لبنان
جلسة حكومية اليوم في بعبدا.. والكويت تحمل ورقة طلبات خليجية إلى لبنان
تعود الحكومة اليوم للاجتماع بعد ثلاثة أشهر من الانقطاع، وستكون الموازنة التي أعدتها وزارة المال طبقًا على مائدة القصر الجمهوري، إضافة لملفات عديدة تنتظر اجتماع مجلس الوزراء لدرسها.
ويحدد النائب سعد الحريري عصرًا موقفه من الانتخابات النيابية، وما سيكون لهذا الموقف من تداعيات.
وكانت الأضواء مسلطة على جولة وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر الصباح على المسؤولين اللبنانيين، لا سيما بعد تقديمه مبادرة خليجية لما سمّاه إعادة الثقة مع لبنان، على أن ينتظر جوابًا من بيروت خلال الأيام المقبلة.
"الأخبار": تنشر البنود الـ 12 في ورقة الطلبات الخليجيّة (الأميركيّة): جدول زمني لنزع السلاح ومراقبة الحدود
في الظاهر، أتت زيارة وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر الصباح إلى لبنان كخطوة إيجابية تمثّل خرقاً للحصار السياسي الذي فرضته السعودية (وألزمت به دولاً في مجلس التعاون الخليجي) على لبنان نهاية تشرين الأول الماضي، بحجة تصريح لوزير الإعلام المستقيل جورج قرداحي حول العدوان على اليمن.
لكن التدقيق في محادثات الوزير الكويتي يفتح الباب أمام أسئلة حول المرحلة المقبلة من الضغوط المتوقعة على لبنان. وهو ضغط يتوقع أن يتعاظم في ضوء قرار الرئيس سعد الحريري العزوف عن المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، وتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.
اللافت، أولاً، أن السعودية كرّست قرارها باعتماد الكويت وسيطاً وحيداً مع لبنان، واضعة بذلك حداً لمحاولات دول أخرى، بينها مصر، وحتى الجامعة العربية للعب هذا الدور. الموفد الأميري الخاص لم يبدُ وكأنه موفد السعودية فحسب، بل نقل طلبات تشغل بال العواصم العالمية. وما حمله إلى بيروت، في اليومين الماضيين، أشار بوضوح إلى تنسيق الزيارة والطلبات مع واشنطن وعواصم أوروبية، وكان صريحاً بالإشارة إلى دعم الأردن ومصر لهذه الطلبات.
الصباح أبدى رغبة أمام الرؤساء الثلاثة بتفعيل العلاقات الثنائية بين البلدين، إلا أنه لم يأت تحت هذا العنوان، علماً أن دولته لم تقطع علاقاتها الديبلوماسية كلياً مع لبنان كما فعلت دول خليجية أخرى، بل اكتفت بخفض تمثيلها.
الزيارة التي حملت عنوان «إنقاذ لبنان وترتيب العلاقات الخليجية اللبنانية»، تبين أن تحت عنوانها البرّاق هذا، كُلّف الوزير الكويتي بحمل ورقة شروط من 12 بنداً يمثل كل منها عنواناً لاشتباك سياسي داخلي وإقليمي، وهي نتاج عمل أميركي بأدوات خليجية، وقد جرى تطعيمها بشروط سعودية كعدم قبول الخليج العربي بعد اليوم بتدخل حزب الله في دوله، وضرورة وقف التحريض على العنف وتصدير المخدرات، لتنتهي ببند يشير إلى أنه فور التزام لبنان بهذه البنود «سيتم العمل مع المؤسسات الدولية على حلّ الأزمة المالية في لبنان».
الورقة الخليجية حصلت على دعم أميركا وأوروبا ومصر والأردن
وعلمت «الأخبار» أن الموفد الكويتي سمع من كل المسؤولين حرص لبنان على أفضل العلاقات مع الخليج، لكن أوساط القصر الجمهوري نقلت تشديد الرئيس ميشال عون على إبداء التحفظ على البند المتعلق بالقرار 1559، لافتة إلى أن قضية سلاح حزب الله ودوره الإقليمي «أمر ليس محلياً يخص لبنان وحده بل هو مسألة إقليمية ودولية، وعلى العرب والعالم تفهّم هذا الأمر». وأكد عون «حرص لبنان على أفضل العلاقات مع العرب ومع العالم، وأن جميع المسؤولين والسلطات تحترم اتفاق الطائف وتحرص على تطبيقه كما الالتزام بالقرارات العربية والدولية».
ومن المتوقع أن يبلغ لبنان موقفه الرسمي الموحد خلال اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في الكويت نهاية الشهر الجاري. وقد أخذ رئيس الجمهورية على عاتقه التواصل مع رئيسي مجلس النواب والحكومة، مبلغاً زائره الكويتي حرصه على الخروج بموقف مشترك رغم إعادة التأكيد على التزام لبنان باتفاق الطائف وبالقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن. ولفتت المصادر إلى أن «عدم تلبية الأطراف السياسية لطاولة الحوار التي دعا إليها عون وعلى رأس جدول أعمالها الاستراتيجية الدفاعية وخطة التعافي المالي، أسقط فرصة للإجابة مباشرة على الورقة من دون دراستها، سواء كان الجواب سلبياً أو إيجابياً، وامتلاك موقف سيادي قوي لا يحتاج إلى تشاور».
ولاحظت مصادر معنية أن «تنفيذ هذه الشروط التي عجزت أميركا وإسرائيل وحلفاؤهما عن فرضها على لبنان خلال حروب متعاقبة، لن تمنح لبنان - في حال نفذها من دون اعتراض - أي صك براءة أو تجعله يكسب رضى دولياً وخليجياً. بل مقابل رضوخه لشروط بيع السيادة والأرض، ستعمل دول الخليج ربما، على مساعدة الدولة اللبنانية من دون أن تبدي أي التزام أو وعد، إذ على لبنان الرسمي الانحناء والتنفيذ فقط».
دعوة لضمان إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في موعدها وضمان المصارف أموال المودعين
وكان وزير الخارجية الكويتي وصل إلى لبنان مساء السبت الماضي، ليبدأ جدول زياراته من السراي الحكومي، ثم القصر الجمهوري وعين التينة ووزارة الخارجية. وحرص الصباح على إعادة التصريح نفسه في كل مرة متحدثاً عن رسائل ثلاث حملها إلى لبنان: «1- التعاطف والتضامن والمؤازرة والمحبة للشعب اللبناني. 2- تطبيق سياسة النأي بالنفس وأن لا يكون لبنان منصة لأي عدوان لفظي أو فعلي. 3- الرغبة لدى الجميع بأن يكون لبنان مستقراً آمناً وقوياً وأن قوة لبنان هو قوة للعرب جميعاً وعلى أن يصير هذا الأمر واقعاً من خلال تطبيق قرارات الشرعية الدولية والقرارات العربية».
واللافت في المؤتمرات الصحافية التي عقدها الوزير الكويتي، ليس ما قاله هو، بل سلوك ممثلي وسائل الإعلام اللبنانية التي تؤكد غالبيتها في كل مرة، أن شعار حرية التعبير التي يتغنى بها الإعلام اللبناني، ليس سوى مجرد لافتة خالية من أي مضمون، بل يتحول الإعلام اللبناني إلى نسخة مطابقة للإعلام الخليجي أو الإعلام في الأنظمة القمعية، ويتأكد مرة جديدة أنه عند زيارة كل مسؤول أجنبي أو عربي يتحول الإعلام اللبناني إلى إعلام الصوت الواحد. لا بل زايد الإعلاميون على كلام وزير الخارجية الكويتي سائلين عن سبل تطبيق القرارات الدولية وعما إذا كانت دول الخليج ستراقب التصريحات اللبنانية وتحاسب عليها!
نص «ورقة الشروط» الخليجية
«الأخبار» حصلت على نسخة من الورقة التي حملها وزير الخارجية الكويتي، وجاء فيها ما حرفيته:
«انطلاقاً من السعي إلى رأب الصدع في العلاقات الخليجية - اللبنانية، وبناء جسور الثقة مع الجمهورية اللبنانية الشقيقة، ووفقاً للمعطيات الناتجة عن الأزمة الأخيرة، والتي تتطلب اتخاذ إجراءات وخطوات ثابتة لإزالة أي خلاف، متمثلة في التالي:
1- التزام لبنان بكافة استحقاقات مؤتمر الطائف.
2- التزام لبنان بكافة قرارات الشرعية الدولية وقرارات جامعة الدول العربية.
3- التأكيد على مدنية الدولة اللبنانية وفق ما جاء في الدستور اللبناني.
4- سياسة النأي بالنفس يجب أن تكون قولاً وفعلاً.
5- وضع إطار زمني محدد لتنفيذ قرارات مجلس الأمن رقم 1559 (2004) والخاص بنزع سلاح الميليشيات في لبنان، والقرار رقم 1680 (2006) بشأن دعم سيادة واستقلال لبنان السياسي والتأييد التام للحوار الوطني اللبناني، والقرار 1701 (2006) الخاص بسلاح حزب الله ومنطقة الجنوب اللبناني وفق المبدأ الأساسي في سيطرة الدولة على وجود السلاح خارج سلطة الحكومة اللبنانية.
6- وقف تدخل حزب الله في الشؤون الخليجية بشكل خاص والشؤون العربية بشكل عام والتعهد بملاحقة أي طرف لبناني يشترك في أعمال عدائية ضد دول مجلس التعاون.
7- وقف كافة أنشطة الجماعات المناوئة لدول مجلس التعاون وملاحقة كل من يحاول التحريض على العنف أو يشارك فيه من المواطنين أو المقيمين في لبنان ضد حكومات مجلس التعاون الخليجي.
8- الالتزام بإجراء الانتخابات النيابية في شهر مايو 2022 ومن ثم الرئاسية في شهر أكتوبر 2022 وفق المواعيد المقررة دون تغيير.
9- التدقيق على الصادرات اللبنانية إلى دول مجلس التعاون عبر آلية تواجد مراقبين بشكل ثنائي لضمان خلو الصادرات من أي ممنوعات، وبشكل خاص المخدرات التي تستهدف الأمن الاجتماعي لدول المجلس، ويمكن في هذا الصدد اعتماد نفس الآلية الأوروبية.
10- بسط سيطرة السلطات الرسمية اللبنانية على كافة منافذ الدولة.
11- وضع نظام تبادل معلومات أمنية بين دول مجلس التعاون والحكومة اللبنانية.
12- العمل مع البنك الدولي لإيجاد حلول لمسألة عدم تمكين المواطنين اللبنانيين من استلام ودائعهم في البنوك اللبنانية».
"البناء": الموازنة للإنجاز حكوميّاً على طريق الماراتون النيابيّ
يتصدّر عنوانان بارزان النشاط السياسي والحكومي، اليوم الاثنين، الأول يتصل بجلسة مجلس الوزراء التي ستعقد في قصر بعبدا والتي ستبدأ دراسة مشروع الموازنة الذي أعدته وزارة المال والذي أثار بلبلة عند بعض القوى السياسية والاقتصادية ولدى الرأي العام ومجموعات من الحراك. أما العنوان الثاني فيتعلق بالموقف الذي سيعلنه رئيس كتلة المستقبل سعد الحريري الرابعة بعد الظهر من الانتخابات النيابية ومشاركة تياره في هذا الاستحقاق من عدمها بعدما بات معلوماً أنه قرر العزوف شخصياً عن المشاركة في هذا الاستحقاق والابتعاد لفترة.
ويبدأ مجلس الوزراء اليوم مناقشة مشروع موازنة العام 2022 ويأتي ذلك بالتزامن مع انطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تمهيداً للتوصل إلى الاتفاق حول البرنامج الذي من شأنه أن يساهم في إعادة إنعاش الاقتصاد.
ورأت مصادر نيابية لـ «البناء» ان المشروع يعاني من ثغرات تتصل بغياب أية رؤى اقتصادية لخفض الدين العام الى الناتج المحلي. وتقول المصادر إن مشروع الموازنة الذي يلقي الضوء على فرض الرسوم الجمركية والضرائب التي ستطال المواطن الفقير يغيب عنه تصحيح الاجور والرواتب بالكامل. وهذا يعني أن وزارة المال اعدت موازنة تهدف بالدرجة الأولى إلى زيادة الإيرادات عبر سلسلة ضرائب ستؤدي إلى التضخم. وتستغرب المصادر غياب أية بنود تتّصل بإصلاح قطاع الكهرباء في حين تشير بنود الموازنة الى سلفة للكهرباء بقيمة 5250 مليار ليرة لسداد عجز شراء المحروقات وسداد أقساط القروض والفوائد لصالحها.
وفي سياق متصل، تقول مصادر نيابية لـ «البناء» إن الموقف النهائي للكتل النيابية من مشروع الموازنة سوف يتحدد في البرلمان، مرجحة أن تلجأ لجنة المال الى اضفاء بعض التعديلات على بنود الموازنة تفضي إلى تحسين أوضاع القطاع العام، مشدّدة على أن الأهمية تكمن في إقرار موازنة تحاكي الواقع الراهن على الصعد المالية والاجتماعية والمعيشية والذي يتطلب دعم القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة، بعيداً عن فرض ضرائب تفاقم أزمات الفقراء والموظفين الذين باتت رواتبهم بلا قيمة.
وليس بعيداً ترجّح بعض المعلومات، ان لا يمر البند 17 المعني بتعيين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وذلك لأن حزب الله وحركة امل لن يناقشا اي بند خارج العناوين التي أعلناها، وبالتالي فإن ملف التعيينات خارج أولويات الثنائي في الوقت الراهن.
وقال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد إن مشروع الموازنة لا يبشّر بخير ولا يجعلنا نتجه لتنال الموازنة شرف موافقتنا عليها، فهي لا تنطوي على أي توازن ولا تعطي الناس حقوقهم وتحملهم الأعباء بعد أن حملتهم الأزمة الكثير الكثير مما نهب من أموالهم وصودر من ودائعهم وأهمله وأساء التصرّف به المسؤولون في بلادنا، والسماسرة في المصارف وغير المصارف».
وأضاف: «لا يجوز أن يتحمّل الفقراء والمساكين تبعات هذه الأزمة ونفرض عليهم الجبايات والضرائب والرسوم المرتفعة، بحجة أننا نريد توازناً في الموازنة. فكروا في تحقيق التوازن. نحن نريد أن تتوزع الأعباء بحسب قدرات الناس، فلا نحمل الفقراء كما الأغنياء».
وحذّر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من تمرير قرارات ماليّة في الموازنة أشبه بسلسلة رتب ورواتب جديدة مقنّعة. وقال إنَّ فرضَ الضرائب والرسوم يَتمُّ في مرحلةِ التعافي لا في مرحلةِ الانهيار، وفي طورِ النموِّ لا في طورِ الانكماش، ويَتمُّ في إطارِ خُطّةِ إصلاحٍ شاملٍ، في ظلِّ سلطةٍ حرّةٍ تَحوز على ثقةِ شعبِها وثقةِ المجتمعَين العربيِّ والدُولي. فالإصلاحُ الاقتصاديُّ يبدأ بإصلاحِ النهجِ السياسيِّ والوطنيِّ لا بتكبيدِ الشعبِ ضرائبَ غُبّ الطَلب.
وفيما تتجه الانظار الى اطلالة الرئيس سعد الحريري اليوم عصراً، لإعلان سلسلة مواقف تصب في إطار قرار ابتعاده عن الساحة السياسية موقتاً، ومن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، جرت في الساعات الماضية سلسلة لقاءات معه لم تنجح في ثنيه عن قراره. وكان الحريري زار رئيس مجلس النواب نبيه بري بحضور المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل ومستشار الرئيس الحريري هاني حمود. وجرى خلال اللقاء الذي استمر لأكثر من ساعة ونصف الساعة البحث في الأوضاع العامة وآخر المستجدات، ليعود بري ويستقبل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في لقاء لم يتجاوز النصف ساعة، ناقشا خلاله الأوضاع المتصلة بالاستحقاق الانتخابي وموقف الرئيس الحريري وانعكاسه على الساحة السنيّة خصوصاً، واللبنانية عموماً، مع إشارة مصادر المجتمعين لـ «البناء» الى أن كلاً من بري وجنبلاط حريصان على المحافظة على التوازنات السياسية واتفاق الطائف، ومن هذا المنطلق يتمسكان بالحريري ويحاولان ثنيه عن قراره الا أنهما لم يستطيعا ذلك. وكان الحريري التقى مساء السبت جنبلاط في لقاء وصف بالودّي، اكتفى بعده الحريري بالقول للصحافيين «بعض المرات لازم الواحد يخطي خطوة لورا ليرجع يتقدم إلى الأمام».
"الجمهورية": الحريري يقول كلمته
ومن جهة ثانية، يعلن الرئيس سعد الحريري الرابعة بعد ظهر اليوم من «بيت الوسط»، عدم ترشحه وتيار «المستقبل» في الانتخابات النيابية المقبلة، وأجمعت المعلومات التي توفرت لـ«الجمهورية»، انّ كل الوساطات التي رافقت عودته لم تغيّر من موقفه في شكله ومضمونه كما في توقيته.
ووصفت اوساط «بيت الوسط» اجواء لقاءات الحريري التي شملت أمس كلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بأنّها كانت سياسية بامتياز، عبّر خلالها الرجلان عن معزة خاصة للحريري ودوره.
ولذلك ستتركّز الأنظار على ما سيعلنه الحريري بعد ظهر اليوم، على رغم انّ التوجُّه الذي سيعلنه أصبح معروفاً بخطوطه العريضة، وهو عزوفه عن المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، ولكن من المهم انتظار صدور الموقف بحلّته الرسمية والنهائية لمعرفة الأسباب الموجبة المعلنة التي ارتكز إليها بقراره العزوف عن هذه الانتخابات، فيما السؤال الذي يطرح نفسه يتعلّق بانعكاسات هذا القرار والتوجّه على المستوى الوطني؟
وأكّد الحريري أمام الجموع التي أمّت منزله في «بيت الوسط»، انّ هذا البيت «لن يتسكّر»، ودعا الجموع إلى انتظار ما سيقوله اليوم، ما يعني انّ قراره ليس الخروج من الحياة الوطنية والسياسية، إنما عدم المشاركة حصراً في الانتخابات النيابية. ولكن ما تأثير هذا القرار على التمثيل السنّي داخل الندوة البرلمانية، خصوصا انّ الرئيس تمام سلام كان قد أعلن عدم مشاركته في هذا الاستحقاق «إفساحاً في المجال أمام الجيل الجديد» ليطل ويثبت نفسه، كما انّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يتجّه إلى عدم خوضها من منطلق إشراف حكومته على الانتخابات، وفي ظل تساؤل عمّا إذا كان هذا العزوف عن الانتخابات سيتمدّد ليشمل شخصيات سنّية أخرى، وفي ظل حديث عن انعكاس هذا القرار على 4 مستويات أساسية:
ـ المستوى الأول، يتعلّق بميثاقية مجلس النواب في حال انسحبت دعوة العزوف على تيار «المستقبل» وخاض الدعوة إلى المقاطعة، ولكن لا يبدو انّه في هذا الوارد حتى اللحظة!
ـ المستوى الثاني، يرتبط بالشخصيات والقوى التي ستتولّى تعبئة الفراغ الذي سيخلفه عزوف الحريري وتياره، خصوصاً انّه ما زال يمثِّل الغالبية السنّية.
ـ المستوى الثالث، يتعلّق بدور هذا الفريق السياسي في المستقبل بعد خروجه الكلي من مجلس النواب، إذ سيفقد تأثيره النيابي والحكومي وفي الاستحقاقات الوطنية وفي طليعتها الانتخابات الرئاسية.
ـ المستوى الرابع، يتصل بالتوازن السياسي على المستوى الوطني نظراً الى الدور الذي لعبه «المستقبل» أقله في المرحلة التي تلت الخروج السوري من لبنان ونشوء فريقي ٨ و ١٤ آذار.
وعلى الرغم من انّ قراره بالعزوف عن المشاركة في الانتخابات قوبل برفض من داخل بيئته ومن القوى السياسية التي التقاها ويتفاعل معها، فلا يبدو حتى اللحظة انّه في وارد إعادة النظر في هذا القرار الذي جاء خصيصاً لإعلانه، كما من غير المعروف بعد احتمالات تأثيره على مجمل الاستحقاق النيابي، ولكن الثابت انّ هذا القرار سيؤدي إلى خلط الأوراق السياسية والتوازنات داخل مجلس النواب.
وعزت اوساط مطلعة قرار الحريري بالعزوف عن المشاركة في الانتخابات إلى ثلاثة أسباب أساسية:
ـ السبب الأول مرده إلى تمنٍ خليجي بأن يأخذ استراحة سياسية في هذه المرحلة، وان يعيد فيها ترتيب علاقاته مع عواصم الخليج.
ـ السبب الثاني، مرده إلى وضعه المالي وتركيزه في هذه الفترة على هذا الجانب سعياً إلى إعادة تحسين أوضاعه الشخصية.
ـ السبب الثالث، مرده إلى غياب المال السياسي والنأي الخليجي عن لبنان، كما غياب التحضير السياسي للانتخابات في ظل الواقع التنظيمي الهش وابتعاده عن الساحة السياسية وخشيته من نتيجة هذه الانتخابات.
ولا شك في انّ هذا التطور طغى على عودة الحكومة إلى اجتماعاتها والموازنة ومجمل الملفات السياسية، والأنظار ستكون شاخصة على ما سيعلنه من أسباب موجبة دفعته إلى اتخاذ هذا القرار.
وكان الحريري خاطب الحشود التي أمّت «بيت الوسط» من عدد من المناطق اللبنانية، بمشاركة نواب وشخصيات، رافضة عزوفه عن المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة مطالبة ايّاه بإلحاح بالاستمرار في خوض الانتخابات، فقال: «القلب على الشمال، وكلكن بالقلب». أنا أعلم أنّ هذه الأيام صعبة، ولكن هذا البيت سيبقى مفتوحاً لكم ولكل اللبنانيين. رفيق الحريري لم يستشهد لكي نغلق بيتنا، وأنا أفديكم بالروح والدم. أشكركم على مشاعركم وعلى مجيئكم ووجودكم هنا، وأنا اليوم سمعتكم وأريد منكم أن تستمعوا إليّ غداً، لأني سأعود وأؤكّد لكم أنّ هذا البيت لن يُغلق».
وكان رافق بعض التحركات الشعبية المؤيّدة للحريري خلال عطلة الاسبوع، واطلق خلالها البعض هتافات معادية للمملكة العربية السعودية، ما دفع تيار «المستقبل» الى اصدار بيان قال فيه: «تلجأ جهات معروفة الاغراض والنيات الى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للنيل من المملكة العربية السعودية وقيادتها بدعوى التضامن مع الرئيس سعد الحريري. انّ هذه الاعمال مرفوضة ومدانة كائناً ما كان مصدرها واهدافها، والمملكة ستبقى عندنا بإذن الله قبلة الشرفاء في لبنان للعروبة والخير، فما يؤذيها يؤذينا ومن ينال منها يطعن الحريرية بالصميم».
سعد الحريريالكويتالحكومة اللبنانية