لبنان
عون: سأبقى إنْ اراد النوّاب.. ومبادرة مرتقبة لبرّي
ركزت الصحف الصادرة اليوم في بيروت على أجواء زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى قطر، وإطلاقه عدة مواقف من هناك، أبرزها استعداده للبقاء في سدّة الرئاسة إن طلب منه مجلس النواب ذلك.
وفي ظل زيارة عون لقطر وعودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من إيطاليا، يجري الحديث عن مبادرة متكاملة مرتقبة لرئيس مجلس النواب نبيه برّي لحلحلة الأزمة الحكومية.
"البناء": فيينا تفتح مسار التفاوض نحو العودة للاتفاق النووي
صحيفة "البناء" أشارت إلى أن الحدث الأبرز الذي انتقلت إليه الأضواء بدأ بالأمس في فيينا مع انطلاق المفاوضات المتوقفة منذ ستة شهور، بحضور وفد إيراني معزز بالكفاءات والخبرات للمشاركة في ما وصفته طهران بمحادثات الشركاء في صيغة (4 +1) التي تضم إيران وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وحضورالأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية والاتحاد الأوروبي، بينما يقبع الوفد الأميركي خارج قاعة المحادثات، ويتابع ما يجري ويتنقل الوسطاء الأوروبيون بين قاعة المحادثات ومقر إقامة الوفد الأميركي، وتنعقد الجولة السابعة للتفاوض بعدما قطعت إيران أشواطاً في تطوير برنامجها النووي ورفعت نسبة وكمية اليورانيوم المخصب، للحد الذي وصفته وكالة أكسيوس ببلوغ العتبة النووية، أي الوصول لعشية إنتاج أول سلاح نووي، وبدا الإسرائيليون الذين يقفون خلف تحريض واشنطن على عدم العودة للاتفاق عاجزين عن تقديم بدائل مقنعة للأميركيين في ضوء مشهد المنطقة الذي يسجل فيه حلفاء إيران من قوى المقاومة تفوقاً ميدانياً في فلسطين واليمن وسورية ولبنان، بينما تواصل موسكو وبكين نصائحهما للأوروبيين والأميركيين للمسارعة بالعودة لموجباتهم في الاتفاق لتسهيل مطالبة إيران بالعودة لموجباتها. وصرح البيت الأبيض بوجود رغبة لدى الرئيس جو بايدن بالعودة المتزامنة والمتوازنة لأحكام الاتفاق، وتداولت مصادر متابعة لمفاوضات فيينا وجود ورقة حل مؤقت يضمن تجميد إيران لخطواتها التصعيدية التي تتضمن الانتقال إلى تخصيب على درجة الـ90 في المئة أثناء المفاوضات، وبيع مخزونها الفائض، مقابل الإفراج عن مبالغ وازنة من الأموال الإيرانية المجمدة وفتح باب المتاجرة بالنفط والغاز أمام المؤسسات الإيرانية ورفع العقوبات عن مصرف إيران المركزي لتسهيل عمليات إيران التجارية، لتوفير مناخات مؤاتية لمواصلة التفاوض على سلة بنود التفاهم المرتقب، بينما نقل الموفد الروسي ميخائيل أوليانوف تفاؤلاً بالمفاوضات وإشادة بالأجواء الإيجابية لليوم الأول.
الأضواء المركزة على فيينا خطفتها تصريحات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال زيارته إلى قطر، وكلامه لقناة «الجزيرة» حول مستقبل بقائه في سدة الرئاسة، حيث فتح الباب لتكهنات تداولتها وسائل الإعلام والأوساط السياسية التي انشغلت بتحليل كلام الرئيس، الذي أكد من جهة على عدم نيته البقاء في قصر بعبدا بعد نهاية ولايته وعدم رغبته بتمديد ولايته، موضحاً كلامه عن عدم تسليم الفراغ بإضافة أن الدستور يلحظ صيغة تمنع الفراغ بنقل صلاحيات رئيس الجمهورية إلى الحكومة مجتمعة، لكنه من جهة أخرى قال إنه مستعد للبقاء في بعبدا إذا طلب منه مجلس النواب ذلك، وحيث أن لا شكل دستورياً ليطلب مجلس النواب من الرئيس البقاء في منصبه إلا بتمديد ولايته، طرح السؤال عما إذا كان كلام الرئيس الواثق من إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، موجهاً للمجلس القادم الذي لم ينتخب بعد ما دامت الانتخابات ستتم، بالتالي طرح السؤال عن مبرر الحديث أمام مجلس نيابي غير معني يفترض أنه منتهي الولاية قبل نهاية ولاية الرئيس، إلا إذا كان الكلام نوعاً من التمهيد لتمديد متواز ومتزامن لولايتي المجلس النيابي ورئيس الجمهورية؟
كلام رئيس الجمهورية جاء في ظل انسداد سياسي أعقب لقاء بعبدا الرئاسي، وفشل الرهان على حل قضائي يصدر عن محكمة التمييز لدى النظر في المراجعات التي كانت تدور حول فصل مساري التحقيق العدلي والدستوري، بحصر صلاحية ملاحقة الرؤساء والوزراء بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وجاء قرار المحكمة برد المراجعات ليجعل المسار النيابي باباً وحيداً للحل الذي يمكن أن يفتح الباب للعودة إلى مجلس الوزراء بالنسبة لوزراء ثنائي حركة أمل وحزب الله، وهو ما دار حوله البحث في لقاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، والذي قال عنه النائب طلال إرسلان بعد لقائه بري إنه دار حول خطة متكاملة لدى الرئيس بري تشكل مخرجاً من الأزمة إذا أخذ بها.
واستأنف النشاط السياسي بعد عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من الفاتيكان على وقع عودة مسلسل قطع الطرقات إلى الواجهة، وبدأ ميقاتي حراكه بزيارة عين التينة حيث التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
وإذ غادر ميقاتي مقر الرئاسة الثانية من دون الإدلاء بأي تصريح، علمت «البناء» أن رئيس الحكومة بحث مع رئيس المجلس المستجدات السياسية ونتيجة المشاورات والاتصالات بشأن الأزمة الحكومية، كما وضعه بأجواء زيارته إلى روما. ولفتت مصادر مطلعة على الاتصالات لإعادة تفعيل الحكومة لـ»البناء» إلى مبادرة متكاملة يعمل على إنضاجها الرئيس بري وإذا تم تلقفها والتجاوب معها من مختلف الأطراف المعنية بشكل إيجابي، يمكن ولوج الحل لأزمتي تحقيقات المرفأ والأزمة الدبلوماسية مع السعودية».
وفيما أطلع بري ميقاتي على تفاصيل المبادرة. كشفت المصادر أن «الأمور حتى الساعة لا تزال في طور التشاور والبحث انطلاقاً من خريطة الطريق التي رسمها اللقاء الرئاسي في بعبدا، بالتالي لم تنجح الاتصالات التي تكثفت الأسبوع الماضي في فكفكة العقد التي لا تزال تعيق تفعيل عمل مجلس الوزراء»، متوقفة عند مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله التي عكست مدى عمق المشكلة وانسداد أفق الحل بعد موقف مجلس القضاء الأعلى المتمسك باستمرار المحقق العدلي في تفجير المرفأ القاضي طارق بيطار والقرارات القضائية التي صدرت عن الهيئة العامة لمحكمة التمييز الجزائية برد دعاوى مخاصمة الدولة المقدمة من المدعى عليهم».
وأكد رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال إرسلان بعد لقائه بري في عين التينة أن ميقاتي «شاطر»، «ويعرف كيف يدّور الزوايا، وليس لديّ جوّ أنّه خرج غير مرتاح من لقائه برّي اليوم»، وذكر إرسلان أن بري «طرح أكثر من حل يمكن مقاربته بشكل جدّي، لإخراجنا من الحلقة المفرغة الّتي ندور فيها، والمبادرة الّتي قام بها متكاملة، تحلّ الكثير من الأمور إذا تمّ التعاطي معها بإيجابيّة، وميقاتي سمع هذا الرأي».
"الجمهورية": عون: سأبقى إنْ اراد النوّاب.. والباب الحكومي مقفل
صورة المشهد الداخلي باتت اكثر من سوداوية، ثابتة عند فجوة عميقة تفصل بين المكونات اللبنانية السياسية وغير السياسية، لا بل صارت امراً واقعاً ليس في إمكان أحد ان ينكره. وما يحيط بهذه الفجوة من وقائع وتناقضات وتباينات وعداوات، يشي باستحالة ردمها، وهو واقع بات يشكّل أرضاً خصبة لتفخيخ البلد وإنبات توتّرات من أيّ صنف، وتحت ايّ عنوان.
من هنا، تتبدّى سوداوية المشهد في المقاربات الصدامية لمجموعة الملفات الداخلية الساخنة المزنّرة بالكثير من فتائل التفجير. فعلى المستوى الحكومي، فإنّ كل ما حُكي عن حلول تفضي الى اطلاق عجلة الحكومة، ما زالت تصطدم بأسباب التعطيل ذاتها. سواء ما يتصل بموقف ثنائي حركة «أمل» و»حزب الله» من المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، ودعوتهما الى استبداله بقاضٍ جديد يلتزم بالقانون والاصول، او ما يتعلق بالأزمة مع السعودية ودول الخليج والموقف من استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي، التي ما زالت محل انقسام حكومي حولها.
لقاء عين التينة
وبحسب معلومات موثوقة، فإنّ هذا الامر، الى جانب نتائج زيارة رئيس الحكومة الى الفاتيكان ولقائه البابا فرنسيس، كان محلّ بحث في اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي في عين التينة امس، حيث كانت الرغبة مشتركة في عودة اجتماعات الحكومة.
واكّدت المعلومات، انّ موقف الرئيس بري لم يتبدّل من بداية الأزمة، لجهة رفض أي مساس بصلاحيات المجلس النيابي ودوره وموقعه، وتبعاً لذلك، ما زال على تأكيده انّه مع ايّ مخرج يقوم على الإلتزام بالأصول القانونية والتقيّد بأحكام الدستور، وخصوصاً في ما يتعلق بموقع ودور المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء الوزراء. ولو أنّ هذه الاصول قد اتُبعت من البداية لما وصلت الامور الى ما وصلت إليه.
تشكيك بالإيجابيات
وتحدثت مصادر واسعة الاطلاع عن انّ «رئيس الحكومة سيتابع مشاورات هادئة في الاتجاه الذي يعيد اطلاق حكومته في اقرب وقت ممكن. وهو لم يغادر التفاؤل في امكان ان تنجح الجهود التي يبذلها في كسر جدار التعطيل وفتح الأفق الحكومي وإعادة الفعالية والإنتاجية لمجلس الوزراء». لافتة الى انّ «استمرار بعض الاطراف في العزف على وتر احتمال ان يُقدم الرئيس ميقاتي على الاستقالة، هو بمثابة تشويش متعمّد يهدف الى التخريب، وخصوصاً انّ رئيس الحكومة لم يأتِ على ذكر هذا الامر من قريب او بعيد، ثم انّه ليس في الاصل في هذا الوارد على الإطلاق، وخصوصاً انّه متيقن من أنّه لا يزال في الإمكان القيام بخطوات إنقاذية».
وبالتوازي، تحدثت المصادر عينها عن انّ «مشاورات رئاسية ستنطلق بعد عودة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من الدوحة، لاستكمال ما تمّ التوافق عليه في لقاء الرؤساء الثلاثة في القصر الجمهوري في بعبدا يوم عيد الاستقلال.
الّا انّ المصادر شكّكت في إمكان بلورة نتائج ايجابية، وخصوصاً بعد ما وصفتها بـ»التعقيدات» التي أرخاها الموقف القضائي الاخير بردّ كل دعاوى مخاصمة الدولة المقدّمة من رئيس الحكومة السابق حسان دياب والوزراء السابقين المدّعى عليهم في جريمة انفجار المرفأ».
واللافت في هذا السياق، انّ القرارات القضائية اعادت تظهير الإنقسام الداخلي الحاد السياسي والطائفي حيال ملف انفجار المرفأ والقضاء بصورة عامة، بين من يؤكّد على استقلاليته ونزاهته وصوابية قراراته وعلى عدم التدخّل السياسي في عمله، وبين من يعتبره مسيّساً وتابعاً.
وفي هذا السياق، رحّبت قوى سياسية ودينية بالقرارات القضائية التي ردّت دعاوى مخاصمة الدولة، ووصفتها بأنّها قرارات صائبة اعادت وضع الامور في نصابها الصحيح. ويندرج في هذا السياق موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. واما في المقابل، فإنّ وقع هذه القرارات كان مستفزاً لحركة «أمل» و»حزب الله»، اللذين اعتبرا تلك القرارات «امعاناً في المنحى الذي يغطي المخالفات والتجاوزات التي ارتكبها المحقق العدلي، عبر الإصرار على إبقاء ملف التحقيق في دائرة التسييس والإستنساب ومخالفة الأصول القانونية والدستورية، وهذا الامر لن يؤدي بحال من الاحوال الى كشف حقيقة انفجار مرفأ بيروت».
عون وتميم
في هذا الوقت، شكّلت زيارة رئيس الجمهورية الى الدوحة ولقاؤه امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، فرصة لتأكيد قطر دعمها للبنان واستعدادها لمساعدته. وخلال المحادثات اكّد امير قطر للرئيس عون، انّ «لهذه الزيارة معاني خاصة نظراً لما يجمع بين البلدين والشعبين الشقيقين من اواصر المحبة». وقال: «انّ قطر كانت وستبقى دائماً الى جانب الشعب اللبناني، وما تقدّمه قطر للبنان واللبنانيين هو اقل الواجب».
وتحدث عن «الظروف الصعبة التي يمرّ فيها اللبنانيون وقدرتهم على النهوض من جديد»، لافتاً الى انّ بلاده «سعيدة جداً بأي تعاون يقوم بين البلدين في المجالات كافة». وأشار الى «استعداد بلاده للمساهمة في الاستثمار في لبنان بعد إنجاز القوانين المناسبة لذلك»، مؤكّداً «الرغبة في العمل مع لبنان على تجاوز الظروف الراهنة»، لافتاً الى انّه «سوف يوفد وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الى بيروت في الفترة المقبلة، لمتابعة البحث في التطورات، وتقديم المساعدة الضرورية للبنان».
وأعرب الامير تميم عن امله في ان «تجد الأزمة القائمة بين لبنان وعدد من دول الخليج حلولاً في القريب العاجل، ولا سيما أنّ لبنان كان دائماً الى جانب الدول العربية والخليجية كافة».
من جهته اعرب الرئيس عون عن أمله في أن «يتعزز التعاون بين لبنان وقطر أكثر لما فيه مصلحة الشعبين». ورحّب بأي «استثمار تقوم به قطر لتنفيذ مشاريع انمائية في لبنان في مجالات الطاقة والكهرباء والقطاع المصرفي وغيرها، حيث الفرص كثيرة ومتفرعة».
وعرض الرئيس عون الظروف التي يمرّ فيها لبنان حالياً، لافتاً الى انّها نتيجة تراكمات تجمّعت منذ سنوات، بالإضافة الى «سياسات اقتصادية خاطئة تمّ اعتمادها». وقال انّ «الجهود قائمة حالياً لوضع برنامج للنهوض الاقتصادي في البلاد سوف يُعرض على صندوق النقد الدولي لإطلاق ورشة عمل متعددة الوجوه، تعالج الثغرات التي اوصلت البلاد الى ما هي عليه حالياً من أزمات».
وتناول البحث بين الرئيس عون والامير تميم مواضيع عدة، لا سيما منها اعادة تأهيل مرفأ بيروت وتأمين الطاقة الكهربائية والتعاون في مجال النفط والغاز، حيث تقرّر ان يعقد وزير الطاقة وليد فياض اجتماعاً مع نظيره القطري لاستكمال البحث في النقاط التفصيلية اللازمة، لا سيما بعدما اطلق لبنان دورة التراخيص الثانية للتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة في كانون الثاني 2022. واتفق الرئيس عون والامير تميم على ان يعقد الوزراء المعنيون في كل من لبنان وقطر، اجتماعات للبحث في المواضيع المشتركة التي تهم البلدين وفق الاتفاقات المعقودة بين البلدين.
وبعد خلوة بين عون وتميم، اشار عون الى انّه دعا امير قطر الى توجيه رجال الاعمال القطريين الى الاستثمار في لبنان، حيث الفرص متاحة في المجالات كافة، لا سيما في قطاع الطاقة، للاستفادة من الخبرات القطرية المشهود لها في هذا المجال. وكانت الآراء متفقة على انّ المرحلة تتطلب وقوف الدول العربية الشقيقة، ودول الخليج خصوصاً، الى جانب لبنان، ولا سيما أنّ العلاقات اللبنانية - الخليجية كانت دائماً ويجب ان تبقى، مبنية على الاخوة المتبادلة، ما يعني ضرورة تجاوز اي خلل يصيب هذه العلاقات، خصوصاً أنّ لبنان يتطلع الى افضل العلاقات وامتنها مع هذه الدول الشقيقة.
وفي حديث لصحيفة «الراية» القطرية أكّد الرئيس عون، انّ زيارته لقطر تعبير عن مدى متانة العلاقات بين البلدين المنزّهة عن المصالح، واعتبر أنّ قوة العلاقة مع قطر ووقوفها الى جانب لبنان بعد انفجار المرفأ هو محل تقدير وشكر. وأشار الى أنّ الديبلوماسية القطرية حاضرة في المحافل الاقليمية والدولية. والعالم بحاجة اليوم الى تغليب لغة العقل والحوار على لغة التقاتل والتبعية.
وأوضح رداً على سؤال أنّه مع فصل السلطات، مؤكّداً أنّه لا يتدخّل في عمل القضاء ولا يعرف ملابسات انفجار المرفأ ولم يطلع على الصور التي وفرتها روسيا، بل طلب تسليمها الى القضاء. ولفت إلى أنّ المماحكة السياسية والاعتبارات الشخصية حالت دون تنفيذ خطة الكهرباء. والذين تولوا العرقلة باتوا معروفين من اللبنانيين كافة. واعتبر أنّ قوله «لن اسلّم الفراغ» استُثمر بشكل خاطئ»، مؤكّداً انّ التمديد غير وارد. وعلى الرئيس الجديد التمتع بتمثيل صحيح ويكون عنصر تلاق لا تفرقة».
ورداً على سؤال قال: «الأزمة التي نعيشها هي التي ستبقى في اذهان اللبنانيين، لكن العامل الإيجابي في هذا الجو السلبي هو اني استطعت المحافظة على الاستقرار رغم الضغط الدولي الكبير لأسباب عدة ابرزها ما يتعلق بسلاح «حزب الله». اضاف: «مع الأسف الأحداث التي شهدها لبنان خلال العامين الماضيين طغت بسلبيتها على كل الايجابيات التي تحققت في العهد، لعل ابرزها إقرار مراسيم استخراج النفط والغاز الذي يحتل صدارة الإيجابيات».
سأبقى .. إن قبلوا
وابلغ عون قناة «الجزيرة قوله: «اننا نريد أطيب وأفضل العلاقات مع السعودية والدول الخليجية»، مشيراً الى انّه استعرض الأزمة اللبنانية الخليجية خلال لقائه مع الأمير تميم.
ولفت عون رداً على سؤال الى انّه لم يطلب من أحد الاستقالة. مضيفاً: «انّ وزير الاعلام جورج قرداحي سيتصرف على أساس الأفضل للبنان». الّا انّه لفت الانتباه قائلاً: «عندما اهانني صحافي سعودي على الهواء لم يُتخذ بحقه اي اجراء».
وحول ملف التحقيق بملف تفجير مرفأ بيروت قال عون: «لا أوافق «حزب الله» بإقالة المحقق في قضية المرفأ «، مشيراً رداً على سؤال آخر الى انّه لن يوقّع مرسوم تعديل الحدود البحرية «طالما نحن في مرحلة تفاوض»، وقال انّ «حزب الله» ملتزم بالقرار 1701 ولم يصدر عنه أي خلل منذ 2017». وعن الانتخابات النيابية قال عون، إنّها ستُجرى ونتخذ الإجراءات كافة لإجرائها». فيما قال رداً على سؤال آخر: «سأغادر قصر بعبدا عند انتهاء ولايتي، ولكن إذا قرّر مجلس النواب بقائي فسأبقى».
وقال انّ «مصرف لبنان خاضع للتحقيق الجنائي، وحاكم المصرف مسؤول عن المال المفقود»، مضيفاً: «هناك تراكمات ساهمت في تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان».
"الأخبار": المتلاعبون بسعر الصرف: سلامة وآخرون
من جهتها، اعتبرت "الأخبار" أن ما حصل قبل بضعة أيام حين قفز سعر الدولار في السوق إلى 26 ألف ليرة خلال يومين فقط، يشبه كثيراً ما حصل يوم اعتذار سعد الحريري عن عدم تشكيل الحكومة في تموز الماضي، عندما قفز الدولار من 19 ألف ليرة إلى 23 ألفاً خلال ساعات. ففي المفاصل السياسية، يتحوّل سعر الصرف إلى أداة لتبرير اللجوء إلى الشارع بشكل مدروس ومخطّط له. هذا ما حصل أمس. فبعد تصريحات سلامة، ارتفع سعر الدولار من دون أن يترك أي مجال للتفسير ومن دون أن يخرج من أذهان الناس الخوف من العنف الآتي ومن الموت جوعاً. فجأة، ثمة من قرّر قطع الطرقات بشكل منهجي ومدروس.
مع ارتفاع سعر الدولار إلى 26 ألف ليرة نهاية الأسبوع الماضي، تحفّزت ذاكرة الناس بأن الدولار ضمن مسار تصاعدي وأنه قد يبلغ 30 ألفاً وربما أكثر. لا مجال للشكّ في هذا الأمر. الشبهات تشير إلى أن الأمر لم يتعلق بالصراع الذي لم يحُسم بعد على تحديد الخسائر وتوزيعها، بالتوازي مع صراع سياسي يتشابك فيه المحلّي بالدولي والإقليمي. الواضح في هذا الصراع هو الجزء المحلّي. إذ لا يمكن إغفال تصريحات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لـ«رويترز» في 23 تشرين الثاني الماضي، قبل يومين من قفزة الدولار. فهو أشار إلى أنه ألغى سياسة الدعم تدريجياً، وإنه «ليس هناك اتفاق على كيفية توزيع الخسائر»، لافتاً إلى أن «الحكومة لم تقدّم لصندوق النقد الدولي حتى الآن تقديرات لحجم خسائر النظام المالي».
بعد يومين، وبعد تناقل روايات ذات صدقية عن تدخّل مصرف لبنان في السوق الحرّة شارياً للدولارات وطالباً شراء كميات كبيرة في وقت قصير، بدأ الدولار يسجّل ارتفاعات متتالية وسريعة انتهت ببلوغه 26 ألف ليرة في 26 الجاري. أصابع الاتهام وجّهت تلقائياً إلى الحاكم «المعجزة» الذي كان يمسك بلجام الليرة طوال عقدين ونصف عقد، إذ تبيّن أنه كان يراكم الخسائر طوال هذا الوقت إلى أن انفجر سعر الصرف وقفز خلال سنتين من 1507.5 ليرات وسطياً إلى 26000 ليرة، بنسبة زيادة تبلغ 1625%.
عندها ردّ سلامة ببيان تحوّل إلى أضحوكة المتابعين؛ فقد تبرأ من مسؤوليته وقدرته على الإمساك بسعر الصرف، وألقى اللوم على «التطبيقات المشبوهة وغير القانونية». وأشار إلى أن «سعر صرف العملة المحلية في السوق الموازية غير واقعي ولا يعبر عن القيمة الحقيقية لليرة»، واعتبر أن الأسعار الواقعية هي تلك «المعلنة يومياً بناءً على التداول الجاري في السوق والمسجّل على منصة صيرفة».
طبعاً لا يخجل سلامة من القول إن للتطبيقات تأثيراً على سعر الصرف أكبر من تأثير مصرف لبنان الذي يفترض أنه اللاعب الأكبر والأساسي في السوق. كما لا يتوانى عن الاستمرار في إخفاء الحقائق. فأي حساب بسيط لما نستورده في ظل رفع الدعم وتحرير الأسعار الداخلية للسلع المدعومة، يظهر أن حجم التداول على منصّة «صيرفة» الذي بلغ حدّاً أقصى قيمته 9 ملايين دولار (بيعاً وشراء) لا يعبّر عن أكثر من ثلث الطلب الفعلي في السوق، بينما السوق الحرّة تعبّر عن ثلثي الطلب الفعلي التجاري، إلى جانب المضاربات والعمليات التي تتم في السوق بهدف التخزين الفردي.
أثبتت الوقائع أن رياض سلامة يرأس مديرية للعمليات النقدية سبق أن اشترت وباعت الدولارات
لكن المشكلة لا تقتصر على ذلك، بل في أن سلامة يعدّ لاعباً سياسياً وأحد أركان قوى السلطة: أعطته شرعية سياسية، وأعطاها غطاء للنهب. التبادل بينهما قائم على أنه قادر على لعب دور لترويج فكرة، أو التحريض ضدّها. وهو اليوم أكثر قدرة على التحريض . فقد تسرّبت رواية ذات صدقية تشير إلى ما سبق للحاكم القيام به يوم اعتذار الحريري: شراء الدولارات من السوق الحرّة. المصادر تشير إلى أن الأمر يتكرّر الآن، وإن بشكل مختلف. فمصرف لبنان يشتري الدولارات على مراحل، وهو يحدّد توقيت المرحلة ضمن حاجات يراها مناسبة، وضمن أهداف يرسمها هو.
وقد أثبتت الوقائع أنه يرأس مديرية للعمليات النقدية سبق أن اشترت وباعت الدولارات في السوق في بداية الأزمة. كذلك تؤكد المعطيات أنه يواصل القيام بهذا الأمر عبر مجموعة من كبار الصرافين الذي يجنون الكثير من اللعب في السوق على وتيرة المعلومات التي يتزوّدون بها منه، وبواسطة مجموعات «واتس آب» و«تطبيقات» يلومها سلامة على ارتفاع سعر الدولار. لا يجب إغفال فكرة أن حجم التبادل مهم في السوق المحلية، أي أن تأثير كميات قليلة على هوامش تقلبات سعر الصرف، يكون كبيراً. فعندما تعرض جهة ما طلباً لشراء 100 ألف دولار، ينتشر الطلب على مجموعات الواتس آب ويترك انطباعاً بأن الطلب كبير على الدولار، فيرتفع السعر. التوقعات تتحقق تلقائياً.
على أي حال، ما الهدف الذي يسعى إليه سلامة من التلاعب بسعر الصرف؟ في الخارج، لسلامة ملف قضائي فيه الكثير من الاتهامات والشبهات. أما في الداخل، فهو يتحدّث باسم طرفين: الأميركيين وقوى السلطة المحليّة. لم يكن الحاكم يوماً صانع سياسات نقدية، بل كان وسيطاً وبقي كذلك. بصفته وسيطاً مالياً كان ينقل الأموال من جهة إلى جهة. هذا ما فعله عندما اجتذب أموال المصارف من الخارج وأودعها في «محرقته» وفي قنوات التوزيع الزبائنية. المصارف الجشعة، اجتذبت بدورها ودائع الزبائن لتحقيق المزيد من الأرباح. هكذا بدّد سلامة والمصارف أموال الناس. وبصفته وسيطاً سياسياً ما زال ينقل رسائل قوى السلطة إلى الشارع أو أي مكان آخر. هذا ما يفعله الآن. فهو حفّز ارتفاع سعر الدولار لتبرير استخدام الشارع. إنما السؤال المطروح، هل يفعل ذلك باسم الأميركيين أم باسم الحلقة المالية السياسية في الداخل؟ موجب السؤال أنه طالما يواصل سلامة لعب الدور المطلوب منه يبقى حاجة للداخل والخارج، ولا تعود هناك حاجة للبحث عن مرشحين محتملين بينما هو يقدّم الخدمة التي قد لا يستطيع غيره أن يقدّمها للخارج والداخل. رسالة سلامة أنه سيبقى في الميزان، وأنه لن يقفز منه مهما ارتفع سعر الدولار، ومهما تضرّر الناس، ومهما ازداد التضخّم، ومهما حصل.
إقرأ المزيد في: لبنان
10/11/2024