لبنان
تخوف من انهيار أمني في ظل تصاعد الدولار .. وبيدرسون يُحرك ملف عودة النازحين السوريين
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على قفز سعر صرف الدولار إلى رقم قياسي في تاريخ لبنان، حيث تجاوز سقف الـ27 ألف ليرة، ما خلف فوضى وارباك في الأسواق ما ينذر بكارثة اجتماعية كبيرة مع توقع التجار المزيد من ارتفاع بأسعار المحروقات والسلع الاستهلاكية المختلفة، مع توقع خبراء أن يلامس حدود 30 ألف ليرة قبل نهاية العام.
ويبدو أن الوضع الأمني الذي ما زال مضبوطًا حتى الساعة لا ضمانات من انهياره بشكل دراماتيكي في أي لحظة.
كما تناولت الصحف ملف النازحين السوريين الذي شهد أول بحث رسمي بين لبنان والأمم المتحدة بشخص مبعوثها الخاص إلى سورية غير بيدرسون، جاء مع الزيارة الرسمية لبيدرسون إلى لبنان، والمطروح للمرة الأولى موافقة الجهات الدولية المانحة، على التخلي عن اشتراط ربط عودة النازحين بالحل السياسي، وربطها بدلاً من ذلك بوجود بيئة صالحة للعودة ورغبة واضحة بالعودة.
"البناء": سلاح حزب الله قضية دائمة… لكنه ليس شرطاً للمبادرة الفرنسية- السعودية
بداية مع صحيفة "البناء"، التي اعتبرت أن الانتظار اللبناني يبقى معلقاً على ما سيحمله التعاون السعودي- الفرنسي من نتائج في ضوء حملة التسويق لاشتراطات تتصل بسلاح حزب الله، وتبقى القضية الأشد ضغطاً في ظل تواصل مؤشرات الانهيار الاقتصادي، قضية النازحين السوريين وحجم الاستنزاف الذي يمثلونه للاقتصاد اللبناني.
لا حل للأزمة الحكومية إلا انتظار انتهاء بيطار من قراره الاتهامي، وبالتالي تنحيه الطبيعي عن الملف وإحالة القرار إلى المجلس العدلي، وأما تنحيه من تلقاء نفسه، وهذا مستبعد في ظل وجود مشروع خارجي للاستثمار السياسي في الملف ضد حزب الله وحلفائه لأسباب انتخابية وسياسية
في التحرك الفرنسي- السعودي الذي بدا خافتاً ومجمداً بعد التسريبات التي تركزت على إشارة البيان المشترك لحصر السلاح بيد الدولة ومؤسساتها العسكرية، ورافق ذلك تعليقات لبنانية وخليجية تقول إن أي مساعدة متوقعة للبنان من فرنسا والسعودية مشروطة بنزع سلاح حزب الله، وصولاً إلى القول إنه بدلاً من أن تأتي السعودية إلى موقف فرنسا أنتجت قمة إيمانويل ماكرون ومحمد بن سلمان اصطفاف فرنسا وراء الموقف السعودي، فجاء ظهور تلفزيوني منسق للسفيرة الفرنسية آن غريو لإيضاح الموقف الفرنسي والتعاون الفرنسي السعودي، فقالت غريو إن سلاح حزب الله موضوع دائم وتقليدي في السياسة اللبنانية، وطلب حصر السلاح بيد الدولة هو أمر بديهي، لكن فرنسا لا تربط مساعدتها للبنان بإنجاز حل لهذا الملف، بل تضع فرنسا قضية منع الانهيار كأولوية، وقد صارحت السعودية بذلك ودعتها للمشاركة معها، وأضافت غريو أن التفاهم الفرنسي- السعودي تم على تأسيس صندوق للمساهمة في رعاية وتمويل مشاريع متعددة في مجالات التعليم والصحة، ويتشاوران حول التفاصيل لإطلاق هذا الصندوق، وإيجاد شركاء آخرين للمساهمة فيه، والمطلوب لبنانياً للبدء أن تنجز حزمة أولى من الإصلاحات البنيوية للاقتصاد، وأن تبدأ خطوات جدية لمراقبة المرافئ اللبنانية لمنع التهريب، وخصوصاً تهريب المخدرات إلى الخليج.
ملف النازحين السوريين الذي شهد أول بحث رسمي بين لبنان والأمم المتحدة بشخص مبعوثها الخاص إلى سورية غير بيدرسون، جاء مع الزيارة الرسمية لبيدرسون إلى لبنان، والمطروح للمرة الأولى موافقة الجهات الدولية المانحة، على التخلي عن اشتراط ربط عودة النازحين بالحل السياسي، وربطها بدلاً من ذلك بوجود بيئة صالحة للعودة ورغبة واضحة بالعودة، وفي ضوئهما القبول بنقل التمويل الممنوح للنازح إلى العائد، وهذا المطلب اللبناني السوري المشترك يلقى للمرة الأولى قبولاً دولياً، لكنه ينتظر اتفاقاً رسمياً لبنانياً- سورياً تتوجه بموجبه الحكومتان نحو الجهات المانحة لترجمة هذا الاستعداد الذي حملته زيارة بيدرسون.
وفيما دخلت البلاد مبكراً في عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة ورحلت حلول الأزمات المتعددة إلى العام المقبل، قفز سعر صرف الدولار إلى رقم قياسي في تاريخ لبنان، حيث تجاوز سقف الـ27 ألف ليرة، ما خلف فوضى وارباك في الأسواق ما ينذر بكارثة اجتماعية كبيرة مع توقع التجار المزيد من ارتفاع بأسعار المحروقات والسلع الاستهلاكية المختلفة، وتوقع خبراء سياسيون واقتصاديون عبر «البناء» ارتفاعاً إضافياً بسعر صرف الدولار إلى حدود 30 ألف ليرة قبل نهاية العام، إذا استمر بوتيرة زيادة ألفي ليرة أسبوعياً، ويشير الخبراء إلى جملة أسباب سياسية ومالية تقف خلف هذا الانهيار السريع بالعملة الوطنية، إذ تقوم قوى دولية وجهات محلية نافذة بالتلاعب بسعر الصرف في إطار استخدام سلاح الدولار في معركة شد الحبال السياسية مع محور المقاومة، وذلك بالتحكم عبر تطبيقات إلكترونية تدار عن بعد، فضلاً عن الإقبال الكثيف لتجار استيراد المحروقات لشراء الدولار من السوق السوداء لتأمين المبالغ اللازمة للاستيراد، بعدما فرض مصرف لبنان على المستوردين تأمين 15 في المئة من كلفة الاستيراد بالدولار، إضافة إلى تأثر المواطنين والتجار بالأخبار والتوقعات عن ارتفاع سعر الصرف إلى معدلات قياسية، علاوة عن شراء مصرف لبنان للدولار بكيمات كبيرة لسد الفجوة في موجوداته وحساباته». ويكشف مطلعون على الوضع السياسي والأمني لـ»البناء» عن مخطط خارجي لرفع سعر الصرف لإعادة اشعال الشارع ونشر الفوضى المالية والاجتماعية قبيل أشهر قليلة من الانتخابات النيابية»، مشيرة إلى أن «الوضع الأمني مضبوط حتى الساعة لكن لا ضمانات من انهيار أمني دراماتيكي في أي لحظة»، وحذرت المصادر من أن الأميركييين ودول خليجية تحضر الساحة للإطاحة بالانتخابات النيابية وتحميل حزب الله المسؤولية، في حال أظهرت نتائج الاستطلاعات التي تجريها السفارة الأميركية في بيروت الفشل بتغيير الأغلبية النيابية وتحميل حزب الله المسؤولية، كما حذرت من عمل أمني لاتخاذه ذريعة لتأجيل الانتخابات».
كما حذرت المصادر من عودة الفوضى الأمنية إلى الشارع وقطع الطرقات والاعتداء على المواطنين، ومن ارتفاع نسبة الجريمة الاجتماعية بسبب تردي الظروف الاقتصادية.
على صعيد أزمة تحقيقات المرفأ، أشارت أوساط نيابية لـ»البناء» إلى أن «المشاورات حتى الساعة لم تحرز أي تقدم في ظل إصرار جميع الأطراف على موقفها، فثنائي أمل وحزب الله يرفض حضور جلسة لمجلس الوزراء قبل تسوية تقضي بتنحي المحقق العدلي القاضي طارق بيطار عن ملاحقة الوزراء والرؤساء وتصحيح مساره في باقي الملف، فيما يرفض مجلس القضاء الأعلى أي تسوية قضائية بسبب الضغوط الخارجية والداخلية التي يتعرض لها لحماية بيطار، فيما يستمر رئيس الجمهورية على موقفه الرافض لتدخل السلطة التنفيذية بعمل السلطة القضائية، ويطلب من رئيس الحكومة الدعوة إلى جلسة إلى مجلس الوزراء». إلا أن مصادر الرئيس نجيب ميقاتي أكدت لـ»البناء» بأنه لن يغامر بالدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء قبل التأكد من نجاح الجلسة وتأمين الميثاقية لأي جلسة.
وعن مذكرة التوقيف التي إعادة إصدارها بيطار بحق النائب علي حسن خليل، أشار مصدر في كتلة التنمية والتحرير لـ»البناء» إلى «أنها لا تقدم ولا تؤخر سوى إضافة المزيد من التوتر السياسي والاستفزاز لأطراف سياسية، وصب الزيت على نار الأزمة لاستدراج الفتنة التي يطمح إليها بيطار ومن يأمره»، مشيراً إلى أن «لا قيمة قانونية لأي مذكرة كتلك القرارات والمذكرات التي يصدرها بيطار، وبالتالي ما بني على باطل فهو باطل»، مضيفاً أن «القاضي بيطار يخالف الدستور والقانون بسلوكه مع الوزراء والرؤساء»، وحذر المصدر من أن الامعان بالسعي لتنفيذ المذكرة سيجر البلد إلى ما لا تحمد عقباه». وأضاف: «نحن في لبنان ومن لا ينتبه إلى التوازن الوطني والسياسي في قراراته ومقارباته، قد يساهم في التأزيم كما يفعل البيطار».
وأفادت مصادر إعلامية بأن المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان، يتجه للتريث حول توقيف عضو النائب خليل، بسبب عدم صلاحية ملاحقته أثناء الدورة التشريعية لمجلس النواب.
وفيما يأخذ الانقسام حول ملف تحقيقات المرفأ بعداً طائفياً، برزت زيارة نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي إلى دار الفتوى، حيث التقى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان، وحملت الزيارة رسالة سياسية إلى الداعمين للقاضي بيطار وعكست في الوقت نفسه موقف عين التينة الرافض لاستمرار المحقق العدلي في موقعه، بحسب ما تقول مصادر سياسية لـ»البناء»، كما عكس موقف دار الفتوى من أداء بيطار الذي يتقاطع ويتلاقى مع موقف المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. وحذر الفرزلي من «الاستثمار في القضاء لأهداف سياسية»، معتبراً أن هذا الاستثمار لا يخدم صاحبه الذي يريد أن يستثمر، «وهذا يودي إلى تدمير القضاء، وبالتالي تدمير البلد، وهذا نرى في انقطاع الحكومة عن الاجتماع، هو مظهر من مظاهر تدمير البلد بسبب هذه الممارسات التي تكون».
وبحسب المصادر فإن لا حل للأزمة الحكومية إلا انتظار انتهاء بيطار من قراره الاتهامي، وبالتالي تنحيه الطبيعي عن الملف وإحالة القرار إلى المجلس العدلي، وأما تنحيه من تلقاء نفسه، وهذا مستبعد في ظل وجود مشروع خارجي للاستثمار السياسي في الملف ضد حزب الله وحلفائه لأسباب انتخابية وسياسية، والحل الثالث تراجع حزب الله عن موقفه من خلال مخرج يعمل الرئيس نبيه بري على حياكته مع الرئيس ميقاتي، وهذا لا يبدو مسهلاً في ظل إصرار «الثنائي» على موقفه لا سيما بعد الخطوة التصعيدية التي اتخذها المحقق العدلي بإعادة التأكيد على مذكرة التوقيف التي أصدرها بحق المعاون السياسي لبري علي حسن خليل، التي جاءت كرد على مواقف بري من بيطار.
في غضون ذلك، برزت زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي ومنسق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان إلى بيروت.
وأعلن دوكان خلال اجتماع عقده مع رئيس الحكومة في السراي أنه «لاحظ العديد من التطورات الايجابية ومنها إستمرار المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي تسير في شكل جيد»، مشدداً على « ضرورة إرساء المبادئ العامة لمعالجة الأزمة اللبنانية قبل التوصل إلى اتفاق مع الصندوق». وشدد على «وجوب أن يصار إلى انجاز الاتفاق مع الصندوق قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة»، لافتاً إلى «أن الاتفاق مع الصندوق قد يفتح الباب حول الحوار في شأن مشاريع «مؤتمر سيدر»».
على صعيد آخر أبلغ رئيس الجمهورية مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية السفير غير بيدرسون، خلال استقباله له في قصر بعبدا، أن «على المجتمع الدولي لن يتحمل مسؤوليته في تسهيل عودة النازحين السوريين في لبنان إلى بلادهم، لا سيما وأن معظم المناطق السورية أصبحت آمنة، وفي إمكان هؤلاء النازحين العودة إلى أراضيهم ومنازلهم، والعيش فيها بدلاً من الاتكال على المساعدات التي تصلهم من المنظمات الدولية، علما أن علامات استفهام كثيرة تدور حول طرق توزيع هذه المساعدات، ومدى وصولها إلى المستفيدين الفعليين منها».
"الأخبار": عون يردّ على تجميد الحكومة.. لا عقد إستثنائياً للبرلمان
أما صحيفة "الأخبار" رأت أنه بعد اسبوعين من نهاية هذا الشهر، ينقضي العقد العادي الثاني لمجلس النواب من دون ان يسبقه، الى الآن على الاقل، استعداد لفتح عقد استثنائي في السنة الجديدة، تمهيداً لاتصاله بالعقد العادي الاول في منتصف آذار
ما لم يصر الى ملء الفراغ الناجم عن انتهاء العقد العادي الثاني، فان الافتراض المعقول ان مجلس النواب يكون قد ختم باكراً ولاية السنوات الاربع. في 21 ايار المقبل، تنتهي الولاية القانونية التي يسبقها اجراء انتخابات نيابية عامة في مدة الشهرين اللذين يسبقان هذا الموعد. الى الآن، الى ان يقول المجلس الدستوري كلمته في مراجعة الطعن في قانون الانتخاب، فإن احداً لا يسعه التكهن بموعد الانتخابات النيابية: في 27 آذار تبعاً للتوصية التي اقرنها مجلس النواب في 19 تشرين الاول بتصويته الثاني على قانون الانتخاب، أم ما بين 8 و15 ايار بحسب ما اعلن رئيس الجمهورية ميشال عون في وقت سابق، بأن ربط توقيعه مرسوم دعوة الهيئات الناخبة بتحديد احد هذين التاريخين للاقتراع ليس الا.
بذلك بَانَ واضحاً ان السلطتين الاشتراعية والاجرائية اضحيتا اسيرتي الاشتباك الدائر علناً بين عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي. كلاهما لا يخفيانه، بيد انهما لا يسعّرانه جهاراً. في يد كل منهما كرة يُصوِّب بها على الآخر، من دون ان يصيبه مباشرة.
اظهر الرئيسان المحترفان مقدرة كل منهما على امتلاك مفتاح احدى هاتين السلطتين: اضعف اصرار برّي على اعادة اقرار قانون الانتخاب بالصيغة التي صار الى التصويت عليها في المرة الاولى صلاحية رئيس الجمهورية في المادة 57 بردّ القانون، وأوحى بأنه قادر على السيطرة على قرار البرلمان، فردّ عون بتعليق دعوة الهيئات الناخبة واشتراطه موعده هو للاقتراع. خلاف الرئيسين على موعدي آذار او ايار ليس سوى رأس جبل الجليد الذي بدأ منذ 16 تشرين الاول 2016. مذذاك، ما خلا استثناءات بيّنا خلالها تجاوزهما خلافاتهما في لقاءاتهما القليلة او مكالماتهما الهاتفية، افصحا عن القابين المتنافرين اللذين لا يجمع بينهما، ولا سيجمع، خيط القوس.
الى ان يقول المجلس الدستوري كلمته في مراجعة الطعن، وهو ليس معنياً بالتعليق او ابداء الرأي في الموعد المختلف عليه لاجراء الانتخابات، وليس من شأن قراره تبريد الخلافات المخضرمة والمزمنة بين الرئيسين، يبدو جلياً ان المرحلة المقبلة على وشك الدخول في استحقاق من طراز جديد: تعطيل مجلس النواب بعد تعطيل مجلس الوزراء. بينما يصرّ الثنائي الشيعي ورأس حربته رئيس البرلمان على ان لا عودة لوزرائه الى جلسات مجلس الوزراء، ما يُستنتج ان لا جلسات للمجلس، ما لم يُصر الى كف يد المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، يمسك رئيس الجمهورية بالطرف الآخر من الخيط المشدود بين الرجلين: لا عقد استثنائياً يجتمع فيه مجلس النواب في الاشهر الثلاثة الاولى من السنة الجديدة، عملاً بالصلاحية المنوطة به في المادة 33 من الدستور، كي تستوي اذذاك المؤسستان الدستوريتان بالشلل الكامل. واحدة بواحدة.
ملفّ التدقيق: نحو الادّعاء على سلامة؟
بعد أسبوعين، تنتهي مفاعيل قانون تعليق السرية المصرفية لمدة عام في كل ما يتعلق بعمليات التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان. حتى اليوم، لا تزال شركة «ألفاريز آند مارسال»، المكلفة بهذه المهمة، تنتظر أن يزوّدها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بالمعلومات الناقصة ليتسنى لها بدء عملها. فيما الخشية من تكرار سلامة سيناريو 2020 نفسه الذي انتهى إلى انسحاب الشركة نتيجة عدم تعاونه، ومن استمراره في التحايل على القانون لدفن التدقيق الجنائي... مع درس احتمال تقديم إخبار إلى النيابة العامة التمييزية ضد سلامة في حال لم يتعاون مع الشركة، بمخالفته قراراً حكومياً وقانوناً صادراً عن مجلس النواب، ما قد يُعبّد الطريق أمام إقالته من منصبه
باتت القناعة راسخة لدى معظم القوى السياسية بأن التدقيق الجنائي مشروع غير قابل للحياة، على رغم المحاولات الحثيثة لرئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وحلفائه لوضعه على سكّة التنفيذ. كل الإشارات، السياسية والتقنية، تقود إلى فرضية سقوط التدقيق حتى قبل البدء فيه. فقبل أسبوع، أسقط رئيس مجلس النواب نبيه بري صفة العجلة عن اقتراح قانون معجل مكرر ينصّ على تمديد العمل بالقانون 200/2020 (تعليق قانون السرية المصرفية لمدة عام في كل ما يتعلق بالتدقيق الجنائي) إلى حين انتهاء شركة «ألفاريز آند مارسال»، المكلفة إجراء تدقيق جنائي في حسابات مصرف لبنان والحسابات التي تدخل في عملية التدقيق، القيام بعملها وفق قرار اتخذته حكومة حسان دياب. إذ تنتهي في 29 الجاري مهلة العام التي حدّدها القانون، فيما لم يسلّم مصرف لبنان كل المعلومات التي طلبتها الشركة للبدء في عملها. بحسب مصادر متقاطعة بين مصرف لبنان والقصر الجمهوري، فإن حاكم البنك المركزي رياض سلامة «أفرج عن جزء كبير من المعلومات، لكن ثمة معلومات دقيقة وحسّاسة واستيضاحية طلبتها شركة التدقيق ولم تحصل عليها بعد ويفترض بالحاكم تزويدها بها». إذ إن البيانات التي قدّمها سلامة «تحمل نواقص بالشكل والمضمون»، ما دفع بـ«ألفاريز آند مارسال» إلى طلب تزويدها بمعلومات إضافية وتحديث معلومات أخرى لتتمكن من المباشرة بمهامها. ويفترض، بالتالي، أن ينفّذ الحاكم ما وعد به في حديث لوكالة «رويترز»، قبل أسبوع، بأن المركزي سيزوّد الشركة بـ«كل البيانات المطلوبة قبل 29 كانون الأول» الجاري، داعياً الشركة إلى «بدء التدقيق الجنائي الآن… والأمر متروك لوزارة المالية وألفاريز آند مارسال لاتخاذ قرار بشأن ما إن كان التدقيق يحتاج مزيداً من البيانات».
عليه، ينتظر القصر الجمهوري، كما بقية الأطراف السياسيين، تلبية الحاكم لهذه الطلبات، وسط مخاوف من تعمّده المماطلة إلى حين انقضاء المدة أو تقديم معلومات منقوصة يتعذر استكمالها مع انتهاء المهلة. علماً أنه سبق لسلامة أن دفع «ألفاريز آند مارسال» إلى الاعتذار عن عدم إكمال مهامها، قبل عام، والانسحاب لعدم تعاونه معها متذرّعاً بالسرية المصرفية والمهنية، قبل إقرار القانون 200 الذي رفع السرية مؤقتاً. وهناك من يرى أن الحاكم يعيد اليوم السيناريو نفسه، مع تلويح الشركة بالاعتذار مجدداً في حال عدم تسليمها البيانات، بحسب ما أبلغت رئيس الجمهورية ميشال عون أخيراً.
"النهار": الدولار على مشارف الـ30 ألف ليرة!
بدورها، صحيفة النهار" اشارت الى أنه لم يعد "أمام" الدولار الأميركي في السوق السوداء اللبنانية سوى أقل من ثلاث نقاط ليحطم الدرجة الثالثة في سلم إرتفاعاته المحلقة فيبلغ سقف الثلاثين ألف ليرة التاريخي عشية عيدي الميلاد ورأس السنة بعدما تخطى مساء أمس سقف الـ27 الف و200 ليرة بيعاً. كان هذا التطور يسجّل وكأنه بات أمراً إعتيادياً طبيعياً اذ لم يسمع أي لبناني ما يؤشر إلى تحرك ما رسمي او ردة فعل ما في مستوى رعب هذا الاشتعال باستثناء اجتماع لم تعرف معطياته برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وحضور نائب رئيس الوزراء سعادة الشامي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لم تتعد المعلومات العلنية عنه إطار "استكمال البحث في شؤون نقدية ومالية". حصل ذلك في ظل إشتداد معالم التباينات الحادة سواء كانت مكتومة ام مكشوفة بين أطراف "الشركة الحكومية" الممزقة التي تكاد تبلغ حد الطلاق على وقع تصاعد التشكي المزدوج لرئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي من تعطيل جلسات مجلس الوزراء وإلحاحهما "الكلامي" على ضرورة انعقادها من دون ان يبلغ هذا الموقف حدود رمي قفازات التحدي وتحميل تبعات التعطيل للفريق المعطل المتمثل بالثنائي الشيعي "امل" و"حزب الله". وفي المقابل لا يظهر الثنائي أي مؤشرات ليونة او مرونة او استعداد للتراجع عن قرار رهن مجلس الوزراء لشرطه الثابت في تنحية المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار الذي تشتدّ وتتصاعد حملة الثنائي عليه على نحو ينبئ بأن ثمة تطورات وشيكة ستحصل في هذا الملف وستتفاقم معها الأزمة الحكومية وتهتز أكثر فأكثر العلاقات بين مكونات الحكومة. وثمة معلومات شبه مؤكدة من أن الشلل سيتمادى ويتفاقم إلى ما بعد مطلع السنة الجديدة رغم النصائح الدولية، وآخرها ما نقله أمس الموفد الرئاسي الفرنسي ومنسق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان إلى بيروت، بضرورة تفعيل العمل الوزاري وتنشيطه إلى الحدود القصوى.
وقد أعلن الموفد الفرنسي خلال اجتماعه مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس في السرايا أنه لاحظ العديد من التطورات الايجابية ومنها إستمرار المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي التي تسير بشكل جيد"، مشددا على " ضرورة إرساء المبادئ العامة لمعالجة الأزمة اللبنانية قبل التوصل إلى اتفاق مع الصندوق". وشدّد على "وجوب أن يصار إلى إنجاز الاتفاق مع الصندوق قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة"، لافتا إلى "أن الاتفاق مع الصندوق قد يفتح الباب حول الحوار في شأن مشاريع "مؤتمر سيدر".
وفي المعلومات التي توافرت لـ"النهار" من مصادر ديبلوماسية فرنسية ان هدف زيارة دوكان إلى لبنان هو متابعة الملفات الاقتصادية في نطاق المبادرة الفرنسية. وخلال لقائه في السرايا مع الرئيس ميقاتي شجع دوكان على الاستمرار في التفاوض مع صندوق النقد الدولي وتقديم جميع الجداول المالية إلى الصندوق وعدم انتظار ارقام موازنة سنة 2022. وأشارت المصادر إلى ان دوكان لفت إلى اطلاعه على انه تم تحديد الخسائر الاجمالية التي تقارب الـ 70 مليار دولار مع التأكيد على تقسيم هذه الخسائر بين الدولة والمصارف والمودعين. وطالب دوكان بالتصديق على قانون ضوابط الصرف وحركات رأس المال، كما بالبحث في إعادة تنظيم القطاع المصرفي، وفي ملف الكهرباء من كل جوانبه ضمن الإصلاحات التي وردت ضمن المبادرة الفرنسية.
تعقيدات الملف الحكومي
أما في الملف الحكومي الذي طرح في محادثات الموفد الفرنسي، فأكد ميقاتي "أن الاتصالات مستمرة لاستئناف عقد جلسات مجلس الوزراء لا سيما وأن الفترة المقبلة تتطلب عقد جلسات مكثفة للحكومة لبت الكثير من الملفات التي هي قيد الانجاز ولمواكبة المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي". وشدد على"أن الاتصالات مستمرة لايجاد حل للوضع الحكومي، وعلى أن المفاوضات مع صندوق النقد تسير بشكل جيد ومن المتوقع أن تظهر النتائج قريبا". ولكنه اعتبر "أن الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء من دون تأمين الظروف المناسبة قد تتسبب بمزيد من التشنج السياسي وتعقد الحلول أكثر فأكثر، من هنا، فاننا نستكمل الاتصالات قبل إتخاذ القرار في هذا الإطار".
وأفادت معلومات ان دوكان الذي يزور لبنان لثلاثة ايام لن يلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون.
وكان عون شدد بدوره أمس على ان "الحاجة باتت ملحة لانعقاد جلسة لمجلس الوزراء لا سيما وأن ثمة استحقاقات كثيرة تراكمت تحتاج إلى قرارات من الحكومة". وأضاف ان "إستمرار عدم انعقاد مجلس الوزراء عطّل العمل الحكومي في وجوهه المختلفة إضافة إلى تعطيل عمل القضاء".
في المقابل، حمل المكتب السياسي لحركة "امل" على ما وصفه "باستمرار المسلسل الذي يتمادى اصحابه بإمتطاء القضاء من أجل ضرب الاستقرار الداخلي، والإمعان في الاستهداف السياسي، بالإستثمار على جريمة المرفأ، إذ يحاول من كان يُفترض به أن يكون مؤتمناً على الكشف عن الحقيقة وإطلاع اللبنانيين على تفاصيل الجريمة وتجار شحنة الموت واصحابها والجهات التي تقف وراءها، الاقدام بإصرار مدموغ بشبهة التوظيف لدى دوائر في الداخل والخارج، على الاستمرار في الكيدية السياسية، وإن كانت بلبوس قضائي، كأنه لم يكفِه هو ومشغلوه في الغرف السوداء سيل الدماء التي سقط اصحابها في الطيونة بسبب قراراته الهمايونية، وإجراءاته المتسببة في كل الشلل السياسي والاداري الذي يصيب المؤسسات الدستورية، وهو المستند إلى إرادة تلاقيه بالتعطيل وبالحقد ضد الشركاء في الوطن. إن من عطّلوا إيجاد الحلول بهذا المسار القضائي الملتوي والمتآمر يتحملون مسؤولية كل التداعي الذي يشهده الواقع اللبناني اليوم".
وسط هذه الاجواء، تابع المجلس الدستوري في جلسة عقدها في مقره في الحدت في حضور كامل أعضائه، درس مذاكرة الطعن المقدمة من "التيار الوطني الحر" عن التعديلات على قانون الانتخابات، وأبقى على جلساته مفتوحة طوال هذا الاسبوع حيث من المتوقع صدور القرار في اواخره.
سعيد وادعاء "الحزب"
على الصعيد القضائي - السياسي مثل النائب السابق فارس سعيد أمام القضاء أمس في الدعوى المقدمة ضده من "حزب الله" بتهمة إثارة النعرات الطائفية والحرب الاهلية. وبعد ان أُرجئت جلسة التحقيق بسبب اضراب المساعدين القضائيين من دون تحديد موعد للجلسة المقبلة، اعلن سعيد من قصر العدل في بعبدا امام عدد من انصاره وداعمي "الخط السيادي" الرافض "الاحتلال الايراني للبنان"، انه لفت انتباه القاضي إلى "ان الصفة المدعية علي ليست صفة عادية ولست مختلفا واياها على حسبة او مختلف معها على شيك، يوجد خلاف سياسي في بلد متفلت أمنيا وفيه خطورة علينا جميعا كما لفتت انتباهه إلى أن لا يكون تأجيل الجلسة تأجيلا طويل المدى لأننا نخاف ان يحصل في هذه المرحلة أي حدث أمني ولسنا قادرين على اتخاذ ترتيبات معينة في كل مرة نأتي فيها، وقد احترمنا اليوم موقف القضاء وحضرنا ونأمل في المرحلة التي تفصل اليوم عن الدعوى المقبلة ألا يحصل أي حدث في لبنان ممكن ان يعترضنا او ممكن ان يحمل الجهة المدعية اي عواقب لاي مشكلة ممكن ان تحدث". وأصدر "تجمع المحامين في حزب الله" بيانا اتهم فيه "بعض الغوغائيين من جمهور سعيد بالتعرض للمحامين المكلفين حضور جلسة التحقيق المقدمة من حزب الله ".