لبنان
مُحاسبة الرؤساء والوزراء.. أوّل الغيث انتخاب أعضاء المحكمة النواب!
لطيفة الحسيني
لم تُترجم الأجواء الاحتفالية التي أشاعها بعض السياسيين بشأن تشكيل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء عمليًا اليوم في مجلس النواب. مداولات الجلسة العامة في ساحة النجمة أثمرت نصف انتخاب عمليًا، فالبرلمان صوّت فقط على أعضاء المجلس المذكور من النواب في المقاعد الأصيلة وتلك الاحتياطية، أما فيما يتعلّق بالقضاة فكلّف الرئيس نبيه بري وزير العدل ألبرت سرحان متابعة موضوع اختيارهم بالتنسيق مع مجلس القضاء الأعلى.
العملية الانتخابية استغرقت أكثر من ساعة، تخلّلها العديد من المداخلات التي صوّب معظمها باتجاه القضاة الذين سيتولّون مسؤولية المحاكمة في المجلس ومدى أقدميّتهم وعدم توزيعهم وفقًا للمعايير الطائفية وكيفية سير المحاكمات، فكان المخرج بتوكيل وزير العدل المسألة، لينتخب أصحاب السعادة النواب علي عمار وجورج عقيص وجورج عطا الله وسمير الجسر وهاغوب بقرادونيان وفيصل الصايغ والياس حنكش كأعضاء أصيلين في المجلس، فيما فاز كلّ من النواب علي عسيران وسليم عون ورولا الطبش بالتزكية في المقاعد الاحتياطية بعدما رشّحتهم هيئة مكتب مجلس النواب سابقًا.
تشريعيًا، صادق المجلس على 7 قوانين، فأجاز للحكومة زيادة مساهمة الدولة اللبنانية في المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، ووافق على تعديلات اتفاقية لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية، وصادق على الانضمام الى تعديلات كيغالي - روندا المتعلقة ببروتوكول مونتريال، فيما أقرّ طلب الموافقة على إبرام بروتوكول عام1997 لتعديل الاتفاقية الدولية لمنع التلوث من السفن لعام 1973 - 1978 بصيغتها المعدلة ببروتوكول عام 1978، كما وافق على إبرام اتفاق باريس الملحق باتفاقية الامم المتحدة الاطارية بشأن تغيير المناخ.
في المقابل، حظي مشروع القانون الذي يقضي بإبرام اتفاق مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) بشان إنشاء مكتب المنظمة الإقليمية الفرعي لبلدان المشرق بحيّز لا بأس به من النقاش. النائب جميل السيد سجّل اعتراضه عليه على الرغم من إقراره فيما بعد.
السيد قال لـ"العهد" إنه اعترض على المشروع على خلفية تكليف الدولة اللبنانية الأعباء المالية الكبيرة لإنشاء هذا المكتب الذي يرتبط بأربع بلدان فقط.
على أن الأبرز كان النقاش المطوّل حول اعتماد القاعدة الاثني عشرية لغاية صدور قانون الموازنة العامة. أكثر من ساعة والنواب يناقشونه. الرئيس بري بدا حازمًا هنا لناحية تحديد موعد واضح لإرسال الحكومة موازنتها لعام 2019 الى البرلمان. رئيس الحكومة سعد الحريري حاول إطالة المدة، البعض آزره واقترح عدم إلزام مجلس الوزراء بمهلة، غير أن الرئيس بري أصرّ على إجراء تعديل على الاقتراح المعجّل المكرّر المقدّم لحسم الموضوع خلال أشهر قليلة. في البداية قال إنه يمكن إعطاء إجازة من شهر الى شهرين كحدّ أقصى، غير أن الحريري سارع الى التأكيد أن حكومته عازمة الأسبوع المقبل على مناقشة الموازنة تمهيدًا لتحويلها الى ساحة النجمة، وطلب مهلة 3 أشهر. هنا عبّر رئيس المجلس النيابي عن غضبه، فآلية الصرف بهذه الطريقة لم تعد تُحتمل، مُذكّرًا بأنه لطالما حذّر في الفترة الماضية ولا سيّما خلال أزمة تأليف الحكومة من التمادي بتأخير الموازنة، مشيرًا الى أنه دعا أكثر من مرة الحكومة المستقيلة الى بتّ الموضوع في جلسة عامة، غير أن صوته لم يُسمع. كلام بري لم يُعجب الحريري الذي عاد وكرّر رفضه للّوم الموجّه إليه بشكل غير مباشر جرّاء معضلة التأليف.
بعد أخذ وردّ، اقترح وزير المال علي حسن خليل تحديد مهلة شهر ونصف لتقرّ الحكومة موازنتها وتُرسلها الى مجلس النواب ليُصدر بدوره الموازنة بعد شهر ونصف كحدّ أقصى. الطرح لاقى تجاوبًا من قبل جميع الأطراف، فيما اقترح النائب حسن فضل الله تخفيض الإنفاق في الموازنة بنسبة 1% والاستغناء عن مجموعة من المصاريف غير الضرورية. وعليه، تمّ الاتفاق على الإجازة للحكومة لاعتماد القاعدة الاثني عشرية لغاية صدور قانون موازنة العام 2019 ضمن مهلة 3 أشهر تنتهي في 31 أيار 2019.