معركة أولي البأس

لبنان

اجتماع رئاسي في عيد الاستقلال.. وبو حبيب تسلّم صور المرفأ من روسيا
23/11/2021

اجتماع رئاسي في عيد الاستقلال.. وبو حبيب تسلّم صور المرفأ من روسيا

تناولت الصحف الصادرة اليوم في بيروت الأجواء الإيجابية الظاهرية التي انبثقت عن اجتماع الرؤساء الثلاثة بمناسبة عيد الاستقلال، وسط حديث عن دعوة لجلسة حكومية قريبًا، قد تبقى في إطار الأقوال فقط، بحسب المعطيات على الأرض.
ومن ضمن الأمور البارزة التي تحدثت عنها الصحف كانت زيارة وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب إلى موسكو وإعلانه عن استلام لبنان لصور الأقمار الصناعية الروسية لما قبل وبعد انفجار مرفأ بيروت.


"الأخبار": بو حبيب يتسلّم صور المرفأ: هل أعطت موسكو كل ما لديها؟

أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد استقباله نظيره اللبناني عبد الله بو حبيب أن موسكو سلّمت لبنان صوراً التقطتها الأقمار الصناعية الروسية قبل انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2021 وبعده لاستخدامها في التحقيقات.

وفيما سلّمت الصور في ظرف مغلق للوفد اللبناني، أمل لافروف أن «تساعد في التحقيق»، مشيراً إلى «أنّني لا أعرف إن كانت هذه الصور ستساعد أو لا، ولقد نفّذنا أمر الرئيس فلاديمير بوتين بعد توجيه رئيس الجمهوريّة ميشال عون طلباً له». وأوضح، أنّ «الخبراء الروس تحدّثوا عن أنّ المتخصّصين عليهم أن يقرّروا من خلال شكل الانهيارات سبب الانفجار، وأَعتقد أنّ المتخصّصين اللبنانيّين سيحلّون هذه المسألة».

وبينما قال بو حبيب «إننا شكرنا روسيا وقدّرنا عالياً تسليمنا صوراً للأقمار الصناعية، لحادثة انفجار مرفأ بيروت، وسنضعها عند القضاء اللبناني، لكي تساعد في كشف الحقيقة»، استبعد مسؤولون روس أن تكون «روسيا قد سلّمت كل الصور الموجودة لديها، باعتبار ذلك سراً من أسرار الدولة التي لا يطّلِع عليها سوى عدد محدود من الأشخاص في إدارة الرئيس الروسي ورئيس وكالة الفضاء الروسية». وقال هؤلاء إنه «إذا كانَت لدى روسيا صور تدل على تورّط الكيان الصهيوني فهي لن تقدمها منعاً لأي توتر بين روسيا وإسرائيل».
ومن بين هؤلاء الملحق السابق في سفارة روسيا في بيروت أستاذ العلاقات الدولية في المدرسة العليا للاقتصاد سيرغي فوروبيوف، الذي أشار إلى ردة الفعل الصهيونية مباشرة بعد طلب لبنان من روسيا تقديم الصور، حيث زار مباشرة وفد إسرائيلي روسيا والتقى الرئيس فلاديمير بوتين في سوتشي، و«يبدو أن بوتين أعطاهم تطمينات». واستغرب «تأخر الطلب اللبناني أكثر من عام»، متسائلاً «لماذا لم يطلب لبنان ذلك مباشرة».
كما كشف لافروف عن «مشروع تنجزه شركة روسية للنفط لإيصال المحروقات إلى مرفأ بيروت».

لافروف: مشروع روسي لإيصال المحروقات إلى لبنان

وموسكو هي أول عاصمة قرار يقصدها بو حبيب بعدَ تعيينه وزيراً للخارجية. ولم يترك سفير لبنان السابق في واشنطن قضية إلا وناقش إمكانية التعاون فيها، من بينها ترسيم الحدود البحرية مع الكيان الصهيوني. وقالت مصادر مطّلعة على جو اللقاءات مع المسؤولين الروس، إنه «يُمكِن لروسيا، وهي من أكثر المعنيين بالإسراع في البدء باستخراج النفط والغاز من البلوك الرقم ٩، أن تكون وسيطاً غير مباشر إلى جانب الأميركيين فيما لو طلبت الحكومة اللبنانية ذلك». إذ لا شكّ، بحسب المصادر أن «دخول روسيا كوسيط ثانٍ، يكسر التحيّز الأميركي للكيان الصهيوني وهو ما ظهر واضحاً خلال المفاوضات التي انطلقت برعاية الأمم المتحدة».

واحتل ملف الاستثمارات الروسية مساحة كبيرة من النقاش بين بو حبيب ولافروف، وجرى التركيز على «إمكانية جذب الاستثمارات الروسية للمشاركة في إعادة بناء وتأهيل البنى التحتية»، كما «جرى استعراض عناوين لمشاريع إنقاذية تُعنى بالكهرباء والنقل والمرفأ وغيرها».
وتطرق اللقاء إلى الوضع الحكومي، والدعم الروسي للحكومة التي ولِدت بعد مخاض عسير، وخصوصاً أن روسيا، عبر عدد من المسؤولين، سبقَ أن وجّهت نصائح عدة لمختلف القوى السياسية اللبنانية «بعدم التفريط بهذه الحكومة».

وعلى جدول أعمال اللقاء، حلّ بند اللقاح الروسي ومتابعة استكمال مراحل تصنيعه بعدما جرى التوافق عليه بينَ «شركة أروان» وصندوق الاستثمار الروسي خلال زيارة الوزيرين السابقين عماد حب الله وحمد حسن لموسكو.
أما في موضوع التعاون الأمني والعسكري وعلى الرغم من التباحث به، إلا أن الجانب الروسي يدرك بأن «مساهمته تظل محدودة في ظل الاحتكار الأميركي لتسليح الجيش اللبناني». كما جرى عرض موضوع النازحين السوريين، إذ شجّع الطرفان على العودة الطوعية للنازحين إلى بلادهم.

 

"البناء": الرؤساء يضعون الحل السياسي على نار باردة

وحمل اللقاء الرئاسي في بعبدا بذكرى الاستقلال الـ78 مؤشرات إيجابية قد تفتح الطريق نحو الحل للأزمات المتراكمة والمكدسة على رصيف الانتظار، حيث شكلت المناسبة التي جمعت الرؤساء الثلاثة فرصة للحوار المباشر بين المعنيين بالشأن الحكومي، وذلك بعد طول انقطاع ومناخ متوتر شهدتها العلاقة بين الرئاستين الأولى والثانية تحديداً.

وقد اقتصر اللقاء بين الرؤساء الثلاثة في وزارة الدفاع في اليرزة على البروتوكولات والمجاملات والسلام والابتسامات، من دون التطرّق إلى أي حديث سياسي؛ إلا أنّه وبعد انتهاء العرض العسكري، طلب عون من برّي وميقاتي مرافقته في موكبه للانتقال إلى بعبدا، فاستقلا السيارة، وحصل اجتماع بينهم في مكتب رئيس الجمهورية استمرّ حوالي الساعة.

ولفتت مصادر بعبدا لـ«البناء» إلى أن «جو اللقاء كان إيجابياً حيث استعرض الرؤساء خلال اللقاء، جملة من القضايا السياسية والاقتصادية والمالية، و»المراسيم الجوالة» التي تحتاج إلى إقرار في الحكومة، ومشاريع قوانين أرسلتها الحكومة إلى المجلس النيابي وتستوجب إقرارها.

كما تحدّث الرؤساء، وفقًا للمصادر، في الحلول للأزمة السياسية – الحكومية والقضائية والدبلوماسية الناشئة عن اعتكاف عدد من الوزراء عن حضور الجلسات الحكومية اعتراضاً على أداء المحقق العدلي في تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار، وكذلك تصريح وزير الإعلام جورج قرداحي تجاه السعودية، وتم الغوص بأسباب الأزمات وكيفية الخروج منها، حيث عرض رئيس الجمهورية مقاربته ثم تلاه بري ثم عقّب ميقاتي على حديث الرئيسين مؤكداً دعمه لأي حل يجري الاتفاق عليه للخروج من الأزمة. وأكدت المصادر أن جوّ اللقاء يتّجه إلى الحلحلة من دون الغوص في تفاصيل الحل، «لكن ما نستطيع تأكيده هو أن هناك إرادة جدّية من قبل الرؤساء الثلاثة للحل».

وفي رده على سؤال حول التوصل إلى حل للأزمة قال الرئيس بري لدى مغادرته قصر بعبدا: «إن شاء الله خير».

وفي سياق ذلك، كشفت أوساط مطلعة على لقاء بعبدا لـ«البناء» عن توجّه رئاسي للدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء بعد عودة عون من زيارته إلى قطر وميقاتي من زيارته إلى الفاتيكان، وإلى حينه ستستمر المشاورات بين عون وبري لإنضاج الحل. كما كشفت عن تفاهم شبه منجز بين الرؤساء الثلاثة على حل لقضية القاضي البيطار ضمن المؤسسة القضائية وليس في مجلس الوزراء، أي بحل يخرج به مجلس القضاء الأعلى وبالتالي فصل الصلاحيات وعدم تدخل السلطة السياسية بعمل السلطة القضائية، وهذا ما أكّد عليه عون خلال اللقاء وأيده ميقاتي. وفي حال لم تحل فسيتم اللجوء إلى المجلس النيابي لتشكيل لجنة تحقيق نيابية للنظر بتفجير المرفأ وترفع نتائجها ومقترحاتها للمجلس النيابي ومجلس القضاء الأعلى للبناء على الشيء مقتضاه وقد يفتح هذا الخيار الباب على ممارسة البرلمان دوره وفق ما ينص الدستور فيخرج ملف الوزراء والرؤساء من يد القاضي بيطار.

أما قضية استقالة قرداحي والأزمة مع السعودية ودول الخليج، فحصل نوع من الاتفاق الضمني على أن تُحل قضية البيطار أولاً ويعود مجلس الوزراء للانعقاد، ويجري التعويل على مبادرة من قرداحي بتقديم استقالته من تلقاء نفسه بعيداً عن أي ضغوط أو إقالة، لكن الأمر لم يُحسم ويحتاج إلى بلورة وضمانات من المنتظر أن يحصل عليها ميقاتي من السعودية عبر الفرنسيين والإماراتيين، بوقف الإجراءات الخليجية التصعيدية بعد الاستقالة فوراً وفتح حوار مع المملكة يعالج المسائل الخلافية. وتخلص الأوساط للتأكيد بأن المناخ العام إيجابي ومن المرتقب أن ينعكس على مجمل الوضع العام في البلد وعلى تحريك الملفّات العالقة، إضافة إلى حرص من بري وميقاتي على حلحلة جدية وسريعة وضرورية للأزمة، لكن لا يعني ذلك أن الحل سيولد خلال أيام، بل المؤكد وجود إرادة للحل والسعي لهذا الهدف. وكشفت الأوساط أن عون سيغادر لبنان إلى قطر في زيارة رسمية في 29 الجاري، ستستمرّ لمدة يومين يتخلها لقاء مع أمير قطر ويحضر افتتاح كأس العرب كون لبنان مشارك فيه ويعود بداية الشهر المقبل.

من جهته، رأى ميقاتي​، عقب اللقاء أن «الاستقلال ما كان ليحصل لو لم يكن اللبنانيون متحدين​. ونحن إذا لم نكن يداً واحدة، لن نتمكن بتاتاً من الحفاظ على الاستقلال». وأضاف: «لفتني ما قاله أحدهم من أن احتفالكم بالاستقلال كامرأة مطلّقة تحتفل بعيد زواجها. صحيح، ولكن دعونا لا ننسى أنّه قبل أن تطلّق لو بقيت على التفاهم الذي كان أثناء الزواج، لما كانت تطلّقت». وشدد على أن «التفاهم والحوار هما الأساس، والبعد جفاء، والجفاء يؤدي إلى الشر. واللقاء كالذي حصل اليوم كان فيه الحوار جدياً، وبإذن الله سيؤدي إلى الخير».

وفيما تؤكد مصادر الوزير قرداحي لـ«البناء» أنه لا يزال على موقفه وأنه يتمنى توصل المعنيين إلى الحل الملائم انطلاقاً من السيادة والمصلحة الوطنية، لفتت مصادر ثنائي «أمل» و»حزب الله» و»المردة»، لـ«البناء» إلى أن «تنحي المحقق العدلي الحالي لم يعد المطلب الأساسي ولم يكن كذلك أصلاً، بل الهدف تصحيح وتصويب أدائه وتوقفه عن تسييس الملف من خلال أمرين: فصل ملاحقة الوزراء والرؤساء عن بقية الملف، لا سيما أن الذين يلاحقهم ينتمون لجهة سياسية معينة وواحدة ما يزرع الشك بأدائه، والأمر الثاني وقف محاولات فبركة بعض الملفات لاتهام مسؤولين ينتمون لحزب الله». ولفتت المصادر إلى أن «الحزب والرئيس بري منفتحان على أي حل للجم البيطار وتصويب ملف التحقيقات وإعادته إلى مساره القانوني والدستوري، وأي حلّ آخر لا يراعي هذه الأهداف فلن يعود الوزراء إلى الجلسة». أما لجهة استقالة قرداحي، فتؤكد مصادر «الثنائي» و»المردة» بأن «الأمر مرهون بإنهاء أزمة البيطار ثم العودة إلى مجلس الوزراء والبحث باستقالة قرداحي إذا كانت تصب بمصلحة لبنان أم لا، لكن الأكيد لن تكون الاستقالة مجانية ولا قسرية بل طوعية وبعيدة عن أي مقايضة مع قضية البيطار».

"الجمهورية": الاستقلال يجمع الرؤساء ولا حلّ جاهزاً للحكومة

وإذا كانت مناسبة الاستقلال قد فرضت نوعاً من الانفراج على الخط الرئاسي، اتاحت عقد لقاء ثلاثي بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، إلّا أنّ الأجواء التي سادت هذا اللقاء، بحسب ما قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ"الجمهوريّة"، "كانت هادئة وصريحة، حيث جرى استعراض المستجدات بصورة عامة، وكذلك أثار الأزمة وتفاعلاتها، وكانت النظرة مشتركة الى ضرورة إنهاء الوضع الشاذ الذي يعيشه البلد، وبذل المستطاع لتحقيق ذلك في اقرب وقت ممكن، وخصوصاً في ظل التداعي الخطير في الأزمة على كل المستويات".

ولفتت المصادر الى انّ "الرؤساء تشاركوا في التأكيد على عدم جواز استمرار الوضع على ما هو عليه من انسداد، والخشية من تفاقم الامور اكثر. ومن هنا برز توافق على تكثيف المشاورات لتذليل ما هو قائم من عثرات وعقبات، ما يعني في خلاصة اللقاء الثلاثي، انّه لم يعكس بلوغ الرؤساء الحل السحري الذي يؤسس لانفراج يُخرج الدولة من شللها الراهن ويعيد اطلاق الحكومة".

وقالت مصادر مطلعة على اجواء اللقاء الرئاسي لـ"الجمهورية": "إنّ اللقاء شكّل دافعاً لنقاش جدّي في الايام المقبلة حول اسباب تعطيل انعقاد مجلس الوزراء التي ما زال مفتاح الانفراج ضائعاً فيها، واكّدت انّ هذه الاسباب ما زالت قائمة ومرتبطة بحسم مصير المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، وكذلك إيجاد الحلّ التوافقي للأزمة التي استُجدت مع السعودية ودول الخليج، وما يتّصل بوضع وزير الإعلام جورج قرداحي، مشيرة الى أنّ أفكاراً مطروحة للنّقاش، ولكن لا يمكن الحكم المسبق على النيات، وبالتالي لا شيء محسوماً حتى الآن، ولننتظر ما ستحمله الايام القليلة المقبلة على هذا الصعيد، اكان على المستوى السياسي، او على المستوى القضائي".

وكان الرؤساء الثلاثة قد شاركوا، ومعهم قائد الجيش العماد جوزف عون وقادة الاجهزة الامنية، في حضور العرض العسكري الرمزي الذي اقامته قيادة الجيش في اليرزة امس. وفي نهايته غادر الرؤساء الثلاثة في سيارة الرئاسة الاولى الى القصر الجمهوري، حيث عُقد اللقاء الثلاثي بينهم، واكتفى بعده الرئيس بري بالقول رداً على سؤال بعد مغادرته "إن شاء الله خير". فيما قال الرئيس ميقاتي "إنّنا لا نستطيع المحافظة على الاستقلال إن لم نكُن يدًا واحدة، والتفاهم هو الأساس". مشيرا الى أنّ "البُعد جفا"، واللقاء الذي حصل اليوم كان حوارًا جدّيًا، وبإذن الله سيؤدي إلى الخير".

وقد استقبل الرئيس عون قائد الجيش وقادة الاجهزة الامنية، حيث نوّه بالدور الذي يقوم به الجيش والمؤسسات الأمنية في المحافظة على الأمن. وقال: العراقيل امام العمليات الإصلاحية التي كان من المفترض ان تُنجز خلال الأعوام الماضية مستمرة والعمل يجري على تذليلها الواحدة تلو الأخرى".

وأضاف: "سأعمل خلال السنة الأخيرة من ولايتي على ملاحقة القضايا العالقة وفي مقدّمها وضع مسار الإصلاحات على سكة صحيحة ودائمة وصولاً الى معالجة الملف الاقتصادي". وتابع: "الظروف الاقتصادية انعكست سلباً على العسكريين في مختلف الاسلاك، ورغم ذلك يقوم العسكريون بواجباتهم بإخلاص، وعلى الدولة ان تقابل عطاءاتهم بتحسين أوضاعهم".

واكّد قائد الجيش لرئيس الجمهورية: "اننا نعول على حكمتكم في مقاربة الملفات الشائكة والخروج من الأزمة بأقل الخسائر. وبوجود المؤسسة العسكرية لا خوف على لبنان، ولن نسمح للتحدّيات ان تنال من عزيمتنا". فيما توجّه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم للرئيس عون قائلا: "نناشدكم ان تقوموا بكل ما بوسعكم مع الحكومة لإنقاذ المؤسسات العسكرية والأمنية قبل فوات الأوان، لكي يبقى الهيكل الأساسي للدول اللبنانية دون تصدّع".

التهاني والسوداوية

وسط هذه الاجواء، فإن المشهد الداخلي يزداد سوداوية، وهو ما اكدت عليه المواقف الدولية التي عكستها برقيات التهئنة بعيد الاستقلال مع التشديد على عمل حكومي سريع في اتجاه الانقاذ، وكانت لافتة في هذا السياق تغريدة نشرتها السفارة الاميركية كتب فيها: "ينعاد عليك بظروف أحسن". تزامنت مع مبادرة وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن الى التقدم بأطيب تمنياته للشعب اللبناني بعيد استقلاله، واكد أن الولايات المتحدة ستستمر في الوقوف إلى جانب شعب لبنان خلال هذه الايام الصعبة ودعم آماله في مستقبل أفضل، لافتا في بيان إلى أن بلاده تعترف بالثقافة الثرية والمثابرة للشعب اللبناني، الذي واجه وتغلب على العديد من التحديات على مدار الـ 78 عاما الماضية".

كذلك، برزت تغريدة للسفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، التي عبّرت عن وقوف فرنسا الى جانب الشعب اللبناني، لافتة الى ما وصفته "الوضع المأساوي" في البلاد الذي يتطلب أن تتحمل السلطات والطبقة السياسية مسؤولياتها بدون الإنتظار أكثر".

سقوط الدولة

على ان هذه الصورة القاتمة، شهد عليها شاهد من أهله، حيث بلغ فيه التشاؤم حد التعبير عن خوف أكثر من جدي من بلوغ لبنان "أسوأ مرحلة في تاريخه".

هذا الخوف، جاء في قراءة شديدة السوداوية حيال الوضع في لبنان، عرضها مرجع مسؤول، حيث قال لـ"الجمهورية": اخشى اننا بلغنا المرحلة التي لم نعد فيها قادرين على ان نمنع لبنان من السقوط الكبير، والذي لن يكون في مقدور احد أن يتحمل كلفته".

واضاف: "دعونا نعترف بأننا فشلنا جميعا، من رأس الهرم في الدولة الى كل المكونات السياسية، لا احد بريئا، كلّنا شركاء في ايصال لبنان الى ما وصل اليه من انهيار. والى ان تفلت الامور من ايدي الجميع، وانا قلق جدا مما خلص اليه المسؤول في الامم المتحدة أوليفييه دي شوتر في تقييمه البحثي حول لبنان قبل ايام قليلة. والذي شخّص فيه واقع المسؤولين في لبنان بأنهم لم يقدموا للبنانيين وللمجتمع الدولي اي تحرّك يفيد بأنهم قد خرجوا من عالمهم الخيالي الذي يعيشون فيه بعيدا عن معاناة اللبنانيين، ويثبتوا بأن لديهم شعورا بضرورة التحرّك العاجل والعزم اللازم لتحمل مسؤولياتهم، ووقف ما يتعرّض له اللبنانيون من "إفقار وحشي" على حد تعبيره.

ولفت المرجع نفسه الى ان "معلوماتي تفيد بأن المسؤول الاممي لم يقل كلّ ما لديه، مع ان خلاصة قوله اننا اصبحنا في دولة فاشلة بالفعل، وكل الوقائع السلبية التي تتوالى تنذر بدخول مرحلة أسوأ مما هي عليه". وقال: "كانوا في الماضي يحذروننا من النموذج القبرصي او اليوناني او الفنزويلي، لكننا سقطنا الى ما هو اسوأ من تلك النماذج كلها، فقد اصبحنا في القعر. والمسؤول الأممي نفسه ابلغنا بشكل مباشر وصريح بأن لبنان على رغم كل ما يعانيه من مصاعب، ما زال في اول النفق الذي تنتظره فيه مصاعب اكبر ومعاناة شديدة للبنانيين، ولست أستغرب ابداً ان ينفجر غضب الناس ليطيح بكلّ شيء".

"اللواء": ثلاثيتان تحاصران الاجتماع الرئاسي
على وقع احتفالات الاستقلال الـ78، وبروز معادلة جديدة ثلاثية: شعب، جيش، قضاء، مقابل ثلاثية حزب الله: شعب، جيش، مقاومة، شكل الاجتماع الرئاسي الثلاثي في بعبدا بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي علامة فارقة، حملت ايجابيات لا تخفى، وفي الوقت نفسه، بقيت نقاط عالقة، تحتاج إلى تفاهم مع حزب الله عليها، إذ تعهد الرئيس نبيه بري بمعالجة اعتراضات حزب الله، والسعي لايجاد صيغ عملية، على هذا الصعيد.

وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن مجرد انعقاد لقاء رئاسي ثلاثي في قصر بعبدا يؤشر إلى أن الملفات باتت على بساط البحث المباشر وأن الحوار بشأنها فتح دون أن يعني أن الأزمات قد حلت. لكن الاجتماع اوحى بالعمل على معالجة ما وهذا ما عكسه رئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء.
وقالت المصادر إن هناك ليونة ابداها الرئيس بري على أن أي موعد لأستئناف جلسات الحكومة لم يحدد بعد مشيرة إلى أن هناك سلسلة اتصالات ستتم. وفهم أنه يصعب من الآن تحديد هذا الموعد قبل بلورة مناخ مساعد في هذا المجال. وافيد أن مدة اللقاء كانت كفيلة بمناقشة عدد من القضايا العالقة ولاسيما عودة جلسات الحكومة والأزمة مع الخليج.
الى ذلك افادت أوساط مراقبة أن قضية استقالة الوزير قرداحي اضحت في عهدته أي أنها متروكة له. وترك ملف القاضي البيطار للجسم القضائي ومحكمة التمييز وفق ما أشارت إليه «اللواء».

واشارت مصادر سياسية الى ان لقاء الرؤساء الثلاثة في بعبدا، ادى الى كسر جليد العلاقات التي شهدت توترا ملحوظا بين الرئيسين عون وبري منذ تأليف الحكومة، على خلفية التباين الحاصل حول مطالبة الثنائي الشيعي بتنحية المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، وتعليق جلسات الحكومة حتى تحقيق هذا المطلب، وقابله اصرار عون على رفض الحكومة التدخل بهذه المسالة، انطلاقا من مبدأ الفصل بين السلطات وعدم التدخل في شؤون القضاء ظاهريا، ولكن ضمنيا، يحبذ استمرار المحقق العدلي بملاحقة النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر المقربين من بري، في إطار تصفية الحسابات والمكايدة السياسية معه،برغم تعارض هذه الملاحقة مع نص الدستور، الذي يحصر ملاحقة الرؤساء والوزراء والنواب امام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب.

ووصفت المصادر اجواء اللقاء بالمريحة والايجابية،وساده نقاش صريح حول سبل معالجة مشكلة تردي العلاقات مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي ، بفعل التصريحات العدائية التي أدلى بها وزير الإعلام جورج قرداحي ضد المملكة، وحل شرط الثنائي الشيعي، لتنحية القاضي البيطار، لاجل انهاء تعليق جلسات الحكومة، ومعاودة اجتماعاتها،بالسرعة اللازمة، لمناقشة واقرار الملفات والقضايا المهمة باسرع وقت ممكن.

وكشفت المصادر عن تفاهم حصل، للتحرك عبر وسطاء باتجاهين ،الاول باتجاه دول الخليج ولاسيما المملكة وقطر،لاستكشاف مدى تأثير خطوة استقالة اواقالة قرداحي،في حال حصولها،،على استئناف عودة العلاقات بين لبنان وهذه الدول، ام ان هذه الخطوة، ستبقى محدودة، ولن تؤثر في انهاء التازم الحاصل، وتبقى الامور على حالها. اما الاتجاه الثاني، فيكمن في فصل مسألة التحقيق مع الرؤساء والوزراء والنواب عن التحقيق مع سائر الملاحقين الاخرين، انطلاقا من النصوص الدستورية التي تحدد ماهية هذه الملاحقات.

وقالت المصادر ان حل هذه المشكله،سينطلق من اقتراح اعادة تفعيل مهمات المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب بنصوص جديدة، وتحويل كل الملاحقين التي تنطبق عليهم هذه المواصفات اليه، فيما يبقى المحقق العدلي في مهمته، ويستمر بالتحقيق مع الملاحقين الاخرين،من مدنيين وعسكريين، برغم تشبث حزب الله بتنحيته، فيما تتولى النيابة العامة التمييزية النظر في دعاوى مخاصمة الدولة التي رفعها احد الرؤساء وعدد من النواب الملاحقين لدراستها والبت فيها سلبا، ام ايجابا.

وعلم ان بري اخذ على عاتقه مهمة اقناع الحزب بالسير في هذا الحل المطروح في حين،لم يتم الاتفاق على موعد محدد لانعقاد جلسة مجلس الوزراء المقبلة، بانتظار نتائج المساعي والجهود التي ستبذل مع كل المعنيين بهذه الخلافات القائمة بالداخل والخارج معا. واستبعدت المصادر أن يعاود مجلس الوزراء اجتماعاته، قبل بلورة امرين اثنين، الاول، ترقب نتائج الزيارة التي سيقوم بها الرئيس عون إلى قطر لمعرفة ردود الفعل الخليجية على خطوة استقالة قرداحي ،والثاني انتظار اتجاهات جلسة معاودة المفاوضات حول الملف النووي الايراني في التاسع والعشرين من الشهر الجاري في العاصمة النمساوية فيينا.

وتزاحمت التطورات في عطلة نهاية الاسبوع وعيد الاستقلال، الذي جرى تتويجه بلقاء بين رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة في القصر الجمهوري استمر زهاء ساعة، عرضوا خلاله الأوضاع العامة في البلاد من مختلف جوانبها والمستجدات الاخيرة لا سيما استئناف جلسات مجلس الوزراء، وذلك بعد عرض عسكري رمزي لمناسبة الاستقلال في وزارة الدفاع في اليرزة، وبعد زيارة لوفد من الكونغرس الاميركي الى لبنان.

لكن يبدو ان اللقاء – برغم اهميته بالشكل من حيث كسر القطيعة بين عون وبري- لم يسفر عن نتائج فورية بحيث ان موضوع تنحية المحقق العدلي في إنفجار المرفأ طارق بيطار لم يجد بعد الحل القضائي المناسب له،وذكرت مصادرومتابعة للقاء «ان الاجتماع السريع لن يحل الأمور سريعاً بل ربما يكون بداية تفعيل الاتصالات التي سيتولاها الرئيس ميقاتي مجدداً بعد عودته من زيارة روما والفاتيكان الخميس المقبل حيث يستقبله البابا فرانسيس. وتم التوافق على معالجة المسألة عبر المؤسسات».

لقاء الرؤساء
عقب العرض العسكريّ الرمزيّ الذي شهدته وزارة الدفاع الوطنيّ في اليرزة، توجّه كلّ من رئيس الجمهوريّة ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى قصر بعبدا، بعد أن استقلّوا معًا سيارة الرئاسة الأولى.
وعقد الرؤساء الثلاثة اجتماعًا في القصر الجمهوريّ، للبحث في الأوضاع الراهنة، وسبل حلّ للخروج من الأزمة.
بعد الاجتماع، وردًا على سؤال عمّا إذا كانت الأوضاع قد "تحلحلت”، قال الرئيس برّي وهو يغادر قصر بعبدا: إن شاء الله خير.

أما ميقاتي، فتحدث الى الصحافيين بعد الاجتماع، وقال: بداية، اود ان أتوجه الى اللبنانيين بكلمة، متمنيا ان تكونوا جميعا من اعلاميين ومواطنين بألف خير.
وأضاف: إن الاستقلال ذكرى مهمة في حد ذاتها، ولكن لنتذكر ما الذي أدى الى الاستقلال. إن الذي أدى اليه هو وفاق اللبنانيين وتوافقهم في الميثاق الوطني، الذي حصل بين رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الوزراء رياض الصلح. وقد تنازلا عن كافة خصوصياتهما من اجل وحدة لبنان وإنقاذه في حينه.
وقال: إن الاستقلال ما كان ليحصل لو لم يكن اللبنانيون متحدين، ولو لم يكن اللبناني واخاه اللبناني لأي طائفة انتميا الى جانب بعضهما البعض في راشيا. ونحن إذا لم نكن يدا واحدة، لن نتمكن بتاتا من الحفاظ على الاستقلال».
وختم: إن التفاهم والحوار هما الأساس، والبعد جفاء، والجفاء يؤدي الى الشر. واللقاء كالذي حصل اليوم كان فيه الحوار جديا، وبإذن الله سيؤدي الى الخير. وكل عيد وانتم بألف خير».

الحكومة اللبنانيةعيد الاستقلال

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة