لبنان
مشاوراتٌ في بعبدا اليوم.. والسيسي لميقاتي: لتوقيع العقد الرباعيّ قبل الاعفاء من "قيصر"
ركزَّت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الثلاثاء 11-01-2022 على جولة المشاورات الحوارية التي يُجريها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا وعلى مدى يومين مع رؤساء الكتل النيابية التي لبَّت دعوة الرئيس عون، وتشمل اليوم رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، والنائب طلال أرسلان، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وغدا اللقاء التشاوري والنائب اسعد حردان والنائب هاغوب بقرادونيان والنائب جبران باسيل.
كما تناولت الصحف اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والرئيس المصري عبد الفتاح السياسي وتبلّغ منه بحضور وزيري الكهرباء والبترول أولوية توقيع العقد الرباعيّ بين مصر والأردن وسورية ولبنان، تمهيدا للحصول على الإعفاء من عقوبات "قانون قيصر" الأمريكية، مشيرًا إلى أن توقيع العقد الرباعيّ سيتم قريبا.
الأخبار: لبنان نحو الفقر المستدام
يطغى صوت الأثرياء في الشوارع والأسواق. لوهلة يُظن بأن لا أزمة في لبنان. حركة المطاعم والمولات وأماكن السهر وسواها توحي بذلك. لكن الواقع، أن الفقراء يقارعون فقرهم بصمت. لم يصبحوا فقراء وفق التعريف التقليدي المبني على احتساب مداخيلهم وثروتهم، بل بالخسائر اللاحقة بمستقبلهم. المستشار في قضايا الفقر والتنمية أديب نعمة يعتقد بأن لبنان دخل في مسار يأخذه نحو عشرات السنوات من الفقر الهيكلي الشديد والعميق. الفقر سيصبح مستداماً!
هناك كلام رائج في لبنان عن مبالغة في مؤشرات الفقر بالمعدلات الصادرة عن المنظمات الدولية مثل «إسكوا» التي تحدثت عن نسبة 82%. يستند مروّجو هذا الكلام إلى مشاهداتهم المباشرة في زحمة الطرقات والمطاعم وأماكن السهر والسوبرماركت وسواها من المشاهد التي لا يستنتج منها إلا نشاط في الحركة الاستهلاكية للأسر، مقابل غياب لمشاهد معبّرة عن الفقر. يردّد هؤلاء بأن فقراً بمعدل مرتفع كهذا لا بدّ أن يكون ظاهراً للعيان.
«صوت الفقراء لا يخرج إلا في المناسبات» وفق تعبير الأستاذ الجامعي أديب نعمة. هذا الأمر لا يتعلق بسلوك الإعلام الذي يتغافل عن فئات محدّدة في المجتمع فحسب، بل أيضاً مرتبط بحقيقة أن القدرات الشرائية لدى القلّة ما زالت مرتفعة، وهي الظاهرة حالياً للعيان فقط. ففي الغالب يُنظَر إلى المدينة لقياس الفقر. المدينة في هذه الحالة هي بيروت وبعض مناطق جبل لبنان. لكن هذه النظرة الجزئية لا تعكس ما يحصل فعلياً لأنها تغفل الأوضاع في المناطق الأخرى. انفجار التليل في عكار يقدّم مثالاً على زاوية النظر إلى هذه المناطق، إذ لم يعد أحد يسأل عن الانفجار الضخم وعن ضحاياه وعن أوضاع المنطقة التي وقع فيها، ولا عن أوضاع المناطق المشابهة.
تهميش المناطق هو حقيقة تاريخية في لبنان وتزداد وضوحاً في ظل الأزمة الراهنة. «الناس تنظر إلى بيروت وبعض مناطق جبل لبنان كأنها تختزل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية»، يقول نعمة. مثل آخر عن الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، ومثلها بقية الضواحي: لا يتم التطرق لهذه الضواحي إلا من زاوية سياسية، أو للتدليل على فلتان أمني أو ما شابه، بينما الواقع أن قسماً كبيراً من هذه المناطق هي مجمّعات للفقر ولأنماط عيش مختلفة جداً عن أنماط العيش في المدينة، «ففي هذه الضواحي واقع مأساوي لا أحد ينظر إليه».
في مقابل ذلك، تظهر المدينة بحلّة «أفضل» نسبياً. ففي بيروت وبعض مناطق جبل لبنان «تعيش الفئات الميسورة أو تلك التي أصبحت ميسورة بفعل الأزمة» يقول أحد الخبراء الاقتصاديين. نسبة هؤلاء تصل إلى 10% من عدد السكان، أي أكثر من 60 ألف شخص ما زالوا يتنعمّون بقدرة شرائية مرتفعة، فضلاً عما تبقى من طبقة وسطى عليا، ممن لديهم مداخيل بالعملة الأجنبية، أو لديهم عقود جماعية تضمن لهم مداخيل مقبولة… هؤلاء هم الذين نراهم في أماكن السهر ويجرّون عربات السوبرماركت المحمّلة بالسلع، ويرتادون المطاعم وأماكن السياحة…
وبحسب إحصاءات «إسكوا»، فإن أغنى 10% في لبنان يملكون 90 مليار دولار، بمعدل ثروة لكل واحد يبلغ 360 ألف دولار. كما أنه بحسب تقرير world inequality database فإن أفقر 50% من السكان في لبنان يملكون 0.1% من الثروة وأغنى 1% يملكون 48.2% من الثروة.
هذا يعني أن الهوّة بين الفقراء والأثرياء كانت قبل الأزمة كبيرة جداً في لبنان، لكنها اتسعت وأصبحت نافرة أكثر وظاهرة للعيان. والمشاهد المتناقضة مع الأزمة دلالة على حجم هذه الهوّة ومدى اتساعها انسجاماً مع سلوك الطبقات الاجتماعية.
لكن لا يمكن اختصار هذه الظاهرة فقط بالحركة الناشطة للطبقات الميسورة مقابل حركة خافتة للطبقات الفقيرة، إذ يعتقد نعمة أن المشكلة تكمن في غياب الأرقام الدقيقة التي تعكس الواقع. فما يصدر عن المنظمات الدولية من أرقام مبنية على استبيانات تتغيّر كل بضعة أيام لا يمكن الركون إليها. «صحيح أنها تقدم مدلولات تقديرية تقريبية لإجمالي حجم الأزمة، إلا أنها لا تعبّر بشكل دقيق أو ناتجة من قياسات موضوعية وملائمة للأزمة».
فالقياس النقدي، أي القياس المرتبط بالقدرة النقدية للاستهلاك، قد يكون متغيّراً بين لحظة وثانية، فيما القياسات التي تعتمد على خطوط الفقر وتعريفاته العلمية «صارت مضلّلة ومضرّة أيضاً لأن هناك خفّة في عملية التقدير التي ينتج منها تعدد في الأرقام والجهات التي تصدرها. يجب أن تقوم إدارة الإحصاء المركزي بقياس هذا الواقع بطريقة صحيحة لتأكيد حجم الأزمة. الفقر أكبر بكثير مما يظهر». لذا، يفضل نعمة عدم استعمال تعبير «فقير» أو «غير فقير»، بل «أسر تحتاج إلى مساعدة وهي تبيع أصولها وتستعمل ما تبقّى من مدخراتها».
أما الحركة الاستهلاكية الناشطة، فلا تعبّر عن مستوى الفقر حالياً لأسباب موضوعية أبرزها تحويلات المغتربين. كانت هذه التحويلات تأتي إلى الطبقات الوسطى بشكل أساسي، لكنها اليوم باتت تتركّز في الطبقات الفقيرة وبمبالغ مالية متدنية لا تتجاوز 100 دولار شهرياً. مبلغ كهذا يعني الكثير لعائلة محتاجة. كذلك، لا يغفل نعمة أن عشرات ملايين الدولارات التي أتت إلى لبنان على شكل مساعدات للأسر، وخصوصاً بعد انفجار 4 آب، وهناك مبالغ كبيرة تقدر بأكثر من مليار دولار سنوياً تأتي على شكل مساعدات للأسر السورية النازحة.
بهذا المعنى، لا يمكن تقدير الفقر تبعاً للقواعد المتعارف عليها المتعلقة بالدخل. «فالتدهور شديد، وكل ما يحصل الآن يأخذنا نحو تدهور أشدّ. هناك تحوّل اجتماعي وتفاوت شديد في الدخل سيتحول إلى ظاهرة دائمة وثابتة في لبنان بين قلّة محدودة مستفيدة، وغالبية ساحقة وضعها سيئ وستبقى بحاجة للمساعدة». هكذا يصبح الحديث عن التحويلات النقدية أمراً تافهاً عند قياس الفقر رغم أنه يمثّل معونة للأسر. لكن الفقر الذي وقع فيه لبنان مختلف، فالحاجات الغذائية للأسر كانت تسدّ من المداخيل وباتت تسدّ من التحويلات ومن المساعدات وبطريقة تقليص الاستهلاك.
ويضاف إلى ذلك أن الاستدلال على الفقر بات واضحاً في مظاهر من نوع رفض الأساتذة النزول إلى المدارس للتعليم، وهروب العسكريين من الخدمة، ورفض موظفي القطاع العام العمل أكثر من يومين في الأسبوع… ثمة الكثير من المؤشرات وكلها تدلّ على أن الفقر لم يعد يتعلق بالدخل وحده، بل في مشاكل الخدمات العامة مثل الاستشفاء والتعليم والدواء. هذه المشاكل ستظهر بصورة أوضح مستقبلاً.
«القول إن خسائر الأسر هي 10 سنوات أمر قليل جداً، فلبنان ذاهب نحو عشرات السنوات من الفقر الهيكلي» بحسب نعمة. فلنأخذ مثلاً السكن. تجديد عقود الإيجارات وكلفة السكن ستكون هائلة مستقبلاً على الأسر ذات المداخيل المحلية، والكهرباء حالياً تدفع وفق تعرفة متدنية مدعومة، والديون السوقية ما زال قسم منها يدفع بسعر صرف الـ1500 ليرة. «سيكون لدينا نمط من الفقر الشديد والعميق في الأيام المقبلة».
أقلّ ما يقال عن تعاطي الدولة مع هذا الأمر أنه كارثي. فالأكثر فقراً ونسبتهم كما هي لدى الجهات المعنية والذين سيتقاضون مساعدات مباشرة، تبلغ 20% بينما هناك 80% بحاجة للمساعدة، أي أن نسبة الـ60% ليست على جدول أعمال السلطة.
هذا النوع من المساعدات قد يتحوّل إلى مشكلة في ظل ارتفاع الأسعار الحالي. فالأسعار تواصل الارتفاع لتصبح موازية لسعر الدولار في السوق الحرّة وشرائح العمل في لبنان تسمح لنفسها بزيادة أسعار الخدمات المحلية ليس انسجاماً مع كلفة الإنتاج، إنما قياساً مع تعزيز قدراتها على الاستمرار للحفاظ على مستوى معيشة معين. لهذا السبب نرى أن بعض فئات المهنيين والعاملين لحسابهم ما زالوا يعيشون ضمن مستوى مقبول لأنهم يسعّرون خدماتهم وفق تقديرات المعيشة المبنية على مستوى معين.
البناء: بعبدا بين أولويّة دعوة الحكومة المتعثّرة…والحوار بمَن حضر رغم المقاطعة
الدعوة للحوار تنطلق مع مشاورات بعبدا، التي يبدو أن موعد رئيس مجلس النواب نبيه بري فيها انتقل من الافتتاح إلى الختام، لجوجلة الحصيلة واتخاذ القرار النهائي بالمضي بالحوار او بصرف النظر عنه، انطلاقاً من إقرار المعنيين في بعبدا بأن موقف رئيس المجلس النيابي يشكل بيضة القبان في إنجاح الحوار أو إفشاله، وسط تأكيدات مصادر عين التينة جهوزية بري للتلبية عندما يُدعى، فيما قالت مصادر قريبة من بعبدا أن اليوم وغداً سيشهدان تشاوراً يضم أقطاباً أساسيين من طاولة الحوار، كرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ورئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية ورئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال أرسلان، ورئيس حزب الطاشناق هاغوب بقرادونيان ورئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
الدعوة للحوار لم تحجب السجال المتواصل حول انعقاد الحكومة مع بقاء العقد التي تحول دون هذا الانعقاد تراوح مكانها، فيما قالت مصادر تتابع ملفي الحوار والحكومة أن ثمة فرضية لضم ملف الأزمة الحكومية الى بنود الحوار، خصوصاً مع تحوّل الحوار الى دائرة تضم أغلب المشاركين في الحكومة، وسط مقاطعة قوى تقف على مسافة منها.
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التقى بالرئيس المصري عبد الفتاح السياسي، وتبلّغ منه بحضور وزيري الكهرباء والبترول أولوية توقيع العقد الرباعيّ بين مصر والأردن وسورية ولبنان، على طلب الإعفاء من العقوبات الأميركية، مشيراً الى أن توقيع العقد الرباعيّ سيتم قريباً.
مع تسجيل سعر صرف الدولار في السوق السوداء رقماً تاريخياً بتخطيه عتبة الـ32 ألف ليرة للدولار الواحد وتفاقم الأزمات الى حدود غير مقبولة وعودة أزمة المحروقات واستحضار طوابير الذلّ أمام محطات الوقود وبلوغ الأزمة السياسيّة ذروتها بغياب مؤشرات الحلحلة حتى الساعة، لم يعُد ينفع إلا الصلاة والدعاء لإنقاذ لبنان من موته المحتّم، كما فعل البابا فرنسيس الذي لم يجد سبيلاً إلا الدعاء لبلاد الأرز كي تبقى على هويتها وكنموذج للسلام والعيش المشترك بين الطوائف، آملاً بأن تساهم الإصلاحات المطلوبة ودعم المجتمع الدولي بذلك.
وعلى إيقاع تأزم العلاقات الرئاسية على مثلث بعبدا – عين التينة – السراي الحكومي بسبب الخلاف على عقْد جلسة لمجلس الوزراء ورفض رئيس الجمهورية توقيع المراسيم الاستثنائية، وعلى مضمون مرسوم العقد الاستثنائي لمجلس النواب، تمادى سعر صرف الدولار مسجلاً الرقم الأعلى منذ اندلاع أحداث 17 تشرين 2019 حتى اليوم، حيث بلغ مساء أمس 32 ألف ليرة للدولار الواحد، ما يعني دخول لبنان في مرحلة جديدة عنوانها الانهيار الكامل والاقتراب من الارتطام الكبير وبالتالي الفوضى الاجتماعية والانفجار الأمنيّ في الشارع الذي بدأت نذره أمس بقطع عدد من الطرقات وعودة طوابير المحروقات ويتجلى أكثر بإضراب الخميس المقبل الذي دعت إليه نقابات النقل وقطاعات وظيفية عدّة، وذلك بعدما سلم السياسيون بالعجز عن فعل أي شيء أمام موجة الانهيارات المتتالية مكتفين بالتلهّي بخلافاتهم وحساباتهم السياسية والانتخابية وسط معلومات لـ”البناء” عن إقبال كثيف لعدد من الشخصيات والاحزاب السياسية لشراء الدولار من السوق السوداء للاحتفاظ به لتمويل حملاتهم الانتخابية قبيل أشهر قليلة من موعد الانتخابات.
وأشار الخبير الاقتصادي والمالي جاسم عجاقة لـ”البناء” الى سببين أساسيين لارتفاع سعر الصرف: الأول سلاح التطبيقات الإلكترونية التي تتحكم بأسعار الصرف بشكل مستمر، والثاني تهريب الدولارات الى الخارج، فضلاً عن الأوضاع السياسية الداخلية المتشنجة والأزمات الدبلوماسية مع دول الخليج. ولفت عجاقة الى أن “حجم سوق الدولار في لبنان صغير قياساً بدول أخرى، وبالتالي من السهل تحريكه والتحكم به في أي وقت، لا سيما أن قواعد السوق العلمية أي العرض والطلب، ليست العامل الوحيد الذي يحرّك الدولار، بل هناك عوامل أخرى مذكورة أعلاه”. ويرى الخبير عجاقة بأن “نتائج التعميم 161 جاءت عكسيّة، فزادت القدرة الشرائية لدى المواطنين بسبب قبض الموظفين رواتبهم بالدولار على منصة 22 ألف وصرفها على سعر صرف السوق السوداء، ما أدى الى تضخم إضافي وارتفاع الطلب على الدولار وبالتالي ارتفاعه”، معتبراً أنه “كان على مصرف لبنان سحب الليرة وضخ الدولار ليلجم سعر الصرف”.
وبرأي عجاقة فإن “مصرف لبنان لم يعُد يستطيع مواجهة القوى الكبيرة المتعددة التي تتحكم في السوق، فهو فقد الوسائل الذي يمكن من خلالها التدخل للجم السوق، فلم يعد لديه الاحتياطات اللازمة لشراء وبيع الدولار للحفاظ على التوازن بين العملة الوطنية والعملات الأجنبية”. وحذّر عجاقة من أن لا سقف للدولار وقد يسجل المزيد من الارتفاع خلال الأيام المقبلة.
الجمهورية: عون يمهّد إلى «حوار مُقاطَع».. والسيسي لميقاتي: بلدكم في قلبي
أكد عون امس «اهمية اللقاء الحواري الذي دعا اليه»، وشدد على «ضرورة ان يتخطى هذا الحوار الخلافات السياسية البسيطة»، لافتاً الى أن «الخلاف السياسي لا يجب أن يوصلنا الى خلاف وطني حول مبادئ جوهرية وأساسية مثل الهوية والوجود، ما قد يهدد وحدة لبنان وسيادته واستقلاله». وأمل دعم هذه اللقاءات «لأن الحوار يعنينا جميعاً، وهدفه ليس تحقيق مصلحة حزبية او شخصية. فالوطن للجميع، والإنماء كما الازدهار للجميع ايضاً، وعلينا التعاون للمحافظة على هذه الحياة المشتركة في ظل الاطمئنان والامان».
واشار عون الى ردود فعل ايجابية لاقت مبادرته الحوارية «ولكن بدأت بعض التحفظات بالظهور، علماً ان برنامج هذا اللقاء الحواري يقوم على 3 نقاط خلافية اساسية في لبنان، ونحن نسعى ليس الى حلها قبل الانتخابات، ولكن على الأقل الى تخفيف حدة الكلام عنها. لا نريد الاستمرار في صراع كلامي بين وقت وآخر. النقطة الأولى هي موضوع التعافي الاقتصادي وتوزيع الخسائر. كلنا نريد التعافي الاقتصادي، ولكن توزيع الخسائر نريده عادلا. المصارف تحسم اليوم حوالى 80 % من الأموال المسحوبة بالدولار. واذا استمر هذا الامر على هذا المنوال، سيخسر أصحاب الودائع الصغيرة كل ودائعهم».
اضاف: «النقطة الثانية، هي اللامركزية الموسعة الإدارية والمالية. أعطِيَ هذا الموضوع ابعادا ليست واقعية. اللامركزية الإدارية لا تلغي الارتباط بالدولة المركزية».
وتابع: «نأمل دعم هذه اللقاءات التي يجب ان تتخطى الخلافات السياسية، لأن الحوار يعنينا جميعا، هدفه ليس تحقيق مصلحة حزبية او شخصية. فالخلاف السياسي لا يجب أن يوصلنا الى خلاف وطني، اي خلاف على الهوية والوجود، فنحن قد نختلف سياسيا في بعض الاحيان حول قانون معين او مشروع وليس على مبادئ جوهرية واساسية في حياة الوطن، قد تهدد وحدته وسيادته واستقلاله».
على أنّ الصورة في المقابل، مناقضة لهذه القراءة، وعلى ما تقول مصادر سياسية مسؤولة لـ»الجمهورية» فإنّ ما يحيط بالمبادرة الرئاسية من انقسامات وتباينات في الرأي بين المكونات السياسية حيالها كاف للتوقّع بأنّ حوار بعبدا لن يعقد، أو في أحسن الأحوال، إن تجاوز رئيس الجمهورية مقاطعة اطراف سياسية وازنة كتيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية»، وأصَرّ على عقده بمن حضر، فسيكون بمثابة «نصف حوار»، فاشل سلفاً، يثبّت، لا بل يصعّب من الإصطفافات السياسية التي من شأنها أن تفتح معارك سياسية جديدة من المؤكّد أن لبنان في غنى عن جبهاتها، لأنّه بالتأكيد لا يملك أي قدرة على تحمّل صدماتها تداعياتها. وثمة تجربة حواريّة دعا اليها الرئيس عون بمن حضر في ايار من العام 2020، والتي كان عنوانها تأمين مظلّة دعم وطنية لخطة الانقاذ الاقتصادي التي أقرّتها حكومة الرئيس حسان دياب، وهو ما لم يتحقق وفشلت التجربة، في غياب مكوّنات سياسية عن هذا الحوار لا سيما المكون السنّي وفي طليعة اقطابه الرئيس سعد الحريري، وما أشبه تجربة اليوم بتجربة أيار».
وفي السياق نفسه، ابلغت مصادر معارضة للرئيس عون إلى «الجمهورية» قولها: إنّ العقدة ليست في بنود الحوار، بل هي في الجهة الداعية إليه، واذا ما تعمّقنا في جوهر الدعوة إلى هذا الحوار يتبيّن بشكل لا لبس فيه أنّ هذا الحوار حاجة للداعي اليه، لإعادة تزخيم موقعه، وتفعيل حضوره المعنوي ودوره السياسي الذي أصابه التآكل، ربطاً بالاشتباكات التي شنّها العهد ومعه صهره جبران باسيل، في كل الاتجاهات ومع كلّ المكوّنات، منذ بدء ولاية عون، وما زالت قائمة حتى اليوم، ومن هنا، لن نقدم هذه الخدمة الى عون وباسيل».
الى ذلك، وبعد اعلان القوات اللبنانية وتيار المستقبل عدم مشاركتهما في الحوار، اعتذر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عن عدم زيارته القصر الجمهوري لأسباب صحية، محدداً موقفه عبر «تويتر» وفحواه: الحوار جيد لكن بعد إحياء جلسات مجلس الوزراء. الاولوية يجب ان تكون لتفعيل العمل الحكومي واطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وقد لفت أمس اعلان حركة «أمل» تأييدها للحوار.
وقالت الحركة في بيان لمكتبها السياسي أمس: «كانت الحركة ورئيسها السبّاقين دائماً إلى الحوار بين المكونات اللبنانية وعلى أهميته كعنوان تلاقٍ بين اللبنانيين على ثوابتهم المشتركة وعناصر قوتهم، وأي حوار بين الأطراف السياسية بغضّ النظر عن مندرجات جدول أعماله ورأينا فيه، وعن توقيته ومستوى الأهمية والأولويات التي يطرحها في هذه المرحلة، وتؤكد الحركة تلبية الدعوة للمساهمة في إيجاد حلول للأزمات التي يعاني منها البلد».
وشددت على اهمية الاستحقاق الانتخابي في تعزيز العملية الديمقراطية التي تتمثل في الإختيار الحر للناس لممثليهم إلى الندوة البرلمانية وفقاً لقناعاتهم ومصلحة الوطن. معتبرة ان هذا الاستحقاق الانتخابي ليس استحقاقاً موسمياً، بل هو تشريع ورقابة على عمل السلطة التنفيذية وعمل دؤوب ودائم يتمثّل بخدمة الناس ومؤازرتهم والانحياز إلى مطالبهم المحقة، وتلبية احتياجاتهم والوقوف معهم على مدار السنوات والأيام بثبات على النهج وإصرار على الخيارات التي تشكل عنوان رفعة وعزة الوطن وكرامة المواطن».
واذ اكدت «أن ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية شكّل همّاً جديداً يضاف إلى كاهل اللبنانيين بكل فئاتهم الاقتصادية والاجتماعية»، استغربت «أن تقف الحكومة والأجهزة المعنية موقف المتفرج على تدهور الاقتصاد الوطني تاركةً لحبل المنصات الإلكترونية الضرب على وتر التحكم بسعر الصرف متجاوزة القوانين، وغياب المحاسبة والمراقبة وقيام الأجهزة المعنية بتطبيق القانون وتوقيف المتجاوزين المتلاعبين بلقمة عيش الناس وإنزال العقوبات الرادعة بهم».
وفي الموضوع القضائي، رأت «استمراراً في ضرب مؤسسة القضاء ودوره وهيبته وذلك من خلال استمرار رئيس الهيئة العامة لمحكمة التمييز في تمييع الدعوة إلى عقد اجتماع للبحث في دعاوى المخاصمة الموجودة أمامه بمماطلة مقصودة تؤكد أنّنا أمام بعض من القضاء الذي يصرّ على ضرب هيبته ودوره من بيت أبيه عبر الاستمرار بتلقّيه الأوامر والتعليمات والتوجيهات من الغرفة السوداء المعروفة إيّاها».
الديار: الملف الانتخابي: اولوية مصرية
لم يكن مفاجئا ان تغيب عن كلمة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في شرم الشيخ اي وعود للحلول الاقتصادية في ظل استمرار «الشلل» الحكوميّ الراهن نتيجة عدم التئام مجلس الوزراء، وكذلك فشله مؤخرا من «كسر الجليد» بين الرئاستين الأولى والثانية، وقد جاء تركيزه على الانتخابات النيابية في 15 أيار المقبل منسجما مع الاهتمام المصري المستجد بمصير «الساحة» السنية في ظل التخبط المستمر بين قادتها عشية هذا الاستحقاق.
وقد علمت «الديار» ان القاهرة مهتمة للغاية بمتابعة هذا الملف، وقد سمع ميقاتي كلاما واضحا حول ضرورة مشاركته في هذه الانتخابات في ظل تراجع دور القيادات السنية القوية عن التاثير في الحياة السياسية اللبنانية في هذه الفترة الحرجة، خصوصا ان القيادة المصرية قد سجلت اكثر من علامة استفهام حول ردود فعل رئيس الحكومة من الاحداث المتتالية التي ادت الى محاصرة العمل الحكومي «وعزل» المركز السني الاول عن الفعل واكتفائه بردود فعل غير مؤثرة زادت من «الاحباط» السني في البلاد.
وتبدو القاهرة معنية بالملف الانتخابي من «بوابة» استشراف موقف تيار المستقبل من الاستحقاق، وشجّع ميقاتي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على «لعب» دور فاعل في هذا الاتجاه، وابلغه ان تاثيره في هذا الملف محدود ويشمل طرابلس وبعض الشمال، ولا يزال تيار المستقبل الاكثر قدرة على التاثير على مساحة المناطق السنية الاخرى، لكن الرئيس سعد الحريري لا «يرد» على هاتفه لمناقشة اي من هذه الملفات، بحسب ميقاتي الذي اعاد التاكيد على ضرورة حصول وضوح قريب في «الصورة» لان استمرار التذبذب سيسمح بدخول تيارات وشخصيات أخرى على «الخط» قد لا يكون من السهل التفاهم معها في المستقبل.
وفي هذا السياق، تشير اوساط مطلعة الى ان القاهرة تستعد للتحرك قريبا باتجاه الرئيس سعد الحريري الذي قد يزور العاصمة المصرية قبل عودته التي وعد بها هذا الشهر الى بيروت، حيث من المقرر ان يبقى لثلاثة ايام سيعمل خلالها على ترتيب ملف الانتخابات النيابية على ان يعلن في نهاية «الورشة» قراره ازاء الاستحقاق لجهة الترشح والشخصيات المتبناة من قبله، وكذلك التحالفات في كافة المناطق.
ووفقا للمعلومات، لدى القاهرة ايضا مخاوف مستجدة من «تسرب» الشباب السني وخصوصا من الشمال باتجاه التنظيمات المتطرفة في سوريا والعراق، وقد سبق للسفير المصري في بيروت ان اثار مخاوف بلاده الموثقة بتقارير استخباراتية مصرية حيال هذا الملف الخطير مع ميقاتي، وطالب باهتمام كبير بهذا الشان.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد جدد خلال لقائه ميقاتي استعداد مصر للإسهام في تسريع إيصال الغاز المصري وفق المعاهدات الموقّعة، مؤكداً التضامن الكلي مع لبنان خصوصاً في الضائقة التي يمرّ بها، أما ميقاتي فشدّد خلال تلبيته مشاركته في «المنتدى الشبابي الدولي» الرابع أن الانتخابات النيابية التي ستجري في الربيع المقبل وسوف تشكّل فرصة لشباب لبنان ليقولوا كلمتهم ويحددوا خياراتهم في ما يتوافق مع رؤيتهم للانخراط في ورشة الإنقاذ الوطني المنشود.
وقد التقى ميقاتي نظيره المصري مصطفى مدبولي وتمّ البحث في موضوع استجرار الغاز المصري إلى لبنان، واتفق على توقيع الاتفاق الأولي بين لبنان ومصر والأردن وسوريا قريباً، تمهيداً للحصول على الإعفاء النهائي من عقوبات «قانون قيصر». وأبلغ رئيس وزراء مصر نظيره اللبناني عن تجهيز كمية من المساعدات الطبية والغذائية تمهيداً لإرسالها بحراً إلى لبنان.