لبنان
ترقّب لنتائج لقاءات ميقاتي في غلاسكو.. وثلاثة سيناريوهات للأزمة
تتواصل تداعيات الأزمة المفتعلة من قبل السعودية اتجاه لبنان. بتفاصيل لقاءات الرئيس نجيب ميقاتي على هامش قمة المناخ في غلاسكو الاسكتلندية طغت على اهتمامات الصحف اللبنانية الصادرة اليوم التي ناقشت ما اذا كانت التدخلات الدولية مع السعودية سوف تثمر على صعيد حلحلة الأزمة الدبلوماسية مع لبنان.
* "الأخبار": هذه نتيجة اتصالات ميقاتي في غلاسكو
صحيفة "الأخبار" أفادت أن حصيلة لقاءات الرئيس ميقاتي على هامش قمة المناخ في غلاسكو الاسكتلندية جاءت على الشكل التالي:
- تبلّغ ميقاتي موقفاً أميركياً - فرنسياً - ألمانياً بعدم الاستقالة، مع حثه على إيجاد مخرج للعودة إلى الحوار مع السعودية. وترى هذه الدول أنه يمكن للبنان القيام بخطوة رمزية تتمثل في استقالة قرداحي أو إقالته. وهو ما سعى إليه رئيس الحكومة، بالفعل، في اتصالات جديدة مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري ومع البطريرك الماروني، وقد سمع أجوبة تتراوح بين دعوته للعودة وعقد جلسة للحكومة للبحث في الأمر، وبين التأكيد له أن السعودية لا تريد رأس قرداحي، بل تطلب ما هو غير ممكن وغير مقبول.
في الخلاصة، يبدو رئيس الحكومة في موقع حرج، وهو الذي رفع شعار الوساطة القطرية مع إدراكه مسبقاً بأن لا نتائج تُرتجى منها، بعد تبلّغه من الأميركيين والفرنسيين عدم قدرتهم على إقناع الرياض بتعديل موقفها. وكان الأميركيون أكثر صراحة في أنهم لا ينوون التحدث مع محمد بن سلمان على مستويات رفيعة، في إشارة إلى استمرار امتناع الرئيس الأميركي جو بايدن عن تحديد موعد لاستقباله في واشنطن أو لقائه في الخارج.
وتتأتّى خشية الرئيس ميقاتي بحسب "الأخبار" من واقع شعبي سني يضغط عليه، خصوصاً مع دخول نادي رؤساء الحكومات السابقين في المزايدة، فيما لا يتوقع أن يخرج أي صوت يناصره في مواجهة الضغوط السعودية، علماً أنه أبلغ الجميع استعداده للذهاب إلى الرياض للحوار، لكن السعودية ترفض التواصل معه.
وشكّكت مصادر "الأخبار" في جدوى الرهان على الأميركيين والأوروبيين وبعض العرب لمعالجة المأزق. وأشارت إلى أن واشنطن وباريس قادرتان على منع ميقاتي من الاستقالة لا منع الحكومة من الاهتزاز كل الوقت. بالتالي فإن المخرج الشكلي الذي يُفكّر به ميقاتي - وهو متعذّر أصلاً - لن يظِهر معالم الضعف في صورة حكومته وحسب، بل لن تلتفِت إليه
كما شكّكت المصادر في إمكان أن تحقق قطر خرقاً ما في ظل الآمال التي بناها البعض على الزيارة المفترضة لوزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى بيروت قريباً، من منطلق أن المملكة "تعتقِد بأن في استطاعتها توجيه ضربة تحتَ الزنار للبنان لتحسين شروطها في الإقليم".
* السعودية.. التوقيت الفاشل
الى ذلك، نقلت صحيفة "الجمهورية" عن شخصية مطلعة في 8 آذار أنّ المواجهة الحالية تحتاج إلى صبر وتحمّل، مشدّدة على وجوب عدم الشعور بالهلع والتخبّط نتيجة الإجراءات السعودية المتخذة. وتلفت الشخصية إيّاها، الى انّ السعودية اختارت التوقيت الاقليمي - الدولي الخاطئ للتصعيد، "وهو الأمر الذي استفاد منه حزب الله لاحتواء الموجة الأولى من الهجوم السعودي، ورفض التراجع أمامه في اتجاه دفع قرداحي الى الاستقالة او تقديم تنازلات سياسية، لا سيما بعدما تبين انّ الغاية الأساسية من رفع وتيرة الضغط، ليس فقط إزاحة قرداحي بل انتزاع تنازلات تتعلق بدور حزب الله وموقعه".
وتشير تلك الشخصية، الى أنّ من العوامل التي أدت الى اعتبار توقيت الهجوم السعودي خاطئاً هو انّ "حسابات واشنطن في مكان آخر كما يدلّ انسحابها من أفغانستان، وتسهيلها تشكيل حكومة الرئيس ميقاتي، وتطنيشها عن استيراد الحزب المازوت الإيراني الكاسر للحصار، ومحاولتها تجديد الاتفاق النووي مع طهران وتشجيعها السعودية على التفاهم معها، وبالتالي فإنّ ما يعني الأميركيين ضمان مصالح اسرائيل فقط، ولذلك يتركّز اهتمامهم بشكل اساسي على الملف النفطي المتنازع عليه بين لبنان والكيان الاسرائيلي".
وبناءً على هذه الحسابات، تلاحظ الشخصية المطلعة في 8 آذار - بحسب "الجمهورية" - أن مصلحة واشنطن وباريس افترقت عن المصلحة السعودية والخليجية في لبنان "وبالتالي فإنّ واشنطن وباريس هما اللتان تصدّتا لتداعيات العاصفة السعودية التي كادت تقتلع الحكومة من جذورها، لولا الاحتضان الأميركي والفرنسي لها وتدخّلهما لشدّ ركب ميقاتي".
* دفع جديد لميقاتي
أما صحيفة "نداء الوطن" المحسوبة على الخط السعودي في لبنان، فكشفت لها مصادر سياسية رفيعة أنّ ميقاتي عائد إلى بيروت "بمقاربات جديدة" تضع الجميع أمام مسؤولياتهم، خصوصاً أنّ لقاءاته في غلاسكو "أعطته دفعاً جديداً ومختلفاً" في ضوء ما سمعه من المسؤولين الفرنسيين والأميركيين، لناحية "ضرورة الإسراع في تفعيل العمل الحكومي لملاقاة الجهود الخارجية، في سبيل مساعدة لبنان على الخروج من أزمته الاقتصادية والمالية الطاحنة"، مشيرةً إلى أنّ "رئيس الحكومة طبعاً راغب جداً بالدعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء لأنّ هناك أموراً طارئة تحتم التئامه، ولكن لا قرار نهائياً بعد بتوجيه الدعوة قبل ضمان تدوير الزوايا المطلوب تدويرها".
* انحياز تام الى الجانب السعودي واستعادة مصطلح "الهيمنة"
وفي انحياز واضح للأجندة السعودية ضد لبنان، نقلت "النهار العربي" عن مصدر ديبلوماسي رفيع في جامعة الدول العربية قوله إن "أي اتصالات لخفض مستوى التوتر في الأزمة بين لبنان والسعودية يجب أن تبدأ من المربع الرسمي اللبناني"، محمّلاً السلطات اللبنانية مسؤولية "عدم التعامل بحصافة وسرعة" مع أزمة تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، حتى لو أنها سبقت توزيره، ومطالباً لبنان بـ"كلام واضح وأفعال لمحاولة احتواء الأزمة".
وفي تماهٍ كامل مع الموقف السعودي حتى على مستوى المصطلحات المستخدمة، استعاد المصدر مصطلح "الهيمنة"، وزعم أن حزب الله بات "مسيطراً على القرار اللبناني".
* الخارجية الأميركية تواصل تصعيد الهجوم على حزب الله
وبطبيعة الحال، فإن موقف الناطقة الإقليمية باسم وزارة الخارجية الأميركية جيرالدين غريفيث جاء في مقابلة لصحيفة "الجمهورية" متقدمًا على الموقف السعودي، وادعت أن "حزب الله أحد الأسباب الرئيسية التي أدّت الى مفاقمة أزمات لبنان.. وهو منظمة إرهابية مكرّسة لدفع أجندة إيران الخبيثة"، مدعية أن "أنشطته الإرهابية والاقتصادية المشبوهة زادت من معاناة الشعب اللبناني".
وحول الأزمة الأخيرة مع الخليج قالت "ليس لدينا تعليق محدّد على هذا الموضوع، لكنّنا عامةً نشجّع على وجود علاقات جيدة وتواصل بين لبنان ودول أخرى في المنطقة.
* 3 سيناريوهات للأزمة
بدورها صحيفة "البناء"، تحدثت عن ثلاث فرضيات يضعها مصدر دبلوماسي على طاولة البحث في استقراء اتجاه الأزمة، الفرضية الأولى هي المزيد من التصعيد في ضوء الكلام المسرب عن نوايا سعودية لاتخاذ خطوات جديدة قد يكون أبرزها قطع التعاون المصرفي ووقف الرحلات الجوية، في ظل استبعاد الدخول في ترحيل اللبنانيين العاملين والمقيمين في الخليج إلا انتقائياً، أما الفرضية الثانية فهي أن تنجح المناخات الدولية التي ظهرت في قمة المناخ تحت عنوان دعم بقاء الحكومة والحفاظ على الاستقرار في لبنان، برسم سقف للأزمة يتمثل بالتزام السعودية بوقف خطواتها التصعيدية، وتجميد الأزمة عند حدودها الراهنة، وبقائها معلقة تحت سقف دعم بقاء الحكومة وتفعيل برامج التعاون الحكومي مع صندوق النقد الدولي بتشجيع أميركي فرنسي.
أما السيناريو الثالث بحسب "البناء" فهو يتمثل بأن تكون قراءة واشنطن للخطوة السعودية بصفتها محاولة ابتزاز تفاوضية بوجه واشنطن، وليس بوجه حزب الله أو لبنان وحكومته، سواء للحصول على مزيد من الدعم للحرب في اليمن ووقف الضغوط لإنهائها، أو لخطوة يريد ولي العهد السعودي اعتمادها بصدد مستقبل العرش في الرياض ويسعى لضمان التأييد الأميركي لها.
وفي تأكيد أن الأزمة السعودية مفتعلة في لبنان على خلفية هزيمتها المدوية في مأرب، نقلت الصحيفة عن المصدر الدبلوماسي ترجيحه السيناريو الثاني، وقوله "علينا أن ننتظر معركة مأرب التي تشارف على النهاية، ومفاوضات فيينا التي تقترب من البداية، وبكل الأحوال كانون الأول ليس مثل تشرين الثاني، وربما نكون مطلع العام مع بدء أفول رياح الخماسين التي جاءت في غير موعدها مع الخطوة السعودية من خارج السياق".
إقرأ المزيد في: لبنان
01/11/2024