد للسعودية أمام الفرنسيين بأن يقدّم استقالته من رئاسة الحكومة فور عودته الى لبنان مقابل الإفراج عنه، وعندما أُفرج عنه ووصل الى بيروت لم يقدّم استقالته، فأثار الغضب السعودي، ومنذلك الحين بدأ العقاب»، مشيرة الى أن «السعودية وأميركا تريدان ضرب عصفورين بحجر واحد، نزع التغطية السنية الحريرية غير العلنية عن حزب الله، وإضعاف حزب الله في مجلس النواب والسعي لإيصال عدد كبير من أخصام المنظومة السياسية الحالية». وذكرت بقول الحريري «أنقذت لبنان من فتنة مذهبية»، ما أوحى بأن رفضه الشروط السعودية بمواجهة حزب الله استدرج الغضب السعودي الذي دفعه للانكفاء عن الساحة السياسية.
على صعيد التزام كتلة المستقبل بقرار الحريري من عدمه، أشارت أوساط نيابية في المستقبل لـ«البناء» الى أن «الكتلة ستجري لقاءات ومشاورات مع الحريري، بعد عودته الى بيروت خلال أسبوعين، لحسم هذا الموقف، ومن المبكر الحديث عنه، وهناك متسع من الوقت حتى إقفال باب الترشح للانتخابات». وبحسب المعلومات فقد دعا الحريري نواب الكتلة خلال اللقاء الأخير لعدم الترشح تحت عباءة المستقبل، لكنه لم يدعوهم لعدم الترشح منفردين، ما دفع بعض النواب للاقتراح على الحريري الترشح منفردين وليس تحت لوائح تحمل اسم التيار. ولفتت المعلومات لـ«البناء» الى أن «الحريري سيعود الى لبنان خلال أسبوعين لإطلاق جولة مشاورات جديدة مع اعضاء الكتلة لحسم بعض النقاط لجهة الترشح على لوائح اخرى». إلا أن اغلب النواب في الكتلة ملتزمون بقرار الحريري إلا أن يقول العكس.
واستمرت المواقف والتعليقات السياسية على قرار الحريري، واشار مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في تصريح: «الخطوة التي أقدم عليها الرئيس سعد الحريري بتعليق عمله بالشأن السياسي هو أمر مؤسف يبعث على الألم بعد الجهود التي بذلها خلال مهامه الوطنية وعلى مدى سنوات عديدة بتعاونه الدائم مع دار الفتوى التي كانت وستبقى حاضنة لتطلعات أبنائها وآمال اللبنانيين جميعاً في نهوض وبناء الدولة ومؤسساتها».
بدوره، أبدى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تعاطفه الشخصي مع الحريري، وقال: «إذ نحترم ونقدّر الأصدقاء والأخوة في تيار المستقبل، نصرّ على التنسيق معهم ومع كل ابناء الطائفة السنية في لبنان ومع كل المخلصين والمؤمنين في الطوائف الأخرى بالقضية اللبنانية حتى ينتصر لبنان الدولة والسيادة والحرية غير الخاضع لإرادة إيران، ولبنان الخالي من الفساد، وحتى لا يموت شهداء الحرية والسيادة في لبنان مرتين، من كمال جنبلاط وبشير الجميل ورفيق الحريري ومحمد شطح وكل قوافل الشهداء الأبرار».
وفي هجوم على جعجع من دون أن يسمّيه، غرد رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل قائلاً: «في حدا اختار يتعاقب حتى يمنع الحرب الأهليّة، وفي حدا وافق ينسحب حتى ما يسمح بالحرب الأهليّة، بس في حدا مصمّم يعمل الحرب، ومش مهم إذا طعن حليفه بالظهر او خان تفاهم لمصالحة تاريخية؛ المهم ينفذ أجندة خارجية وتوقع الفتنة بلبنان. الخيار هو بين ميليشياويّ مهووس بالحرب وابن دولة يعمل لمنعها».
الجمهورية: اشتعال السباق الانتخابي نحو الساحة الحريرية!
لعلّها المفارقة التي توقعها بعض كبار المطلعين على خفايا كثيرة لم تكشف بعد في ابعاد اعلان الرئيس سعد الحريري تعليق عمله السياسي وامتناعه و"تيار المستقبل" عن الترشح للانتخابات النيابية، انه قبل ان تمضي 24 ساعة على مؤتمره الصحافي في بيت الوسط، كان السباق الانتخابي نحو ساحة قواعد الحريرية يشتعل بين قوى داخلية عدة. والحال ان هذا السباق، الذي بدا واضحاً انه كان في طور التحفز بناء على التقديرات السابقة بانسحاب الحريري، انطلق بحدة فورية سواء عبر المواقف والسجالات التي تعاقبت أمس أم على نحو مضمر غير علني، بما يعني ان خلط الأوراق الواسع والناشئ عن قلب الطاولة التي تسبب بها قرار الحريري لم يحتمل تبريدا لأكثر من ساعات، فبدأت الحسابات الانتخابية والسياسية تخرج من القمقم غداة سفر الحريري ليل اول من أمس إلى ابوظبي بعد ساعات من اعلان قراره.
ويمكن اختصار المشهد في اليوم التالي على قرار الحريري انه انقسم بين "ساحتين" أساسيتين لخصوم وحلفاء، فيما لا تزال "ساحات" الشركاء الاخرين، خصوما او حلفاء أيضا، ساكنة تلتزم الترقب والتريث. ساحة الوقع المباشر للقرار أي لدى "تيار المستقبل" وعبره كل القوى والاتجاهات السنية تحديدا التي تعتمل بمخاض غير مسبوق منذ محطات مفصلية مصيرية مثل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري او عملية 7 أيار 2008 وسط تصاعد المخاوف إلى ذرواتها من تداعيات الفراغ الذي سيحدثه ابتعاد الرئيس الحريري و"تيار المستقبل" عن الانخراط في العملية الانتخابية. وبدا واضحا ان ثمة تهيباً واسعاً حتى الان لدى مختلف المعنيين في هذه الساحة عن الخوض في رسم سيناريوات حول البدائل الانتخابية فيما لا تزال "مشاريع البدائل" غامضة وغير مؤهلة لمواجهة استحقاق بمستوى محاولة ملء فراغ "المستقبل". اما نواب "المستقبل" وأركانه فبرزت معطيات سريعة تعكس اتجاههم إلى التقيد الأقصى بقرار الحريري. واتخذت تغريدة مقتضبة للرئيس #فؤاد السنيورة في هذا السياق دلالات معبرة اذ كتب "اخي سعد، معك رغما عن قرارك ومعك رغما عنهم".
أما الساحة الأخرى فشكلت مفاجأة إلى درجة معينة اذ تمثلت بيقظة الصراعات والتنافسات المسيحية التي سرعان ما اثبتت انها تعتمل أكثر من سائر الساحات تحفزا للمعارك الانتخابية. ولكن لم يكن تطورا عابرا ان تبرز الحساسية الكبيرة الكامنة بين تيار "المستقبل" و"القوات اللبنانية " غداة اعلان الحريري قراره الامر الذي عزز ما يتردد عن سيناريوات تحالفية بين "القوات" وشخصيات سنية في الشمال وغيره على خلفية محاولات توظيف الانسحاب "المستقبلي" لملء فراغه بنواب لتحالف يجري العمل عليه في الكواليس منذ مدة غير قصيرة. وبذلك برزت على مستوى التفاعلات المسيحية مع قرار الحريري تداعيات في اتجاهين: الأول بين القوى المسيحية الكبرى كـ"التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" اللذين يجمعها عامل واحد في هذا السياق هو الخصومة الحديثة ولكن الحادة جدا مع الرئيس الحريري ويسعيان كل من جانبه إلى استمالة القواعد السنية في المناطق التي سيخوضان فيها معاركهما الكبيرة ويواجهان عقبة الصوت السني الحاسم المناصر لتيار المستقبل. والثاني بين هذه القوى نفسها بعضها في مواجهة البعض الاخر في معارك كسر عظم حادة اكثر من أي انتخابات سابقة .
هذا الأمر برزت دلالاته الأولية امس في تشنجات إعلامية فورية اذ لم يسقط تصريح أدلى به رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع معلقا فيه على قرار الرئيس الحريري برداً وسلاماً على اسماع "المستقبليين" ومشاعرهم. وكان جعجع اعتبر أنه "على الرغم من تباينات عدة اعترت العلاقة بيننا وبين الرئيس سعد الحريري وتحديداً في المقاربات السياسية المتعلقة بالحكم، الا أنني لا أستطيع في هذه اللحظات بالذات إلا ان أبدي تعاطفي الشخصي مع الشيخ سعد". وأضاف "إذ نحترم ونقدّر الاصدقاء والاخوة في تيار المستقبل، نصرّ على التنسيق معهم ومع كل ابناء الطائفة السنية في لبنان ومع كل المخلصين والمؤمنين في الطوائف الأخرى بالقضية اللبنانية حتى ينتصر لبنان الدولة والسيادة والحرية غير الخاضع لإرادة إيران، ولبنان الخالي من الفساد، وحتى لا يموت شهداء الحرية والسيادة في لبنان مرتين، من كمال جنبلاط وبشير الجميل ورفيق الحريري ومحمد شطح وكل قوافل الشهداء الأبرار".
وسرعان ما رد منسق الإعلام في تيار "المستقبل" عبد السلام موسى على جعجع، قائلاً: "تيار المستقبل يعلن تعليق المشاركة بالانتخابات وجعجع مصرّ على مشاركتهم، عجبي!". ثم كان موقف ناري لعضو كتلة "المستقبل " النائب وليد البعريني هاجم فيه جعجع واتهمه باتخاذ "موقف خبيث يحاول الظهور بمظهر الحريص والمحب لتيار المستقبل ولجمهور الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولعموم اهل السنة في لبنان ولكن الحقيقة بخلاف ذلك وقد اثبتت الاحداث الماضية انه متورط حتى النخاع في طعن تيار المستقبل ورئيسه ".
وفي المقابل وظف رئيس "التيار الوطني الحرّ" النائب جبران باسيل قرار الحريري لشن هجوم على جعجع فقال مغرداً: "في حدا اختار يتعاقب حتى يمنع الحرب الاهلية، وفي حدا وافق ينسحب حتى ما يسمح بالحرب الأهلية، بس في حدا مصمّم يعمل الحرب، ومش مهم إذا طعن حليفه بالضهر او خان تفاهم لمصالحة تاريخية؛ المهم ينفذ أجندة خارجية وتوقع الفتنة بلبنان. الخيار هو بين ميليشياوي مهووس بالحرب وابن دولة يعمل لمنعها".
ثم علق علّق لاحقا وقال: "نتمنى زوال الظروف التي أملت موقف الحريري ومعنيون بالمواجهة بالتعاضد بيننا كلبنانيين كل محاولات الفتن والتطرف وموقفنا ثابت بالوقوف مع أي مكون يشعر بالاستهداف وما لم نقبل به لأنفسنا لا نقبل به لغيرنا ونحن مع ضرورة أن يكون هناك تمثيل فعلي لبعضنا البعض في أي استحقاق".
ورد عليه رئيس جهاز العلاقات الخارجية في "القوات اللبنانية" الوزير السابق ريشار قيومجيان عبر حسابه على "تويتر" قائلا: "أحد الصغار الصغار مهووس بتعابير الحرب الأهلية والفتنة والميليشيا. في الطب النفسي، الإكثار من الهوس يتحول إلى حالة مرضية تبدأ بالهلوسة لتصل إلى حد الانتحار بالافتراء على الآخرين، يحاول جبران باسيل أن يقتل العميل والفاسد والكاذب والسيء الذي في داخله."
الديار: الموازنة تسقط في البرلمان؟
انكبت الحكومة على مناقشة مشروع موازنة ٢٠٢٢ الذي تقدم به وزير المال يوسف الخليل، وفيما يأمل رئيس الحكومة ان ينتهي البحث فيه هذا الاسبوع ليناقشه مجلس النواب الاسبوع المقبل، لا يبدو ان طريق الموازنة سيكون معبدا تحت قبة البرلمان. اذ استبعدت مصادر نيابية في حديث لـ «الديار» ان يمر المشروع في الهيئة العامة، خاصة بعد المواقف التصعيدية بوجهه من قبل حزب الله و»التيار الوطني الحر» وعدد كبير من النواب. واضافت المصادر: ليس من مصلحة احد السير بمشروع مماثل على عتبة الانتخابات النيابية، علما انه تجري محاولات شتى لتجميله واتخاذ قرارات مرافقة له كموافقة مجلس الوزراء على مشروع مرسوم يرمي الى إعطاء تعويض نقل شهري مقطوع للعسكريين في الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والضابطة الجمركية وشرطة مجلس النواب من مختلف الرتب تعويض نقل شهري مقطوع بقيمة 1200000 ليرة لبنانية يضاف إلى تعويض الانتقال اليومي المستحق للعسكريين».
واشارت المصادر الى ان «القوى السياسية ستدقق بالمشروع بعد انتهاء عمليات تجميله لتحدد ما اذا كان سيرتد عليها سلبا شعبيا ام انه قد يمر من دون مضاعفات».
وعلى وقع الانهيار السريع لشبكة كهرباء لبنان نتيجة الاعطال وعدم توافر الاموال اللازمة لاصلاحها، تواصلت يوم امس عمليات انعاشها مع وصول وزيري الطاقة السوري والأردني يرافقهما المدراء العامون لشركات ومؤسسات نقل الكهرباء حيث سيتم التوقيع بين لبنان وكل من الأردن وسوريا اليوم الاربعاء اتفاقيتين مع الأردن لتزويد الطاقة الكهربائية، وأخرى مع كل من الأردن وسوريا لعبور الطاقة عبر سوريا إلى لبنان.
وكانت مؤسسة كهرباء لبنان اصدرت امس بيانا اوضحت فيه انه «نتيجةً للعاصفة الثلجية وموجات الصّقيع المستمرة بالإضافة إلى تكوّن طبقات من الجليد منذ يوم الخميس الفائت، يصعب على الفرق الفنيّة القيام بأعمال الصيانة والتصليحات على شبكات التوتر المتوسط والمنخفض كما هو الحال تحديداً في غالبية المناطق الوسطى والجبلية المرتفعة، وعلى طول الساحل اللبناني. أضف إلى ذلك الأزمة المالية في البلاد، ولا سيّما عدم توفّر العملات الأجنبيّة، مما يؤثر سلباً على قدرة شراء قطع الغيار الضرورية، الأمر الذي يؤدي إلى التأخير في أعمال الصيانة. وتحدث البيان عن «حصول انقطاعات شاملة للتيار الكهربائي ناجمة عن عدم استقرار الشبكة بسبب محدودية القدرة الإنتاجية نتيجة الأوضاع المالية والنقدية في البلاد من جهة، والاعتداءات التي تحصل من قبل بعض الأشخاص على بعض محطات التحويل الرئيسية كما جرى مؤخراً في محطة عرمون الرئيسية من جهة أخرى. وعليه، فإن مؤسسة كهرباء لبنان تؤكّد بأنها تعمل جاهدة على إصلاح الأعطال على كافة الأراضي اللبنانية، لا سيّما الجبلية منها، من أجل إعادة الوضع إلى ما كان عليه وبحسب القدرات المتاحة في ظل الظروف الراهنة».
إقرأ المزيد في: لبنان
27/11/2024