لبنان
مباحثات ومساع لعودة جلسات الحكومة..مصير بيطار رهن دعوى دياب ورفض للمساومة في تحقيق الطيونة
ركزت الصحف اللبنانية، على ملفات عدة، كان أبرزها المساعي التي تبذل لعودة جلسات الحكومة، فيما تحدثت بشكل مفصل عن المسار القضائي في ملف مجزرة الطيونة فضلاً عن تحقيقات انفجار المرفأ، بالإضافة إلى الهجمة الخليجية على وزير الإعلام جورج قرداحي.
"الأخبار": مبادرة الراعي تجمّد استدعاء جعجع للتحقيق
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار"، "هكذا لخّص مرجع كبير ما يجري من اتصالات أطلقتها الجولة التي قام بها البطريرك الماروني بشارة الراعي، أول من أمس، على الرؤساء الثلاثة، واستكملت أمس باتصالات بقيت بعيدة من الأضواء. وأكّد المرجع أن الراعي تصرف بناء على نصائح داخلية وخارجية بالسعي إلى عقد تسوية مع «الشخص القادر على صنعها» منعاً لتفاقم الأمور إلى خراب كبير".
ولفتت إلى أنه بحسب المرجع، فإن الراعي عندما طلب زيارة الرئيس نبيه بري، كان الأخير في انتظاره مع ترتيبات لاجتماع مطول. وقد بدأه الراعي بالحديث مباشرة عن مشكلات كبيرة تعيشها البلاد، وأن سفك الدماء لن يبقي على شيء، وأن الأزمات المتفاقمة اقتصادياً ومعيشياً واستمرار التعثر المالي واحتمال تطور الأمور إلى الأسوأ وعدم حصول الانتخابات، يتطلب السعي إلى تسوية سريعة. وفُهم أن البطريرك صارح رئيس المجلس بالقول: «نحن أمام أزمتين كبيرتين، حلهما يساعد في إطلاق العجلة السياسية، ويفتح الباب أمام علاجات لمشكلات كبيرة أهمها الملف الاقتصادي، ويسحب فتيل التوتر الذي قد يتطوّر إلى أحداث أمنية خطيرة»، قبل أن يشير بوضوح إلى أن الحديث يدور حول ملفي التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت وجريمة الطيونة، مبدياً حرصه على إدانة قتل الأبرياء، وقدّم التعازي بالضحايا لبري.
وفق المصدر نفسه، كان الراعي صريحاً للغاية عندما قال إنه مستعد لتولي وساطة تؤمن حلاً لمشكلة التحقيقات في جريمة المرفأ، مشيراً بوضوح إلى إمكانية حصول ما يؤدي إلى تعجيل القاضي طارق البيطار في إنجاز قراره الظني، على قاعدة ترك ملف الادعاء على الوزراء والنواب ورؤساء الحكومات إلى المحكمة الخاصة بهم، أي من خلال مجلس النواب، والأخذ بقرار النيابة العامة والمجلس الأعلى للدفاع بعدم الادعاء على المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. على أن يحال الملف إلى المجلس العدلي الذي يتولى من جانبه معالجة الملف بحسب مقتضيات القانون.
وأبلغ الراعي بري أن نجاح هذا الأمر يجب أن يؤدي إلى نزع فتيل التوتر الكبير والسقف المرتفع في خطاب حزب الله وإلى سحب ملف البيطار من التداول الإعلامي والسياسي ويعيد الحكومة إلى العمل. لكن الأمر يحتاج إلى خطوة مقابلة في ملف الطيونة، لأن استدعاء «زعيم مسيحي بارز» مثل سمير جعجع أو محاكمة حزب القوات ستكون له تأثيراته السلبية الكبيرة أيضاً، محلياً وخارجياً.
وقالت "الاخبار" نقلاً عن المرجع، إن الرئيس بري كان في انتظار ما قاله الراعي – تؤكد مصادر أن رئيس المجلس كان في أجواء ما يريد البطريرك إثارته – فعمد إلى تقديم مطالعة قانونية ودستورية تصب في خانة اقتراح الراعي، مضيفاً أن «معالجة ملف التحقيقات في المرفأ ستنفس الاحتقان على أكثر من صعيد، ولسنا في موقع من يعقّد الأمر في ملف التحقيقات في جريمة الطيونة. نحن أسكتنا أهلنا، وأحلنا الملف على الجهات التي تتولى التحقيقات، ولن نتدخل للضغط باتجاه تصعيد الأمور، ولا نريد التجنّي على أحد، وسنساعد على كل ما ينفّس الاحتقان ويخفّف التوتر، وحزب الله نفسه معني بأي علاج يمنع جرّ البلاد إلى فتنة».
واشارت إلى أنه بعد الزيارة التي اعتبرها الراعي مقدمة لحل، كان اهتمامه الأكبر منصبّاً على زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون، كون الرئيس نجيب ميقاتي مستعجلاً أي تسوية تعيد الحياة إلى حكومته، وقد أبلغ الراعي موافقته على أي تسوية يقبل بها الرئيس بري، فيما كان البطريرك في أجواء تفيد بأن عون متشدّد حيال مراعاة أي من الأطراف في ملفي المرفأ أو الطيونة على حد سواء.
واضافت "لكن رئيس الجمهورية، الذي كانت أخبار الاتصالات قد وصلته قبل استقبال الراعي، بادر إلى إبلاغه بأنه يوافق على أي حل يمنع جر البلاد إلى فتنة. إلا أنه كان واضحاً بأنه لن يبادر من جانبه إلى ممارسة أي ضغط أو تواصل لا مع قيادة الجيش ولا مع السلطات القضائية لطلب أي أمر خاص في الملفين، مؤكداً في الوقت نفسه أنه لن يقوم بأي عمل من شأنه عرقلة أي تسوية ممكنة، لأنه لا يريد جر البلاد إلى فتنة يعرف أن هناك من يريدها لأغراض تخصه ولا تخص اللبنانيين، كما يعرف أن أحد الأهداف هو منع الحكومة من القيام بأي خطوات إصلاحية، وأن هذه الأطراف تريد لعهده أن ينتهي بصورة مأساوية.
وبينما تعرض البطريرك الماروني لحملة اعتراضات على خلفية أنه يقوم بمقايضة على حساب التحقيقات في المرفأ، تعرض الرئيس بري للأمر نفسه على خلفية أنه يقوم بمقايضة ملاحقة وزراء ونواب في جريمة المرفأ بوقف التحقيق مع جعجع، وتالياً عدم التوسع في التحقيقات لتبيان ما إذا كانت قيادة حزب القوات متورطة في الجريمة".
واشارت إلى أنه منذ صباح أمس، تولى الراعي ومقربون منه التواصل والرد على الاستفسارات، نافياً أن يكون في وارد أي مقايضة، وأنه أكد فقط احترام الدستور والقوانين. بينما عمد رئيس المجلس إلى إبلاغ مساعديه والقوى الحليفة له أنه أكّد للراعي وجوب استمرار التحقيق في مجزرة الطيونة حتى النهاية، خصوصاً أن «القضية كبيرة ودم الشهداء بَعدو عالأرض».
وعلى ضوء التطورات السياسية، سادت أمس أجواء بأن الضغوط على مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي دفعته إلى صرف النظر عن استدعاء جعجع للاستماع إلى إفادته.
الصحيفة قالت إنه عند العاشرة والنصف من صباح أمس، اتصل محققو مديرية استخبارات الجيش بعقيقي، لإبلاغه بأن جعجع لم يلبّ الاستدعاء، ولم يحضر للاستماع إلى إفادته. فأشار بختم المحضر المفتوح لدى المخابرات، وإرساله إليه «لاستكمال الإجراءات». هذا المحضر متفرّع من المحضر الأساسي لمجزرة الطيونة الذي اختتم عقيقي التحقيق فيه وادّعى بموجبه على 68 شخصاً، أبرزهم مسؤول أمن جعجع، سيمون مسلّم. وأبقي المحضر الجانبي مفتوحاً بهدف الاستماع لإفادة رئيس القوات، وتحديد هويات «قياديين ومحازبين في القوات اللبنانية، إضافة إلى مدنيين شاركوا في إطلاق النار يوم 14 تشرين الأول 2021، في محلة الطيونة والشياح وعين الرمانة وبدارو»، بحسب مصادر معنية.
واشارت الصحيفة إلى أن ما قام به عقيقي أمس يناقض حماسته الزائدة لإبلاغ جعجع بوجوب مثوله أمام محققي مخابرات الجيش. فيوم الاثنين الماضي، وبعدما طلب القاضي من مديرية المخابرات إبلاغ جعجع باستدعائه، حاول آمر فصيلة غزير في الدرك (وهو قواتي الهوى معيَّن في موقعه بطلب من رئيس القوات) ثني النقيب في الجيش، ط. م، من الوصول إلى معراب، فاتصل الأخير بالقاضي راوياً ما حدث معه، فردّ عقيقي قائلاً: «عليكَ أن تُبلغه، وإلا فأنت تتحمّل المسؤولية أمامي». بناءً على ذلك، قرر النقيب التوجه إلى مقر معراب، حيث قيل له إنه «غير متوافر حالياً». عاود الاتصال بالقاضي، فأشار الأخير عليه بوجوب إبلاغ جعجع لصقاً.
ولفتت الصحيفة إلى أن أداء عقيقي أظهر حماسة كبيرة لاستدعاء جعجع، وبخاصة بعدما هاجمه الأخير الخميس الفائت، ووصفه بأنه «مفوّض حزب الله لدى المحكمة العسكرية».
الصحيفة قالت إنه في الأيام الفاصلة بين تسريب خبر الاستدعاء وأمس، كان قائد الجيش العماد جوزف عون يتعرّض لضغوط شتى، بصفته «المشرف الفعلي على عمل المحكمة العسكرية، ويمون على القاضي عقيقي». السفيرة الأميركية دوروثي شيا كانت تعبّر عن امتعاضها من نتائج التحقيق في مجزرة الطيونة، مستغربة استدعاء جعجع. أما السعودية والإمارات، فأوعزتا إلى «جماعتهما» في لبنان بوجوب الدفاع عن رئيس «القوات». وعندما تدخّل البطريرك الراعي مع قائد الجيش لتخفيف الضغط عن جعجع، ردّ العماد جوزف عون بأنه ينفّذ أوامر قضائية. علاقة البطريرك بالقاضي عقيقي ليست بالمتانة التي تسمح للراعي بالتدخل لحماية جعجع، فقرر رأس الكنيسة المارونية أن يجول على الرؤساء الثلاثة لمحاولة نيل قرار رئاسي بمنح رئيس القوات حصانة تحول دون الاستماع لإفادته. وتعمّد الراعي أن تكون عين التينة وجهته الأولى، لما للرئيس بري من موقع معنوي متصل بما جرى في الطيونة من جهة، وبسبب القرابة العائلية التي تربطه بالقاضي عقيقي (زوج ابنة شقيقة بري).
ويوم أمس، شنّ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل هجوماً قاسياً على «القوات» وحركة «أمل» من دون أن يسميهما، ما يؤشر إلى رفضه وعون، أي صفقة تتضمّن تحييد البيطار. وقال باسيل: «لما حكيت عن تواطؤ ثنائي الطيونة قامت القيامة. هيدا التواطؤ شفناه بالشارع على دمّ الناس وبمجلس النواب على قانون الانتخاب وحقوق المنتشرين، وبكرا رح نشوفه بالمجلس وبالقضاء على ضحايا انفجار المرفأ والطيونة سوا. لا لطمس الحقيقة بأكبر انفجار شهده لبنان والعالم مقابل تأمين براءة المجرم».
وبحسب الصحيفة كررت مصادر في حزب الله وحركة أمل نفيهما «وجود أي مقايضة بين ملف المرفأ والطيونة». وأكدت مصادر بري أنه لم يتدخّل لدى عقيقي، ولن يتدخّل، وأنه أبلغ الراعي بوجوب استمرار التحقيق حتى خواتيمه، بما في ذلك مثول جعجع أمام المحققين. وتجزم المصادر بأن ملفي الطيونة والمرفأ غير مترابطين. وفي الأيام المقبلة، سيتضح مسار الأمور: إما أن يخضع القضاء لسمير جعجع الذي تمترّس أمس بالآلاف من أنصاره الذين تظاهروا رفضاً لاستدعائه على طريق بكركي، وإما أن يستمر القضاء العسكري بإجراءاته، ليتعامل مع قضية الطيونة كما يجب أن يتم التعامل معها.
وقالت يبقى أن قرار عقيقي لا يعني انتهاء إجراءات التحقيق مع جعجع. فهو لم يقفل الملف، بل طلب ختمه لدى المخابرات وإحالته إليه «لاستكمال التحقيق». وبحسب مصادر قضائية، كان المسار الطبيعي يقضي بأن يُصدر مفوض الحكومة مذكرة جلب بحق جعجع، أو أن يطلب من مخابرات الجيش إصدار بلاغ بحث وتحرّ بحقه. لكن عقيقي قرر وضع يديه على الملف مباشرة، من دون أن يعني ذلك إقفاله. ومن المحتمل أيضاً أن يحيل المحضر على قاضي التحقيق العسكري الأول، فادي صوان، ليستكمل الأخير الإجراءات المتعلقة به، إلى جانب المحضر الأساسي المحال إليه من عقيقي مع الموقوفين.
"البناء": تحقيق الطيونة يتجمد عند تمنع جعجع وغياب الخطوة التالية
من ناحيتها صحيفة "البناء" قالت إن "الانفجار المفاجئ للمواقف السعودية والخليجية التي سقطت على رأس الحكومة بذريعة كلام صادر عن وزير الإعلام جورج قرداحي قبل توليه الوزارة، وعلى رغم توضيحه لالتزامه بالبيان الوزاري لجهة الحرص على أفضل العلاقات بالدول العربية، رأت فيه مصادر سياسية متابعة رداً مفرطاً لا يتناسب مع كلام قرداحي ولا مع ظروفه، ورفض التوضيحات الصادرة عن الحكومة بكل مستوياتها طلباً لاسترضاء الموقف السعودي خصوصاً والخليجي عموماً، يشير إلى أن ثمة قطبة مخفية وراء هذا التصعيد وجدت في قضية قرداحي مدخلاً، وتساءلت المصادر عما إذا كان الابتزاز الذي أشار إليه قرداحي كهدف هو السبب، ضمن سياق تطويع اللبنانيين إلى حد الإخضاع من دون تقديم أي دعم لاقتصادهم المتداعي، أم أن الهدف على صلة بالملاحقة التي بدأها القضاء بحق رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أم أنها نوع من ربط النزاع حول هجوم مأرب الذي شنه الجيش واللجان الشعبية لحكومة صنعاء، بعدما حقق فجر أمس إنجازات كبيرة بالسيطرة على مديريات جديدة من محافظة مأرب؟"
ولفتت إلى أنه "بالتوازي مع قضية قرداحي التي شغلت الحكومة والرأي العام، وسيطرت على وسائل التواصل الاجتماعي في مواجهة بين جبهتين، واحدة كان واضحاً أنها تعزف على الوتر الخليجي وأخرى تخوض معركة عنوانها الدفاع عن السيادة اللبنانية، جاء تمنع رئيس حزب القوات اللبنانية عن المثول أمام مخابرات الجيش اللبناني وفقاً للاستدعاء الصادر عن المحكمة العسكرية، وسط استعراض شعبي وإعلامي دون مستوى التقديرات للحشود التي اقتصرت على المئات على رغم اللجوء إلى مختلف المناطق التي تمتلك فيها القوات حضوراً شعبياً، ما أشار إلى الارتباك الذي سببه رفض المثول أمام القضاء بعد شهور من التعبئة في قضية دعم القاضي طارق بيطار عنوانها دعوة الجميع للمثول أمام القضاء بلا شروط، فيما كان المسار القضائي لبيطار يشهد تطوراً جديداً تمثل بكف يده عن ملف ملاحقة رئيس الحكومة السابق حسان دياب مع تقديمه دعوى مخاصمة الدولة حول ملاحقته من قبل بيطار أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، بانتظار أن تنظر الهيئة في أصل الطلب".
وقالت مصادر قضائية إن الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي يترأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي سيترأس المجلس العدلي في قضية المرفأ عند انعقاده بعد إنجاز القرار الاتهامي، ربما تجد فرصة في دعوى دياب لكف يد بيطار عن ملف دياب استنادا إلى التنازع في الصلاحيات مع المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، بالتالي تفتح الباب للمسار الذي ينهي النزاع حول المسار القضائي لبيطار، باعتبار ما سيسري على دياب يسري على الوزراء الملاحقين، مما يتوجب استرداد المذكرات الصادرة بحقهم، واقتصار بيطار على من لا تقع مسؤولية ملاحقتهم على عاتق محاكم خاصة كالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء أسوة بما هو حاصل بالنسبة للقضاة المعنيين بقضية انفجار المرفأ، لتبقى قضية الطيونة أمام المحكمة العسكرية التي تؤكد مصادر ثنائي حركة أمل وحزب الله أنها تواصل متابعتها، ولن تقبل أي مساومة عليها في ضوء تمنع جعجع عن الحضور وغياب أي موقف قضائي، في ظل تسريبات قواتية عن قرار مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بقفل التحقيق.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في مجلس النواب اليوم ستظهر بورصة المواقف ونتائج مسعى البطريرك بشارة الراعي لتوفير فرص الفصل بين المسارين العدلي والدستوري للتحقيق في انفجار المرفأ، في ظل موقف للتيار الوطني الحر جدد التمسك بدعم إمساك بيطار بالمسارين وتحدث عن تواطئ لمقايضة المسار العدلي بتحقيق الطيونة لجهة وقف ملاحقة جعجع، وهو ما نفته حركة أمل، مؤكدة الانفتاح على مواقف البطريرك لرد الاعتبار للمسار الدستوري الذي طالب به رئيس مجلس النواب منذ البداية، وبقي السؤال كيف ستترجم موافقة رئيس الجمهورية على مسعى الراعي إذا لم يكن هناك موقف إيجابي لنواب التيار الوطني الحر من هذا المسعى، وهل سيكون لنواب القوات موقف مشابه لنواب التيار أم أن لقاءات الراعي مع قيادات القوات وخصوصاً شوقي دكاش قد ضمنت موقفاً إيجابياً سيظهر في جلسة اليوم، فيما قالت مصادر نيابية إن نصاب السير بالمسار الدستوري يمكن توفيره بتأمين الغالبية المطلقة، لكن في حالة عدم مشاركة نواب التيار فسيكون من الصعب التحدث عن ملاقاتهم من الكتل الأخرى بتعديلات على قانون الانتخابات، بينما تقول مصادر نيابية تؤيد تبني الدائرة الانتخابية الخاصة بالاغتراب إن الأمرين غير مترابطين، وإن رد رئيس الجمهورية لقانون الانتخابات هو فرصة لتصحيح هذا الخلل، وفرصة لتصحيح النص الخاص بموعد الانتخابات بالاقتصار على تقريب المهل وترك الموعد مفتوحاً على ما يمكن التوافق عليه في الحكومة، بحيث يتيح القانون تقديم الموعد لكنه يصلح لبقائه متأخراً.
وقالت إنه في وقت لم يبدأ التنفيذ العملي لآليات الحل الدستوري الذي تم الاتفاق عليه غداة جولة البطريرك الماروني بشارة الراعي على المرجعيات الرئاسية، وتأكيده من عين التينة بعد لقائه الرئيس بري أهمية الحلول التي قدمها رئيس المجلس لأزمة تحقيقات مرفأ بيروت، لم يحضر رئيس حزب القوات سمير جعجع إلى مديرية المخابرات لاستجوابه كما كان مقرراً أمس، فيما عمد جعجع إلى حشد قوته في الشارع حيث نفذ عناصر القوات استعراضاً إعلامياً على طريق معراب وبكركي تضامناً مع رئيس القوات ورفضاً لاستدعائه من قبل القضاء. مشهد رأت فيه مصادر سياسية لـ"البناء" خطوة تحدٍ للقضاء ولمؤسسات الدولة القضائية والأمنية واستخدام الشارع لحماية جعجع ووضع المناصرين والمواطنين في مواجهة مع القضاء، لا سيما تعيين موعد التجمع في نفس الساعة التي حددتها مديرية المخابرات للاستماع إليه.
وفيما لم يصدر أي موقف أو إجراء رسمي من مديرية المخابرات أو من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي حيال تخلف جعجع عن الحضور في الموعد المحدد، أفاد إعلام القوات بأن «مديرية المخابرات خابرت القاضي فادي عقيقي لاستيضاحه حول الخطوة المقبلة بعد تخلف جعجع عن الحضور فطلب منها ختم التحقيق ولم يطلب اتخاذ أي خطوة أخرى».
ويحضر ملف تحقيقات المرفأ وأزمة تنحي البيطار وأحداث الطيونة في الجلسة التشريعية للمجلس النيابي التي سيكون قانون الانتخاب أبرز بنودها، إلا أن الحل الذي اقترحه الرئيس بري بحسب معلومات "البناء" سيبدأ من تقسيم المسار القضائي في تفجير المرفأ إلى قسمين، الأول وضع موضوع ملاحقة الوزراء والرؤساء في عهدة المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء على أن يستمر البيطار في عمله ببقية الملف، على أن يشكل المجلس النيابي لجنة تحقيق برلمانية لكف يد البيطار عن ملاحقة الوزراء والرؤساء وللنظر في إخلالهم بموجباتهم الوظيفية عملاً بالمادة 70 من الدستور، وأشار خبراء قانونيين لـ”البناء” إلى أن هذا المخرج الدستوري يمكن أن يشكل مفتاح الحل للأزمة في حال لم يبادر المحقق العدلي للتنحي من تلقاء نفسه”، موضحة أن “هذا الحل يحتاج إلى الأكثرية العادية في المجلس النيابي وبالتالي تمر بسلاسة، وتنظر هذه اللجنة وتنظر وتحقق بمسؤولية الوزراء ورئيس الوزراء ولاحقاً يمكن أن يصدر اتهام، وهذا يحتاج إلى أكثرية موصوفة أي ثلثي المجلس النيابي ويمكن أن لا تتأمن، لكن بهذه الحالة يكون مجلس النواب قد عقد اختصاصه ونازع المحقق المعدلي في هذا الاختصاص، ويحصل تنازع إيجابي بين الاختصاصين بما يجعل رئيس الوزراء والوزراء خارج دائرة عمل القضاء العدلي لصالح محكمة استثنائية، وبذلك يكون المجلس النيابي ثبت صلاحيته”.
ونفت مصادر الثنائي أمل وحزب الله أي تسوية سياسية أو قضائية على حساب دم الشهداء في كمين الطيونة، موضحة لـ”البناء” أن ما يجري هو حل متكامل لملف تحقيقات المرفأ وليس لملف الطيونة، ولا ترابط أو ربط نزاع بينهما، فكل له مساره القضائي المنفصل، مشددة على أن المسار القضائي لأحداث الطيونة مستمر والقضاء العسكري يقرر ما هي الخطوات التالية ولن يقفل، وهو محل متابعة من قبل القيادتين حتى الوصول إلى الحقيقة ومحاكمة المتورطين أياً كان مستواهم، لكن هذا الملف في عهدة القضاء”. كما نفت المصادر المزاعم التي يطلقها التيار الوطني الحر عن تنسيق بين الحركة والقوات في ما حصل في الطيونة، مشددة على أن المعلومات والمعطيات والشهود والاعترافات تكشف الحقيقة”. ولفتت إلى أن زيارة الراعي إلى عين التينة لم تهدف إلى عقد تسوية أو مخرج لاستدعاء جعجع بل بحثت في مقترحات الحل لأزمة المرفأ انطلاقاً من الدستور وليس السياسة. ولفتت إلى “أن “زيارة الراعي إلى عين التينة كانت بالغة الدلالة، لا سيما أنها خرقت البروتوكول الذي يفرض أن تبدأ من بعبدا، إلا أن البطريرك وضع الملف في عهدة الرئيس بري وأيد حلوله ووعد بأن ينقلها إلى المراجع الأخرى، لا سيما إلى رئيس الجمهورية”، مشيرة إلى أن “الرئيس بري كرئيس للمجلس وملتقى الأطراف كافة ومصنع ومخرج حلول الأزمات لا يمكنه إلا مد يد الحوار للطرف الآخر والتشاور لإيجاد الحلول للأزمات الوطنية درءاً للفتن وحفاظاً على السلم الأهلي والاستقرار العام”، ما يؤكد الدور الوطني للرئيس بري وضرورة السير بخريطة الطريق التي رسمها لهذا المسار”. فيما رجحت مصادر مطلعة على المشاورات الجارية لـ”البناء” أن يتظهر الحل بدءاً من جلسة المجلس النيابي اليوم على أن تستكمل إجراءاته في الأيام المقبلة حتى عقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل”.
وفي سياق ذلك، قالت إن وكلاء رئيس الوزراء السابق حسان دياب قدّموا أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، بدعوى مخاصمة الدولة عن أفعال ارتكبها المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار. وأفادت مصادر قضائية بأن “دعوى مخاصمة الدولة التي تقدّم بها دياب تكفّ يد البيطار، عن التحقيق معه حصراً، إلى حين البت بها”. وأوضحت أن “بمجرد تقديم وكلاء الدفاع عن دياب، إفادة رسمية تظهر تقدّمهم بدعوى مخاصمة الدولة، تُكفّ يده عن استجواب موكلهم إلى حين البت بالدعوى”. كما تقدّم وكيل الوزيرين علي حسن خليل وغازي زعيتر بدعوى أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز لتحديد المرجع الصالح لردّ قاضي التحقيق العدلي في قضيّة المرفأ.
ولفتت إلى أنه عشية الجلسة التشريعية التي ستبحث ملف تحقيقات المرفأ، اندلع سجال حاد وعنيف بين التيار الوطني الحر وكل من حزب القوات وحركة أمل، وذلك بعدما فتح باسيل النار على الطرفين، حيث قال رئيس التيار جبران باسيل عبر “تويتر” كاتباً: “لما حكيت عن تواطؤ ثنائي الطيونة قامت القيامة. هيدا التواطؤ شفناه بالشارع على دمّ الناس وبمجلس النواب على قانون الانتخاب وحقوق المنتشرين”. وأضاف “بكرا رح نشوفه بالمجلس وبالقضاء على ضحايا انفجار المرفأ والطيونة سوا”. وأضاف: “لا لطمس الحقيقة بأكبر انفجار شهده لبنان والعالم مقابل تأمين براءة المجرم”. ورد عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب علي بزي على باسيل قائلاً “هدف كل تغريداتك الإطاحة بالتوافق الذي تم بين الرؤساء وغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وأخذ البلد نحو الخراب”.
وأكد عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب أنور الخليل، بعد اجتماع الكتلة برئاسة بري على “التمسك بالمسار القضائي المستقيم بالتحقيق بانفجار مرفأ بيروت”.
وأكدت الكتلة “تمسكنا بانجاز هذا الاستحقاق بالمهل والمواعيد التي سيتم الاتفاق عليها وستواجه الكتلة أي محاولة للتأجيل أو التمديد”.
واشارت إلى أنه في غضون ذلك وفي موازاة المشهد الداخلي المثقل بالأزمات السياسية والقضائية، برزت أزمة ديبلوماسية يبدو أنها مفتعلة كالعادة مع السعودية تطورت لتشمل دول مجلس التعاون الخليجي بعد تضامنها مع المملكة، وذلك على خلفية تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي حول ملف اليمن والسعودية، وسارعت دول مجلس التعاون بالتوالي إلى استدعاء السفراء اللبنانيين لديها وسلمتهم مذكرات احتجاج، حيث استدعت وزارة الخارجية السعودية سفير لبنان لدى الرياض وسلمته مذكرة احتجاج رسمية، وكذلك فعلت الكويت والبحرين والإمارات.
وطالب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية نايف فلاح مبارك الحجرف، قرداحي “بالاعتذار عما صدر منه من تصريحات مرفوضة”، وفيما طالبت جهات داخلية وخليجية باستقالة قرداحي لإعادة العلاقات إلى طبيعتها، أكد قرداحي خلال مشاركته في اجتماع المجلس الوطني للإعلام، أن “لا يجوز أن يكون هناك من يملي علينا ما يجب القيام به من بقاء وزير في الحكومة أو عدمه”. وأعلن أن “الحلقة التي أثارت الجدل أخيراً تم تصويرها في الخامس من آب أي قبل تعييني وزيراً بأسابيع”، مشيراً إلى أن “مواقفي في تلك الحلقة تجاه سورية وفلسطين والخليج العربي هي آراء شخصية ولا تلزم الحكومة، وبما أنني وزير في الحكومة أنا ألتزم سياستها”.
وتساءلت أوساط سياسية عن سبب افتعال هذه الأزمة مع دول الخليج في هذا التوقيت بالذات وهل هو مرتبط بتطورات ملف تفجير المرفأ واستدعاء جعجع؟ أم بقرار اتخذته الولايات المتحدة والسعودية وحشدت معها حلفها الخليجي لمزيد من الحصار المفروض على لبنان وتطويق الحكومة وتكبيلها ومنعها من الانفتاح على دول المنطقة المجاورة لا سيما سورية والعراق، وللضغط أكثر على حزب الله في أكثر من ملف لا سيما ملف ترسيم الحدود البرية بعد التهديد الأخير الذي أطلقه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للعدو الإسرائيلي إذا ما اعتدى على حقوق لبنان في ثروته النفطية والغازية؟ علماً كما تقول الأوساط لـ”البناء” أن هذه الأزمة يمكن معالجتها بين لبنان والسعودية بالطرق الديبلوماسية المتبعة بين الدول من دون إثارة هذه الضجة الإعلامية واستغلالها سياسياً وفي الحرب الاقتصادية والسياسية ضد لبنان وحزب الله، لا سيما أن مواقف قرداحي ليست حالية بل سبقت تعيينه وزيراً وتعبر عن موقف شخصي لم يخفيه الوزير يوماً ولا يلزم الحكومة كغيره من الوزراء الذين لهم مواقف سياسية من قضايا إقليمية كسورية واليمن والعراق وفلسطين وغيرها.
وفي سياق ذلك، لفت رئيس المجلس السياسي لحزب الله السيد إبراهيم أمين السيد إلى أنه “كان المطلوب أن يكون لبنان قبل الإمارات وغيرها، لكن المقاومة في لبنان أفشلت هذا المشروع، فمقابل التطبيع مع إسرائيل في لبنان، كانوا يعملون على أن تشطب ديونه، فالموضوع ليس موضوعاً مسيحياً وإسلامياً وشيعياً وسنياً وسلاحاً وغير سلاح، بل أن تزول المقاومة كعائق أمام نجاح مشروع التطبيع في المنطقة، فأقاموا معركة استباقية بعد فشلهم في عام 2006، وجاؤوا إلى سورية، فالمشروع في لبنان أفشلناه. وفي النهاية، ذهبنا إلى سورية وأفشلنا المشروع الأميركي – الإسرائيلي في سقوط سوريا بيد الأميركيين والإسرائيليين. إذا، إن المشروعين سقطا”. ولفت إلى أن “هناك حرباً كبيرة علينا في لبنان لأننا أفشلنا مشروعهم. أما المشكلة فهي أن هناك حتى هذه اللحظة في لبنان، في الطيونة وغيرها أناس يجلسون مرتاحين ودورهم أن يكونوا الأدوات وينتظرون اللحظة السياسية المناسبة. وهناك من أخطأ في الحسابات والتوقيت والزمن، لكنه ينتظر اللحظة المناسبة حتى يفعل ما فعل هذا الرجل وأكثر مما فعل”.
بدوره قال الرئيس ميقاتي من بعبدا بعد لقائه عون: “أنا وفخامة الرئيس نشدد على موقفنا الواحد من أن هذا التصريح لا يمثل رأي الحكومة، بل نابع من رأي شخصي عبر عنه الوزير قبل تشكيل الحكومة. هذا هو المسار الذي قررناه لناحية أننا تواقون إلى أطيب العلاقات وأحسنها مع الدول العربية، ونأمل بأن يكون هذا الموضوع قد طوي”.
على صعيد آخر، كشف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، لدى زيارته وزير الطاقة والمياه وليد فياض، “استعداد المسؤولين العراقيين لتمديد هذا الاتفاق، كما عبروا عن موقف إيجابي لناحية رغبتهم الالتزام بمساعدة لبنان في هذه الظروف الصعبة”، ونقل إبراهيم لفياض نتائج الزيارة التي رافق فيها رئيس الحكومة إلى العراق، والتفاهمات التي تم التوصل إليها وتلك التي تحتاج إلى مزيد من المفاوضات بشأن زيادة كميات الفيول العراقي واستدامتها، استكمالاً للاتفاقيات السابقة والتي تستدعي زيارة يقوم بها فياض لبغداد بوقت قريب.
"اللواء": مساع لعودة جلسات الحكومة
أمام صحيفة "اللواء" فقالت "كأن الانقسام الوطني العامودي حول التحقيقات القضائية، سواء في انفجار مرفأ بيروت قبل سنة وشهرين ونيف، أو سقوط ضحايا وجرحى في اشتباكات على خلفية التحرك الاحتجاجي على أداء القاضي طارق البيطار في الطيونة والشياح وعين الرمانة، والتي آلت التحقيقات فيها إلى استدعاء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى اليرزة للاستماع اليه، وهو لم يحضر، فيما امتلأت الطرقات من بكركي إلى معراب بجموع المناصرين، جاءوا للتضامن مع جعجع في معراب رفضاً لاستدعائه وشكل هؤلاء حاجزاً بشرياً لمنعه من الخروج من معراب، وتخلل التجمعات اعتصام بالسيارات التي توقفت لفترة من الزمن على الخط بين بكركي ومعراب، ورفعت شعارات مؤيدة لجعجع، فضلاً عن صوره، كأن هذا الانقسام لا يكفي، فإذا بتصريحات لوزير الاعلام، بصرف النظر عن تاريخها، بشأن دعم الحوثيين في «حرب اليمن»، أدخلت البلد في اتون ازمة، قد لا تبقى دبلوماسية مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، على الرغم من محاولات الاحتواء، والترقيع التي جرت".
واشارت إلى أنه لخصت الأوساط القريبة من «القوات» الموقف على النحو التالي: ختم مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي التحقيقات من دون الاستماع إلى جعجع يعني انتقال الملف إلى يد القاضي فادي صوان المحقق العسكري الاول في المحكمة العسكرية.
ولكن اوساط اخرى تساءلت: هل بدأ تنفيذ الشق المتعلق بأحداث الطيونة، في مقايضة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، التي توصل اليها مع الرئيس نبيه بري، الذي نفت اوساطه التوصل إلى مقايضة، على أن ترفع يد المحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي بيطار عن الشق المتعلق بملاحقة الرؤساء والنواب والوزراء عشية الموعد المضروب للرئيس حسان دياب لدى المحقق، بالاضافة إلى كل من النائبين غازي زعيتر ونهاد المشنوق، مع الاشارة إلى ان دعوى مخاصمة الدولة حول اداء القاضي بيطار التي تقدم بها الرئيس دياب، قد توقف الاستماع اليه كمدعى عليه اليوم.
ولفتت الصحيفة إلى أنه يبدو ان بداية الحل لأزمة توقف اعمال مجلس الوزارء والخلافات حول التحقيقات في إنفجار المرفأ واحداث الطيونة قد بدأت، من خلال المعلومات عن وقف التعقبات بحق رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، حيث اُفيد ان مديرية المخابرات خابرت مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي لاستيضاحه حول الخطوة المقبلة بعد تخلف جعجع عن الحضور امس امامها، فطلب منها ختم التحقيق ولم يطلب اتخاذ أي خطوة أخرى. وتمت إحالة الملف الى النيابة العامة العسكرية من دون إصدار مذكرة إحضار أو بلاغ بحث وتحرّي.
وأوضحت أنه قد وضعت بعض المصادر هذا القرار في اطار الفصل بين قضيتي المرفأ والطيونة، لكن لم يُعرف موقف ثنائي امل وحزب الله من هذا القرار، هل هو الموافقة على كف التعقبات بحق جعجع ام الصمت او الاعتراض. وهو ما سيظهر خلال الساعات المقبلة.
وقالت الصحيفة إنه بقي الجزء المتعلق بتحقيقات إنفجار المرفأ الذي يقوم على حصر ملاحقة الوزراء والنواب بالمجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب ومتابعة المحقق العدلي فادي بيطار تحقيقاته مع الاطراف الاخرى التي يعتبر ان لها علاقة ما بالملف، ويجري البحث عن آلية تنفيذية لهذا الحل عبر مجلس النواب ومجلس القضاء الاعلى.
واشارت إلى أنه على خط آخر من خطوط التسوية، التقى رئيس الجمهورية ميشال عون امس بالرئيس نجيب ميقاتي، الذي قال: تطرقنا الى مواضيع عدة وخصوصا مبادرة البطريرك بشارة الراعي التي قام بها بعد زيارته الرئيس عون وللرئيس بري ولي ايضا، ونأمل ان تبصر النور قريبا وتؤدي الى حل مسألة توقف عمل مجلس الوزراء وعودته الى الالتئام. إننا حرصاء، الرئيس وانا، على ان نعود جميعا الى طاولة مجلس الوزراء، كي يكون البحث على هذه الطاولة لإيجاد الحلول المطلوبة، ولكن الأهم اليوم هو تنقية الأجواء، وان يتم تصحيح المسار القضائي وتنقيته بالكامل، وفق القوانين المرعية واحكام الدستور».
واضاف: نسعى من خلال الاتصالات الى عودة مجلس الوزراء الى الاجتماع، فيما يقوم القضاء بدوره من دون اي تدخل سياسي مع الجسم القضائي الذي عليه تصحيح المسار ضمن الدستور والقوانين، وهذا مطلبنا.اما احداث الطيونة، فالتحقيق يأخذ مجراه فيها، ومجلس الوزراء سيعود الى الاجتماع قريباً نتيجة المشاورات التي نقوم بها».
اما موقف عون فقد لخصّته مصادر القصر بالقول: أن اي حل يجب ان يحافظ على استمرار التحقيق وعدم توقفه لأي سبب كان. وعدم تعدّي سلطة على سلطة (احترام مبدأ فصل السلطات). وان يكون منطلق هذا الحل دستوري وقانوني حتى في مسؤولية المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب.
وأفادت مصادر سياسية مطلعة لـ"اللواء" أن الاتصالات السياسية المتصلة بعودة جلسات الحكومة إلى الانعقاد الدوري يتولاها الرئيس ميقاتي في الوقت الذي يصعب فيه التكهن بأي موعد للجلسات الحكومية خشية من أي ردة فعل متشنجة والمرجح أن تكون العودة مرهونة بضمانات يتم الحصول عليها من الوزراء بتأمين مناخ سليم لمجلس الوزراء.
وفهم من المصادر ان الحكومة المعطلة لن تتمكن من إنجاز شيء ولا يمكن للاجتماعات الوزارية أن تشكل الحل. وقالت المصادر إن هناك توافقا بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء على أن تستأنف الجلسات بعد توفير ظروف مناسبة إذ لا يراد تكرار أي تعاط يساهم مجددا في تعطيل حكومة كان يفترض بها أن تنصرف إلى ملفات أساسية متصلة بالواقع الذي يعيشه المواطنون.
إلى ذلك تترقب المصادر اجواء جلسة مجلس النواب التي يتكرر فيها مشهد الانقسام في ملخص موضوع قانون الانتخابات.
وكشف النائب فريد هيكل الخازن من بكركي عن مسعى سيقوم به البطريرك الراعي لجمع شمل المسيحيين، وإعادة اللحمة الوطنية وتصويب الأمور في البلد.
الجلسة تأكيد على التعديلات
واشارت إلى أنه اليوم تنعقد الجلسة العامة لمجلس النواب في الأونيسكو لبحث جدول اعمال من 35 بندا، البارز من بينهم قانون الانتخاب في ضوء رده من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وتمسك اللجان النيابية به، وذلك وسط غليان سياسي حاد بين الرئيس نبيه بري من جهة والرئيس ميشال عون وتكتل «لبنان القوي» من جهة ثانية.
ويتوقع بحسب الصحيفة أن تشهد المناقشات حول هذا البند سجالات واسعة نظراً للانقسام حوله وانحياز الاكثرية إلى جانب ابقاء موعد الانتخابات في السابع والعشرين من اذار، وإبقاء بند المغتربين كما اقره المجلس في جلسته الاخيرة اي انتخاب المغتربين في دوائرهم لـ128 نائباً، وليس لستة كما يطالب «لبنان القوي»، ويتوقع ان يصوت إلى جانب القانون كما اقره المجلس 75 نائباً من كتل مختلفة، وسط توقعات ان يزيد هذا الموضوع «الطين بلة» على مستوى العلاقة بين الرئيسين عون وبري.